الجنوب والخلع السياسي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 07:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-30-2010, 06:22 PM

Hassan Elhassan

تاريخ التسجيل: 12-14-2004
مجموع المشاركات: 487

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الجنوب والخلع السياسي

    الجنوب والخلع السياسي




    بشهود أميركيون عدول وبين أروقة مجلس الحل والعقد الدولي في نيويورك قرر الجنوبيون خلع أنفسهم من الوطن الأم ومع تصاعد اصوات الانفصاليين وكبرائهم المتنفذون في مفاصل آليات صنع القرار الدولي استيئست دعوات الوحدويون بحيث لم تبقى إلا مجرد عبارات رسمية متطايرة توجبها المسؤولية المباشرة.

    ولعل في حديث وزير الخارجية على كرتي في حوار مع عدد من السودانيين في واشنطن ما يفيد بأن الحكومة وحزبها الحاكم قد قطعوا الشك بالقين بمالديهم من معلومات في السر والعلن أن سيرة الجنوب قد اصبحت من سير الماضي حتى قبل حلول التاسع من يناير القادم .

    فقد اجتمعت الأمم المتحدة بغضها وغضيضها في نيويورك لا لتجادل في إمكانية الوحدة وجمع من فرقتهم السياسة والأطماع وأسال لعابهم ما ظهر من نفط ، بل في ضمان أن يمر الانفصال الواقع لامحالة دون أثمان باهظة أو حروب أو انفجارات .

    إلا أن الرياح ستأتي بما لاتشتهى سفن الدبلوماسية فالواقع يقول إن الانفصال الذي سيتم حتما لن يكون انفصالا سهلا بلا تبعات وتكاليف حيث لاتزال القضايا معلقة عبر الحدود وأبيي وقانون الجنسية ، والتصريحات النارية من هنا وهناك تفلت كالعيارات الطائشة ، ولعل هذا ماحمل الرئيس اوباما إلى التعبير عن قلقه إزاء ماسيواجهه السودان في الشهور القادمة .

    ولكن هناك من يقول لو أن الحزب الحاكم احترم دور ورأي وحضور القوى السياسية والاجتماعية في السودان واجتمع معها على كلمة سواء وسعى لارضائها بقدر مايسعى لإرضاء الولايات المتحدة والغرب ومجلس الأمن لما وصل السودان إلى ماوصل إليه الآن من حالة تدعو للقلق والخوف من مقبل السنوات ليس من الانفصال فحسب بل من تداعيات الانفصال.
    والقوى السياسية بدورها مطالبة بمراجعة مواقفها من الحركة الشعبية منذ مؤتمر أسمرا 1995 وحتى مؤتمر جوبا وقد قدمت دعما واسعا وكبيرا للحركة الشعبية قبل وبعد نيفاشا ولم تحصد منها إلا الهشيم ، بل أن كل ماقدمته لها الحركة الشعبية أنها أدارات لها ظهرها مرتين ،مرة عندما شاركت المؤتمر الوطني منفردة ، وعزلت حلفائها ومرة أخرى عندما تنصلت عن التزاماتها لها تجاه وحدة السودان وأن يبقى السودان موحدا وفق مواثيق أسمرة عام 95 .

    أما الآن "فقد سبق السيف العزل" ولعل المطلوب الان هو إيجاد صيغة موحدة وإجماع وطني للحفاظ على ماسيتبقى من الوطن ، ولضمان رتق النسيج الوطني وإعادة صياغة الكيان الوطني السوداني على أسس من العدل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي يطفيء بؤر التوتر في دارفور وفي كل أطراف الوطن ويفتح الباب لمستقبل وآعد ومشرق للأجيال القادمة .

    ولعل الحزب الحاكم الممسك بمقاليد السلطة الفعلية في البلاد مطالب أكثر من غيره بإعادة تقبييم جميع سياساته الداخلية والخارجية وإيجاد معادلة جديدة تحقق تطلعات جميع السودانيين في بناء ديمقراطية حقيقية ليست على طريقة ديمقراطية الأحزاب الحاكمة التي توظف السلطة والمال العام ومؤسسات الدولة لترسيخ هيمنتها بل ديمقراطية حقيقية تحقق الاستقرار وتبادل السلطة مع كل قادر على المنافسة السياسية بعيدا عن لغة الاقصاء والتحرش السياسي وعبارات المكايدة التي لاتلغي حقائق التاريخ والواقع .

    لقد اختار الجنوبيون مصيرهم قبل التاسع من يناير برعاية أميركية ودولية
    ومانرجوه الآن أن تتم جميع إجراءات هذا الخلع السياسي في هدوء ودون تنازلات إضافية مع تأكيد الحرص على علاقات جوار أخوى تفرضه الجغرافيا والتاريخ ولعل الثمن الذي دفع حتى الآن كافيا جدا، و مايتطلع له الشماليون كتعويض معنوي عن فقدان جزء عزيز من الوطن حتم فقدانه التعاطي مع الواقع السياسي، أن تتجسد في بلادهم قيم الديمقراطية والعدل والحرية والمشاركة الحقيقية ، وهي القيم والدوافع الموضوعية التي تحفز على التنمية والبناء والرضاء السياسي ، بها فقط ومن خلالها فقط لن يتفتت الوطن .


    الصحافة /30 سبتمبر 2010
                  

09-30-2010, 06:28 PM

Hassan Elhassan

تاريخ التسجيل: 12-14-2004
مجموع المشاركات: 487

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الجنوب والخلع السياسي (Re: Hassan Elhassan)



    جون قرنق دمبيور.. رؤية لم تكتمل
    مــن الوحـــدة إلى الانفصـــال



    طرحت حكومة جنوب السودان مسابقة للشعراء والفنانين الجنوبيين لاختيار النشيد الوطني الجديد لدولة الجنوب المرتقبة، مع اقتراب ساعة انفضاض السامر. والشعراء والأدباء الشماليون المنتمون للحركة الشعبية وحدهم سيكون قاسيا عليهم المشاركة في مثل هذه المسابقة التي تعبر عن هزيمة أحلامهم التي أشعلها الراحل جون قرنق بأطروحة «السودان الجديد»، فبموت قرنق ماتت أحلام هؤلاء الأصدقاء وأصبح حالهم أشبه بحال أتباع الراحل الأستاذ محمود محمد طه بعد إعدامه، مع اختلاف الظروف والملابسات حيث التشابه فقط يبدو في حالة الضياع والتقهقر. فتحول القتال من أجل الوحدة على تحفز من أجل الانفصال، حيث طوى قادة الحركة شعاراتهم وراياتهم القديمة تحت ستار كثيف من المبررات، إلى حيث تهزم الحركة شعاراتها القديمة وتحبسها بين أسوار دولة حبيسة. وتعود بنا الذاكرة إلى تلك المروج الخضراء في ارض الحبشة قبل ان تزداد أوزان القادة الثوريين وتتضاءل أمامهم الرؤية.
    فلاش باك:
    في صيف مارس 1990م استضافت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أول لقاء لمعظم أعضاء تجمع المعارضة الذين قدموا إلى العاصمة الإثيوبية مع الدكتور جون قرنق بعد أشهر من انقلاب الإنقاذ في منزل السيد دينق ألور. وتم اللقاء خلال جلسة عشاء جمعت عددا من المعارضين بعد انتظام عمل المعارضة السياسية ضد النظام الانقلابي الجديد، حيث لعب حزب الأمة بالتنسيق مع الحركة الشعبية في تلك الفترة دورا أساسيا في ترتيب اجتماع مجموعة من القيادات السياسية التي قدمت من القاهرة لتنظيم وتنسيق عمل المعارضة مع الحركة الشعبية.
    وهي النشاطات التي بدأت مباشرة بعد تشكيل التجمع الوطني الديمقراطي في الخارج، وكان اللقاء في إطار استكمال الإجراءات المتعلقة بانضمام الحركة الشعبية للتجمع. وسبقت تنظيم ذلك اللقاء لقاءات مكوكية بين لندن وطرابلس وأديس أبابا بين ممثلي حزب الأمة والحركة، وبعد التوصل إلى خطوط عامة جاء التحضير للاجتماع الذي هيأ لعقد أول لقاء للمعارضة في أديس أبابا بمشاركة الحركة عام 1990م لمناقشة الصيغة المطروحة لتعديل ميثاق التجمع وتضمين ملاحظات الحركة للميثاق.
    في أحد اللقاءات التي جمعتنا بالدكتور قرنق في أديس ابابا تلك الأيام، تحدث زعيم الحركة الشعبية بثقة وتفاؤل كبيرين حول رؤيته للتغيير المطلوب في السودان، وقد كان حديثه لا يخلو من سخرية وطرفة في بعض الأحيان. تحدث عن التجربة السويسرية في الحكم باعتبارها مثالا يمكن أن يقوم في السودان، وهي صيغة تحقق مشاركة جميع الأقاليم في الحكم على مستوي المركز. كما تناول رؤيته لمعارضة النظام على الصعيدين العسكري والسياسي، وضرورة تنظيم مساهمة القوى السياسية في ذلك المشوار، والتوحد من أجل سودان قوي موحد.
    والحقيقة أن قرنق يتمتع بشخصية كاريزمية وثقافة عالية، وتعمق في دراسة التاريخ لاسيما التاريخ الاجتماعي وتاريخ الحضارة النيلية، ومع تطور الأحداث تطورت صورة جون قرنق من كونه الزعيم الثوري الماركسي في الثمانينات، إلى زعيم وطني في التسعينيات يسعى إلى التحالفات مع القوى السياسية في الشمال والجنوب، فيبدو تارة اقرب إلى المفكر والمنظر، وتارة أخرى إلى السياسي الليبرالي المناور البارع، وثالثة إلى سياسي يسعى إلى تطويع خصومه من الحلفاء بإثارة التناقضات، مستفيدا من بريقه الإقليمي والدولي الذي بدأ في الظهور تلك الأيام، لاسيما بعد تحالفه مع الدوائر المسيحية في الغرب.
    يقول بيتر موسزينسكي، وهو متخصص في تغطية أخبار الحرب الأهلية السودانية لعدة سنوات، إن من الصعب إقامة علاقة شخصية مع هذا الرجل: يقصد جون قرنق، ويقول «لديه مظهر بارد، يعطيك الانطباع أنه فوق الآخرين».
    ويصف جيل لاسك نائب رئيس تحرير أفريكا كونفيدينشيال والمتخصص في الشؤون السودانية، قرنق بأنه رجل فخور، ويقول إنه «رجل ذو كاريزما وقدراته القيادية واضحة».. «هو رجل عسكري محترف.. رجل يؤمن بأنه ماهر.»
    ويرى الدكتور جون قرنق في نفسه مخلصا ليس للجنوب فحسب، وانما لكل أولئك الذين يعتقد أنهم ضحايا لهيمنة الثقافة العربية الإسلامية التي لم تحترم ثقافات الآخرين، وقد لعبت ظروف وعوامل كثيرة دورا أساسيا في تشكيل هذه الشخصية التي لعبت دورا دراميا في بداياتها، وانتهي دورها أيضا بطريقة درامية في حادث تحطم طائرة بطريقة مأساوية. وكما سبق فالقرب من شخصية العقيد قرنق يعطيك الفرصة لاكتشاف أنه قارئ جيد لتاريخ السودان، راجح العقل، تسري فيه روح الدعابة والإدراك لأبعاد الشخصية السودانية للمواطن الشمالي، وهي معرفة تراكمت مع سني تواصله مع جميع أطياف وقطاعات المجتمع السوداني التي كانت ممثلة في التجمع الوطني سياسيا واجتماعيا. ويزخر خطابه بالنوادر والأمثال الشعبية السودانية.
    وفي تلك الفترة التي اتسمت بالشفافية الوطنية، كانت النظرة للسودان واعدة بالمستقبل العادل لجميع أبنائه دون تمييز. كما شكلت تلك الفترة من عمل المعارضة التي امتدت لعقد من السنوات، فرصة حقيقية للتعارف السياسي بين جميع القوى السياسية في الشمال والجنوب. ومن خلال التعارف صُحح العديد من المفاهيم الخاطئة المتبادلة.
    ورغم قصر المدة التي التأم فيها شمل المعارضة الجنوبية والشمالية، إلا ان تحولات مهمة حدثت على شخصية زعيم الحركة وعلى فكره، حيث أصبح ينادي بأطروحة السودان الجديد او الوحدة على أسس جديدة دون أن يكون مطلب الانفصال حاضرا، كما أنه قام بدور أساسي في كبح جماح الانفصاليين في الحركة الذين كان من اهم أعلامهم الدكتور رياك مشار والدكتور لام أكول، وهو ما دعاهما في نهاية المطاف للاصطدام والمواجهة العسكرية مع د. قرنق وتياره الرئيسي في الحركة.
    ففي صيف عام 1991م وبينما كانت العمليات العسكرية تحتدم في الجنوب مخلفة أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى في صفوف الجانبين، قامت إحدى المجموعات التي انشقت عن الحركة بإعلان ما عرف «ببيان الناصر» بقيادة د. رياك مشار ود. لام أكول، وذلك في أغسطس عام 1991م، حيث رفعت جماعة الناصر شعار الانفصال، فيما أبدت الحكومة آنذاك موافقتها واستعدادها لبحث تفاصيل مطلب الانفصاليين في مجموعة الناصر. وبالطبع كانت الحكومة تهدف من وراء ذلك إلى إحداث مزيد من الانشقاقات داخل الحركة وإضعافها، دون أن تدرك أو أن يدرك مهندس مفاوضاتها آنذاك علي الحاج أن الموافقة المتعجلة على مطلب الانفصال ربما تغري مجموعات أخرى لإعلاء صوتها بالمطالبة بتقرير المصير، وقد كان الأمر حتى تلك المرحلة لا يعدو المطالبة بفيدرالية ذات صلاحيات موسعة.
    ونجحت الحكومة باستجابتها السريعة لحوار الانفصاليين في وضع خصمها الرئيسي «الحركة» في موقع يبدو الأقل دفاعا عن مطالب الجنوبيين، حيث تطرح الحركة شعار الوحدة والتحرير للسودان كله وليس الجنوب فقط، وحل مشكلة الجنوب في إطار قضية السودان المركزية وليس بوصفه جزءا منعزلا.
    وأسهمت سياسات الحكومة في تلك الفترة وإطلاق يد الدكتور علي الحاج في التعامل مع الملف الجنوبي، في تعزيز مطلب الانفصال رغم أن هدف الحكومة كان إحداث انقسامات داخل جسم الحركة واختراق الحركة بعمل داخلي لإقناع قياداتها بالتفاوض معها، والسعي لمساومة مجموعة الناصر من ناحية أخرى، وكسب الوقت للإعداد لمواجهات فاصلة مع الحركة في ظروف بدت فيها الحرب تأخذ طابعا دينيا واقصائيا، لكن الحكومة لم تكن تحسب أن التطورات ربما تقود إلى نتائج غير التي تريدها، بحيث يصبح تقرير المصير أمرا واقعا لا يمكن تجاهله.
    وبالفعل فقد أحدث إعلان الناصر ارتباكا كبيرا في صفوف الحركة، مما دعا الدكتور جون قرنق الى الدعوة لعقد اجتماع مهم لقادة الحركة في مدينة توريت لبحث تداعيات إعلان الناصر على مسيرة الحركة في ظل وجود تأييد كبير للرأي العام الجنوبي لمطلب الانفصال. وتداول الاجتماع حول كافة المعطيات على الساحة الجنوبية، وحول مستقبل علاقات الحركة مع حلفائها الشماليين إن هي أقدمت على تبني خيار الانفصال لسحب البساط من تحت أرجل خصومها في مجموعة الناصر، وحاولت الخروج بعد جدل دام لعدة أيام بين مناصري الانفصال ومناصري الوحدة، بحل وسط يخاطب مشاعر الجنوبيين، ويعمل في نفس الوقت على عدم إحراج شعارات وتحالفات الحركة وخطابها المعلن مع حلفائها الشماليين، وذلك من خلال معالجة مطلب تقرير المصير بما لا يخل بالتزامات الحركة بوصفها فصيلا داخل التجمع الوطني، وأسفرت المداولات عن إصدار ما عُرف «بإعلان توريت» الذي تمثل في تبني الحركة لثلاثة خيارات محددة هي:
    أ ـ الوحدة المشروطة.
    ب ـ الكونفيدرالية.
    ج حق تقرير المصير.
    وعلى صعيد مجموعة الناصر وسيناريو مهندس العلاقات الجنوبية الدكتور علي الحاج، قام الأخير بترتيب عقد اجتماع سري في مدينة فرانكفورت الألمانية مع وفد المنشقين عن الحركة بقيادة الدكتور لام أكول، لمناقشة موضوع تقرير المصير والبحث في تفاصيله. وبالطبع فقد استخدم د. علي الحاج كل مهاراته في إتمام التوصل إلى اتفاق مع مجموعة الناصر، وإبرام اتفاق يتضمن تزويد الحكومة للمجموعة بأسلحة وذخائر على أساس قبول الحكومة بحق تقرير المصير وقبول مبدأ الانفصال نهائيا، فضلا عن التعاون في تحقيق ذلك، لاسيما التنسيق الميداني بين قوات الحكومة وقوات مجموعة الناصر للإطباق على قوات قرنق وتصفيتها.
    وهذا البند من الاتفاق الذي يتضمن التعاون العسكري للإجهاز على قوات الحركة، اعتبره عضوان في الوفد محاولة لإضعاف الجنوبيين بتزكية القتال بينهم، ودعاهما للاستقالة من المجموعة بصورة مسببة، وهما القاضيان تيلار دينق ودينق تيل، وقد أصدر القاضيان بيانا في فرانكفورت أشارا فيه الى أن د. لام أكول قد حرص على إخفاء كل تحركاته في ألمانيا عن أعضاء الوفد، بما في ذلك اجتماعاته السرية مع الدكتور علي الحاج. وأضاف القاضيان إن تعامل لام أكول بهذه الطريقة مع قضية الجنوبيين دفعهما للاستقالة من مجموعة الناصر، وهما في غاية الأسف.. وكان هذا البيان هو الذي نسف سرية المباحثات في فرانكفورت، وفضح الاتفاق قبل أن يجف مداد التوقيع عليه.
    أما عن تفاصيل فحوى الاتفاق، فقد نصَّ على التزام مجموعة الناصر بالتعاون التام مع الحكومة مقابل قبول الحكومة بمبدأ الانفصال التام لجنوب السودان عن شماله وقيام دولة مستقلة في الجنوب، وأن يظل ذلك مبنيا على ترتيبات الفترة الانتقالية المتفق عليها، وأن يُكتفى بالتوقيع على الاتفاق في تلك المرحلة تفاديا لأي حرج يمكن أن يسببه بالنسبة للحكومة داخليا وإقليميا أو على صعيد المعارضة في الخارج. وباستقالة القاضيين وكشف تفاصيل الاتفاق، ما لبث أن دبت الانقسامات داخل مجموعة الناصر نفسها، بعد أن تحولت المجموعة الى آلية في يد الحكومة، حيث تم التنسيق بين الحكومة والمجموعة في هجوم قاداه على مواقع حركة قرنق، فدارت معارك ضارية راح فيها عدد كبير من الضحايا على الجانبين، إلا أن الفصيل الرئيس قد تمكن من إعادة السيطرة على عدد من المواقع التي خسرها وأعاد تأمينها.
    وبفشل الهجوم في تحقيق أهدافه، تجاهلت الحكومة اتفاقها مع مجموعة الناصر الذي وقعته في فرانكفورت، مما حمل مجموعة الناصر كرد فعل على ذلك التجاهل، للقيام باقتحام مدينة ملكال التي توجد فيها القوات الحكومية، وقال لام أكول الذي عبر عن ذلك في إطار ابتزاز للحكومة، إن المجموعة المنشقة لا تزال عضوا في التجمع الوطني المعارض، وكنا قد أشرنا سابقا إلى أن الدكتور لام أكول هو الشخص الذي مثل الحركة في التوقيع على انضمامها للتجمع في القاهرة عام 1990م، لممارسة مزيد من الضغط على الحكومة التي تنكرت لالتزامها لهم.
    والآن وبعد أكثر من عقدين أصبح الحديث عن الانفصال حديثا عاديا وطبيعيا، رغم الكارثة التي سيخلفها حدث الانفصال المرتقب، برغم إطلاق التصريحات التي تنم عن نوايا حسنة للجانبين في إطار ما يمكن أن يطلق عليه «دبلوماسية الضعف المتبادل»، لكن حتما سيكون هناك الوقت للجيل القادم لكي يتساءل عن الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها سلطة الإنقاذ حيال معالجتها لملف الجنوب طوال سنواتها، والتي ستؤدي إلى حصاد التاسع من يناير العام القادم، وبنفس القدر عن الأخطاء السياسية التي ارتكبتها القوى السياسية وهي تقدم التنازلات للحركة الشعبية طوال أيام المعارضة، بغية تضييق الخناق على نظام الإنقاذ بكل الوسائل وبأي ثمن، ومساهمة كلا الجانبين في تطوير آليات الانفصاليين وطموحاتهم التي ازدهرت مع ظهور مستجدات أخرى، هي البترول واستعداء المجتمع الدولي والتعثر السياسي الداخلي.
    *واشنطن الصحافة /

    (عدل بواسطة Hassan Elhassan on 09-30-2010, 06:32 PM)

                  

09-30-2010, 06:31 PM

Hassan Elhassan

تاريخ التسجيل: 12-14-2004
مجموع المشاركات: 487

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الجنوب والخلع السياسي (Re: Hassan Elhassan)

    السودان نصفه أو زد عليه قليلا




    بعد توقيع اتفاقية نيفاشا انتقدت كل من الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني التحفظات التي أبداها الإمام الصادق المهدي على الاتفاقية، باعتبار أنها تحمل بذور الانفصال، مطالبا بفتح الاتفاقية وإشراك جميع القوى في تصويبها حتى تنتهي إلى وحدة حقيقية لا إلى انفصال حتمي.
    وضرب المهدي مثلاً بموضوع اقتسام الثروة الذي يكرس للانفصال، لاسيما في موضوع قسمة البترول وكأنها دعوة للجنوبيين ان يسارعوا بالانفصال لضمان حصتهم كاملة من البترول بدلا من 50 بالمئة فور انتهاء الفترة الانتقالية، مع إغفال تام لجميع الموارد الاقتصادية الأخرى التي كان يمكن أن تكون الشراكة فيها بين الشمال والجنوب عاملا يعزز الوحدة ويبعد شبح الانفصال. لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، وكادت الفترة الانتقالية أن تنتهي وها هو شبح الانفصال بكل مظاهره الخافية والمعلنة يسيطر على المشهد.
    سيتقلص السودان رغم الأمنيات المتأخرة ودعوات الرئيس ونائبه إلى الوحدة، سيتقلص إلى نصفه او زد عليه قليلا، فحصاد نيفاشا بات على مرمى حجر، وعيون الانفصاليين في الجنوب وصوتهم العالي وعيون الخارج بكل ما تحمله من نوايا باتت تترقب بدورها ذلك اليوم الذي سيكون صعبا على كل سوداني انطبعت في ذهنه خريطة السودان قلب أفريقيا بكل تفاصيلها، فما بال القلب إذا انفطر.
    ومما يزيد القلق أن المشهد الماثل بكل تناقضاته بين الحركة الشعبية والحزب الحاكم قبيل الانفصال، وبين الحزب الحاكم والقوى السياسية المعارضة، يثير قدرا كبيرا من الخشية على أمر البلاد والعباد، وهي تواجه هذه التحديات الخطيرة التي لن يكون ذهاب الجنوب آخرها.
    ولعلَّ قضية الحدود بين السودان والدولة المفترضة في الجنوب وملفات ترتيبات ما بعد الانفصال التي لاتزال معلقة، هي اخطر مظاهر هذا القلق، حيث يجب أن يكون حلها بما يحقق «السلام الكامل»، وعدم تجدد النزاعات الحدودية بين الشمال والجنوب هو الثمن المستحق للانفصال وقيام دولة الجنوب.
    وإلا سيكون القائمون على الأمر قد «فسروا الماء بعد الجهد بالماء»، بل ان أي نزاع هذه المرة سيكون نزاعا بين دولتين لا بين سلطة حكومية مركزية وحركة تمرد داخلي. لذا فإن الحرص يستوجب حل جميع الملفات العالقة قبل الاستفتاء، لا كما تهوى الحركة الشعبية التي نصحها حلفاؤها بالتفاوض حول هذه الملفات بوصفها دولة معترفا بها لا بوصفها حزبا وطنيا شريكا. وإن استجابت الحكومة لذلك تكون قد فرطت مرتين.
    الاقتراح الذي تقدم به الإمام الصادق أخيراً بضرورة أن تشرف الأمم المتحدة على الاستفتاء بما يحقق نتيجة حقيقية معترفاً بها، هو اقتراح جدير بالاهتمام رغم رفض الشريكين له، لأنه سيعطي أصوات الوحدويين في الجنوب الفرصة في التعبير عن أنفسهم دون تلاعب محتمل عبر صناديق الاستفتاء، وسيعزز من صوت الوحدة، أما أن يكون الإشراف عبر مفوضية مختلف عليها فسيعيد مشهد الانتخابات الماضية المشكوك في نزاهتها، وسيفتح الباب على صراع جديد بين الاعتراف وعدم الاعتراف، فكثيرا ما تحققت رؤى المهدي وقراءاته عن خبرة ودراية يغتالها البعض حسدا من عند أنفسهم.
    أما المؤتمر الوطني فبدوره مطالب بأن يترجم دعوات البشير إلى الوفاق الوطني، إلى برامج عمل يشارك فيها الجميع بأفكارهم ورؤاهم لإطفاء الحرائق في دارفور أو في قضية التحول الديمقراطي الحقيقي، وبسط الحريات، وإعادة صياغة النسيج الوطني السوداني على أسس التراضي الوطني، فقد ولى قبول اللقاءات الاحتفالية والشكلية في عالم مفتوح على كل التوقعات، وإلا سيتحمل الحزب الحاكم المسؤولية تاريخيا حول ما ستسفر عنه التحولات القادمة من أخطار نتيجة سياساته الانفرادية.
    فأكثر من عشرين عاما في الحكم والعديد من الأزمات والتقلبات التي شهدها السودان خلال هذه الفترة مدا وجزرا، كافية بأن تجعل لصوت العقل موضعا في الحزب الحاكم للحفاظ على ما تبقى أو ما سيتبقى من الوطن الذي مكن له أجدادنا بقدراتهم المتواضعة وإيمانهم الكبير، ليصبح مليون ميل مربع، وها نحن نقلصه بأخطائنا إلى نصف مشحون بالمظالم.
    والأجدى الآن أن تتجه الدولة بكلياتها وإمكانياتها بقدر من الوعي الوطني إلى حشد الطاقات الوطنية، لضمان انفصال غير مكلف يحافظ على ما سيتبقى من الوطن، ويبعد عنه شبح الحروب والأزمات، وأن تبدأ حوارا وطنيا بمساهمة جميع القوى الوطنية لحل أزمة دارفور، ورأب صدع الأقاليم الأخرى، وبناء سودان تقوم فيه ركائز الديمقراطية الحقيقية، واحترام حقوق الإنسان، واستنهاض السودانيين المنتشرين في أركان الدنيا لبناء وطن جديد تنتفي فيه الأنانية السياسية، ويندحر فيه الفساد، وتعلو فيه الشفافية، وتتقلص فيه التناقضات، وتلتقي فيه الإرادات. ويكون منصة لميلاد شخصية سودانية جديدة تستلهم ماضيها وتدرك دورها، وتتجه بكلياتها نحو المستقبل.
    واشنطون


    الصحافة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de