|
|
 محاولة لرثاء سعدالدين عثمان عشرى - بقلم سراج حاج إدريس
|
وجدت هذه البكائية في موقع بالمنتدى النوبي العالمي - اعجبتني لغتها ومفرداتها مثلما تأثرت بمحتواها
محاولة لرثاء سعدالدين عثمان عشرى
ما زلت عشرى وستظل
(إستهلكناك فما استبقيناك)
مع الساعات الأولي من صباح الجمعة الرابع والعشرين من رمضان 1432 هـ الموافق الثالث من سبتمبر 2010 م نعي الناعي الرجل الضخم سعد الدين عثمان عشرى .. فاهتزت أركان المجتمع النوبي في مشارق الأرض ومغاربها. نعم نقر بأننا جزعنا ولكنا عدنا متمسكين بقولك الحق ( والذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون). صدق الله العظيم.
تظل حيرانا عند بعض النصوص لا نكرانا ولكن قصورا في العقل فتأتي لحظة واحدة تجسد كل ما كان عصيا علي الفهم ومن ذلك أنني كنت أحتار في تسمية الموت بالمصيبة وبنصوص الآيات مع أن الموت هو الحقيقة المطلقة الوحيدة ولما رأيت الحزن في وجوه الجميع بفقد سعد الدين علمت أن المقصود بالمصيبة هو حجم الفقد لا الموت في حد ذاته فمثلا فقد الوالدين يسبب اليتم لأبنائه وبناته وفقد الإبن يسبب الألم لأقربائه وفقد الزعيم لقبيلته ولكن حين يكون الفقد عاما يصبح الموت مصيبة. شكرا أخي سعد وأنت تعلمنا حتي بمماتك.. عطاء أنت سرمدى بلا أنتهاء.
سعد الدين عثمان عشرى المولود في قرية أشمتو بالمحس بالولاية الشمالية بالسودان هو فراش الديوان الملكي لأكثر من 5 عقود بدءا من الملك فيصل وإنتهاءا بالملك عبدالله بن عبد العزير. كان منوطا به نقل المكاتبات الرسمية بين الملك وديوانه وحاشيته أينما يكون الملك داخل المملكة أو خارجها. خلال هذه المدة لم يشتكي منه وزير أو خفير ولم تحم حوله شبهات ولم يتعرض لمساءلة.
المجتمعات الملكية تعتمد علي العيون التي ترصد وعلي دهاء الملوك الذي يختار. لقد إختار الديوان المللكي سعدالدين عشرى لهذه المهمة بمعايير دقيقة فكان من خارج الجزيرة العربية ضمانا للحيدة وعدم الإنحياز وكان من السودان تأكيدا لعدم التطفل وكان نوبيا لحكمة النوبة في التعامل مع الملوك منذ الفراعنة وبعانخي وتهراقا وكان أميا إبقاء وصونا للأسرار والأخيرة من صفات النبوة .... فكان سعدالدين!!!!!!!
وفي علم الإستراتيجية والتخطيط لا بد من تحليل نقاط القوة والضعف فكيف لعشرى في ذاك الزمان أن عرف أن عناصر ضعفه التي أتت به لهذا المكان يمكن تحويلها إلي عناصر قوة ولكن في إتجاه آخر؟ فنظرفأمعن فلمس آيات الطاعة ممن حوله ثم ممن هم أعلي منه حتي سمعها من الملوك أنفسهم وأبنائهم حين ينادونه (عم سعد). وبفطنته وفطرته رأى عشرى أن يسخر كل ما هو فيه لخدمة أهله .... ولمن لا يدركون ذلك فإن الملوك يفضلون أن يصبح من حولهم ملوكا بطرق شتي وفي ممالك أخرى وحينما رأوا أن سعد الدين لا يطلب لنفسه بل للآخرين تكفلوا ببملكته فاستجابوا لكل ما طلب وهي في رأيهم لا تكلفهم سوى (أبشر يا عم سعد).... ثم أنتظمت طوابير طالبي الحاجة وخطابات التزكية وطلبات العمل بالمملكة ونقل الكفالات وإستقدام الأسر وحج الوالدين وعلاج الحالات والقبول بالجامعات وإيجاد الوظائف وإعانة المحتاجين والمساهمة في بناء وإعمارالمساجد والمدارس والمستشفيات وهكذا.... فأصبح عشرى علي كل لسان وهو لا يكل ولا يمل والسيدة الفاضلة سكينة أم أبنائه تخدم الجميع حتي داهمها المرض اللعين (ألم أقل لكم ينسون أنفسهم)؟ ثم فارقت الحياة وتولت القيادة الداخلية السيدة سعاد فسارت علي نفس الدرب ومازالت أعانها الله. وصدق حبيب عشرى الأخ محمد وردى حين أرخ له في سفر غنائي مجيد (سعدالدين عثمان عشرى مليدوا بالقن إركي) وبلاغة وردى كانت في وصف سعدالدين بمن خدم الجميع وكلمة (ملي) بالنوبية تأتي من ملة والملة أشمل حتي من أمة (والله أعلم).
نقرونعترف أخي عشرى باننا إستهلكناك دونما رحمة ولكنا ما كنا ندرى أن يكون ذلك علي حساب الآجال وكيف لنا أن نعلم وهل يلام النحل إن بحث عن الرحيق؟ وهل يسمح لنا الزمن أن نلقي باللوم علي ذوى التخصص من أصدقائك عبد الفتاح علي الحاج وعثمان علي إن لم يحذرونا أن قوانين الإهلاك المحاسبي تنطبق علي البشر وأن معدلاتنا فيك عالية وهل لو سمعنا و (اولن إك كشاكو كنك فتيقنا إلي عشرى)(لو إدخرناك قليلا كنت حتقعد معانا شوية يا عشرى) فأرجو ألا تكون قد ذهبت ضجرا منا؟ ولكن يذهب ظني يا سعد منحي آخر وأسمح لي يا عشرى أن أتهمك ولو لمرة بالأنانية ثم أعاتبك ... أتبيعنا هكذا لأن العرض السماوى كان أعلي ؟ ألأن رسل السماء خيرتك بيينا وبين جنة تدخلها في رمضان شهر القران وفي العشر الأواخر منه وفي الوتر من ليالي القدر وفي ليلة جمعة وبعد أداء التراويح وأنت في طريقة لمعاودة مريض وأن تقبر يوم جمعة ويصلي عليك مرتين .. ثم تمتد علامات إستقبال السماء فرحا بك إلي السودان فيبكي سماؤنا مطرا من الثامنة مساءا حتي صباح اليوم الثاني؟ حتي تلميحا لم تشركنا في العرض ولكن هنيئا لك لقد ربحت البيع يا سعد !!!!!!!! والبيعة مبروكة.
لكن ماذا نقول لأهلك ومعارفك وأصدقائك وبسطاء النوبيين ونحن غير موقنين بالجواب.. من غيرك يا عشرى يعين شرف الدين بمدد لباقي عمره ومن يرافق ويؤانس حاج قابل في دروب المناسبات ومن يستجيب لطرائف ظريف المجالس النوبية عثمان علي خليل ضحكا مجلجلا ودموعه تجرى علي خديه ومن يتحمله في تفلتاته اللفظية ومن أين يستمد صديقك وردى قوة شعره النوبي وعذب ألحانه ومن لجنود الحرس الملكي يسعي لطلباتهم لدى الملوك ومن للجالية والقنصلية السودانية تسهيلا لمهامهم الرسمية؟ ولتسمح لي الفصيحة روضة بت الحاج (أخت مهيرة نديدات الخنساء وشاعرات الفخر قديما وحديثا ) وروضة تعلم أن محروق الحشا لا يحتمل الإنتظار لأستعير بعض شعرها بتصرف ردا لكل هؤلاء:
قل لي بربك يا سعد
ماذا إذا جاء المطر وضاقت الدنيا وعاندنا القدر
ماذا إذا زاد الهجير وتقاطعت وجهاتنا عند المسير؟
كيف العثور عليك؟ ومن بربك للحيارى والعرايا والمساكين الكثر!!
ماذا نقول لهم إذا ألحوا في السؤال!!
وغدا ستسألنا المروءة عنك والليل الطويل
وغدا ستسألنا المواقف عندما يأتي من الزمن العليل
أني سيأتي الصبح يوما ... بعد وجهك ذا الجميل
سنقول سافر..
والله سافر كالمساء
وفي مساء
ولكن دون أن يبلغنا مواعيد الرجوع
أيكون صيفا أم شتاء.
أعانكم الله صبرا آل عشرى فالفقد كبير والجرح أليم والنفوس جزعة وحقا إنها لمصيبة. توسدوا يافاطمة وهدى فضائل والدكم من العمل الصالح وتشبث يا د. جمال أبا لأحفاد عشرى وفي مهنتك الأنسانية طبيبا وفي الطب إنجابا- وكما قال الرسول لأهل الطائف إستبقاء لهم لإن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله- فلإن يخرج الله علي يديك من رحم إمرأة فاضلة سعدا آخرأومن يحمل بعض صفاته أوجرثومة تعادى بها كل من يولد علي يديك فتفرق صفاته بين القبائل ولا ثأر. أما خليل ومحمد فلا نقول لكم ما قلناه لأخواتكم بل نقول لكم إمضوا علي الدرب وأدفعوا الثمن غاليا سهرا وصحة ومالا ووقتا فكما الرزق الحلال لا ينال إلا بطاعة الله كذا الرفعة مهرها غال ولا يدفع مرة واحدة عند عقد القران أو مرتين آخرها عند الأنفصال بل هو مهر مستمر. وليتنادى أفراد المجتمع النوبي وأصحاب الفقيد لإحياء ذكراه لا خطبا بل مؤسسة فخيمة تقدم للمجتمع عونا مستديما ويقيني أن الأسرة المالكة بوفائها المعهود لن تألوا جهدا في مد يد العون وكل العون في هذا الشأن.
اللهم إني لست بفقيه ولا أجيد مأثور الدعاء ولكن كما سأل إعرابي الرسول وصحبه بعد الصلاة بم تدندنون فاستدركه الرسول "ص" سائلا وماذا تقول أنت بعد الصلاة فقال الإعرابي أقول (اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار) فقال الرسول (حولها ندندن). ووالله إني سمعت شيخا بالمملكة ينادى بأقصر وأسهل الدعوات مثل أن تقول (اللهم أدخلني الجنة بغير حساب) ومنذ ذلك اليوم أواظب عليها وأني أسألك يالله وأتوسل إليك أن تدخل سعد الدين عثمان عشرى جنتك بغير حساب، أما أنت يالله الذى أقررت علي لسان نبيك محمد "ص" أن شهادة الناس تدخل عبده الجنة فها نحن نشهد لسعد الدين وما ذلك عليك بعزيز.
سراج حاج إدريس
0912210230
[email protected]
_ثث
|
|
 
|
|
|
|
Zomrawi Alweli
ولياب
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست