نِسوان من الجيران! مقام للاحتفاء بعبد المنعم الجزولي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2025, 02:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-03-2010, 02:39 AM

د.نجاة محمود


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نِسوان من الجيران! مقام للاحتفاء بعبد المنعم الجزولي

    اترك اعماله تقدم له ثم نقاشات لعوالم منعم الضاجة الصاخبة




    بيتُم الناصية.... وشُبَّـاكُم الأخدر
    نِسوان من الجيران









    (1)



    عطستُ.

    وحمدتُ الله فى سرى.

    سمعتُ صوتا يقول بالانكليزية " الله يرحمك".

    عطستُ مرة ثانية.. وثالثة.. ثم توالت العطسات، دون رحمة.

    أحدهم رطن بالاسبانية رطانةً كثيرة. وانتبهت الى أنه يحدثنى. فقلت له أنا لا أعرف الاسبانية. فقال شيئا بالانكليزية، لم افهم منه، سوى كلمة " تيكيلا". قالها، وهو يكور قبضة يده اليمنى، ويفرد إبهامه الى أعلى، ثم يرفع كل ذلك الى فمه، دلالة على فعل الشُرب. ففهمت منه أنه ينصحنى بتناول مشروب التيكيلا، لكى يخفف لى العطس.



    على عتبات مدخل البناية، كانت ( ماريا غونزاليس ) تتحدث فى هاتفها ، وتضحك، بغنج مستفز.



    (ماريا غونزاليز) دائما تجلس على عتبات المدخل، ودائما تتحدث فى هاتفها المحمول، ودائما تضحك بغنج مستفز.



    ألقيت نظرة عجلى على مابين فخذيها المنفرجين للغاية، وواصلت صعودى دون أن أُلقى عليها حتى السلام.



    قيل أنها كانت شاطرة فى المدرسة. وكانت تلعب كرة السلة بمهارة. فتنبأ لها الجميع بمستقبل باهر، حتى حبلت من صبى، يزاملها فى الفصل، وهى بعد فى سنتها الدراسية الثامنة. فهجرت مقاعد الدراسة، وعملت فى محلات (ماكدونالدز) الشهيرة، لتعول نفسها وطفلتها الوليدة، بينما راح الصبى، والد الطفلة، يواصل دراسته، مستمتعا بحياته بين متنوع من المدارس والجامعات، ومواصلا هوايته فى استيلاد الفتيات الصغيرات، من زميلاته فى مراحل دراسته المختلفة. وتحويلهن بشهقة متعة واحدة الى مجرد عاملات بأبخس الاجور فى محلات بيع الساندويتشات المنتشرة فى كل مكان.



    تنقلت الفتاة (ماريا) بين مختلف المحلات التجارية. عاملة بمبالغ ضئيلة جدا. وقالت إنها أضاعت فرصة عمرها، بوفاة العجوز الثرى، الذى رآها فى إحدى اندية التعرى، حيث عملت فترة، كعارضة، تعرض لحمها للسكارى، فينثرون عليها القليل من دولاراتهم، التى يكسبونها بشق الأنفس. فالتقطها الثرى الذى وعدها بالزواج، ووفر لها ولطفلتها فراشا لينا، وطعاما هينا، وملابس جميلة، ثم مات بالسكته القلبية فى إحدى تلك الأندية، دون أن يتزوجها، لتعود الى الشارع مرة أُخرى، تحمل طفلة ضحوك على صفحتها، وتستجدى مؤسسات الدولة، والكنيسة، ومنظمات حماية المرأة والطفولة. ولم تترك باباً إلا وطرقته، بحثا عن العون. واستقرت أخيرا، فى بوفيه حديقة الحيوان بالمدينة، عاملة بالساعة، كوظيفة رئيسية، وعاهرة غير متفرغة، متى ماوجدت الى ذلك سبيلا.
                  

12-03-2010, 02:42 AM

د.نجاة محمود


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نِسوان من الجيران! مقام للاحتفاء بعبد المنعم الجزولي (Re: د.نجاة محمود)








    (2)



    فى الطابق الأول، كانت رائحة نتنة تملأ المكان. هى خليط من رائحة السمك المعفن، المخلوط بالخراء. عرفت فوراً أن النيجيرية تطبخ سمكا.



    كان باب شقتها مفتوحا. وجاء صوتها الرخيم يتغنى بشئ ما من جهة المطبخ. وقفت قليلا اتلصص، فلم أر شيئا. كانت تضع ستارا من قماش، أقرب الى الدمورية المصبوغة باللون الاخضر الباهت، بين المدخل، وغرفة المعيشة، المتصلة بالمطبخ. مددت عنقى قليلًا، ثم تقدمت خطوتين، وأزحت الستار قليلا، فرأيتها، فى قميص رجالى أبيض اللون، و... لا شئ!! فقط سروال نسائى رفيع جدا لايتناسب مع مؤخرتها الضخمة.



    كانت فى البداية تتوجس منى خيفة، حين علمت أننى مسلم. ولكنها اطمأنت بعد ذلك الىَّ، خاصة، حين عرفت أننى الآخر ضحية للاسلام السياسى فى بلدى.



    (اماراشى باباتندى).

    من قرية (مازاه)، قرب مدينة (جوس)، عاصمة ولاية (بلاتو)، بوسط (نيجيريا). تعرضت مع سكان القرية الى عاصفة من العنف الاسلاموى، إبتدأ بحرق كنيس فى البلدة، ردا ، قيل ، على حرق مسجد فى الجوار. وانتهى بهجوم كاسح، من إثنيية الفولانى المسلمة، ذات فجر، نُحِر على أثره عشرات من السكان بالمناجل. وغالب الضحايا من النساء والاطفال.



    هربت مع شقيقتها (ديزايز)، فى البداية، الى مدينة (باكوندى) ثم عبر الحدود الى (الكاميرون)، حيث قضتا فترة فى معسكرات للاجئين، حتى قيض الله لهما واحدة من منظمات الكنيسة الكاثوليكية، لتنقلهم الى الولايات المتحدة، فى إطار برنامج إعادة التوطين، أو بمعنى آخر، إعادة توزيع البشرية على العالم.



    درست الكمبيوتر، وإتخذته حرفة، تعتاش منها، وتدفع فواتيرها، ولها فيها مآرب أُخر. وبرعت فى أشغال هندسته، وصيانته، وحمايته، فاتخذتها شركة (بيست باى) عاملة فى قسم الصيانة. بينما تزوجت شقيقتها الصغيرة الحلوة الشهية، ورحلت الى حيث لانعلم.

    تارة، يقولون إن زوجها صاحب وكالة فى (ميامى) بولاية (فلوريدا). ومرة يقولون إنه يعمل فى أحد فنادق (نيوجيرسى). والأرجح، أنه سائق تاكسى فى (نيويورك). فالنيجيريون يميلون غالبا الى العمل الحر.



    كانت رائحة العفونة قد ولجت أماكن فى نافوخى، لايعلم بها إلا الله وحده. فهربت من الشقة مهرولا، أقتلع عتبات السلم ثلاثاً..ثلاثا. دون أن أمر حتى على شقة الصومالية المجاورة.





    (3)



    (رملة عبدو فرح).



    صومالية، تقيم فى الشقة الثالثة الى اليمين.

    أًنثى من عصور ماقبل اكتشاف ادوات الماكياج الحديثة. هى بالقطع لاتحتاج الى اية أدوات تجميل. بل أجزم أن أدوات التجميل هى التى تحتاج الى رملة!!



    متزوجة من صومالى، يقود عربة أجرة، ويظل خارج البيت من الفجر، الذى لايصليه الا حاضرا، وفى المسجد، وحتى ماقبل منتصف الليل الا قليلا. وفى نهاية الاسبوع، يبقى الى الفجر، يزرع الطرقات، بحثا عن زبون. أو يبقى جالسا فى مقهى الشيشة، فى شارع ،18 جوار بقالة الخرطوم، يدخن الشيشة، ويمضغ القات بشراهة. وتبقى زوجته فى البيت، منذ أن تعود من عملها، لاتغادره الا نادرا. وتقضى معظم، بل كل وقتها، تستعد لاستقبال ذلك الهيكل البشرى الطويل القامة، والذى ما أن يغلق باب الشقة خلفه، حتى تبدأ تأوهات رملة، وغنجها، ويبدأ السرير الخشبى القديم فى اصدار صريره المزعج، والذى كثيرا ما اشتكى منه الجيران. ذلك الصرير الذى يستمر حتى الفجر، بلا انقطاع، حين يقوم الرجل الى الحمام، استعدادا لجولة جديدة من الصراع مع الدولار. وتقوم هى بتجهيز الافطار له. أما متى يذهبان الى النوم، فهذا هو مايقلق ذهن (مريسا) الفلبينية، والتى جعلت من نشاطهما الجنسى محورا لاهتمامها الصامت داخل البيت.



    تكثر رملة من الاستحمام، صيفا وشتاء. وتستخدم أدواتاً ووسائل للتجميل، اغلبها لايباع فى الاسواق. تقوم هى بتجهيزها بنفسها، من بذور، وقشور، وثمار جافة، وأشياء أخرى متنوعة، تحصل عليها من بقالة للهنود، فى مدينة بالتيمور، عاصمة ولاية ميريلاند، ومن بقالة أخرى، فى مستعمرة للصينيين، فى واشنطون. لاتؤمن بأية مصنوعات جاهزة للتجميل، مما يباع فى الاسواق، عدا الكحل. تقول بأنها ليست سوى تركيبات كيماوية تعمل على اصابة الناس بسرطانات الجلد والدم، فتجنبوها.



    رملة لاتؤمن بأية حقوق للمرأة. وأنها خلقت فقط، لراحة ومتعة رجلها، وفى الحلال. وأن أية علاقة لها، ومن أى نوع، مع أى رجل آخر، حتى علاقات الزمالة، تعتبر اثما كبيرا، بل هو أحد معانى الكفر، لأن الزوج هو ظل الله فى الارض، ومشاركته مع رجل آخر، باب هائل من ابواب الشرك بالله. هكذا تعلمت منذ طفولتها، وهكذا قررت ان تكون وفية لتعاليم اهلها، التى سوف تضمن لها الجنة.



    تثق فىَّ بصفة خاصة. وقد اتخذتنى وزوجها أخا ومعلما، أشرح لهما مايتعقد عندهما من مسائل الفقه والعبادات، لا لشئ، سوى معرفتى الممتازة للغة القرآن. لهذا، فاننى تقريبا، الوحيد الذى يمكن ان يسمح له بالدخول الى الصومالية، حتى فى غياب زوجها. وزادهما ثقة، اننى لم احاول ولو مجرد محاولة ان اضايقها أو اتحرش بها. وربما كان هذا هو السبب الذى جعلها تبذل المضاعف من الجهد لكى تزوجنى من شقيقتها (صفية)، أو صافى كما نناديها، والتى تصغرها بعام واحد

    .

    و.. صافى، هى الأخيرة فى طابور من الاناث، بلغن فى العدد تسعا. ومات ابوهن، وهى بعد جنين فى رحم الام، التى كافحت كفاحا مستميتا، مستعينة بالقليل الذى عاد به الجيش عليها، بعد وفاة الزوج، والذى شاركهن فيه شقيقه، باعتباره المعصب الوحيد لها ولبناتها. فهى لم ترزق بابن ذكر. ولابد ممن يعصب البنات. فأقامت بقالة، تبيع فيها بعضاً من الخردوات، وتستعين بالشلنات القليلات التى تربحها، فى تنشئة البنات.ثم لما قامت الحرب، نزحت من (مقديشو) العاصمة، حيث يقمن، الى مسقط رأسها، فى مدينة (قاربهير) فى جنوب شرق البلاد، ومنها تفرقن الى كينيا، بعضٌ، والى اثيوبيا ومصر بعض آخر. ثم انتقل رهط منهن الى استراليا، ورهط آخر الى هولندا، ثم جاءت هى وشقيقتها الى امريكا.



    صافى لم تخلق مثلنا من طين!!



    لابد ان الله خلط بعض ترابها بالمرمر، ثم عجنه بعسل ولبن وماء من انهار الجنة.



    صافى تحفة فنية رائعة. حتى اننى خشيت على نفسى منها!! هى لاتُقَاوَم، ولا تُقَاوِم!! سهلة الانقياد بشكل يدعو الى الشفقة، تعتقد ان الناس جميعا طيبون، خاصة المسلمين، الذين هم محل ثقة. رغم انها انجرحت فيهم اكثر من عشرين مرة!! فنصف العاملين فى فندق (حياة)، حيث تعمل، فصلوهم، لاسباب تتعلق بالتحرش الجنسى، معها!!



    دعونى اتحدث قليلا عن التحرش الجنسى فى هذه البلاد.



    على الرغم من أن الجنس مبذول هنا فى الطرقات، الا أن الحصول عليه أمر صعب للغاية!! فالأمر معقد نوعا ما، وتحرسه جنود غلاظ من الحقوقيين والناشطين، وترسانة من الحريات المعكوسة، والقوانين الشرسة. على الرغم من أن اغلب العاملات، خاصة الوافدات، واللاجئات، يتم التحرش بهن بل واجبارهن على ممارسة الجنس مع روؤسائهن فى العمل، ويرغمن على تقبل، ذلك خوفا من الفضيحة، أحيانا، وغالبا، خوفا من فقدان الدولارات القليلة، التى ينلنها فى آخر الاسبوع، والتى تضمن لهن، على الأقل، دفع اجرة الشقة، وبعض الفواتير القليلة، ولقيمات يقمن صلب اطفالهن.



    فى دفاعه عن فعلته تلك، قال أحد المتهمين، أمام محكمة واشنطون الكبرى، إن له حاجة طبيعية، ومن حقه أن يقضيها. ولكن النساء تمنعن، واعتصمن بحقهن فى الاختيار، وتركنه يتعذب وحيدا. وكان يراهن، يتحرشن به بأجسادهن التى بالكاد يسترها شئ!! فلجأ الى أخذ حقه بالقوة!!



    واكثر المحبين والعشاق، يدخلون فى باب التحرش دون إرادتهم!!



    وأن أغلب القضاة، الذين ينظرون قضايا التحرش هنا، من الذين لاتأخذهم شفقة فى أمر يتعلق بالمرأة، أو الطفل. وأن المرأة إن ادعت عليك تحرشا، فان المحكمة تصدقها هى. وعليك أنت اثبات عدم التحرش. والعقوبات قاسية جدا. فيكفى يوم واحد فى السجن لكى تفقد عملك وسكنك ومعاشك وتعود مشردا لاتجد من يأويك ولا من يستخدمك مهما بلغت من الخبرة والدرجات العلى من الدراسة!!



    ربما لهذا السبب تكثر جرائم الاغتصاب فى هذه البلاد. ودائما هى مقترنة بمقتل الضحية. حيث أن العقوبه القاسية لاتدع للجانى فرصة أن يترك الضحية لكى تتعرف عليه فيما بعد.



    صفية كما قلت انسانة سهلة الإنقياد، وكانت تأتينى كثيرا جدا، فى شقتى، لحبها لعصير المانجو المثلج، والذى يعد من الاشياء القليلة جدا، التى ابرع فى صناعتها، فى هذه الدنيا. ورغما عن توفر كل الفرص أمامى، بل، ورغما عن عدم ممانعتها البائنة، إلا أننى، لم أحاولها على الاطلاق!! بل وحتى، لم ألمسها بأى شكل غير لائق.

    على العكس من (يايا)، أو (يحى الجزائرى) فى الطابق الثانى، والذى حام حولها فترة، حتى دعته فى طيبة، الى شقة شقيقتها، فحاولها، ولما تمنعت، حاول إستخدام القوة معها، فراحت تصرخ...و...حوكم الرجل بسبع وعشرين سنة سجنا، بعد ادانته بالتهجم، والشروع فى الاغتصاب، والتحرش الجنسى، وعدد آخر من التهم، التى تم اثباتها فى المحكمة، بطريقة أو بأخرى، وأُمر به ليبعد عن البلاد بعد انقضاء العقوبة.



                  

12-03-2010, 02:44 AM

د.نجاة محمود


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نِسوان من الجيران! مقام للاحتفاء بعبد المنعم الجزولي (Re: د.نجاة محمود)







    (4)



    سمعت صرخات (ماريا خوان ميقيل) تأتى مكتومة، من خلف بابها، فى الطابق الثانى، فتخيلت (ماريو) الحيوان - كما أًسميه - بجسده الضخم، يلج بها ابواب جهنم.



    فى بنايتنا وحدها، توجد اربع نساء، يحملن إسم ماريا!! وفى الحى الذى اقيم فيه، فإن العدد يرتفع الى مافوق الركبة!! بل وتوجد واحدة اسمها مريم!! من بورتريكو.



    صرخت ماريا خوان ميقيل صرخة كبيرة، مفاجئة. فقلت لابد انه قتلها. هذا السكير الذى لايجيد شيئا سوى شرب البيرة، ومضاجعة الفتيات الصغيرات.



    لايهتم كثيرا بالقانون، الذى يمنع التحرش بالقاصرات. يضاجعهن تحت السلم، وفى غرفة الغسيل، وفوق السطوح، بل واحيانا، فى غرفة نوم ماريا خوان ميقيل نفسها.



    صرخت المرأة مرة اخرى، فخبَّطت على الباب استطلع الامر. فَـتـَحَتْ، وهى فى قميص نوم شفاف جدا، يرتفع الى منتصف فخذيها، الملفوفين بعناية محبطة. لونها كان مثل لون الطوب، الذى لم يكتمل إستوائه داخل الكمينة. لونها كان بمبيا.



    هبطت إمعائى الى ماتحت ركبتىَّ. وابتلعت ريقى بصعوبة شديدة. كانت تحمل زجاجة بيرة، من الحجم الكبير، بيد. وبالاخرى، كانت تمسك بفخذ دجاجة، محمر، نصف مقضوم، وبدا عليها السكر.



    سألتها لماذا تصرخ، فقالت، وقد إتكأت على الباب المفتوح:



    - أحرزت المانيا هدفا فى الآرجنتين، ياعبدول.



    دُهشت جدا!!

    فماريا خوان ميقيل، كوبية. هاجر أبواها، منذ سنوات طوال، الى الولايات المتحدة. فلاهى ارجنتينية، ولاهى ألمانية. فماذا يهمها إن انتصر النازيون أو انهزموا؟



    بل وكنت أتوقع من ناحية إثنية بحته، أن تشجع الارجنتين، البلد اللاتينى.



    قلت لها:



    - وما يهمك انت من هذا، حتى تصرخين بهذه الطريقة الهيستيرية!؟

    - يجب ان تنهزم الارجنتين، وكل الدول الشيوعية

    - يامَرا... أنت سكرانة؟!! منذ متى الارجنتين أصبحت دولة شيوعية!!



    - إن الملعون (فيديل كاسترو) صديق للملعون الآخر (مرادونا) لهذا يجب أن تذهب الارجنتين الى الجحيم.







    والدها السيد (راؤول خوان ميقيل) كان مسجونا، فى بلده الاصلى، كوبا، على إثر ادانته، بتهريب المخدرات، من كولومبيا، عبر البحر الكاريبى، باستخدام السنابك الخشبية، وأكياس المطاط.



    ولما ضيَّقت الولايات المتحدة الخناق على كوبا، بسبب الحريات، وحقوق الانسان، اطلق فيديل كاسترو سراح المئات، من المحكومين فى قضايا المخدرات، والسرقات، والقتل، وغيرها من الجرائم الجنائية، فى اكبر عملية تضليل، لأجهزة المخابرات الامريكية، باعتبارهم، سجناء سياسيون. تم استقبالهم فى فلوريدا، بالدفوف، والورود، ومنحوا اللجوء السياسى الفورى، قبل ان تنكشف حقيقتهم.



    فارقت ماريا فلوريدا قبل سنوات طويلة، مع صديق سابق لها. واستقرت فترة فى ولاية فرجينيا، حيث يعمل ذلك الصديق، قبل ان يفترقا، وتقرر هى القدوم الى واشنطون العاصمة، لتعمل فترة، كعاملة نظافة فى فندق ماريوت، احد اكبر فنادق المدينة. ثم استطاعت ان تحصل على رخصة، للعمل على عربة بيع سندويتشات النقانق، أو الهوت دوق. وهذا النوع من العمل يستخدمه عادة تجار المخدرات، لغسل مدخولاتهم، من التجارة القاتلة، حيث يوردون بعضا من هذه الاموال يوميا، مع حصيلة بيع السندويتشات، الضئيلة نسبيا، الى البنوك. حيث يصعب عمليا تعقب مصدر الاموال، خاصة، وأن حركة البيع، تتم يدويا، ونقدا، وبدون ايه فواتير، او ايصالات. فاذا درَّت العربة مثل،ا دخلا وقدره تسعين دولارا فى اليوم، يتم توريد مبلغ اربعة الاف وخمسمائة دولار الى البنك!!



    ماريا خوان ميقيل، مصيبةٌ رُكِّبت على فخذين.



    - ال###### مارادونا يجب ان يخسر.

    - دينك ودين الكرة يابنت الملحوسة.



    ضحكت، ودعتنى الى تناول زجاجة بيرة معها. لم أرد حتى على دعوتها.



    كنت، ولا أزال، اخاف منها، ومن جاذبيتها الآسرة. البنت حلوة حلاوة تصيبك بنوعين من الحكة، واحدة فى الحنجرة، والثانية أسفل البطن. بيد أننى دائما أتذكر كلام السكران ( بيسو) الحكيم:



    - ياعبدول، إن نصف جراثيم الايدز فى العالم، انطلقت من جسد ماريا خوان ميقيل



    غادرتها، وانا اسب الرياضة والرياضيين، والسكارى والسكاريين.





    (5)



    القيت نظرة أسف وحسرة، على باب الشقة الاخيرة، فى الطابق الثانى. مغلق وصامت بشكل ابدى!!



    فمنذ أن سُجن زوجها يحى، فى حادثة البنت الصومالية ، صفية، أصبحت فى حالة يرثى لها، من البؤس، والشقاء، وعدم التوازن.



    لم تأخذ المحكمة بإلتماس محاميها، والذى أثبت فيه، ومن حلال العديد من الأدلة، والعشرات من شهادات الشهود، والإختصاصيين، أن حياتها، وظروفها الصحية، تتوقف بالفعل على مساعدة زوجها، وأنها ماعندها غيره. واستعانوا بناس منظمة الآى آر اس، الذين أوفدوا بشرا كثيرين شرحو ظروفها التى أودت بها الى اللجوء.



    وسيلة دبوز الجزائرية. معلمة، من محافظة تيزى وزو الجزائرية، والتى تعتبر مركزا لمناطق القبائل.



    اتهمها بعض المتشددين، من رجال القبائل، بأنها جدفت فى حق الذات الالهية، ثم أمروا بلسانها فقطع من جذوره!! فخرص صوتها، ولم تعد تصدر من الاصوات سوى بعض شخير، صامت، وبعض صريخ، أخرص هو الآخر.



    احدى تلميذاتها، سألت اباها أو جدها، إن كان الله بالفعل قد تخلى عن العرب. وقالت أن المعلمة وسيلة هى التى قالت ذلك. وتطور الامر، حتى أصدرت محكمة أهلية، حكما بقطع لسان المعلمة. وتدخلت منظمات حقوقية وانسانية بعد فوات الاوان، لتبنى حالتها، تمخضت عن حصولها على اللجوء السياسى فى الولايات المتحدة. ولم يكن من الممكن لأى من أهلها القدوم معها. فتزوجها (يحى بوكرم)، وحصل هو على حق مرافقتها كزوج.



    انفرم يحى، والذى يناديه الناس ب (يايا)، في حياة مهنيّة روتينيّة. حيث اشتغل اولا، كموظف حسابات، في واحدة من مؤسسات الدولة، إلا أنّ ميوله الرياضية كانت أقوى... وهكذا، انسحب تدريجاً إلى حياة الملاعب في (وهران). ثم لعب فى فرق الدرجة الثالثة، أو مايعرف بالقسم الثالث، ومنها انتقل الى فرق الدرجة الثانية، قبل ان يتربع فى قلب دفاع (مولودية الجزائر). وعلى الرغم من انه لم يحقق أى نجاح يذكر، الا انه أرانى صورا، ونسخا من صحف جزائرية، بعضها بالفرنسية، وبعض بالعربية، وفيها صور له، وأحاديث عنه، ومعه. قال إنه زار الخرطوم مرتين!! ولعب ضد فريق (المريخ) الرياضى. وقد كانت له آمالا عراضا فى اللعب فى دورى المحترفين، فى اوروبا، إلا أن الظروف، لم تسمح له بأكثر من الهجرة الى الولايات المتحدة، ليلحق بزوجته، والتى تزوجها بعد ان مُنحت اللجوء السياسى. ولما كانت حالتها تحتاج الى رعاية قريبة، فقد سعت منظمة (آى آر اس)، لدى السلطات الامريكية، للاسراع فى تكملة اجراءات التحاقه بزوجته، وكان أن لحق بها بعد اسبوعين فقط من قدومها الى واشنطون، حيث أقاما أولا فى منطقة (مونت بلازانت) التاريخية، معقل الامريكان اللاتينيين، من سلفادوريين وغواتيماليين وغيرهم من عتاة مايعرف هنا بالاسبان، بجامع اللغة فى كلٍ. ثم انتقلا الى بنايتنا هذه فى مرتفعات كولومبيا. ومنها الى السجن الفدرالى لقضاء عقوبة الشروع فى الاغتصاب.



    مأساة وسيلة أنها تتعامل مع الناس بالورقة والقلم، ولكنها لاتعرف اللغة الانجليزية الا قليلا. فثقافتها فرنسية، لهذا كان من المستحيل ان تعيش وحدها. وعمليا فشلت فى توفير ابسط مطالب الحياة لنفسها ولجنينها، وتخلت عنها كل المنظمات التى ارتبطت بحياتها. وقد رأيتها آخر مرة عند مدخل البناية، تبعثر فى صندوق البريد الخاص بها، وكان يبدو عليها البؤس والارهاق.



    ذات صباح جليدى شاطح، داهمتها اعراض الولادة، فلم تعرف كيف تتصل بالاسعاف، أو بالأحرى لم تجد ماتتفوه به فى سماعة الهاتف، سوى صرخاتها الصامته، بعد أن طلبت رقمهم. وسقطت عند الباب بعد ان فتحته للاستعانة بالجيران. وزادها الجوع والارهاق ضعفا على ضعف، فكان أن عثر عليها مدير العمارة العجوز ماكسى، ملقاة على الارض نصفها داخل الشقة ونصف على الطرقة. ولكن الاسعاف جاء متأخرا جدا حيث انفجر الرحم، كما قيل لنا، وهى لاتزال على الارض.





    (6)



    فى الطابق الثالث، كان صوت المزياع ينبعث عاليا جدا، من خلف باب شقة (مركيبو كملاش). كلاما بالامهرية. يبدو كأنه صلاة من كنيسة، أو خطبة سياسية.



    طرقت الباب ففتحت (هيلين)، صديقته الحبشية، أو زوجته... لا أعرف. فهى تقيم معه منذ سنوات طويلة جدا، على الرغم من أننى رأيتها مرات عديدة، فى رفقة سائقى تاكسى، أحباش ونيجيريين وعرب وغيرهم.



    كانت تلبس فستانا حبشيا تقليديا، مزخرفا من الأسفل. وتضع طرحة بيضاء، منقوشةً هى الاخرى، بخيوط حمراءَ، لامعة... وحافية القدمين.



    - صوت الراديو عال جدا يا هيلين

    - آسفة ياعبدول. لم أنتبه اليه، كنت اصلى. سأخفضه.



    ودخلت، واغلقت بابها خلفها.



    هيلين. جاءت منذ سنوات طويلة، بتأشيرة زيارة، ثم بقيت هنا، تبحث عمن يتزوجها، ليمنحها اقامة شرعية.



    كادت ان تنجح مع السلفاتورى المسطول، (سيزار)، الذى دفعت له عشرة الاف دولار، بالتمام والكمال، وبقيت معه لمدة سنة، تقوم على خدمته، وتطبخ له طعامه، وتغسل له سراويله، حتى قبض عليه البوليس، وهو يوزع الكوكايين، مجانا، لتلاميذ مدرسة فى الجوار، فسجنوه، وأمروا بنزع الجنسية عنه، واعادته الى موطنه الاصلى، بعد انقضاء مدة العقوبة. فاسقط فى يدها، وعادت من جديد، تحاول اصطياد كفيل آخر.



    اراها، ومنذ سنوات، تقيم فى شقة مركيبو. ولا أعرف بالضبط نوع العلاقة بينهما. وان كنت لا أرجح فكرة الزواج بينهما، لعدة اسباب. فمركيبو يكبرها بأكثر من ثلاثة عقود. ربما يصلح أن يكون أبا لها أكثر من كونه زوجا. ثم إنه لايحمل الجنسية الامريكية، فهو غير مفيد فى حالة هيلين. اما السبب الاهم، فهو أن مركيبو لايزال قانونا، متزوجا من امرأة امريكية، من اصول إفريقية، مما سيعتبر جريمة فدرالية، إن أقدم على الزواج من أُخرى، قبل ان يعلن، وبشكل قانونى، طلاقه من زوجته الاولى.



    مركيبو، جاء الى هذه البلاد، هاربا من بطش نظام (منقستو)، كما يقول. ولم يوفق فى دراسته، بسبب ادمانه للخمر، وللنساء. فقطعواعنه المعونة الشهرية، وأُرغم على دخول سوق العمل مبكرا، فكان جل دخله، يذهب الى ملذاته. لم ينجح فى الحفاظ على أية وظيفة، فالتقطته امرأة تكبره كثيرا فى السن، ووفرت له المأوى والطعام والملذات، مستمتعة بفحولته البائنة، حتى إذا قضت وطرها منه، طردته الى الشارع. عمل اول الامر فى محطة للبنزين. ثم انتقل الى مطعم وملهى( بوكوم) فى شارع الليل فى المدينة، واستقر أخيرا، فى شركة، تعنى بتنسيق الحدائق. لاتفارق السيجارة شفتية، ولايفارق القات فمه، ولاتفارق الزجاجة جيبه.



    ولأنها لاتمتلك وثائق شرعية، تسمح لها بالعمل، فقد لجأت، كما يفعل أمثالها، من المقيمين بشكل استثنائى، فى هذه البلاد، الى التحايل على القانون، والعمل بشكل غير قانونى. يشجعها على ذلك، جشع بعض المهاجرين السابقين، من أصحاب الأعمال الخاصة، كالمطاعم، والبقالات، ومحطات الوقود... وغيرها، فيستخدمونها بأجر ضئيل جدا، مقارنة بالحد الأدنى للأجور، المسموح به قانونا.



    عملت مرة فى محطة للوقود، يملكها ايرانى، من ضباط مختبرات الشاه السابق، بدولارين فى الساعة!! وكانت تعمل أكثر من عشر ساعات يوميا، عملاً مضنيا، لايتناسب مع أُنوثنها لتحصل آخر النهار على مايكفى بالكاد لشراء طعام وشراب. وقد تحدث شخص أعرفه مع الايرانى، بخصوص رفع اجرتها، فقام على الفور بفصلها من العمل، خوفا من القيل والقال، الذى يجُرُّ السؤال، ويلفت أنظار أهل الضرائب الى فعلته تلك.



    وعملت مرة أخرى كنادلة فى حانة. يملكها واحد من بنى جلدتها. تقوم طوال النهار، وكل المساء، على خدمة الزبائن، من جمهور السكارى، وتتحمل مضايقاتهم فى صمت، ثم تقوم بنظافة وترتيب الحانة بعد انفضاض السامر، ثم تنخمد مهدودة آخر الليل تحاول التقاط بضع ساعات، تريح فيها ذلك الجسد المرهق، ولاتخلو ليلة من لياليها، ممن يصبر عليها، حتى تفرع من عملها الضرورى، فى خدمة جمهور العامة، لتتفرغ له بقية الليل، تخدمه خدمة خاصة، لقاء دراهم اضافية، تستعين بها على مواجهة متطلبات الحياة، وترسل بعضا منها الى أفواه تنتظرها فى الوطن الام. لكنها لاتنسى أن تدخر الجزء الأكبر منها، لتقدمه ثمنا، لمواطن ما.. لايزال خلف الظلال، حتى يمنحها بالزواج، حقا فى الاقامة الشرعية، ومن ثم أوراقا تسمح لها بالعمل وفقا للقانون.





    (7)



    ألقيت نظرة سريعة الى باب الشقة المجاورة، والتى كانت تسكنها سيانق لى من مواليد شنغهاى سنة ستين، أو نحو ذلك.



    يبدو أنها قد خرجت من زواج فاشل، أثمر بنتاً تشبه (بنات التَبـِخ) كما تقول سناء جعفر.



    لانعرف عنها الا اسمها. وتتكتم بشكل مريب على ماضيها، وكلما يمت الىه بصلة.



    تعمل نهاراً، فى مكان ما بوسط المدينة. وتعمل ليلاً، بمكان آخر فى طرف المدينة. تركب القطار من محطتنا صباحا، وتنزل فى وسط البلد. تمشى قليلا، ثم تدخل بناية، بها مجموعة من الشركات، والمكاتب التجارية، وبها عدد كبير من المحامين. وتبقى هنالك، محشورة جوة واحد من تلك المكاتب حتى بعد الظهر. تعود الى البناية، وتبقى داخل شقتها، حتى أول المساء، لتخرج مرة أخرى، وتركب القطار المعاكس، حتى آخر محطة فى المدينة، فتنزل، وتسير قليلا، ثم تدخل بناية أخرى، لا أعرف ماذا بداخلها بالضبط، وتبقى هنالك حتى منتصف الليل، لتخرج، فتلحق بآخر قطار عائد الى محطتنا، فى مرتفعات كولومبيا.



    منعزلة تماما عن الناس، لاتشاركنا فى أية مناسبة، بل ولاترد حتى على السلام. لاتزر، ولاتزار. الا من زائرة واحدة من بنات جلدتها، تأتيها آخر الأُسبوع، وتبقى معها، تتراطنان بصوت عال نسبيا، ثم تغادرها، آخر اليوم، فى سيارة أجرة.



    حين أكون فى سبيلى لركوب القطار، عادة ما أسلك الباب الخلفى للبناية، والمتصل بغرفة الغسيل، فهو أقصر الطرق، على الرغم من وعورته. باقى السكان يفضلون درب السلامة. فالزقاقات الخلفية للبنايات، غالبا ما تكون محفوفة بالمفاجئات غير الحميدة. حيث توجد صناديق القمامة الضخمة، والتى يمكن بسهولة أن يختبئ خلفها لص، أو قاطع طريق. وعند حلول الظلام، تتحول الى مستعمرة للهوام من الحشاشين، والسكارى، يعربدون فيها، ويتخذونها مآوى، وأندية للتسامر، وغرف نوم، بل وحتى يمارسون الجنس فيها.



    الإنسان عادة يمارس الجنس فى مرقده، وهذا مرقدهم، فماذا يفعلون!؟



    أول مرة قابلت بنت التبخ كانت فى غرفة الغسيل.



    كان الوقت مساءً، وكنت فى طريقى الى البقالة، ففضلت اختصار الطريق. عرفت على الفور انها تنتمى الى شقة سيانغ لى. طفلة فى منتصف العقد الثانى من عمرها. ترفل فى تنورة مخططة باللونين الاحمر والاصفر، وقميصاً اسوداً قصير الأكمام. كانت تجلس تطالع فى كتاب كبير الحجم، أطلس ملون، أو شئ نحو ذلك، بينما صوت الغسالة يهدر بجانبها.



    ألقيت عليها سلاما أمريكيا باردا، تجاهلته كما كنت أتوقع. فشتمتها بالدارجية السودانية مستخدماًألفاطا، أحط قليلا من النابية، فرفعت رأسها مدهوشة، لاتدرى بالضبط، أشتيمة هذه، أم هى غناء إفريقى بدائى. ونظرت الىَّ فى صمت محتار.



    خرجْتُ، وتعمدت أن اترك الباب مفتوحا. ثم لبدت خلف أحد صناديق القمامة أرقبها. رأيتها تقدم رجلا، وتؤخر ثلاثاً. ثم نظرت خارج الباب قليلا وسرعان ما أغلقته. عُدتُ، وفتحْتُه مجددا، ونظرت اليها:



    - اريده مفتوحا.

    - ولكننى خائفة يامستر



    قالتها فى انجليزية فخيمة. كان صوتها طفوليا جميلا. وفيه بحةٌ، تشبه بحة عشة أم رشيرش. صوتها بالضبط رن فى طبلة أُذنى كصوت بوق بائع الداندرمة.



    ضحكتُ وقلت لها ألا تخاف، فأنا بالخارج أُدخن سيجارتى. فقالت "أو كى" وإن كان صوتها لايبدو عليه الإطمئنان. وكأن لسان حالها يقول " ومن يضمنك أنت؟" فالصبيَّة ، إن لم تكن تخشى أمثالى!؟ فمن كانت تخشى!؟



    هذا الباب بالذات لايستخدمه أحد، غيرى أنا.... وماريو الحيوان.

    المرة الثانية، حين كانت تئن، وهى تحمل ثلاثة أكياس كبيرة، لعلها بقالة أو ماشابه ذلك. كانت الاكياس ثقيلة، وكان عليها أن تصعد بها عتبات السلم، حتى الطابق الثالث، فحملتُ عنها كيسين، وتتبعتنى فى صمت مستريب. لعلها خافت أن ازوغ بهما!! وعند الباب قالت لى شكرا، فابتسمت لها.



    تانى لم أرها على الإطلاق، حتى جائنى (عوض) ، ولدى الأكبر، ذات يوم، وفى يديه الواشنطون بوست، وفى عينيه حزن عميق. ناولنى الصحيفة، وحلس على الكنبة المجاورة يبكى.



    رأيت صورتها، ضمن صور ضحايا المذبحة التى نفذها تلميذ معتوه. أطلق النار يشكل عشوائى، داخل حرم المدرسة التكنولوجية، بمدينة (بلاكسبيرج) بولاية فرجينيا، فقتل تسعة أشخاص... دون سبب معلوم!!!!



    بعدها بأيام، علمت من ماكس العجوز، أن الصينية رحلت عن البناية.
                  

12-03-2010, 02:46 AM

د.نجاة محمود


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نِسوان من الجيران! مقام للاحتفاء بعبد المنعم الجزولي (Re: د.نجاة محمود)






    (8)



    فى الطابق الرابع كان باب شقة الفلبينيات مفتوحا كالعادة!!



    طوال السنوات التى قضيتها فى بناية الجن هذه، لم أر هذا الباب مغلقا، الا إذا كنَّ بالخارج.



    ثلاثة بنات حلوات يقِمنَ معاً. يدخلنَ معاً، ويخرجن معاً.



    التقينَ فى زقاقات الحياة، وتمرَّغنَ فى تراب ميريها، واندفنَّ تحت أثافيها، وقد أخذنَ نصيبهنَ من البهدلة والمهانة، حتى قيض الله لهنَ درباَ الى (شيكاغو)، حيث عملنَ فى بعض فنادقها، ودرسنَ شيئا له علاقة بالتمريض. الفلبينيات دائما يشتغلنَ فى مهن ذات صلة بالتمريض، ولاغرابة ان تكون الفلبين اكبر مُصَدِّر للمرضات فى العالم، حيث قيل ان عددهن قارب النصف مليون ممرضة.



    - أ -



    (اميهان لوجارتوس).

    أكبرهن سنا.



    تبدو عليها علامات الزعامة. ينادونها (إيمِى)، وأُنادينها (ميها)، وقد أعجبها الإسم لسبب ما. قالت إن إسمها باللغة التاغالوغية، لغة أهل الفلبين، يعنى الريح الخريفية الموسمية.



    ولدت في قرية (كوتود) الصغيرة، والتي تبعد نحو 80 كيلومترا، شمالي العاصمة (مانيلا)، حيث رأت بأم عينيها شقيقها الأكبر، يصرخ مع آخرين، من شدة الألم، اثناء عملية تطهر روحى، يتعرض صاحبها، لتجربة ألام السيد المسيح، وذلك، بدق مسامير، بحجم القلم الرصاص، في يديه، وقدميه، قبل رفعه على الصليب، في طقس شديد الحرارة، يعتمدون فى تمثيله على ماجاء فى الاناجيل الاربعة.



    قالت إن شقيقها لم يمت. ولكنه ظل يعانى، حتى اليوم، من عاهتين، فى كلتا يديه.



    جاءت الى الولايات المتحدة بعد ان كسبت اللوترى. وضمت معها، فى أوراقها الرسمية، صديق لها، كان يعمل فى شركة السكك الحديدية الوطنية فى مانيلا. وقد إتفقا على الزواج. وما أن حصل على اوراقة كاملة، ونال الجنسية الامريكية، حتى تنكر لها، وتزوج من امريكية شقراء، ورحل معها الى ولاية تكساس.



    درست التمريض فى مدرسة للممرضين، فى جامعة شيكاغو. وتعينت فى مستشفى جامعة هاوارد بواشنطون، حيث استأجرت، مع بنات جلدتها، شقة فى منطقة ديبون سيركل، المعروفة بكونها مركزا لتجمعات ومنظمات السحاقيات واللواطيون فى المدينة. قبل ان ينتقلن الى شقتهن الحالية فى عمارتنا، فى مرتفعات كولومبيا، بعد تجربة خطيرة تعرضت لها ذات ليلة من مجموعة من السكرانات السحاقيات، اللاتى تحرشن بها اثناء عودتها من وردية ليلية فى المستشفى، تحت سمع وبصر رجال الشرطة، الذين يعسكرون، وباستمرار، داخل سياراتهم، فى شوارع المنطقة. فقد رفضوا التدخل لحمايتها، رغم استنجادها بهم، فى واحدة من جرداتهم العنصرية المشهورة. ففى النهاية، هى ليست سوى مهاجرة اسيوية، وهن امريكيات بيض!!



    - ب -



    (باقويز ثيودور).

    حلوة، تذكرنى بحلاوة الهريسة، ايام المولد.



    قالت ان اسمها يعنى ريشة الجناح الطويلة، او هكذا فهمت. شعرها، اسود فاحم يصل الى ماتحت إليتيها. وتجعله دائما كذيل الحصان، يتنطط من خلفها ويخلع قلوبنا معه وهى نازلة من السلم، مهرولة دائما.



    عملت فى السعودية، كخادمة، فى قصر لثرى، قالت عنه إنه أمير، ولكن اسمه لايدل على إمارة.



    كانت خادمة، ومربية، ومرافقة، وكل شئ آخر. أعجب مافى روايتها، أنهم كانوا يستخدمونها، للتنفيس عن الطاقات الجنسية المكبوته، فى جسد إبنتهم!! كانت تقوم بالضغط على اماكن معينة، فى جسد الفتاة، التى تتأوه، وتصرخ تحت ضغط أصابعها، وتنتفض، وترتعش، ثم تهمد، وتروح فى النوم.



    قالت، إنها تعلمت ذلك من واحدة، لعلها طبيبة، جاؤا بها خصيصا لتدريبها. قلت لها مرة اننى لا أصدق روايتها تلك وعليها أن تثبت ذلك عمليا. فضحكت وقالت لى:



    - ياعبدول انت ليس عندك بظر لنفركه لك.

    - إذن فأنت سحاقية!!





    احتجَّت بأننى أستخدم مفردات، ارددها كالببغاء، كما قالت، دون أن ادرك معناها الحقيقى:



    - السحاق ياعبدول فعل للمتعة المتبادلة بين اثنين. أنا لا أستمتع بهذا الفعل، انه مجرد وظيفة.

    - اذن فأنت لافرق بينك وبين العاهرة. تلك تتكسب بفرجها دون متعة حقيقية، وأنت تتكسبين ب.. بفروج بين أصابعك، أنت مشروع عاهرة ممتازة.



    ضحكت وقالت بطريقتها اللئيمة فى النقاش والتى قالت إنها تعلمتها فى السعودية:



    - ياعبدول، أنا لست مشروع عاهرة. أنا عاهرة كاملة التعهر، ولاينقصنى سوى قواد ممتاز، مثلك، ليضعنى فى السكة الصحيحة.



    كان يتم استغلالها جنسيا، على نطاق واسع داخل البيت، فكأن شغلتها، أن تنفس عن الطاقات المكبوتة، عند جميع افراد الاسرة، الأم والأب والأخوان، بل وأصدقاء الاسرة ايضا، وحتى الخدم الآخرين!! كانت تعمل فى وظيفة منفس عمومى. وكانت تقول عن نفسها:



    - لقد كنت ############، بالحجم العائلى، ياعبدول.



    جاءت معهم الى واشنطون، ثم هربت منهم، ولكنهم بلَّغوا البوليس عنها، باعتبار انها لصة. سرقت، قالوا، ذهبا واموالا منهم. فقُبِض عليها، وبقيت فى الحبس فترة، حتى أسقط القاضى تهمتها، بعد جهود طويلة، بذلتها محامية شابة، من مكتب للمحاماة، يتبع احدى جمعيات حقوق الناس. وقد مُنِحـَتْ على اثر ذلك، حق اللجوء السياسى، باعتبارها امرأة فى محنة.



    - ج -



    (مريسا بدرو ديلوس.)

    اصغرهن سنا وحجما.



    قالت إنها انحدرت من أُصول إسلامية. فجدها، يدعى (امير ابوبكر) وجدتها (امينة حمزوى). قلت لها :



    - هل أنت متأكدة انك من الفلبين ولست من أفغانستان



    قالت بانها من منطقة (مينداناو)، فى الجنوب، حيث يتركز الوجود الاسلامى. وهى منطقة غنية جدا بالموارد الطبيعية. وحكت لى ان المسلمين كانوا اغلبية فى جزر الفلبين، قبل وصول البحار (ماجلان) اليها سنة 1521 ومن ثم، بداية النفوذ الأسبانى. وكان الآباء يسمون مواليدهم، بأسماء، أخذوها من التجار العرب.



    ولما سألتها عن قصة حصولها على اللجوء السياسى، أبدت دهشة عظيمة:



    - ياعبدول، انا لا علاقة لى باللجوء أيا كان نوعه. أنا مواطنة اميريكية بالميلاد.

    - ميلاد!!؟؟

    - نعم.





    والدى كان يشتغل فى مكتب بعثة الفلبين، فى الامم المتحدة. وقضى فى هذه البلاد سبع سنوات، ولدت خلالها، وبالتالى حصلت على الجنسية.



    مريسا، بنت بلا تجارب. تبدو عليها البراءة، وإن لم تكن بريئة تماما. من الواضح أنها تعانى شيئا من الانفصام. فهى قد نشأت فى وسط محافظ نسبيا، حتى بلغت العشرين من عمرها، ثم جاءت الى هذه البلاد العجيبة. فوجدت نفسها بين نارين. نار الحرية، المتاحة هنا الى أقصى الحدود، ونار التقاليد، التى لاتزال تنخر فى عظامها.

    كانت كثيرة الوقوف عند النافذة، مساءً، تنظر الى النوافذ المقابلة، وكانت كثيرة الانتباه الى الآخرين, فى علاقاتهم الحميمية. كنت أراها غارقة بكلياتها فى متابعة الناس، وحركاتهم، وسكناتهم. وكثيرا ما شاهدتها ساهمة، لعلها كانت تعيش بعضا من أحلام اليقظة.



    دخلت فى كثير من العلاقات الخاصة مع زملاء لها فى الدراسة أو فى العمل، ولكنها جميعها كانت تفشل وهى بعد جنين، حين تصطدم برغبات الطرف الآخر الطبيعية. والتى لم يكن من الممكن أن تستجيب لها بأى قدر!!





    (9)



    وانا أحث الخطى نحو شقة الفلبينيات، تسبقنى اشواقى الى الشاى، ومتع أخرى أمنى النفس بها، لمست أذنى موسيقى شرقية خفيفة. ضرب على آلة العود أو ماشابه، تنبعث من وراء باب شقة السلام، كما أسميها.



    (منيرة عباس مويكتش) ، والتى تتسمى هنا ب(ليديا موى)، وصديقتها (سارة بابوفيتش).



    الاولى بوسنية، من بلدية (براتونيتش)، الواقعة بالقرب من (سربيرنيتشا)، شرقى البوسنة. والثانية صربية من بلغراد.



    الاولى مسلمة، تتمسك بصلواتها، وتهتم خاصة بشهر رمضان، فتقضى اغلب اوقات فراغها فى مسجد المركز الاسلامى بواشنطون، وتتطوع فى أغلب مناشط المركز.



    والثانية مسيحية ارثوذوكسية غير متعصبة، تمارس حياتها بسياسة رزق اليوم باليوم، لاتقيم وزنا كبيرا لأى شئ يتصل ببلدها، بل ولاتعتقد أصلا أن لها بلدا تنتمى اليه.



    تقول انها كانت يوغوسلافية، وحين إندمَّرت يوغوسلافيا، أصبحت مشردة دوليا. وتحمد الله أن قيض لها إدارة الهجرة الامريكية، فمنحتها الجنسية، ومن ثم حصلت على جواز سفر، صالح للاستعمال، تمارس من خلاله هوايتها، فى التنقل بين بلاد الله المختلفات. وقد وجدت لنفسها وظيفة، ايام دراستها الجامعية، فى وكالة للسفر وحجز التذاكر، ثم انتقلت بعد التخرج، الى وظيفتها الحالية، كمضيفة جوية، فى شركة (دلتا) للطيران. ساعدها على ذلك جمالها الوحشى!! بشعر أصفر كالذهب، وعيون تشبه عيون القطط. تشع شهوة!! وتتنفس جنسا.



    قلت لها مرة:



    - أنا أخاف منك. حين أنظر فى عينيك، يجينى إحساس بأنك سوف ترمينى فى أقرب سرير،وتغتصبينى!! يظهر عليك انك مغتصِبة.

    - وماهو الغريب فى ذلك، إن جذورى صربية ياعبدول.



    ترفض بعناد ان تتحدث عن ماضيها، أو ماضى أسرتها. كل الذى عرفته عنها، انها جاءت الى هذه البلاد برفقة والدها. وأنها اقامت فترة معه، فى المدينة القديمة بالاسكندرية، بولاية فرجينيا، قبل ان يسافر والدها تبع الجيش الامريكى، ليعمل مترجما فى بلغراد. ثم جاءها خبر مقتله، وهى بعد فى اول عتبات دراستها الجامعية. وتسلمت مع الخبر مالا كثيرا، سرعان ماتبخر فى المطاعم والحانات، التى كانت قد أدمنت غشيانها وبشكل يومى، بسبب عدم اجادتها طهى اى شئ!! فتعتمد فى مأكلها ومشربها على مايتوفر فى أسواق الطعام الجاهز.



    ماعدا ذلك، فهى لاترغب فى الحديث عن أى شئ، وتجيبك دائما بأنها لاتعرف، أو لاتذكر. مرة وقد كانت سكرانة, إعترفت لى بأنها أجهضت نفسها مرتين. الاولى فى (سان خوان) عاصمة بورتريكو، والثانية فى (سان تياغو) عاصمة تشيلى. أما كيف ومتى ولماذا كانت فى تلك البلاد، الله أعلم.



    على النقيض من صاحبتها، فإن منيرة، كثيرة الكلام عن اسرتها، ومعاناتها.



    (سلطان ابراهيموفيتش)، الذى يقيم فى السويد، ويلعب كرة القدم، هو ابن عمتها (فاهمة بدرى). والتى ربما قتلت فى واحدة من هجمات الصرب على مضارب اهلها فى (براتونيتش) ذات صباح من صباحات شهر يوليو من عام1995، عندما اقتحم جيش الصرب مدينة (سربيرنيتشا)، تحت سمع وبصر، بل ومرمى نيران قوات الامم المتحدة، والتى كان من المفترض أنها هنالك لحماية السكان المدنيين العُزَّل!! فى واحدة من مخازى المجتمع الدولى ومنظمته المتحدة، والتى أُعيد فيها تقريبا نفس سيناريو الكونغو سنة1961 والذى انتهى بإعدام ( لوممبا) وتنصيب (مويس تشومبى) بدلا عنه، بسبب الصراع على ثروة النحاس فى اقليم (كاتنقا). فمثلما امتنعت قوات الامم المتحدة من تقديم الحماية للسكان المدنيين فى الكونغو وقتها بأمر مباشر من (داج همرشولد)، فانها امتنعت فى سربيرنيتشا من التدخل بأمر مباشر من (بطرس غالى)!!



    حكت كثيرا جدا عن تلك الايام. حتى كدت أن اصبح خبيرا فى شؤون معاناة مسلمى يوغوسلافيا، يرحمها الله.



    انقطعت صلتها بأهلها تماما. لاتعرف عنهم أى شئ، عدا أولائك الذين تأكدت من موتهم تحت بصرها. أبوها، وأشقائها الثلاثة، وعمها. أما بقية افراد الاسرة فقد ضاعوا منها فى قِـبـَل الدنيا الاربع. ولم تفلح حتى مجهودات منظمات اللاجئين المتعددة، فى العثور على أثر لهم، إذ لربما غيروا أسمائهم كما فعلت هى، وكما يفعل جميع القاددمين من تلك البلاد.



    طرقت الباب فجائنى صوت البوسنية مهذبا ومستحيا يسأل عمن يكون الطارق. ثم لما تأكدت من شخصيتى وصوتى فتحت الباب باشة مبتسمة:



    - كنت فى بالى قبل قليل.

    - خير اللهم أجعله خير.

    - كل خير طبعا. اريدك أن تشرح لى بعض الآيات التى استشكل على فهمها.



    - شوفى يابنت الناس. انا بالكاد افهمها بالعربية، وتريديننى أن اشرحها لك بالأفرنجية!! إذهبى الى الامام فى المسجد وهو سيعين لك من عنده قدرة على تحمل مثل هذه المسؤولية.



    نظرت الى الارض برهة، ثم قالت بصوت خفيض:



    - أنا ارتاح لشرحك، فأنت صبور وطريقتك فى الدرس تدخل الدماغ سريعا.

    - يابنت. هل أنا بنقو!!؟ هذه الامور لاتحتمل الاجتهاد الاعمى. اذهبى الى الامام فى المسجد

    .

    ثم لما رأيت حجم الأسف فى عينيها الحلوتين، استعذت برب الفلق من شر ما خلق، وسألتها عما تريدنى أن أشرحه. فتهللت أساريرها فى فرحة ظفولية. فرحت فى سرى ألعن الصرب، والحرب، والسياسة مما جميعها. ثم لعنت نفسى الامارة بالسوء. وأمسكت المصحف انظر الى حيث وضعت أصبعها عند الآية22 من سورة النساء!!



    سألتها:



    - أنت لا تتحدثين اللغة العربية!! فكيف تقرأين القرآن!!؟

    - منذ أن كنا صغارا علمونا كيف نقرأ القرآن

    - اذت فأنت تستطيعين قراءة الصحيفة والكتاب؟

    - للأسف لا. القرآن فقط.

    .
                  

12-03-2010, 02:49 AM

د.نجاة محمود


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نِسوان من الجيران! مقام للاحتفاء بعبد المنعم الجزولي (Re: د.نجاة محمود)






    (10)



    (ماريا هرنانديز)

    امريكية بالميلاد.



    قالت بأن أجدادها جاؤا من (هندراوس)، ليعملوا فى مزارع الجنوب، التى تملكها عائلة (كارتر). كانوا عمالا موسميين، يدخلون سنويا عن طريق المكسيك، يكسبون بعض المال ثم يعودون الى بلادهم.



    كبرت فى رأس جدها، فقرر الاقامة هنا. وكان الامر فى ذلك الزمان سهلا وميسورا. فبقى ونال الجنسية.



    تزوجت ماريا هرنانديز ثلاث زيجات، نالت عشرة آلاف جنيه عن الزيجة الاولى، ولما حصل السلفاتورى على أوراقه طلقته، ثم تزوجت من كاميرونى، فسخت زواجها منه، قبل أن يستلم أية أوراق، وأعادت له جزءً من المال، وسكتت عن الباقى.



    زيجتها الثالثة كانت الرابحة.



    تزوجت من (خوسيه شامورو). نيكاراغوى كان يعمل سائقا لأحد قادة الكونترا، والذى ورد فى الأخبار، ان زائدته الدودية التهبت ، وهو فى منطقة جبلية وعرة. ولم يكن هنالك مايمكن عمله لاسعافه، فمات.



    قيل إنه، حين وفاته، كان يحمل بعض أموال الكونترا!!



    بعضهم قال بإنها مليونا. والبعض الآخر رفع الرقم الى خمسة. ولكن أولاد الحلال شطحوا، وقالوا عشرين مليونا من الدولارات!! عدا ونقدا. وقيل أنها كانت فى حقيبتين كبيرتين. وتهموا خوسيه بأنه أخفاهما. ومما زاد فى شك الناس، أن الرجل اختفى، ليظهر فى المكسيك، بعد عدة سنوات، كرجل أعمال!!



    زار الولايات المتحدة ثلاث مرات، فى المرة الأولى، جاء يشترى محاصيل زراعية، لصالح حكومة ترينيداد. وفى المرة الثانية، كان يبحث عن أدوية، وأدوات معامل طبية، لحساب دولة غيانا. وفى المرة الثالثة، جاء لينتجع فى منتجعات ميامى.



    حاول أن يتقدم بطلب لنيل حق اللجوء السياسى، ولكن محاميةً شاطرة، نصحته ألايفعل، باعتبار أنه يقيم بشكل دائم فى بلد آمن!! وإن عليه قانونا أن يطلب اللجوء فى المكسيك!! وأن طلبه إذا رفض، فسوف يسد عليه كل السكك الأُخرى، والتى يمكن أن يلجأ اليها إبتداءً. ثم نصحته أن يشترى له زوجة أمريكية الجنسية!! لينال حق الإقامة الدائمة كخطوة أُولى نحو نيل الجنسية.



    ماريا هيرناندز قالت لى، إن إبن عم لها، هو الذى دله عليها. واشترطت على الرجل أن يشترى بيتا للزوجية فى ولاية ميريلاند، وأن يدفع لها مائة ألف دولار، كثمن لهذه الزيجة الخاسرة، فالرجل يكبرها بنحوٍ من ثلاثين سنة!!



    قضت معه حوالى الثمان سنوات، حتى نال الجنسية، ثم لما أراد الطلاق، طالبته بربع مليون دولار، وأن يترك لها حق التصرف فى بيت الزوجية، وقد كان.



    قلت لها:



    - يعنى أنت تمتلكين ثروة يابنت الناس!!

    - ياعبدول أنا فى جيبى أقل من ثمانية دولارات.

    - نعم.. فالمال فى البنوك، أو فى البورصة.



    ضحكت وقالت



    - المال كله راح، وكذلك البيت، أعدته الى البنك، وقبضت فرق السعر، وهاأنذا الآن أعمل كجليسة أطفال بالساعة.

    - وأين بعزقتى كل تلك الثروة؟!

    - لعنة الله على الكراك كوكايين، ياعبدول.





    (11)



    (تالا)، زميلتنا فى النـُقـَّارة، لم تحضرعصر ذلك الأحد.



    عصر كل أحد، نتلملم فى حديقة (الحاج مالكوم إكس) بواشنطون، رجالاً ونساءً، ومن كل الأعمار والأجناس، لنضرب الطبول، ونرفع الإيقاعات الحارة، والباردة، الى عنان السماء.



    منذ أن التحقت بنا هذه البنت، وهى لم تتخلف عن حضور النُقـَّارة. لهذا كان تخلفها فى ذلك العصر مثار تساؤل.



    (كرستين)، زميلة أخرى، ومتلقية حجج محترفة، سألَـتْ عنها مستر (روبنسون)، ضارب الطبل الكبير، والذى نعتقد أنه يقيم معها فى نفس البناية. فقال لابد إنها مريضة!



    اقترحت كرستين أن نزورها بعد نهاية النقارة. وإعتذرتُ، نسبة لإرتباط سابق.



    حين عدت ليلا وجدت رسالة من كرستين تقول فيها إنها تريدنى أن أتصل بها فور استلامى للرسالة، وقالت إن الأمر عاجل وهام.



    كانت الساعة حوالى الثالثة صباحا، اتصلت، مترددا. وبعد رنة واحدة جائنى صوت كرستين، غاضبا:



    - أين كنت حتى الآن ياصعلوك!؟

    - ماذا فى الأمر؟

    - ماذا حدث للشقة الخالية فى عمارتكم؟

    - لا أعرف. ولكنها خالية حتى الآن. لماذا تسألين؟

    - نريدها لتالا. البنت فى ورطة، فهى لم تدفع الإيجار لمدة ثلاثة شهور، وقد صدر عليها حكم بالإخلاء. وبعد غدٍ سينفذون أمر الإخلاء.

    - ومن قال لك إن الإدارة سوف تقبل تأجير الشقة لها؟!! إن عليها أمر إخلاء من المحكمة، وبهذا، فإن تاريخها الايجارى قد تلطخ، وتحتاج على الأقل لسبع سنوات، حتى تغسله من السجلات الرسمية.

    - أعرف ذلك ياعبدول، وسوف أقوم باستئجار الشقة، بإسمى.



    لم أطل الكلام، فقد كنت متعبا. قلت لها سأتحدث مع المدير فى الصباح.



    وهكذاأصبحت تالا، جارة لنا فى السكن.



    (سلمانة فهيم صادق). ينادونها ب ( تالا) أو (طلا). وتعنى فى الفارسية الذهب. مولودة سنة 1974 فى حى إسمه ( كخت ) بضواحى كابول عاصمة أفغانستان. وهو، كما فهمت، حىٌّ عشوائىٌّ يسكنه فقراء الناس. ولعل اسمه يعنى ( زقلونا) أو ( طردونا). دَرَسَتْ حتى وصلت ثانية جامعة، حين اغلقت طالبان الجامعات فى وجه النساء. وكانت تعمل مع منظمة كير، قبل دخولها الجامعة، فاستمرت معهم ولكن بشكل سرى. فالعمل ممنوع للنساء!!



    في مايو 1997 كانت مع أربع عاملات أخريات ضمن المنظمة، يعملن فى برنامج بشأن "الغذاء في حالات الطوارئ". وقد كانت المنظمة قد حصلت على تصريح بذلك من وزارة الداخلية. إلا أنهن قد إستوقفن من قبل رجال الشرطة الدينية، ثم أُرغِمنَ على الخروج من السيارة، وقاموا بمضايقتهن، وإهانتهن، قبل ضربهن بقضبان معدنية، وأسواط من الِجلد، يزيد طولها عن متر ونصف، ثم أُجبرن على العودة، سيرا على الأقدام، الى مكتب المنظمة فى كابول.



    مدير المكتب، الفرنسى الجنسية، أخذهن فورا الى السفارة الفرنسية، الواقعة فى نفس الشارع، شارع (تراباز خان)، أو كما قالت.



    النسوان، اللاتى كن معها، حصلن على اللجوء السياسى فى فرنسا، بينما إختارت هى أمريكا، أو بريطانيا. قالت بإنه ليس لديها بقية من عمر، لتعلم لغة جديدة.



    بقيت داخل السفارة لمدة شهرين، ثم نقلت بعدها الى المطار، داخل سيارات تحركت من جوَّة السفارة. لتجد نفسها بعد ساعات فى مطار هيثرو بلندن، حيث بقيت نصف ليلة، طارت بعدها الى واشنطون.



    وهكذا، تخلصت من النقاب، الذى كان يكتم عليها أنفاسها. فقد تم إرغام النسوان على ارتداء البرقع، أو النقاب، لأن..وجه المرأة مصدر للفساد، وإغواء للرجال، الذين لايرتبطون بهم.



    قضت ليالٍ طويلة، تحكى لى عن معاناتها، وبنات جنسها، تحت حكم الطالبان. فكل شئ تقريبا، لم يكن مسموحا به!!



    لم يكن مسموحا لهن لا بالعمل، ولا بالتعلم بعد سن الثامنة. وحتى هذا النذر اليسير من العلم حصروه فى قراءة القرآن. وكان هدفهم المعلن "خلق بيئة آمنة للحفاظ على كرامة وطهارة النساء"!!



    قالت لى، إن النسوان كن يغامرن بالأنخراط فى التعليم في مدارس سرية، بعيداعن الأعين. حيث يجازفن، ومعلماتهن، بمواجهة حكم الإعدام، إذا تم كشفهن من قبل طالبان.



    لم يكن مسموحا للنسوان بالعلاج على أيدى أطباء ذكور، مالم يكن ذلك فى حضورمحرم ذكر!! الأمر الذى أدى إلى حرمان قطاع كبير منهن من العلاج، بل وأدى الى مضاعفات جسيمة، انتهت، غالبا بالموت!!



    فتحت طالبان الباب على مصراعيه لزواج القاصرات تحت سن البلوغ، وقد ذكرت منظمة العفو الدولية أن 80 بالمائة من الزيجات في أفغانستان، كانت الأنثى فيها قاصرا!!



    حتى السير فى الشوارع بدون رفقة محرم ذكر كان جريمة تستوجب العقاب!! والطريف انهن منعن من احداث صوت بأحذيتهن أوان المسير خشية أن تفتن تلك الأصوات الرجال!!



    وقد دلتنى على أحد المواقع فقرأت فيه العجب العجيب!!



    (كل نوافذ الطوابق الأرضية والطوابق الأولي في المنازل لابد أن يتم طلائها أو سترها منعا لرؤية أي امرأة من خلالها، كما تم منع ظهور النساء من شرفات منازلهن منعا تاما.



    تصوير النساء فوتوغرافيا أو سينمائيا كان ممنوعا، كما منع عرض صور للنساء في الصحف أو المجلات أو الكتب أو المنازل.



    تعديل أي اسم من أسماء الأماكن التي تتضمن أسماء لنساء، على سبيل المثال تم تغيير مسمى "حديقة النساء" إلى "حديقة الربيع".



    منع ظهور أو حضور المرأة في الإذاعة والتلفزيون أو أي تجمع آخر.)



    إنصب إهتمام رجال الدين كليا، فى منع أى شئ يمكن أن يؤدى الى فتنة الرجال، الجاهزين أصلا للإنفجار جنسا!!



    - إن طالبان ياعبدول، بَنـَتْ إرثها الحضارى والثقافى، كله، بين فخذىَّ!! وأقامت نظاماً عدليا، متكاملا،ً فوق بكارتى. فتأمل!! ولهذا السبب، فإن أول مافعلته، حين وصلت الى بر الأمان، فى مطار هيثرو، أن قمتُ بإزالة بكارتى!!

    - هل مارست الجنس فى مطار هيثرو؟!!

    - لا.. لم أمارس الجنس، بل قمت بإدخال أًصبعى فى مهبلى، واستفرغت لهم شرفهم الذى هم فيه يعمهون!!

    - إنا لله وإنا إليه راجعون!!ا

    -

    تالا، تركت الإسلام بما حمل، ولم تعد تؤمن بوجود الله!!



    كانت قد تنصرت بعض الوقت، لكنها لم تجد نفسها، لا فى النصرانية ولا فى أية ديانة أُخرى، فهجرت قطاع الدين، مرة وإلى الأبد.







    (12) والأخيرة.



    (أماندا رونالد) وينادونها (مس جونز)

    زنجية من فاتنات الأمريكان.



    رآها (تاج السر الملك)، فقال إنها جميلة جداً، فقلت له إنها السحاقية رقم واحد فى المدينة!!



    - لاتبهت بنت الناس يا أخى!!

    - هى التى تقول ذلك عن نفسها.

    - كذاب!! أين قالته؟

    - تعال معى أوريك.



    وأخذتُه الى حيث تركن سيارتها، وراح يقرأ لوحة أرقام السيارة وهو يهز رأسه متعجبا.



    - إقرأ يارجل.. أقرأ بإسم الذى خلقك فسواك فعدلك، وعلمك الغلاط. إقرأ.



    واستمر يقرأ وهو يهز رأسه فى صمت.



    - سمِّعْنى!!



    كانت اللوحةـ وبدلا عن الأرقام المعتادة، قد كتب عليها، وبحروف بارزة " السحاقية رقم واحد"!! هكذا، وبدون أى مبالغة:

    LSBO NO 1 ) )



    كنت أجلس عند المدخل، محل ما تعودت أن تجلس ماريا غونزاليس، أدخنُ، وأتفرج فى خلق الله. (عزام) كان يجلس على الطرف الآخر من المدخل، مع إثنين من أصدقائه الأحباش، كلٌ منكبٌّ على هاتفه المحمول. يبعثون برسائل الى البنات، أظن. عندما توقفت أمامنا مباشرة، سيارة نصف نقل، تقودها إمرأة أربعينية، ذات عضلات بارزة من تحت الأكمام القصيرة، لقميصها المخطط بالأبيض والأزرق ، والمفتوحة أزراره العليا. مارأيت حمَّالة للصدر تحته، ولكننى والحق يقال، رأيت حمالة للحطب بداخله!!



    نَزَلَت خلفها أُخرى، حليقة الرأس، فى سروال من الجينز الأزرق الغامق وقميص قطنى وردى اللون، فى منتصفه، شعار لسباق من سباقات الماراثون، التى تقام بين الحين والآخر لدعم مرضى سرطان الثدى. كان صدرها نافرا للأمام، فى تحدٍ عجيب. وكان الجينز يلتف حول فخذيها، فى صرامةٍ أعجب. وكانت عيناى قد فقدتا صبرهما، ووقارهما، وراحتا تتحاومان بين الصدر والفخذ، وتشجعان اللعبة الحلوة!!



    بدأتُ فى تفريغ حمولة عيونى من النظر، المقررة لهذا اليوم، بينما كانت البنتان تفرغان حمولة عربتهما من المتاع، وتضعانه ارضا على الرصيف.



    قام اليهما عزام وصاحبيه، فى صمت، وراحوا يعاونونهما فى شغل التفريغ، ثم فى حمل المتاع، الى داخل البناية.



    نسيت امرهما فترة، حتى كانت احدى صديقات عزام، من بنات الأحباش، تطبخ لنا بعض طعام أهلها، فقال عزام إنه سيأخذ منه الى أماندا. فسألته مستفهما عمن هى أماندا، فأجاب بإنها المرأة التى سكنت فى الشقة الخالية، بجوار السلم، فى الطابق الثالث.



    ثم تناسيت الأمر فترة أخرى، حتى طَرَقـَتْ علىَّ الباب ذات عصر ماطر، فلما فتحْتـُه، كانت تقف فى ذات السروال الجينز الملفوف حول فخذيها فى عناية إالهية!! وكانت تحمل طبقا مغطى بالسولفان الشفاف، والذى يبدو أن تحته لحما مشويا، وتفوح منه بعض روائح أطعمة الجنة. أنا احب اللحم المشوى!! حتى ولو كان لحما بشريا!! المهم أن يكون مشويا.



    - هل عزام بالداخل؟

    - لا.



    وبدأ عليها الأسف. فسألتها أن تتفضل بالدخول، فدخلت دخول الفاتحين، برأسٍ مرفوعٍ، وصدرٍ مدفوعٍ، وخطىَ، أثبتُ من خطى ضابطٍ، تخرج لتوه من الكلية الحربية، وراح يفكر فى صياغة البيان رقم واحد.



    جبت لها شايا، فشكرتنى وقالت:



    - كنت قد وعدت عزاما بسمك مشوى.

    - مشكورة، ولكن قولى لى. مالذى يجعل إمرأة فى مثل سنك، تبارى شبابا خرجوا توا من مراهقتهم؟

    - انا شخصيا أحس بأننى أنتمى الى هذا الجيل

    - قد يكون هذا إحساسك. ولكن الواقع يقول إنك تنتمين إلى جيل آخر. جيل لاعلاقة له بهذا الجيل، إلا من زاوية الرعاية وإسداء النصح. جيل الآباء والأمهات، المستجيش ضراوة ومصادمة. جيلى أنا!!

    - لكم جيلكم ولى جيل.

    - هل لك أبناء؟

    - أنا لست متزوجة.

    - تزوجى وأنجبى أبناء، وسوف تفهمين كلامى هذا.

    - أنا سحاقية يامستر عبدول. لا علاقة لى بالرجال من قريب أوبعيد.



    كان هذا فى أول يوم نلتقى ونتحدث. أعجبتنى جرأتها. رغم إحساسى المسبق بمثليتها، ولكننى أتيت من بلد ثقافته أن الشينة منكورة!!



    فيما بعد حكت لى كيف أنها أصبحت مثلية.



    - لقد إغتُصِبتُ ثلاث مرات ياعبدول وأنا لم أكن قد بلغت السادسة من عمرى بعد!!



    فى أول طابور المغتصبين يقف أبوها!!!

    نعم أبوها الذى هى من صلبه.

    جاء سكرانا كعادته، ووجدها نائمة، وأمها لم تكن فى الجوار، ف... إغتصبها!! هكذا وببساطة.



    ومثل لبؤة جريحة، فقد سعت أمها، بين صفا المحاكم، ومروة الصحافة، حتى ضمنت أن الرجل سيقضى التسعين سنة القادمة من عمره، فى السجن. وأن المحكمة قد أمرت بألا يُنظر فى أمر العفو عنه قبل سنة2050 !!



    وفى دورة من دورات الزمان الخائن، إرتبطت أمها برجل آخر. رجل أكثر تحضرا ورقيا من ابيها. عوضها عن حنان الأب المفجوعة فيه. وكان يخرج معها الى الحديقة القريبة ليلعب معها، هو وإبنه من زواج آخر. وقد قدما لها الكثير من الهدايا واللعب، واشتري لها الأب كتبا جميلة ملونة، وجاب لها الكثير من الحلوى والآيس كريم ....ثم إغتصبها هو الآخر!!



    قالت إن أمها خافت أن تنتزعها الدوله منها إن هى اشتكت!! فسكتت. وكانت النتيجة أن ابنه، هو الآخر، قام بتكرار إغتصابها، وبعنف هذه المرَّة، حتى كاد النزف أن يودى بحياتها!! وكان لابد مما ليس منه بد، حيث قضت البقية الباقية من حياتها فى كنف أسرة أخرى.



    درست علم الإجتماع فى جامعة (جورج ميسون)، بولاية فرجينيا. وقد أنشأت وترأست (الجمعية المثلية)، والتى زادت عضويتها عن السبعمائة عضو وعضوة. قالت لى إن غالبهم ممن عانى شيئا مماثلا فى مراحل الطفولة. وشاركت فى إنشاء (المنتدى الجنسى للمثليين الأحرار)، وكانت وحتى وقت قريب تحاضر فيه عن (فقه السحاق) وقد صارت من أبرز الناشطات فى هذا المجال.



    - لم أعد أجد نفسى إلا بين النساء.

    - هل أقمت علاقة مع رجل قط؟

    - لقد نشأت على كراهية الرجال ياعبدول.



    قالت إن رائحة عرق الرجل يصيبها بالغثيان!! وقد حدث أن أُغمى عليها مرة، حين رأت ماء رجل، تركه، دون قصد، أحد الطلاب، وقد فرغ لتوه من مداعبة صديقته، على كنبة، فى الحديقة الجامعية!!



    أطلعتنى على مسودة كتاب تعده للنشر بعنوان " الإستعمار الجنسى - دراسة فى عدم استقامة الناس المستقيمين" وقد جاء فى مقدمته أن لها تحفظات على كثير من المصطلحات، التى يستخدمها الناس. حيث ترى، أن مايُعرف إجتماعيا، بالعلاقات السوية، بين النساء والرجال، هى فى الواقع ليست سوية على الإطلاق!! فهى فى الأساس، علاقة بين قاهر ومقهور، بين فاتح ومفتوح. ففى مثل هذه العلاقات يفتقد أحد الطرفين شيئا، ليس موجودا عنده. لهذا تدفعه الحاجة الى طلبه عند الطرف المختلف عنه فسيولوجياً!! ولهذا السبب، فإن أحد الطرفين ( وغالبا الأنثى) لابد أن يبدو ضعيفا أمام الآخر. وإنه فى الأساس، هى علاقة، يقوم فيها الطرف الأقوى، وهو الرجل، بإحتلال المرأة، الطرف الأضعف إجتماعيا وسياسيا وإقتصاديا، ويستعمرها، لينجب منها الأبناء، الذين يحملون إسمه، ويحفظون ثروته. هذا هو الغرض الرئيسى من كل هذه الزوبعة المسماة بالزواج!! فلا حب، ولا مودة، ولا تآخى، ولايحزنون.



    - بينما فى علاقات المثلية، فإن الطرفين متساويان فى كل شئ. متماثلان فى كافة الأعضاء!! فليس عند طرف شئ يفتقده الطرف الآخر. ولهذا فإن مابينهما ليس سوى حوار ذكى بين متماثلين!! لايعلو أحدهما على الآخر، إلا بما إكتسبه أو إكتسبته من خبرة، ومعرفة، ووعى. وليس بما ميزته به الأعراف إجتماعيا وسياسيا، أو بماحباه الله به من عضو زائد، لايعرف، حتى، كيف يتحكم فيه!! فيروح يغتصب الخلق، بإسم الزواج، تارة، وبإسم الحب، تارة أًخرى، وكل هذا كلام فارغ، ياعبدول.



    قلت لها متباهيا:



    - نحن فى الإسلام نعرف كيف نتحكم فى هذا العضو، ونستعين عليه بالصبر والصلاة.



    نـَظـَرَتْ إلىَّ بإشمئزاز، وقالت:



    - أنتم المسلمون بالذات أكثر أهل الأرض ممارسة لفعل الإغتصاب. تغتصبون النساء والأطفال والمعيز والحمير!! أنتم يارجل تغتصبون حتى زوجاتكم!! تعرف ياعبدول، وفى كل تاريخ القهر الذى إطلعت عليه، لم أجد أمة تغتصب معارضيها السياسيين، سواكم يامعشر المسلمين.



    نظرتُ جُواىَ برهة، ثم سكتُّ!!





    تمت وختمت

                  

12-03-2010, 06:30 AM

عبدالرحمن الخليفة
<aعبدالرحمن الخليفة
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 257

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نِسوان من الجيران! مقام للاحتفاء بعبد المنعم الجزولي (Re: د.نجاة محمود)



    الدكتوره/ نجاة محمود

    لك التحيه ..والشكر لهذا المقام الاحتفائ ......المميز

    عن كتابات الجزولى ...

    ـ منذ اول سطر تحس للعمل ازرع اخطبوطيه تجذبك لعواليمه ولا فكاك ..الا كلمة (تمت)...وتتمنى لوكان فى البنايه طابق اخر..

    ـكثافة ( البهار الغريزى) كان عامل جذب ممتع لم يصل مرحلة المجون لبراعة الكاتب . فى محافظته على عفة البطل المهذب..

    تارة بتفسير القران والمنحنى العقائدى او ابراز ( الشكل الاسرى) وسط هذا الجوار النسائى الكثيف...

    ـ واصبح السرد (كوسوسه) ..تعتمر النفوس ...وظل كاتبنا كشاهد ملك اطلق كل وساوسه بحريه مدهشه..

    ـ ومن خلال ذلك ( الدلق ) الرائع استطاع الكاتب فى طرح واحد الاشاره لكل قضايا الساعه فى مشارق الارض ومغاربها وتلخيص

    بسرد.....

    جاذب....

    ـ حزين....

    ـ لايخلو من السخريه ...
                  

12-03-2010, 06:44 AM

د.نجاة محمود


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نِسوان من الجيران! مقام للاحتفاء بعبد المنعم الجزولي (Re: عبدالرحمن الخليفة)

    سلامات يا عبدالرحمن
    مرحب بيك في عوالم منعم


    نتمنى تمر على مدونته


    http://naomsudan.maktoobblog.com/

    وان شاء الله ساعود لمناقشة ما كتبته عن اعماله..


    مع تحياتي واحترامي
                  

12-04-2010, 04:16 AM

د.نجاة محمود


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نِسوان من الجيران! مقام للاحتفاء بعبد المنعم الجزولي (Re: د.نجاة محمود)

    فوق
                  

12-06-2010, 04:01 AM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 11327

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نِسوان من الجيران! مقام للاحتفاء بعبد المنعم الجزولي (Re: د.نجاة محمود)

    منعم الجزولي
    أممي حقيقي ونساء كوزموبليتان

    A genuine internationalist among cosmopolitan women
                  

12-06-2010, 06:01 AM

محمد سنى دفع الله
<aمحمد سنى دفع الله
تاريخ التسجيل: 12-10-2005
مجموع المشاركات: 11026

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نِسوان من الجيران! مقام للاحتفاء بعبد المنعم الجزولي (Re: Nasr)

    شكرا د . نجاة
    ولك التحيات والتقدير
    وانت تفتحي لنا عالم عبدالمنعم الجزولي الرائع
    عبدول او جزولاات او نعوم فنان متعدد المواهب
    اعتقد ان الزمن لو كان سمح له بتقديم البرامج
    لكان نعوم واحد من اشهر المذيعين في بلاادي خاصة البرامج التلفزيونية الحوارية المباشرة
    فهو مسرحي ضليع من ضلع وشاعر شفيف وممثل متمكن ضل طريقه الى غربة في بلااد بعيدة
    فيجمعنا حوله من خلاال كتاباته الساحرة
    شكرا نجاة وعامك سعيد عبدو
    مودتي ومحبتي
                  

12-06-2010, 06:26 AM

Mohamed Elgadi

تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 2861

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نِسوان من الجيران! مقام للاحتفاء بعبد المنعم الجزولي (Re: محمد سنى دفع الله)

    I wonder if he intentionally did not write about his Sudanese women worlds in Diaspora.. may be he left this for a whole story....
    Thanks for sharing


    mohamed elgadi
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de