زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 01:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-17-2010, 08:00 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف )

    تقديم :

    نبرة* NABRA إسم نوبي عتيق ، يُطلق على النساء و معناه ( ذات اللون القمحي )

    يقول الموسيقار وردي في إحدى روائعه النوبية :

    NABRI DARRA FEEN ILLAI

    المعنى : يا قمحية بلون حبات القمح المكوّمَة على التَقَا*

    * التقا : هو المكان الذي توضع فيه سنابل القمح لتتم عملية الدرس بالنوريق

    ***

    نبرة هي رمز لأمهات و أخوات و زوجات و بنات كثير من أبطال هذه الزمن المقصود
    أما اللون فقد إقتضته ضرورة ولوج الإسم من باب كثير من الحكاوي أدناه

    الولوج إلى الزمن إياه

    (عدل بواسطة ابو جهينة on 10-19-2010, 07:19 PM)

                  

10-17-2010, 08:06 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    زواج إسفيري


    مسرحية من فصل واحد


    المشهد الأول :

    يجلس أمام الكمبيوتر .. يداعب مفاتيح اللوحة بعصبية واضحة .. يبث شوقا ( في الماسنجر ) الداخلي .. يضع بكل أناة و صبر ردا يحاول جاهدا أن يكون أنيقا و منمقا يفوح منه ما يعتلج بدواخله و هو يتخيلها بإستدعاء صورتها التي أسفل إسمها في البورد .
    يتلقى ردا باهتا هزيلا لا يتناسب و ما يبثه من رقة .. ردا لا يَمِتُّ إلى ما يكتب بِصِلَة ..
    لا ييأس .. بل يزداد إصرارا ..
    يلقمها كلماتا أكثر إلتهابا .. و ينتظر متلهفا ردا أكثر حرارة ..
    تواصل برودها و إلتفافها حول الكلمات ..
    همهم بكلمات ، حمِد الله أنها لن تسمعها منه.
    تأكد أنها مراوغة من الدرجة الأولى .. أو ربما الغزل عبر هذا الفضاء الجديد لا زال يكتنفه الغموض و شيء من الحذر .. معها كل الحق إذن في هذه الحالة.
    يواصل قذائف حبه و زخات ولهه و لوعته ..
    ترد عليه و كأنها تهز كتفيها لا مبالية ..


    المشهد الثاني :

    أحسَتْ بأن حرارة إندفاعه قد بدأتْ في التراجع ..
    فبدأتْ هي برفع وتيرة الحديث .. و بدأتْ هجوما معاكسا و منظَّما ..
    وتيرة الحبيب في تراجع مستمر و كأنه قد بدأ يمل عدم إكتراثها .. أو ربما بدأ تكتيكا يعتمد التقهقر و التراجع لجَرِّ الطرف الآخر إلى منطقته ثم يبدأ في رمى شباكه بدقة.
    فاجأته برسالة تحيطها قلوب حمراء تقفز في إستفزاز : بحبك يا عنكبوتي .. شباكك و لا ( أوهن من بيت العنكبوت ) ولا حاجة .. إنت صياد ماهر .. أساليبك أخطبوطية ..( ثم وضعتْ هنا وجه تعبيري يمد لسانا أحمرا و كأنه قد شرب للتو عصير كركدي ساخن ) ..

    المشهد الثالث :

    كلَّمتْه .. و لما كلمتْه .. كلَّ أصبعه من النقر على اللوحة .. و تثاءب .. و الليل ما زال مشروع جنين في الأحشاء .. فهو يواصل يومه منذ الصباح الباكر دونما راحة بين العمل و شاشة الجهاز..
    تنقلا من الماسنجر إلى البريد الأليكتروني .. ثم إلى المنبر .. ثم رد عليها في ( بوست ) ردا مغلفا لا تفهمه إلا هي .. فردتْ بأن وضعتْ وجها يعتمر نظارة سوداء كرجال المباحث و المخبرين و تقصد بذلك ( فهمتك يا لئيم ) ..

    المشهد الرابع :

    أطفأ الجهاز و رقد ..
    لم تطفيء الجهاز .. و لم ترقد ..
    نقرتْ على أيقونة الماسنجر ..
    لا حياة لمن تدعوه للنزال ..
    طال أرقه و أيقوناتها التعبيرية تتقافز حول وسادته و أمام جفنيه و خلف مخيخه.. قام إلى الجهاز و كأنه سيتفاجأ بمن سيقول له : مش قلتَ حتنوم .. ليه صحيت ؟..
    وجدها تحاول القفز إلى جهازه كقطة تشابي للوصول لكورية اللبن المتدلية من ( المشلعيب ) ..
    جلس القرفصاء أمام كلماتها ..
    ثم أضمر حاجة .. و أبرم أمرا ..
    ( تتزوجيني يا سايبرية ؟ )
    لم ترتجف أصابعه .. و لكن ظل وجهه ترتسم على قسماته عدة إنفعلات بعدد توقعاته لإجابتها على طلبه ..
    قالت بسرعة : أيوة .. ( قالتها و كأنها تقبل دعوة للفسحة على الكورنيش ) ..
    هنا .. لا مكان لإحمرار الخدود .. و التواري خجلا و كسوفا .. فالكمبيوتر قد جعل الوجوه ( خناجرا ) و الأنامل ( سيوفا بلا أغماد ) و الخدود في لون الدبلان ..

    المشهد الأخير :

    غرفة البالتوك تضم : الحبيب العنكبوتي و المحبوبة السايبرية و وكيل العروس ( عمها و هو ولي أمرها و متصفح مواظب ) لأن أبوها مغترب ( عامل تربية نحل على الحدود مع اليمن السعيد مع أن تخصصه مساعد طبي ) و ما جايب خبر النت و لا الفضاء السايبري و لم يسمع بهما قط.. و الشاهِد الأول عضو منبر و معه مأذون قريبه ( عندو فكرة بسيطة عن الإنترنت و عالم الكمبيوتر ) ..و شاهد ثان عضو منبر برضو .. و عضوة صديقة حميمة للشاهد الثاني و جارته ( حيطة بالحيطة ) لزوم الزغاريد ( و هي متصفحة و ليست عضوة ، قامت بعمل بروفات على الزغاريد أمام المايك و مراية دولابهم المكسورة ) ..
    و بدأتْ الطقوس العنكبوتية ..
    يللا يا مولانا إتكلم الخط معاك ..
    مولانا مستغربا و مندهشا و هو ينقل بصره بين الشاشة و الإسبيكر و الموجودين معه : هم حسع كلهم معانا في الخط ؟ يعني ما بقدر أشوفهم ؟
    أيوة معانا كلهم .. بس ما بتقدر تشوفهم ..
    قال و هو يرفع جاجبى الدهشة : هم وين حسع ؟
    العريس في نجران و العروس في الإمارات و أنا و إنت هنا و الشاهد التاني في أمدرمان و الزغاريد على زميلة ساكنة جنبهم..
    مولانا بصوت خفيض يشوبه الخبث و قليل من الإرتياب : دة عرس سحاحير ولا عرس بشر ؟
    يللا يا مولانا إبتدي ما تضيع وقتنا ..
    مولانا متنحنحا : العريس موجود ؟
    حاضر ..
    مولانا : العروس موجودة ؟
    العروس : معاك يا شيخنا .. ( يسمع صوت بنات معها راخيات الإضنين ) ..
    مولانا : صوتِك بيقطّع مالو يا بنية ؟
    العروس متنرفزة : سيبك من صوتي و واصل يا مولانا ..
    مولانا : وكيل العروس وين مالو قاطع الحس و الحركة ؟
    العم وكيل العروس : داير بي حسي شنو ياخي ؟ خلصنا قبال الخط ما يقطع ..
    مولانا : قول وراى يا عريس .. بأنني بكامل قواى العقلية و حالتي المعتبرة و عضويتي التامة بالمنبر أطلب يد إبنة أخيك على سنة الله و رسوله ..
    الشاهد الثاني هامسا : شوفوا فلسفة شيخنا .. جاب سيرة المنبر عشان يقولوا الولد فاهم الشغلة ..
    صوت يكرر الجملة خلف المأذون ..
    العروس : سجمي .. دة ما صوت خطيبي العنكبوتي .. يا هناى إنت وين ؟
    الشاهد الثاني فرِحا: صراحة دة أنا الكررت الجملة .. و أنا المفروض إتزوجك .. لأني أنا الكنت بكتب ليهو الردود إنطلاقا من كلماتك الحلوة يا حلوة .. هو ما عندو غرض فيك و لا بيعرف يكتب جنس الكلام داك الخلاكي تتمسكي بى.. ممكن نغير الأدوار ؟ يعني ممكن تتزوجيني ؟
    مولانا : يا أخوانا مش كفاية إنقلابات في البلد كمان بقت في الزواج ؟ الحاصل شنو ؟
    العم : معليش يا مولانا .. بنجيبك تاني .. الظاهر في خلط في الباسووردز و تبادل للأسماء و المراكز..

    ( قبل أن يُسدَل الستار .. يظهر صاحب المنبر على الخط و هو يؤكد إقالة كل المذكورين أعلاه من المنبر و يعقد إتفاقا مع المأذون السايبري ليكون مأذون المنبر المعتمد كخدمة جديدة من خلال البورد ) ..
    ( في الخلفية أغنية ود اللحو مع تغيير طفيف في الكلمات : شوف عيني الحبيب بي حكمة كاتْب البوست ..) ..

    ***

    التغيير لزوم التسلسل في زمان الأحداث

    (عدل بواسطة ابو جهينة on 10-20-2010, 12:56 PM)

                  

10-17-2010, 08:15 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    بربرينا


    القاهرة ..ستينيات القرن المنصرم:

    منحه الله وسامة في محياه و مكرا في عقله ، رضعهما من فهلوجية مقاهي السيدة زينب و المطرية و الفيشاوي ..

    قصد ضمن ما قصد في تاريخه الحافل ، ( معلمة ) من المعلمات اللائي يملكن قهوة كبيرة ..
    تجلس متربعة على كرسي ماكن .. تدخن ( شيشة ) محشوة بالمعسل ماركة ( زغلول ) ..
    تعطي أوامرها لصبيانها و كمية من المصوغات الذهبية لها وقع الصاجات في أيدي الراقصات في ملاهي شارع محمد علي و الهرم ..
    تملقها زولنا .. تملقا مدروساً بحنكة و دهاء شديدين
    يجلس مبتسما في ركن قصي .. و هو الذي يمتاز بأسنان أمامية كبيرة و ناصعة البياض ..
    ثم يطلق إبتسامته التي تشع من على البعد تجاهها .. فتلمع كالبرق الخاطف من بين أسنانه ناصعة البياض و بشرته الشديدة السمار .. ( بورتريه أخّاذ ) ...
    و يرمش بعينين بريئتين واسعتين ..
    تسأل صاحبة القهوة صبيانها : ( هو مين سمارة دة اللي عامل لي فيها كازانوفا يا واد ؟ ) ..
    أتاها بكل أدب ..
    مطأطيء الرأس .. كسير النظرات ..
    و نفث فيها مكره كما أفعى مجلجلة..
    أملس كالثعبان ...
    دلق عليها كل ما في جعبته من دهاء ..
    صب عليها تودده ..
    أحاطها بثوب التزلف ..
    و هي مبهورة بهذه الوجاهة السمراء ..
    ( يا سمارة إنت بتجيب الكلام دة منين ؟ أنا كنت فاكرة البرابرة ما بيعرفوش الكلام اللي زى العسل دة ) ..
    و صار زولنا يتقرب و يزداد كل يوما قربا ..
    أفردتْ له كرسيا بجانبها ..
    - ( هات حلبة حصا يا مقصوف الرقبة لسمارة ) ..
    و يشرب زولنا هنيئا مريئا ..
    و تنهال أوامر المعلمة لصبيانها ..
    - كركدي .. يا أبن المعفنة لسمارة
    فيقرطع زولنا هنيئا مريئا و يكرّع في وجه الصبيان المقهورين المغيوظين ..
    - مغات .. يا أهبل هنا لسمارة
    فيشرب بربرينا و يزداد كل يوم نضارة ...
    - قهوة .. يا مدهْول لسمارة
    - ليمونادة .. يا مفعوص لسمارة
    و صبيان المعلمة يرمقونه بغضب و حقد ..
    و تطورت علاقة زولنا بالمعلمة ..
    فإنقلب الإستلطاف إلى إعجاب ..
    ثم ( تدهورتْ ) الحالة إلى حب ..
    ثم إلى عشق ..
    ثم إلى ريدة عديل كدة ..
    فقالت له : إسمع يا سمارة .. أنا و الحمد لله ربنا فاتحها علي و الحالة تمام .. و عندي شقة كبيرة فوق القهوة مفروشة من مجاميعو .. و زوجي المعلم مات و ما خلفتش يعني ربنا ما أرادش.. و مافيش راجل ملا على حياتي زيك .. إيه رأيك ... ؟
    لم يضيع زولنا الفرصة .. فهي التي إنتظرها طوال هذه المدة .. متربصا ..
    قال : بس أنا خايف الناس يقولوا داخل على طمع
    قالت و هي تخبط على صدرها الممتليء ذهبا و شحما : حد يستجري يقول كدة .. أنا أقطع لسانو من لغاليغو ..
    وافق بثقل مصطنع .. و في دواخله تعربد فرحة كبيرة .. فقد إقترب من خطته التي رسمها ..
    لم يدفع قرشا أحمرا ..
    قامت المعلمة بدفع كل التكاليف ..
    دخل بمجهوده الشخصي ..
    فهو شاب في عنفوان الشباب و هي تعدت الأربعين .. بها مسحة من الجمال لا تخطؤها العين ..
    يأتيه الأكل و هو يرتدي ( البيجاما المخططة ) ..
    من الحمام إلى غرفة النوم إلى السفرة و بالعكس ..
    يحتسي البيرة الباردة صيفا ..
    و الكونياك شتاءا ..
    يشخط و ينهر في صبيان المعلمة بسبب و بدون سبب : يا أولاد بمبة يا أولاد الذين .. وين المطلوب ؟؟؟؟ ..
    تذوق الأفيون و الحشيش ..
    نامت المعلمة في عسل سمارة ..
    قام بتخديرها بكلامه عن الخلفة : يا ريت يا معلمة ربنا يكرمنا بس بولد واحد ..
    فكبر في عينيها ..
    يلبس بنطلونا و قميصا فتضع عليه ( عباءة ) من الجوخ الأصلي كان لزوجها المرحوم .. و يحمل عصاه المطعمة بالصدف و الفضة .. و يجلس على القهوة وسط حسد الجالسين و المارين ..
    كان يخشى أن يأتي يوم تنقلب عليه المعلمة قبل أن ينفذ ما قرر فعله.
    لذا كان يتحاشى مناكفتها أو حتى الجأر بالشكوى مهما كان الأمر.
    إستمرأتْ فحولته و تمادتْ في حشوه بكل ما لذ و طاب ..
    فتكوَّر خداه و لمعتا و إزدادت سمرته لمعاناً
    و برزت كرشه .. و غلُظتْ رقبته
    حمام بالفريك
    صواني اللحم بالفرن ...
    كباب
    طواجن السمك

    تمرمغ في رمال الأسكندرية و رأس البر
    قالت له يوماً و هي تلْقمه حمامة محشوة بالأرز : أوعى يوم تفكر تسيبني .. أنا أقطعك و أرميك في البدرون زي ريا و سكينة ما كانوا بيعملوا ...
    ثم واصلتْ : إنت فاهم يا سمورتي
    قالتها و هي تخبطه بيدها على صدره
    لأول مرة يرتعد خوفا قربها ..
    فلم ينم ليلتها

    ثم نضجتْ الفكرة التي إختمرت طويلا في رأسه ..
    خطط .. و حسب حساب كل شيء ..
    و في غمرة زحمة القهوة أول الشهر .. حيث الزبائن متكدسون داخل و خارج القهوة ..
    ربط زولنا عدة ملايات مع بعضها البعض ..
    ثم ربط طرف الملاءات بالسرير الضخم الذي يتوسط الغرفة ..
    ثم إنزلق من الشباك و هو يحمل كنزا ثمينا من مدخرات المعلمة ..
    و عندما وطئتْ قدماه الأرض .. سمع صوت المعلمة : و حياة روح أمك يا بربري يا أسود .. دة أنا حأخلي يومك زي الكحل ...
    و رأى معها إثنين من الصعايدة و كل واحد فيهم في حجم شجرة الجميز و شنب الواحد زى ( كليقة البرسيم ) ..
    كان هذا آخر شيء يتذكره قبل أن يجده بعض أهله مرميا بالقرب برميل الزبالة عند طرف الشارع ..

    أخونا الآن يعيش شبه متصوف في حي من أحياء الخرطوم..
    أمازحه أحيانا :
    بالله ما إشتقت للحلبة حصا ؟
    فيبتسم إبتسامة مريرة .. يتحسس آثار كدمة قديمة خلَّفتْها أحداث تلك الليلة ...
                  

10-17-2010, 10:50 PM

منتصرمحمد زكى
<aمنتصرمحمد زكى
تاريخ التسجيل: 11-04-2009
مجموع المشاركات: 4045

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    سلامات .. جلال

    حكي جميل .. وسرد في منتهى الروعة
    ينبض بالواقعية .. زدنا منه وارسم
    لنا بيراعك الدقيق ما حفلت به عابرات الأيام والسنين ...
                  

10-18-2010, 04:15 AM

ترهاقا
<aترهاقا
تاريخ التسجيل: 07-04-2003
مجموع المشاركات: 8397

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: منتصرمحمد زكى)

    Quote: تقول نساء الحي أنهن ما أن يريْن زوجته ( مبروكة ) تجلس على ( الدكة ) الطينية أمام منزلها و هي تربط رأسها بطرحة ، فإنهن يتأكدن بأن ( زيدان ) قد مارس فحولته ليلتئذ ، فيلقين عليه التحية مقرونة بعبارات الدعابة : إن شاء الله محل ما يسري يـ



    يجازي محنك يا ابو جهيتة ، قعدت أضحك براي زي المجنون. طولناوالله من كتاباتك الممتعة دي ، ومنتظرين المزيد

    سلام لكل الاحباب بأرض نجد
                  

10-18-2010, 11:00 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ترهاقا)

    أخي العزيز ترهاقا

    سلام كبير و شوق أضخم
    مشكور على المرور
    تحياتي للأسرة الكريمة
                  

10-18-2010, 10:58 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: منتصرمحمد زكى)

    منتصر أيها الصاحب العزيز
    مرورك يسعدني و يحفزني للمزيد
    خليك قريب ففي الجعبة الكثير
    دمتم
                  

10-18-2010, 11:12 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    عبد الكريم اللئيم في معيّة الحريم


    عبد الكريم المغترب جاء في إجازة و دخل بيته في الخرطوم الذي تسكن فيه أصغر زوجاته الثلاثة و الأثيرة عنده..
    الزوجتان الأولى و الثانيةتقطنان بأقصى الشمال ، و ينوي الذهاب إليهما بعد أن يروي غليله من أصغر الزوجات هذي ..
    دخل و هو متورد الخدين بفعل كريم ( جليسوليد ) الذي يحبه ، و إبتسامة عريضة تسبقه، و عِمة جديدة لنج (تقول لعمة ترباس أبعدي غادي) ، و عطر نفاذ يفوح منه ، و فتح الباب و هو فارد ذراعية لإحتضان أصغر الزوجات، فإذا بزوجتيه قد سبقتاه من البلد و قاعدات ليهو ( وش ) و إبتسامة تحاكي إبتسامة الموناليزا مرسومة على الشفاة و لكنها صفراء لها بريق متحفز ينذر بالسوء. لم يستطع المسكين أن يبدأ بالسلام فوقف كالمُتَسمّر على الأرض و هو ينقل بصره بين الثلاث و هو يحس و كأن مؤامرة ما قد حيكت ضده.
    فبادرته أم العيال الكبيرة :
    تجي الخرطوم بعد سنة في إجازتك من دون ما تقول لينا ؟ إنت قايل الأخبار بتندس ؟ نحن متابعنك من يوم ما خشيت سوق باب شريف في جدة تلقط في حاجات الإجازة يا راجل الهنا.
    و نظرت إليه نظرة ، ذكرته بقصة ريا و سكينة ( فبسمل و حوقل و قرأ المعوذتين ) و لم يكمل قراءة آية الكرسي قبل أن تقول الثانية من تحت أسنانها :
    داير تبرطع هنا و بعدين تجينا في البلد مهلهل و منتّف و تقعد ليك أسبوع و تقول عندي عفش مشحون و تفرتق للخرطوم و تقعد مع حبيبة القلب. مش ؟
    و لكزته في صفحته لكزة ( إنفدس لها ) دون أن ينبس بكلمة.
    المسكين كان يُمني نفسه بعناق طويل مع حبيبة قلبه الصغيرة ، و لكن ها هما تقفان كالجستابو أما ناظريه. فإبتلع ريقه الجاف و خلع عمته الكبيرة و تشهد.
    قالت الكبيرة : أفتح الشنط.
    فقال و هو يتلعثم : في الحقيقة ....
    و لم تعطيانه الفرصة ، فقد هجمت الزوجتان على الشنط ، و في ثوان معدودة ، كانت محتويات الحقائب قد تكومت في ثلاث أكوام متساوية.
    فقال مشفقا : بس المقاسات ...
    قالت الثانية : نحن عارفين جايب الحاجات أغلبها مقاس الست الصغيرة. بس برضو نحن بندورن ضيقات، ما دام منك بنقبل أي شي ، إن شاء الله ما يدخلن من الرقبة.
    و حدرت ليهو حدرة ، إنخلع لها قلبو الماهو رهيف.

    البيت كان مكونا من حجرتين. و مكث عبد الكريم خمسة و أربعين يوما ( يباصنّو التلاتة بيناتن زى خرطوش الشيشة ) لم يجد فرصة حتى يشيل الفاتحات التي تنتظره أو تسجيل قطعة الأرض التي إشتراها ، كالمعسكر المقفول ، كل ما فعله هو زيارة والديه و إخوته برفقة الزوجة الكبيرة لزوم المراقبة اللصيقة. و عندما إنتهت الإجازة ، كان عبد الكريم في حالة ( تحنن العدو )
    قالت الكبرى في وداعه بالمطار و هو يستند على عكازة :
    أها الإجازة الجاية بتكلمنا ولا نجي برانا في مواعيدك زى السنة دي؟

    فقال عبد الكريم و هو يغالب غصة في حلقه : علي الطلاق بالثلاثة منكن التلاتة ما أجي ، إلا كان تجي جنازتي.
                  

10-18-2010, 11:41 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    عنقريب يضاهي ( كيوبيد و قوسه و سهمه )

    حكى لي صديق يقطن إحدى أمصارنا :
    أن شابا في إحدى قرى السودان أحب فتاة حبا جارفاً..
    علم والدها بالأمر و منعه من مقابلتها أو التغزل فيها شعرا أو التحدث عنها بأي شكل من الأشكال.
    و هدد الشاب بالويل و الثبور إن هو فكر في رؤيتها ..
    و لكن للعشق سطوة لا تعترف بالعراقيل ..
    الشاب الذي شغفها حباً و هياماً كان يذهب خلسة ليحادثها في راكوبة نائية خلف منزلها و في غياب والدها ..
    يبثها نجواه في طهر و عفة ..
    لا يحدثه قلبه المفعم بحبها النقي بأي شيء يجرح رقتها ..
    يفكران كيف يكسبان ود الوالد المتجبر ..
    يجلسان على عنقريب تحجبه عن طريق القدوم شجرة حراز ضخمة ..
    فاجأهم ذات مرة بعودته غير المتوقعة .. من خلف الشجرة ..
    فأسرع الشاب مختبئا أسفل ( العنقريب ) .. و في غمرة إستعجاله و هلعه .. كانت يده قد إنحشرت تحت واحدة من أرجل العنقريب ( المَخْرَطة ) المعروفة بمتانة خشبها و غلاظة أرجلها و ثقل وزنها.. تزامن جلوس الأب ذي الوزن الثقيل جدا على العنقريب نفسه في ذات وقت إختباء العاشق.. و كان أن إنحشرتً يد الشاب تحت إحدى أرجل العنقريب الماكنة ..
    لم يتح له الأب فرصة ليسحب كفه .. فإنحشرت تحت ثقل الرجل و ثقل خشب السنط المعروف بمتانته.
    لم ينبس الشاب ببنت شفة ..
    ألجم الخوف لسانه ..
    و إبتلع الألم في جوفه .. و سال الدم منبثقا من ظهر كفه .. ليسيل أمام العنقريب ..
    و الأب جالس ملء جسده و راحته .. .. و كأن وزنه قد إزداد في هذا الوقت بالذات ..
    و بعد أن شرب الأب القهوة بتمهل.. هب واقفا و قال بأعلى صوته : قوم أمرق من تحت العنقريب يا جنا..
    فخرج الشاب و قد تيقن أن رقبته ستطير بضربة من سيف الرجل أو أن أحشاءه ستندلق أمامه بخنجر الرجل القابع أمامه في جفيره ..
    خرج الشاب و يده قد أصابها الخدر الكامل .. متيبسة و ممدودة أمامه من شدة الألم ..
    فأشاحت الفتاة بوجهها و هي تتوقع صرخة حبيبها في أي لحظة ..
    فقال له الأب : حرّم ما بلقى أرجل منك يتزوج البنية دي ..
    و تزوجها و عاشا في هناء.. و أنجبوا البنين و البنات .. و ظل ذاك العنقريب شاهدا على الصبر و الثبات و إنتصار المشاعر النبيلة الصادقة..

    ألا يوجد في سِفْر العشق في السودان غير قصة تاجوج ؟
    لا بد أن هناك قصصا كثيرة لم توثق ..
    و أشعار كثيرة لم تكتب ..
    و مواقف تفوق مجريات أحداث قيس و ليلى ..
    و تراجيديا أقسى من نهاية قصة روميو و جولييت ..
    هناك أكثر من جميل و بثينة ..
    و أكثر من كُثير عزة
    ..
                  

10-18-2010, 03:32 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    مقال في عفوية تربال


    عبد الحليم
    ( ترْبال ) في قريته و تمتد شرايينه في أعمق أعماق تربتها.
    صامد لا تغريه المغريات ،
    متشبث بأرضه ،،
    حفرتْ أصابعه علامات صبره على مقبض المنجل و الطورية ،
    و تزين راحتيه طعنات أشواك النخيل و آثار فتْل الحبال .
    الشقوق في كعبيه و قدميه ( يقال أنه تدخلها صغار العقارب و هي تحسبها شقوقا في الجروف ، و تموت هناك مختنقة ) و هو غافل عنها و عن صغائر أخرى.
    صلب كصخور ذلك الجبل الذي يقف شاهدا على أن أحد أحفاد أولئك العمالقة ،
    ما زال يحمل في جسده جينات الصمود ،، يقاوم قساوة السموم ،، و يكرع من ماء النيل العكران بالطمي ، و لا يشتكي من ( إلتهاب في المعدة ) أو ( جفاف في البشرة ).
    و رغم هذه الصلابة في العود و هذه القوة في الشكيمة ،، إلا أنه يحمل بين خافقيه قلبا عامرا بالحب و الوفاء لأرضه و لأهله.
    يأتي المسافرون ،، تنبهر الفتيات ،، تفرح الأمهات ،، تحبل الزوجات ،، تنطلق الزغاريد في زخات معلنة عن زواج ،، ثم تعود كل هذه الطيور المهاجرة لمنافيها.
    و عبدالحليم ،، يستقبل ،، و يكرم الوفادة ،، و يودع ،، ليعود و يستقبل ،، حركة مستمرة في دولاب أيامه ،، كحركة مواسم الزراعة ،، المحصول تلو المحصول و كحركة النهر الخالد ،، فيضان و إنحسار.
    كل من وقف و حمل معه الطورية سافر و هاجر ،، تركوه لهذه الأرض ،، يفلح قدر إستطاعته و قدر طاقته ، يحمد الله إن تغدى ببضع تمرات ،، و يشكر الله إن تعشى ( بقراصة يطفو عليها السمن و الحليب ).
    حاولوا أن يأخذوه معهم للمنافي،، و لكنه رفض ، و إستنكر محاولاتهم المتكررة ،،
    و دائما ما يقول لهم و هو يحدر طاقيته الحمراء للأمام :
    أنا و النخلات دي واحد ،، عروقنا ضاربة جوة الأرض و واصلة لغاية النيل . وا عطشي لو ما غرفت من موية النيل بإيدي ديل و شربت ،، وا جوعي لو ما أكلت الدفيق المنقرو الطير ،، وا موتي لو ما دخل جوفي الهوا الجايي يهفهف بين سعفات النخيل و قناديل العيش
                  

10-19-2010, 12:27 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    طموح سعاد


    كان صلاح يعيش في سعادة و وئام مع زوجته سعاد و أولاده في بيت الإيجار بالخرطوم.
    و الحالة و الحمد لله رضا ، و الأشياء معدن.
    و لكن بعض الزوجات يمددن أصابع اليد و (يطبزن عيونن براهن).

    فقد بدأت تزن في إذن زوجها :
    هي يا صلاح ، لمتين نقعد في بيت الإيجار ؟ مستقبل الأولاد ديل بعدين كيف ؟
    شوف ناس فلانة و علانة ، قوم إغترب يا صلاح عشان نبني لينا بيت.

    و كما هو معلوم فإن بعض ( الزن على الأذن ) أقوى من السحر.
    فقد توكل صلاح على الحى القيوم ، و إغترب و هو غير مقتنع.
    وفقه الله في عمل ، و إستطاعت سعاد خلال سنة من عمله أن تشتري أرضا في منطقة عشوائية و تسورها و تزين السور باب من الحديد.
    و بعد سنة أرسل لسعاد بأنه سيأتي في الإجازة ، فردت عليه : إنت يا دوبك سنة مما سافرت ، أقعد ليك كمان سنة و بعدين تعال. أحسن تستفيد من إجازتك في الشغل ) أوفرتايم ) عشان نتم البيت.
    و بعد السنة التانية ، عاجلته سعاد بأن لا تأتي لأننا شرعنا في البناء و حق إجازتك رسلو لينا نستفيد منو في حاجة هنا. و أحسن تشتغل في الإجازة و تاخد حقها قروش.
    و إشترت سعاد قطعة أخرى.
    و هكذا إلى أن أكمل صلاح خمسة سنوات بالتمام و الكمال ، كانت فيها سعاد قد أكملت بناء البيت ذو الستمائة متر مربع و بدأت تفكر في مشاريع أخرى. و نسيت سعاد في غمرة النشوة بإنجاز أشياء كانت تقبع في أحلامها ، نسيت حقوق زوجها و أنه مشتاق لأولاده.
    و لكن كانت الأيام تخطط لكليهما أمرا آخر.


    خلال هذه السنوات ، كان صلاح يذهب كل يوم جمعه ليتغدى عند زميل دراسته أحمد الذي أتى محرما لشقيقته المعلمة. و توطدت العلاقة بينه و بين أحمد ،
    و لكن العلاقة كانت مع الأستاذة ذات نكهة أكثر حميمية ، فتزوجها على سنة الله و رسوله دون أن تدري سعاد. و عند أول إجازة صيفية ، إشترى صلاح بالإشتراك مع الأستاذة لوري نيسان ، و ذهبا سويا للمنزل الذي بنته سعاد و الذي أثثته أثاثا فاخرا.
    و بعد أن قامت الشكلة و العكة الكلامية و من ثم هدأت النفوس ، و الرضاء بقضاء الله و أمره المحتوم. طرأتْ مشكلة جديدة :
    سعاد تقول أن اللوري يتبع مخططاتها التوفيرية. و أن البيت من شقاها.
    و الأستاذة تقول أنها شريكة في اللوري ، و أن البيت لها فيه نصيب فهو من عرق زوجها ،
    أما صلاح فقد وقف محتارا يردد :
    يا جماعة أنا مت عشان تقسمو الورثة ؟، أنا حى يرزق. ملعون أبو اللوري و ملعون أبو البيت.

    بالنسبة لصلاح ، كانت الإجازة غير عادية ، فبالرغم أنه كان مشتاقا لأولاده و لسعاد ، و لكن نقة الزوجتين ، بالإضافة للحر الذي تضامن مع الضرتين ، قطع صلاح و الأستاذة الإجازة و عادا لحضن المكيف الصحراوي.
    أما سعاد ، فقد صارت تردد : براى السويتا بي إيدي. شلتها و قلعت بيها عيوني.
                  

10-19-2010, 07:16 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    ناس تخاف .. و ما تختشي


    إحدى قريباتي زوجوها رغما عنها من رجل لا تطيقه
    زوجوها فرضختْ تحت إلحاح الأسرة و ضغوطها
    الأسرة تحجّجتْ بتقريب ما تباعد من الروابط الأسرية ..
    و لكن .. لم يمض على زواجهما بضعة أشهر ..
    حتى أتتني يوماً و وجهها مليء بالكدمات و الرضوض و الدم يسيل من فمها ..
    منظر يستفز الحجر الأصم ..
    فما كان مني إلا أن ذهبت إليه مع أحد أقاربي الذين منحهم الله بسطة في الجسم و ضموراً في العقل محاولاً التفاهم معه بالحسنى..
    ( إلا أنه أستَقْبَلَنا بسيل من الشتائم و حاول أن يستعمل العنف معنا أيضا ... )
    فما كان من الفحل الذي معي إلا و أن أراه عدة نجيمات في عز ذلك الظهر القائظ و كال له من ذات المكيال و سقاه من نفس الكأس.. ( رغم إقتناعي التام وقتها بأن مكيال الفحل كان أوسع بحيث فاض كيله .. أما كأسه فقد كانت أشد مرارة..) ..
    و لأن الفحل إياه كان مكروهاً من كل الأسرة ( لأن مَنْطِقه يكْمُن دائماً في يديه إن عجز عقله إيصال فكرته و حججه ) .. فقد وقفتْ كل الأسرة مع الزوج و وصفته بأنه مظلوم قد وقع عليه ظلمي البائن بينونة غليظة لإستعانتي بمجنزرة بشرية لإستعادة حقوق تلك المهيضة الجناح رغم أن تواجده معي في تلك اللحظة كان محض صدفة ..
    بل و ذهبوا أكثر من ذلك فقد طلبوا مني بأن أذهب بالزوجة للإعتذار للزوج ..
    هكذا صارت العلقة المرتدة ظلماً يتطلب إعتذار تلك المهضومة الحق ..
    فلما عرضت الأمر عليها طلبتْ الطلاق فوراً و كان رسولها في طلب الطلاق تلكم المجنزرة البشرية ....
    فنكص الزوج على عقبيه خوفاً و فزعاً و حدث الطلاق
    و هي الآن مع زوج آخر تنعم بدفء حب زوجها و أبناءها ..
                  

10-20-2010, 12:52 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    شاكوش .. على مهل


    نظر إليها ، فإتسعتْ حدقتاه.
    شعر بأن صورتها قد إنحشرتْ في زوايا عينيه ،،
    ودَّ لو يحبسها في قمقم و يغلق عليها الغطاء.
    تمنى أن تقبع داخل محجريه
    فيغمض عينيه فيراها متوهجة داخله و كأنها تترقرق وسط كرة كريستالية لا يراها إلا هو
    إبتسمتْ له إبتسامة عريضة دون أن تعرف إلى أي حد إنفرجتْ شفتاها.
    و رمقته بنظرة ،،
    فنسي توبيخ أبيه له اليوم ، عندما عرف أنه جمَد سنته الدراسية،
    و نسي ( المطرقة ) التي هوتْ بها فتاته السابقة فأدمتْ رأسه و قلبه ، مطرقة و لا ككل الشواكيش.
    و نسي أنه دفع آخر ما يملك في فاتورة ( فطور ) دسم لشلة من البنات هذا الصباح ،
    و أنه ربما رجع لبيته مشيا على الأقدام.
    نسى كل شيء و ذاب في الصورة و اللحظة.
    كستْ روحه مسحة من الطمأنينة و الراحة ، و حطَتْ على وسادة من الأمان الداخلي ، و تمدَدتْ على تلة من رمال الأمل الذي يدغدغ كل ذرة في كيانه.
    قال لها : بصوت مرتجف ، و هو يخاف أن تصده :
    صباح الخير . كيف ............. ؟
    و لم تعرف هي عن ( كيفية ) ماذا يسألها.
    فقالت له و هي تطلق ضحكة كلها غنج و دلال : صباح النور
    فإنبثق نور من دواخله غمر كل إحساسه ،،
    و شعر أنه ( مخدَر ) تماما ، و أحس بحرارة تلسع نافوخه ،، فتصبب عرقا.
    جلسا سويا على المقعد الإسمنتي ، فأحس كأنه مقعد وثير.
    تحادثا طويلا ،، يتكلم دون إنقطاع.
    تعبث بيد حقيبتها و بالجوال الأنيق .
    و يعبث بمفتاح ( درج دولابه ) الذي يشاركه فيه أخوه الأصغر.
    تصلح من هندامها و من خصلاتها الشاردة على جبينها.
    ينظر إلى حذائه المليء بالغبار ، يرجع رجليه للوراء في محاولة لإخفاء جواربه المثقوبة من الجوانب.
    تبلل شفتيها بلسانها بين الفينة و الأخرى و كأنها غير واثقة من نداوتهما.
    يقضم أظافره حتى وصل ( اللحم الحى ).
    قالت أن أخاها سيحضر ليأخذها للبيت ( بالكامري ) ، و تريد أن تخبره بأن لا يأتي حتى يستطيع هو أن يقوم بتوصيلها.
    تحسس جيوبه التي ينعق فيهما البوم ،،
    قال كاذبا : عربيتي في الورشة
    قالت إنها عطشى .
    تجاهل طلبها ،، فهو يعلم أن صاحب البوفيه لن يعطيه ( قطرة ماء ) حتى يسدد ما عليه من ديون.
    إستعمل كل مهاراته الكلامية ،، و حديثه العذب في أن يجعلها تصرف النظر عن العطش و عن دعوتها إلى مطعم فاخر.
    قامت مستأذنة.
    قال : أشوفك تاني متين؟

    قالت : أنا كل يوم هنا
    في الغد ،، أتى و هو ينتعل حذاء صديقه بعد أن وعده بأنه سيمشي به على مهل ، و أنه سيتحاشى الإرتطام بالحجارة ،
    و سيتجنب كل المياة المدلوقة على قارعة الطريق
    .
    في جيبه تقبع بضع جنيهات تكفي لكوبين من العصير
    و ساندويتشين و جولة قصيرة ( بالركشة ).
    رآها تجلس في عربة فارهة بالقرب من شاب أنيق ، و رأسيهما قاب قوسين أو أدنى من الإلتحام.
    إقترب منها ،، ثم إنحنى كما جرسونات فندق خمسة نجوم و قال لها : صباح الخير ،، ممكن تنزلي نقعد هناك في محل أمبارح؟.
    نظرت إليه نظرة ملأته شكا و ريبة.
    قالت له : شنو قلة الذوق دي ،، مش شايفني قاعدة مع واحد و بتكلم معاه.
    ثم نظرتْ إليه نظرة ذات مغزى .
    نظرة تعني ( أمشي من هنا )
    فبهت الذي إنساق وراء أوهامه.
    فتحت باب السيارة و قالت له بصوت أحس فيه كل لؤم الدنيا : إنت عارف منو القاعد في العربية دة ؟ أنا و هو تقريبا مخطوبين.
    و لم يطرف لها جفن و هي تنتزع أحشاء أمله الوليد .
    فضحك ضحكة هستيرية لفتتْ إنتباه الجالسين و الجالسات .
    لم يأبه للذين يحملقون فيه.
    كرر ضحكاته بوتيرة تصاعدية ، و هو يتلفت وراءه كالمأخوذ .
    و مضى بعيدا و هو غير عابيء بحذاء صاحبه ،، ركل كل حجر صادفه ،،
    و ركل أرجل المقاعد الأسمنتية ،،
    و تعمد المشي على كل المياة المتناثرة هنا و هناك.
    و لعن أشياءا كثيرة في سره ... طالتْ أشياءاً و أناساً
    ...
                  

10-20-2010, 01:02 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: منتصرمحمد زكى)

    سعرات العم زيدان الحرارية


    (العم زيدان ) في ذلك الزمان الذي يرقد في ذاكرته كمخطوط قديم على رف في المتحف
    كان يمسك بزجاجة ( العرقي ) و يصب مقدار ( كوز موية ) في كأسِ زجاجية سميكة لها ( يد ملفوفة بقطعة من الخيش ) ..
    ثم يكرع محتوياتها على دفعتين و يمسح فمه بطرف ( كُم ) العراقي ، و يبدأ بصوت أجش في إلقاء مقاطع من الدوبيت ...
    عشاؤه كل ليلة صحن من القراصة معطونة ( سمن بلدي و كثير من السكر و الحليب البقري ) ..
    ثم يستيقظ مع الطيور ليباشر عمله في الحقل ، و ( يفك الريق ) بحفنة من التمر الجاف ترقد في جيب العراقي ، تسمع صوت التمر الجاف و هو يئن بين أسنانه و أضراسة ، و يلفظ ( النواة ) كما ( السفة ).
    وجبته النهارية الوحيدة أيضا ( قراصة ) تبللها قائمة غير طويلة من ( الإيدامات ) .
    كان هذا ديدنه لا يغير في برنامج روزنامته و لا يبدل.
    تقول نساء الحي أنهن ما أن يريْن زوجته ( مبروكة ) تجلس على ( الدكة ) الطينية أمام منزلها و هي تربط رأسها بطرحة ، فإنهن يتأكدن بأن ( زيدان ) قد مارس فحولته ليلتئذ ، فيلقين عليه التحية مقرونة بعبارات الدعابة : إن شاء الله محل ما يسري يـ ....
    يقول شقيقه ( حمزة ) بأن ( زيدان ) أتى للخرطوم بعد الموسم الزراعي و أبدى رغبته في مراجعة الطبيب.
    مالك يا ( زيدان ) ؟ ما تراكا ما شاء الله زي تور الساقية ؟
    فقال زيدان و هو يتحاشى الإفصاح : بدور أتأكد
    عند خروجهم من عيادة الدكتور قال ( زيدان ) و هو يتحاشى نظرات شقيقه :
    الحكاية ماشة ناقصة .. الله يستر
    وسط قهقهاته و سعاله قال شقيقه : إنت مُقاوْلِنّك على الشغلة دي .. يا زول قول الحمد لله.
                  

10-21-2010, 10:23 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    الواطة مبروكة عليك

    في إحدى القرى
    تنازع العمدة و مواطن في أحقية قطعة أرض زراعية خصبة
    و تطور النزاع حتى كاد يطال علاقات الناس مع بعضها البعض..
    فالبعض يقف مع المواطن سراً و لكن في العلن إما محايد أو صامت و أكثرهم في صف العمدة ....
    و إجتمع الأهالي لحل النزاع ..
    و رغم أن الأهالي كانوا على يقين تام بأن العمدة لا يملك ( شبراً واحداً ) في تلك الأرض و لا حق له حتى بالمرور على ترابها ، إلا أنهم ( وبَّخوا ) المواطن على تجرؤه على منازعة العمدة و أتهموه بالإعتداء على حقوقه و طالبوه بالقيام وسط كل الناس و الإعتراف بأحقية العمدة في كامل الأرض و التنازل عنها و الإعتذار عما سببه للعمدة من إزعاج ..
    (عينهم في فيل الظلم و يطعنوا في ضلو الضبلان.. )..
    فوقف الرجل وسط وجوم الناس .. شامخاً و لكن بإنكسار المغلوب على أمره ..
    وجم الناس ليروا ( عورة كرامتهم ) تُنْزع عنها ورقة التوت .. كل جريرته أن ( عورة الناس ) حق مشاع للعمدة و أمثاله و عليه هو و أمثاله أن يقوموا بتعريتها ( و حينئذ لا لوم عليه .. فالكل راضٍ ) .. العورة عورتنا و نحن أحرار فيها ..
    قام الرجل .. و الوجوم يخيم على الكل..
    العمدة ينتظر إعلان النصر في زهو و خيلاء منتفخ الأوداج ..
    وقف الرجل و إقترب من العمدة و قال بصوت واثق : توكلت على الله الحى القيوم ..
    ثم صفع العمدة بيده المخشوشنة التي إستهلكها إستصلاح تلك الأرض.. صفعة جعلتْ العمدة ينطرح على قفاه أرضا..ثم قال للعمدة : الأرض مبروكة عليك..
    ثم إنطلق لا يلوي على شيء ..
    الذهول ألجم ألسنة الناس للحظات .. قبل أن يعلنوا أن الرجل لا شك فقد عقله ..
    حاول بعض ( حارقي البخور ) أن ينالوا من الرجل .. و لكن العمدة منعهم .. فهو يعرف بأن الأرض التي نالها زورا و ظلما .. تستحق أكثر من صفعة ..
                  

10-21-2010, 05:51 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    شيخ بالصُدفة

    أرقو السير: سبعينيات القرن المنصرم

    قمت مع زملائي المعلمين بتلبية دعوة زواج إحدى طالباتي التي أصر خطيبها أن تقطع دراستها و تتزوج منه و تذهب معه للخرطوم حيث مقر عمله ،
    و قد كان
    و في الليلة السابقة لليلة الدخلة ، فاجأ العروس صداع حاد ،
    ثم فقدتْ النطق تماما و عجزتْ عن فتح عينيها.
    و إنقلب الفرح إلى بيت عزاء و مأتم و تقاطر الناس من كل أطراف القرية ،
    و عجز المساعد الطبي عن فعل شيء و نصح بنقلها إلى أقرب مستشفى ،
    و قال البعض أنه عين و لا بد من شيخ أو فكي ،
    و ذهبت أنا و بقية طاقم التدريس إلى منزل العروس لنجد طالبتنا ترقد و كأنها في غيبوبة ،
    و أمها و قريباتها يجلسن على الأرض يذرفن الدموع في صمت ،
    و العريس يدخل و يمرق و هو في حيرة من أمره.
    أحد المعلمين من الذين كانوا برفقتنا كان كان يترنح بفعل كاسين من الخمر في تلك الليلة و تردد كثيرا في الذهاب معنا لأنه كان سكرانا و (الريحة فايحة) ،
    و لكننا أقنعناه بالذهاب معنا و لكن بشرط أن يلتزم الصمت.
    و ما أن دخلنا ، و رأينا منظر تلك المسكينة تئن من ألم الصداع ، حتى رق قلب أستاذنا السكران فقد كان رقيق القلب و حنون و سريع البكاء،
    فتقدم نحو السرير مبعدا أيادينا التي إمتدت لتمنعه من التقدم خوفا من أن ( يطبظ و يلبخ ) ،
    إلا أنه جلس على الأرض و وضع يده على جبينها و راح في صمت يتمتم في صوت هامس وسط ضحكات مكتومة من مديرنا و بقية الزملاء.
    و خرجنا و نحن ندعو لها بالشفاء العاجل ،
    و لكن ما أن وصلنا لباب الحوش حتى إنطلقت زغرودة مجلجلة ، تبعتها زخات أخرى من غرفة العروس التي فتحت عينيها و قامت و أستفاقت و طلبت ماءا و طعاما.
    و بزغ نجم زميلنا السكير على أنه (زول إيدو لاحقة
    و نحن نقول (الما عارف يقول عدس.)
    صارت النساء يهرولن نحوه عندما يمشي في الشارع و يقبلن يديه ( وش و ضهر) ، و هو يسحبها على إستحياء متمتما : إستغفر الله.
    الحكاية إبتدأت تأخذ منحى آخر ،
    و لم نستطع تشويه سمعة الزول رغم أننا أكدنا للناس إنه حتى لا يؤدي الفرائض بإنتظام و أنه لا يحفظ سوى سورة الفاتحة و المعوذتين ،
    و أعتبر الناس أن تعليقاتنا عليه نوع من الغيرة ،
    و البعض عرض عليه مغادرة ميز العزابة و السكنى معهم ،
    و هنا طلب زولنا نقلا سريعا من القرية حتى لا يتورط في أمور تخرج عن إمكانياته في التخلص منها.
    و قبل أن تتم تلبية طلب نقليته ، حدث ما لم يكن في الحسبان ،
    فقد قام عقرب أسود اللون ممتليء سما ناقعا بلدغ إمرأة كانت تحلب الغنم عز الفجر ، فحملوها مسرعين إلى ميز المدرسين الذي إنقلب إلى مزار يقصده الناس حتى من القرى المجاورة للتبرك بشيخ الصدفة.
    فخرج لهم صاحبنا و عيونه حمرا و شرارة من سكرة الأمس و ما أن وضعوا المرأة أمامه على عنقريب الحبل ،
    توكل على الحى القيوم و إعتذر لهم بأنه لا يقدر على علاج لديغة العقرب فهذا ليس من إختصاصه و تخصصه و أن عليهم أن يأخذوها إلى الشفخانة بسرعة لأن المساعد الطبي لديه العلاج السريع ، و عندما أظهروا الزعل و لاموه ، قال لهم :
    هوى يا جماعة أسمعوني كويس ، و الله أنا لا فكي ولا حاجة ، أمبارح كاتح لى نص عرقي براى و حسع أنا بتكلم معاكم و بايتة معاى و حأفكها بي كاس حسع و أم فتفت.
    ثم ( إتْدشا ) و هو يمسح أسفل بطنه
    .
                  

10-22-2010, 02:16 AM

الفاتح يسن
<aالفاتح يسن
تاريخ التسجيل: 06-07-2003
مجموع المشاركات: 1060

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    يا سلام يا استاذ يامبدع
                  

10-22-2010, 08:09 AM

منتصرمحمد زكى
<aمنتصرمحمد زكى
تاريخ التسجيل: 11-04-2009
مجموع المشاركات: 4045

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: الفاتح يسن)


    ألا يوجد في سِفْر العشق في السودان غير قصة تاجوج ؟
    لا بد أن هناك قصصا كثيرة لم توثق ..
    و أشعار كثيرة لم تكتب ..
    و مواقف تفوق مجريات أحداث قيس و ليلى ..
    و تراجيديا أقسى من نهاية قصة روميو و جولييت ..
    هناك أكثر من جميل و بثينة ..
    و أكثر من كُثير عزة ..



    بلى يوجد .. لكن لايوجد قلم مثل قلمك
    يعكس تلك الوقائع بأسلوب جاذب ورصين
    لاسيما أن ثقافة التعتيم على التجارب الخاصة
    ومواراتها في أقصى ركن مظلم من الذاكرة حجب عنا
    الكثير من الروائع والتجارب الخاصة كان من شأنها
    رفد ساحة الآداب والفنون ( الرواية والدراما والمسرح ... الخ ) بقصص تضاهي ما ذكرت أعلاه ....
                  

10-22-2010, 11:29 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: الفاتح يسن)

    تحياتي إبن الخال

    كيفك يا الفاتح
    تحياتي للأسرة الكريمة

    مشكور على المرور البهي
                  

10-22-2010, 11:31 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    أخي منتصر

    سلام كبير و تحايا

    مشكور على المتابعة و على كلماتك التي تغريني بالمتابعة

    دمتم
                  

10-22-2010, 11:37 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    بيت البكا في كاليفورنيا

    إهداء إلى الزميل و الأخ الغالي ( ترهاقا ) أحمد ساطور و أم علاء



    أغسطس 1992م .. لوس أنجلوس .. كاليفورنيا

    يقدم رِجْلا و يؤخر أخرى أمام باب شقته في لوس أنجلوس ..
    مد يده ليفتح الباب ..
    تراجع عن الفكرة ..
    هل يتصل بها بالهاتف و يخبرها بالخبر المحزن ؟
    و لكنه قال لها أنه قادم للشقة ..
    رغم أنها سألته : ليه صوتك متغير ؟ في شنو ؟
    إلا أنه راوغها و قال أنه في الطريق ..
    وقْع الخبر لا زال يصك مسامعه .. ( البركة فيكم .. والد زوجتك توفى ) ..
    خبر الموت في الغربة له قرع الطبول الجوفاء ..
    ينزل عليك الخبر فيشل حركتك .. فتتنازعك عدة أحاسيس في آن واح ..
    الحزن القاتل على الميت و أنت بعيد عنه .. و منظر الباكين هناك من الأهل و الأحباب .. و منظر الميت و آخر لقاء لك به و كم هو مؤلم أن يموت لك أحد في الوطن و أنت بعيد عنه لم تره منذ زمن .. إنه الفراق الطويل الموغل في الطول .... و ثم أخيرا التفكير كيف تصل إليهم على جناح السرعة و هم في غمرة حزنهم لتعيش معهم هذا العزاء الكبير و تقاسمهم اللوعة و الحسرة ..

    كل هذه الخواطر جاشت في خاطره و هو يقف مترددا أمام باب شقته لا يعرف كيف يبلغها الخبر و هي التي كانت تتحدث عنه بالأمس القريب و كأن حاسة سادسة همستْ لها بأنه سيودع هذه الفانية على عجل ..

    توكل على ربه و دلف إلى الشقة كمن يهرب من المطر إلى المطر بأن يهرع إلى رذاذه فهو أمر لا محالة واقع ..
    عرفتْ بأن وراء الأكمة ما وراءها ..
    تجهم وجهها ..
    تعرفه تماما حينما يكون أمر يشغله ..
    تعرف صمته .. و تعرف حدود حزنه ..
    لذا فقد خمّنتْ بأن تجهمه يحمل خبرا جللا ..
    رمى إليها بالخبر و هو يشيح بوجهه بعيدا عن مواجهتها ( أبوك توفي في كسلا ) ...
    و لأن حزن نسائنا يخرج عند إبتدائه بزخم مزلزل كصوت هدير الرعد في ظلمة ليل بهيم ..
    و لأن حزن نسائنا يستدعي تحزيم البطون بأقرب ( طرحة أو توب ) ..
    و لأن حزن نسائنا يصيبهن بحرقة في البطون .. و يصيبهن في مقتل .. ينطلقن على سجيتهن في إرتجال حزين يعددن صفات الميت و صلاته الحميمة .. لا يتركن كرمه و مجاملاته و غضبه و حلمه .. و في غمرة الحزن يتساءلن عن مصير بقية الأسررة دونه حتى و إن كان قد ترك ثروة قارون وراءه لورثته ..
    إنه حزننا النبيل .. يتدفق كماء النيل في فورة عنفوانه
    ..

    و علا صوت أم علاء المفجوعة في الشقة التي لم تصمد جدرانها أمام هزة الحزن .. فسافر البكاء عبر الجدران إلى ممرات المبنى و الشقق المجاورة ..
    أحمد ساطور يعرف مغزى أن يسمع الأمريكان في المبنى إمرأة تصرخ كهذا صراخ ..
    و قبل أن ينتهي من خاطرته دق عليه أحد جيرانه الباب ..
    يعتقد بأن أبوعلاء يمارس عنفا منزليا بضرب زوجته ..
    سأله أكثر من جار What is going on man ???
    شرح لهم الموقف .. و لكنهم لم و لن يستوعبوا أن يكون حجم اللوعة بهذا الكم و الزخم من العويل ..

    سرعان ما تغلغل الحزن و سكن في الدواخل ...
    و كم من حزن يسكن دواخلنا .. لا يهب من رقدته إلا أن جاء حزن آخر يكسر صفحة بِرْكته الهادئة المستكينة إلى ذاك الحين ..
    أم علاء .. عذرا إن كنت قد هيجت بعض الذكرى .. و لكن الحزنُ بالحزنِ يُذكَرُ ..
                  

10-22-2010, 03:13 PM

عبد الرحمن حمد النيل

تاريخ التسجيل: 02-27-2009
مجموع المشاركات: 198

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    الاخ جلال تحية واحترام
    استميحك عذرا في نقل بعض ماكتبت
    وننتظر عودتك اخي جلال فلا تحرمنا من طلتك البهية ..
                  

10-23-2010, 12:56 PM

حفصه خالد المحرب
<aحفصه خالد المحرب
تاريخ التسجيل: 10-13-2010
مجموع المشاركات: 213

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: عبد الرحمن حمد النيل)

    عمو ابوجهينه لك اطريقه في السرد لا يعلى عليها
    اكملت قراءه جميع القصص دون طرفة عين واحده
    و اسلوك في الكتابه اكتر من رائـــــــــع
    وفي انتظار الباقــــي
                  

10-23-2010, 01:11 PM

منتصرمحمد زكى
<aمنتصرمحمد زكى
تاريخ التسجيل: 11-04-2009
مجموع المشاركات: 4045

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: حفصه خالد المحرب)

    خبر الموت في الغربة له قرع الطبول الجوفاء ..

    جربته ياصديقي في أمسية شتائية موغلة في الكآبة والظلمة

    ياالهي ما أقسى أحزان الغربة .......













    التعديل للتعديل

    (عدل بواسطة منتصرمحمد زكى on 10-23-2010, 01:49 PM)

                  

10-24-2010, 12:23 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: منتصرمحمد زكى)

    عزيزي منتصر

    خبر الموت في الغربة له قرع الطبول الجوفاء ..

    جربته ياصديقي في أمسية شتائية موغلة في الكآبة والظلمة

    ياالهي ما أقسى أحزان الغربة .......


    و أنا أيضا ذلكم المتجرع في ليلة شتوية و رمضانية
    عندما يأتي رمضان كل عام .. أحس [ان الأيام محاطة بين ضفتى الحزن و الذكرى

    دمتم
                  

10-24-2010, 12:20 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: حفصه خالد المحرب)

    حبابك بنيتنا حفصة

    تحية و سلام

    و مرورك أسعدني جدا
    مشكورة على المتابعة
                  

10-23-2010, 06:25 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: عبد الرحمن حمد النيل)

    عزيزي عبد الرحمن حمد النيل

    سلام كبير

    الاخ جلال تحية واحترام
    استميحك عذرا في نقل بعض ماكتبت


    إنت تأمر أمر ، و لك ما تريد


    وننتظر عودتك اخي جلال فلا تحرمنا من طلتك البهية ..

    حتما سآتي بحول الله
    بلغهم عني التحايا إلى حين لقاء
                  

10-24-2010, 12:40 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    الدودو


    زميل الدراسة ( التوم ) من أهلنا التعايشة ، وسيم القسمات ، حلو الإبتسامة .
    رحمه الله حيا و ميتا فقد إفترقنا بعد إمتحان الشهادة السودانية و لم نتقابل بعدها لحين كتابة هذه السطور.
    عشق التوم فتاة قبطية في أتبرا الغراء ، كانت تسكن بالقرب منا في حى (القيقر).
    يرمي خطاباته في ( جنينة ) منزلها ، و هي بدورها تضع له خطاباتها في شق بجدار منزلهم.
    غزل التوم في خطاباته للبنية القبطية كانت تضحكني ، فقد كان يكتب لها كلاما يسمعه في الأفلام المصرية التي كنا نشاهدها في الأفلام التي تُعرض في (السينما الوطنية) ، فيقول لها في خطاباته الملتهبة :
    حبيبتي سلوى ، لازم يجي اليوم و آخدك معاى (العزبة) و أشيلك على حصان أبيض مجنح و أبني ليك عشة في (غيط) أبويا العمدة ،و نخلي العزال يفلْفِلوا.

    فأقول له :دة شنو يا التوم ، وين عزبة أبوك دي الحتوديها ليها و وين غيط ابوك العمدة ؟ بعدين إنت لسع ما بتعرف تسوق العجلة كويس ، تقوم تطير بحصان مجنح ؟
    فيقول لي : إنت واحد من العزال.
    فأقول له مناكفا : عزال إيه يا التوم. أحسدك على سلوى بتاعتك دي الكلو وشها حبوب ، زى ما قال ليك صاحبنا هاشم ، وشها عامل زى تربيزة اللحام.
    سلوى هذه ، كانت تخدمهم إمرأة فلاتية كبيرة في السن ، الشر كان باديا في عينيها ، كنا نخافها كثيرا ، كانت لا تحب التوم بتاتا ، حيث كانت تراقبه عن كثب متابعة لا تفتر و لا تتعب، و كأنها كانت تعلم سر العلاقة بين سلوى و التوم ، و تتحين الفرصة لتنقض عليه.
    عصر يوم ، نقلت الفتاة للتوم خبر عدم وجود أسرتها بالبيت ، و أعطته موعدا ليقابلها في جنينة المنزل،
    فلبس التوم ( كل الذي في الدولاب ) و تعطر و سرح شعره بكمية من الدهان ، و ذهب للموعد المضروب مع ليلاه.
    و دخل التوم و لم يخرج. سألت عنه أحد الصبية فقال أنه رآه يدخل منزل ( ناس سلوى ) ، فلم أطمأن و خفت عليه من تلك الحيزبون ، فطرقت الباب ، ففتحت لي بوجه أشبه بوجه دراكيولا : عاوز شنو يا ولد ؟
    قلت و أنا أبلع ريقي : التوم هنا ؟
    قالت و هي تدفعني بعيدا في صدري : التوم أكلو الدودو.
    هرولت نحو منزل التوم و أخبرت والده ، و شرحت له القصة كلها و أنا ألهث ، فحمل الرجل عكازا غليدا ، و توجه معي ، تتبعنا جمهرة من الأطفال و هم ينشرون قصصا عن الدودو الذي إلتهم التوم عند الأقباط.
    طرقنا الباب ، فتحت الفلاتية الباب ، فأزاحها أبو التوم عن طريقه بكتف قانوني ، و دخلنا وراءه ، وجدنا التوم مربوطا من ساقه بحبل إلى شجرة تتوسط الحوش ، و أمامه طشت غسيل كبير ، و جبل من الملابس ينتظره ، و صفين من الغسيل منشور على حبلين و أيادي التوم أشبه بجلد سمكة منزوعة القشور.
    إنهال أبو التوم أولا على الفلاتية التي أطلقت ساقيها للريح يتبعها الصبية بالحجارة و الصراخ ، ثم إنهال على التوم و هو يقول له : إنت وكت تحب ، ما تحب شبهك يا المرمد.
    و من يومها أسميناه الدودو.
                  

10-24-2010, 07:57 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    خطوة في دروب الغربة

    هذا الباب .. طرقه الكثيرون .. البعض بقلب ثابت .. و البعض بقلب راجف .. و البعض و هم قلة هربوا من لحظة الوداع دون وداع .. فلهم و لكل أم ودعتْ إبنها ليغيب وراء شمس الوطن مخلفا وراءه ليلا حالك الظلمة و شوقا لا يطفيء فتيله إجترار الذكرى.

    وقف أمامها مثقل القلب ، لا يقوى على الكلام ..
    حاول أن يقول شيئا .. فلم تسعفه الكلمات ..
    فقط سمع كلمة ( يمة ) تخرج منه دون أن يكمل جملة مفيدة ..
    تردد بين إلغاء فكرة سفره و بين التشبث بالصبر و الثبات ..
    ( قلبي يقول لى سيب السفر ) ..
    خانته الشجاعة ، فلم يجرؤ على رفع بصره نحو أمه الواقفة لا حول لها و لا قوة منكسرة الخاطر يكاد الألم ينفر من بين جسمها النحيل ..
    ( عافية منك لله و الرسول يا حشاى .. )
    تقف و تعابير شتى تعتلج بين حناياها و كأنها تريد إختزال سنوات وليدها المغادر هذا في ومضة سريعة لتكفيها في أيام غيابه زادا يطعم جوع شوقها و لوعتها.
    ( ما تقْطع الجوابات ) .. قالتها بنبرة مهزوزة لا تكاد تسمعها حتى هي ..
    أما هو فقد إمتدتْ به اللحظة لتشمل كل سنوات حياته السابقة ، فوقف تأخذه رهبة الوداع ، يهم أن يقبل قدميها المعفرتين بالتراب. ( دعواتك لينا يُمَة ) ..
    أحس بحفيف ثوبها المغمور برائحة ( التكل ) يتدثره و هي ترفع يديها لتعانقه .. ( أنا ما عندي غيرَك .. خلي بالك من نفسك .. ربنا يحفظك و يعدل طريقك .. )
    إكتسى وجهها بحزن عميق و فاضت عيناها بدمع مدرار حجب عنها وجهه الحبيب ..
    أمسكتْ بوجهه تتفحصه من خلال دمعاتها و كأنها تخاف أن تنسى تضاريس ملامحه إنْ سافر عنها ،،
    تأملته و هي تئن أنينا مكتوما يفتت قلبها المرهق و المحزون بأحداث شتى.
    ( لو ما الظروف ما بخليك تفوت يا حشاى ) ..
    إحتبس البكاء في حلقه ، فأرتمى بين أحضانها المهتزة بنحيبها و تشنجها.
    لسعته حرارة دمعها ، فإنطلق يبكي بكاءا بدأ مكتوما ، سرعان ما تحول إلى نحيب و عويل أتى بالواقفين لوداعه خارج المنزل فحالوا بينهما و هي تردد : ( ربنا يردك لى سالم و غانم .. ) ..
    و عندما إبتلعه الطريق .. كأول خطوة في مشوار غربته مجهولة الأمد .. أحس بأن قلبه قد إنزلق إلى أخمص قدميه .. و رغما عنه .. عانق المجهول محاولا أن يسترضيه ليتعايش معه ..
                  

10-25-2010, 05:00 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    طموح ما بعده طموح


    كان صلاح يعيش في سعادة و وئام مع زوجته سعاد و أولاده في بيت الإيجار بالخرطوم.
    و الحالة و الحمد لله رضا ، و الأشياء معدن.
    و لكن بعض الزوجات يمددن أصابع اليد و (يطبزن عيونن براهن).

    فقد بدأت تزن في إذن زوجها :
    هي يا صلاح ، لمتين نقعد في بيت الإيجار ؟ مستقبل الأولاد ديل بعدين كيف ؟
    شوف ناس فلانة و علانة ، قوم إغترب يا صلاح عشان نبني لينا بيت
    .

    و كما هو معلوم فإن بعض ( الزن على الأذن ) أقوى من السحر. لذا فقد توكل صلاح على الحى القيوم ، و إغترب و هو غير مقتنع.

    وفقه الله في عمل ، و إستطاعت سعاد خلال سنة من عمله أن تشتري أرضا في منطقة عشوائية و تسورها و تزين السور باب من الحديد.

    و بعد سنة أرسل لسعاد بأنه سيأتي في الإجازة ، فردت عليه : إنت يا دوبك سنة مما سافرت ، أقعد ليك كمان سنة و بعدين تعال. أحسن تستفيد من إجازتك في الشغل ) أوفرتايم ) عشان نتم البيت.

    و بعد السنة التانية ، عاجلته سعاد بأن لا تأتي لأننا شرعنا في البناء و حق إجازتك رسلو لينا نستفيد منو في حاجة هنا. و أحسن تشتغل في الإجازة و تاخد حقها قروش.

    و إشترت سعاد قطعة أخرى.
    و هكذا إلى أن أكمل صلاح خمسة سنوات بالتمام و الكمال ، كانت فيها سعاد قد أكملت بناء البيت ذو الستمائة متر مربع و بدأت تفكر في مشاريع أخرى. و نسيت سعاد في غمرة النشوة بإنجاز أشياء كانت تقبع في أحلامها ، نسيت حقوق زوجها و أنه مشتاق لأولاده.

    و لكن كانت الأيام تخطط لكليهما أمرا آخر.

    خلال هذه السنوات ، كان صلاح يذهب كل يوم جمعه ليتغدى عند زميل دراسته أحمد الذي أتى محرما لشقيقته المعلمة. و توطدت العلاقة بينه و بين أحمد ،
    و لكن العلاقة كانت مع الأستاذة ذات نكهة أكثر حميمية ، فتزوجها على سنة الله و رسوله دون أن تدري سعاد. و عند أول إجازة صيفية ، إشترى صلاح بالإشتراك مع الأستاذة لوري نيسان ، و ذهبا سويا للمنزل الذي بنته سعاد و الذي أثثته أثاثا فاخرا.
    و بعد أن قامت الشكلة و العكة الكلامية و من ثم هدأت النفوس ، و الرضاء بقضاء الله و أمره المحتوم. طرأتْ مشكلة جديدة :
    سعاد تقول أن اللوري يتبع مخططاتها التوفيرية. و أن البيت من شقاها.
    و الأستاذة تقول أنها شريكة في اللوري ، و أن البيت لها فيه نصيب فهو من عرق زوجها ،
    أما صلاح فقد وقف محتارا يردد :
    يا جماعة أنا مت عشان تقسمو الورثة ؟، أنا حى يرزق. ملعون أبو اللوري و ملعون أبو البيت.

    بالنسبة لصلاح ، كانت الإجازة غير عادية ، فبالرغم أنه كان مشتاقا لأولاده و لسعاد ، و لكن نقة الزوجتين ، بالإضافة للحر الذي تضامن مع الضرتين ، قطع صلاح و الأستاذة الإجازة و عادا لحضن المكيف الصحراوي.
    أما سعاد ، فقد صارت تردد : براى السويتا بي إيدي. شلتها و قلعت بيها عيوني.
                  

10-26-2010, 04:53 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    تعمير أُم بنايةً قَش


    أضحكتني ( و شر البلية ما يضحك ) و آلمتني في نفس الوقت قصة المغترب الذي ظل يرسل كل ما يدخره من مال إلى أحد أقربائه بالسودان لبناء منزله .... و كلما سأله عن سير عملية البناء و مستوى ارتفاع السور عن الأرض ... يقول له قريبه : و الله الطوب بقى غالي عشان كدة ما اشتريناه.
    و أحيانا يأتي الرد : السيخ معدوم من السوق.
    و أحيانا : ما لاقين بنائين.
    و لما وصل المغترب نهاية حد الصبر سأل قريبه :
    البنيان بالضبط إرتفاعو وصل لحدي كم متر من الأرض ؟
    فقال قريبه : حوالى مترين أو مترين و نص.
    فقال المغترب و هو يبحث عن منفذ للخلاص : خلاص .. أسْقِف على كدة
    ..

    حكاوي المغتربين مع البنيان و السماسرة و الأراضي العشوائية طويلة و ذات شجون و أشجان.
    و الإعتماد على الأهل و الأصدقاء في البناء أو إدارة أي إستثمار قد تملأ كتبا ..

    في الثمانينات من القرن المنصرم ..
    اشترى عدد من الأشقاء المغتربين أرضا بركن من أركان العاصمة المثلثة في حى جديد عن طريق أحد السماسرة ..
    و السمسار هذا عرفوا طريقه عن طريق أحد الأقارب و الذي عرف طريق هذا السمسار عن طريق زميل له في العمل ( سلسلة طويلة تجعل الإمساك بطرف الخيط عند حدوث أي مشكلة كالبحث عن إبرة في كومة من القش أو كلعبة السلم و الثعبان ).
    ثم لظروف كثيرة أجبرتْ الأشقاء على عدم البدء في البناء و تركوا الأرض تدغدغ أحلامهم فمساحتها ستكفيهم الثلاثة.
    ثم كتبوا خطابا لوالدهم بالقرية بأن يذهب و يتفقد الأرض عند ذهابه للخرطوم.
    و بالفعل ..
    جاء والدهم للخرطوم ... منتفشاً كما الديك الرومي .. فأولاده أصبحوا من ملاك الأرض بالعاصمة المثلثة ...
    أخذ الوالد معه أحد الذين يعرفون المنطقة المعنية معرفة جيدة و ذهبا إلى حيث تقع الأرض ..
    و لكنهما لم يجدا أي أرض فضاء في المنطقة المعنية..
    كل الأراضي هنا مبنية و السكان يدخلون و يخرجون و الدكاكين في كل ناصية و الميادين يلعب فيها الأطفال و أعمدة الكهرباء تقف شامخة ...
    و بعد تدقيق و بحث توقفا عند القطعة حسب الرقم المكتوب على عقد البيع الإبتدائي عن طريق المحامي و السمسار .. فوجدا منزلا به شجرة ضخمة تزقزق عليها الطيور .. و البوابة عليها جير أبيض من الجهتين و ترحيب بالحاجة عند مقدمها الميمون من الحجاز ..
    الأب دخل في سراديب جديدة عليه ..
    نهاية اللهث وراء الشرطة و الأراضي و البحث عن السمسار و المحامي .. كانت لا شيء .. رجع خالي الوفاض. و هو يتمتم ( هو نحن شبه العاصمة ؟؟؟ )
    الشقيق الأكبر يعاني منذئذ من مرض السكر.
    و أحدهم رجع للقرية و استقر بها نهائياً و أقسم بألا يذهب للعاصمة المثلثة حتى و إن صارت ( سداسية الشكل ) ..
    و الأصغر .. قال أنه يتمنى أن يسمح له كفيله بالعمل بالسعودية حتى يموت و يدفن فيها
    .
                  

10-27-2010, 09:39 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    العسكرية في الدم


    أحد الأمراء الكبار طلب من مدير أعماله أن يعين غفيرا سودانيا على بوابة قصره الجديد و التي ستسكنه عروسه الجديدة.
    مدير الأعمال يحب السودانيين جدا ،،
    فقام بواسطة أحد السودانيين بتعيين ( واحد بلدياتنا كبير السن ) معروف بالصرامة و الجدية فقد كان جنديا بالجيش.
    و قال له مدير الأعمال : لا يدخل القصر أحد حتى آمرك بالسماح له بالدخول.
    زولنا وضع هذا الكلام (حلق في أضانو).
    مساء اليوم التالي
    جاء الأمير مع السائق لقصر عروسه ، القصر المحروس من زولنا الكلس.
    جاء الأمير دون علم مدير الأعمال ،،
    أطلق السائق البوري فأطل زولنا من شباك صغير و قال و هو عابس الوجه مقطب الجبين : نعم ،، بتضرب بوري مالك ؟
    فنزل السائق و قال له بصوت خفيض : دة الأمير فلان صاحب القصر ،
    و القاعدة جوة زوجته الجديدة. أفتح الباب قبل ما تخرب بيتنا و بيتك
    .
    فقال الزول : و الله لو أهلو كلهم جوة ما يخش ،، إلا المدير يكلمني شخصيا.
    هنا أحس الأمير بالجدل الدائر بين الإثنين ،، فنادى السائق ، و فهم منه ما يحدث ،، فإتصل من هاتف السيارة على المدير الذي أتى مهرولا ببيجامة النوم. و تم إحتواء الأمر.
    في الصباح نادى الأمير زولنا و قال له : الحين عرفتني ؟
    أيوة يا طويل العمر و أنا متأسف.
    لا ما تتأسف ، إنت زول تمام ، و عشان كدة أنا زودت راتبك.
    و لا زال زولنا يقف منتصبا عند البوابة رغم سنواته التي تعدتْ الستين خريفا ، يدفع الزكاة و و يجدد البزبورت و يحسب الأيام بالتاريخ الميلادي مستعجلا الإجازة ليرى رفيقة دربه و أولاده و أحفاده ،، و يحسب الأيام بالهجري ليستلم راتبه و ينطلق لسماسرة التحويلات لإرسال المصاريف الشهرية.

    (عدل بواسطة ابو جهينة on 10-29-2010, 11:27 AM)

                  

10-27-2010, 10:38 PM

عمران حسن صالح
<aعمران حسن صالح
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 10159

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    يا ريس الكلام ده ان شاء الله لاميهو في حتة واحدة مطبوعة نجي نشيل نسختنا
    ممتع اكتر تكون متكي وبتقرأ بدل شاشة الكمبيوتر دي
                  

11-01-2010, 08:32 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: عمران حسن صالح)

    أبو محمد المريخابي

    أطبع يا زول ، قلنا نلم لغاية نهاية الربع دة من السنة

    دمتم
                  

11-01-2010, 08:36 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    النوم النوم .. بكريك بالدوم


    حكى لي أحد الزملاء المغتربين و الذي لم تكن أسرته معه في الغربة.
    يقول أنه عاد في إجازة الصيف و ذهب لأسرته بقريته .
    و في تلك الليلة القمرية الجميلة ، حيث تمتلىء ضفاف النفس بالمشاعر التي تدغدغ الكيان ،
    قبع ( عنقريبه ) في الطرف و عنقريب زوجته في الوسط أما إبنه ذي الخمس سنوات فوضعوا عنقريبه في الطرف الآخر .
    و الهمبريب يداعب أطراف ( الملاية ) فتخفق بصوت له إيقاع يدعو إلى النوم.
    زولنا ، يتونس مع المدام و يتاوق من مرة لأخرى للولد ليتأكد من نومه حتى يتمادى قليلا أكثر من ( الونسة الدقاقة ) .
    و لكن في كل مرة يجد أن إبنه و هو مستلق على قفاه يداعب أصابعه مرة و تارة يتحدث إلى شخص مجهول ، و تارة ينظر إلى القمر من خلال فرجة بين أصابعه.
    و عندما يئس زولنا من نوم الولد ، إنتهره قائلا : لو ما نمت بكرة ما حأوديك معاى نتفسح بالمركب ، حأخليك و أمشي بدري.
    فإنقلب الولد على جنبه الأيمن و خلد إلى سكون أشبه بالنوم.
    و عندما تأبط زولنا شرا و ناخ بكلكله ،
    قال الولد و هو لا يزال ينظر للجهة الأخرى : إنت برضو ما تنوم يا بوى ، بكرة مش قلت حتقوم بدري ؟
    فبهت الذي كان قد كشر عن أنيابه و زمجر زمجرة أسد جريح و قرأ المعوذتين و سبح في ظلمات النوم و هو كظيم.
                  

11-01-2010, 08:37 PM

خالد المحرب
<aخالد المحرب
تاريخ التسجيل: 01-14-2007
مجموع المشاركات: 5705

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    الريس السلام عليكم
    كلام فى منتهى الجمال ياريت تزودنا منه حتى نقرا فى اوقات الفرتغ
    وبالذات انا فى الخلا والصى مرات محتاج لى هيك حاجات
    تحياتى لك
                  

11-01-2010, 09:05 PM

منتصرمحمد زكى
<aمنتصرمحمد زكى
تاريخ التسجيل: 11-04-2009
مجموع المشاركات: 4045

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: خالد المحرب)

    أستاذ جلال
    متابعة واعجاب

    كل شخص يمر من هنا سيجد نفسه في احدى
    ردهات البانوراما وسيختار اللون الذي
    يجسد تجربته ويطابق فصل من فصول حياته ...
                  

11-07-2010, 07:09 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: منتصرمحمد زكى)

    تحياتي منتصر
    سعيد بمتابعتك
                  

11-07-2010, 07:14 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    روسية في الحلة


    تعرج بي الذاكرة ، لزميل الدراسة و رفيق الصبا أبو القاسم ، عندما عاد من روسيا بشهادة الماجستير في الهندسة ، و معه زوجته الروسية ( ناتاشا ) و التي كانت أمه تناديها ( يا نتَاشة ). ففي إعتقادها الجازم أن الروسية ( نَتَشَتْ) إبنها منها.
    الروسية كانت من نوع فريد ، فقد كانت معجبة أيما إعجاب بالشعب السوداني ،
    و خاصة عاداتنا السودانية عند النساء ، و كل ما يخص التجميل عند نسائنا ، إبتداءا من الحنة و إنتهاءاً بحفرة الدخان و توابعها. لكنها لم تستسغ الكركار.
    يقول أبو القاسم أنه لما تزوجها في مدينة ( كييف ) الروسية ، إجتمع نفر قليل من السودانيين ، و بينهم فتاة سودانية ، أطلقت زغرودة من نوع ( صفارة الإسعاف ) فجفلت العروس و صديقاتها الروسيات و هربن إلى خارج الشقة ، و ظنوا أن الهنود الحمر قد غزوا روسيا.
    فيما بعد أفهموها و صويحباتها بأن هذه صيحة سودانية بحتة تعبر عن فرح و بهجة عارمة.

    أول يوم جربتْ فيه ناتشا الزغرودة كان في باص أبو رجيلة الذي أصرت على إستعماله كنوع من التراث الشعبي السوداني. يومها أبو القاسم كان قد نسي كل فلوسه في البيت و كان موقفا محرجا شاركته فيه ناتاشا ، و لكن بأريحية سودانية دفع أحدهم حق التذكرتين فما كان من ناتاشا إلا أن أطلقت زغرودة تردد صداها بين جنبات الباص ، فقال إحدي الجنوبيات :
    دة سنو دة ، الكواجات كمان إندهم جن كلكلي ، دة حقو ودوهو مستشفى توالي .
    نزل بها أبو القاسم قبل أن يصل وجهته.
    دة كلو كوم ، و يوم أن سمعت الثكلي عند موت عمة أبو القاسم ، لأول مرة تســـمع كلمة ( و ووووب علي ) ، فأعجبتها الكلمة و سألت أبو القاسم فأفهمها أن الجملة تعني بأن التي تقول تلك الكلمة تقوله كناية عن ألمها لفقد عزيز و أن مصابها كبير.
    تلك الليلة كانت ناتاشا تعمل بروفة طوال الليل( : ووووب ألِيْ ... ) و هي تخبط على رأسها و تتحزم بعِمة أبو القاسم.
    ذلك الصباح ، أبو القاسم خرج في مشوار ، و جاءهم خبر موت (الحاج صديق) صاحب الدكان في ناصية بيت أبو القاســم و هو من أهل الجزيرة ، و جاء الناس من كل صوب و حدب و من الجزيرة ، و المفاجأة كانت في فزعة ناتاشا ، فقد كانت متحزمة بي توب جيران و تردح نص النسوان :

    ووووب ألى يا سِدّيق
                  

11-22-2010, 06:30 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    قرد شليق


    الطريق من قريتي الحبيبة في أقصى الشمال حتى دنقلا .. بالرغم من أنه غير طويل إلا أنه طريق في منتهى الوعورة و رماله كثيفة بحيث لا يمكن أن يتوقف اللوري فيه دون أن يغطس و (يتوكر) بلساتكه الأربع ..
    و كنا نتربع على اللوري فوق شوالات البلح.. و لاحظوا هنا أن الشحنة أساسا هي شوالات البلح و هو مصدر رزق أهلنا هناك و جالب العملة الصعبة لهم ، لذا نحن نتكوم ( فوق الشيلة ) تكملة عدد فقط ..
    و البضاعة على مسئولية السواق و المساعدين .. و الركاب على مسئولية أنفسهم و ذويهم ..
    توكلنا على الحى القيوم في عز البرد القارس و جلسنا القرفصاء على شوالات البلح نتشح بالبطاطين و الشالات نلوك تمرا جافا ،
    و تحرك اللوري .. و جلس بجانبي رجل يحتضن ( جالونا من العرقي ) يحتسي منه بكوز قديم ( مُصَدِي ) .. و كان سائق اللوري يربط ( قردا من نوع الشمبانزي كنوع من التسلية للركاب ) بسلسلة طويلة يتحاوم بها بين الركاب و أحيانا يرابض أسفل اللوري عند السلم الخلفي و يقفز تارة بين الركاب ليعود مرة أخرى لمخبئه ،،
    و ما أن دخلنا العتمور حتى صعد القرد إلينا و أظنه قد أحس بالبرد و بلسعات ذرات الرمال ، و ظل يرمق الرجل إياه بعين الإرتياب تارة و تارة ينظر للكوز و هو يروح جيئة و ذهابا لفم الرجل ،، و درءا لشره و نزواته المباغتة ناوله الرجل الكوز مليئا بالمنكر بكل حذر، فأمسك القرد بالكوز و ( قرطع ) الكوز دون أن يرمش له جفن و رمى بالكوز على الارض من على اللوري ، فتمتم الرجل ( أنا عشان عارف غتاتَك دي مليت ليك الكوز )
    ثم عاجله بسفة صعوط ماكنة ، دردمها و أعطاها للقرد الذي أخذها و إبتلعها دون تردد و دون مضغ ،، فإزدادت عيناه إحمرارا و قطب ما بين حاجبيه و أنيابه بارزة دون إبتسامة و صار ينقل بصره بيني و بين الرجل ،، ثم ركز نظره على الرجل بتحفز غريب ، ثم بحركة خاطفة و صرخة كصرخة أبطال الجودو قام بخطف بطانية الرجل و نزل إلى مقره الدائم بالأسفل عند السلم في مؤخرة اللوري .. فصاح الرجل بالمساعدين ( أنتو شايلين معاكم ركاب ما معاهم بطاطين لي شنو ؟ ) .. و لم يظهر القرد طوال الليل ..
    فقال الرجل بسخريته المعهودة و هو يضحك ضحكة خبيثة : القرد دة يا سكران و نايم .. يا قاعد يخطط لى في حاجة زى وشيهو ..

    و في الصباح .. و عند قهوة ( ود باهي ) كان القرد ميتا و متدليا من سلسلته بعد أن إستفرغ و أسهل و إرتطم رأسه بالأرض و سحبه اللوري كل هذه المسافة حتى إنسلخ جلد رأسه .. فقلت للرجل : ( حرام عليك كدة ) فقال ساخرا : وكت ما بيستحمل الشراب .. كابي الكوز كلو مالو ؟
                  

12-08-2010, 11:18 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    لله في خلقه شئون


    أتبرا ..سبعينيات القرن المنصرم
    أوْكَل إلىَّ عمي ( و هو أخ غير شقيق لوالدي فأمه جعلية من بربر كنا نحبها كثيرارحمها الله ) ..
    أوكل إلى كل مهام مراسم زواج إبنته ..
    فأشار إلى أحدهم بأن أستعين بطباخ معروف لزوم العشاء ( أيامها كان الكوكتيل جديدا على الناس و لا يحبذونه كثيرا حيث أن الضلعة كانت سيدة الموائد بلا منازع ) ..
    فوجئت بأن الرجل من نوع ( الجنس الثالث ) بمصطلحات اليوم ..
    أما زمان فكان يطلق عليهم إسم ( ما راكب عدلو ).
    جاء الرجل و أصابعه تزينها خواتم بفصوص حمراء و أخرى بجنيه الـ ( جورج )..
    يرفع طرفا من جلابيته السكروتة .. و طاقيته الحمراء المغزولة بالحرير تقبع على الجزء الأيسر من رأسه و رائحة عطر نسائي تسبقه .. و قطعة من لبان ( اللادي ) تطرقع بصوت مسموع و كأنه يُوُدِع اللبانة كل غيظه المكبوت على نوعه ال ( بين بين ) ..
    و سِنّة ذهبية تبرق بين الحين و الآخر يحرص هو أن يجعل الضحكة تميل على جهة سنته الذهبية لزوم إظهار ما بطن من زينته ..
    يحمل ( حقة ) صعوط ماكنة مصنوعة من الفضة الخالصة ..
    قطع وجومي بأن قال و هو يلوح بيده كأنه يزيح و يفتح ستارة : إسمع هوووووووى ... ما في مَرَة تجي عند كوانيني و حللي .. الأولو شرط آخرو لمبة ..
    ثم ضحك ضحكة متغنجة تفوق دلال المتعجرمة نانسي .. و ضربني بيد ثقيلة ( كالمرزبة ) على صدري جعلتني أسعل بفعل دخان سجاير البرنجي و القمشة المترسب في صدري ..
    ثم خلع جلبابه الهزاز و وقف بعراقي مصنوع من قماش ( العمم .. توتال سويسري ) و سروال بتكة حمراء مبرومة كما رسن ناقة تحمل هودج عروس ..
    جهزت النساء له البصل و البهارات ..
    و قرّبْن له اللحوم و الزيوت ..
    ظللت أرصد عمله ..
    يتنقل من كانون إلى كانون ..
    و من حلة إلى أخرى ..
    و الغريب في الأمر .. أنه كان يتجرع ( العرقي ) بل ( يبوزه ) رأسا من الزجاجة التي كان يلفها بجريدة قديمة و يبللها بالماء لزوم التبريد الذاتي..
    ظلت يداه نظيفتان و كأنه لم يمس حلة أو يهز كانونا ..
    يعبث و يتمايل و يزغرد و يغني ..
    و لكن ما أن يلتفت إلى الحلل حتى تلف وجهه جدية و صرامة ..
    سرعان ما تتبدل إلى ضلالها القديم .. فيعاود نزقه .
    لم يترنح الرجل ..
    كانت عيناه تزدادان إحمرارا فقط .. و هو يتذوق طبخ يديه ..
    و يتغنى بأغاني البنات .. ثم يطلق زغرودة طويلة تأتي بالنساء للفرجة عليه ..
    ثم يتقدم أحيانا و يبادلهن ( شبالا بشبال ) و هو يتمايل تمايل هندرستم في فيلم ( صراع على النيل ) .. و يتناول زجاجته و يرشفها رضْعا ..
    وقفتْ النساء يتاوقن للرجل و هو يؤدي هذه اللوحة بتجانس أنثوي رغم أنه رجل أو بالأصح محسوب على الرجال ..
    لوحة يمتزج فيها إتقان العمل مع تعبئة المزاج بالكحول و محاكاة النساء و سرقة قفازاتهن أمام أعينهن وضح النهار ..
    لم تتجرأ أي إمرأة بالتقدم ( لتغرف ) من طبخه الذي إتضح أنه يضاهي طبخ أكثر النساء إتقانا للطبخ.
    فقد تعودتْ النساء دائما أن يختلسن بعض الطعام إلى بيوتهن من بيت الوليمة لأزواجهن و أولادهن لأنه لم يقمن بالطبخ يومها بحجة أنهن مشغولات في مجاملة أهل المناسبة ..
    في ذاك المساء ..
    إرتفع الغبار لعنان السماء في حلبة الغناء و الرقص ..
    و توسط صاحبنا الحلبة .. و فاق النساء في الرقص و الزغاريد ..
    بطاقة يحسد عليها ..
    لم يكل و لم يمل ..
    كان آخر من يغادر الحفل ..
    بنفس حيويته التي أتى بها
    ..
                  

12-08-2010, 11:23 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22456

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: زمن أولاد نَبْرة ( بانوراما بألوان الطيف ) (Re: ابو جهينة)

    و كمان أعور


    إخواننا المصريين ، أطلقوا علينا إسم البرابرة ، إنطلاقا من مفهوم معين.
    فقد قام الملك فاروق بتعيين السودانيين في مصر و خاصة النوبة في سلاح الهجانة ، يركبون على الجمال و هم يجرون بالأرض سيطان العنج ، كانوا يحرسون حدود الدولة ، و إن حدث أي هرج أو مرج في القاهرة يطلبهم الملك فاروق فينزلون وسط الدارة و يلهبون ظهور أولاد بمبة بهذه السياط و التي لا يتحملونها. فأطلقوا علينا هذا الإسم تشبيها لنا بالقبائل الهمجية البربرية.
    المهم إنو واحد من البرابرة ، عاش في تلك الحقبة تاجرا ميسور الحال في أم الدنيا ، و كان بعين واحدة ( المتشاءم يقول له أعور ، أما المتفاءل فيقول أنه بعين واحدة
    ففكر أن ( يلَغْوِس ) شوية في حياته ، و يعمل تحلية و يتزوج مصرية ( تجعل حياته في الغربة طرية و لينة ). فتزوج واحدة من باب اللوق ، و عاش مبسوطا مفتول الشاربين منفرج الشفتين ، يدخل عليها كل يوم و هو يحمل أكياس الفاكهة و اللحمة البتلو ، و البسبوسة ، و دامت حاله هنية و رضية ، إلا أن دوام الحال من المحال ، فأفلس ، و صار يدخل يوميا على زوجته خالي الوفاض ، فتسأله زوجته و هي تزم شفتيها ( ها ... ما لقيتش شغلة ولا مشغلة ؟ ).
    فيقول و هو كسير العين ( لا ). و إستمر الوضع لبضعة أسابيع ،
    و في يوم فتحت له الباب بحيث ظهر وجهها و صدرها فقط و قالت له : ها ، مافيش جديد ؟
    فقال : لا
    فقالت و هي تخبط على صدرها : يا لهوي ... و كمان أعور ؟؟؟؟؟؟
    و تطايرت ملابسه و حاجياته من البلكونة ، قطعة قطعة ، يلتقطها و عينه الوحيدة تذرف دمعا غزيرا.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de