|
|
 هل الشكرللحاج ريغان وحده؟!..صلاح احمد ابراهيم 1986
|
داون,داون,داون يو اس ايه "تسقط الولايات المتحدة" لن يحكمنا البنك الدولي كانت تلك اولي الصيحات التي تفجرت بها الانتفاضة السودانية التي اطاحت بالنميري, وحتي لو كان تخطيط السي اي ايه المعقد بعيد المدي هو الذي دفع بها الي حركة محددة محدودة, ونقلة مشروطة مضبوطة,فان هذه الصيحات هي نغمة شعبنا الحقيقية علي "اصدقاء" النميري مستشاريه حتي عصرت آخر قطرة في اليمونة فصارت تفلا لابد ان يرمي.نقمه علي عدو مقيت حتي لو رسم ابتسامة صديق كالغول الذي يطرق صوته تأهبا للالتهام في حكاياتنا الشعبية,بحيث كان علي اكثر من صحافي "شرقي وغربي" تابع سيول الانتفاضة ان يصرخ مرددا اسم بلاده او جنسيته حتي ينجو من فتكة جمهور حانق ظنه امريكا,كما اشاروا في تقاريرهم ولان الولايات المتحدة تعي ذلك "بل حتي بعد الانتفاضة سار موكب هادر في الخرطوم يلعن الاعتداء الامريكي علي ليبيا " فانها تفضل ان تتخفي وراء موفديها السود فقد يحن الدم للدم. او بغير ذلك. تعمل من خلال طرف "صديق" ولقد ألمحت مرارا بان السودان لم يكن غائبا في الدبلوماسية السرية التي اعانت علي اتفاقات كامب ديفيد.فلئن صحّ.تحتم علي امريكا ان تساعد علي تجهيز البضاعة لتسليمها عاجلا او آجلا, وهيهات! هذا بعض تفسير التمزيق والفوضي الذين يتعرض لهما سوداننا الحبيب الان. فلاتسليم بدون تمزيق وفوضي.ليت قومي يعلمون. برغم ذلك, لا احسب في افئدة السودانيين بغض للامريكان كشعب او كأفراد في الاحوال العادية.فالسودانييون ـان عددته زينا او شينا ـ مجبولون علي الصفاء والفطرة السليمة والبشاشة, من دون سابق تحوط.اول ما يثب الي خواطرهم حين ملاقاة غريب, انه مثيلهم في ذاك, فتنشرح صدورهم فورا ـلا ادري لماذا ـ يمنحونه حسن ظنهم الاريحي حتي ينطق او يتصرف , فاذا قصر عندئذ اختلقوا له المعاذير اسعافا. ولكن متي ماكذب الاختبار السماحة والطيبة. يقولون (الارضة) جربت الحجر.كاشفا الاختبار عن لؤم ومكر لاغالب لهما, أروا من غشهم جانبا آخر خبيئا فيهم لا اراك الله اياه.فاذا الذي كانت تستهونه العين لدماثته وصفحه. "سيك سيك, معلق فيك". لو تراءي له الجن الاحمر أرداه. لهذا للامريكان في قلوبنا نحن السودانيين العاديين الذين تكفيهم بلحات النبي و"سمن المهدي" وهو الماء,ثلاث ضغائن تتلظي بسم فائر مابقيت اسبابها وعاودت ذكراها.اولاها. مباادأتهم بالعداوة ال######ه الجلفة المثابرة التي ما لها من موجب ـ لاعتباراتهم الخاصة الانانية التي لايحدها وازع من خلق. من غمط الحق العربي بين سواه. لن نصفح الا ان تندموا ورجعوا عن باطلهم وتابو توبة نصوحا. ثم عوضوا من كالوا عليه بلا رجفة من ضمير. اهانة وهوانا وظلما وعدوانا وتقتيلا. بتاييدهم المستبد المطلق لمن يقوم لهم بذلك عنهم وعن نفسه. وبتمكينهم له علي فعله. ببسطهم جناح حمايتهم له في كل حال. لانواددهم معه الا ان نحيد انفسنا الله ورسوله. ما لم نر صريخة "عمورية" تشتفي عند المسجد الاقصي. ليكلم الحاضر منكم الغائب. ومن قال ان وده يروق لهم قبل ذلك مهما تواددوا زورا ومكرا فقد كذب عليهم. او هو ببساطة ليس منا.وماعلتنا الا نسيان بعض او تناسيه ضعة وضلالا. انها ليست قضية فلسطيين وحدهم. دع من سعي لانخذال بتطبيع سياسي او اعلامي لغاية في نفسه او وهم واهم. يسدر حتي يجرفه طوفان ات لا ريب فيه.فالحق يبقي وان طال به الزمن حقا. والباطل يبقي علي حاله باطلا. وثانيتهما.مساندتهم في شتي صورها ـ ظاهرة وخفية ـ للنميري ونظامه رغم امعانه في ايذاء شعبه والاضرار بمصالحه. مساندتهم ــ قالوا ـــ لانه "صديق". صداقه اولي لديهم من صداقة شعبه. بل انانيتهم الطماعة الجشعة لملاليم الفقراء الجوعي تعميهم عن كل اعتبار آخر متعقل ومهذب. يمدون لصديقهم الصكوك المورطة لتوقيعه وهم يعرفون سلفا ان توقيعه ليس توقيع شعبه. وان في توقيعه ادقاع شعبه. فلئن تحولت بذلك ملاليم المعدمين الي ارباح هائلة في موازنات ختامية لشركات هي عصابات لصوص فليكن. وللنميري نصيبه المضمون. علي الاقل واحد "منهم" صار غنيا. وليعش الباقون في تخوم العصر الحجري والعصر عصر " الحاسوب" من الجيل السادس وعصر ارتياد الفضاء. في معاينة لوظيفة تنفيذية لشركة دخان اجنبية في الخرطوم مرّ كل شيء علي اخينا سمنا علي عسل. حتي سئل السؤال القاتل : هب ان شركتنا توفقت في اغراء تلاميذ مدرسية اولية بتدخين سجارتنا. ماذا نكون باختراق هذا المنفذ الجديد؟ ردّ في استفظاع : لصوصا ومجرمين ! كان ذلك آخر عهده بهم. نعم . لصوص ومجرمون حتي لو تبرعت شركتهم فيما بعد من ارباحها الطائلة لعلاج سرطان الرئة لدي تلاميذ المدارس الاولية .باريحية ريغان التي تسد الرمق ــ اين ذهب مايصرون علي انه دين واجب السداد علي الجوعي الهالكين الذين يقدمون لهم مايسد الرمق ؟ لماذا لايعفون الدين الربوي الحرام وعندئذ بامكان الجوعي الهالكين انفسهم سد رمقهم دون حاجة اليهم ؟ وماذا بعد ان يسد ريغان الرمق . ايطالب من سد رمقه بتسديد دينه فورا وما أفاق جيدا من غيبوبة الموت ؟ اذا كانت المسألة مسألة شكر نحن شاكرون. ولكن ماذا هذا الدين الذي يتكلمون عنه ومتي استدناه ؟ ثالثتهما. مايبدوا الان علي انه امتداد مكرهم القديم. واعني محاولتهم المثابرة لتركيع شعبنا وتطويعه والامعان في افقاره باستنزافه بحروب لازمته منذ استقلاله. بالتدخل المغلف في شؤونه كما اوردنا في مقالة سابقة علي لسان صحافيهم المطلع " جوناثان بارو " وما اقتبسنا من خبر نشرته مجلة "الحوادث " عن ضغوط تمارس علي الحكومة السودانية لمقايضة القرار السياسي بالمعونات المالية والغذائية. يقول الامريكي من اصل عربي البروفسير ادوارد سعيد عن " الصبر العربي " (المجلة العدد349بتاريخ 21 اكتوبر ) " ان ماتقوم به الولايات المتحدة يتناقض تماما مع ادعائها صداقة العرب " ثم يشير الي " الصفتين الامريكيتين الجهل والقسوة. وهنا تقفز في ذهن المرء فورا نتائج سياسة الولايات المتحدة الامريكية في فيتنام ولبنان وحتي بينما اكتب هناك قضية نيكاراغوا حيث تحاول ادارة ريغان اسقاط حكومة قائمة بصورة قانونية جريمتها الرئيسية انها "غير امريكية" .ثلاث ضغائن. فاذا ماتخلي الامريكان عن سياستهم المعادية للشعوب الفقيرة. والقاتلة لها ــبسب مصالح كظة . ورؤية يعوزها الانصاف والقسط والامانة والانسانية ــبادلناهم ودا بود. الامريكي ــمن بعد ــ وبرغم السياسات الرسمية لبلاده وعلي ماهو عليه من سذاجة مفرطة . وتبسيط للامور . وجهل بالعالم الخارجي وتصديق اعمي لاعلام بلاده المهين الضلالي . وفردية تصل به احيانا حد التكلس . شخص منفتح طيب بامكاننا ان نقبل عليه وتقاليد الشعب الامريكي الديمقراطية وتراثه المجيد في هذا الصدد . وقسم منه زنجي. تجد منا كل تجلة واكبار واحتفال . ولكن الاستعلاء وماسماه " فولبرايت " بغطرسة القوة. والابتزاز الدنيء وتراث ابادة الهنود الحمر سكان البلاد الاصليين . وامتصاص عرق السود ودمهم ونفاق المناداة بالحرية للفرد وانكارها علي الشعوب . الي غير ذلك مما خبرناه في منطقتنا قبل سواها. هي مايثير في تلقائية تقزز السوداني وكراهيته وتستفز حميته. فما من احد يصدر عن ذلك . حتي لو اوتي قوة " جالوت " ومال قارون متنفجا يشتت دولاراته الخضراء ذات الشمال واليمين ــ ولا شي بلا مقابل ــ ويوزع الحليب المعلب والطحين.الا ويهيج مقتنا العميق ونفورنا. اللهمالا اذا اعوزتنا كبرياء اخلاقنا الابية التليدة ومسخنا قردة وخنازير . وهان علينا الهوان. اما ان ريغان انقذ حياة مواطنيين من ضياع عاشوه وسط اهلهم واعطاهم مايسد الرمق كما قال مواطننا الكريم السماني بشير فارجوا ان لايستفاد منه ان الحاج ريغان احنّ قلبا علي اولئك وماعلمنا لهم صوتا في انتخابات بلاده. او قدرة علي التبرع لحزبه او " لوبي " ضاغط عليه. وهذه هي بالضبط مصادر سلوكيات الحاج ريغان وحكمته . ألم يدس " ترومان " علي الحق الفلسطيني معترفا بدولة اسرائيل قبل اعلانها رسميا من تل ابيب قائلا الفلسطينيين صوت انتخابي ؟ تبا له ولمن خلفه . بل حتي ولو اخلينا ريغان من مسؤلية وصول جياعا الي ما وصلوا اليه . بما احوجهم "للأم صلمباية شخص هو بذاته أم صلمباية "ـــكما سنري ـــ وهيهات ان نخليه . فانه لم يكن وحده من اعطي .اعطي السودانييون قبل غيرهم كيف النكران. انهم والله لقوم ذوي شهامة ينجدون الغريب قبل القريب باذلين جهد المقل فيهم الخير فلا ينظرن مواطننا السماني الي من اغتنوا بليل التواطؤ والتاآمر والاحتيال النميري الريغاني . وتقمصتهم قيم الفردية المستغلظة التي وضعت اصابعها في اذانها عن انين اخوتهم. فاذا هم مفرغون تماما من مواريث ديننا وخلقنا ووطنيتنا. بهم حلت المجاعة وحل الدمار والهوان ببلادنا ووجب كنسهم اليوم قبل الغد لماذا ينتظر من اجلسناه في الجمعية التاسيسية الا ان كان فيها عوج. نصحتهم نصحي بمنعرج اللوي. واعطي اشقاءنا العرب عطاءا غير ممنون وانهم والله لذوي شهامة. اشهد انني والاخ متوكل كمال وفريق التلفزيون السوداني المصاحب قابلنا شبابا كويتيين في قلب " المويلح " تصب شمس الظهيرة السودانية العمودية علي يافوخهم رصاصها المذوب وماهمهم . همهم الجائع والمحروم وما للكويت ما ترجوه في السودان لنفسها ان هي الا خفقة قلب . لاولئك الشباب ولكل شاب عربي مثلهم اعطي وما التقينا به . ولكل بلد عربي مابخل او اشاح بوجهه امتنانا العميق الي يوم نرد لهم الجميل . ان الكرام اذا ما ايسروا ذكروا من كان يألفهم في الموطن الخشن .وهذا موطننا الخشن. فليذكر جيل سوداني لم يولد بعد ان تيسر لهخ ان تقع عينه علي هذه الكلمات تاتيه من الماضي ونحن تحت البكماء . ان يرد الجميل لمن اسلف الجميل.واعطي اخيار من بلاد اوربية ولقد ذكرت اسم "غيلدوف " مشكورا وماهو بوحده. افرادا مجهوليين ان عرفنا البلاد والمؤسسات باسمائها وما اعطت. نحن شاكرون من الاعماق وقلت عليهم كلمة الشكر. ولكن اسمحوا لي ان اخص بالذكر ــمثالا لغيرهم ـــ فتية مدرسة "دنكرك " بفرنسا الذين حدثني عن دموعهم ومؤازرتهم الانسانية اخي " الضو النعيم " المستشار الاقتصادي بسفارة السودان بفرنسا. حدثني كيف يجمعون دريهمات التضامن والا خوة الانسانية العزيزة الغالية لاخوة لهم في مدرسة " الابيض " الانسانية بخير ما كان فيها امثال هؤلاء الاولاد والبنات الفرنسيين ينشئهم معلموهم واهلوهم علي المشاركة والعطاء والاحساس دون تضريب لمقابل. نحن قوم لاننسي الجميل . ضعاف نحوه. يظل في اعناقنا قيدا ثقيلا لانتخفف عنه الا برده بجميل اجمل منه والا احتقرنا انفسنا. فلهم ولكل اوروبي وبلد اروبي ذكرنا وما لوي عنقه عن حاجتانا الممضة شكرنا . هؤلاء قبل الحاج ريغان. واذا كان هذا قد اعطي. ولقد . فله ايضا الشكر ان كان عطاؤه لخفقة قلب في جوانحه لايقصد ان يطاردها ولما يزدردها الحلقوم. علي ان المعونات ليست قاصرة علي زكائب دقيق واسلحة وحسب. فلينظر القارئ الكريم اذن. قبل ان يصدر احكامه النهائية. الي كل ماتسلمته بلاده وبخاصة ماقدم ليساعد شعب السودان علي الوقوف علي قدميه حتي يكون منتجا للقمته. قادرا علي سد حاجته بنفسه وباستمرار لا ليسد الرمق وحسب.فماذا بعد ان يسد الرمق. يبحث عن من يسد له مرة اخري ؟ فلينظر اذن نظرة اشمل حتي يتيقن ممن اعطي. وكم اعطي.وماذا ولماذا اعطي. وهخل اخذ ؟ وحين يقول بعد ذلك ويحرد احدهم مماقيل. ليجمع الحردان زكائبه وينصرف اغنانا الله بفضله. ربك ماشق حنكا ضيعه . ولن ننصب مخلوقا علي وجه الارض بديلا عن رحمته. او بديلا عنها او بديلا لكرامتنا او بديلا لارادتنا.فاذا قررنا باننا عاجزون عن كسب قوتنا بجهدنا وعرقنا فليأت جيراننا وليأخذوا الارض فلسنا والله بجديرين بها وانها لمعطاء. ولئن عجزنا عن انتاج لقمتنا فلنمت جوعا فالموت اولي بنا.لماذا ننتظر سد الرمق ممن اجاعنا بدءا ؟ ولاجل ماذا يسده لنا ؟اهي حياة تستحق هذا الاسم. جديرة بان تعاش. اذن كان مغزاها الوحيد سد الرمق البهيمي في اخريات القرن العشرين؟ الروح عزيزة واهلونا علينا عزاز وبلواهم بلوانا. ولكن هناك ماهو افضل من المنية ومن الدنية فلاينبقي ان نختار من الحلول اقلها مشقة وادناها للتواكل والكسل وكان اولي بقيادتنا السياسية ان تقول هذا عني! انا الذي لافي العير ولافي النفير.اما وقد عجزت ان تاتي بجديد حتي الان. او ان تلقن شعبها الحقيقة التي تغني عن تمجيد من نصب لنا الشراك وعلق عليه طعمه لنا . فلابد ان نقولها عنهم حيث لابد من يقولها احد. ستة عشر عاما في المعارضة ــزد قليلا او انقص ــماهي حلولكم الجاهزة اذن ياسادة فالوقت عزيز ولا مكان للارتجال ورزق اليوم باليوم وحلول النميري ذاتها ولكن بصياغة جديدة ومن فم جديد. ام رجعنا الي 24 مايو مرة اخري.يقارن الزعيم الامريكي الاسود المسلم الذي اغتالته ايادي نظام لايستنكف عن الاغتيال السري لكل من وقف بطول قامته مدافعا عن المظلوم والمحتقر المرحوم مالكوم اكس ـــ او كما اسمي مالك الشيخ باز ـــمقارنة طريفة بين عبد الحقول ـــفي الولايات الجنوبية عهد الرق ـــ وعبد المنازل. يقول بان عبد الحقول يعمل من "لا اقدر علي الرؤية " في الفجر , حتي " لا اقدر علي الرؤية " في الغروب . ومابينهما يعرق ويكدح ويتوجع وينهر وهو عار وحاف ودام وجائع. لهذا فهو يكره مالكه ويتمني له من الله الساحق والماحق. اما عبد المنازل فينال بعض عطف السيد المنزلي. يلقي له هذا بهدمه القديم وببقايا خوانه العامر. لهذا يتماهي مع سيده. اذا مرض سيده يقول العبد في كآبه عنه : نحن مرضنا امس . واذا فرح سيده. لسبب يدريه او لايدريه. يردد العبد في جزل نحن مسرورون اليوم. واذا كسب سيده صفق مرحي لقد كسبنا وهو الذي يتصدي عن سيده لتأديب اخيه الاسود عبد الحقول بفظاظة لاقل ذنب. يراه مخلوقا ادني وعينة متوحشة يقول مالكوم اكس في تحدي وكبرياء : انا عبد حقول. عبد الحقول يفضل حريته الكاملة وكرامته الانسانية علي هدوم سيده القديمة المزركشة وفتات خبز سيده. يثب في اول فرصة شوقا للحرية ولو جاع ولو نكل به. ولو هلك في المحاولة المجيدة . فالمنية ولا الدنية.نعم. ربما آثر الفرد الدنية علي المنية لحلاوة الروح او لاستخذاء. ولكن الشعب الذي يختار الدنية علي المنية يستحق افراده الدنية والمنية معا وياتي نسلهم اغلب الظن علي شاكلتهم ادنياء كهوام الارض. فالحياة ـــ لانسان جدير بهذا النعت الكريم ــ ليست سفرية متكررة حتي اللحد مابين البلعوم والمستقيم. ما ان تصل اللقمة الإنسان رخيصة الي احدهما حتي يهرع بتفكيره الي الفتحة الثانية. لا بل حتي انسان الغابة البدائية . حي بني يقظان . توصل الي الحقيقة الاسمي والمثل الاعلي خروجا من بهيميته . ثم ان الامر ـــ يا أخاه ـــ لايقتصر علي قيم مجردة يعظ بها الشبعان الجائع . حتي ولو منحت تلك القيم انسانية هذا معناها الاجمل والاكمل . بل ويتعلق ايضا بالمنفعة الملموسة التي تقاس بمقياس مادي حسي علي مدي اقصر او اطول . والغمرات ثم ينجلين واشتدي ازمة تنفرجي. فحاشا لشعب السودان ان يصل به الادقاع الروحي والقنوط حد ايثار الدنية تدور حول ما يقيم الاود. ولا في مصلحته ذاك. ثم لم يصل البؤس الي هذا الحد برغم من وارينا الثري من الاعزاء ومنهم من كان يكرم الضيف ويفرج الكرب فبقليل من الحزم في تجميع مواردنا واستنهاضها. وزجر سفهائنا ومترفينا واخذهم بالشدة. وتبني سياسات حكيمة قوية سليمة نضرب بها فنحل كسيف الاسكندر المقدوني العقدة . وتنفيذ حلنا الجريء الاوفق بارادة مصممة حتي ننشل انفسنا بانفسنا من الوهدة يمكننا الخروج من الماساة. فلا والله لانصير عبيد المنازل لسيد يرمي لنا بهدمه وببقايا طعامه في مكر لئيم محسوب حتي يجعلنا نقول حين يكسب كسبنا وحين يخسر خسرنا. ها انا احمل مصباح ديوجين في وضح النهار ابحث عن قيادة تفعل ذلك وكما قال الخليفةابن عفان : انتم الي امام فعّل احوج منكم الي امام قوّال. علي ان لاننتهي الي ما انتهي اليه القائل ألان جانبه لفساد ابناء الطلقاء حتي احالوها كسروية.. وشعبنا بخير. يفضل برغم ما مر به. وبرغم تكاثر الادنياء فيه.المنية علي الدنية لان معدنه الحقيقي متين. اتذكر حواري مع راس القوم في تجمع حيال جبال المرخيات لمن دفعت بهم الي احواز ام درمان المجاعة من قبيلة الهواوير واقفين صفا صفا في صبر لا نفاد له تحت الشمس الكاوية. يرفع الطفل قدما كالمحارة ويضعها علي اختها ريثما تبرد واختها حافية علي الرمضاء. اقول وقلبي ينفطر لو ان نقيب الاطباء الذي تصدي ظلوما جهولا للامانة وصار رئيسا للوزراء ـــ الدكتور الجزولي دفع الله ــ بعث لهم لا بطبيب ولكن بممرض يهتم بعيون هؤلاء الاطفال بقطرة وقطن باقل من اهتمام جراثيمها والذباب. لخفف عنهم بعض مما هم فيه من عذاب . هذا شعبي الذي احبه في الهوان والبلاء لا كما قال غني جاء الي باريس شعب السودان عشرة ملايين هم سكان المدن والباقون لا اهمية لهم . تخطر ببالي البحبوحة والنعمة والبذخ يتقلب عليه النصابون ومن قاسموهم . يلعنهم قلبي : اجاع الله من اشبعتموه واشبع من بجوركم اجيعا . متوكل كمال ومصور التلفزيون يدافعون خروفا اعجف دفع به القوم الي سيارتهم بينما اخذت احاور راس القوم اقول له مامعني هذا ؟ يفسر : انتم ضيوفنا وليس علينا الا اكرامكم. ارد عليه بل انتم احق باكرامنا. الستم في مدينتنا ؟ يجيب ولكن هذا المكان الذي نحن فيه مكاننا وانتم وصلتمونا فيه. فانتم الضيوف اقول ولكنكم الي خروفكم احوج. ستزول الغاشية باذن الله وقد نصلكم ثانية يرد الرجل: والله لو نموت بالجوع ما نتخلي عن عاداتنا القديمة. قلت باحثا عن مخرج : حسنا . لنذبحه هنا وناكله جميعا. اجاب الرجل كتقرير حال : ومن اين لنا بالماء. لا ماء لدينا . ثم اردف : ولتعلموا انهم ينتظرونكم في اماكن التجمع الاخري واعدت كل جماعة لكم خروفا. وانصحكم ألا تهينوهم بالرفض. حقا حين رجعنا في المغرب من زيارة اربعة اماكن كانت هناك في السيار اربعة خراف حلف كل منهم الا ان ناخذها ومامنهم من لديه ماء. انزل واحدا منها لي لكي لا اخلق مشكلة. اطعمناه وسقيناه واخذته اختي فاطمة في اليوم التالي سلمته لامام مسجد ام درمان يتولي توزيع لحمه علي الفقراء المحتمين بكسر الجامع. جياع المدينة يطعمهم جياع بظاهرها ولكن كلمات ذلك الهواري الكريم ترن في اذني مافتئت :والله لو نموت بالجوع مانتخلي عن عاداتنا القديمة. يامن تجودون بقليلكم وتبيتون الطوي اجاع الله من اجاعكم وقلبه مستغلظ لا يفكر الا بارقام حسابه المصرفي. نحن اخوتكم معكم في السراء والضراء ولا نرضي لكم بغير اولاهما. فاين تقفون ايها السادة. امع شعبكم الذي وصفت وانه لنبيل. ام مع الفكر المستجلب الذي سقوكم اياه والقيم الانانية التي حبذوها لكم وزادها تحبيذا ماتفيء من مرافه وبهلنية؟ فكر ريغان واخلاقه ونظام عالمي يدافع عنه في كل بقعة مهما نأت من الارض كيلا يستبدل بالنظام الاقتصادي الجديد الذي لايخسر بالفقراء متي كالوه. وهاهو معهد الابحاث الاقتصادية في ميونخ يتوقع الا تشهد معظم اسواق المواد الاولية مما نعيش عليه ونسدد ديوننا من ريعه اي تحسن سريع في المستقبل المرئي. افنظل عالة علي الهبات والصدقات والاعانات والي متي ؟ القرن القادم ؟... لاغني ونحن نتفحص خفايا المعونات من تحكيم علوم الاقتصاد والاجتماع والسياسة حتي لاننقاد بعاطفة الامتنان السطحية لابد من تمحيص النشاط الاقتصادي التنموي بكلياته لنعرف كيف سرقنا ومن سرقنا والعلاقات الاقتصادية داخليا ومع الخارج واين الظلم والاحتيال فيها وشروط البنك الدولي وماهي الحكمة من ورائها وسياسات الاقراض الدولية بعامة ولا سيما من المؤسسات الخاصة والاصطناع المتعمد من عدم لطبقات طفيلية علي صورة بارئها .والتلقيح المثابر تعليما واعلاما وامثولة واجبارا لقيم انانية فردية مستجشعة فاسدة ومفسدة تمد لسانها لتراثنا الديني والاخلاقي والاجتماعي ينصب لفرضها وتعميمها وترسيخها امثال النميري والسادات ومبوت وكاموزا باندا وسيوزا وباتيستا ومن لف لفهم بالعمولة والحماية. فلاينبغي ان ننظر الي كل عون يجي كما لو انه انبثق من قلب شفوق او بنية التقرب الي الله تعالي في عياله الذين اوصي عليهم. او ننظر الي دموع ذباح العصافير وننسي ماتفعل يداه.فقد يقدم للكبش علف وماء قبل نحره. وقد تسمن الذبيحة حتي يكون فيها مايشوي.فالمشاطرة الانسانية والشفقة تبدآن في بلد الواهب نفسه كما اوصي رسول الاسلام عليه السلام "وابدأ بمن تعول " او كما يقول المثل الانجليزي "البر يبدأ بالبيت " قبل ان يذهب العاطي بعطيته للابعدين في اقاصي الارض منه . فمن لا رأفة له بمواطنيه لا رافة له بهواوير وزغاوة واولاد حامد. فاذا ما رجعنا الي مضابط الكونجرس الامريكي وجدنا انتقادا مريرا لسياسة تحجر قلبها حيال محرومي تلك البلاد الغنية الرخية العاطية. من نفس " ريغان " الذي يتوهم بعضنا انه وثب الينا مغيثا لدي سماعه صيحة " يا ابو مروة " تند من حلق كردفان ودارفور. بل في بلاده الغنية الرخية التي تمد اصابعها للنجوم من يموت جوعا وسط الوفرة في " هارلم " ويموت في الزمهرير بردا في " شيكاغو " ومن تاكل الجرذان طفله في "براونزفيل " ومن تجده ملقي كالقمامه في " الباوري " ومن رايتها تجر اطفالا حفاة علي الرصيف ومن يقتل شخصا لايعرفه من اجل ربع دولار في " سنترال بارك " ومن تلجأ للبغاء دون العاشرة ومن يقتله الادمان فرارا من تعسائه دون العشرين ومن تجن بسبب قسوة النظام كأم مالكوم اكس. وموقف ريغان مما يسمي هناك "بالبرنامج الاجتماعي " ومحاباته الجلفة للقطط السمان (وهوتعبير ابتدع اصلا هناك ونقل الي العربية في مصر ابان الانفتاح الساداتي الامريكاني ) علي حساب التعساء المساكينم لاسيما السود والهسبان والشيكانو والهنود الحمرـــكيف ننسي الهنود الحمر ـــ لايجعل دوافع معوناته لفور وزغاوة وكبابيش مجرد ايماءة انسانية فالبر يبدأ بالبيت. لابد من تمعن الامر ايها الفطن اللبيب فقد يكون السم في الدسم والحريق في الدقيق. بخاصة اذا كان من عطاياه السخية الاريحية للعرب. القنابل العنقودية والارتجاجية والفسفورية والفانتومات والفيتو. بلواسرائيل نفسها. تقول كارلين اوشر تحت عنوان "لاعدالة لمن لا مأوي لهم " الهيرالد تربيون 6 نوفمبر 1986 " كم من الناس قرات انهم يعيشون علي عتبة بيت روني ونانسي " ريغان " ــ عشرة الف ؟ وعلي عتبة بيتي وبيتك؟ ويريد السيد ريغان صنع درع فضائي لحمايتهم ؟ ماذا عن سقف فوق رؤوسهم ؟ ودفء ؟ وماذا حدث للتحرر من الحاجة والخوف؟ " لابد من تمعن فطن ممحص للمعونات ــمهما كان من وجوب تقبلها بالامتنان طالما رضينا لانفسنا لاضرار مذل قبولها . ولابد من اقتناص اول فرصة للاستغناء عنها لانها بالضبط مذلة .ولانه بالامكان ايجاد بدائل كريمة لها سبقتنا اليها بلاد عظيمة وعاطية اليوم. خبرت في امسها المجاعات ولكن قهرت بالحزم والسياسة الصحيحة مسبباتها واولها جشع الانسان. قد يملي ذلك علي الفقراء " اقتسام النبقة " والتداعي " للنفير " واخذ الاناني والانتهازي بالقبضة الحديدية وعصب الاحجار علي البطون. وكد الدوم وسلق الحصي واعلان كل شهر من العام رمضانا كي تخرج بلادنا سريعا من همها وهوانها ولكي يولد جيل جديد لايعرف المسغبة والمهانة. ولايحس بضعة امام ذاته من ابناء الشعوب الاخري في شرق وغرب اذا كانت " القدّة عطشانه " فانها " تريد الرجال ال بيحملوا بطانها " قيادة من طراز جديد لاتختار من الحلول مألوفها ومستسهلها. ولاترضي للحال استمراره علي ذات المنوال. قيادة تكرب صلبها وتجبر شعبها علي ان يكرب صلبه. لا افندية مسترخين في غرف مكيفة امامهم ورق فيه ارقام لا علاقة لها بكرامة الانسان وضروراته. كان الطفل الذي يموت وتظهره الات التصوير العالمية ليس لحمهم ودمهم. عارهم والمهم فلذة اكبادهم ومستقبلهم علي التراب يموت. ولكي نتمعن خفايا المعونات لابد من معرفة منبعها ومصبها. فلنحاول ولشعبنا العزة
نقلا عن مجلة الدستور
(عدل بواسطة مطر قادم on 12-05-2010, 02:18 PM)
|
|
  
|
|
|
|
|
| |
مطر قادم
سالم أحمد سالم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست