|
العالم يرسم المستقبل .... ما هو دور العرب . مقال جدير بالقراءة
|
العالم يرسم المستقبل.. ما دور العرب؟ http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=165148&issueNo=1099&secId=15 سعيد حارب 2010-12-21 شهدت العاصمة اللبنانية بيروت منذ أيام انعقاد المؤتمر التاسع لمؤسسة الفكر العربي، وكان عنوان المؤتمر لهذا العام تحت عنوان «العالم يرسم المستقبل.. ما دور العرب»، وقد حاول المتحدثون والمناقشون معالجة عدد من القضايا التي تهم العرب خلال المرحلة القادمة من مستقبلهم، حيث تمت مناقشة التغييرات الجيوسياسية والخرائط الجديدة في الوطن العربي، بعد التحولات التي مرت بها بعض الدول العربية، وكذلك اقتصاد المعرفة باعتباره يثمل النموذج الواضح لاقتصاد المستقبل، ودور العرب في هذا الاقتصاد، كما تمت مناقشة بعض المبادرات الاجتماعية في الوطن العربي وكذلك الفكر العربي الحديث ومدى تصالحه مع العصر من خلال خبرات جيل المستقبل لعدد من الشبّان من خلفيات متعددة، وعرض المشاركون والمحاورون لمستقبل التعبير بأنماطه الجديدة، ودور الفنون والآداب في صياغة الثقافة، والتفاعل الاجتماعي بين العرب مع بعضهم البعض ومع الآخرين وسلوك أجيال المستقبل في العلاقات الإنسانية، وكذلك دور رأس المال البشري في تنمية المواهب باعتبارها عناصر أساسية لبناء القدرات، وقد بدت آراء المتحاورين من خلال رؤيتهم لدور العرب في المستقبل، هذا الدور الذي لم تحدد ملامحه، إذ إن «النخبة» العربية من سياسيين ومفكرين، بل عامة العرب، ما زالوا في مرحلة النقد للواقع العربي، ولم ينتقلوا لرسم تلك الملامح التي يمكن أن يسير العرب على هداها ليكون لهم حضور على الساحة الدولية، علماً بأن بعض جيرانهم كتركيا والهند قد حددوا ماذا يريدون، وماذا يستطيعون أن يفعلوا، وبدؤوا مسيرتهم نحو المستقبل. والواقع أننا لن نستطيع أن نرسم دوراً للعرب في صياغة المستقبل ما لم نعرف الإمكانات التي يملكها العرب وتمكنهم من الإسهام في صياغة مستقبلهم، قبل المشاركة مع الآخرين في ذلك، فالعرب يسكنون مساحة من الأرض تقدر بـ14.300.000 كيلو متر مربع وسط ثلاث قارات هي إفريقيا وأوروبا وآسيا ويطلون على البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط والخليج العربي وبحر العرب وعلى محيطين هما المحيط الأطلسي غربا والمحيط الهندي شرقا، ويسيطرون على أربعة مضايق مهمة هي هرمز وباب المندب وقناة السويس وجبل طارق وتتنوع أراضيه بين الساحلية والصحراوية السهلية والجبلية، كما يتنوع مناخهم بين الصحراوي والمتوسطي والاستوائي والمداري، وعدد العرب يتجاوز 340 مليون نسمة، وتصل نسبة الشباب فيهم بين %27 و%39، بل ترتفع في بعض البلدان لأكثر من %50، أما عن مواردهم الاقتصادية، فلا يكاد مورد اقتصادي غير موجود لدى العرب بدءاً بالنفط والطاقة الشمسية والذهب، وانتهاءً بالأخشاب والأسماك والخضروات، فهل يوجد إقليم في العالم يملك هذه المقومات؟ لن نتحدث عن تخلف العرب وتأخرهم ومشكلاتهم ومعاناتهم وتلك «الأسطوانة المشروخة» التي لا يمل دعاة اليأس من ترديدها في كل مناسبة، فلا نعتقد أن أمة من أمم العالم شهدت حملة «تشريح» لمشكلاتها مثل الأمة العربية، حتى لو أنك حدثت سائق تاكسي أو عجوزاً في بيتها لأعطتك «محاضرة» عن حالة العرب، ولكن علينا أن نسأل أنفسنا، ماذا بعد، وهل سنبقى نستعيد «المآسي» دون النظر إلى المستقبل مثل بقية شعوب الأرض؟ إننا لا تنقصنا العقول المفكرة ولا الإمكانات المادية أو البشرية، بل إن ملايين الشباب العربي يحملون طموحا لأوطانهم وأمتهم، ويعملون على تطوير ذواتهم ومهاراتهم ويأملون أن يكون لهم دور في صياغة مستقبلهم الذي يتطلعون إليه بأمل دون يأس، على الرغم مما يعانون من شظف العيش، شباب يقرأ ويبحث ويفكر ويتعامل مع التكنولوجيا بقدر المتاح أمامه رغم الأمية التي تلتهم سبعين مليوناً من أمته!! شباب ينبذ العنف والتطرف في القول والفعل، ومستعد أن يغيّر رأيه متى ما اقتنع بالحقيقة، لكنه يريد أن يجمع «حماسة الشباب مع حكمة الشيوخ»، كما كتب لي أحدهم بعد عودته من المؤتمر، شباب يريد أن يضع بصمته في بناء مستقبل وطنه وأمته، لا أن يصبح رقماً في سجلات الإحصاء، فهل من حق هؤلاء أن يكون لهم مستقبل، وأن يكونوا شركاء مع غيرهم في صناعة هذا المستقبل، إن العرب منذ ما يزيد على قرن من الزمان وهم يسترجعون «أحلامهم» التاريخية، يفاخرون بإنجازات غيرهم دون أن يكون لهم «إنجاز» يتركوه لأبنائهم، انشغلوا في كل شيء إلا في التفكير بمستقبلهم، وتركوا صناعة ذلك المستقبل لغيرهم يصوغه لهم كيف يشاء فكانت النتائج دمارا لهم ولأوطانهم، وشعارهم «ليس في الإمكان أبدع مما كان» فأجيال «اليأس» ستبقى بائسة، كالذي استمرأ المرض وهو يسكن مقابل المستشفى، لأنه يعتقد أن الأطباء لن يستطيعوا علاجه، وإذا كانت تلك الأجيال قد قبلت ذلك فإن الأجيال القادمة لن تقبل أن تكرر التجربة، وهي قادرة أن تصوغ للعرب مستقبلا جديدا تغير به حياة العرب إذا سمح لها أن تأخذ الفرصة والإمكانات، وحتى تأتي تلك الفرصة سنبقى نردد سؤالنا الدائم، لماذا نهضت أمم العالم وشعوبها في أطراف الأرض، وبقينا نحن على «قارعة» التقدم الإنساني، فما الذي ينقصنا حتى نغير واقعنا ونرسم مستقبلنا؟ يبدو أن الذي ينقصنا شيء واحد أسمه «الإرادة».
❍ كاتب من الإمارات
|
|
|
|
|
|