ود الغــــــرب : نساء الحِضُور ..... أجدع نسوان

Quote: مطبخ الحضور جسر جوي للنقل للآخرة ميرغني كرياكو – الدوحة أغلب الناس ورثت عن أهلها البنايات الشاهقة والحسابات المدنكلة في البنوك .. إلا نحن معشر قبيلةالحضورلم نرث غير مرض "السكر" ورثناه أب عن جد عن طريقة التسليم والتسلم وبكميات وفيرة وهائلة لا حدود لها .. ويا ريت لو كانت تلك الورثة الثقيلة من السكر مكدسة في المخازن والجملونات الواسعة لعدنا أغني أغنياء العالم .. وإنما هي مخزنة في الدم .. متأصلة في الجسم تجري بين الأوردة والشرايين تعشعش في العروق .. فالقلب عندنا يضخ السكر بشراهة ويفوق انتاجه مصنع سكر كنانة. والكبد ينافس مصنع سكر عسلايا والكلى تفوقت على إنتاج سكر الجنيد .. جوالات من السكر متراصة فوق بعضها البعض على امتداد القطر من المتمة وشنــدي مروراً بأم درمان حتى الأبيض ونيالا والفاشر .. الأبيض هي العاصمة القومية للسكر وفيها يكمن المخزون الاستراتيجي لسكر كافة عموم الحضور حيث يقع المصنع وسط أكبر حقل شهده التاريخ ,, انتاجية عالية فاقت الصمغ العربي والكركدي والسمسم والفول .. مما جعل سكر الحضوريحصل على شهادة الأيزو دون منازع ولأعوام متتالية .. وسجلت نسبة السكر في دم الحضورأرقاماً قياسية عالية أدرجت بموسوعة جينيس العالمية .. نحن في جميع مخازن الحضورعلى امتداد البصر نلتزم بقواعد الأمن والسلامة ولكن بدلاً من طفايات الحريق نحتفظ بالأنسولين والدايونيل والكاندريل .. ونقيم دورات علمية وعملية مكثفة لكافة العاملين بالمصنع .. ندعو فيها كبار اختصاصي الباطنية والغدد والجراحة في زيارات ميدانية حتى أصبح أصغر شافع عندنا يعرف كيف (يدي) حقنة الأنسولين بدون ما يعمل خراج .. وبأمانة يحدد لك الدوز المطلوبة وكمان يقدر يخارجك من (الكوما) إذا احتاج الأمر ذلك. علاقات وطيدة وراسخة مع كافة قطاعات المجتمع والأجهزة الرسمية خلقها الحضوربحسن معشرهم وحلاوة لسانهم الذي يقطر عسلاً صافياً مكنهم من احتلال مرتبة السوبر ستار .. ولكن رغم حضورهم الطاغي على خشبة المسرح وامتلاكهم القوى لناصية السيناريو والحوار ومفرداته العالية من الأداء يعيب عليهم الخروج عن النص فهم دائماً لا يلتزمون بالشيء المكتوب على الورق عندهم حساسية مفرطة ضد التعليمات والإرشادات خاصة روشتات الطبيب المعالج ومسكين اختصاصي الحمية الغذائية فهو يدري أن الحضور يضربون بلائحته عرض الحائط ويقتحمون النفاج المؤدي إلى المطبخ والراكوبة والتكل وكلها أسماء ساطعة ولامعة في دنيا الحضور.. المطبخ عند الحضورهو الدينمو المحرك والتوربين الرئيسي الذي يغذي كل أجهزة المصنع .. ولولا وجود المطبخ والراكوبة والتكل لانهارت صناعة دعم الكساد في البلاد. تبدأ عمليات التصنيع في التكل حيث اللدايات والنيران والدخاخين لسواطة العصيدة وعواسة الكسرة الخفيفة (في حجم ورق لف السجائر) وأجمل فطور عند الحضورهو الكسرة البايتة بملاح الشرموط الأبيض .. الراكوبة عن الحضورهي السهل الممتنع وأهم منشآت المصنع .. وتعتبر غرفة العمليات ونقطة الانطلاق لازم تكون كبيرة ومريحة ولا يتخللها (رقراق) يحيط بها من كل جانب عنقريب أو عنقريبين من زمن جدي حي .. ثلاثة أو أربعة أزيار موية عالية وعتيقة أشبه بمخلفات السكة حديد أيام عزة السودان .. داخل الموية يوجد عروق المستكة ومن الثلاجة تنقع الجردقة في كوره لزوم الهضم واسترخاء البطن .. الراكوبة هي المكان المفضل لتجميع الإنتاج فكل الأقسام المختلفة تصب موادها الخام في الراكوبة .. صاحب التحمير ورمي اللقيمات وقراصة البلح بالسمن .. الرز باللبن .. ومديدة التمر إلخ ... وإذا أردت أن تذبح خروف عليك بإحضار خروفين عند نساء الحضور= خروف واحد ليس هناك خطأ في القسمة فالحساب صحيح 100% ولكن نساء الحضورلكي يوضبوا لك خروف صاج عليهم أن يقزقزو بخروف أثناء عملية التوضيب التي تتم تحت إشراف جهاز فني ذو خبرة عالية المستوى أخذ مكانه في العناقريب على أطراف الملعب (الراكوبة) وبدأ في توزيع المهام .. يا بتي الكمونية أطفيها بحتة لحمة عشان تطعمه .. عشان تلحقي الرجال الغدا ... (صحون الضواقه تتوزع في كل الاتجاهات .. شيء مرارة محدقة بشطة الليمون .. شيء كبدة مشوية على خفيف نص استواء .. أما لحمة الصاج فهي بيت القصيد تتلقط أول بأول .. دايرة الخفة .. وتكون لهلوب ما تخاف لا من اللهب ولا من حريق الصاج .. وكما قالت الحاجة حليمة رحمها الله وهي جالسة من بعيد على بمبر في دكة الاحتياطي لتمارس هوايتها المفضلة (نظافة الكمونية) عندما تلتفت عليها إحدى اللاعبات من داخل المعلب صائحة ... هي ووب علي حاجة حليمة ما ضوقتوها حاجة . سمعة مأكولاتنا الشهية وطبخاتنا المشهورة تناقلتها وكالات الأنباء العالمية وعبرت عنها القنوات الفضائية وأصبح مطبخنا على كل لسان واستطعنا أن نصدر للخارج فكل مسافر رافقته الكرتونة المعهودة حدادي مداداي ممتلئة بكل ما لذ وطاب من الآلف للياء.. حتى احتار فيها الموظفون في المطارات وشركات الطيران وتساءلوا فيما بينهم هل يتم شحنها بالكيلو أم تخضع لعملية الحجم والطول × العرض × الارتفاع .. كنافة الحضور وصلت لندن ومانشستر وفرانكفورت وكراتين رمضان غزت محطات الخليج الستة .. آبري أحمر وأبيض حتى دكوة الحاجات (الفول المطحون) انتهى عصر تربيط الكراتين بحبل الغسيل آخر تقاليع موضة التغليف (الباكنق) وألصقوا الليسيل والاستكرات خاصة في حالة الشحنات قابلة للتلف (البريشبل) مثل جبنة بنيوتي أو زيت سمسم أصلي (زيت الولد) من المعاصر أو أقاشي من قمبو في حي فلاتة .. إلمام تام بمواعيد عبر أول الرحلات ومعرفة قوية لأسهل الطرق وأسهل السبل فاقتحمنا صالات الترانزيت وطرقنا أبوبا الدبج اراميكس وفيريكس ولأول مرة يجتاز الشرموط الأبيض الأطلنطي ليصل إلى سيزا حاج الطاهر في أمريكا. أول شحنة صدرها الحضوركانت من نصيب أخونا تعيس الحظ صابون وهو من أبناء جبال النوبة وصاحب استديو غاندي في الربع الأول .. مشكلته أنه جاور الحضور أكثر من 20 عاماً وانغمس في أفراحهم وأحزانهم حتى اقتحمت جسمه شحنة عالية من السكر لم يستطع الفكاك منها. وكما هو معروف أبناء الجبال لا يصيبهم السكر نسبة لوعورة منطقتهم .. المهم باختصار شديد إليك هذه المعادلة .. (إذا جاورت الحضورالله يعينك .. وإذا تزوجت من الحضورووب عليك .. وإذا تزوج منك الحضورووبين عليك .. وإذا كنت حضري وتزوجت من الحضورعليك بإحضار كفنك مع أغراض الشيلة ولا داعي لتمضية شهر العسل في الخارج فالعسل عندنا يا ولدي موجود موجود .. موجود بيننا . وبين المطبخ حب عميق وشوق دفين ولا يوجد حضري على الأرض يستطيع مقاومة سحره الأخاذ وبريقه الساطع الذي يشع شبعاً وترفاً لا نظير له.. ولكن رغم هذا الود الأزلي يعتبر المطبخ هو أكبر جسر جوي تم عبره نقل الحضورمن الدنيا إلى الآخرة .. جموع غفيرة من معشر الحضورغادرت بأعداد لا حصر لها فاقت عملية ترحيل الفلاشا لإسرائيل .. جسر جوي مفتوح على مصراعيه أمام الحضور ومن كل الأعمار بلا قيود ولا حجوزات ولا تأشيرات .. لا يوجد حجز أو تأكيد حجز والخطوط مفتوحة والطائرات جاثمة على المطارات والأجواء مستقرة تماماً ما عليك سوى أن تتوجه إلى صالة المغادرة (المطبخ) وتتحكر في بمبر وتقضي على الأخضر واليابس .. تقترب لفت رأيت لامن تعرق وبعد داك تتوكل على البوابة رقم (......) وعلى فكرة رحلات هذا الجسر الجوي المفتوح ... ذهاب فقط ولا سبيل للعودة مرة أخرى ولا عذر لمن أنذر ولا حول ولا قوة إلا بالله. الدكتور المعروف بشير أرباب كبير اختصاصي الباطنية والغدد استمد شهرته الواسعة من كثرة تعامله مع سكر الحضور.. وصار الحضور أنفسهم لا يعترفون بأنك مصاب بالسكر ما لم تحصل على توثيق معتمد ومكتوب في عيادة الدكتور بشير .. وأي سكر معترف به من أي عيادة أخرى هو سكر فشنك لا يودي ولا يجيب .. وما زال صدى كلمات الدكتور بشير ترن في أذني أثر زيارة يتيمة تمت من قبل سنوات مضت .. نظم أكلك وهو أهم شيء يعني في الفطور ممكن تأخذ بيضتين مسلوقات مع كاسة زبادي .. يا أخي معقول ؟؟!! وأخلي الكسرة بملاح الشرموط الأبيض لمنو؟؟ .. ونسأل الله السلامة. حاشية: عند أول زيارة لمدينتي الأبيض بعد غياب دام أكثر من عشر سنوات تبرع أحد الأقرباء بمرافقتي لمقابر (دليل) لكي يرشدني أين يرقد الأهل والأحباب شكرته بحرارة معتذراً وقلت له.. أين ذهب نمل السكر؟؟ فهو خير شاهد على مكان أهلي وقبيلتي .. معشر الحضور (رحمهم الله). اللهم أحرسنا بعينك التي لا تنام وكنفنا بكنفك الذي لا يضام .. واحفظنا من سطوات الأنام .. وأسألك اللهم أن تصلي وتسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.

Quote: سمعة مأكولاتنا الشهية وطبخاتنا المشهورة تناقلتها وكالات الأنباء العالمية وعبرت عنها القنوات الفضائية وأصبح مطبخنا على كل لسان.