في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 12:26 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-08-2010, 07:41 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب)

    أحاديث الادب وقلة الادب (5)
    المجالس بأماناتها والرسائل بخياناتها


    الله يا شيخ الصعاليك اليتامى
    ويا مسكاً يضوع الآن خلف الموت
    أسراراً، وأذكاراً، وأشجارا
    ورؤيا آسرة
    الله يا شيخ القضايا الخاسرة
    (من قصيدة " قبر على موج الدميرة" للشاعر كمال الجزولى، فى رثاء الراحل محمد المهدى مجذوب)


    (1)
    لا تراودنا ذرة شك فى أن قيام أبى سن بنشر الرسائل الخاصة لشاعرنا الكبير محمد المهدى المجذوب بعد وفاته تمثل معلماً فارقاً فى سيرة الفجيعة الاخلاقية التى ألحقها بمضمار كتابة المذكرات فى السودان. يضاف الى ذلك الروايات المرسلة ذات المضامين المستقبحة الحاطة من أقدار الناس، التى لم ترد فى الرسائل والمكاتبات ولكن صاحب المذكرات صاغها من عنده ثم وضعها على لسان المجذوب، مدعياً ان المجذوب ذكرها له فى لقاءات خاصة جمعتهما. ولا عبرة هنا بما كتبه خلصاء صاحب المذكرات من الذين احتفوا بهذه الرسائل، وعدوا نشرها فتحاً أدبياً، ونعتوا المنددين بنهج اذاعة اسرار الأصدقاء الشخصية، بعد رحيلهم عن دنيانا، بأنهم يرتهنون الى قيمٍ مهترئة ومُثُلٍ بالية تجاوزها الزمان.
    أى فتح أدبى هذا الذى يُفضح فيه، وتبذل للغاشين والماشين، أخص وادق أسرار رجل محصن يكتب الى امرأة اجنبية يحدثها بمثل ما حدثت الرسائل الفتاة روزمارى؟ (يناديها بعض من طرقوا هذه القضية ب "الشاعرة روزمارى". ليست هى بشاعرة ولا يحزنون، وانما صبية التقطها ابوسن من طرقات لندن). وهى رسائل يفترض أن المجذوب كتبها وبعث بها الى فتاة يافعة تنهد للخروج من سن المراهقة. وبحسب رجاء النقاش، الذى استقى معلوماته من ابى سن، فان شاعرنا كتبها وهو فى سن الخامسة والاربعين وما بعدها، بينما كانت الفتاة روزمارى فى التاسعة عشر وفقاً لأغلب الروايات (يقول النقاش انها كانت فى العشرين، لا التاسعة عشر. لا فرق). وتشتمل الرسائل الى الفتاة روزمارى على جوانب قد ترد فى مواددات حميمة بين رجل وامرأة، ولكنها بالقطع واليقين، وبكل المعايير، لا تصلح للنشر. واكاد اجزم، بغير كثير حذر، ان المجذوب لو كان حياً وقرأ بعض عبارات تلك الرسائل منشورة ومنسوبة اليه لسقط مغشيا عليه من فوره. والمجذوب نبات لبيئة سودانية أصيلة تتجذر فيها القيم الرفيعة، ويقوم "الانفلات" فيها مقام الاستثناء الذى يثبت الاحكام والقواعد ويعضدها. ونود ان نبسط امامك فى يومنا هذا- اعزك الله - بعض المآخذ التى اخذناها على صنيع صاحب المذكرات باذاعة رسائل المجذوب الخاصة على الملأ.
    (2)
    فى مذكراته الموسومة (فى بلاط الدبلوماسية والسلطة)، أورد وزير الرئاسة والسفير السابق الاستاذ ابوبكر عثمان محمد صالح، رواية عن واحد من متصوفة الحركة الاتحادية فى مرحلة الاستقلال، هو الراحل الوزير محمد نورالدين. وجوهر الرواية هى ان الرجل مرت به ظروف مالية قاسية ابان وجوده بمصر، وعندما علم بذلك الراحل الشريف حسين الهندى، الذى صادف مروره بالقاهرة، بادر بدفع ديون الرجل بكاملها دون علمه. ولكنه اشترط على ابى بكر ان يُبقي الامر سراً والا يخبر نورالدين بأنه هو الذى سدد عنه ديونه. وقد تُوفي الوزير نورالدين وهو يظن ان المقرض هو ابوبكر، ووجد ابناؤه بين اوراقه عند الوفاة توثيقاً لذلك المبلغ واشارة الى انها دين مستحق لابى بكر. وبعد ان وردت هذه الرواية تلاها مباشرة توضيح من كاتب المذكرات جاء فيه انه لم يضمّن كتابه هذه المعلومات الا بعد ان استأذن اسرة المرحوم محمد نورالدين، وحصل على موافقة ابنه الاكبر الاستاذ صلاح محمد نورالدين (راجع سلسلة مقالاتنا بعنوان: ابوبكر عثمان فى بلاط الدبلوماسية والسلطة). تلك اذن هى اصول التعرض لسير الناس وخصوصياتهم ومعالجتها فى الكتابات المبذولة، وابوبكر يفهم، بغير شك، تلك الاصول ولا يعدوها، ومثله كثير.
    ومن الاعراف المستقرة فى السلوك العام ان الاسرار التى تنتهى عند طرفٍ من الاطراف عن طريق المشافهة او المكاتبة لا تبذل للاغيار بغير اذن اهلها. ومأخذنا الأساسى على ابى سن هو انه بادر الى استباحة أسرار الشاعر المجذوب، بعد وفاته دون اذن من اسرته، وهى معلومة استوثقنا منها. اسرة الشاعر الكبير لم تطلع على اصول هذه الرسائل المزعومة، ولم تقرر انها مخطوطةٌ بخط يده، ولم تأذن بنشرها. وليس بأيدينا والحال كذلك، ولا بيد غيرنا، ما يقطع بأن هذه الرسائل قد كتبها المجذوب فعلاً، وذلك باستثناء افادات ابى سن نفسه بطبيعة الحال. ولا بد انك - اعزك الله- تعرف جيداً مدى مصداقية افادات الرجل، لا سيما وانك طالعت الحلقة الرابعة من هذه السلسلة!
    وكان ابوسن قد نشر من قبل رسائل الشيخ حسن الترابى الخاصة، التى زعم ان الشيخ بعث بها اليه على عهد الشباب، دون اذن منه أيضاً، مما احنق عليه الشيخ، فقام - محقاً- باستخدام سلطات النيابة العمومية التى كان يتمتع بها لحظر الكتاب. وفى حالة الشيخ الترابى فان أبا سن لم ينشر رسائله الخاصة على انها "فتح أدبى"، وانما نشرها فى اطار مكايدات سياسية بحتة. والاحتفاظ بالرسائل الحميمية التى كتبها الاصدقاء فى عهود الصفاء، ثم استخدامها فى زمانٍ لاحق كسلاحٍ لتصفية الخصومات بنشرها واذاعتها على الناس اجمعين بغرض إضعاف الخصوم السياسيين وأيذاء مشاعرهم، بعد ان تتفرق بهم شعاب الدنيا، مسلكٌ مستقذرٌ مستفجَر، تمجّه الفطرة السليمة ويأباه الضمير الحر.
    الحقوق العرفية والقانونية فى أمر خصوصيات الناس مؤصّلة ومؤثلة، لا يتعداها الا متعدٍ مجانفٍ للنصفة. ونحن - ولله الحمد والمنة - لا نقف موقفنا هذا فرادى معزولين، بل هو موقف نجد انفسنا فيه على ذات الضفة مع عدد من لوامع المثقفين السودانيين، فى مقدمتهم شيخنا الدكتور عبد الله حمدنا الله، والدكتورة لمياء شمت، والدكتور مبارك بشير وغيرهم ممن كتبوا، عند اول ظهور المذكرات ودخولها حيز التداول، منددين بشرعة العدوان ونهج الافتئات على الحقوق. وقد وجدنا انفسنا على ذات الضفة ايضاً مع المثقف الشفيف صاحب الحرف الوضئ، المهندس عبدالله الشقلينى، الذى كتب فى منبر "سودان راى" الالكترونى:(من حق أبوسن أن يكتب وان يأخذ الاذن بالكتابة وفق الاسس المتعارف عليها قبل النشر. ومن حق البطل ان يتناول تفصيلات ما ورد فى كتاب ابوسن. ومن حق الأسر الممتدة ان تستوثق مما ورد حقاً مأذوناً من صاحب الشأن. ومن حق الاحفاد الا تتجول حيوات اهليهم الخاصة فى الفضاء بدون التوثيق الذى عنيناه، وبدون الاذن). ويضيف الاستاذ الشقلينى:(الموضوع ذو صلة بطرق كتابة المذكرات. وقد تحدثنا عن المنسوب للآخرين وضرورة أخذ موافقتهم قبل النشر. أما مذكرات كاتبها فهو أمرٌ يهمه. ومن هنا فان المدخل هو حق النسخ. وهو يطرح مصداقية هذه المذكرات ان كانت غير موثقة. هناك نظم لكتابة المذكرات، فالامر ليس بعمل هواة. واعتقد ان الامر يستحق النقاش. ليس من باب الاخلاق كما يصر البعض، ولكن من باب حق النقل عن الآخرين دون تصريح).
    وفى ذات الموقع كتب العالم الفذ البروفيسور بدرالدين حامد الهاشمى: ( قرأت قبل سنوات مذكرات الشيخ بابكر بدرى، التى وُصفت بأنها المذكرات السودانية الوحيدة التى تتميز بالصدق الكامل. وقرأت كذلك مذكرات محمد خير البدوى، وهى ايضا صريحة جدا. الفرق بين تلك المذكرات وما سطره المرحوم ابوسن هو ان بابكر بدرى ومحمد خير البدوى كانوا صرحاء جداً فيما يخصهما فقط. أى انهما لم يذكرا ما قد يمس الآخرين. لم يعجبنى البتة نشر ابوسن لمكاتبات خاصة لصديق لا نعلم ان كان قد سمح بنشرها ام لا. هذا يمثل مشكلاً اخلاقيا. لا اعتقد انه يجوز ان تنشر مراسلات كتبها صديق فى زمن سابق دون علمه وموافقته. هذه فى نظرى من بدهيات اخلاقيات الكتابة. فى مجال النشر العلمى، على سبيل المثال، لا استطيع قانوناً ان أنشر مقالا علمياً كتبته مع آخرين حتى ارسل للناشر موافقات خطية من هؤلاء الآخرين المشاركين فى كتابة المقال).
    (3)
    ثم انه جاء فى الأثر أن "المجالس بأماناتها". واذا لزم حفظ الامانات فى حال المجالس المحضورة، والا ما سميت "مجالس"، فالأوْلى ان تكون "الرسائل بأماناتها" أيضاً. فالرسالة تحوى سر رجل واحد او امرأة واحدة الى رفيق او رفيقة. والحديث الذى اقتصر على متراسلين اثنين أدعى وأحق بالحفاظ على حرمته من حديث ذاع فى مجلس تحضره ثلة من الناس.
    غير ان الذى يبعث على الاستغراب ويثير استهجاننا حقاً هو ان أبا سن بادر الى نشر رسائل خاصة لم يكن هو طرفاً فيها أساساً. العلاقة المفترضة انما هى بين المجذوب والفتاة روزمارى، التى كانت الرسائل تصلها عبر البريد مباشرةً. الذى حدث هنا هو ان أبا سن حافظ هو ايضا على علاقة ما بالفتاة، ثم حصل منها بطريقٍ من الطرق على الرسائل التى يفترض ان المجذوب كان يبعث بها اليها، ثم أخفى هذه الرسائل لحقبة طويلة، حتى اذا غاب المجذوب عن الحياة، اخرج الرسائل من مخبئها واذاعها فى كتابه. والواقع ان بأيدينا دليلا قطعياً ، يوفره كتاب المذكرات، على ان المجذوب طلب من ابى سن، ابان وجود الاخير فى لندن، ان يتسلم نيابة عنه الخطابات التى سبق ان بعث بها الى الفتاة واعادتها اليه عن طريق الحقيبة الدبلوماسية. أقرأ فى رسالة منه بتاريخ 20/04/1968 :(أرجو اذا لقيتها [روزمارى] ان تتسلم هذه الخطابات وتعيدها اليّ بالحقيبة). الأمر اذن لا يحتمل الجدل. لقد تسلم ابوسن الرسائل فعلاً، فنفذ بذلك الجزء الاول من طلب صديقه، ولكنه التوى عليه بشأن الجزء الثانى، فلم يُعد الخطابات اليه عن طريق الحقيبة، وانما احتفظ بها لنفسه حتى يأتى اليوم المناسب لاستثمارها!
    ولو كانت روزمارى مثلاً هى التى تولت كبر نشر الرسائل لاختلف الامر اختلافاً بيّناً، فهى هنا طرفٌ اصيل فى العلاقة. ولكانت والحال كذلك نظيراً لغادة السمان التى بادرت من عند نفسها فنشرت رسائل غسان كنفانى اليها، او العراقية ديزى الامير التى سعت الى نشر رسائل اخرى، مشابهة فى طبيعتها لرسائل روزمارى، كان المجذوب يبعث بها اليها. وغير هؤلاء كثيرات وكثيرون.
    (4)
    بيد أنّ الطامة الكبرى فى مسلك ابى سن هى مصادرته اسم المجذوب وتوظيفه واستغلاله على نحوٍ مُسف يزرى بشاعرنا الكبير أبشع زراية. وكانت استاذة الأدب الانجليزى الدكتورة لمياء شمت قد بادرت فكتبت قبلنا مستعجبةً تندد بصنيع ابى سن:(كيف أمكنه ان يتجاسر كل هذا التجاسر على المجذوب، هاتكاً حرمة خصوصيته بِوقِح الكلام الذى لا يرتفع الا بأجنحة الطبع والتوزيع، منازلاً صمته الأبدى بساقط القول الذى يقتحم حديقته سهلة الاكناف، حين نامت عنها الاعين وتركتها هكذا لترعاها الضباع، فتطفئ وردها، وتحصب ثمارها، وتسحق كائناتها الصغيرة واطيارها الصداحة، من للمجذوب؟ من للمجذوب؟!) وأضافت الدكتورة لمياء، وهى تواصل مسيرة الاحتجاج وتلقى بالاضواء الكاشفة على مهزلة استغلال اسم الشاعر الكبير:(تم توزيع الكتاب توسلاً او تسولاً، بعنوانه الذى يحمل اسم المجذوب، فى تحايل وَضيع لم يرع ابسط مواضعات العلاقة بين النص وعنوانه. فقد قام كاتبه "الجسور" بفتق رتق الصلة المفترضة بين المضمون والعنوان، غير آبه البتة بامكانية كشف الخدعة المستخدمة فقط لغرض القبض على انتباه القارئ ريثما يتمكن الكاتب من سرد سيرته الذاتية العجائبية "سيرة الكاتب نفسه"، التى يتشابك دغل احداثها بصورةٍ تبهظ العقل والخيال معاً. وفى خضم نظام تلك السيرة الذاتية المدهشة لا يفوت على الكاتب ان يذكر المجذوب أحيانا بحفنة من العبارات تتفرق عبر الصفحات، حيث يتم استحضار المجذوب بشكل طارئ ليقوم بالتعليق او التأكيد على حكايا تدعم من مزاعم الكاتب، خاصة فى شأن فتوحاته الادبية والفكرية والسياسية الكبرى، ثم بعد ذلك يطرح المجذوب جانباً ليخلد ردحاً من الصفحات لصمتٍ رهيب لا يخرج منه الا لشهادة اخرى). [الرأى العام، 22/7/2001 م].
    ولا جدال فى ان الكتاب لا يضيف الى شاعرنا الكبير مثقال خردلة. بل انه – وهذا هو الأنكى وأضل – يخصم من رصيده ويضعه كرمز من رموزنا الثقافية تحت اضواء سالبة. فليس من قيمة أدبية، او غير أدبية، يستقيها المرء من نشر معلومة تفيد بأن المجذوب لم يكن يصوم رمضان، ويجاهر بذلك فيدخن السيجار بغير مبالاة فى روابع نهارات الشهر الفضيل أمام رائد الاخوان المسلمين الشيخ على طالب اللهً؟! وليس هناك من قيمة يعتد بها فى تلك الاحاديث العجيبة المريبة عن تفصيلات الحياة الجنسية ودقائق القضايا المتعلقة بمعاشرة النساء على نحو ما جاء فى الرسائل المفترضة الى روزمارى. ثم ان الرسائل التى نشرها ابوسن، تُسقط على الرجل، من حيث لم يحتسب، أضواءً غريبةً شاذة لم يألفها السودانيون عن شاعرهم. فهى تظهره فى صورة الرجل المضطرب المتهافت على النساء من غير تثبت او روية. ولعل هذا ما حدا بالسفير جمال محمد ابراهيم ان يضيف فى مقاله الذى أشرنا اليه فى حلقةٍ متقدمة من حلقات هذه السلسلة: (ولعلي على يقين أنه لم يُعرف عن شاعرنا الراحل رحمه الله أنه كان "زير نساء" ، أو هو ممن شغلت ملاحقة النساء جلّ وقته ولونت علاقاته).
    ونحن نعرف من الكتاب ان الفتاة روزمارى لم تكن فى الواقع سعيدة تماماً برسائل المجذوب اليها، بل انها لم تحتف به اجمالاً. كانت الرسالة تصلها بعد الرسالة فلا ترد، حتى اذا سطرت رداً متباعداً كتبته موجزا مقتضباً لا يروى ظمأ الصادى. وقد شكا المجذوب فى رسائل مفترضة الى المجذوب من اهمال الفتاة وعدم احتفالها به. ونفهم من بعض هذه المكاتبات ان روزمارى لم تكتب للمجذوب فى حقيقة الأمر سوى رسالتين فقط، مقابل الفيض المنهمر من رسائل المجذوب اليها. فعندما ساءت العلائق بين الطرفين نتيجة لاهمال روزمارى للمجذوب كتب الاخير غاضباً يطلب ان ترجع الفتاة رسائله اليها، مع تعهد منه بان يعيد اليها رسالتين، هى جملة ما كتبت الفتاة اليه. اقرأ فى خطابه الذى يؤذن بانتهاء العلاقة: ( أكون شاكراً لو اعادت الىّ خطاباتى، مع وعد شريف من جانبى بأن أبعث اليها بخطابيها).
    ثم ان روزمارى شكت صراحةً من "حرارة اللغة والاسلوب" وذكرت انها لا تألف ذلك. وأشارت الى ان هذه الرسائل تسببت لها فى حرج مع خطيبها، اعتذر عنه شاعرنا، فقد كانت الفتاة مرتبطة برجل آخر. وذات الشئ ينطبق على رسائل المجذوب الى العراقية ديزى الامير، فقد ابدت استغرابها فى مقال منشور من ان المجذوب كان يكتب اليها تلك الرسائل مع ان العلاقة بينهما علاقة عارضة وليست بالعمق الكافى. كما انها طلبت الا ترسل الرسائل المتلاحقة على عنوان منزلها حتى لا تقع فى ايدى احد من اسرتها، واقترحت ان ترسل الى جهة وسيطة تتلقاها وتقوم بتوصيلها اليها. ومثل روزمارى لم تكن ديزى فى غالب امرها تكتب ردوداً منتظمة او غير منتظمة، بل كانت تجمع الرسائل وتضعها فى مظروف سميك، وهو المظروف الذى حملته فى وقت لاحق، سرة فى خيط، وسلمته الى رجاء النقاش!
    (5)
    خلافاً لما يظن كثيرون ممن لم يطلعوا على مراسلات المجذوب وروزمارى الانجليزية وديزى العراقية، ولكنهم ما فتئوا يمزجون الزيت بالماء بغير تبصّر، فان هذه الرسائل لا تتضمن أية قيمة أدبية يعتد بها تبرر نشرها على الملأ. وليس هناك من وجه للمقاربة او المقارنة بين رسائل المجذوب الى صاحبتيه، ورسائل انور المعداوى – على سبيل المثال – الى الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان، أو رسائل غسان كنفانى الى غادة السمان، او حتى رسائل العقاد الى مى زيادة، كما يشيع هؤلاء التخليطيون. فكل هؤلاء رجالاً ونساءً شخصيات متقاربة فى السن والفكر والشعور والاهتمامات، تعارفت تعارفاً مباشراً، تطور بعد ذلك الى صلات حميمةً، وقد جمعت بينهم الصوالين الادبية ومجالس السمر ودوائر المعاش والعمل المشترك. والاهم من ذلك ان الرسائل بين هذه الشخصيات تبودلت بين الطرفين، نساءً ورجالاً، تبادلاً متكافئاً، فلم تكن رسائل من طرف واحد، كما هو الحال بالنسبة لرسائل المجذوب لصاحبتيه المفترضتين فى غالبها الاعم. (بعث المجذوب بعدد مقدر من الرسائل الى روزمارى ولم يكن قد التقاها اصلاً، كما انه التقى ديزى الامير مرة واحدة لقاءً عارضاً على هامش احدى المؤتمرات الثقافية فى بيروت قبل ان يغمرها برسائله، كما اوضحت هى نفسها فى مقال منشور).
    وقد تناولت أمر رسائل المجذوب هذه الناقدة السعودية المعروفة لطيفة الشعلان فى مادة مطولة نشرتها الشهر الماضى صحيفة (الحياة) اللندنية تحت عنوان (لطيفة الشعلان تعود الى قضية أدبية قديمة متجددة: أى حب جمع بين فدوى طوقان وانور المعداوى؟). وقد اشارت الناقدة السعودية فى اطار مقالتها الى رسائل الشاعر محمد المهدى المجذوب الى العراقية ديزى الامير. وكانت ديزى قد جمعت هذه الرسائل وسلمتها الى الناقد المصرى رجاء النقاش لينظر فيها. ولكن النقاش بعد ان تسلم الرسائل ومحصها تركها جانباً ولم يعرها اهتماماً. وقد توصلت الناقدة لطيفة الشعلان فى مقالها المار ذكره الى ان النقّاش اهمل رسائل المجذوب وتجاوزها لسبب هين ويسير وهو انه لم يجد فى هذه الرسائل قيمة ادبية تذكر. كتبت الناقدة الكبيرة: ( النقّاش ببساطة لم يجد فى تلك الرسائل القيمة الأدبية والتاريخية والجمالية .... والا لنشرها من غير تردد).
    واذا كانت هذه هى آراء النقاد العرب حول رسائل المجذوب الى اديبة عراقية تقاربه فى السن، التقاها وتعرف اليها فعلا، فكيف يكون الحال بالنسبة لرسائل المجذوب الى فتاة انجليزية تصغره بست وعشرين عاماً، كتب اغلب رسائله اليها دون ان يكون قد رأى وجهها؟
    (6)
    قرأت مؤخراً مقالاً لحبيبنا السفير جمال محمد ابراهيم نشرته مؤخراً صحيفة "السفير" اللبنانية الرصينة، يشدد فيه النكير على الناقدة لطيفة الشعلان، ويظهر الاستهجان لما ابدته من "تحقير" لرسائل المجذوب الى العراقية ديزى الامير. وهو موقف يظاهره فيه ويؤازره عليه الاستاذ عمر جعفر السورى. وقد قرأت مقالة جمال بعنايةٍ فائقة، غير أن حججه ودفوعه وهجماته المرتدة على ابنة الشعلان لم تقع من عقلى موقعاً حصيناً. لا عبرة عندى بما خلص اليه جمال و عمر السورى من ان استنتاج الناقدة لا يسنده برهان ولا يعضده دليل. بل هو – وأيم الحق- استنتاجٌ وسيم يتكئ على جدران المنطق، وتدعمه القرائن الظرفية المتواترة. وليس ادل على ذلك من ان ديزى الامير نفسها كتبت فى مقال منشور، نوهنا به فى موقع سابق ضمن هذه السلسلة، ان رجاء النقاش كان يتحرق شوقاً للحصول على هذه الرسائل، ومارس عليها - فى سبيل الظفر بها - ضغوطاً هائلة، حتى اذعنت الاديبة العراقية واستجابت. فلما وضعت المرأة الرسائل بين يديه، ما لبث ان نظر اليها وتفحصها، ثم اشاح بوجهه عنها ولم يكتب فى شأنها سطراً واحداً!
    جاء فى مقالة جمال، وهو رأى استحسنه فتبناه عن جعفر السورى: (هذه هى للأسف الشديد نظرة الانتلجنسيا العربية الى المبدعين السودانيين. فهم يستغربون فى كثير من الأحايين كيف بزغ نجم الطيب صالح، وكيف سطعت انوار الفيتورى ولا يعرفون غيرهما. ومن لا يملك الا ان يوافق صديقى عمر فيما كتب؟) وانا بطبيعة الحال لا اوافق جمالاً ولا اوافق عمر. وكيف اوافقهما وهما يخلطان الارز بالعدس ويشتتان الكرة يمينا ويساراً؟ فى العربان عنصرية؟ نعم، ما فى ذلك شك؟ وهى فاشية عندهم منذ عهد جدنا عنترة بن شداد ومن قبله. وما هو الجديد فى ذلك ايها الكاتبان الفحلان، أصلحكما الله وأصلح بكما؟ بيد أن حالنا لن يستقيم قط ان نحن روضنا انفسنا، الأمارة بتمحك المعاذير، على ان نغض الطرف عن أضواء الحقيقة المبهرة كلما سطعت، مثلما جذوة الشمس، واستخفينا فراراً من صهدها تحت غربال الميز العرقى.
    (7)
    لم يعد لدينا مزيد نقوله فى أمر الاحتيال الأرعن والافتئات على اسم المجذوب واستثماره، بغير حياء، لترويج التصاوير النرجسية وتسويق الاوهام الطاؤوسية. ولكن الدكتورة لمياء شمت عندها ما تقول اذ كتبت: (المجذوب الذى يحمل الغلاف اسمه مجرد حاشية على تلك المتون، او مجرد ظل لذاك الهيكل الضوئى المجيد، او قل مجرد سطح عاكس لتلك المجرة الدرية الغاصة بالضياء، او لعله مسرب جانبى لتصريف تلك الطاقات الذهنية المفيضة، اومجرد خلفية خافته لمسرح وجود ذاك الفرد المطلق. يُستدعى من آن لآخر للتعليق بصورة مجلوبة خالية من التلقائية على انجاز وفتوحات وعبقريات الكاتب. ان أعتى ميكانيزمات الاختزال والخفض لا يمكنها ان تحول المجذوب بكل قوة تأثيره الوجدانية وكارزيمية جاذبيته الاجتماعية الانسانية، وطاقته الفكرية والروحية وحساسيته المستدقة، وتبصراته العميقة وحججه الراجحة وحدسه النافذ وبيانه الوثاب الى محض هامش زائد. كيف يتحول المجذوب بتدبير ينطوى على الخبث الى مجرد ممثل آلى لدور ثانوى فى كتاب يتزين باسمه؟ من للمجذوب والأيادى اللصة تنبش حرمة قبره، وتحرق اوراقه وتسرق وسامته؟) "المصدر السابق".
    وما زال ليلنا مع مذكرات أبى سن طفلاً يحبو!
    [ نواصل ].
    الرسائل العزيزية
    عرّفناك من قبل، ايها الاكرم، على خالنا عبد العزيز محمد عبد اللطيف، قاضى المديرية الاسبق، والمستشار القانونى بالمملكة السعودية حالياً، والمعروف فى اوساط اسرتنا الممتدة باسم (مولانا عزيز). واطلعناك على بعض رسائله الالكترونية التى ما ينفك يبعث بها الينا على سبيل المناصحة. وهذا آخر ما وصلنا من رسائله يناصحنا فى أمر سلسلة الادب وقلة الادب:
    (سلام يا مصطفى - انني في غاية الحزن والالم لأننى لا اعرف متي ستخرج من جلباب المشاطات وستات الشاى والجبنة وحكاياتهن الفارغة، ومن قال وقيل. لماذ تستهلك الوقت الثمين في كتابة كل هذه الحلقات وفي قيادة معركة فارغة لا قيمة لها؟ هذا موظف سابق في الخارجية وجد لديه الامكانيات المالية والوقت لكتابة ونشر كتاب زبالة مكانه برميل القمامة .لا اري سببا واحدا للانشغال بهذه التفاهات والانحدار لهذا المستوي . العبرة ليست فى طبع ونشر كتاب، وانما بشخص الكاتب وتاريخه وافكاره ومواقفه. وليس كل من طبع ونشر كتاباً يعتبر كاتباً. يا مصطفي أهلنا في السودان مشغولين بكسب العيش وما عندهم وقت للفارغات. الدكتور منصور خالد عنده قدرات كبيرة وفي غاية البلاغة والفصاحة ولا يحتاح الي محام للدفاع عنه، وهو ذاته لم ينحدر الي مستوي بذاءات ابوسن لانه يحترم نفسه فما دخلك انت بالموضوع؟ انت تقول ان ابوسن (عمد الى اعادة صياغة تاريخ قريب ما زالت وقائعه حية تنبض في صدور الناس). طيب اذا الوقائع حية فى صدور الناس انت تعبان ليه؟! ارجو منك ان تفحص وتقارن الكلام الفارغ الذى تكتبه انت بما كتبه الاستاذ فتحى الضو فى مقاله هذا الاسبوع عن الديكتاتوريات نقلا عن مجلة "فورين بوليسى" الامريكية. مقال جاد وممتاز وغنى ومفيد للقارئ، وبعيد عن شغل المشاطات. مع تحياتى.
    خالك عبد العزيز).
    انتهت رسالة خالنا مناضل الكيبورد، وعليها اشكره. واعتذر نيابة عن الاسرة لكل المشّاطات وستات الشاى على امتداد سوداننا الغالى. وقد احلنا الرسالة فى وقتها الى كهف صديقنا الاستاذ فتحى الضو، رئيس حزب الكهوف، بشيكاغو، الذي افادنا بأنه قام بتسجيل مولانا عزيز ومنحه بطاقة عضوية حزبه، الذى يضم جميع مناضلى الكيبورد على مستوى الوطن والمهاجر

    (عدل بواسطة عزام حسن فرح on 07-08-2010, 07:56 PM)

                  

07-08-2010, 07:47 PM

cantona_1
<acantona_1
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 6837

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)

    يا عزام عليك أمك رسالة خال الزول دا شكّره أم شكّر الزول التاني أم نبّذ واحد فيهم أم الإثنين؟
                  

07-08-2010, 08:02 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: cantona_1)

    ود الصافي
    Quote: يا عزام عليك أمك رسالة خال الزول دا شكّره أم شكّر الزول التاني أم نبّذ واحد فيهم أم الإثنين؟

    أبيتْ
                  

07-09-2010, 02:35 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)
                  

07-09-2010, 03:14 PM

Balla Musa
<aBalla Musa
تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 15238

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)

    سلام ياعزام

    ظللت مواظبا على متابعة هذه السلسلة وذلك لأنى إطلعت على كتاب على أبوسن قبل ذلك..
    واليوم لفت نظرى الرسالة المرسلة من مولانا عزيز( خال مصطفى)..
    وقبلها تناقشت مع أخ عزيز وعالم بإحدى الجامعات الأمريكية فى أمر هذه السلسلة..
    السؤال دوما الذى يطرحه القارئ هو:
    ماهو هدف مصطفى البطل من نشر هذه السلسلة اللاذعة؟
    منهم من يعتقد أنها من باب الدفاع عن منصور خالد( حقا أو تقربا)..
    ومنهم من يرى أنهاتعتبر ذودا عن حوض المجذوب الذى انتهكه على أبوسن دون وجه حق..
    ومنهم من يسأل من هم القراء الذين يخاطبهم مصطفى ويعمد للكتابة لهم كل أربعاء مسطرا مثل هذه السلسلة وغيرها..
    وبما أنى من هواة الكتابة الإسفيرية وربما أصنف مناضل كيبورد(تجنيا على مناضلى الكيبورد) وأعرف مصطفى كجار بأرض الغربة فلى رأى آخر قادتنى إليه نفسى الأمارة بالظن أن لذلك علاقة بتوجهات البطل السياسية الأخيرة والتى توجها بحضور مؤتمر الإعلاميين الذى انعقد بالخرطوم بدعوة من أحد أساطين الإنقاذ..

    فمصطفى فى هذه المقالات يمس مسا خفيفا جريرة التجنى على منصور خالد زعيم الصفوة ومستشار الشمولية وأحد عرابيها, فيشير بطرف سطره الى موضعه القابع الآن كهمزة على سطر الإنقاذمنصوبةبنيفاشاكضمير مستتر فى الحركة الشعبية, والإشارة تقول أن ذاك الشمولى منصور من هذه الإنقاذ..
    وعلى أبوسن كمعارض سياسى للإنقاذ حتى واتته المنية ووكأحد أبناء البيوتات الكبيرة فى النسيج السودانى وكواحد من الصفوة السودانية, وبعد أن وقع بحتف كتابه هذا, تناوله مصطفى البطل كمثال لتفاهة معارضى الإنقاذ من الصفوة والسياسيين وزعماء العشائر فى السودان. فسلسلته تقول على هذا الفطحل قس ولانامت أعين ناس قريعتى راحت من هم أقل من أبى سن شأنا..
    ووقوع هذا الثور شاهد على انتصاب قامة الإنقاذ والتى احتوت منصورا من قبل وغيره كثر..

    أما المجذوب فبدون وجه حق ساعد مصطفى فى نشر سيرته بدافع الذود عن سمعته والحفاظ على مكانته كشاعر وابن أكابر من رجالات الطرق الصوفية وزعاماتها فى السودان..
    فلسان هذه السلسلة ينشر غسيل المجذوب على العامة بعد أن نشره على أبوسن على الخاصة, وضمنا تقول هذه السلسلة ليس أعضاء الحركة الإسلامية وحدهم من يظهر الدين ويبطن المجون بل هاهو المجذوب سليل دامر المجذوب وأحد مؤسسى الحزب الجمهورى والشاعر الكبير يمارس المراهقة فى أسمى تجلياتها..
    وأخيرا تتركنا مع سؤال لم ولن يسأله مصطفى البطل ولكنه يتمنى ذلك ألا وهو:
    ذاك حال زعمائكم وابناء زعماء عشائركم وابناء صوفييكم وصفوتكم معارضى الإنقاذ من قضى نحبه ومن ينتظر, وهذه الإنقاذ بلحمها وشحمها وقياداتها وعرابيها(ناقصا الترابى المغضوب عليه والذى فضحه أبوسن أيضا فضيحة استوجبت المداراة) فأيهما أفضل؟
                  

07-09-2010, 04:05 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: Balla Musa)

    Balla Musa
    كيف حالك؟ علك طَيِب ...

    Quote: فلسان هذه السلسلة ينشر غسيل المجذوب على العامة بعد أن نشره على أبوسن على الخاصة

    قِراءتُك التحليلِية لأحاديث البطل بِها وجاهة ، وإن كُنت لا أجزِم ... فإن البطل مثلاً أذكُر أنهُ كتب مُنْتقِدًا المؤتمر الذي أقامته الإنقاذ ...

    تقول <فلسان هذه السلسلة ينشر غسيل المجذوب على العامة بعد أن نشره على أبوسن على الخاصة> (الإقْتِباس أعلاه) أبوسِن لم ينشُر <غسيل المجذوب> على الخاصة ، بل هو الذي نشرهُا على العامة وأنت قُلت لدَيك الكِتاب ، وهذا هو النشر على العامة ، أن تكتُب خُصاصِيات أصدِقاءك في كِتاب وتتكسب مِن وراءِها ، لقد < شرْ > علي أبو سِن <غسيل المجذوب> وجاء البطل مُنْتقِدًا لهُ في حلقة واحِدة وتَوقف عن الحلقات (راجِع المقال الثاني لِلبطل) وما عاد إلا بعد أن تحداه إبن عم أبي سِن ، الذي < هتر >

    إن علي أبو سِن خان الأصدِقاء والمُقربين وأكل لحم مَن مات منهُم ونشر خُصاصِياتِ إسْتأمنوه علَيها ، ثُم سعى علي أبو سِن في الحٌصول على رسائِل المجذوب الخاصة التي أرسلها لِتِلْكُم الفتاة التي كان يحِبُها ، التي أشار إلَيها علي أبو سِن في مُذكِراتِه ، إذا فعل علي أبو سِن كُل ذلِك ، وجاء مُنْتقِد ، نترُك مَن قام بِالفِعل ، ونهتم بِلِما إنْتقد المُنتقِد؟ ونجْتهِد لِمعرِفة أسباب المُنْتقِد ونُحلِل مواقِفهُ ... كِتاب علي أبو سِن في الأسواق يا دكْتور ، ومِن حق القُراء أن ينتقِدوا مدحًا أو ذمًا ... ولا أرى أن البطل يُدافِع عن منصور خالِد ، الذي جلد نفسهُ في مؤلفاتِهِ ولم يتبرأ من أيام مايو

    المجذوب / التُرابي / منصور خالِد ... فِكْرِيًا علي أبو سِن لا يرقى لِمُسْتواهُم
                  

07-09-2010, 04:46 PM

Balla Musa
<aBalla Musa
تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 15238

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)

    Quote: أبوسِن لم ينشُر <غسيل المجذوب> على الخاصة ، بل هو الذي نشرهُا على العامة وأنت قُلت لدَيك الكِتاب


    ويحك ياعزام!!
    أتصنفنى من العامة؟ وأنا عضو يقعقع الكيبورد فى سودانيزاونلاين!

    ههههههههههههههه

    والله ياعزام كتاب أبوسن دا زى السعوط فى السعودية (لاتجده إلا أن كنت سفاف وصديق سفافين)..
    ألم تقرأ أن البطل نفسه لم يجده إلا عند صديق ( وهى نفس النسخة التى قرأتها وهى ملك لصديق الصديق الذى أرسلها للبطل).. ( شفت الندرة دى كيف؟)
                  

07-09-2010, 05:02 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: Balla Musa)

    Balla Musa

    Quote: ويحك ياعزام!!
    أتصنفنى من العامة؟ وأنا عضو يقعقع الكيبورد فى سودانيزاونلاين!

    ههههههههههههههه

    ياخ إذا كان بدرالدين الأمير العِريبي ده إشْترالو في غفله مِن الزمن سيكار عضاهو بِنواجذو وكرفته خنق بيها رقبتو المِتِل قزازة الخل دي وقام مِن أجل ذلِك صنفْني مِن الرجرجة والدهماء ... يبقى أنا أنْصفتك تب ، فالعامة أرقى مِن الرجْرجة والدهماء ...

    كِتاب علي أبو سِن ، لُغتو ركيكة جِدًا والمُحْتوى كُلو شمْشره وقطيعة وفش غبايِن ، يعني مثلاً لامِن د. منصور خالد يِدور يِفِش غبينتو فوق زول والله والله أنا بكورك ورووووك ، لِغة في غاية الظرافة والإتْقان ... شوف لامِن دايِر يِنال مِن ناس الإقْتِصاد الإسلامي أيام نميري في كِتابو [ الفجر الكاذِب ] (ص) 381 قال : [ ... وهي جهالات لا يستطيع بشر أن يوغِل فيها هذا الإيغال إلا بِعَون مِن الله تعالى ... ]
                  

07-09-2010, 05:13 PM

فدياس نجم الدين
<aفدياس نجم الدين
تاريخ التسجيل: 05-19-2008
مجموع المشاركات: 2401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)

    الأخ عزام تحيه وإحترام

    اسمح لي أن أقتحم هذا البوست سائلاً عن إمكانيه الحصول على كتاب أبو سن

    لأني لم أجده في كل مكتبات الخرطوم

    شاكراً لك فتح هذا البوست الهام جداً
                  

07-10-2010, 07:14 PM

Al-Shaygi
<aAl-Shaygi
تاريخ التسجيل: 11-16-2002
مجموع المشاركات: 7904

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)
                  

07-10-2010, 12:22 PM

فدياس نجم الدين
<aفدياس نجم الدين
تاريخ التسجيل: 05-19-2008
مجموع المشاركات: 2401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)

    !!
                  

07-10-2010, 12:32 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: فدياس نجم الدين)

    فدياس نجم الدين
    Quote: الأخ عزام تحيه وإحترام
    اسمح لي أن أقتحم هذا البوست سائلاً عن إمكانيه الحصول على كتاب أبو سن
    لأني لم أجده في كل مكتبات الخرطوم
    شاكراً لك فتح هذا البوست الهام جداً

    معليش يا فدياس ... والله كتبت ليك في حينو مُداخلا ، بس طارت ... ما علينا ... الكِتاب أنا ما عِندي ... قريت المُقْتطفات الجات في مقالات مُصطفى البطل (الروابِط أعلاه) لكِن مُمكِن تكتِب لِمُصطفى البطل عِنوانو مبذول في كُل صفحة مِن الروابِط أعلاه ... أهو ده عِنوانو [email protected]
                  

07-10-2010, 02:09 PM

فدياس نجم الدين
<aفدياس نجم الدين
تاريخ التسجيل: 05-19-2008
مجموع المشاركات: 2401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)

    أخونا عزام
    كان البطل قد ذكر إنه تلقى نسخه وأحده من الكتاب بالبريد
    من صديق ولمح إن النسخ شبه معدومه

    لو نجد شخص يضع الكتاب هنا

    يكون عمل خير في الناس


    متابعه لصيقه للبوست
                  

07-10-2010, 03:12 PM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: فدياس نجم الدين)

    تحياتى

    لكى تتسق الصورة ولكى يكون القارىء نظرة موضوعية ننظر ايضا للرد المدافع عن الراحل على ابوسن وعن مذكراته فى وجه كتابات مصطفى البطل .

    ادناه رد الاستاذ السموأل أبوسن منقول من سودانايل



    Quote: ضرباً بإتجاه الشنق! أو… في إغتيال الشخصية ... بقلم: السموأل أبوسن
    الخميس, 08 يوليو 2010 21:29
    [email protected]

    مدخل أول

    " إنني أقف في يد الله العظمى، ومن هناك أصارع خطة مكتومة ملؤها الحقد والخيانة"

    بانكو في مسرحية "ماكبث"

    كنت قد توصلت في قرارة نفسي إلى ضرورة الكف عن الإسترسال في ملاحقة الكتابات الموتورة للكاتب مصطفى البطل وتدليسه المستمر على القارئ، وشغفه العجيب بتلوين الوقائع وتحريفها بعد أن بيّنا ماهية بواعثه في نقد كتاب "المجذوب والذكريات" والتشنيع بكاتبه. والواقع إن الكاتب مصطفى البطل لم يجشمنا الكثير من العبء في إثبات صحة ما أوردنا، فقد تبرع بإكمال الباقي من كونه غارق حتى إذنيه في "خطة مكتومة ملؤها الحقد والخيانة" لاغتيال شخصية الراحل علي أبوسن تحت ذريعة نقد مذكراته. ولحسن الحظ كان البطل قد نشر مقاله في اليوم التالي لنشر مقالنا الذي أمطنا فيه اللثام عن دوره الصغير في اللعبة الكبيرة، فلم يتسنَّ له نفي شئ مما ذكرنا بل أكده بخط يده بما لم يتطلب منا مزيداً التوضيحات. وكنت أجدني مستعيناً بحقيقة أن الكتاب قد صدر بالفعل وبُذل للناس. ومدركاً أن من يبحث عن حقائق الأشياء في مكامنها لا في تخريجات كتاب العلاقات العامة لن يلبث أن يستوعب أي نوع من العبث يمارسه البطل الآن في تشويه صورة الراحل علي أبوسن. وأن من يسعى في هذا الأمر إلى نهاياته، سيرى حقيقة ما كان من أمر الكاتب مصطفى البطل وغلوه المفضوح في التعريض بالكتاب وكاتبه، وفي أشاعة كثير من زبد الأقاويل حوله عبر الجدل الدعائي.

    والجدل الدعائي Ad hominem argument هو مبحث يعرفه المتخصصون في آليات إغتيال الشخصية. إذ يقوم على عنصرين لم أجد في حياتي مثالاً أصدق تعبيراً عنهما كما رأيته في أراجيف البطل. وأول هذين العنصرين هو مهاجمة موضوع الكاتب- وهو هنا كتاب "المجذوب والذكريات"، بتلفاق لا يواجه ما أبرزه من حقائق ووقائع في مؤلفه أو موضوعه ويشمل ذلك مهاجمة الكاتب أو المؤلف أو المستهدف في شخصه بتسليبه من كل مزيه، ورميه بكل الموبقات والوان البهتان. ثم تأتي المرحلة الثانية من مراحل هذا الجدل، وتتمثل في إتخاذ نفس الهجوم والتهم التي سيقت ضده من نفس الجهة في أول الأمر، كأدلة على إدانته وذلك بلا شك أسطع فنون الشر الإنساني وأغباها في نفس الوقت.

    ومن المفارقات اللغوية البديعة في الأمر إن الجدل الدعائي نفسه تطلق عليه كلمة أخرى هي كلمة Fallacy، وينطقها اللسان (فـَلَسِي)، لتشابه الكلمة العربية المرتبطة بالفلس معناً ونطقاً. وهكذا يكون الجدل الدعائي، والإفلاس والفلس، جميعها عملة واحدة، في مفارقة لغوية وبلاغية طريفة، تقودنا إلى واحد من أميز تجار تلك العملة، الكاتب مصطفى البطل.

    المهم أنني كنت قد حزمت أمري على التوقف عن متابعة إفتراءات البطل، مراهناً على القارئ الذي تهمه الحقائق لا الإثارة. وعلى المثقف الذي يتجاوز زخرف الإنشاء والصياغات الدرامية، ويقصد إلى المعاني الحقيقية، المباشرة والدلالية، في ما صاغه مؤلف "المجذوب والذكريات" في سفره الغني الهام. وقد سرّني أن هذا بلا ريب سيخفف كثيراً من عنت القراءة المعيبة التي يعملها البطل تحريفاً للوقائع التي سردها مؤلف الكتاب، وتزويراً لأحداثه وتشويهاً متعمداً لكاتبه.

    لكن ما دفعني للعودة مرة أخرى لتناول مقالات البطل المعيبة في حق المذكرات، هو المنحى الجديد الذي حاول أن يدخل فيه الكاتب بعد أن أفسدنا حيثيته الأولى وبارت كل بوار إلا من امتياز الإثارة، وبعدما تكشف للجميع أن البطل ليس أكثر من مجرد نموذج آخر للكاتب، "جُنُب القلب طاهر الأطراف"، يظهر خلاف ما يبطن، ويمارس ضرباً مقيتاً من ضروب التقوّل والبهتان، ويداري على ذلك بإمعانه في الحذلقة والإدعاء فيصف دوافعه للكتابة عن المذكرات بأنها من موجبات الدفاع عن التاريخ ضد التزوير!

    وأصدق القارئ إنني من هول ما رأيت من تجانف البطل عن الحق، وحمله وتحامله على المذكرات، في مسكعته التي أسماها "أحاديث الأدب وقلة الأدب"، حتى حسبته يكتب عن أمر آخر غير كتاب "المجذوب والذكريات". وأصدقه أنني أعدت كرّاتي في قراءة الكتاب وتقليب صفحاته الممتعة التي تحكي عن تجربة ثرية لسوداني نادر، هو كاتب مقتدر، تميز كتاباته الدقة وحس التشويق والصياغات الممتعة. ويتوفر على قدر مهول من المعلومات التي تعبر عن ذاكرة غنية راصدة فاحصة. وأمضيت وقتاً طويلاً في إعادة قراءة أجزاء مختلفة منه، وكنت في خلال ذلك أحاول إعمال القراءة العكسية في أكثر تأويلاتها تطرفا فلم أجد سبباً لهذا الفحش من البطل. وعلى أية حال أتاح لي كل هذا العنت فرصة إعادة إكتشاف ما في الكتاب من إشراقات مما لفت نظري له البطل، ومعلومات ثرة، مما سأعود للكتابة عنه لاحقاً عساى أجلي بعض التشويش والعبث الذي أعمله فيه كاتب الإثارة.

    يتميز كتاب "المجذوب والذكريات" بأنه قارب حياتنا وتجاربنا وإختلافاتنا وتنوعنا، ونجاحاتنا وخيباتنا من منظور إنساني شامل دون أن يغفل التكوين النفسي والوجداني لكاتبه وخلفيته الثقافية التي شكلها تكوينه السوداني وتجارب حياته الغنية. وبذلك إستطاع الكاتب ان يطرح بلغة الضاد كتاباً سودانياً تجاوز حواجز التابوهات ومقتضيات مصانعة المسئولين والمتنفذين. نعم أغضب الكتاب البعض وهذا شئ طبيعي، إذ لا يتصور أن يكتب شخص مذكراته وتشمل الرضا عن الجميع إلا إذا كنا في صدد المجاملات التي يجب أن تكون آخر ما يخطر ببال كاتب المذكرات. والمحك هو أن الكاتب إلتزم الصدق منهجاً في كتابه مثلما إنتهجه في حياته الملأى بالعواصف. وليس ثمة برهان على ذلك أقوى من كونه قد عاش أكثر من سبع سنوات بعد صدور كتابه لم نسمع فيها من ذهب إلى تكذيبه على تعدد المنابر التي لا تحصى ولا تعد، ولم تظهر مثل هذه الإدعاءات إلا بعد وفاة الرجل.

    ورغم ما يبدو في ظاهر الأمر من أن الكتاب قد طغت عليه طبيعة تكوين الكاتب وأسلوبه الذي يميل في أحيان كثيرة إلى أنماط الحياة الغربية، إلا أننا في مواطن عديدة منه نجدنا أمام شخص شديد الإرتباط بمجتمعه، وتقاليده القبلية، ونظم مجتمعه. وهنا في تقديري تكمن إجابة أكثر الأسئلة إستفزازاً في مقاربة الكتاب! وهو كيف لاقح المؤلف بين هذه العناصر التي تبدو في ظاهرها شديدة التباين، فإنتظمت في قوام واحد لتشكل شخصية المؤلف؟ وفي هذه الجزئية في تقديري يكمن مفتاح الدخول إلى الحالة الذهنية والتكوين النفسي لكاتب سفر الذكريات بما يتيح أمام المحلل فرص الولوج إلى ما إستعصى عليه تحليله وتأويله مما جاء في دفق الذكريات.

    يتناول الكتاب الذي تمحور حول صداقة الكاتب علي أبوسن بالشاعر العملاق محمد المهدي المجذوب، عوالماً متكاملة لابد أن القارئ لن يجد لها رابطاً لو أنها طرحت له خارج سياقه. ففي خيط واحدٍ جزل، إنطلق الكاتب لينسج منظومة سردية متصلة. ووصف وأسهب في وصف مقاطع من شريط حياته المحتشدة بالأحداث والمفاجآت والمواقف. لم يرتبط الكاتب في هذا بجغرافيا السودان أو ديمغرافياه، وإنما إنطلق ككائن عالمي إحتك مع محيطه العربي والأفريقي والاوروبي. فكتب عن مراحل حساسة من حياة أناس لعبوا أدواراً تاريخية في بلادهم. عن جيل ما بعد الإستقلال في العالم العربي، وعن حقبة مصر عبد الناصر وبومدين، والتاريخ غير المرئي لعلاقات السلطة في مصر، وكتب عن الصراع الذي وسم تلك الفترة ليس في ميادين المعارك فحسب بل وفي ساحات الفكر في عواصم العالم القاصية. وتناول الكتاب من رموزنا الثقافية والوطنية فشرح وأسهب وتغنى وأطنب، وقرظ وقرع. والقارئ في كل ذلك لكأنما يحس تدفق نفس الكاتب فوق صفحات الكتاب التي تعلو به فيها الأحداث وتهبط في سجال لا يسمح له بالتوقف ولو للحظة. وقد أجاد الناقد الراحل الكبير رجاء النقاش حين وصف أسلوب كتابة الكتاب بانها ضرب من ضروب التداعي الحر في الكتابة.

    إسترجع الكتاب الكثير من المواقف المرحة، والمدهشة، والمخيبة والمحزنه مع طائفة كبيرة ممن ساهموا بدرجات مختلفة في رسم واقعنا الراهن. ومن ضمن من تناولهم الكاتب في مواقف بعضها عابر وبعضها متكرر، جمال محمد أحمد، ومحمد عبد الحي، ومحمد أحمد محجوب، ومالك بن نبي، ووليم دينق، والطيب صالح، وسعيد الكرمي، وأحمد خير. كتب المؤلف عن كل هؤلاء وعن مواقف إنسانية عاشها معهم. هي قطعاً مما لا يمكن أن يجده القارئ في أي مكان آخر، بعض تلك المواقف حزين، وبعضها مثير، وبعضها غاية في الطرافة وذلك كله هو من التاريخ الخفي لمجتمعاتنا. وقد كان المؤلف في كل هذه التجارب، مشاركاً فاعلاً مؤثراً وناجحاً.

    أما بخصوص ما اعتبرته في تقديري من عيوب الكتاب ومثالبه، وهي أمور لا يخلو منها كتاب، فقد تذكرت كيف كانت مثار نقاشات طويلة وحافلة بيني وبين الراحل أعدت فيها إكتشافي له، وإطلعت على جوانب مدهشة في شخصيته بالغة النظام والتعقيد. وإستشفيت فلسفته في أسلوب كتابته للكتاب وألممت بنظرته ومراميه البعيدة ومقاصده مما وصفته أنا كعيوب في الكتاب. كان ناجحاً محباً ويحترم الناجحين. وكان يقارب كل الأمور في حياته من منظار فلسفي واسع حاديه التريث والتفكير المتئد قبل أن النطق بالكلام أياً كان موضوعه.

    الخطل في تخريجات البطل

    باغتُّ نفسي، وأنا أستعيد هذه الإنطباعات والصور; قائلاً، ربما كانت قراءتي هي قراءة عين الرضا التي هي عن كل عيب كليلة، وأنني أنظر للأمور بحكم علاقتي بالراحل، نظرة تعميني عن حقيقة الأمر، فقلبت حولي، وإعدت قراءة ما كتبه آخرون عن الكتاب. نفس الكتاب الذي عاث فيه البطل المفتقر ليس فقط إلى الحساسية الإبداعية، وإنما إلى روح المرح، وأعمل فيه تخريباً كما الثور في مستودع الخزف، هو نفس الكتاب الذي إستقبله آخرون باحتفاء كبير وتقدير أكبر، ومنهم الكاتب الكبير الراحل رجاء النقاش الذي كتب سلسلة من المقالات نشرها في مجلة الوطن العربي غداة صدور الكتاب قال في مبتدرها :" ومنذ أسابيع صدر كتاب جديد في جزءين يبلغان معاً ما يقرب من خمسمائة صفحة، والكتاب عنوانه "المجذوب والذكريات"وله عنوان فرعي طويل آخر هو "أحاديث الأدب والسياسة بين الخرطوم ولندن،والقاهرة وباريس". و الكتاب من تأليف أديب سوداني هو الأستاذ علي أبوسن وهو إنسان مثقف صاحب تجربة واسعة في الأدب والفن والسياسة والدبلوماسية والحياة. وبالرغم من أنني أعرف "علي أبوسن" منذ الستينات وربما قبل ذلك، إلا أنني لم أكن أعرف أن حياته غنية بالأحداث إلى الحد الكبير الذي إكتشفته وأنا أقرأ هذ الكتاب الجديد. فلم أكد أقرأ الصفحات الأولى من الكتاب حتى وجدتني أجري وراء صفحاته الاخرى مثل المسحور حتى إنتهيت من قراته في ليال معدودات. ومصدر المتعة في الكتاب أنه مكتوب بأمانة وصدق. وأنه يكسب "ثقة القارئ" منذ سطوره الأولى، و أنه لا يخفي شيئا ولا يخاف من شئ، ولذلك جاء هذا الكتاب طريفا ومدهشا معا، وأمتزجت فيه الحياة السياسية بالحياة الأدبية و التجارب الشخصية. وإذا كانت خلفية الكتاب سياسية، فإن مضمونه أدبي وإنساني".

    ويسترسل النقاش " وكاتبنا علي أبوسن ينتمي إلى قبيلة عريقة في السودان هي قبيلة "الشكرية"، وكان فيها باشوات ومشايخ وأعيان ورجال يهابهم الإنجليز ويحسبون لهم ألف حساب. وقد تعلم في القاهرة و حصل على ليسانس "دار العلوم" في أواخر الخمسينات، ثم سافر إلى لندن وعمل مذيعاً في الإذاعة العربية هنا، حيث كان يعمل أيضاً عدد آخر من الشخصيات البارزه التي أصبح لها بعد ذلك حضور قوي على الساحة الأدبية والفكرية في العالم العربي و على رأس هذه الشخصيات الطيب صالح. وقد لقي "علي أبوسن" في مجتمع لندن نجاحاً عملياً كبيراً، ولقي نجاحاً شخصياً إلى جانب ذلك. فكان شديد الثقة بنفسه، وإستطاع أن يلفت النظر بقوة شخصيته، وبوسامته الرجولية العربية الأفريقية، مما حرك نحوه أكبر المشاعر في نفوس فاتنات المتمع الإنجليزي. وكان ل "علي أبوسن" في هذا المجال تجارب عجيبة كتب عنها في كتابه الجديد بقدر كبير من الصراحة والوضوح. وقد إستطاعت هذه التجارب الشخصية التي كشفها "علي أبوسن" أن توضح أمام القارئ المهتم بأدب الطيب صالح تلك الأجواء التي خرجت منها رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" حيث كان بطلها مصطفى سعيد يخوض مغامراته و تجاربه المثيرة مع فتيات إنجلترا وقد أشار الطيب صالح في إحدى مداعباته ذات مرة وهو يتحدث مع الممثلة المصرية ماجدة الخطيب في حضور "علي أبوسن" إلى أن "علي" هو نفسه "مصطفى سعيد" بطل "موسم الهجرة إلى الشمال". وفي الجزء الخاص بالتجارب الإنجليزية من كتاب "علي أبوسن" نتذكر تماماً أجواء رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" و نجد إضاءة قوية تكشف أمامنا المادة الإنسانية الأولية لهذه الرواية الفريدة في الأدب العربي، و التي أصبحت الآن ذات شهرة عالمية بعد ترجمتها إلى العديد من اللغات الحية".

    وما ذكره النقاش من أمر مصطفى سعيد وغيره، والطريقة التي مر بها على تعليقات الراحل الطيب صالح، هو في حقيقته يعبر تعبيراً دقيقاً عن شمول النظرة، ومنهجية النقد وتأسيس العبارة على أرضية المعرفة المتراكمة لا على الفراغ. هي نظرة يتضح فيها الفرق واضحاً بين القراءة المنتجة للمعرفة، وبين قراءة الخطل التي تقفز قفزاً لمحصلات مرسومة مسبقاً!

    الإتحاد الاشتراكي... رمتني بدائها وانسلت!

    أقول ما كان ضرنا شئ من قول الرجل الذي تصدى لمهمة الدفاع عن التاريخ، ويا لها من مهمة، لولا أنه إبتدر مهمته (الجليلة) بسيل من الأكاذيب والإفتراءات وبنات خياله (المطاليق) أعادتنا للرد عليه. فقد أسهب الرجل بما يكفي وأعاد نقل وجهات نظرٍ سمعناها وقرأنا عنها، بحذافيرها، بل ولم يتوانى حتى عن نقل عناوين مقالات البعض بكاملها في حربــه تلك ضد أبوسن. لكن ما زاد إشفاقي على الرجل هو ما حاق به من إرتباك وتناقض في وصف علاقة أبوسن بالخارجية ووزيرها الأسبق الدكتور منصور خالد. ويبدو لي أنه، بعد تنبيهنا له، إلى دلالات مقاله الأول في الإساءة لمنصور خالد حين صوره كفتوة وبلطجي وزارة الخارجية، مما جزمنا بأن الدكتور منصور خالد لم يستحسنه، قام صاحبنا إلى تخريج آخر قلب فيه كل فرضيته الأولى التي قامت على أن أبوسن كان نكراً منسياً في وزارة الخارجية، ليجعل منه، في مقاله اللاحق، رجل الخارجية القوي، الآمر الناهي، الذي ناطح الوزير نفسه -الحجر الأسود سابقاً- بما جعل الوزير يضع هوانه و قلة حيلته مباشرة أمام الرئيس بتخييره بين أن يتنحى هو عن الخارجية لعلي أبوسن أو أن ينقل أبوسن إلى وزارة أخرى!! صور البطل أبوسن على أنه شخص مغلوب على أمره منتهى أحلامه أن يكون وكيل وزارة أو أمين أمانة في الإتحاد الإشتراكي، قبل أن يعيده إلينا في نسخته الجديدة، الباطش الآمر الناهي، الذي ترتعد أوصال الخارجية لمجرد وقع أقدامه في ردهاتها، ولله في خلقه شئون! فهل يحتاج القارئ مزيداً من التوضيح للوقوف على هذا النموذج من "محننا السودانية"؟؟

    ويبدو أن مسألة الإتحاد الإشتراكي، هي الخيط الواهن الوحيد الذي تبقى للبطل في مسألة تشويه علي أبوسن بعد أن إستعصت عليه المداخل، وبعد أن بار مسعاه في النقد الأخلاقي المغرض. ولأن البطل يمتهن الكذب ويتحراه فإنه يقول دون أن يهتز له سنان قلم: "ويقول معاصروه من الدبلوماسيين(...) - وهم كثر يعاظلون الدنيا بين الوطن والمهاجر - إنهم ذاقوا الأمرّين جراء نفوذه المتفاحش وسلطته وعنجهيته واستعلائه على الآخرين بحكم انتمائه ومركزه في التنظيم الحاكم(..) وقد تملكت صاحبنا عهدذاك نزعة مستفحلة لأن يلعب دوراً متعاظماً يشبه ذلك الدور الذي كان يلعبه منسوبو الحزب الشيوعي في شرق أوربا داخل وزاراتهم(..). وقد أغرى منصب "أمين الاتحاد الاشتراكي" في ذلك الموقع التنفيذي الحساس، علي أبوسن لأن يتدخل في شؤون الوزارة واختصاصات وكيلها ووزيرها، وأن يدبِّج التقارير عن ضعف التزام بعض المسؤولين بما فيهم الوزير، بمبادئ وأهداف "ثورة مايو". ومما أخذه على الوزير، وكتبه في تقاريره ثم أشاعه في اجتماعات مفتوحة، ما وصفه بأنه "ضعف في الأداء العام". وهنا برز الاحتكاك الأول بينه وبين الدكتور منصور خالد، الذي كان يشغل وقتها منصب الوزير.

    كان من الطبيعي ألا يكون وجود أبي سن وممارساته التسلطية مقبولة عند وزير في حجم وجبروت ونفوذ منصور وقتها، فما كان من الأخير إلا أن كشر عن أنيابه للموظف الصغير الذي لم يعرف حدوده". إنتهى الإقتباس.

    وسيتحتم علينا إذا من الإقتباس السابق أن نأخذ ثلاث إدعاءات على سبيل الحقائق المطلقة التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وهي كالتالي:

    أولاً: إن الرجل كان له مركز ونفوذ مخيف في التنظيم الحاكم! وكان البطل قد رماه بقلة الشأن وصغر المقام ففي أي من الوصفين تقع الحقيقة؟

    ثانياً: إن الرجل كان بالفعل يشغل ذلك المنصب، أمين الإتحاد الإشتراكي! وكان البطل قد قطع بأن هذا المنصب كان منتهى أحلام وآمال أبوسن وأحالنا إلى قصة الحجر الشهير، الذي لابد أن القارئ يذكره جيداً؟؟ حجر المنصورالأسود كما أسماه أخونا البطل!

    ثالثاً: إن منصور خالد وزير خارجية نميري الأشهر، كان ضعيف الإلتزام تجاه نظام مايو! وهذه بالطبع محيرة! وستغضب منصور خالد نفسه قبل أن تضحك القراء، ولا أرى لزوماً لأن أضيف أي إضافة!

    ودعونا من هذا كله لنقف على مسألة هامة لصيقة بالموضوع. ألا يتساءل سائل، من أين للبطل بمثل هذه المعلومات الدقيقة المفصلة والتي هي في حقيقتها نتاج ما تتناقله خطوط الهواتف عابرة المحيطات من (قوالات) في أكبر عمليات النميمة أو(القطيعة)؟! إن مجمل محمولات كاتبنا هي محض إنطباعات ومرارات وأمزجة شخصية لا أكثر ولا أقل. نقول أن مصادر البطل في مجمل بهتانه لكاتب المذكرات هي نتاج الـ Gossip التي يتصيدها من مصادر بعينها وينتشي بما يتسقطه منها، وإلا من أين لمثل البطل الذي تفصله عن بقية (الأبطال) سنوات طويله تجعل مجايلته لهذه الأحداث-التي لم يرصدها كتاب- من المستحيلات. كيف تسنى له معرفة وضعية لا يمكن أن يعرفها إلا من عاشها ما لم تكن قد رويت له رواية شخصية؟! لقد إستقى صاحبنا رواياته (المحسنة) "بضبانتها" من أعداء الراحل أبوسن. ولو كان البطل كاتباً مسؤولاً كما يدعي، لمارس ذاك القدر مما أسماه "الصحافة الإستقصائية" لمعرفة المسائل من جوانبها وتلمس أطرافها الأخرى. أو كان على أقل تقدير تحقق من وجهة النظر الأخرى التي رواها مؤلف الكتاب الذي يعكف البطل على التشهير به، ولو لإبداء شئ من الحياد. ولكن محاولة البطل الخائبة لإغتيال شخصية أبوسن، جعلته لا يرى الأشياء إلا من خلال منظار واحد هو منظار الغل والتشفي.

    ولقد ذكر الراحل أبوسن في كتابه" المجذوب والذكريات" عن أمر الخارجية والإتحاد الإشتراكي ما يوضح تماماً حقيقة الصورة التي كان عليها الإتحاد الاشتراكي وأبان في كتابه إبانة من لا يداري كيف أن التذرع بالاتحاد الاشتراكي كان مخرجا لإعادة تشكيل إتحاد الدبلوماسيين الذي عطله الوزير آنذاك. قال أبوسن:" كان منصور يعرف أن قيام تنظيم من أي نوع تعترف به الدولة في وزارة الخارجية، سيمنح الدبلوماسيين المقهورين صوتا مسموعا يكشف ما تعانيه الخارجية على يديه. وقد نجح في منع إعادة تكوين إتحاد الدبلوماسيين حتى عدت أنا من باريس. كان علي أن أزيح من عقول الزملاء وقلوبهم موجات الرعب التي بثها فيها صلف منصور خالد و تجبره. وأقنعتهم بعد معاناة شديدة بضرورة الإجتماع وإنتخاب لجنة جديدة للإتحاد. ثم دعوت إلى إجتماع مشترك للجان إتحادات الدبلوماسيين والإداريين والعمال، وعرضت عليهم فكرة إنشاء إتحاد موحد لجميع العاملين بوزارة الخارجية. وقد إعتبر الجميع ذلك الإقتراح فكرة جريئة جداً في ظل تقاليد التمايز المهني والطبقي بين تلك الفئات الثلاث. في البداية لم يصدق أعضاء إتحادي الإداريين والعمال إنني جاد في إقتراحي، فترددوا. ولكن بعد أن تأكدوا من الجدية وافقوا بل تحمسوا واندفعوا يدعون للفكرة. لم يكن منصور يعترف بأي من تلك الإتحادات، ولكنه لم يكن يستطيع أن يفعل شيئاً بعد أن أستصدر جعفر بخيت قرارا من نميري بعدم تعرض الوزراء لعملية إنشاء النقابات والإتحادات لتكون جزءاً من مكونات الإتحاد الإشتراكي". إنتهى كلام أبوسن.

    وأود أن أعود هنا إلى الإشارة إلى ما تلقيته من الكاتب الأستاذ محجوب بابا، وكان قد أرسل مقالا كامل حول الأمر إلى كل من "الأحداث" و "سودانايل" ولكنه لم ينشر لتقديرات المسئولين في كلا الصحيفتين. ومما جاء في مقال الأستاذ محجوب بابا " أن عضوية الرسميين في الإتحاد الإشتراكي قبل القادمين المتصالحين مع مايو كانت فرض عينٍ بالصفة والوضع الوظيفي وشيخ العرب المرحوم أبوسن منهم، ولا يُعقَل تعميم سُبَة الشمولية والإفساد عليهم أجمعين ومنهم من يُجمع المجتمع على طهارة سيرتهم. من حقائق التاريخ تجسم العيب كله والإفساد حتى لرأس الأفعى في سدنته اللاحقينن. هكذا الحقيقة قد إستوجبت على المرحوم أبوسن ورفاقه الميامين الإستماته لحماية الحزب الإتحادي الديمقراطي من ويلاتهم، وفي مظاهر يومنا الحاضر خير شاهد وبرهان". إنتهى حديث الأستاذ محجوب بابا، فهل ثمة إبانة في هذا الأمر أكثر مما قيل؟

    على أن القارئ لا بد سيتساءل عن الواقعة التي نقلها البطل في شأن علاقة أبوسن بالسلطة، هل من المعقول أن يصل (الموظف الصغير) في سلطته وجبروته حداً يدفع بوزير الخارجية أن يخير الرئيس، فيما يشبه حالة "الحرد"، بين أن يعين هذا الموظف الصغير وزيراً للخارجية أو يضعه في أمانة العلاقات الخارجية بالإتحاد الاشتراكي؟

    يقول البطل أن رياح مايو قد تقلبت بغير ما تشتهي سفن أبوسن، فوجد الرجل نفسه "على قارعة الطريق"، بغير وظيفة في الخارجية، وبغير موقع في الإتحاد الإشتراكي. فتأمل عزيزي القارئ! وليتأمل هذا القول كل من في رأسه بعض عقل يميز به! فإذا كان أبوسن ذلك السادن المايوي، وربيب الدكتاتوريات، هل كان وجد نفسه خارج منظمات السلطة ومؤسسات الدولة في نفس الوقت؟ أم أن خروجه في عز فورة مايو من كل ذلك هو أقوى شهادة للرجل على رفضه لتلك الدكتاتورية ومعارضته لها؟؟! لن يزيف البطل الحقائق. فقد خرج الرجل من النظام ومؤسسات الدولة لأنه قال لا في وجه من قالوا نعم. ولن يجد (أرزقية) الكتابة فرصة ليلوثوا أبوسن بتهم تمجيد الدكتاتوريات والتمسح بترابها.

    ونعود لتعرية ما كان من أمر الكاتب المقدام الذي ورط نفسه في هذا الأمر، وسعى بلا تبصر ولا معرفة في مشروع إغتيال شخصية أبوسن، وقد وقع البطل في شر أعماله حينما حاول أن يضفي على مهمته "الصغيرة"، رداء التوثيق والتقصي. وحاول التدثر في هذا الأمر بدثار الباحث المستقصي، المنافح عن الحقيقة، المطارد لها عبر الفلوات والمظان. فيقول: "وككاتب مسئول (..) خطر لى ان الجأ الى نهج الصحافة الاستقصائية التى توثق للحقائق مباشرة، عوضاً عن الركون الى روايات مجالس المؤانسة المرسلة. وهل يصعب على مثلي أن يحصل على رقم تلفون هاتف الاستاذ فضل عبيد النقال؟ (...)

    وقبل أن نأتي إلى المرحلة التي وصل إليها الكاتب "المسؤول" من الكذب الصريح، سنشرح للقارئ العزيز، أو – العزيز الأكرم- خلفية على قدر كبير من الأهمية قبل أن ننزع آخر أوراق الأباطيل. والخلفية تتمثل في إن السيد فضل عبيد كان جار علي أبوسن في الحي قبل أن يكون زميله في الخارجية. وربطت بين الرجلين علاقات جيرة طويلة ممتدة. إتصلا فيها على مستوى الأسرتين، وربطت بين ذريتيهما روابط الصداقة والأخوة الحقة منذ وقت طويل. والواقع إن ما تجرأ عليه البطل في حربه غير الكريمة تجاه كاتب المذكرات، كشف الستار عن الحد الذي يمكن أن يصل إليه في الفجور. فهو لا يبالي أن يتأذى من يتأذى ممن يستعين به في سعيه اللاهث لتعضيد باطله. وقد آلمني حقاً أن البطل قد تسبب برعونة فادحة بإحداث حالة من الحرج الشديد لدى أسرة عمنا الفاضل فضل عبيد ولديه بشكل مباشر نتيجة لما خلفه نشر ما إدعاه البطل على لسانه على صفحات الصحف. فنظراً للعلاقة الوشيجة التي تربط بين أسرتي الراحل أبوسن وأسرة العم فضل عبيد، فقد كان طبيعياً أن ينزعج الناس غاية الإنزعاج و أن يستفسروا عن حقيقة ما إفتراه الكاتب مصطفى البطل. وهناك إستطراد لابد منه قبل أن نكمل هذه الجزئية التي تكشف ما يمكن ان يبلغه الإفك من مبلغ.

    أقول بدءاً، من البديهي إنني لم أقف عند هذه النقطة في مقال البطل من أجل الدفاع عن الراحل علي أبوسن ضد تهمة السرقة والنهب التي رماه بها البطل. فالرجل ببساطة شديدة لم يكن يحتاج لذلك، وإتهامه بسرقة لوحات فنية هو من قبيل السُخف لا أكثر ولا أقل. لكني كنت حريصاً على الوقوف على كيفية إخراج البطل و"مونتاجه" لحديث الناس وتوظيفه لقصصه الفطيرة بمنطق القص واللصق فقط ليسوق مقاله الأسبوعي وهو أمر صار معروفاً عنه وقد كرره مع أفراد عديدين لا يتسع المجال لذكرهم. كما أرجو أن يعذرني القارئ إذ أنني في وضعية حرجة للغايةً، ما بين الإسترسال في الرد على كذب البطل وفضحه على الملا، ببيانات وشواهد ماثلة في علاقة أسرتي الراحل علي أبوسن والأستاذ فضل عبيد تثبت بهتان البطل للرجل، وبين النزول عند رغبة العم فضل عبيد، الذي تأذي أيما تأذي من هذا الإستغلال السئ الذي تعرض له. ولا ريب أن ما نشر عنه كان قد قوبل بكثير من الإستغراب من قبل أسرة الراحل علي أبوسن التي بهظها هول المفاجأة مما نقل على لسان العم فضل عبيد الذي نفى نفياً قاطعاً أنه وجه إتهامات كمثل التي ساقها البطل، إلى أبوسن. بل وعبر عن غضبه الشديد لما تعرض له من إستغلال لدرجة إعتزامه الوصول الى صحيفة الأحداث للإحتجاج على ما نُشر عنه في مقال البطل.

    إننا على إلمام تام بمثل هذه المسائل الإنسانية ونقدرها حق قدرها ونفهم أسبابها ودوافعها وظرفها. ونقدر رغبة الأستاذ فضل عبيد في ألا ينفتح جدل يحشر فيه إسمه في مجموعة (قوالات). كما نتصور العنت الذي يمر به كل شخص في مثل هذه المرحلة من حياته حين يوضع موضع الإفتراءات التي ما أنزل الله بها من سلطان. أقول لكل هذه الملابسات الإنسانية الدقيقة للغاية، سنعلِّق تفاصيل ردنا الماحق على البطل ومن يديره في هذا الأمر، ولكن إلى حين. ولن ينفد الكذاب بعبثه وأفاعيله التي سيأتيه خراجها طال الزمن أم قصر! وحبل الكذب جد قصير.

    دار العلوم.. ولِمَ يخجل أبوسن؟

    يقول البطل أن علي أبوسن كان يخجل من خلفيته الدراسية بكلية دار العلوم. و هو بالطبع قول لم يستنتجه البطل، وإنما نقله نقلا عن الناقد الدكتور عبد الله حمدنا الله. وإذا كان لدكتور حمدنا الله اسبابه التي نحترمها كآراء ونوردها في إطار إعمال النقد للكتاب. فإننا لا نفهم أن يردد البطل ذلك الاتهام كأنما مدعياً الأصالة فيه، وكأنما كان من بنات أفكاره. على أية حال هذا الإتهام ربما كان أخف الاتهامات بؤساً في لائحة البطل العنقودية التي لم تبق ولم تذر. أما ما كان من شأن أبوسن في هذا الأمر، فقد اعتبر الراحل كلية دار العلوم وساماً على صدره، ولم يبدر منه من قريب أو بعيد ما يشي بغير ذلك بل كان فخوراً أن وصوله لدار العلوم نفسه كان ضرباً من ضروب الكفاح، والإجتهاد، والعزم لا يتوفر إلا لمن كان يملك الطموح والروح الوثابة. وإحتفظ أبوسن بوفائه لدار العلوم فكان لصيقاً بها مشاركاً في أنشطتها. وإستمرت صداقاته مع زملائه من دار العلوم وكان هؤلاء هم أصدقاء مسيرة حياته الذين ظلوا بقربه وظل يردد أسماءهم حتى قبيل رحيله. إدعى البطل إن أبوسن كان يخجل من خلفيته التعليمية ومن كونه خريج دار العلوم! والواقع أنه ليس في عدم ذكر كلية دار العلوم في مذكرات أبوسن ما يشي بخجله منها. فهي ليست الجزء الوحيد في حياته الذي لم يذكره في مذكراته. فهناك فترات أخرى كان شديد الإحتفاء بها في حياته ولم يذكرها، وأهمها مراحل طفولته وصباه بين كسلا والخرطوم، وتلك كانت فترات خصبة للغاية في حياته. ولكن أغلب ظننا أن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى أنه إتخذ من رسائل المجذوب محوراً يتناول فيها محطات الأدب والسياسة وأحاديثها وأشجانها. وقد طغت تلك العلاقة على منطلقات محاور الكاتب في تناوله محطات الذكريات. فالكتاب إتخذ في عنوانه إسم المجذوب قبل الذكريات، وهنا دلالة ضمنية على تقاسم مفردتي العنوان موضوع الكتاب. فكان القارئ يستصحب المجذوب حتى في المساحات التي لا تتناوله. على أية سنعود لاحقاً لهذه الفرية المضحكة في حديث البطل والتي نقلها "بضبانتها" من إستنتاجات الناقد الدكتور عبد الله حمدنا الله، حتى أنه في غفلة من أمره أشار في صلب مقاله إلى "همبتة المذكرات"، في إشارة إلى مقال حمدنا الله ونسي أنه عنون مقاله بـ"بلطجة المذكرات" فصرنا عبر إسقاطات العقل الباطن للبطل، في حيرة من أمر ما نقرأ، هل هو مقال حمدنا الله أم مقال البطل!

    عقدة "أبوسن" أم عقدة البطل

    ورغم أن تناول مثل هذه المسائل يعد من توافه الأمور حينما نكون بصدد تقييم كتاب مثل" المجذوب والذكريات"، لكن هذا لفت نظري إلى أمر إهتمام البطل الشديد بالخلفيات التعليمية والألقاب الأكاديمية أكثر من إهتمامه بمنتجها ومخرجاتها. وهو ما يعبر بصورة أو أخرى عن أزمة عميقة يعيشها أو فراغات يحسها في هذا المجال ربما كانت تعبر عن خلفية تعليمية مضطربه تفسد عليه حياته. فالبطل قد حشد مقالا طويلاً (يهز ويرز) وسمه بـ "رجال حول حرف الدال"، كان كل همه رصد حملة الدكتوراة، ومدى إستحقاقهم لها. ونشر ذلك المقال أيضاً في موقع سودان فور أول المعروف بإنضباطه الشديد في التعامل مع الألقاب العلمية، وفي إحترام التقاليد الأكاديمية. فتعرض لنقد شديد لم تفلح معه تبريراته المختلفة. ولما تبدى له هزال حجته، إنصرف عن الموقع لا يلوي على شئ وترك أسئلة الناس معلقة في الهواء. نقول إذا كان أمر الإهتمام المزعج بالألقاب والخلفيات الأكاديمية في قشورها دون تقصي محمولات صاحبها الفكرية وما أسفرت عنه في تشكيل تكوينه ووعيه، هو إحدى العُقد التي تشوش تفكيرنا بصورة عامة وتحتل حيزاً كبيراً من نهجنا المظهري، فقد إحترت في ذلك لدى البطل الذي يبدو أنه شديد النقد لأنماط حياتنا وثقافتنا. والحق أن كتاباته حول المحن السودانية في أمريكا كانت قد لاقت لديّ إستحسانا كبيراً لما فيها من إضاءة لبعض سلبيات ثقافتنا الإجتماعية وسلوكنا العام. ولكن خاطراً خطر لي بعد قراءة تعليقات البطل في ذات النهج الملاحق لعلي أبوسن في أمر إشارته لبعض المؤسسات الأكاديمية في كتابه. وقد حرت في الأمر أيما حيرة. فعلاقة علي أبوسن بجامعة لندن كان سببها إلتحاقه ببرنامج دراساته العليا فيها وهو أمر لا أجد فيه أية غرابة. وما أعرفه بالفعل إن أبوسن كانت له دراسات متخصصة حول علاقات السودان بالحبشة خلال الفترة المهدية. ولدي ضمن أوراق الراحل رسائل مشرفين أكاديميين في هذا الخصوص واردة للراحل علي أبوسن إبان عمله في إذاعة بي بي سي يناقش فيها مراسلهُ جوانب من البحوث التي أرسلها له أبوسن.

    كما أني أجد أنه من الطبيعي لعلي أبوسن الذي عاش في فرنسا ودرس اللغة الفرنسية، وكان من المتحدثين بها، لا غرابة أن تكون له علاقة وثيقة بمؤسساتها الأكاديمية. فما هي الغرابة في أن يذكرها في مذكراته تلك طالما أنها إرتبطت عنده بأحداث وفترة هامة في حياته؟ لكن البطل المستغرق بعقدة الشكليات الأكاديمية لا يريحه ذلك ولا يقع عنده موقعاً حسناً. فواصل عبثه وملاحقته لعلي أبوسن الذي لم يدع يوما إمتيازاً بدرجة أكاديمية أو لقب علمي ليتوسل به للأوساط الثقافية والسياسية. وإنما فرض نفسه قوة وإقتداره، كمثقف من طراز رفيع عميق الرؤية. كان المؤرخ الموسوعي المصري الراحل الكبير الدكتور يونان لبيب رزق يطلق على الراحل أبوسن إسم " ملك الندوات"، كل ما قابله في محفل علمي أو خطابي، وذلك لحضوره الطاغي، وقدراته الهائلة في الحديث، ولباقته ودقته في التعبير. ونحن حين نطّلع على سيرة (أخينا) البطل المحتشدة بالكثير من الالقاب العلمية، والأكاديمية. نتساءل، هل يقبل البطل أن يضعه الناس أيضاً وبمتابعة تفصيلية في دائرة الضوء لتقصي ما هو كائن من أمره؟

    على أية حال، سيذهب جفاءً كل هذا الإجحاف ومحاولات إغتيال الشخصية التي مورست وتمارس في حق أبوسن وسيبقى علي أبوسن أيقونة ساطعة للمثقف العضوي بإمتياز. وشاهد ذلك أنه رفض خيانة قضيته في صراع الديمقراطية مع الديكتاتورية، ولم يتوقف عند ذلك بل حارب من أجل إتساق سلوكه مع فكره ضد ضروريات المجاملات والنفاق الإجتماعي، ولم يثنيه عن نهجه ذاك كل ما واجهه من محن. ولعله من غرائب ما نعيشه في زمننا هذا أن يعادى أبوسن بالمزايا التي ينبغي أن تجلب له الحب والتقدير، ومن المؤسف أن يكون ذلك مدخل البعض للنيل منه وتشويه صورته! أتأمل ذلك وكأني بالراحل أبوسن يبسم في وجه هؤلاء، ومردداً مع صفي خلواته "الأستاذ" أبو الطيب المتنبي حين يقول،

    أ ُعَادَى على ما يُوجبُ الحُبَّ للفَتى وَأهْدَأُ وَالأفكارُ فيّ تَجُـولُ

    سِوَى وَجَعِ الحُسّادِ داوِ فإنّـهُ إذا حلّ في قَلْبٍ فَلَيسَ يحُولُ

    وَلا تَطْمَعَنْ من حاسِدٍ في مَوَدّةٍ وَإنْ كُنْتَ تُبْديهَا لَهُ وَتُنيـلُ

    ****

                  

07-10-2010, 03:28 PM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: wadalzain)

    Quote: ياخ إذا كان بدرالدين الأمير العِريبي ده إشْترالو في غفله مِن الزمن سيكار عضاهو بِنواجذو وكرفته خنق بيها رقبتو المِتِل قزازة الخل
    دي




    ايوا ياعزام ....اديلو
                  

07-10-2010, 04:04 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: محمد عبدالرحمن)

    ودالزين

    كتر خيرك والله كُنت بفتِش على مقال ود أبو سِن الصغير ... كِده الناس حتكون على بَيِبه مِن أمر المقالات
                  

07-10-2010, 04:15 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)

    محمد عبدالرحمن

    والله الكلام بعد ما كتبتو ، قُلت أجي أشْطُبو ما يِجينا يِعْمِل لينا غاغا ... أصلو الزنقه الدخل فوقا لامِن أُمو وأبوهو جو الدوحة مِدَهْوِبا لِيوم الليلة ... عجبني ليهو عصرت ودالأمير (الأب) ... الخبر السِمِعْتو قالو ودالأمير (الأب) سافر وخلاهو مُعرِج بِدو وإسْكورو 29 والجره ما بِتْجيهو ... أفتكِر ده وقت مِناسِب إنو يِغَيِر الحاجات البِفْتكِرا مِن المُسلَمات ، مِتِل الفهم المِعشْعِش ليهو والبِقول لابُد وحتمًا وضروري ولازِم ، العِندو شرِكة ترجمة يِلبس كرفته ويِعضي سيكار وجزمة بِرقبه ... مُش بِالضروري
                  

07-10-2010, 04:33 PM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)

    Quote: أفتكِر ده وقت مِناسِب إنو يِغَيِر الحاجات البِفْتكِرا مِن المُسلَمات ، مِتِل الفهم المِعشْعِش ليهو والبِقول لابُد وحتمًا وضروري ولازِم ، العِندو شرِكة ترجمة يِلبس كرفته ويِعضي سيكار وجزمة بِرقبه ... مُش بِالضروري


    والله ياعزام ..

    ان غير الفهم بتاعو غيرو ..ان ماغيرو الزمن بغيرو ..
    وانت قائل الدوحة دائمة ليهو ؟..(مصيرو يرجع تانى لبقرو
    وزراعتو ) ..ماتشوف السكار والجزم الاسبانية دى ..يمين
    حدها لما الاقامة هنا تنتهى ..اسالنى انا ...
                  

07-10-2010, 04:51 PM

عبدالكريم الامين احمد
<aعبدالكريم الامين احمد
تاريخ التسجيل: 10-06-2005
مجموع المشاركات: 32520

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: محمد عبدالرحمن)

    ومتابعين والله وجارين نور طويل صوب المتابعة في امر ابوسن
    ونور قصير نتابع به امر ابو سيكارة

    وسنتابع
                  

07-10-2010, 04:56 PM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عبدالكريم الامين احمد)

    وهذا هو المقال الاول للاستاذ السموأل يا عزام


    Quote: عن أحاديث الأدب والسياسة: غاب أبوسن ولعب أبوضنب .... بقلم: السمـوأل أبوسـن
    الثلاثاء, 01 يونيو 2010 06:41
    [email protected]

    -1-

    ذكر الكاتب مصطفى البطل في مقاله «أحاديث الأدب وقلة الأدب» بصحيفة الأحداث الغراء في عددها رقم 1072 بتاريخ 26 مايو 2010، أن لقاءه بالراحل علي أبوسن مؤلف كتاب «المجذوب والذكريات»، كان «لقاءً عابراً غير ذي أثر أوجبته المصادفة البحته». وعندي أن البطل كان دقيقاً جداً في وصفه لهذا اللقاء حيث لا أتوقع أن يكون لقاءه بعلي أبوسن غير لقاء عابر، وأسباب ذلك لا تغيب على ذي فطنة وأهمها أنه ليس ثمة ما يجمع بين الإثنين لا مقاماً ولا مقالاً ولا مجايلة. ليس في ذلك انتقاص من قدر البطل، أكثر من وضع الأمور في نصابها وإبعاد للندية التي حاول أن يوهم بها القارئ في مستوى العلاقة بينه و بين علي أبوسن.

    وغالب تقديري أن البطل قد «تحسس» بعض الشئ مما قد يكون حسبه - والنفس أمارة بالسوء - «تجاهلاً» من علي أبوسن أوغر عليه صدره مما جعله يستطرد وينقب في أحقيته بالدرجة العلمية التي لم يدّعها أبوسن يوماً، متسائلاً عما إذا كان أبوسن قد نالها أم لا، وهو لعمري استطراد وتنقيب لا يقدم ولا يؤخر في موضوع المقال، ولا يشف إلا عن غرض كاتبه.

    ومصطفى البطل الذي مدد رجليه في عتمور الجدب المعرفي الذي خلفته تركة عشرين عاماً إنقاذية ليكون من أبرز كتابنا في هذا العهد البئيس، سيتحفنا بسلسلة مقالات عن كتاب «المجذوب والذكريات» مهد لها بالرقم (1)، سيتحتم علينا قراءتها حتى نقف وقوفاً متئداً على بعض نماذج الكتابة المغرضة ونفضح دوافعها ومن وراءها.

    يوحي البطل للقارئ بأنه يطلع للمرة الأولى على هذا الكتاب، فيقول في سياق تمهيده لاستخدام عبارة «قلة الأدب»، في حوار نسبه للمرحوم محمد طه محمد أحمد مع الصادق المهدي: «كانت عبارات الراحل العزيز في حواره الطريف الساخر مع حفيد المهدي هي أول ما تبادر الى ذهني وأنا (أقلّب)! صفحات كتاب الدكتور علي أبوسن (المجذوب والذكريات: أحاديث الأدب والسياسة)، الذي لا يحمل أية إشارة الى الدار التي أصدرته، إذ إنه طبع ونشر، فيما يبدو، على نفقة المؤلف ووزعت منه نسخ محدودة، ثم لم يُعد طبعه. ولعل ندرة النسخ المتداولة من هذا الكتاب هي التي حدت بالصديق المهندس حاتم شريف، الذي بعث الي بنسختيه من الجزأين الأول والثاني، فجاءتا تتهاديان فوق سماوات الدنيا الجديدة، من صحارى تكساس الى سهول منيسوتا، هي التي حدت به الى أن يأخذ عليّ العهود المُحكمة والمواثيق الغلاظ بأن أرد له كتابه، بعد أن أفلفله، وأحسن فلفلته، دون مماطلة أو التواء».

    وهذا إيحاء مضلل وينطوي على كثير من التدليس وعدم الأمانة. فمن يقرأ المقال يتصور أن البطل يطلع للمرة الأولى على مؤلف الراحل علي أبوسن» المجذوب والذكريات» وهذا غير صحيح. فهل نسيَ البطل أو تناسى أنه قد استشهد بكتاب «المجذوب والذكريات» استشهاداً نيراً قبل ما يقارب العام؟ ومن عمق الكتاب إذ جاء في مقاله المنشور بصحيفة الأحداث ونقله موقع سودانايل بتاريخ 8 يوليو 2009م في مقاله (منصور خالد لا يرقص الكمبلا) الذي يتولى فيه الدفاع عن الدكتور منصور خالد مقتبساً من كتاب «المجذوب والذكريات» ومستشهداً برسائل المجذوب لعلي أبوسن قائلا:

    «في واحدة من رسائله الى علي أبوسن قال المجذوب: (أنا أزعم بأن سبب الفوضى في السودان هو جهل الناس بالتاريخ، وقد زاد جهلهم به حين كتب عنه شبيكة)، «المجذوب والذكريات: أحاديث الأدب والسياسة، الجزء الأول - ص182».

    فما الذي يجعل البطل يقرأ كتاب «المجذوب والذكريات» ويفيد منه بما يؤكد أهمية إيراد آراء الراحل العبقري محمد المهدي المجذوب في شأننا العام، دون أن يرى «قلة الأدب» تلك، ودون أن يشير إلى أن ثمة بالكتاب ما يخدش الحياء أو يؤذي الصديق، ثم يمر على ذلك ما يقارب العام سوّد فيه البطل الصحف (حقيقة لا مجازاً) بمقالات راتبة، سطر فيها ما سطر وكتب فيها ما كتب دون أن يكتب حرفاً واحداً عن الكتاب أو كاتبه. فما الذي جدّ، أو بالأحرى ما الذي قلّ؟ هل قلّ الأدب أم قلّت الحيلة؟ أم أن التسرب المزعج للكتاب رويداً رويداً واتساع رقعة تبادله بين الناس قد أزعج بعض المتضررين فأوحوا إلى البطل لينال من صاحب الذكريات ببعض سهامهم وما علق في نفوسهم!

    ليت البطل يدري أن الراحل علي أبوسن ما كان ليضيره أن يطلق عليه أحدهم ما يطلق من الكلام المرسل، وما كان سيحفل بمثل الإطلاقات المجانية خصوصاً من «المحرشين» وقد اعتاد عليهم، لم يزعجه يوماً لا الفيل ولا ظله. فقد نذر حياته لصدق نادر، واتساق فريد بين الكلمة والموقف، وشجاعة كانت مثار إعجاب الكثيرين ودفع ثمن كل ذلك حياً وميتا. كتب عنه الدكتور عبد السلام نور الدين، الذي عرف باستقامة الرأي واستقلاله، وشجاعة هي الأخرى قادته إلى دياسبورا وجدها أرحم كثيراً من تيه النفاق السياسي الراهن، قال د. نور الدين عن أبوسن:

    ((إن شخصية ومأساة الأديب والكاتب الراحل علي أبوسن جد مركبة إذ لا تسمح له طبيعته البدوية الارستقراطية أن يكون أقل من حسن ظنه بنفسه لذا لم يلق بنفسه في حبائل مؤسسة الدولة المصرية، ولم يتمرغ يوماً في معاطن الانتهازية السودانية، ولم يصادق يوماً عدواً له مبرراً ان ذلك من نكد الدنيا عليه. ولم يك باحثاً عبر السياسة والعمل العام عن خلاص فردي أو شخصي له)) انتهى كلام الدكتور عبد السلام نور الدين. ولعمري إن د. عبد السلام قد لخص أهم مفاتح شخصية علي أبوسن بهذه الأسطر التي سجلها بتلقائية وهو يرثي الراحل رثاء من يعرف قدر نفسه وأقدار الرجال.

    نعود لنقول، راهن علي أبوسن على اتساقه الداخلي ورثى للاضطراب البين في شخصية البعض من المثقفين السودانيين، ذلك البعض الذي وصفه في كتابه بأنه «ضعيف جداً أمام إغراءات السلطة، مسفُُ في أفانين التسلق و»المحلسة».

    يقول البطل الذي يذكر أنه كان حاضراً (ضمن آخرين) مؤتمر القمة الأفريقي الذي عقد في العام 1986م، بأديس أبابا، إنه لم يكن له علم بالصفة التي أتت بعلي أبوسن إلى هناك! ورغم أن معلومة كتلك كانت مبذولة لمن يريدها ولا تتطلب جهداً كبيراً، لكن الواقع أن البطل كان في شغل بإثارة السؤال نفسه عن الإجابة، لا لشئ إلا ليوحي بأن ليس ثمة ما يبرر وجود أبوسن في ذلك المؤتمر، ولن نتساءل، لماذا، لأننا كما أسلفنا أن الغرض مرض.

    كنت أتوقع ممن يكتب بهذه الطمأنينة عن شخصية بالغة التعقيد مثل شخصية علي أبوسن، أن يلم ببعض المعلومات البديهية عنه. فعلي أبوسن كان من الخبراء في الشؤون الأفريقية منذ وقت مبكر. وهو المؤسس (حقيقة لا مجازاً) للإدارة الأفريقية بالجامعة العربية، ومهندس أول مؤتمر قمة عربي أفريقي من خلال عمله المباشر مع الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية الراحل محمود رياض. وقد قدم أبوسن للجامعة العربية آنئذ أول خارطة طريق لسبر أغوار العلاقات العربية الأفريقية عبر الكتاب الذي أصدره مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية بعنوان «العرب وتحديات الحوار مع أفريقيا». عمل مستشاراً للمصرف العربي الأفريقي بالخرطوم حتى انقلاب الإنقاذ، حيث غادر السودان لمصر، ليساهم في انطلاق العمل المعارض وكان له شرف المشاركة في إعداد وإذاعة أول بيان للمعارضة من الخارج من خلال موقعه كناطق رسمي باسمها. كان خلال كل ذلك ناشطاً في التأسيس لفلسفة جديدة تقوم عليها العلاقات العربية الأفريقية بعيداً عن مخططات الهيمنة الإستعمارية التي كان يرى أنها تسعى لحفر أخاديد لفصل أفريقيا عن محيطها العربي. فهل غابت معلومات بديهية كهذه عن البطل الذي يبدو أنه كان متابعاً جيداً لعلي أبوسن لدرجة معرفة عنوان سكنه في القاهرة ومتابعاً انتقالاته في مصر حتى انتقاله الأخير للرفيق الأعلى ودفنه بمقبرة المنارة، وليس المنيرة، بالإسكندرية!

    على أية حال تلك كانت صفة علي أبوسن حين يحضر أي محفل يتناول الشأن الأفريقي العربي، فليت البطل أخبرنا عن الصفة التي أتت به هو إلى ذلك المؤتمر، قبل أن يسهب في السؤال عن البديهيات وإطلاق المرسل والمجاني من الكلام.

    يقول البطل الذي أفرزه الراهن السوداني ككاتب (كبير)، أنه (نظر)! في كتاب علي أبوسن فوجده، «يجمع بين الأدب وقلته! مثلما جمعت مقالات الراحل محمد طه محمد أحمد بين القيمتين. أوقفنا المؤلف على قدرته الأدبية الرفيعة، كما أشهدنا في ذات الوقت على (قلة أدبه)» هكذا!


    وبرغم صعوبة المقارنة في السياق والمضمون بين الاثنين نقول إن «قلة الأدب» التي أطلقتها كوصف لعلي أبوسن يا «بطل»، هي حكم قيمة ما في ذلك شك، وحكم القيمة ينطوي على مفهومِ مطلقهِ أكثر من عكسه لواقع معين. وإذا الأمر كذلك ليتك تخبرنا أي الشُرف أطللت منها على «قلة أدب» علي أبوسن؟ وبعين من الساخطين عليه رأيته؟ ثم نتساءل عن معايير «قلة الأدب» التي تفرد بها علي أبوسن، وسمحت للـ»بطل» «المؤدب» أن يجلده بسياط غلاظ وأن ينصب نفسه حارساً للأخلاق يقيم أحكامه في من يخالف نسقه الفريد في تقييم الأخلاقي واللا أخلاقي.

    نقول إنه ربما فتح شهية البطل «المحرَّش»، للنيل من الراحل علي أبوسن، هو لجوء الأخير، الذي كان يقف وحيداً على مسافة من كل مراكز القوى في المعادلة السياسية والثقافية في السودان، في مذكراته للكتابة المفتوحة عن نفسه وعن الآخرين دون أية قيود.

    المذكرات نوع من الكتابة الصعبة بطبيعتها، لأنه لا أحد سيكتب مذكراته في محيط معزول، ولأن حياة الفرد هي سلسلة طويلة من التجارب تتكامل في منظومة واحدة هي الذاكرة، وهي بطبيعتها تتشكل من خلال احتكاك الفرد وتجاربه مع الآخرين، والفرق دائماً في أدب المذكرات بين كتابة وأخرى هو في درجة البلاغة والوضوح وتحريك الكامن والمستتر والغرائبي والفريد والملفت، وفي إعادة إنتاج ما يمر بالكاتب من حوادث الدنيا وأحاديثها. كثيرون كتبوا مذكراتهم ومرت بلا حادث ولا حديث. وقليلون هم من حركت كتاباتهم الواقع حولهم وحفزت لتغييره. الفيصل في ذلك هو مقدرة الكاتب على التعبير وتحمله لنتائج ما يكتب وكم كان عليٌ قميناً بذلك وواجه أساطين السياسة والمجتمع السوداني ودفع ثمن ذلك ما دفع من التهميش والتشويه ومحاولات اغتيال الشخصية. وفي كتابة المذكرات، من الطبيعي أن يخلق الكاتب حالة من الجدل حول ما كتبه وحول مدى أحقيته في نشر رسائل أو معلومات عن غيره ويتحول بذاته لمادة تتضارب حولها الآراءControversial . فعلي أبوسن لم يكن أول من نشر رسائل في مذكراته هذا تقليد تليد تكرر كثيراً في التاريخ وقد أفادت منه البشرية كثيراً، ومجتمعنا لم يكن استثناءً.

    لم يستوعب البطل للأسف الشديد، الإشارة الذكية للناقد الفذ الصديق العزيز عبد المنعم عجب الفيا، الذي كان من أوائل من كتبوا عن «المجذوب والذكريات»، كتابة جزلة تعامل فيها مع الكتاب بجدية تامة ككتاب مذكرات وقرأه في هذا السياق وسبر أغوار العميق والملغز والمعقد فيه، وذهب في تحليل عميق للونية الكتابة التي دمجت في بعض أجزاء الكتاب بين الكاتب وشخصية مصطفى سعيد الروائية، في رواية «موسم الهجرة للشمال» للراحل الطيب صالح. لم يتنبه البطل لقول عجب الفيا حين ذكر:

    «أما عنصر الإثارة في الكتاب فيأتي من الصراحة التي تصل الى حد التجريح، والحديث عن الذات باعتداد وثقة غير مألوفة، والكشف عن جوانب لم تكن معروفة في حياة المشاهير من رموز التاريخ والسياسة والأدب. ثم أضاف: (وأظن أن هذه الجرأة وهذه الصراحة المتناهية في الحديث عن الذات والآخرين هي الثغرة التي ستنفذ منها سهام النقد والهجوم على المؤلف».

    فهل كان الفيا نفسه عاجزاً عن قول الكلام السهل المرسل من شاكلة «قلة الأدب» ونحوها، أم أنه آثر نوعاً من التعامل الذكي مع المسائل الخلافية في أدب المذكرات. لم يسعف البطل ذكاؤه وحسه العام، لاستيعاب حساسية الأمر رغم إشارة الفيا الواضحة، ولكن أنى لصاحب الغرض ذلك؟! يقول «البطل» بعنترية وعدم اكتراث يحسد عليهما: «لن أخيب للفيا رجاءه (هكذا) ولن أبطل توقعه – هكذا وكأن الفيا قد ترجاه ليفعل! - يقول: «بل أنفذ من خلال «الثغرة» المزعومة لأتعامل مع ما يسميه هو - أي الفيا - «الجرأة والصراحة المتناهية»، وأميل أنا الى تسميته «قلة الأدب« .

    نتساءل وما الذي يعصم قولك هذا يا «بطل» آخر الزمان من وصفه بالوقاحة والإسفاف وقلة الأدب الصراح؟

    من المؤسف جداً أن يميل مثل البطل الذي تحمل سيرته الذاتيه الكثير من الألقاب، إلى مثل هذه الشتيمة الصريحة في نفس الوقت الذي يقيم فيه كل حيثيته على أحكام قيمة لا ثابت فيها غير نسبيتها. لن ندخل في مزايدة مسفَّة في سوق الشتائم هذا رغم سهولته وفرادة القاموس العربي فيه، فذلك مدخل لن نسمح لأنفسنا بمجاراة الـ»بطل» فيه. ولكننا نعجب لمن يحرص على أدنى قدر من المصداقية أن يستسهل هذا الولوغ في الشتيمة والإطلاقات! ذاك لعمري ضرب من العوار أو (العوارة) بكلامنا الدارجي. قال فيه الشاعر:

    «لا تشتمن عرضي فداك أبي.. فإنما الشتم للقوم العواوير».

    يمارس البطل أعلى درجات نفاق المثقف وعلى رؤوس الأشهاد. فبالأمس يتكئ على الكتاب ليستشهد بما يتباكى اليوم على نشره. ويستعين ببعض مضمون الكتاب في حرب الوكالة التي يديرها إنابة عن البعض ويعود بعد عام ليدين عين ما استشهد به دون أن يرف له جفن. فتحت أي مبرر يمكن أن نضع مثل هذا السلوك المضطرب؟

    يكتب البطل في مقال حواري له مع الكاتب الصحفي الأستاذ فتحي الضو: (إلا أن هناك خلاف بيّن في الرؤى، عند تشخيص الهم الوطني، بيني وبين صاحبي. إذ بدا لي من خلال متابعة متأنية مستطردة لإسهاماته ككاتب قيادي خلال العامين المنصرمين أن فتحي، الذي كتب في الماضي كتاباً كاملاً عنوانه (محنة النخبة السودانية)، أصبح يرى أن محنة السودان في حاضرها تبدأ وتنتهي عند الحركة الإسلامية و(العصبة ذوي البأس) من رجالها. والفقير لربه يرى أن محنة السودان تبدأ وتنتهي عند مثقفيه ومتعلميه وفي طليعتهم من يُفترض أنهم قادة الرأي والفكر ومهندسو الحراك السياسي والثقافي بين قواه المدنية بشكل عام، وأن عجز هذه القوى وخبالها، وأخشى أن أقول هشاشة النسيج الخلقي في قماشتها، وتفشي الروح الانتهازية بين صفوفها هو الذي قاد السودان إلى مشهده الراهن).

    فهل غادر بعض مثقفينا من متردم (الهشاشة والعجز وروح الانتهازية) واهتبال السوانح، ضاربين بكل قيم الرصانة والتحقق والتريث وصدق الدافع عرض الحائط؟! كم كان حرياً بالبطل أن يضم نفسه لتلك الزمرة من المثقفين الذين عاب عليهم هشاشة الأخلاق والروح الانتهازية وغيرها من المثالب.

    ثم نأتي للمضحك المبكي في نقد البطل لما حمله كتاب «المجذوب والذكريات»، بقوله (إن المسؤولين عن تحرير الصحف عندما يقعون على مثله فإنهم يؤشرون عليه بالقلم الأحمر بلا تردد و بغير إبطاء «لا يصلح للنشر»)! ألا يستحي هذا «البطل»؟ ليستشهد على صدق كتابه بقلم الرقيب الصحافي سئ السمعة لتعضيد باطله؟ وهل يظن أنه كانت ضمن أولويات الراحل علي أبوسن أن يتعطّف عليه رقيب النشر الصحافي، بعطية المزين هذه؟ ثم متى كان قبول النشر الصحفي أو رفضه معياراً لتمييز الجيد عن الردئ في الكتابة؟ هل يخفى على البطل الكم الهائل من تراث الإنسانية القيم الذي تم حجبه عن الصحافة بذات القلم الأحمر؟؟

    فلتهنأ أنت يا «بطل» باحتفاء مقص الرقيب بمقالاتك الحماسية، فذاك شنٌ وافق طبقه. أما علي أبوسن فقد بصق على النفاق بكافة أشكاله، ولا عزاء عنده لأصحاب الأجندة الخفية والممسكين بالعصا من المنتصف.

    يتبع...

                  

07-10-2010, 05:03 PM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: wadalzain)

    وكتب الاستاذ السموأل مرة أخرى


    Quote: عن «أحاديث الأدب والسياسة»(الأرشيف)

    نسبية الحكم «الأخلاقي» وموضوعية النقد (2)

    لن يكون من المناسب طالما تناولنا هذا الشأن، شأن الأدب وقلّته، أن نمر عليه دون أن نتوقف قليلاً عند ظاهرة صارت تميز كتابات الكثير من كتابنا يمكن أن ندرجها ضمن ما يعرف في حقل النقد الأدبي بـ»النقد الأخلاقي». و»النقد الأخلاقي» برغم محاولات التأصيل له ضمن إطار فني يمنحه خصائص مميزة كمنهج نقدي، إلا أنه لم يفلح في معالجة الأدب بأدوات الأدب وذلك لأنه قائم في الأساس على نفيه لشرط الحرية وتعاطيه للقيمة الأدبية من خلال منظار الأخلاق بكل ما فيه من نسبية.
    يرتدي كُتّاب النقد الأخلاقي لَبوس القيِّمين على الأخلاق في قراءة النصوص. ويمارسون النقد الأخلاقي بمفهوم «الفزعة» عند بعض القبائل السودانية حين ينهض الجميع ارتجالا لأداء واجب يتطلب السرعة والإنجاز، كإنقاذ شخص من خطر محدق أو مواجهة كارثة أو غيرها، وصار المثل السوداني يقول حين يفشل الأمر، ويصير تأثيره سلبياً «جابوه فزعة بقى وجعة».
    ولا تقوم ممارسة النقد الأخلاقي على القراءة التاريخية في التحليل والإستبانة، وإنما تنتزع الأشياء من سياقها التاريخي والاجتماعي وتزرعها في سياقات مغايرة. بل أكثر من ذلك يتحول النقد الأخلاقي في كثير من الأحيان إلى ممارسة سلطوية تجريمية، وانتقائية لا تحكمها القواعد أكثر مما تحكمها المزاجية وموقع من يَكتُب مما أو ممن يُكتَب عنه في موازنات القوى وتجليات السلطة المتعددة. في ظل وضعية النقد الأخلاقي هذه يصبح من الصعوبة بمكان الحديث عن شروط الحرية في الكتابة. وتصبح أمزجة الناس قوانين حاسمة، ويغرق بالتالي الموضوعي في الذاتي، والعام في الخاص، والمجرد في المغرض.
    وددت بهذه المقدمة النظرية أن أتجاوز سخونة الحديث المباشر، وأن أتجاوز أيضاً فخ الدوافع الذاتية التي قد تستغرقنا، بما لا يفيد تعضيد الفكرة ولا يصيب منها القارئ معرفة. وفضلت أن أفتح أشرعة الحوار لممارسة النقد والنقد الذاتي. ولمزيد من المسئولية تجاه الكتابة وتجاه الكلمة التي نسطرها، وليس خافياً على أحد ما تقود إليه الكلمة المكتوبة.
    السياق التاريخي وأهميته في التحليل:
    واحدة من أكبر إشكاليات تفكيرنا المعاصر تتمثل في غياب القراءة التاريخية للظواهر والأحداث، ولا يخفى على القارئ المنصف ما يؤدي إليه ذلك من ضعف التحليل وتهافت النتائج. ويغفل كثيرٌ من كتابنا، أهمية السياق التاريخي حين يوغل كثيراً في إطلاقاته وحين يحاكم بمعايير اليوم نصوصاً كُتبت في سياق مختلف تماماً عن الذي نعيشه الآن. ويغفل أيضاً عن التراجع الكبير الذي حدث لمجتمعاتنا بما يشابه الردة الحضارية وضمور الوعي الجمعي وغلبة ثقافة التكميم و التحريم و الإقصاء على مجمل حركتنا الثقافية. حُجبت كتابات شكلت جزءاً كبيراً من عافية الوعي في حقب الخمسينات و الستينات تحت مزاعم مخالفة الدين والأعراف. وأزيحت مؤلفات هامة جداً من أرفف المكتبات بدواعي المحافظة على الأخلاق. غابت و شُوِّهت كتب مثل، الإسلام وأصول الحكم للشيخ علي عبد الرازق، وكل مؤلفات الشهيد محمود محمد طه والشعر الجاهلي لطه حسين، وألف ليلة و ليلة وأولاد حارتنا وغيرها من الكتب التي كانت في يوم غير يومنا هذا تتوسد أرصفة شوارع المدن لا في العاصمة الخرطوم وحدها بل في أقاصي الشرق والغرب وبقية مدن السودان وأنحائه البعيدة، ولو أنك سألت عن أمر كهذا اليوم لصار أمرك عجباً. وصارت إجازة إصدار الكتب الأدبية والعلمية تصدر من تحت قفاطين وعمائم رجال الدين. وتدريجياً انداحت لوثة التحريم و إفتئات غير ذوي الصفة على كل شئ حتى صار من الطبيعي أن يفتي من لا يعلم في ما لايعلم فيه، وصرنا نرى فتاوى دينية في مسائل علمية تطبيقية جداً تخص الطب والفلك والعلوم. وانتقلت حالة التخويف من كونه سلوكا تمارسه فئة بعينها على الآخرين إلى رقيب داخلي يمسك بتلابيب الأفراد ويفسد عليهم حتى أفراحهم الصغيرة.
    وقد تنبه مؤلف كتاب «المجذوب والذكريات» في كتابه لهذا الأمر بحساسية بالغة حيث ذكر:
    «الحديث عن المجذوب في ظل الحالة العقلية الراهنة للمجتمع السوداني والمجتمعات العربية عموماً في الثمانينات والتسعينات (ولاندري إلى متى؟) صعب للغاية. فالمجذوب عاش في عصر الحريات العامة. في عصر كان الإنسان العربي ينتمي فيه إلى المجرى العام للتاريخ الإنساني. أما الآن و بعد أن وجدت قوى التخلف فرصتها لفرض أولويات القرن السابع الميلادي على القرن العشرين، فستجد الأجيال الحالية صعوبة كبيرة في فهم المناخ الإجتماعي الذي سمح للمجذوب بأن يتغنى بالطريقة التي تغنى بها في شعره، و التمرد الذي جاهر به في حياته». علي أبوسن، المجذوب والذكريات الجزء الأول ص 14.
    وهذا الإستدراك، لمن يعتبر، يؤكد أن المؤلف حين كتب عن المجذوب كان شديد الحساسية تجاه الأمر، ولكن يظل من الطبيعي جداً اختلاف الناس في صحة أو خطأ تقديره ثم قراره بنشر مذكراته بصورتها التي نشرت بها. ولا يمكن بأي حال من الأحوال قبول أن يكون خلاف كهذا غير محض خلاف موضوعي. على أية حال، في وضعية كمثل التي أشار إليها المؤلف، أضاع كثيرٌ من المثقفين أهم عناصر قوتهم، وهي المقدره على الوقوف على مسافة بعيدة من الظواهر والأحداث بما يمكنهم من حسن القراءة والتأمل واستقامة التخريج، وهو ما يُحتِّمه عليهم التزامهم تجاه أنفسهم وتجاه مجتمعاتهم. فالمثقف الحقيقي يستفتي ضميره قبل كل شئ.
    اختطاف المجذوب (صورة المجذوب بعد المذكرات وقبلها):
    إن أحد أهم الأسئلة التي ينبغي الإجابة عنها في سياق الموضوع الذي نتناوله، هو عن مدى الإضافة التي أضافها كتاب الذكريات للباحثين والنقاد والمبدعين في تعزيز الصورة الذهنية للمجذوب كمبدع رافض وساخط عظيم. ومدى نجاحه في إلقاء الضوء على شخصية هذا الشاعر العملاق، والكيفية التي عكس بها روح المبدع القلق المتمرد الرافض. هذا شأن موضوعي ومبحث ستحفل به الأوساط الثقافية والأدبية كثيراً في سودان الغد، بعد أن يهدأ غبار النفوس الذي عتّم صفحة الحياة الأدبية والسياسية السودانية، ويلتفت الناس إلى الأهم. قدمت المذكرات المجذوب وغيره من الشخصيات العامة بما فيها شخص الكاتب نفسه كأناس عاديين. بضجة أرواحهم وضجرها، بأحلامهم الصغيرة والكبيرة، وبسقطاتهم وتجلياتهم. المؤلف لم يوفِّر نفسه من كل ذلك بل كان جزءاً وهو يحكي عن نفسه مثلما حكىعن الآخرين. فهل ما زلنا نعتقد أن رموزنا السياسية والثقافية ومبدعينا ومفكرينا هم مجموعة قديسين أصفياء أنقياء لا سقطات لهم ولا أخطاء؟ وهل مازلنا نعيش وهم أن كون هذه الرموز و هؤلاء المبدعين سينقص من مقدار منجزهم العام، كونهم قد أصدروا تعليقات هنا أو هناك أو ألفاظاً بعينها؟ اللهم إلا إذا حُشِرنا حشراً في «كستبانة» النقد الأخلاقي واستغرقنا عرّابوه؟
    بالنسبة لأي محلل منصف ستكون فصول الكتاب التي إقتربت من شخصية المجذوب ورصدت ردود أفعاله التلقائية والعفوية ومقدرته الكبيرة على تحليل الواقع الإجتماعي والسياسي ثم طرح محصلاته في تعليقات عابرة ذكية ساخرة وساخطة، ستكون مداخل لمقاربات جديده لشعره ومنجزه الأدبي. ولنكون أكثر دقة سنقول إن تمرد المجذوب ######طه لم يكشفه كتاب الذكريات لمن عرف المجذوب وقرأه، وإنما ساهم الكتاب في إجلائه من زوايا مختلفة وجديدة، وأعطى مدخلاً فريداً لقراءة المجذوب الإنسان داخل المبدع بصورة لم تكن لتتوفر من مداخل أخرى.
    ستظل محاولة إدانة الكتاب من باب كونه أفشى أسرار المجذوب أو أساء إليه، في حقيقتها محاولة لإختطاف المجذوب المبدع الرافض، من فضاء الحرية التي كان شديد التوق لها، لإدخاله ضمن منظومة الفهم الإنتقائي للأخلاقي واللا أخلاقي بحسب رواد « الفزعة».
    إن الضعف البين في حجة البطل والاضطراب الواضح في مقاله الأخير «بعيداً عن الأدب وقلته» الذي لم نصِب منه غير مواصلة الكاتب في إطلاق التعميمات بلا إستيثاق ولا تبصُّر، جعلنا في حيرة من أمرنا مما إذا كان البطل الذي قبل أن يفرغ من الكتابة عن الذكريات فتح مبحثاً جديداً ليتناول فيه موضوعاً آخر لعلي أبوسن، يهدف إلى تناول الموضوع، أم إلى تشويه الذات؟ ذاك باب من الكتابة المغرضة كما ذكرنا في مقالنا السابق لن يكون من السهولة إستيعاب دوافعه أو وسمها بالموضوعية. ومع ذلك يبدو الاضطراب بيناً في استشهاد البطل بحيث يصعب على القارئ فهم ما إذا كان البطل يشيد بـ «أبوسن أم يدينه!!
    يقول البطل تعليقاً على الكتاب الآخر الذي اسمه «رسائل الترابي والحركة الإسلامية الحديثة» وليس كما أسماه البطل- مواصلاً عدم دقته- «مراسلات الترابي» (نقول ان مبادرة إبي سن بنشر تلك الرسائل الحقت بالشيخ الترابي أفدح الاضرار إذ ألقت بظلال سالبة على مصداقيته الشخصية وكفاءته الخلقية واستقامته الفكرية. وبعض هذه الرسائل تكشف عن شخصية ميكافيللية، لا سيما تلك التى يشرح فيها ويبين مُرامه من كونه اختار جماعة الاخوان المسلمين، مع ضآلة شأنها مجالاً لحركته التنظيمية وفضاءً لطموحه السياسي عقب عودته من فرنسا في النصف الاول من الستينات، خلافاً لغيره من شباب المثقفين من أنداده الذين اختاروا الانضمام الى الاحزاب الوطنية الكبرى. وقد أصاب الترابي عين الثور، كما يقول الفرنجة، وهو يسطر بعض تحليلاته واستنتاجاته ورؤاه لما عسى ان تنداح عنه عجلة الزمان ، اذ صدقته الايام وكان محقاً تماماً في غالب ما ذهب اليه، لكأنه كان - وهو يكتب تلك الرسائل- يحدق بعينيه داخل كرة المستقبل البلورية. بيد ان مصدر الازعاج الوحيد هنا هو ان ما جاد به الترابي في بعض رسائله لصديق شبابه، على حدة ذكائه وبراعته، يعكس في جوهره حالةً ذهنية متمركزة حول الذات، تطغى عليها روح الأنا، وتدور في مدار التطلع الشخصي والطموح الذاتي الانتهازي المحض، فتنحسر عنه «الفكرة» ويغيب عنه «المبدأ». فتأمل!
    وما عرفنا البطل يستشهد بمقالة الدبلوماسي والكاتب جمال محمد إبراهيم ليثبت صحة فرضيته أم ليثبت بطلانها حيث يقول الدبلوماسي الأستاذ، جمال محمد إبراهيم، الذي تناول كتاب «المجذوب والذكريات» وكتب بحس وفطرة سليمين، في خاتمة مقاله وبعد عدة استشهادات من «المجذوب والذكريات»:
    «فما أدعانا، إذاً لأن نجدّ حثيثاً لنجمع هذا الإرث البديع لشاعرنا الراحل المجذوب، فليس في الأمر نبش في سيرته الشخصية، أو تقصي لاعترافات فضائحية، بل هو حرص على جميل إبداعه، والنضير من كتاباته التي تنزلت من فطرة قلمه، منسابة بلا تكلف ولا احتراز ولا تقية!»
    ليت «الأحداث» تستجيب لمناشدة البطل بإعادة نشر مقال الدبلوماسي الأستاذ جمال محمد إبراهيم ففيه من الإمتاع ما يقينا شرور النفوس، أغراضها وأمراضها.
    لا أحد كان سينكر على البطل قوله حين يقول ]وانما أردنا أن نُفصح عن عقيدتنا، وأن نسندها بالبراهين الناطقة والحجج الناهضة على أن أبا سن أخفق إخفاقا مزرياً في عرضه للثروة المهولة التى وجدها بين يديه، من رسائل المجذوب اليه والى السيدة الانجليزية روزميري، وان معالجته لامر هذه الرسائل اتسم بالفجاجة والركاكة وضعف الحساسية، ولا نقول الخبث[.
    نقول ألا أحد كان سينكر على البطل الإفصاح عن عقيدته رغم فسادها البين، فهي عقيدته! أو أن يعرض ما شاء من حججه وبراهينه، رغم ضعف الاستدلال فيها، أو أن ينشر رأيه في الطريقة التي عالج بها أبوسن مذكراته ورسائل المجذوب إليه. ولا أحد كان سيعيب عليه وصف هذه الطريقة بالأوصاف التي ساقها من «ركاكة، وفجاجة، وضعف حساسية»، لو أنه ناصح نفسه، وبذل شيئاً من الجهد في إثبات مزاعمه قبل أن يتخذ «قلة الأدب» «والتخوين» عنواناً سعياً وراء الإثارة والاستعراض. ولو أنه تبصر قليلاً لجنب نفسه كثيراً من المزالق التي ستخصم من رصيده ككاتب وستضع تساؤلاً كبيراً حول مدى تحريه الدقة ومدى تحققه مما يكتب.
    ولو أن البطل ورواد «فزعة» النقد الأخلاقي اطلعوا على كتابات الراحل الكبير الناقد رجاء النقاش، الذي قدم عملاق الرواية العربية، الراحل الطيب صالح للعالم العربي، و الذي ظل اسمه متوهجاً كأحد أهم منارات النقد العربي لعقود من الزمان، وقد كتب عن «المجذوب والذكريات» مجموعة حلقات متصلة في مجلة «الوطن العربي»، أجزم أنه كان ليصاب بالخجل الشديد من نفسه من البون الشاسع في التناول، ولوجد فيها درسًا مفيدا يكشف له عن اللبس التي يعاني منه هو وآخرون في تعريف الأخلاقي واللا أخلاقي. وكان سيخجل من آفاق الكتابة والتناول المتجرد والمبدع لأدب الرسائل وأدب الذكريات. وكان سيتواضع كثيراً من مثل هذا التيه الذي سدر فيه موزعاً إطلاقاته بطمأنينة يحسد عليها.
    لم نكن نود أن نفسد للبطل صفاء عطلته السنوية بأن نضطره إلى استبدال مقالاته التي بذل جهداً كبيراً في «تشوينها» بكل ألوان الشتائم والتصغير لكاتب الذكريات. كما لم يكن أبداً هدفنا أن نضيق عليه في مساحات الإعجاب الواسعة التي اعتاد الاستمتاع بتقريظ قرائه له فيها. إلى جانب أن زمننا نفسه لايسمح لنا بملاحقة كل ما يكتب لولا أنه اضطرنا في هذه المرة اضطرارا لذلك باستهانته بالكلمة والقارئ معاً ومحاولته المريبة تشويه الراحل علي أبوسن بحزمة من المزاعم الفاسدة التي لا تصمد أمام أي مساءلة أو مراجعة.
    وقد حاول البطل أن يجد نسقاً غيبياً ليبرر به خيبته وفشله في أن يدافع عن مقاله المجاني «أحاديث الأدب و قلة الأدب» ، «مصوراً ذلك بكونه إرادة الله حيث يقول «يبدو أن الله كتب في لوحه المحفوظ (هكذا) على ناقدي كل مؤلفات أبي سن، لا ذلك الكتاب وحده، أن يشرعوا في النقد ثم يرتدوا على أعقابهم بعد أن يخطوا في ذلك السبيل خطوتهم الاولى.... إلخ)، رابطاً إحجامه عن المواصلة في نشر مقاله، بموقف مزعوم أشار فيه لمقالات للدكتور عبد الله حمدنا الله تناول فيها كتاب «المجذوب والذكريات»، ومقال مزعوم آخر للدكتور محمد وقيع الله كان يود الرد فيه على كتاب «رسائل الترابي، والحركة الإسلامية الحديثة»، لولا أن أثناه الترابي نفسه عن ذلك!!
    وذلك باب من «الاستهبال»، غير المجدي ومحاولة مفضوحة للمزايدة في سوق الكلام المجاني سنجد أنفسنا مرة أخرى مضطرين لإثبات زيفها. فالبطل يتحدث عن مقالات مازالت موجودة في سوق «الله أكبر» الإسفيري، كتبها ونشرها في فبراير من العام 2004 د. حمدنا الله وتناول فيها كتاب «المجذوب والذكريات» أي قبل حوالي ست سنوات، وهي المقالات التي زعم البطل أن حمدنا الله أسرّ له بأنه نشر حلقتها الأولى ثم سحب الأخريات لدى علمه بأن علياً كان مريضاً.
    فما نجزم به هو أن د. حمدنا الله قد نشر مقالين بصحيفة الصحافة عن الكتاب تحت عنوان «همبتة المذكرات» وقد حدد ترقيمهما من اثنين سلفا (1-2). وبالتالي، فإننا نفهم وحسب أصول النشر أن مقال د. عبد الله حمدنا الله المذكور قد نشر بالكامل، وإلا كنا سنرى نوعاً آخر من الترقيم على صدر المقال يشي عن حلقات لم تنشر! فهذا زعم باطل كغيره من مزاعم البطل لا أدري أين نجد له موقعاً من التبرير.
    خلاصة القول، وأياً كانت الأسباب التي حدت بالبطل لأن يحجب بقية مقاله في الحلقتين اللتين أرسلهما كما ذكر للنشر، فإن هذا شأن يعنيه وحده ويعني أصدقاءه الذين لا يَرُد لهم طلب كما قال. ولو أن الأمر لديّ لأثنيته بشده على قراره هذا ولشجعته لينشر ماحجبه، لأنني على يقين أنه ليس لديه مايقوله أكثر مما قاله. لن يخرج البطل من الدائرة العبثية في فهمه للأخلاقي واللا أخلاقي ومن مزيد من التبذُّل في محاولته غير الحميدة للإساءة لكاتب الذكريات، وستكون كل مدوراته ومراوحاته للاستهلاك الذي لا يقدم ولا يؤخر
                  

07-10-2010, 05:06 PM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: wadalzain)

    وكتب الاستاذ السموأل مرة أخرى



    Quote: عن «أحاديث الأدب والسياسة»(الأرشيف)

    هوامـــــــل البطـــــــــــل وشوامـــــــل الكتابـــــة

    كتبتُ في ردي على مقالة الكاتب مصطفى البطل "أحاديث الأدب وقلة الأدب"، حول الراحل علي أبوسن وكتاب "المجذوب والذكريات"، أن البطل قد خلع لباس الكاتب الموضوعي ولبس رداء العداء الشخصي للراحل علي أبوسن. وربطتُ ذلك بما بدا من دوافع غير أمينة أشرنا إليها في المقال، تضافرت مع دافعه الخاص. وفي رده اللاحق لم يستطع الرجل أن يخفي ما أشرنا إليه من مواجيده الشخصية التي طغت سحابتها على جل تناوله لكاتب "المجذوب والذكريات". وحين كشفنا عري بيانه وسوء مقاصده سعى جاهداً لجرجرتنا في حبائل مطاولاته ومرمى شتائمه وأوصافه المتهكمة، وكأنما جئناه في غارة. لم يقف عند ذلك بل أنعم علينا باتهامه الجاهز بأنا أسرى نظريات التفسير التآمري للتاريخ وأن ذلك أمر يجري مجرى الدم في جيناتنا! فوا عجباً لمن يذبحك علانية ثم ينكر عليك الرد وإلا فإنك من المسكونين بنظرية المؤامرة!
    وقلنا أن البطل مستغرق في بركة النقد الأخلاقي الزائف، وأنه يتخذ أحكام القيمة الأخلاقية معايير يصدر بها أحكامه دون منهج ولا تبصر، فلا أحبط زعمنا، ولا رد قولنا بالحجة. بل طفق يستعرض وفق نهج يعرفه أشقاؤنا في مصر بـ"فرش الملاية"، في الهتر الذي يوسمنا به، بأن درب تقريعه على ترخصه في الكلام محفوف بالمكاره، وأرهبنا بمضاربه وساحات نزاله. وتلك مفردات تكشف للقارئ حقيقة استبطان بطل البيان لفكرة الاختلاف. لكننا لن نجاري البطل في شهوة الكتابة المتشفية لأنه ليس ثمة ثأر أو غل لنا معه. وسيكون حادي دربنا في تقصِّيهِ الصبر، وتدبيرنا في تناوله سيكون جدُّ متئد لكشف خبث المسعى والغرض فيما يكتب وما يثير من عفرٍ مما سيجتلي القارئ مكامنه الحقيقية وأسبابه أيما اجتلاء.
    جَرَّد البطل في الرد علينا حملة! وأنعم علينا من تهكمه ما جعل كل نقدنا لمقاربته مذكرات علي أبوسن، محض هتر! أما أبوسن (الكبير، المتبطر) حسب البطل، فقد كان جل مخرجات (كاتب عموم السودان) من كتابه أنه صادر عن نفس موتورة ومقهورة، ولا ندري كيف يمارس البطر من كان مقهور النفس موتورها، ولكن ما ترانا فاعلون؟! فـفي غياب المنهجية والرويِّة في الكتابة يكون كل شئ جائز. لكن هذا شئ وما جاء في تلافيف رد البطل على المقال المذكور والانفعال الذي ظهر به شئ آخر، فتح لي باباً كبيراً من التساؤل والحيرة في مقدار الثقة بالنفس التي يتمتع بها من آنس في نفسه الفراسة اللازمة لاستفتاح مقالاته بعناوين استفزازية من شاكلة قلة الأدب، ثم ما يلبث أن ينهار ويتوعد ويتدفق غضباً عند أول رد يساءل ما كتب ويمحص دوافعه وأسبابه في تحوير المعاني وانتزاع النصوص من السياقات.
    يقول البطل: "والحق أنني لم أرَ كتاب الراحل أبو سن بعيني رأسي، ولم أطّلع على سطرٍ واحد منه، إلا عندما تسلمته من دائرة البريد الشهر الماضي، ولكنني كنت مطلعاً قبلها من مصدر ثانوي على عبارة المجذوب في شأن البروفيسور مكي شبيكة. وعندما خطر لي أن أوظّف تلك العبارة في مقالي المشار اليه بعثتُ بها الى أستاذنا الدكتور النور حمد - المحاضر بجامعة قطر - الذي أكد لي سلامة العبارة وصحة نسبتها، وقام عني مشكوراً بمهمة توثيق ما أردت الاستشهاد به وفقاً للأصول العلمية لتدوين المصادر، حيث انه يحوز نسخةً من الكتاب. والنور، إن لم تكن تعلم، من الثقات". انتهى الاقتباس.
    لقد قلت في معرض نقدي لمقال (الكاتب الكبير): "يوحي البطل للقارئ بأنه يطلع للمرة الأولى على هذا الكتاب". وقلت: "وهذا إيحاء مضلل وينطوي على كثير من التدليس وعدم الأمانة". وما زلت عند رأيي لأنه أوحى بالفعل للقراء بأنه قرأ الكتاب. وكان الأحرى بالبطل، طالما قرر أن يعلن حربه على الكتاب وصاحبه، أن يحتاط ويتزود بشروط الكتابة المسؤولة حتى يأمن هتر أمثالي من المهاترين. وكان يتوجب عليه أن يشير إلى طبيعة اقتباسه الـ Overseas من الكتاب في نفس متن مقاله وهذا من أمانة النقل. فلا تثريب أن تأخذ المعلومة بطريقة ما وتوظفها ولكن يكتمل التوثيق بشرح كيفية النقل بدلاً عن هذا التبرير الفطير، والاستدراك المتأخر والاحتماء بموثوقية النقل عن الدكتور النور حمد. ولكن يبدو أن البطل لا يرضى أن يقول عنه القراء انه لم يقرأ الكتاب فذاك في عرفه كُفر! وكبر مقتاً عنده. خلاصة القول، آمل ألا يزايد البطل على هذه المسألة والأسلم له إقراره بقصوره فيها.
    وربما يكون بعض "هترنا" هنا مما سيفيد منه البطل مستقبلاً سيما وأننا سنوشحه له بفريدة من فرائد أبي حيان التوحيدي حيث قال محذراً من التسرع والارتجال: "من يرد عليه كتابك فليس يعلم أسرعت فيه أم أبطأت، وإنما ينظر أصبت فيه أم أخطأت، أحسنت فيه أم أسأت. بإبطائك غير مضيع إصابتك، كما أن إسراعك غير معفٍ على غلطتك". فتمهل أيها البطلُ!
    ثم لا بد لنا قبل أن نغادر هذه المسألة، أن نسأل بطل القراءة عابرة الأسطر والتعميمات المخلة، ليرينا أين بهتناه وادعينا إشادته بالكتاب؟ يقول البطل: "وأنا لا أعلم من أين أتى السموأل بهذا الفهم العجيب فأخذ يبهتني، ويا له من بهتان، لمجرد أنني أوردتُ نصاً وقَعْتُ عليه في مصدر ثانوي، فيردد على الملأ، ويشيع بين الخلق أنني أشَدْتُ بعمّه وزكيت كتابه قبل عشرة أشهر، ثم نكصتُ على عقبي بعد ذلك ائتماراً بأوامر "المتضررين"!
    يا للهول من سوء النقل، وغلظة التقول، لقد كتبت بالحرف الواحد: "فما الذي يجعل البطل يقرأ كتاب «المجذوب والذكريات» ويفيد منه بما يؤكد أهمية إيراد آراء الراحل العبقري محمد المهدي المجذوب في شأننا العام، دون أن يرى «قلة الأدب» تلك، ودون أن يشير إلى أن ثمة بالكتاب ما يخدش الحياء أو يؤذي الصديق، ثم يمر على ذلك ما يقارب العام سوّد فيه البطل الصحف (حقيقة لا مجازاً) بمقالات راتبة، سطر فيها ما سطر وكتب فيها ما كتب دون أن يكتب حرفاً واحداً عن الكتاب أو كاتبه. فما الذي جدّ، أو بالأحرى ما الذي قلّ؟ هل قلّ الأدب أم قلّت الحيلة؟"
    فأين بهتّ البطل وأين أشَعْت بين الخلق إشادته بكاتب الذكريات؟ وهل قولنا أنه أفاد من الكتاب يعني أنه أشاد به؟ أليس هذا أنموذج آخر ساطع للّفح وللكلام المجاني والإطلاق غير المؤسس؟؟
    غير أنني سأعمل جهدي على ألا يخرجني ذلك كله من الإطار الذي أتناول فيه مبحث كاتب الإثارة، عن كتاب "المجذوب والذكريات". فمبحثي ليس الرد على كل ما يكتبه عن الكتاب، فذلك أمر لا يجمُل بي ادعاؤه ولا ينبغي. وليس هو من معاني الاعتداد بالحرية كقيمة إنسانية أصيلة، ولا من مبدئية الالتزام باحترام الرأي الآخر والاختلاف في شئ. لكن وكما أسلفت في مقاليّ السابقين، أن البطل مغرض، وقد أثبت ذلك بحديثي عن إشاراته وتكراره لما سبق إثارته عن خلافات ومعارك علي أبوسن مع آخرين. ثم ما لبث الرجل، وكنت أحسبه أطول نفساً وأكثر عمقاً، أن سقط في أول رد له في شِباك غرضه منكشفاً على الملأ وهو "يعرض" بسيف "المنصور"، أو كما يسمي الدكتور منصور خالد، ويتباهى كيف أن الأخير كان كابوساً أفسد حياة الراحل علي أبوسن وقهر تطلعاته في أن يكون وكيل وزارة!! وتلك لعمري من المضحكات المبكيات مما سأعود له لاحقاً في هذا المقال.
    أعود لأقول، حين وضعت البطل في موضع الواقع في أسر النقد الأخلاقي فإنما أردت أن أشير إلى الخلل في تناوله لكتاب "المجذوب والذكريات" رغم أنه يتذكر أن هناك كتابة اسمها المذكرات وأن لها أصول. وأردت أن أبيِّن انعدام الاتساق في ما يكتب رغم ولعه الظاهري بالزخرف الإنشائي. وهذا جميعه من المحاذير التي ينبغي أن يتدبرها من اتخذ الكتابة باباً من أبواب الرزق رأفة بخلق الله القراء ممن أحسن الظن بالكاتب. فاعوجاج المنهج بل انعدامه لم نشتُم به البطل بل وصفناه به! ولكن الرجل حفيٌّ بالمغالطة وفيه صلف غريب ومزايدة على البديهيات ما فتئت تثير دهشتنا.
    ثم أننا ما دعونا البطل للمواصلة في موضوعه عن المذكرات إلا لتبيان ضعف حساسيته في مقاربة التجلي الإنساني للمؤلف ولحظات مكاشفته مع ذاته ومع الآخرين في مواضع عديدة من الكتاب. ولتبيان قصوره عن وضع ذلك في موضع المعرفة أو السؤال المنتج للمعرفة. وأيضاً ما لمسناه من قصور واضح في تناول الأبعاد الفلسفية والوجودية الشائكة التي ينطلق منها المؤلف في كتابته عن حياته وعلاقته بمن وما حوله وهي مواقف عديدة حرَّض عليها المؤلف قارئه، وكانت جديرة بالتأمل. والقراءة التي تستنطق النصوص هي مما يتوقعه القارئ ممن يتصدى للكتابة عن المذكرات، وإلا فالكل قادر على الكتابة.
    وقلنا أن البطل ما في جعبته أكثر من مواصلة التخبط في فهمه الملتبس للأخلاقي واللا أخلاقي وها هو يؤكد قولنا مواصلاً تمدده ومقتاتاً لتخريجاته الشائهة ومزاعمه وتأويلاته من كتاب أبوسن نفسه حتى لم يبق للقارئ شيئاً من الكتاب. وكاتبنا المحترم في قراءته السالبة إنما يعيد صوغ أفكار الكتاب إعمالاً لرغباته هو، لا استشرافاً لمرامي المؤلف ولو من باب الإشارة، رغم أن ذلك مما تمليه عليه الأمانة. وفي تشريحه الدعائي لنصوص الكتاب يتوسل للقارئ باستثارة عواطفه الدينية وموجبات "الفزعة" الأخلاقية، حين يرمي أبوسن بتهم من شاكلة نبش قبور الموتى، ولوك أكبادهم، وبئس البهتان. ليس هذا من استقامة التفكير ولا من أمانة المثقف في شئ. فهل جنينا على البطل في شئ إن قلنا وأكد لنا يراعه، أنه يحكي بعض ما خلفته تركة الجدب والخواء الثقافي؟
    وبرغم أن مصطفى البطل كاتب راتب، إلا انه يغفل أو يتغافل مرة أخرى مغزى استشهادنا بحديث أبوسن عن الوضعية الحالية للمجتمعات العربية. وهذا أمر لا يجادل فيه إلا من تخذ المغالطة والمزايدة على البديهيات ديناً. فمجتمعاتنا برغم تطورها التكنولوجي اليوم هي أكثر انغلاقاً والتعصب الديني والعرقي وحتى السياسي وصل حداً لم يبلغه في الفترة التي عاصرها المجذوب. وحين استشهدنا بالحجْب المقصود الذي تم لمجموعة من المؤلفات الفكرية ذات القيمة العلمية والفلسفية العالية، ما كان لنا غرض غير أن نعضد زعمنا، وهذا جزء هام من اتساق المنهج في الكتابة يعجم عودهها ويلجمها من الترهل وتبعثر المعنى. كان هدفنا الإشارة إلى توقعات كاتب الذكريات لمثل هذا الخطل في تناول الكتاب وفق عقلية المصادرة والتحريم، وهو عين ما يمارسه الآن البطل المتلبس برداء اللبرالية. ولم يكن في ذهننا أن نقارن بين هذا وذاك رغم يقيننا ألا شئ يمنعنا من المقارنة. فلا ينقص الإنسان إلا ضعف ثقته بنفسه، أو إحساسه الداخلي بضآلته أمام الآخرين بما يجعله يحجم عن مجرد مقارنته بالعظماء. لقد خيب أملي البطل بتناوله البروباغاندي "العادي" للكتاب وبكسله في استنطاق ما فيه، وبخيانته لدور المثقف ومداهنته أرباب "محنة" النقد الأخلاقي.
    ثم أعود لما أشرت إليه في مبتدر استعراضي لمَوْجدة البطل المحيرة تجاه أبوسن، من أمر خلاف الدكتور منصور خالد مع الراحل. وهو أمر لا يعنيني إلا بالقدر الذي أحتاجه لدحض غرض البطل، وخبث مقصده. وذلك حتى لا ينحرف مسار الموضوع إلى مراتع القيل والقال والجدل غير المنتج والتعاظل الممل. فالمعروف في أوساط الدبلوماسيين السودانيين الذين عاصروا الراحل أبوسن والدكتور منصور خالد في وزارة الخارجية أن الرجلين كانا على خلاف كبير كان سببه وفق شهادات عديدة، مجاهرة أبوسن برفض الأسلوب الذي كان يدير به الدكتور منصور خالد وزارة الخارجية إبان تسنمه لها في أوج العهد المايوي البائد. وهو خلاف بغير ما حاول البطل تضليل القارئ بتحجيم دور أبوسن فيه، كان محورياً وكانت له أصداءه داخل وزارة الخارجية وخارجها. لقد حدثني البعض عن ذلك حديث مشافهة لن آخذ به كثيراً لأني شديد الحرص على موثوق الكلام مع البطل في مقابل مجانيته المفرطة وهوامله المرسلة.
    كتب الدكتور أحمد محمد البدوي، الذي أحسب أن البطل يعرفه حق المعرفة، كتابة مجردة من نفاق التقييم الأخلاقي حول صراع الراحل أبوسن و(المنصور) في سياق مقالة سطرها في رثاء أبوسن: "بيد أن هذه الأرستقراطية على الصعيدين: الاجتماعي والثقافي, لا تكتمل صورتها إلا بذكر الفروسية, ففي معمعة ثورة أكتوبر السودانية 1964م, كان الدبلوماسي الوحيد الذي شارك فيها, متصدراً المواكب الزاحفة كأمواج النيل الهادرة الزاعقة! بقية الدبلوماسيين لاذوا بمكاتبهم, وأداروا للهبة ظهورهم خوفاً وتقية وربما تأففاً من مشاركة العامة والدهماء والرجرجة! وكان مشاركاً في انتفاضة 1985م ضد النميري, في الشارع مع الطلاب و"الشماشة". وكان سبب إبعاده من وزارة الخارجية هو إقدامه على نقد الوزارة ووزيرها علانية أمام الوزير وفي اجتماع ترأسه رئيس الجمهورية. قد يدل ذلك على استقلالية في الرأي, وعلى نزعة من نزعات التحدي مركوزة في النفس, ولكنها في النهاية الأمر, مزية التمرد التي لا تكتمل إلا بالفروسية: فروسية العقل والوجدان. وفي حين لم يعد الناس يذكرون من: الحردلو إلا شاعريته الباهرة الدالة على بداوته, فإن علي أبو سن اشتهر بحداثته, ومظهره الارستقراطي المدني, الذي يكمن وراءه "شيخ عرب", بدوي حافظ متون, رحمه الله. وحياه الغمام".
    والمواجهة لمعلومية البطل عادة قديمة متأصلة في شخصية أبوسن لا شك أنها أفسدت عليه الكثير من فرص المناصب ونعميها!! فلم يكن "المنصور" مبتدأها وما كان منتهاها. فقد وسمت خصلة (الشقاء) تلك كل حياته، وعمقت في نفسه إيثار الوحدة على النفاق فندر أصدقاؤه وقل أصفياؤه، ولا ريب أن أمضى بقية حياته مستمسكاً بمبدئيته وروحه الصلبة التي لم يخسرها قط، مضى ولسان حاله يردد رائعة سيناترا My Way. ترك أبوسن منصبه في الخارجية مثلما ترك غيره من مناصب أكثر رفعة حين وجد نفسه في خيارات لم يفضل أحلاها المر.
    ماذا ترانا فاعلون، مع البطل؟ فهو في حر احتفائه بـ"المنصور" أو كما يسمي الدكتور منصور خالد، أساء للرجل من حيث لا يدري إذ وضعه في موضع لن يستأنس به بذكائه ونظره البعيد. فـ"المنصور" بذل الكثير من الحبر والمواقف الكثير كي يحافظ على صورته كمفكر وشخصية سياسية متوازنة قبل أن يقدمه البطل، في مظهر فتوة وبلطجي وزارة الخارجية الذي نذر نفسه للإطاحة بـ(آمال وأحلام) الشقي أبوسن الذي أورده تمرده وحظه العاثر موارد الهلاك تلك في حجر المنصور الأسود كما أسماه البطل! على أنني أعيب على البطل أن ضنَّ على أبوسن حتى ببراحة الحلم فأودع خلاصة آماله في (وكيل وزارة) أو (أمين أمانة) وكان من الأكرم أن ينعم على الرجل وقد فارق الفانية بطموح الوزارة نفسها لا وكالتها؟ لكن البطل لم يكتفِ بذلك بل أرانا كيف أن المنصور الذي يصوره البطل كمتعهد تحطيم أحلام، كان بالمرصاد لأبوسن حتى في حلم وكيل الوزارة أو أمين الأمانة فأراه فيه بأسه ومكر تدبيره! ونحن في تأملنا لهذه الحالة من الكتابة المتشفية، لو خُيِّرنا في وضع عنوان لمقاربة البطل "كتاب المجذوب والذكريات" لأسميناها "الدر المنثور في التمسح بحجر المنصور".
    ثم أن حديث البطل المتكرر عن نرجسية أبوسن التي ربطها ربطاً بحديثه عن أصله، أورثني حالة من الهم والإشفاق، مما ينم عن إحساس بالدونية والنقص يتلبسه ولا أجد له في قرارة نفسي سبباً، حتى أنه وصل حداً يدهش القارئ حين يتقول على أبوسن، فيقول: "ومن أقوى الملامح بروزاً في شخصية الرجل، كما تعكس المذكرات، النرجسية المفرطة وحب الذات والاعتزاز بالنسب الرفيع، وهو أمرٌ يقترن عنده بتحقير الآخرين والزراية بهم بقرينة أصولهم ال########ة المفترضة". ولا تدري نفسٌ لم يحس البطل بأن إعتزاز أبوسن بأصله هو خصم على أصل البطل أو غيره، وزراية بما يفترض أنه وضاعة أصله أو أصل غيره؟! ثم أن البطل لم يوضح أين حقّر علي أبوسن أصول الآخرين أو وصفها بالوضاعة. لم نخطئ مرة أخرى حينما وصفنا كلام الرجل بالاستسهال، وآمل ألا نضطر للتعديل والتصحيف في هذه الكلمة مستقبلاً. لكني لن أندهش هذه المرة من سوء القراءة وسوء الطوية معاً!
    وأخيراً فإن البطل الذي يعيب على أبوسن ويأخذ عليه مساسه بالآخرين في مذكراته، يبدو شديد المعرفة بأهمية أن تكون المذكرات خالصة بدون تذويق وتحسين. ويبدو عميق الإحساس بأهمية صدق المشاعر فيها، فها هو يقول في معرض تناوله كاتب مذكرات آخر: "وقد وصف صاحبنا رئيس وزراء الانتفاضة بأوصاف ثقيلة بعض الشئ. ولا جناح عليه (..). فإذا لجأ كاتب المذكرات الى تغبيش المشاعر وتلوينها، وتذويق الانطباعات وتحسينها، فقدت المذكرات قيمتها وأصبحت من مزجاة بضائع العلاقات العامة".
    فما باله ينكر على أبوسن أن يكتب مشاعره دون أن يلونها، وأن يسطر انطباعاته دون أن يحسنها؟ وما باله يريد له أن ينزع من مذكراته قيمتها ويجعلها "من مزجاة بضائع العلاقات العامة"؟ لا يجد البطل غضاضة أبداً في إدانة أبوسن وأخذه كل مأخذ لأنه كتب مذكراته وشملت انطباعاته عن العالمين. فهل بهتنا البطل حينما وصفنا سفره بانعدام المنهج والتقصد؟
    لقد منّيت نفسي بكتابة مسؤولة تحملني مسؤولية الرد المضني عليها، لكن وا أسفاه على تهالك البنيان رغم غزارة اللفظ وتقعر المفردة! تُرى، هل ثمة إضافة لدى البطل تؤكد مسؤوليته ككاتب تجاه قارئه، بعد أن أراح "المتضررين"؟ أم تراه قد حزم أمره للمواصلة في تشويه سيرة الراحل علي أبوسن وكتابه، وليستشهد عليه بما كتبه بنفسه وبذله في كتابه للناس، ليحشو به مقالاته القادمة وبئس المسعى؟!

                  

07-10-2010, 05:20 PM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: wadalzain)

    وهذا رأى آخر من عنديكم يا عزام
    ( محجوب بابا )

    Quote: تعقيب على مقال مصطفى البطل عن الرعيل المرحوم أبو سن على سودانايل/ محجوب بابا

    الأخ الأستاذ مصطفى البطل
    بعد التحية
    بدايةً أعرب عن احترامنا لكتاباتك العاكسة ثراءً محموداً حول اجتماعيات أهل عطبرة وطرفاً محدوداً من ثقافات السودان, ومداخلات سلسة قد إختلقتم بها لذاتك إسماً مقروءً، كما تجذبنا مقالاتكم وإفاداتك السياسية لاسيما حول مايو البائدة حيث أنها تحمل شهادة شاهد من أهلها قد ألهمه المولى التوبة والحصافة وامتطى جواد النضال الوطني ورفض الشمولية بعد أن كان سادناً من العاملين في إدارة شئون مجلس الوزراء فيها وكما عهدنا للعمل في هكذا المرفق كما عهدنا شرط الإنتماء. اما اليوم وبعد الإطلاع على محررك عن المرحوم الزعيم علي أبوسن، وبكل صراحة المُشفق على أداب تخليد الرموز وأعلام الإهتمام المدني ورعيل ثوابت الليبرالية وتأمين مبادئ الحريات الشخصية لرفاهية المجتمع، لقد تجنيت يا مصطفى على المألوف وتعديت على حدود الأدب إلى قلة الأدب مُنكباً في وحل المستنقع الآسن وخباثة إغتيال وكشط صفحات حسن الذكرى، وتجاوزتم أدب الحديث المأثورأن أذكروا محاسن الموتى وهذا من أرفع قيم المجتمع أما تجريح الآخرين من أسفل وأحط مكروهات البشر. يا مصطفى فالتعلم أن لاعلاقة أسرية لنا بالأكرمين السِناب بيت الوعي مَعلَم الوطنية غيرسانحة مجاورتهم ومساكنتهم في سهل البطانة المضيافة بعد تهجيرنا القسري وآل أبو سن أقدروأولى بالرد على متاهات منشوركم. إلا أن معرفتنا بالمرحوم أستاذنا على أبوسن بالإنتساب إلى المدرسة الإتحادية الجامعة والوقوف على سيرة نضاله الناصعة في مناطحة سدنة مايو والشموليين في معية جماعة اللجنة الستينية والحزب الوطني الإتحادي بعد الإنتفاضة المبروكة، إلى جانب دوره الرائد في أعمال التجمع الوطني بعد إنتكاسة يونيو، تدفعني لأصرخ في وجهك، يا زول هذا عيب إن ما قد تجاسرت عليه قلة أدب أكثر من رد الصحافي صاحب الوفاق للصادق المهدي، وفيه نشاذ وخروج عن المألوف وتواصل الباطل بل و قدر من ثقافة المايويين وقد ظننا أنه قد إمتد زمان دحرهم والخلاص من سُخفهم.

    لفائدتك يا مصطفى، لمثل ما ذكرته في سيرة المرحومين سرالختم الخليفة وعلى أبو سن من رفث القول باب ثابت في أرشيف ملفات تقاريرأجهزة المتابعة الأمنية منذ بدايات الخدمة المدنية والمودعة في دورالوثائق والأرشيف، وهي بيانات كانت موضع إهتمام مهنية المخابرات الأجنبية والمحلية كآلية للإغتيال المعنوي، إلا أن مبدأ السماح بالإطلاع عليها في عُرف وأداب الأرشيفيين محكوم بمعايير، أساسها إنتهاء مدى تاريخي يتجاوز الثلاثين عاماً أو حياة جيلٍ كامل على أقل تقدير بعد قفل الملف الشخصي بوفاة الشخص المعني حتى وإن كانت لشخصية عامة. أفترض فيك النباهة ولا إحتاج للإسهاب في التعليل. أذكر هنا قصة حدثت في دار الوثائق القومية. إشتركت الدار بعرض ملفات الشخصيات القائدة في معرض عيد إستقلال أول يناير بعد الإنتفاضة و كان عرضها داخل حاويات زجاجية لا يسمح بالإطلاع عليها رغم أنها وعلى عادة زوارالمعارض كانت عرضة لمحاولات التصفيح وطالبنا الكثيرون من أصحاب الأغراض المشبوهة بذلك. لم يؤذن بذلك لأحد مسئول كان أومن العامة، إلا أنه وبعد نهاية دوام المعرض وفي طريق عودة الملفات إلى مستودعاتها تم إكتشاف محاولة سرقة ملف الزعيم الأزهري، ترتب عليها فصل الموظف المُكَلَف بإرجاعها بعد التأكد من شبهة التآمرمع صحيفة حزبية كان ديدنها نشر الغسيل واللمز والغمز رئيس التحريرفيها محترفٌ ومازال لمضغ لحوم البشر أحياءً كانوا أوأمواتاً من أقران ذاك الصحفي المعترف في مقالكم بعدم التطهر من رذيلة قلة الأدب وقد كانت أصلاً ومنهجاً لإفساد تجربة الديمقراطية. أتفق معك أخي مصطفي أن في العديد من مؤلفات المذكرات الذاتية كثيراً من الحكاوي، وأظنك توافقني الرأي في أن أغلبها قد تمحورت في نطاق مساحات الشئون العامة ومن المصلحة التركيز عليها دون سواها.

    لو ذهب أهل الرأي العام يا مصطفى مذهبكم في هكذا المحاور لفاضت أوعية البيانات وقواعد المعلومات وصفحات الجرائد في تناول سيرة الحاكمين للسودان قسراً في عصرنا هذا، هم زملاء لنا ورفقاء من جيلنا على مدى المراحل، ولو ذهب أهل الرأي الصالح إلى تشريح رموز المنظمات المتطرفة يميناً ويساراً أومايويةً أويونيويةً أوإسلاموية بذات المداخل لماتوا خجلاً وانزوا عن مسرح العمل العام إستحاءً من نظرات الشماته. في هكذا المنهج خروج عن الجادة وانصرافية عن الموضوعية، وعليه أخشى أن يندرج مقالكم يا مصطفي ضمن باب شيئ في نفس يعقوب، ورغم رائحة ذات المنحى النافذة من بين سطور مقالكم، أرجو لكم الترفع والتحيه والنصح وفي الدين النصيحة.

    محجوب بابا
    أرشيفي سوداني بالمهجر
                  

07-10-2010, 06:00 PM

محمد البشرى الخضر
<aمحمد البشرى الخضر
تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 28869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: wadalzain)

    عزام يا عزام سلام
    يعني معقول يا عزام ما قريت كتاب ابو سن و اكتفيت بمقتطفات البطل
    وحكمت على الكتاب احكامك الوردت اعلاه
                  

07-10-2010, 07:09 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: محمد البشرى الخضر)

    محمد البشرى الخضر
    Quote: عزام يا عزام سلام
    يعني معقول يا عزام ما قريت كتاب ابو سن و اكتفيت بمقتطفات البطل
    وحكمت على الكتاب احكامك الوردت اعلاه

    سمِح هاك المُقْتطفات الأنا إكْتفيت بيها ووصفت لُغة علي أبو سن بِالركاكة ... اقراها وأديني رأيك بِالله
    Quote: من خلال جسدها الصافي رأيت روحها الصافية

    Quote: إنها تعشق ولا تدخل إلا من يروق

    Quote: أجاعوا الشعب وأبأسوه، ولم يعطوا إلا قبحاً، ورموا قبحهم ودعارتهم على أمثال مجدلينة، وأقسم بالواحد الأحد أن عانة مجدلينة أفضل وأزكي من لحى هؤلاء

    Quote: حدجتني بنظرة إهمال وصمت ارتجت لهما أعماقي

    Quote: حسن نجيلة مغرور، عميق الغرور، متحذلق ومعجب بنفسه. يتحدث بكلام خارم بارم، هو ثقيل، هل رأيت أثقل منه؟

    Quote: وهل رأيت أسمج من الولد بدر الدين سكرتير لجنة النصوص

    Quote: العبادي رجل جلف، سكران، نرجسي، قبيح. النرجسية أصلها - كما أزعم - للجمال، ولكن نرجسية العبادي للقبح

    Quote: كان ضحيةً لبعض العُقد الشخصية الكامنة في نفسه والتي تمكن منصور من استغلالها

    Quote: جلسنا، المجذوب وأنا، نناقش ونحلل هذه الظاهرة [ظاهرة منصور خالد].. وحددنا محاور ثلاثة للمناقشة هي: علاقة منصور بوزارة الخارجية، علاقة منصور بالأدب والشعر، وعلاقة منصور بالمرأة

    Quote: هناك أمر يحيرني وهو المفارقة الهائلة بين كتابة منصور ولسانه. أقرؤه فأجده يستخدم أسلوباً فصيحاً، ثم أجده يستشهد بجيّد الشعر من المتنبئ وغيره، ولكنني حينما أجالسه لا أسمع منه كلاماً فصيحاً، لا شعراً ولا أدباً. وهو لا يجيد الخطابة، بل لا يستطيع، كما هو الطبيعي بالنسبة لمن يكتب بهذا الأسلوب الممعن في الفصاحة التحدث بالعربية الفصحى أمام المنتديات

    Quote: ليس هناك شريان عربي واحد يسري من رأس منصور الى لسانه

    Quote: أنا أعرف أغنية شهيرة تقول كلماتها: البرنو والفلاتة/ تدوسهم الكراكة/ كراكة نمرة تلاتة

    Quote: بل هو صراع بين الإنسان وفيل الأحراش

    Quote: سألني المجذوب عن رسالتي للدكتوراه التي عنوانها "العلاقات السودانية الإثيوبية في عهد الدولة المهدية

    Quote: أنا قلت لأعضاء مجلس قيادة الثورة أنا عندي زول ممتاز حيتولى لينا إنشاء التنظيم السياسي للثورة

    Quote: الرئيس نميرى: الزول ده عايز شنو بالضبط؟/ د. منصور: طالما ظن انه قادر على ما عجز عنه وزيرك فأمامك واحد من خيارين، إما تعيينه وزيراً للخارجية، أو تنتدبه للعمل في أمانة العلاقات الخارجية حتى يضع لوزارة الخارجية سياسة أفضل

    Quote: خذ هذه اللوحات يا علي. أنت تستحقها

    (عدل بواسطة عزام حسن فرح on 07-10-2010, 07:14 PM)

                  

07-10-2010, 07:26 PM

محمد البشرى الخضر
<aمحمد البشرى الخضر
تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 28869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)

    يا عزّام دا حكمك
    Quote: كِتاب علي أبو سِن ، لُغتو ركيكة جِدًا والمُحْتوى كُلو شمْشره وقطيعة وفش غبايِن
    امّن تقول كلّو معناها كلّو
    بعدين المقتطفات دي أكيد عندها سياق وردت فيه قراءتها من خلالو بتكون أشمل و الحكم عليها بكون أدق
    ثم يا عزام إنت بالذات اعتدنا منك الدقة و الإستشهاد بالمراجع حتى رقم الصفحة
    عشان كدا شكل الإكتفاء بمقتطفات البطل للحكم على كتاب كامل شكلها كان غريب
                  

07-10-2010, 07:34 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: محمد البشرى الخضر)

    محمد البشرى الخضر
    Quote: امّن تقول كلّو معناها كلّو
    بعدين المقتطفات دي أكيد عندها سياق وردت فيه قراءتها من خلالو بتكون أشمل و الحكم عليها بكون أدق
    ثم يا عزام إنت بالذات اعتدنا منك الدقة و الإستشهاد بالمراجع حتى رقم الصفحة
    عشان كدا شكل الإكتفاء بمقتطفات البطل للحكم على كتاب كامل شكلها كان غريب

    يعني لازِم تحرِجونا يعني
                  

07-13-2010, 05:46 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)
                  

07-14-2010, 03:36 AM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)
                  

07-14-2010, 07:22 AM

حسن محمود
<aحسن محمود
تاريخ التسجيل: 10-23-2009
مجموع المشاركات: 868

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)

    Quote: ضرباً بإتجاه الشنق! أو… في إغتيال الشخصية


    عنوان جميل ومعبر من السموأل .. على وزن زاوية البطل غربا بأتجاه الشرق ..
    ويبدو ان هناك منافسة بين البطل والسمؤل في اختيار العناوين التي تعبر
    عن وجة نظر كل منهما حول القضية.
    وخاصة مقال اليوم والذي وصل به البطل الى قمة السخرية( التوابل الهندية
    في ثريد النرجسية) تفاجات لتنزيلة الباكر ..اليوم بدرت يا عزام..مشكور.
    كتابة ممتعة من الطرفين.. حسنا ولصالح القراء انهما قررا استئناف الحوار حول
    الكتاب(كل يزعم عدم رغبته في ذلك)..خاصة في ظل ندرة الكتاب.. ولا اظن انه سوف
    تعاد طباعته بعد المتاعب التي سببها للكثيرين.
                  

07-14-2010, 07:52 AM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: حسن محمود)

    حسن محمود
    Quote: خاصة في ظل ندرة الكتاب.. ولا اظن انه سوف
    تعاد طباعته بعد المتاعب التي سببها للكثيرين

    إن إسْتمر هذا الأمر ، سيضطر أحدُهُما أو كِلاهُما مِن تنجيم ما جاء في "الأدب وقِلتو"
                  

07-14-2010, 07:46 AM

فدياس نجم الدين
<aفدياس نجم الدين
تاريخ التسجيل: 05-19-2008
مجموع المشاركات: 2401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)

    العزيز عزام

    بالله لو كنت عارف بلقي المقال هنا

    كان وفرت الالف جنيه بتاعت الجريده
                  

07-14-2010, 10:17 AM

فدياس نجم الدين
<aفدياس نجم الدين
تاريخ التسجيل: 05-19-2008
مجموع المشاركات: 2401

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: فدياس نجم الدين)

    Quote: شخصية الراحل الصحافي الكبير جمال عبد الملك ابن خلدون، الذي يُفترض انه كان عضواً في تلك الخلية الصغيرة من المثقفين التي انتمى اليها صاحبنا، ويعرّف أبوسن الرجل على النحو التالي: (اسمه ابن خلدون، وهو مصري إخواني، جاء هارباً الى السودان مع زميل آخر له، وقد أصبح صحافياً وباحثاً معروفاً فيما بعد). والحقيقة ان ابن خلدون لم يكن قط عضواً في جماعة الإخوان المسلمين، لا فى مصر ولا فى السودان، وذلك لسبب ممعن فى البساطة، وهو ان الرجل لم يكن يدين بالإسلام أساساً، اذ انه قبطي مسيحي، (اسمه الأصلي "عبد الملاك"، قبل أن يقوم بتغييره). وكيف لقبطي مسيحي أن يكون "اخوانيا" نشطاً تطارده الحكومة المصرية فيهرب الى السودان كما يزعم صاحبنا؟ والحق أن ابن خلدون عرف بكونه يسارياً بارزاً من نشطاء حركة "حدتو" الماركسية. وأعجب لرجل يفخر بالانتماء الى خلية ضيقة من المثقفين لا شغل لها غير قضايا الفكر، ثم لا يفرق من أعضاء خليته بين الشيوعي والاخواني، ولا يميز بين المسلم والمسيحي!


    الحته ماعارف ليها إتذكرت الصحفي مزمل أبو القاسم

    وكلامه عن الدكتور عزمي بشاره المسلم المتمسك بدينه
                  

07-18-2010, 09:25 AM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: فدياس نجم الدين)

    تلخيص نقد البطل

    يقول البطل [ ... سيرة أبي سن؟ لا شأن لنا بالرجل وسيرته الخاصة، وإنما نحن نتناول بعينٍ فاحصة وعقلٍ متمحّص كتابه الموسوم "المجذوب والذكريات: أحاديث الأدب والسياسة"]

    (01) فالرجل يبذل في كتابه رسائل خاصة بعث بها اليه في مراحل باكرة من حياته رجالٌ من ذوي الشارات في سوحنا السياسية والاجتماعية والثقافية. رسائل من ذلك الصنف الذي يتبادله الصديقان الحميمان، وسر واحدهما وحماقاته وسقطاته وخطاياه عند الآخر.

    (02) المؤلف نسب الى الراحل الطيب صالح قوله أن مصطفى سعيد الذي ورد في رواية "موسم الهجرة الى الشمال" هو نفسه علي أبوسن، وأن الطيب أسرّ له بذلك ثم صرَّح به لآخرين.

    (03) أبوسن في مذكراته عن حياته النسائية وعمق فتنته وتأثيره على الفتيات الأوربيات إبان حياته في لندن وباريس

    (04) المؤلف إنه اشترى من دكانٍ في وكالة البلح بامبابة سريراً نحاسياً، أخبره البائع المصري انه نفس السرير الذي ضاجعَ عليه الخديوي إسماعيل الإمبراطورة يوجيني إمبراطورة فرنسا وزوجة نابليون الثالث عند زيارتها لمصر لحضور احتفالات افتتاح قناة السويس في العام 1869م.

    (05) انتاش بكلمات جارحة وحادة وزيراً سودانياً لأنه مارس الجنس مع امرأة إنجليزية أثناء زيارة له للندن، واتهمه بالإساءة لسمعة السودان. وقد أورد أبوسن اسم ذلك الوزير الثلاثي كاملاً، وذكر انه وبعض مساعديه أقاموا في دار السفير، وان الوزير استجلب الى دار السفير نساءً وضاجعهن.

    (06) وفي مسألة الاعتزاز بالأنساب الشريفة يلتقي أبوسن وصديقه المجذوب، ولا عجب إذن انهما يخاطبان بعضيهما بألقاب مثل "ابن سادات البشر". يقول ابوسن إن البريطانيين الذين يعرفون السودان، كانوا إبان حياته بين ظهرانيهم، لا ينادونه إلا بلقب "السير علي أبوسن"، باعتبار أنهم كانوا يعرفون انه من أسرة أبوسن ذات الحسب الرفيع.

    (07) ذهب لزيارة قبر جده أحمد باشا أبوسن المدفون في المقابر الملكية بالقاهرة التقى شخصية مصرية انفعلت به انفعالاً شديداً عندما علمت بنسبه وان تلك الشخصية قالت له: (أين أنتم؟ أين أنتم؟ أين أنتم؟ من هو إسماعيل الأزهري الذي أصبح حاكماً؟ ومن هو الميرغني؟ ومن هو المهدي؟ البلد دي حقتكم انتو. مالكم؟ ماذا دهاكم؟) والشخصية المصرية هنا تبدى استغرابها كيف أن حكم السودان آل الى آخرين، بينما المؤلف وأسرته هم الأحق بالحكم.

    (08) أكبر ما أخذناه على المؤلف نفسه هو أنه لم يرعَ في كتابه حُرمة الموتى، فلم يستنكف أن يبشّع بالراحلين ويلطخ سيَرهم بالوحل، دون ذنبٍ جنوه سوى انه كانت لهم في الدنيا اختيارات غير اختياراته، ورؤىً غير رؤاه. بل إنه لم يتورع عن أن يتهم السيد الحسن بالسرقة، وهو الرجل الذي ما زال الآلاف من أهل السودان، وفي جمعهم آل بيت أبي سن العتيد، يحسبونه قديساً. سَخِر من عملاق الاقتصاد السوداني، خليل عثمان، بعد عشر سنواتٍ من وفاته، فصوَّره في صورة الطرير الأهطل الذي لا يميز في عوالم السياسة والاقتصاد رأسه من رجليه. ومسح الأرض بالقائد اليساري الفذ والقانونى الضليع صاحب التاريخ الوطني الناصع، عابدين إسماعيل، بعد سنوات طوال من وفاته، وجعل منه فوق صفحات كتابه أضحوكةً ومهزأة، فأشاع عنه أنه بهلوان مهرج، وحاقد، وضعيف في اللغة الإنجليزية! وكتب عن صحافي متميز، من الآباء المؤسسين لصناعة الاعلام في السودان، بعد عشرين عاماً من رحيله عن دنيانا، أن سلطات دولة أجنبية ألقت القبض عليه وأودعته السجن بتهمةٍ مخلةٍ بالشرف. وذكر عن زوجة قيادي سياسي سوداني بارز، شغل منصباً دستورياً سيادياً، غادرنا الى دار البقاء قبل أعوام، أن الشرطة البريطانية ألقت القبض عليها متلبسةً بالسرقة في محلات ماركس اند سبنسر بلندن.
    بل انَّ أبا سن لم يحفظ عُشرة زملائه ورفقاء دربه، الذين عمل معهم جنباً الى جنب في مسيرة حياته العملية، وأكل معهم الخبز والإدام في إناءٍ واحد، فلم يردعه رادع من أن يذكرهم وهم بين يدي ربهم بالسوء. من هؤلاء سفراء من أميز رموز الدبلوماسية السودانية، ومنهم مسؤولون في هيئات عربية عمل بها واكتاد رغيفه من خيرها. من بين زملائه ورفقاء دربه وكيل ووزير الخارجية الأسبق الراحل هاشم عثمان، الذي كتب عنه بعد عدة سنوات من وفاته انه كان رجلاً إمّعة، مدجّن، لا يهش ولا ينش، ولا يفكر ولا يتنفس إلا بأوامر من آخرين. وكتب عن زميليه السفيرين عيسى مصطفى سلامة وحامد محمد الأمين انهما قطيع من الأغنام منكسر، فاقد الهيبة، يقوده راعٍ سفيه

    (09) كتب أبو سن: (جلسنا، المجذوب وأنا، نناقش ونحلل هذه الظاهرة [ظاهرة منصور خالد].. وحددنا محاور ثلاثة للمناقشة هي: علاقة منصور بوزارة الخارجية، علاقة منصور بالأدب والشعر، وعلاقة منصور بالمرأة).
    وقد انتهت مناقشات الصديقين، كما حررها أبوسن، في المحور الأول الى أن منصور وزيرٌ فاشل للخارجية، وأنه لا يصلح لشئ. أما محور الأدب والشعر فقد خلص البحث فيه الى نتيجةٍ مدهشة ومباغتة، لم تكن لتخطر لأحد ببال، وهي أن منصور ليس من الجعليين العمراب كما يزعم في سيرته الذاتية، بل انه ينحدر من قبيلة الفلاتة في غرب إفريقيا. ولكن الخلاصة الأكثر إدهاشاً وإثارةً للحيرة جاءت في نهاية مداولات الصديقين حول محور علاقة منصور بالمرأة، إذ قطع أبوسن وجزم أنه، وبرغم غرام منصور بالنساء وغرام النساء به، إلا أن منصور ليست له قصة حب حقيقية واحدة في حياته.

    (10) وعن منصور خالد يقول علي أبوسن ( يفصل الرجل فصلاً تعسفياً عن نسبه العربي، فينسبه بدلاً عن ذلك الى أصول إفريقية، يوحي المؤلف انها أصول إنسان رخيصة. ولا عبرة بعد ذلك أن يكتب من يستخدم مثل هذا السلاح الخبيث بين معقوفتين عبارات من شاكلة (مع احترامنا لقبيلة الفلاتة ودورها)
    ويخلص أبوسن الى انه (ليس هناك شريان عربي واحد يسري من رأس منصور الى لسانه).

    (11) أبوسن يكثر من ذكر جامعات أوربية، لم يتخرج منها ولم تمنحه شهادة أكاديمية واحدة. ولكنه – مع ذلك - يوحي للقارئ من طرفٍ خفي ومن خلال عبارات منثورة هنا وهناك بذكاءٍ شديد انه درس فيها وتخرّج منها. تقرأ في المذكرات عبارات عارضة، ولكنها مختارة بعناية، كأن يكتب عن علاقة عاطفية عاشها ثم يقول إن مسرحها كان جامعة لندن. ومن البديهي لو انه كانت هناك علائق عاطفية مكانها جامعةٌ ما فلا بد أن يكون أطراف العلاقة طلاباً أو أساتذة في تلك الجامعة! أو أن يحقن مسار حديث معين أثناء السرد بعبارة مثل "رآني فلان وأنا خارج من كلية الاليانس فرانسيز في باريس"!

    (12) رئيس الوزراء بابكر عوض الله قال له بعد الانقلاب مباشرة في مايو 1969م: (أنا قلت لأعضاء مجلس قيادة الثورة أنا عندي زول ممتاز حيتولى لينا إنشاء التنظيم السياسي للثورة). وهذا "الزول الممتاز" هو علي أبوسن نفسه بطبيعة الحال، وكان يشغل وقتها وظيفة سكرتير ثالث في السلك الوظيفي لوزارة الخارجية. ومعلوم أن الرجل قام في مرحلة لاحقة من حياته بإعادة اكتشاف نفسه وتسويقها كواحد من أعتى أعداء الشمولية والمناضلين ضد مايو ونظامها!

    (13) عقب انقلاب الخامس من سبتمبر 1975م المندحر، والذي كان قائده الرسمي المرحوم المقدم حسن حسين عثمان، وقائده الفعلي ضابط الصف حماد الإحيمر، عُقد اجتماعٌ تداولي خاص في مقر الاتحاد الاشتراكي بغرض جرد حساب أداء التنظيم خلال محنة الانقلاب. ولم يكن يُدْعَى الى مثل هذا النوع من اجتماعات النقد الذاتي غير أهل الدار، فلا سبيل الى الأغيار للمشاركة فيها. وقد كان أبوسن من المدعوين لذلك الاجتماع (لو كان الرجل من أعداء النظام، كما حشَا في مذكراته، لكان الأحرى به أن يكون يومها مع الإحيمر لا مع النميري). طلب أبوسن الكلمة فلما وضع المايكروفون بين يديه ألقى على الحاضرين خطبة عصماء خصّص نصفها الأول للإشادة بالرئيس السابق ودوره في خلق سودان جديد قوي ومتماسك أصبح مثار اهتمام العالم. ثم أضاف إن الرئيس القائد (وكان ذلك هو اللقب الرسمي للرئيس نميري) حقق للسودان بفضل قيادته الرشيدة انتصارات عظمى في جميع المجالات باستثناء المجال الخارجي. وهنا انتقل صاحبنا الى النصف الثاني وفيه تناول بالنقد وزارة الخارجية، فزعم انها فشلت تحت قيادتها الحالية في التعبير عن الرؤى والتصورات الكبرى التي ظل الرئيس يطرحها في خطبه التي وصفها أبوسن بـ"المنارات الهادية". ثم قدم بعض الأمثلة لأوجه الإخفاق كما تصورها هو.

    (14) عقب انهيار النظام المايوي في أبريل 1985م قام وزير خارجية حكومة الانتفاضة، الأستاذ إبراهيم طه أيوب، بتشكيل لجنة لإعادة الدبلوماسيين "المفصولين تعسفياً" من وزارة الخارجية خلال العهد المايوي. عهدت رئاسة هذه اللجنة في مرحلتها الأولى الى السفير هاشم محمد صالح، ثم في مرحلة ثانية الى السفير نوري صديق. وكلا السفيرين، وأعضاء اللجنة الآخرين، أحياء يتنفسون في سماء الخرطوم، أطال الله في أعمارهم جميعاً. وقد تقدم الراحل علي أبو سن بطلبٍ مكتوب الى هذه اللجنة يطلب إعادته الى السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية. وقد نظرت اللجنة في طلبه وقررت عدم إعادته الى الوزارة، ثم أوردت الأسباب في خطاب بعثت به اليه رداً على طلبه. وقد جاء في خطاب اللجنة أنها غير مختصة بالنظر في طلبه حيث إنه لم يفصل من الوزارة، بأي وجه من وجوه الفصل من الخدمة، بل إنه انتقل بكامل إرادته ووعيه من وظيفته التنفيذية الدبلوماسية بالخارجية الى وظيفة سياسية بالاتحاد الاشتراكي. وصورة الخطاب الموصوف، فضلاً عن التقرير النهائي للجنة ووثائقها، محفوظة بكاملها ضمن أرشيف إدارة الشؤون الإدارية بوزارة الخارجية.

    (15) يقول المؤلف إنه ذهب الى مكتبه حيث جمع أغراضه الشخصية وغادر الوزارة للمرة الأخيرة. وقد انتهى ذلك اللقاء بين الوكيل والدبلوماسي المفصول نهاية درامية. كيف؟ كانت هناك - بحسب أبي سن - لوحات تشكيلية بالغة الروعة أتى بها الوكيل من دولة أجنبية ووضعها في مكتبه. وفي نهاية ذلك اللقاء قام الوكيل الحزين وجمع كل هذه اللوحات وأعطاها الدبلوماسي المفصول، وطلب منه أن يأخذها هدية منه، وقال له بلهجة من يكاد الحزن يقتل فؤاده: (خذ هذه اللوحات يا علي. أنت تستحقها).

    (16) هو الحال مع صحافي سوداني كبير، رحل عن دنيانا قبل صدور الكتاب بسنوات، ذكر اسمه كاملاً، ثم حكى عنه حكايات لا تصلح للنشر عند أهل النُهَى، وكتب ان ذلك الصحافي اشتهر بين أصدقائه بلقب "ود أبرق"، ثم أضاف: (وهو نوع من العصافير شديد النشاط الجنسي)!

    (17) عن ضخامة حزنه على القائد الشيوعي عبد الخالق محجوب عندما تناهى إليه خبر إعدامه عام 1971م سوى أن يقول إن الأسى قد بلغَ به مبلغاً امتنع معه عن النظر الى صدور النساء العارية لأسبوع كامل، وهو مستلقٍ على بلاج شاطئ العراة المسمى "سانت تروبي" في منطقة الريفيرا الفرنسية. وبعد أن فصّل كاتب المذكرات نوبة الضيق التي اعترته بعد إعدام عبد الخالق ووصف الحالة النفسيَّة المزرية التي وجد نفسه في قبضتها من هول الفاجعة، كتب يصف أيامه الحزينة وهو على شاطئ الريفيرا: (كنت أقضي وقتي على البلاج.. ولم أخلق علاقة مع أحد. حتى في "سانت تروبي"، حيث تسبح الفاتنات عاريات الصدور، لم أجد في نفسي ميلاً إلى النظر..)

    (18) بابكر، الرجل الوحيد في تاريخ السودان الذي جمع بين رئاسة البرلمان ورئاسة القضاء ورئاسة الوزراء، لم يسعَ إلى صداقته لوجه الله، بل لهدف دنيوي زائل، وهو أن (يستغل مقدرات) أبي سن (في مسعاه لتنفيذ انقلاب مايو). كتب صاحبنا إن "مخطط" بابكر كان هو: (أن يستغل مقدراتي ثم يلقيني كحبة النوى بعد أن ينجز انقلاب مايو)، فتأمل!

    (19) يذكر صاحب المذكرات أن نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ورئيس الوزراء استدعاه، بعد اندلاع انقلاب 25 مايو 1969م الى الخرطوم من مقر عمله بسفارة السودان بلندن، حيث كان يعمل سكرتيراً ثانياً. ويقول إن نائب الرئيس عرض عليه منصب وكيل وزارة الشباب. وبعد أخذ ورد قرر صاحبنا، بمحض رغبته واختياره، ألا يقبل هذا المنصب وأن يعود الى وظيفته سكرتيراً ثانياً في وزارة الخارجية. ثم يضيف، وهذا هو العجب العجاب بعينه، انه فرض على نائب رئيس الدولة أن يكتب له وثيقة يسجل فيها بخط يده إنه - أي أبوسن نفسه - هو الذي اعتذر عن المنصب بعد أن عُرض عليه، وأن نائب الرئيس وافق صاغراً وكتب له الوثيقة وسلمها له وهو يتمتم: (والله انتو يا ناس أبوسن، كرامتكم دي ما بتلعبوا فيها).

    (20) شخصية الراحل الصحافي الكبير جمال عبد الملك ابن خلدون، الذي يُفترض انه كان عضواً في تلك الخلية الصغيرة من المثقفين التي انتمى اليها صاحبنا، ويعرّف أبوسن الرجل على النحو التالي: (اسمه ابن خلدون، وهو مصري إخواني، جاء هارباً الى السودان مع زميل آخر له، وقد أصبح صحافياً وباحثاً معروفاً فيما بعد). والحقيقة ان ابن خلدون لم يكن قط عضواً في جماعة الإخوان المسلمين، لا فى مصر ولا فى السودان، وذلك لسبب ممعن فى البساطة، وهو ان الرجل لم يكن يدين بالإسلام أساساً، اذ انه قبطي مسيحي، (اسمه الأصلي "عبد الملاك"، قبل أن يقوم بتغييره).

    (21) وقد تم تعريف سالسبيرجر في الكتاب هكذا: (عميل المخابرات الأمريكية المعروف). وتلك من التعريفات المحيرة أيضاً، فكيف يكون الفرد عميلاً مخابراتياً ويكون معروفاً في ذات الوقت؟

    (22) فهو يكتب انه ذهب الى قصر الاليزيه لحضور حفل عشاء دبلوماسي ممثلاً للحكومة السودانية، وقد كان يشغل وظيفة دبلوماسية بسفارة السودان في باريس. ثم يمضي قُدُماً فيذكر أن الصحافي الكبير الراحل محمد الخليفة طه الريفي نشر في الصفحة الأخيرة من جريدة "الصحافة" صورة له - أي لأبي سن - وهو يصافح الرئيس الفرنسي أثناء ذلك العشاء، وأن الريفي تعرَّض للتقريع الشديد وكاد يفقد وظيفته بسبب نشر الصورة. لماذا؟ لأن بعض النافذين في حكومة مايو احتجوا على نشر صورته وهو الرجل (المعروف بمعارضته للنظام)! سبحان الله. كيف يكون الواحد من هؤلاء "معروفاً بمعارضته للنظام" ويكون في ذات الوقت ممثلاً لحكومة ذات النظام في الموائد والمحافل الأجنبية؟

    (23) ويذكر أبوسن على نهج تتبيل الروايات وإضافة الملح والفلفل اليها ان النميري، في ثورة غضب جامحة، (عزل الوزير وحاكم الإقليم الشرقي الراحل عبد الله الحسن الخضر بعد أسبوع واحد من تعيينه). وغضبة النميري من الرجل حقيقة، ولكنه لم يعزله بعد أسبوع، بل استمر عبد الله الحسن حاكماً للإقليم لمدة اثني عشر شهراً بالتمام والكمال!

    (24) كان له الفضل في إنقاذ حياة الفنان التشكيلي عثمان وقيع الله من موت محقق. كيف؟ يقول إن الفنان الكبير كان يرقد فاقد الوعي تماماً، تفصله من الموت لحظات، في قسم الحوادث بالمستشفى بلندن، ولكن الأطباء تركوه لمصيره ورفضوا علاجه، لأنهم لم يعثروا على جواز سفره. ولكن أبا سن ظهر فجأه وأبرز بطاقته الدبلوماسية فوافق الأطباء على علاجه

    (25) زعم فيها ان القصر الملكي في بريطانيا رفض تسلم أوراق اعتماد سفير السودان الراحل سر الختم الخليفة، لأن رجال المراسم الملكية ظنوا انه يحمل لقب سير، وذلك تأسيساً على الحروف الثلاثة الأولى من اسمه Sir-Alkhatim، حيث ان التقليد البريطاني يقضي بأن حاملي لقب سير لا يضعون ألقابهم أمام أسمائهم عند مخاطبتهم للملكة. ومن أغرب الغرائب التى تستتبعها هذه الرواية - لو أننا صدقنا أبي سن، أن القصر الملكي، وهو الجهة التي تمنح الألقاب في بريطانيا، لا يعرف ان كان قد منح سودانياً هذا اللقب الرفيع ام لا!

    (عدل بواسطة عزام حسن فرح on 07-18-2010, 09:30 AM)

                  

07-18-2010, 06:50 PM

عزام حسن فرح
<aعزام حسن فرح
تاريخ التسجيل: 03-19-2008
مجموع المشاركات: 8891

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في بريدي رابِط مِن الكاتِب / مُصْطفى البطل (أحاديث الأدب وقلة الأدب) (Re: عزام حسن فرح)

    فوق
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de