|
عن منظمة العفو الدولية
|
لا يدري أحد كيف تضع منظمة العفو الدولية تقاريرها السنوية عن حالة حقوق الإنسان فى العالم ، فقد درجت هذه المنظمة على إصدار تقاريرها السنوية هذه و التى عادة ما تجابه سخرية هنا، أو امتعاضاً هناك فى كافة أرجاء العالم ، كما انها تركز على دول معينة و تتجاهل دول اخري ، و هو ما يجعل منها فى خاتمة المطاف محلاً للإنتقاد و الشكوك حول مصداقيتها و وثوقيتها . و فى تقريرها الذى صدر هذا العام ليغطي حالة حقوق الانسان للعام الماضي 2009 أفردت فقرة خاصة بالسودان استرسلت فيها فى إيراد ما لذَّ و طاب لها من معلومات، من السهل تماماً إدراك انها غير صحيحة ، فقد أشارت الى استمرار تفشي انتهاكات حقوق الانسان على أيدي الحكومة و الجماعات المسلحة ،و العنف ضد المرأة ! بما فى ذلك الاغتصاب ! ثم عرج التقرير باتجاه الاشتباكات المسلحة فى دارفور و جنوب السودان و مذكرة الجنايات الدولية بحق الرئيس البشير ،و لم ينس التقرير الحديث عن إبعاد منظمات دولية تعمل فى المجال الإنساني و صدور أحكام بالإعدام . و قد بذلنا مجهوداً شاقاً لعقد اقصي قدر ممكن من المقارنة و التحري و الاستقصاء من جهات عدة فى السودان ، ليس لنفي او إثبات ما ورد فى التقرير و لكن حتى لمجرد تحري مصداقية تقرير المنظمة و درجة تعامله مع قضايا حقوقية شديدة الأهمية و الحساسية ،و للأسف الشديد وجدنا ان ما ورد بالتقرير ليس له أرضية ينطلق منها ، إذ لا يقول أحد أنه لا تحدث وقائع هنا او هناك و لكن من الضروري ان تتحري منظمة كهذه اقصي درجات الموضوعية في إيراد ما تورده حتى تكتسب و لو نذراً يسيراً من الاحترام يعين الدول المعنية فى معالجة ما يقع من خروقات ،ويعطي صورة حقيقية لمتابعي الشأن الحقوقي عن ما يجري . و يكفي هنا ان نشير الى ان المنظمة لم تجر اى اتصال لا بوزارة الخارجية السودانية او وزارة العدل او وزارة الداخلية أو الهيئة القضائية لتقف على ما بحوزتهم من معلومات حتى يأتي تقريرها على الاقل مستصحباً لمعلومات رسمية . لهذا كان من المهم جداً لدينا كمراقبين و متابعين للشأن السوداني ان نقف على ما ورد فى التقرير و نقايسه بما نراه و نلمسه على ارض الواقع ، فعلي سبيل المثال فان حديث المنظمة فى تقريرها عن العنف الحكومي فى دارفور ليس له أدني صحة ، ذلك ان ما شهدناه سواء فى الاعلام المحلي اوالدولي و ما ورد فى تقارير بعثة الامم المتحدة و الاتحاد الافريقي و تعرض قوات اليوناميد لهجمات ،هذه كلها اعمال عنف جرت من الجماعات المسلحة فى دارفور ،و فى مقدمتها حركة خليل . و أما بشأن العنف ضد المرأة فقد راجعنا ملفات و مضابط الشرطة والنيابة العامة بحثاً عن شكوي او بلاغات حول الاغتصاب المنظم او غيره ولم نجد ما يفيد بذلك . و لئن أوردت المنظمة ذلك فى تقريرها و أدَّعت أنها حصلت عليه مثلاً من حديث أناس عاديين ، فان التقارير الحقوقية عادة تكتب من واقع مضابط وسجلات وإلا أصبحت احاديث مرسلة و لا أساس لها ولا تثبتها أدلة ؛ أما بشأن حالات الاعتقال لدي الأجهزة الامنية فان معتقلات جهاز الأمن السوداني – و هو جهاز بات مفتوحاً وافقاً لقانونه الذى أجيز مؤخراً ولم يعد بالإمكان ان يجري فيه أمر دون رقابة قضائية او معرفة من ذوي المعتقلين عند اعتقال اى شخص ،و قد أوردت الصحف السودانية العديد من حالات الاعتقال التى تمت و تم السماح فيها لذوي المعتقل بزيارته و الوقوف على حاله و إحضار محامي له إن رغب و تقديم اى شكوي للجهة القضائية المختصة بشأن أى تجاوزات وقعت فى حقه . ويعرج التقرير للحديث عن وفاة مدان بالسجن الاتحادي و هو المدعو آدم سليمان سلمان ، و هذا أدنته – بحسب متابعاتنا – محكمة جنايات سودانية على خلفية الهجوم على ام درمان فى العاشر من مايو 2008 و هو هجوم – كما يعلم الجميع – خلف دماراً لممتلكات و سقوط لضحايا و هلعاً وسط المواطنين ، مما يعده القانون الجنائي السوداني جريمة ارهاب ،و لهذا فقد قضت عليه و معه آخرون محكمة الجنايات – بإجراءات قضائية سليمة – بالاعدام و اتضح لاحقاً أنه كان يعاني اصلاً من مرض اصابه قبل القبض عليه فى الهجوم ، و هذ ما كشفه التشريح الطبي ،و ان سلطات السجن كانت توفر له رعاية طبية داخل مستشفي السجن .
|
|
|
|
|
|