مساجلات مهمة وساخنة بين حيدرابراهيم والمهدي وآخرين حول النواطير النائمة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 04:15 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة فتحي علي حامد علي البحيري(فتحي البحيري)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-01-2005, 05:31 AM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مساجلات مهمة وساخنة بين حيدرابراهيم والمهدي وآخرين حول النواطير النائمة

    حسنا: العنوان كاملا هو :
    مساجلات مهمة وساخنة بين حيدرابراهيم وصباح الصادق المهدي وآخرين حول النواطير النائمة

    أعجبتني صراحة سرعة وجرأة رد الاستاذة صباح على دكتور حيدر
    ربما كانت بعض محاور هذا النقاش قد طرحت قبلا
    ولكن
    ربما كان أيضا (جديد)
    والمهم
    لنا أيضا ما نقوله بعد مقال حيدر وتعقيب صباح التاليين والمنشورين تباعا بالصحافة
    28 سبتمبر الماضي و1 اكتوبر الجاري
    ....
                  

10-01-2005, 05:33 AM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مساجلات مهمة وساخنة بين حيدرابراهيم والمهدي وآخرين حول النواطير النائمة (Re: فتحي البحيري)

    النواطير النائمة
    د.حيدر ابراهيم على

    تكمن عظمة المتنبى فى قدرته على انقاذ المرء فى المواقف الوجودية والحياتية بشعر حكيم، وتجد فى شعره سنداً روحياً لكل المواقف الصعبة. وبينما أعيش حزناً خاصاً وآخر عاماً لا يقل عن الأول، لأننى أرى بعيني وألمس إستباحة شاملة للوطن، جاءنى بيت المتنبى الشهير:
    نامت نواطير مصر عن ثعالبها فقد بشمن وما تفنى العناقيد
    ليكشف صورة المشهد السياسى السودانى الراهن خاصة فى إشارته العميقة للنواطير النائمة لأن المشكلة ليست فى الثعالب ولكن فى نوم النواطير. فالثعلب يقوم بعمله الطبيعى، سرقة العناقيد ولا يتوقف أبداً طالما كانت الفرصة سانحة. وهى تتمظهر فى تقصير النواطير لأنها نامت عن الحراسة واليقظة، والنخوة غائبة. هذه هى صورة الوضع الراهن الذى تتحمل فيه النواطير الكثيرة والخائبة المسئولية، ولذلك تستحق اللعنة والسخط.
    النواطير النائمة هى قيادات الاحزاب السياسية وكوادرها وعضويتها، وضمنها أيضاً منظمات المجتمع المدنى والصحافة والحركة الثقافية. ونلاحظ أن النواطير النائمة أغلبية، وفيهم يقول المتنبى: لا تحسب الشحم فيمن شحمه ورم، فرغم الكثرة تقل القوة والفعالية. وتتميز النواطير النائمة السودانية بقدرة هائلة على النسيان بالإضافة إلى التبرير وهو غير التسبيب، أي البحث عن الاسباب الحقيقية للظواهر والاحداث، بل هو محاولة لتبرئة الذات عن التقصير. ومن سمات نواطيرنا النظرة قصيرة المدى للأمور فهى لا تمتلك بعداً استراتيجياً ولا ترى أبعد من تحت أقدامها. وتتميز النواطير بسوء تقدير لا تحسد عليه وهذا شكل متطور للغباء السياسي، لأن القرارات الناتجة عن تقدير سيء ستكون خاطئة بالضرورة. كما أن النواطير فقدت بسبب البهلوانية والفطرة الحس السليم الذى يعوض الجهل وقلة المعرفة أحياناً. وأخيراً، يعتبر النوم فى الاحوال غير العادية والتى تتطلب اليقظة والتنبه شكلاً من الموت أو الموات أو ميت الأحياء. فهل هو نوم أم غيبوبة؟ فى الحالتين أشرعوا الابواب واسعة للثعالب كى تفعل ما تريد وهنيئاً للثعالب بحراسة هؤلاء النواطير النائمة.
    لقد أوكلنا أمر تدبير وحراسة شؤوننا للقيادات الحزبية بحكم لعبة الديمقراطية التى تتطلب التنظيم والتراتب والتفويض. إذ يتحول المفهوم العام الذى يسمى الشعب أو الجماهير إلى أعضاء وعناصر فى تنظيمات ليعملوا معاً تحت قيادة ترعى مصالح شعبها أو على الأقل أنصارها ومؤيديها. ويتحول الشعب المنظم ذو القيادة الفعالة إلى قوة مادية لاحداث التغيير والنهضة، عوضاً عن أن يظل مجرد كتل بشرية « mobs» يمكن بسهولة أن تغلبها فئة قليلة. لذلك، مهمة القيادة أن تلهم الجماهير من خلال برامج وسياسات تعبر عن طموحاتها والأهم من ذلك تقديم القدوة فى شخصية الزعيم. ومنذ الاستقلال التفت الجماهير حول طائفتين: الختمية والانصار ويمكن القول أن تاريخ السودان السياسى الديمقراطى أو على الأقل الفترات التى لم يحكم السودان خلالها بدكتاتوريات عسكرية، هو تاريخ السيدين (مع تغير الاسماء) الشخصى فى إدارة شؤون السودان. والحديث عن الحزبين الكبيرين هو قول مجازى بامتياز لإنعدام المؤسسية والديمقراطية الداخلية، فالحزب هو السيد والعكس صحيح. وهذا يعنى ببساطة أن الشعب السودانى حين يمنح أصواته فى الانتخابات للسيدين (الحزبين) ويفوضهم بحكمهم، يتوقع الجانب الآخر للعقد الاجتماعى الذى أبرمه معهما: الحقوق والواجبات. فإلى أي مدى قام السيدان بواجب الدفاع عن هذه الجماهير التى ظلت وفية لقياداتها حتى آخر انتخابات 1986 حيث منحتهما أكثر من مائة وستين نائباً فى البرلمان؟
    كان التقصير أو النوم الأعظم للسيدين حين إنزلقت السلطة من بين أصابعهم صبيحة الثلاثين من يونيو 1989، نعم هو إنزلاق سلطة وليس انقلاباً، من بين ايادٍ مرتعشة لم تمسك بالأمانة جيداً حين اختارتهم الجماهير. وكان الحزبان الحاكمان يمتلكان وزارة الدفاع والداخلية والمخابرات بانواعها. وكان الانقلابيون لا يملكون غير العزيمة ومعرفتهم لقدر خصمهم النائم. فهذه لحظة تاريخية وتحتاج للمساءلة والمحاسبة، وفى الكيان الصهيونى عقب حرب أكتوبر 1973 ظهر مفهوم التقصير فى كتابات عديدة ليعنى تحمل المسؤولية وضمان عدم تكرار الخطأ. و لكن فى السودان لم تتحمل القيادة السياسية التى كانت حاكمة وقت الانقلاب، المسئولية. فهم يتحدثون عن تآمر وخيانة الجبهة وانها اشترت فلاناً واخترقت القيادة العسكرية أو اجهزة الأمن. ولكن كل هذا لا يحدث إن توفرت اليقظة والنظرة الاستراتيجية، ومع القابلية للاختراق يسهل الأمر. لقد فرطت وقصرت القيادة السياسية، وبكت وظلت تبكى حتى يوم التشكيل الوزارى، بدموع الضعف والاستكانة على ملك لم تحاول أن تحميه أو تتصدى لمن يهدده بالقوة والقدرة والفعالية.
    وكما كانت القيادة السياسية حاكماً سيئاً وكانت معارضة أسوأ. فقد نقلت كل طمعها ومرضها وضعفها إلى ساحة العمل المعارض. ولأنها كانت تظن أن نظام الانقاذ سوف يسقط بفعل صاعقة سوف تسقط من السماء فى يوم ممطر، لذلك لم تحاول أن تقدم التضحيات المستمرة. نعم لقد قدمت بعض التضحيات ولكنها ليست فى عظم التحديات والجرائم التى ارتكبت فى حق الشعب السودانى. كما أنها لم تكن متواصلة ومنهجية ومنظمة، لذلك فشلت و ضُربت بسهولة محاولات اسقاط النظام عسكرياً أو شعبياً. وتحول التجمع الوطنى الديمقراطى المعارض -رغم كل المستجدات و التحديات و التاريخ المر- إلى ساحة صراع تعكس الغيرة المتأصلة بين السيدين، حتى أصبحت السياسة السودانية بعيدة عن مفهوم السياسة وهو تحسين حياة المواطنين واسعادهم. وهذا من اسباب فشل التنمية، فالاسياد غير مشغولين بتوصيل المياه إلى كردفان ودارفور أو بناء الطرق والمستشفيات فى مناطق البجا. فكل الجهود مكرسة لإبطال مفعول السيد الآخر وإفساد خططه وسياساته. وكل واحد مشغول بان يعكس ويعارض ما يفعله الآخر. وفى سياق إفشال الآخر، إنتهت معارضة السيدين إلى التهافت نحو السلطة. فالوضع التعيس والمزرى الذى نعيشه الآن لم يبدأ مع نيفاشا أو مع التشكيل الوزارى الأخير، ولكنه بدأ مع اتفاق المهدى فى جيبوتى ولقائه الترابى فى جنيف كذلك مع اتفاق جدة الإطارى الذى باركه الميرغنى. وهذا هو التحليل الصحيح لنسبة 14% من المنحة الانقاذية للقيادة السياسية.
    يبدو أن السيدين غير مشغولين بما يسمى الشعب السودانى إلا حين تستهل الانتخابات وإلا كيف تفسر الغياب الحالى والشعب فى معاناة سياسية واقتصادية، والبلاد فى حالة استباحة شاملة؟ السيد الميرغنى غائب فى لندن عوضاً عن أن يكون وسط اركان حربه فى التجمع، ليس لقيادة معركة بل لاتخاذ قرار مهما كان نوعه بدلاً من التيه والتشويش. ولا أدرى ما هى الحكمة فى هذا الصمت؟ وما هو المهم والحاسم الذى يمسك السيد الميرغنى فى لندن؟ هل يجرى مفاوضات مع البريطانيين لحل هذه المعضلة أم أن وجود المعارضة هناك قوى ومؤثر ويتطلب وجوده معها؟ أما السيد الصادق فقد كان -والشعب فى خضم الازمة- فى روما ليقدم ورقة عن المياه العذبة، بينما يشرب شعبه كدراً وطيناً حرفياً ورمزياً. لسنا ضد جهود المهدى الفكرية ومساهماته فى الندوات والحوارات ولكن التوقيت والاولويات، والسيد الصادق يردد دائماً ضرورة عدم وضع السيف فى موضع الندى ولا العكس، ولكنه كثيراً ما يفعل ذلك. أقصد تأكيد لزوم وجود السيدين قرب جماهيرهم فيزيقياً وروحياً ونفسياً، فالسيد الصادق موجود فى الوطن و لكن ليس بين جماهيره. إذ اكتفى بتوقيع مواثيق الشرف والاتفاقات والنداءات، ولكنه لم يسأل -قبل أن يوقع الميثاق- ما الذى حدث للميثاق السابق؟ أما السيد الميرغنى فهو يتميز بعدم احترامه للمثقفين (لأن كلامهم كثير ومشاغبون) كما أنه لا يميل إلى العمل الجماعى والاجتماعات الطويلة المملة. لذلك يفضل التمرير والتفويض فى العمل السياسى. وهكذا فى كل الأحوال نفتقد القيادة السياسية والتى عجزت طوال 16 عاماً إخراج مظاهرة أو موكب إلى الشارع ليعبر عن قوة ملايين الأصوات التى نالتها فى الانتخابات الماضية.
    اما النواطير النائمة الأخرى والتى تستحق الكثير من النقد والتقريع فهى القوى الحديثة خاصة تلك الممثلة فى احزاب. فقد عجزت عن أن تكون احزاباً جماهيرية ثم كابرت ولم تحاول أن تقدم نقداً ذاتياً جاداً، ثم تحاول الخروج من أزمتها. فهذه القوى هى حديثة فى شكلها أى قد يكون أفرادها قد تلقوا تعليماً حديثاً ولكن التعليم لم يتحول إلى ثقافة وطريقة تفكير وسلوك، لذلك تنقصها العقلانية والعلم فى العمل السياسى وتقلد القوى التقليدية عوضاً عن تحديثها. فأول شروط العقلانية السببية، وهنا كان يفترض أن تبحث القوى الحديثة عن اسباب عدم قدرتها فى تجنيد مواطنين للانضمام إلى صفوفها؟ ومن عيوب القوى الحديثة عدم قدرتها على العمل الجبهوى مضحين بامتيازات وجود أحزاب صغيرة تخلق ضجيجاً، ولكن لا تؤثر فى الشارع ولا فى مطلقية السلطة. هذا وقد باءت كل محاولات توحيد القوى الحديثة بالفشل لانها تعترف بالآخر إلا إذا كان ملحقاً، يضاف إلى ذلك نرجسية المثقفين الذين يظنون أن الأرض تدور حولهم.
    إن مسؤولية القوى الحديثة أكبر من الأحزاب الكبيرة الطائفية لأن الأخيرة تريد تكريس الأمر الواقع أو العودة إلى ماضٍ كان مجيداً بالنسبة لها. ولكن المدهش ان يدعى افراد القوى الحديثة انهم مستقبليون ويصنعون الغد وتظل عقولهم محبوسة فى التاريخ والانجازات السابقة التى لا نرى لها أثراً فى الواقع المزرى الذى نعيشه.
    حاولت هذه الكتابة التوصيف ولم تقترح حلولاً أو مخرجاً. فهذا الوضع المعقد يحتاج الآن إلى فهم عميق وأن نسهم فى إيقاظ هذه القوى الكبيرة التى لا نخجل حين نسميها الأغلبية الصامتة ولا نسأل انفسنا لماذا هى صامتة؟ هل هى راضية أم عاجزة؟ اعتقد أن الفرصة ما زالت سانحة أمام النواطير النائمة كى تستيقظ.
                  

10-01-2005, 05:36 AM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مساجلات مهمة وساخنة بين حيدرابراهيم والمهدي وآخرين حول النواطير النائمة (Re: فتحي البحيري)

    تعقيباً على الدكتور حيدر إبراهيم علي في مقاله حول نوم النواطير
    رباح الصادق
    رقبة الجمل

    * في منتصف الأسبوع قبل الماضي تأجلت ندوة كانت ستعقد في قاعة متحف التاريخ الطبيعي، كان يزمع مركز الدراسات السودانية أن يعقدها بالتعاون مع مؤسسة فريدريش آيبرت، حول أمر يمس عصب اهتماماتنا في هذا الزمان (القانون والمجتمع في ظل الحكم الراشد)، وكان العذر المكتوب على صفحات الصحف أن ذلك لوفاة والد الدكتور حيدر إبراهيم.. وقع الخبر على القراء من شقين، شق أول يشارك الدكتور حيدر الأحزان، وهو رجل مشهود له بالهمة في شأن الدراسات السودانية، والجسارة في التصدي للجلادين، وقد افتتح مركزه أولا في القاهرة، وظل يرعى كل اتجاه نحو تطوير الدراسات السودانية، ثم افتتح فرعا للمركز لاحقا بالخرطوم مع الألفية الجديدة، وواجه عنتاً غير مرة.. ولذلك حق أن تكون له في قلوب السودانيين مكانة، ولكن كثير ممن طالع الخبر - وهذا هو الشق الثاني- كان متعجبا لأن الدكتور حيدر داعية تنوير في السودان، وقد اتخذ كل دعاة النهوض والتنوير حتى منذ عهد السلطنة الزرقاء مثل الشيخ حمد ود أم مريوم، اتخذوا موقفا ضد عادات السودانيين في الأحزان وتطويلها وجعلها محور الحياة.. وقد ساهم في ذلك أيضا الإمام المهدي وعد الفرش على الميت عادة مبعدة من الله ورسوله، وكذا فعل آل بدري، وغيرهم من دعاة التحرير من العادات البالية والتنوير في البلاد.. إلا أن الدكتور حيدر ألغى المناسبة البحثية المهمة بسبب وفاة أبيه، وكان يمكنه فقط الاكتفاء بعدم المجئ لتقديم ورقته التي كانت في اليوم الثالث للوفاة، أما كلمة مدير المركز في اليوم التالي فيمكن أن ينوب نائبه. المهم كان الأمر مثار كثير من التساؤل والاستنكار، بل تردد في بعض منتيات المجتمع المدني.. وحينما ذهبت في «سبوع» الوفاة لتعزية الدكتور حيدر وجدته قد شد الرحال ليشارك في مؤتمر بالاسكندرية.. ثم وكل هذا بدون فواصل تذكر، طالعتنا مقالته «نوم النواطير» يتحدث فيها بحرقة وقرف شديدين على القوى السياسية والمدنية السودانية على إطلاقها.. وكذلك عن السيدين.. ويتهم الجميع بالنوم عن الوطن.. ونحن هنا - برغم مشاطرتنا للدكتور الأحزان الخاصة - فإننا نختلف معه في ما تعلق بالشأن العام، وننتزع في منبر بيننا اليوم حق الرد.. والرد أبلغ ما يظهر في كون معظم السيئات التي رمى بها الدكتور حيدر الآخرين هي متمثلة فيه بدرجة محيرة.. ولكن لنا مثل سوداني بليغ يصف مثل هذه الحالة برقبة الجمل، وأنىَّ له أن يراها فهم يقولون «الجمل ما بشوف عوجة رقبته»!!
    * مثلما كان المتنبي دائما ملهما في خط الحكم، وهذا هو ما ابتدر به الدكتور مقاله، كان أبو العلاء المعري الذي يعجبه شعر المتنبي أيما إعجاب، كان ملهما في وصف تناقضات الناس، وفي قوة المنطق وعلو العقل وقال:
    إذا فعل الفتى ما عنه ينهى فمن جهتين لا جهة أساء!
    وللحقيقة والإنصاف، فإن الدكتور حيدر إبراهيم لم يستثن أحدا، فقد قال في غضبة عدمية (لأنها لن تؤدي إلا للعدم) قال: «النواطير النائمة هى قيادات الاحزاب السياسية وكوادرها وعضويتها، وضمنها أيضاً منظمات المجتمع المدنى والصحافة والحركة الثقافية» فهو لم يستثن نفسه ولا المنظمة التي ينتمي إليها، أو العمود الذي يكتب فيه.. جاعلاً النوم للجميع.. وبالحقيقة فإننا لن نجني شيئا إذا كنا نود أن نلقي التهم الجزافية على الجميع، وبدون حتى بذل أي جهد في تتبع الذي أحرز سبع نقاط من الذي نال صفرا.. ولكن هذه الذهنية الجالدة للكل وللذات، هي من صميم مآسي المثقفين السودانيين.. إنهم يقودوننا لشيء أشبه بالزار، تهرق فيه دماء مروءتنا وآمالنا في أنفسنا، ويخمدون أية بارقة لغد مشرق.. فالنقد وإن كان أفضل وسيلة عرفها الإنسان للبناء، إلا أنها تتحول على أيديهم إلى معاول هدم وحسب، فلا بصيص أمل ولا إشارة لدرب قويم، وكما قال في ختام مقاله «حاولت هذه الكتابة التوصيف ولم تقترح حلولاً أو مخرجاً، فهذا الوضع المعقد يحتاج الآن إلى فهم عميق، وأن نسهم فى إيقاظ هذه القوى الكبيرة التى لا نخجل حين نسميها الأغلبية الصامتة، ولا نسأل انفسنا لماذا هى صامتة؟ هل هى راضية أم عاجزة؟ اعتقد أن الفرصة ما زالت سانحة أمام النواطير النائمة كى تستيقظ». ولا أعلم من هو الذي يستيقظ هكذا على وقع السباب أو السياط، هو ليس الإنسان المكرم بالطبع، فإن أيقظت أحدا بهذه الطريقة حق أن يقوم مقاتلا.. وقديما قال خالقنا الأعلم بطبائعنا لرسوليه وهو يرسلهما إلى فرعون (فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) إذ لا يتذكر أو يخشى إنسان بقول في تلك الخشونة.. بل وحتى البهائم، وأذكر بهذه المناسبة رواية خارج موضوعنا سجلتها من العم المرحوم بدر اسحق نورين إبان أعمال اللجنة العلمية للاحتفال بمولد الإمام عبد الرحمن، وكان العم بدر رحمه الله من أولاد الهجرة في أبا، وقد كان مسؤولا عن الطهي في منزل الإمام عبد الرحمن.. حكى عمي بدر لي كيف أنه ذات مرة خرج للحقل، حيث كان عدد من الخراف يريد أن يذبح إحداها لوليمة، وصادف أن كان الإمام عبد الرحمن موجودا، ولما هم بالاقتراب من الخروف لذبحه سمع الإمام عبد الرحمن يقول له مستنكرا «لا يا بدر.. هذا نائم اذبح آخر متيقظا»!!.. أي أن بعضهم ممن سمت مشاعره يستنكر العنف حتى للبهائم النائمة!.. الشاهد أن أسلوب النقد قد يكون المحك في ناتج الفعل.. فإن أنت لم تجد سوى السواد، اتهمك من يرى بصيص ضوء بمرارة اللسان ومرضه.. والحق يفرض أن نستثنى المستثنين، لا أن نركم الحق والباطل ركاما واحدا.. هذه واحدة.
    * أما الثانية فهي ذهنية السيدين تلك التي عذبنا بها طيلة الزمان.. من هم السيدان؟ بالله يا أيها المثقفون كفانا ما صنعتم لتلوين الحقائق. اذهبوا للتاريخ والوثائق الآن متاحة.. هل كان من سيد كسيد؟.. هل دور الإمام عبد الرحمن في الحركة الوطنية كان مشابها لدور السيد علي الميرغني؟ ذلك «جابر» الذي رفع الراية بعد أن دكت القبة مدفعية كتشنر، وهذا قادم في ركاب السردار، ذلك مبادر في الخارطة الوطنية وفي العلاقة بالخريجين، وهذا لم يدخل فيها إلا لمنافسته بغضا في المهدية ومن أتى منها.. والقائمة تطول.. فإنك حين قلت «فكل الجهود مكرسة لإبطال مفعول السيد الآخر وإفساد خططه وسياساته. وكل واحد مشغول بأن يعكس ويعارض ما يفعله الآخر»، إن كنت تركت التعميم لكان في كلامك بعض الحق، ذلك أن كل الضمير المتحد ضد المهدية كان ينتظر ما يفعله حزب الأمة ليرد عكسه.. ولكنكم تودون لو نحشر جميعنا في لقب واحد، ثم ترموننا بما يفعل غيرنا.. ووالله لا يكون، لا يصح إلا الصحيح، وكما كتب التاريخ الانصاف بعد أقلام فوزي وسلاطين وأورهرولد وشقير، سيكتب.. وسيقرأ أحفادنا ما تخبئونه اليوم تحت كلماتكم التي تهوش بدون وزن وتضرب في عماية.
    * والثالثة أن الدكتور في غضبته تلك كمن يرسل الكلمات بدون تمحيص.. سيدي الدكتور حيدر، وأنت سيد الدارسين، من هارفارد إلى السوربون ولا أحفظ جيدا تلك الأكاديميات التي تفاخرت بها يوما ما حينما رمى كلامك رام (بمؤتمر تعليم حقوق الإنسان في ديسمبر 2003م).. هل يصح أو يعقل أن تستنكر أن يذهب الصادق المهدي للمشاركة في مؤتمر عن المياه العذبة وشعبه يشرب الطين؟ يا إله السموات أنت الذي قلت (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا).. وهل يشارك في حديث حول المياه العذبة إلا الذي يريد أن ينقذ أهله من شراب الطين؟ ولماذا سيدي حيدر يحق لك أن تشارك في الاسكندرية بعد أن ألغيت الدرس في عقر دارك بالسودان، ولا يحق للصادق أن يذهب لإيطاليا.. مع الفارق أن الصادق حينما يذهب تستمر كل نشاطاته مربوطة بالسودان، فهو يقرأ الأخبار يوميا في باري تحملها له خطوط الفضاء السيبري.. يقرأ ما تكتبه أنت وما يكتبه سواك، ويرسل المناشير لأحبابه فقد كتب في باري منشور شعبان، وأرسل بعد ذلك خطاب ندوة الأربعاء.. فهو لم ينقطع.. بينما عملك سيدي حيدر انقطع وأنت في بطن السودان لمناسبة الوفاة وهي جلل، ولكن كان الشأن العام يتطلب نكران الخاص.. الشاهد أن الدكتور حيدر يفعل ما يحرمه على الآخرين، ولا مبرر لذلك إلا لو كان يظن أن مراكز الدراسات ليست شأنا ذا بال، وهي أقل فعالية من الأحزاب، إن الذي تستطيع عمله مراكز الدراسات إن هي ركزت جهودها من الداخل بحثا ورصدا وتحليلا وحراكا لا يوصفه واصف.. ولكن الدكتور حيدر فيما يبدو، برغم أنه يطل علينا من باب الدراسات، إلا أنه يستبطن احتقارا لهذا «الكار» بحيث ينطلق هو بحرية ويلغي ما يشاء من المحافل وتعد هذه وطنية، بينما إذا شارك زعيم سياسي في مؤتمر بالخارج كان بعيدا عن الفعل!!
    * والرابعة في حديث الدكتور حيدر هي قوله ألا حزب إلا السيد والعكس صحيح.. بينما الحادثة التي شهدتها بأم عينيَّ تقول: لا مركز للدراسات السودانية إلا دكتور حيدر والعكس صحيح.. والحادثة كانت إثر افتتاح فرع المركز في الخرطوم، حيث دعانا الدكتور حيدر ضمن آخرين، وكنا نشارك في مناشط مركزه بالقاهرة بكثافة، وحضرنا، وكان غالبية الحضور من حزب الأمة، ونادينا حينها ومعنا بعض المثقفين العقلاء أن يؤسس المركز بشكل ديمقراطي مؤسسي كامل الدسم، ولكن علت أصوات تحذر من المؤسسية لأنها باب الاختراق (وكان أخطر الاختراقات المتوقعة من قبل حزب الأمة كما ظهر لي من كتابات لآخرين لاحقا) ثم طمأن الدكتور حيدر أولئك المشفقين قائلا أن هذا المركز بالنسبة له مثل ابنه (مظفر) فهو لن يفرط فيه ولن يسمح ولن ..و..و..و..و.. ولذلك حق على الندوة التي نظمها المركز أن ترفع يوم وفاة المرحوم المغفور له بإذن ربه السيد إبراهيم علي بابكر، لصلة القرابة!.. والدليل على أن حزب الأمة به مؤسسة وبه حوار وبه آراء خلاف رأي السيد، أنني قرأت مقال الدكتور حيدر في «شبكة الأمة للأخبار» أنزله حبيب في الولايات المتحدة الأميركية هو أبو هريرة زين العابدين، وعلق عليه حبيب آخر في السعودية هو أبو سارة بابكر حسن صالح قائلا: «هذه قراءة موضوعية من مثقف علماني حر غير منتمٍ ولا ملتزم حزبيا تستحق الوقوف عندها خاصة من قبل السيد الصادق المهدي أو السيد الميرغني وكل قوى المجتمع المدني والأهلي المشار اليها هنا».. أنا اختلف مع رأي الحبيب أبي سارة فإن كانت قراءة - أي لم تكن محض تجن وغضب مسترسل- فهي مثقلة بالمرارة متشحة السواد، ولكن يظهر لأية درجة أن حزب الأمة حزب تسري في أوصاله الحوارات ولا تتقيد بالأفراد.
    * والخامسة أن الدكتور حيدر ابتدأ بتفهم موقف الثعالب، وفهمنا إنما هي حكومة المؤتمر الوطني، فمن طبعها المفهوم إفناء العناقيد.. ونظرة أخرى تقول أن بالحكومة أيضا جهات يمكن أن تكون وطنية وتخاطب بالشأن العام.. وعلى كل حال فإن لومها ولوم من لف لفها أولى من توجيه ذلك الغضب المضري إلى بعض من وقفوا في وجهها بصلابة.. ولا يزالون على موقف الوطن غير مبالين بالوعد والوعيد.. بينما يبدو في غضبة الدكتور حيدر كأنما الجميع قد رص خلفها كقطيع.
    * وأخيرا لا نود أن يكون ردنا على ذلك الغضب غير المبرر الذي يقذف الجنين مع المشيمة (يرمي الجنى والتبيعة على حد تعبير مثلنا السوداني) لا نود أن يكون ردنا عليه بمثله لأنه غضب هدام.. ولأن الذي ينكر دور الدكتور حيدر على إطلاقه سيكون ولا شك مخطئا.. بيد أن عليه مثلما تمرس في عين الصقر الخاطفة، أن ينزل للأرض ويرى الفرق بين الأرض الجرداء والأودية المزهرة.. وأكثر من ذلك، أن يرى كم هو موغل في ما يصف به الآخرين.. صحيح أنه لم يستثن أحدا كما قلنا، ولكن لماذا كل ذلك الغضب، لو كان يعلم أنه أيضا مثال لكثير مما ذكر، بيد أن الجمل لا يرى عوج رقبته!!
    * وليبق ما بيننا.
                  

10-04-2005, 03:30 PM

ahmed haneen
<aahmed haneen
تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 7982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مساجلات مهمة وساخنة بين حيدرابراهيم والمهدي وآخرين حول النواطير النائمة (Re: فتحي البحيري)

    الأخ فتحي

    يظهر انو د حيدر ضرب في وتر حساس

    وعشان كدا رباح الصادق زعلت

    واخذت الموضوع شخصي ،، حيدر سافر ،، حيدر جاء

    ويبقي السؤال

    هل هنالك امل في ان تصحا النواطير

    ام سوف يتقسم البستان بين الثعالب
                  

10-05-2005, 03:17 AM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مساجلات مهمة وساخنة بين حيدرابراهيم والمهدي وآخرين حول النواطير النائمة (Re: ahmed haneen)

    صديقي حنين
    بعيدا عن ذهنية المع- ضد

    كلا الاثنين أشار إلى ما لا يحسن بنا التغاضي عنه
    إن حيدر لم ينتقد التركيبة السياسية السيدينية وحسب
    إنه انتقد أشياء فينا كلنا كشعب
    وإن رأت رباح أن بها شيئا من المغالاة والتجني فإن بها أيضا شيئا من الحقيقة
    وكذلك فعلت رباح
    إننا ناقصون وعاجزون و(نائمون) ولا فرق (كبير) بين المنتقد والمنتقد
    تعالوا نمسك هذا الكلام الشجاع من الشخصيتين الناشطتين
    ونذهب به خطوة أخرى إلى الأمام
    محبتي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de