نهج الاعتدال ... بقلم الامين العام لهيئة شئون الانصار الحبيب عبد المحمود ابو ابراهيم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 10:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-01-2010, 02:59 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نهج الاعتدال ... بقلم الامين العام لهيئة شئون الانصار الحبيب عبد المحمود ابو ابراهيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    نهج الاعتدال
    بقلم الأمير/ عبد المحمود أبو إبراهيم
    الأمين العام لهيئة شئون الأنصار

    تناولت الحلقات السابقة العوامل التي أدت إلى تراجع الأمة وفى ثناياها ضاعت الحقيقة الإسلامية وشملت تلك العوامل : التناقض في الخطاب والتعامل مع الخلافات من منطلق التصادم ثم وقوع العالم الإسلامي تحت نير الاستبداد وأخيرا الحرب الباردة القائمة بين نهجى الانكفاء والاستلاب وتتناول حلقة اليوم والحلقات التي تليها النهج المعتدل الذي يحقق روح الإسلام ويعتمد على الوسطية والنظرة الشاملة التي تنظر إلى المقاصد الكلية التي جاء بها الإسلام.
    أهمية الدين في حياة الإنسان :
    الاعتقاد الديني يلازم الإنسان حيثما وجد فهو قدر الإنسان ومطلب من مطالبه الفطرية , فتكوين الإنسان المركب من المادة والروح يجعل النزعات متعارضة , والرغبات متنوعة , مما يخلق جدلاً داخل الإنسان لا يهدأ إلا بعد أن يجد تفسيراً مقبولاً لهذا التناقض , فالإنسان بحكم تكوينه معرض لنزعات نفسية متعددة ومتعارضة ( الحزن والفرح , الغضب والرضا , الحب والكره , اليأس والأمل ...الخ ) هذه الثنائيات تقلق مضجعه وترهق ذهنه فالاعتقاد الديني هو الوحيد القادر على تفسير مقنع يطمئن إليه الإنسان , قال تعالى : ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [ الأنعام : 82 ] والإنسان لا يمكن أن يعيش إلا في وسط مجتمع يتبادل معه المصالح ومن الطبيعي أن تتعارض هذه المصالح والدين هو القادر على تنظيم هذه العلاقات وحمل الإنسان على عدم التعدي على حقوق الآخرين لأنه إذا استقر في نفس الإنسان سوف ينمي فيه عنصر الرقابة الذاتية وهي إن صدقت فأثرها أكبر من الرقابة القانونية , والأجهزة الرقابية. قال صلى الله عليه وسلم عن الإحسان : (( أن تعبـد الله كأنك تراه فإن لم تكـن تراه فإنه يـراك)) . والإنسان دائماً يتطلع إلى المعرفة حيث يسعى لإدراك كنه الموجودات التي تعيش معه , ويتساءل عن هذا الكون : بدايته ووظيفته ومآله وعلاقته به , هذه التساؤلات وتلك التطلعات لا يجيب عليها إلا شيئ يطمئن إليه الإنسان ويصدقه والدين هو من يقوم بهذا الدور " العقائد الدينية أعطت الإنسانية الطمأنينة النفسية , والرقابة الذاتية ( الضمير ) والتحصين الأخلاقي , والهوية الجماعية " وعليه فإن الإنسان حيثما وجد ارتبط بعقيدة دينية إما عن طريق خطاب الله للإنسان وإما عن طريق سعي الإنسان نحو المثال المطلق , والدين نشأ عن هذين الأسلوبين , فخطاب الله للإنسان ثمرته الأديان السماوية , وسعي الإنسان نحو المثل الأعلى ثمرته النحل الوضعية , يتضح مما سبق أن الدين له أهمية كبيرة في حياة الإنسان بل هو ضرورة نفسية وضرورة اجتماعية وضرورة كونية قال الشاعر الباكستاني الفيلسوف محمد إقبال :

    إذا الإيمان ضاع فلا حيـاة ولا دنيـا لمن لم يحيى دينا
    ومن رضي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء لهـا قرينا
    وأكد القرآن الكريم هذا المعنى قال تعالى : ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [ الجاثية : 24 ]


    يتبع
                  

08-01-2010, 03:01 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نهج الاعتدال ... بقلم الامين العام لهيئة شئون الانصار الحبيب عبد المحمود ابو ابراهيم (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    الإسلام وعلاقته بالرسالات السابقة :
    دين الله مصدره واحد , فهو سبحانه وتعالى اصطفي الأنبياء والرسل وأرسلهم على فترات لهداية البشر إلى الصراط المستقيم ولإخراجهم من الظلمات إلى النور , والمجتمعات البشرية مرّت بنفس المراحل التي يمر بها الإنسان الفرد : مرحلة التكوين فالميلاد فالطفولة فالتعلم فالتجارب فالنضج وكل مرحلة أنزل الله لها ما يلائمها من تشريع ولذلك نجد أن خطاب الأنبياء اتفق على العقائد وتنوع في التشريعات , فنوح عليه السلام ركز على التوحيد ونفي الشرك والمساواة بين الناس لأنه أول رسل الله بعد آدم عليه السلام , وهود وصالح بعد التوحيد كان اهتمامهما يتركز على إبراز مظاهر قدرة الله , وذلك لمخاطبة قوم اغتروا بقوتهم وقدرتهم , وشعيب ركز على محاربة الفساد الاقتصادي , ولوط كانت دعوته موجهة ضد الانحلال الخلقي والشذوذ , وموسى استهدف إبطال السحر وهكذا.. مع إجماعهم على توحيد الله كان كل رسول يخاطب قومه بما يعالج المشاكل التي يعيشونها فالدين واحد والتشريعات مختلفة قال تعالى : ﴿ شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ﴾ [ الشورى : 13 ] إن رسالة الإسلام التي جاء بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم جاءت متضمنة لأصول الرسالات السابقة ومصدقة لها فهي الحلقة الأخيرة في سلسلة الوحي الإلهي وأكد هذا المعنى الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : (( مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنياناً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة ؟ قال : فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين )) .


    ما تميز به الإسلام :

    يتبع
                  

08-01-2010, 03:02 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نهج الاعتدال ... بقلم الامين العام لهيئة شئون الانصار الحبيب عبد المحمود ابو ابراهيم (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    لقد تبين مما سبق أن الإسلام جاء مكملاً للرسالات السابقة متضمناً لأصولها ومصدقاً لها ولكنه باعتباره الدين الخاتم فقد اختص بالآتي :

    أولاً : العالمية
    كانت الرسالات السابقة محدودة المكان ومحدودة الزمان ومقتصرة على قوم دون غيرهم , والقضايا التي جاءت من أجلها محددة ولكن الإسلام جاء ديناً عاماً يخاطب كل الناس عبر العصور , وعالمياً لا يعرف الحدود المكانية ولا الزمانية , وأممياً لا يقتصر على قوم دون غيرهم , وشاملاً يخاطب كل قضايا الإنسان واهتماماته العقائدية والعبادية والسلوكية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من مطالب الإنسـان .

    ثانياً : الختام
    رسالة الإسلام جاءت رسالة خاتمة لا تعقبها رسالة أخرى لأن الله سبحانه وتعالى الذي خلق الخلق يعلم ما يصلحهم فتكفّل بإرسال الرسل إليهم متدرجاً معهم في كل المراحل , فلما وصلت البشرية مرحلة النضج أنزل إليها الرسالة الخاتمة قال تعالى : ﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَـانَ اللَّهُ بِكُـلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [ الأحزاب : 40 ] .

    ثالثاً : التيسير
    الرسالات السابقة كانت متشددة مع أتباعها وأحكامها شاقة , وعقوباتها قاسية , فكل شخص كان لديه مكان معين يتعبد فيه لا يجوز له أن يتعبد في غيره , والنجاسة لا يزيلها الماء من الثوب أو البدن , ومرتكب الكبيرة تعجل عليه العقوبة في الدنيا , ومن أراد أن يتوب فتوبته أن يقتل نفسه , قال تعالى : ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [ البقرة : 54 ] هذه المشاق رفعت عن الناس في رسالة الإسلام فالتكاليف ميسرة , وتتصف بالمرونة فمن لم يجد الماء ينتقل إلى التيمم , ومن لم يستطع القيام يصلي جالساً أو متكئاً أو راقداً أو بالإشارة , والتوبة متاحة لكل الناس ما لم تصل الروح إلى الحلقوم , ومن مبادئ الإسلام التيسير ورفع الحرج والتدرج ومراعاة الـواقع ..الخ قال تعالى : ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخبائث وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَـانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُـواْ النُّورَ الَّـذِيَ أُنزِلَ مَعـَهُ أُوْلَئِكَ هُـمُ الْمُفْلِحُـونَ ﴾[ الأعراف : 157 ] وتميّز الإسلام بخصائص كثيرة كلها تدخل في باب التكريم لهذه الأمة والتخفيف عنها وقد وردت هذه الخصائص في آيات كثيرة مثل الآية السابقة وأحاديث كثيرة منها : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قـال : (( أعطيتُ خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر , وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل , وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي , وأعطيت الشفاعة , وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة )) فالله سبحانه وتعالى أكرم هذه الأمة بالرسالة الخاتمة التي جاءت رحمة للعالمين ونعمة للمسلمين قال تعالى : ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [ آل عمران : 103 ] ومن خصائص هذه الرسالة أنها جعلت العادات البشرية عبادات إذا اقترنت بالنية الخالصة لله ولم تتصادم مع تعاليم الدين , فالأكل إذا قصد به بناء الطاقة التى تساعدعلى الطاعة يكون عبادة , والزواج إذا قصد به التحصين وبناء الأسرة الصالحة يكون عبادة والتبسم في وجه الأخ صدقة , وهكذا.. يسّر الإسلام طرق الطاعات وسهّل دخول الجنة على الراغبين عن أبي ذر ، أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ذهب أهل الدثـور بالأجور ؛ يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ؛ ويتصدقون بفضول أموالهم ؛ قـال : ((أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ؟ إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة ؛ قالوا يا رسول الله : أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟! قال : أرأيتم إذا وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجراً )) فالرسالة الخاتمة هي خيار العقلاء وحصن النجاة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .


    يتبع
                  

08-01-2010, 03:03 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نهج الاعتدال ... بقلم الامين العام لهيئة شئون الانصار الحبيب عبد المحمود ابو ابراهيم (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    مكانة الإنسان في الإسلام :
    الإنسـان في الإسـلام مخلوق مكرم لمجرد إنسانيته قال تعالى : ﴿ ولَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ [ الإسراء : 70 ] والناس في الإسلام متساوون لا تفاضل بينهم بسبب اللون أو النوع أو العرق أو الطبقة وبالتالي فهم متساوون في الحقوق والواجبات في الدنيا وأما التفاضل بالأعمال والعقيدة فهو في الآخرة قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [ الحجرات : 13 ] والتشريعات الإسلامية جاءت لمصلحة الإنسان ومراعية لحاجاته بل هنالك قاعدة شرعية تقول : " إن حرمة الأبدان مقدمة على حرمة الأديان " والتكريم الإسلامي للإنسان يتبدى في الحقائق الآتية :
    أولاً : قصة الخلق ؛ إن خلق الإنسان تميز بالخصوصية والاصطفاء حيث سواه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة بالسجود له تكريما له وإعلاء لقدره قال تعالى : ﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ ﴿71﴾ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴿72﴾ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴾ [ ص :70 – 73 ] .
    ثانياً : قضية التكليف ؛ فالإنسان جاء مخلوقاً مغايراً للمخلوقات الأخرى متصفاً بصفاتها ومتميزاً عليها بالعقل والحرية والإرادة هذه الخصائص أهّلته للقيام بأمر الاستخلاف في الأرض دون بقية المخلوقات قال تعالى : ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴿30﴾ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿31﴾ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿32﴾ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ [ البقرة : 30 – 33 ] .
    ثالثاً : تطويقه بالنعم ؛ النظرة العميقة تبين أن الكون كله مسخر لخدمة الإنسان فالأرض ذللت ليمشي الإنسان في مناكبها ويأكل من رزق الله والسموات جعلت سقفاً محفوظاً والشمس ترسل أشعتها لتضئ الأرض وتنمي النبات وتقتل الجراثيم وليعلم الإنسان عدد السنين والحساب , وجعل الله القمر نوراً يبدّد ظلمات الليل والنجوم خلقت ليهتدي بها الإنسان في أسفاره , قال مهدي الله عليه السلام : " اللهم إنا نسألك بسر وحدانيتك وبسر قدرتك على كل شئ ، وبسر ذاتك القائمة بكل شئ ، أن تقذف في قلوبنا معرفتك وكمال حبك ياذا الجلال والإكرام وأن تشوقنا إليك إذ أنت الذي أنعمت علينا بإخراجنا من العدم ، فخلقتنا في أحسن تقويم ، وخصصتنا بما لا نقدر على عده من التكريم ، وأريتنا في أنفسنا ما لا يقدر عليه غيرك ، مما يدل على انفرادك ، والشوق إليك ، وجعلت لنا من بين أيدينا ومن خلفنا ومن فوقنا ومن تحتنا نعماً لا يحيط بها فكرنا ، ودللتنا إلى حب ذاتك التي احتوت على جميع الخيرات , وعرّفتنا بآياتك ما خفي من الأنوار ، فكانت ظاهرة لأولي الألباب والأخيار ، ولا تخفى عظمتك باستيلائك على كل شئ مع الرحمة الظاهرة الكاملة إلا على خفاش ينكر ظهور ضوء النهار " قال تعالى : ﴿ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ ﴿32﴾ وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴿33﴾ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإنسان لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [ ابراهيم : 32 - 34 ] .
    رابعاً : كفالة حقوقه ؛ إن حقوق الإنسان محترمة في الإسلام لكل الناس حتى أولئك الذين يرفضون الإسلام ويعادونه , لأن الدين يقوم على الاختياروليس الإكراه , والإيمان لا يعطي المؤمنين حق التعدي على حقوق الآخرين , بل دافع الإسلام عن الكافرين به وأدان من آمن به عندما اعتدى على حقوق الغير , فجاء التشريع الإسلامي داعياً لبسط العدل مع كل الناس ونهى عن الظلم والعدوان ، ودافع القرآن عن اليهودي وبرّأه وأدان المسلم لأن معيار العدل واحد يطبق على كل الناس: فعندما سرق طعمة بن أبيرق - أحد بني ظفر من الأنصار - درعاً وانكشف أمره فجاءت عشيرته إلى رسول الله تطلب إلحاق التهمة باليهودي وتبرئة المسلم ، أنزل الله سبحانه وتعالى تسع آيات تبرئ اليهودي وتدين المسلم وتطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستغفر الله لاستماعه إلى عشيرة طعمة ولاعتقاده أن يكون المسلم صادقاً دون أن يطلب الدليل ، ومبيناً للعالم كله أن من اكتسب إثماً فإنما يكسبه على نفسه ، وأنه لا ربط بين الإسلام وبين تجاوزات المنتمين إليه . قال تعالى : ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا ﴿105﴾ وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿106﴾ وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴿107﴾ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴿108﴾ هَاأَنتُمْ هَؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ﴿109﴾ وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿110﴾ وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴿111﴾ وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ﴿112﴾ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [ النساء : 105 – 113] فهذه دعوة صريحة بأن الاختلاف مع الآخر لا يسقط حقه في العدالة ، والانتماء للإسلام لا يعطي حصانة للمسلم عندما يتجاوز الحدود ، لا بد من تصحيح النظرة التي تحرم المخالف من كل فضل وتضخم الذات بدون جهد .
    خامساً : إحاطته بالرحمة ؛ فالإسلام دين الرحمة ورسوله رحمة مهداة والله سبحانه وتعالى أرحم بنا من أمهاتنا وتجلت مظاهر الرحمة في كثير من الأحكام والتعاليم , منها التدرج في الأحكام مراعاة للبيئة المحيطة , ومنها التخفيف في الأحكام , والعفو عن الصغائر وقبول التوبة ومضاعفة الحسنات وإذهاب السيئات بها فالإسلام رحمة كله قال تعالى : ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [ الزمر : 53 ] إن مكانة الإنسان في الإسلام عظيمة عليه أن يدركها ويحصنها بالشكر والعمل الصالـح قال تعالى : ﴿ قُتِلَ الإنسان مَا أَكْفَرَهُ ﴿17﴾ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴿18﴾ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ﴿19﴾ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ﴿20﴾ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ﴿21﴾ ثُمَّ إِذَا شَاء أَنشَرَهُ ﴿22﴾ كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ﴿23﴾ فَلْيَنظُرِ الإنسان إِلَى طَعَامِهِ ﴿24﴾ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا ﴿25﴾ ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ﴿26﴾ فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ﴿27﴾ وَعِنَبًا وَقَضْبًا ﴿28﴾ وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا ﴿29﴾ وَحَدَائِقَ غُلْبًا ﴿30﴾ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ﴿31﴾ مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [ عبس : 17 – 32 ] هذا الدين الخاتم صالح للخلود ..


    النهاية
                  

08-01-2010, 06:58 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نهج الاعتدال ... بقلم الامين العام لهيئة شئون الانصار الحبيب عبد المحمود ابو ابراهيم (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    الله اكبر ولله الحمد
                  

08-02-2010, 03:18 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نهج الاعتدال ... بقلم الامين العام لهيئة شئون الانصار الحبيب عبد المحمود ابو ابراهيم (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    الامير عبد المحمود ابو ابراهيم رجل صارع الشمولية الانقاذية وهز مضجعها
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de