|
|
 أفيغدور ليبرمان السوداني..ردا على كرتي ....بقلم الطيب حاج مكي
|
أفيغدور ليبرمان السوداني
بقلم الاستاذ/الطيب حاج مكي
(يجب أن تفكر في كل شيء، لكن لا تقل كل ما تفكر فيه) نصيحة قال بها الروائي الكولمبي غابرييل غارسيا ماركيز. لكن من يقنع وزير خارجية السودان بصواب ما يقول ماركيز؟ الرجل يوزع الشتائم مجانا على أهل الداخل والخارج، بينما بيته من زجاج وهو لا يفرق بين السؤال والسعار والسعال؟ لغة وزراء الخارجية يدوزنونها ببيض النمل، لأنها تعكس إن كان المرء بشرا سوياً أو أنه يعيش مرحلة ما قبل الآدمية. ولولا اللغة لما صار الناس بشرا ولما تواصلوا ولكانوا دواباً تنعق بما لا تسمع إلا دعاء ونداء.
وعلى أي حال نحن أمام ظاهرة وزير خارجية يشكل من أكثر من وجهة نظر استثناءً. ولكن كل استثناء لا يمنع القانون الفيزيائي من العمل فلكل فعل رد فعل ولكل تحية رد. و(شتائم)وزير خارجية الإنقاذ بحجم إسفافها تبرر رد التحية بأحسن منها. ولو أن ذلك سيؤجج التوتر الداخلي مما سيصيب الزجاج السوداني بشروخ لا يحتاجها. ولهذا العاقل من يستدرك بأن هذا الوزير لا يحسن إلا هذا النوع من الكلام الشين. لدرجة لا يبزه فيه إلا إفيغدور ليبرمان وزير خارجية إسرائيل حارس المواخير الشهير. أنظروا لاعتذاره لصحيفة الخرطوم: (لم أرد أن أسيء لأحد.. ولكن كنت آخر الذين اقتنعوا بأن هذه الأحزاب ليست في مستوى ما نظن أنها يمكن أن تكون مؤهلة للقيام به، وإن كانت هذه الكلمات هي أول تعبير أقوم به، فإنني(أستغفر الله في تحريك القبور.) الخرطوم 5/10/2010م. والحال هذه اعتذار الرجل أسوأ مما شتم به. مع ذلك لا يقول المرء بكل ما يفكر فيه. إذ العمل بالقاعدة الذهبية بضدها تتبين الأشياء هي الخيار الأصوب. لاعجب إن التزمت بنصيحة ماركيز ما أمكن احتراما للذات والتزاما بالتوجيه القرآني الذي يأمر بالترفع عن الكلام "الشين" والإبتعاد عن الإسفاف وأساليب التقبيح والغرْف من سلال لغة السفه والسفهاء.
وإذا كان لهذا التوجه نصيب من صحة، فإن وصف الوزير كرتي للسيدين الصادق ومحمد عثمان (بالسجم) ، يكون أقرب للانطباق عليه من المشتومين. مما يصنف شتائم كرتي في خانة (ما لا لزوم له).
وما لا لزوم له لا يستحق التعليق، ولكن للرأي العام السوداني حق في معرفة ما يجلبه هذا السلوك من خسائر لبلدنا. فضلا عن تناقضه مع توجهات نائب البشير السيد علي محمد طه 4/10 الذي ناشد الصف الوطني بالعمل سويا للعبور بالبلد إلى مستقبل أفضل ويصادم كلام السيد البشير نفسه(3/10). ولكن مناقضة التوجهات الأعلى أمر طبيعي في سودان الإنقاذ وإلا لكف الوزير عن عنفه اللفظي . وهذا ما يطرح تساؤلا حول ما إذا كان للنظام هدف واحد. فقد استهل السيد كرتي دخوله الوزارة (الهاملة)بهجاء مصر في وقت كانت الإنقاذ تمد يد الاستجداءلانتشالها. وترتب على هجاء مصر إشهار (الكروت)في وجهنا، وخلق أزمة حادة بين القاهرة والخرطوم لم تكن تحتاجها الإنقاذ. ولمعالجتها تطلب تقديم اعتذارات وتوضيحات واستجداءات بعضها مذل، ولملمة أزمة افتعلها وزير(الدفاع الشعبي وبطل ساحات الفدا). طبعا نمتنع عن إيراد ألقابه مع الأسمنت وتجارة المواشي!!
(بعدين) ما لبثنا أن أدخل علاقاتنا مع ليبيا في أزمة جديدة، إثر تعريضه بالقيادة الليبية وكان رد الفعل الليبي على الطريقة الليبية المعروفة، مما اضطرت معه الإنقاذ ، إرسال كتيبة مطافيء لإخماد (الثورة الليبية).
وفي حلقة (موسعة ومنقحة)وإضافية التفت السيد(كرتي) إلى الجوار الجنوبي للسودان حيث تناول يوغندا بما تستحق وما لا تستحق، ومن جانبها ردت باستضافة حركة العدل والمساواة وفتحت لها المعسكرات. لم يكن عنده من رد عليها إلا بالمزيد من الكلام المجاني. ثم التفت إلى (صقع) الأرض يهاجم فيها الأمريكان ويستصحب معهم كل ما خطر بباله(4/10/2010م).
وهاهو وفي خطوة(مباركة)يتناول قادة سودانيين موقرين كفوا عن المعارضة الخشنة للنظام. وحين يرد عليه لا يقبل.. إنه يريد أن يدخل يده في (جحر الدابي) ولا يتوقع لدغة. والمدهش أنه يخير الأحزاب بين الانخراط في صفوف الإنقاذ أو هي في (الغابة). هذه مقاربة غير موفقة اللهم إلا إن كانت مهمة الوزير تعكير علاقات الجوار وتأزيم الجبهة الداخلية. إن أي عاقل لابد أن يكلف نفسه السؤال: هل تحتاج الجبهة الداخلية السودانية لتأزيم أكثر مما هي فيه؟ وعلى أي حال هذا هو سجل السيد علي كرتي في وزارة الخارجية السودانية الأزمة تتناسل تأزيم. إنه دور (ممثل) مشاغب في مسرحية لا تلتزم بأبعاد ومعاني العرض المسرحي ولا بما يتطلبه من احترام للمتلقي ولخطة(المخرج) ومقتضى المقام والمقال.
منذ بشير البكري رحمه الله اشتهرت الخارجية السودانية بدبلوماسية متميزة بمهنيتها ونفترض أنها وضعت(خطة) للوزير ولقنته آبجديات الكلام وأساسيات مهام وزراء الخارجية في الدول المحترمة. ولعل أبسط مقومات تلك (الخطة) تجسيد اللياقة في الكلام واللباقة في الرد والاستدراك وتلإعتذار ومراعاة ما يقتضيه المقام والمقال.
لكننا في زمن خفتت فيه المهنية خفوت العقل، مما جعل أولويات وزارة خارجية السودان إساءة الجيران، وتأزيم العلاقات السياسية مع الداخل الحزبي مع كامل الإهمال لتحسين صورة السودان وتحصين العلاقات مع محيطه. بالطبع ندرك أن الوزير يمكن أن يخطيء عن حسن نية أو سوء تقدير في علاقات السودان الخارجية بل وفي علاقات حزبه مع قادة أحزاب آخرين، ولكن هناك دائما فرق هائل بين الخطأ العفوي وبين الخطيئة الناتجة عن سابق تصور وتصميم وعمد وعن استمرار في الخطيئة لتأكيدها بل وتمضية العمر كله في الخطيئة والشتيمة. ولهذا ما يقوم به وزير خارجية الإنقاذ ليس عملا مهنيا ودبلوماسيا إنه عمل قمئ يفعل شيئا وحيداً هو ترك الروائح الكريهة التي تشير لمصدرها.
وفي المحصلة يمارس وزير خارجية الإنقاذ كل ما يلغي مضمون العمل الدبلوماسي ويزدريه وسيترتب على ذلك دفع أثمان غالية من استقرارنا ووحدتنا ونمونا الاقتصادي وعلاقات بلدنا بجيرانها. إن وزراء الخارجية في الدول الناجحة يأتون بمشاريع ورؤى يكون لها تأثيرها غلإيجابي على بلدانهم وعلى الإقليم كتلك التي جاء بها وزير خارجية تركيا. وأتى كرتي بنهج أسميه نهج( ما لا لزوم له) وهو نهج غير أنه عبثي، شعبوي وموغل في السذاجة والديماجوجية. وفي الحقيقة هذا النهج له مسبباته ويمكن تفسيره. الوزير كرتي أصيب بوضع نفسي فقد فيه وجوده. فأمريكا تعاملت معه كمنبوذ وتعامل معه المجتمع الدولي كشخص غير معترف به. وهذا وضع نفسي يدفع صاحبه لارتكاب جريمة لكي يثبت أنه موجود ومعترف به. ولهذا حاول السيد الوزير جذب الأضواء كوسيلة لإثبات أنه (وزير) في دولة ذات سيادة. إن هذه الحالة النفسية سببها فشل زيارة الوزير ومن معه لواشنطون. فعندما ذهب كرتي للولايات المتحدة الأمريكية كانت توقعاته عالية فقد اعتقد أن كلام غريشن هو كلام (الجماعة) في الكونغرس، وليس لعبة(أمم) وهكذا فوجئ بالأمريكان يرفضون أي(مساومة) وأي (بيع). وعندما فشلت التوقعات انعكست وضعا نفسيا صعباً وخصوصا إثر تحريض سوزان رايس المجتمع الدولي وخصوصا في التلويح بالمطلوبين دوليا وضرورة إجراء استفتاء جنوب السودان في موعده.
لهذا من يصح الاستنتاج من يصبح منبوذا من المجتمع الدولي تخيب آماله وسيتصرف كما لو أنه يهوذا الاسخربوطي. ولسوء حظ الوزير وهو في تلك الحال وجد نفسه أمام جمهور سوداني ساخط على الإنقاذ ومعظمه خرج من السودان فارا بجلده ولهذا من الطبيعي أن يقرر(وزير الخارجية) الهمام التضحية بكل حسابات المنطق ومعاير العقل واحترام الذات والمقام، وينخرط في التعريض بموقعه ومقام الدبلوماسية وتاليا بالسيد الصادق والسيد محمد عثمان الميرغني. لكن الجمهور انفض عن المسرح وكأنه يقول يا لبؤس الطلب فأن الشتيمة كانت في(ما لا لزوم له). ولم تجلب أي صيحة إعجاب أو تصفيق. وهكذا تلاشى وجود الوزير لدرجة العدم. ولو سألني قبل إجراء المقابلة مع جريدة الخرطوم، لنصحته باستلاف الحكمة من لورنس العرب الذي أورد قصة حدثت له في الحرب العالمية الأولى. يقول لورنس أنه عندما وصل لمدينة العقبة الأردنية. وجد بها حامية تركية متهالكة استسلم له جنودها . لكن بعد استسلام جنود الحامية فوجئ لورنس بأحد ضباطه وقد أطلق النار على الجنود المستسلمين وقتلهم. عندها قال لورنس(إن أسوأ الأمور في التاريخ هي التي لا لزوم لها). ولهذا السؤال الذي يطرح نفسه ما لزوم ما قال كرتي؟ وما الذي استفاده من شتم السيدين الصادق ومحمد عثمان؟ لم تكن ثمة فائدة بل لم تكن ضرورة لمهاجمة قادة السودان. إن لم يكن لأسباب سياسية فلأننا في حاجة لجمع الصف الوطني كله لمواجهة المخاطر وعبور التحديات. لكن الكلمات الطائشة أحياناً تصف أصحابها الذين أطلقوها أكثر مما تنطبق على الموصوفين. لا عجب أن تساءل الناس منو سجمان؟ والإجابة واضحة. إلا إن كان الكلام غير عربي أو موجة الحديث مشوشة أو أن استقبال البث على تردد مختلف أو أن هناك صمم سياسي.
نعود ونقول من شب على شيء شاب عليه. والوزير كرتي يصلح لما يعرف. ساحات الفدا واستباحة المدنين. لأن من حشيت رأسه بالحماقات سيقترب من الواقع بقدر فهمه. وعلينا الاستدراك بأن لا نقسو على الرجل فهو ضحية أفكار هو عينة منها لا عجب إن عاش في عالم والدنيا كلها في عالم مختلف. وحين يكون الناس في عالمين مختلفين ومتباينين فإن اللغة لا تحمل ذات الدلالات ولا توصل ذات الإشارات. وإلا لما تحدث كإنقاذي عن المال؟ لأنه بذلك يتجاهل أن الناس في السودان من فرط ذكائهم يسلخون الباعوض، ويعرفون صفقات الأسمنت وتفاصيل تجارة المواشي.
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: أفيغدور ليبرمان السوداني..ردا على كرتي ....بقلم الطيب حاج مكي (Re: عمر عبد الله فضل المولى)
|
الاخ الاستاذ الطيب - تحيات كثيرة وسلام . لقد كنت صاحب التعليق الذى اثار وزير الخارجية كرتى فى منزل السفير السودانى حين قلت له انكم جعلتم السودان فلاة بلا اهل معروضة على الشيوع الدولى و مولدا غاب صاحبه .و سلة لمبادرات العالم بعد ان كان مرشحا لكى يكون سلة غذاء افريقيا والعالم العربى . وعبت على نظامه بحثه عن الوساطات الخارجية حتى وصل الى طلب الوساطة من دويلة ملاوى بينما كان ممكنا الالتفات الى الجبهة الداخلية وتقويتها وتحقيق وفاق وطنى يجنب البلاد ما هى فيه الآن من ورطات . رد الوزير باكثر مما نقلته وسائل الاعلام . وجرح المعارضة عموما والسيدين خصوصا وقال الكثير الجارح . ولكن الذى سيحزن السيدين واتباعهما ان حديث الوزير الجارح قوبل باستحسان حتى من المعارضين الذين رددبعضهم كلمات استحسان مثل ( يستاهلوا ).فالمعارضون يرون ان السيدين مؤيدين للنظام تحت الطاولة بمواقفهما الرمادية ويكثرون من احاديث الهمز واللمز . لقد قلت انت ان السيدين اختارا المعارضة غير الخشنة. وهذا اكبر مأخذ ياخذه المعارضون عليهما . فانت لا تدير خدك اليمين لمن صفعك فى خدك الشمال الا اذا كنت السيد المسيح . ويتحدث المعارضون عن الضعف الغريب الذى بلع به السيدان الذى حدث فى الانتخابات اذ عجزا حتى عن الخروج الى الشارع فى مظاهرة سلمية لكى يسمعا العالم صوتهما الرافض لما حدث . هل تذكر ماذا قال غازى سليمان للصحفى الذى سأله عما اذا كان قادة المعارضة سيحركون الشارع مثلما حدث فى كينيا. رد غازى ساخرا : هؤلاء ليست عندهم رجالة الكينين . هذا اقول اكثر اساءة من كل اقوال الوزير كرتى . ان الذى يهن يسهل الهوان عليه يااستاذ الطيب . لقد فرتق السيدان حزبيهما وشتتا شمل اقرب الاقربين اليهما . و تركا قواعدهما الاسمنتية وراءهم ظهريا وركنا الى مواقف رمادية لم تجلب لهما الا السخرية والهزء من الآخرين . وليتهما سمعا ما يقوله السودانيون فى لقاءاتهم وترحيبهم بالسيد على محمود حسنين . وما يصاحب ذلك من غمز ولمز جارح وممض .ان الزمن يمضى وعقارب الساعة لا تقف فى نقطة واحدة ولا ترجع الى الخلف! لقد كان حزب الوفد ملئ السمع والنظر ولكن ما لبث الزمن ان أكله كما تأكل الارضة الاجساد الناعمة . وحزباالسيدين لم يكونا فى يوم من الايام فى قوة حزب الوفد. وقس على ذلك . لم ينتصر المعارضون هنا للسيدين ! ولم يغضبوا من الوزير الشاتم ابداءا للشماتة الممضة -
| |
|
|
|
|
|
|
| |
عمر عبد الله فضل المولى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست