|  | 
  |  الحراز والمطر |  | ... وهطلت الامطار فى العاصمة منذ امسية الخميس الماضي ، وحتى ليلة امس الاول السبت أي مساء الجمعة ، ولم يكن هنالك جديد ، فالأزمة يعاد انتاجها (بالكربون ) ، والوعود بتصريف جيد واستعداد تام للخريف ، تذوب كما الطين فى الشوارع القذرة ، وكنا قد بشرنا سعادة والى الخرطوم بأننا سوف نرصد حديثه انذاك ، يوم ان تمّ تدشين الآليات التى قيل إنها سوف تجعل مياه الامطار تغادر الطرقات فى أقل من اربع وعشرين ساعة ، وقلنا ساعتئذ ٍ ، إن عملنا الاساسي هو مراقبة أقوال السادة المسؤولين ومطابقتها بالافعال ، وعلى اقل تقدير بما يحدث  فى ارض الواقع !
 ورغم ان الدكتور عبدالرحمن الخضر والى ولاية الخرطوم ، عاد بعد ذلك بلهجة (باردة ) اوضح فيها أن ّ الاوضاع ربما لا تكون على مايرام ، ورمى سعادة الوالى باللائمة على المحليات ، وهذه موضة جديدة لم نعهدها فى الولاة السابقين ، فالخضر الذى بدأ عهده قبل موسمين وكان تسلمه لمهامه فى فصل الخريف ، ظل ينتقد الجهات التابعة له ، ويقر بتقصيرها وهذه ميزة جيدة ّ  ، لكن لاحظنا ان الامر لايتجاوز حدود (الاعتراف ) !
 المشهد فى الخريف يعيد إنتاج المعاناة ، علما ً بأن ّ كمية الأمطار التى هطلت حتى الآن ليست بالحجم الذى يحدث كل هذه الفوضى ، ومن الواضح أن ّ الخلل يكمن فى البنية التحتية رغم الصرف المتواصل ، وفى كيفية ادارة الازمات ولا أدري (كيف يكون الحال ) لو ابتلانا الله بنوعية السيول والفيضانات الت نراها فى نشرة اخبار العاشرة ، وليس آخرها ماحدث فى باكستان قبل عدة ايام .
 لقد اثبتت الامطار القليلة التى هطلت فى العاصمة فى اليومين الماضيين ان الطريق لايزال طويلاً لندخل الى نادي الدول المتحضرة ، ففى كل بلاد العالم ، لاتعيق( الامطار العادية ) دولاب الحياة ، بل ان الجميع – هناك -  يستمتعون بالامطار التى تمنحهم طقسا ً لطيفا ً ومزاجا ً رائقا ً ، ، وتعرف كل قطرة مياه تهبط من السماء طريقها جيدا ً دون ان تضايق أحد .
 هطول الامطار فى بلادنا يعني (فى ضربة البداية ) قطع التيار الكهربائي ، ولا أعرف سببا ً واحدا ً منطقيا ً لهذه المعادلة ، ولايمكن أن نصدق أن هناك حربا ً بين (المطر والكهرباء ) تماما ً مثل (اسطورة الحراز والمطر) التى تقطع  بعدم تحقق هذه الثنائية فى زمان ومكان ٍ واحد ، وليت التيار يعود بانتهاء مراسم المطر ! فأمس الأول افتقد ساكنو الوادى الاخضر على سبيل المثال نعمة الكهرباء منذ العصر وحتى صباح اليوم التالي !
 المأساة التي لانعرف لها نهاية هي علاقة المواصلات بالمطر ، فقد ظل مواطنو الولاية  يضعون ايديهم على قلوبهم كلما رأوا سحابة  تتهيأ للنزول ، ولأن المواقف والشوارع تخلو من كافة اجناس المركبات العامة ، فإن ّ (ريحة المطرة ) تجعل المواطنين يتسابقون نحو محطات المواصلات التى تخلو تماما ً من (الحديد ) .!
 وحتى اصحاب المركبات الخاصة تجدهم يتدافعون في الشوارع مع هطول المطر ، وكأن عرباتهم مصنوعة من (الرماد ) ، وبكل تأكيد فإن هذا السلوك يعود إلى ظاهرة مرضية "نفسية " لها أسبابها ..  ويجدر بنا ان نسأل ارتكازا ً على تجربة الخميس : اين ذهبت بّصات ولاية الخرطوم فى وقت الشدة ؟
 وإلى حين إشعار آخر ، يظل مواطنو ولاية الخرطوم على علاقة متوترة مع فصل الخريف ، والذى فيه لا تقيف اللوارى فقط كما يقول المثل ، بل يتم تعديل المثل على النحو التالى (بجي الخريف والحياة بتقيف ) ، وتظل وعود والى الخرطوم ببناء مجارٍ ثابتة بالمواصفات المعروفة ، أمنيات طيبة فى عالم لاتصنعه الأمانى !.
 |  |  
  |    |  |  |  |