|
الطواحين .. إهداء نقدي للأستاذ فضيلي جماع
|
لم تعد الرواية الحديثة تهتم بالمغامرات والأهوال والصراعات الجسدية، بقدر اهتمامها بالحياة الروتينية للأشخاص العاديين.. ولذلك تكاد تخلو من الأحداث أو الحوادث. "الحدث" هو ما يقع للشخصية بينما "الحادث" هو ما يقع داخل الشخصية أو ما يصدر عنها من تصرفات يمكن أن تكون سلوكية مملوسة أو فكرية مجردة، وقد أنصب اهتمام الروائيين المحدثين على الحياة الداخلية للإنسان كنتيجة لاكتشاف علم النفس، وأدى هذا- حسب نبيل راغب وهو ناقد وأكاديمي مصري- أدى هذا إلى ارتباط الرواية بالمنهج العلمي الدقيق الذي يأتي عن الصدفة كعامل من عوامل البناء الدرامي وعن الحياة الهزلية التي لا تهتم إلا بإثارة الضحك.. وعن العناصر الميلودرامية التي تهدف إلى إثارة الدهشة والرُعب ولا شيء غير ذلك، لذلك بدأت الحبكة في التراجع الى الخلف وبرزت أهمية دراسة الشخصية من كل جوانبها السوية وغير السوية.. على حد سواء، يقول الروائي الأمريكي هنري جيمس إن الشخصية ليست سوى التجسيد الحي للحدث بينما الحدث هو ليس سوى الشخصية وهي تتحرك وتحيا. أو عندما يتكلم الروائيون عن الشخصية فإنهم يقصدون الشخصية الإنسانية بصفة عامة، بصرف النظر عن مركزها الاجتماعي أو ثروتها الاقتصادية. أنظر النقد الأدبي. *تحليل: لذلك نجد فيكتور هيجو يمجد بطل روايته "البؤساء" وهو مجرد "سجين" هارب، بينما نجد الروائي، الروسي "دستوفسكي" يتكلم باحترام وتقديس عن العاهرة المريضة.! لذلك أصبحت الشخصيات البطولية من بين ضحايا المجتمع، ووقع اللوم على عاتق المجتمع نفسه بسبب القيم المتغيرة، التي تطحن الناس مع دوران عجلتها، أي ان المجتمع أصبح يقوم بدور الشرير في الرواية. إن معظم شخصيات رواية الطواحين للروائي السوداني عبد العزيز بركة ساكن هم من ضحايا المجتمع نفسه وقيمه المتغيرة التي تطحن الناس. وبحسب الناقد الدكتور غالب، يمكن القول إن الشخصية هي تجسيد حي للحركة التي تربط بين الخلفية والشخصية وبدون الحبكة يحدث انفصام بين الشخصية والخلفية ولا يستفيد احدهما درامياً من الآخر. - قور-
|
|
|
|
|
|