استقلال إرتريا وانفصال الجنوب - دروس وعبر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 12:15 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-07-2010, 04:28 PM

Gaafar Ismail
<aGaafar Ismail
تاريخ التسجيل: 08-27-2005
مجموع المشاركات: 4911

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
استقلال إرتريا وانفصال الجنوب - دروس وعبر


    مقال رائع يستحق القراءة والتأمل بقلم الأخ الحبيب السفير د. محجوب الباشا

    استقلال إرتريا وانفصال الجنوب
    دروس وعبر
    د/ محجوب الباشا

    يدخل السودان مرحلة مفصلية من مراحل تاريخه الحديث في يناير القادم عندما يذهب المواطن في جنوب السودان لمراكز الاقتراع لممارسة حقه في تقرير المصير كما كفلته له الفقرة 5 (2) من بروتوكول مشاكوس. وفي ظل التعقيدات التي تعيشها الساحة السياسية في بلادنا فإن المواطن الجنوبي وهو يلقي ببطاقته في صندوق الاقتراع لا يقرر مصيره فقط ، بل إن الاحتمال الأكبر هو أنه يقرر كذلك مصير السودان ككل. غير أن هذا المقال ليس عن احتمالات الوضع الذي يمكن أن تؤول له الأمور على ضوء الخيار الذي سيستقر عليه رأي أهل جنوب السودان ، ولكنه محاولة لقراءة تداعيات الحرب الإرترية الإثيوبية التي استمرت منذ عام 1998 وحتى يومنا هذا مخلفة الكثير من المآسي والدمار علنا نستخلص من ذلك بعض العبر التي تعيننا على مواجهة ما نحن مقدمون عليه.
    بالرغم من وجود بعض الاختلافات القانونية فيما يتعلق بمسألة استقلال إرتريا وممارسة شعب جنوب السودان حقه في تقرير المصير إلا أن النتائج السياسية للحدثين قد تكون متشابهة بدرجة كبيرة. هذا فضلاً عن أن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية في السودان وكل من إثيوبيا وإرتريا يجعل دراسة الأسباب وراء الحرب بين الجارتين ونتائجها ضرورة حتمية لتفادي أي احتمال من هذا النوع في حالة انفصال جنوب السودان. بدأت الحرب الإرترية الإثيوبية كما معروف بسبب نزاع حدودي حول قرية صغيرة يرى الكثيرون في إثيوبيا وإرتريا أنه ليس لها أي قيمة استراتيجية من الناحيتين السياسية والاقتصادية ، كما أن السبب المباشر وراء الحرب كان حدثاً من الأحداث التي يمكن تجاوزها بسهولة خاصة في ظل العلاقات الطيبة التي كانت قائمة بين حكومتي البلدين. غير أن هذه الحرب التي لم يكن يريدها أحد خلفت وراءها من المآسي ما لا يمكن تصوره. كان من نتائج الحرب المأساوية وفاة أكثر من مائة ألف من شباب البلدين ، وتشريد مئات الآلاف من المواطنين سواءً كان ذلك بسبب قرار الحكومة الإثيوبية بطرد الإرتريين أو بسبب تطورات الحرب نفسها والتي قادت لنزوح أعداد هائلة من المواطنين الإرتريين الذين هجروا قراهم بسبب القتال واتجهوا نحو المعسكرات التي أقيمت على عجل وهي تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
    لم تكن الحرب الإرترية الإثيوبية في نظر الكثير من المراقبين إلا نتيجة حتمية لتراكم بعض المشاكل البسيطة بين البلدين والتي كان بالإمكان تجاوزها إذا ما طرحت في وقتها بالصورة المطلوبة. ولم تكن الأحداث التي وقعت في قرية "بادمي" الحدودية الصغيرة التي نشبت الحرب بسببها إلا قمة جبل الجليد كما يقول المثل السائر. ولعل أول مظاهر الخلاف بين الحكومتين كانت بسبب المشاكل الاقتصادية بالرغم من أنهما بدأتا عهدهما بتوقيع خمسة وعشرين بروتوكولاً لتنظيم العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بينهما. وقد اشتملت البروتوكولات المذكورة العديد من الاتفاقيات الخاصة بالتنسيق بين البلدين كما يلي:
    - التنسيق بشأن السياسة المالية وخاصة أسعار الصرف واسعار الفائدة.
    - إقامة آلية للتحكم في الكتلة النقدية بحيث تتوافق مع سياسة محاربة التضخم في البلدين.
    - تنسيق السياسة النقدية وحاصة فيما يتصل بتوفير السيولة للمستوردين ، ومدخلات النقد الأجنبي في الاقتصاد ، وإدارة الدين الخارجي.
    - توحيد السياسات المتعلقة بالضرائب والجمارك بصورة تدريجية.
    - تنسيق سياسات الاستثمار ، ومعاملة المستثمرين من البلدين على قدم المساواة.
    من الواضح أن الحكومتين وفي نشوة انتصارهما على نظام منقستو كانتا تسعيان لسد كل المنافذ التي يمكن أن تأتي عن طريقها المشاكل ، غير أن هذا الحذر لم يجد كثيراً وبدأت الخلافات تطل برأسها بين البلدين في عام 1996 عندما فرضت إثيوبيا بعض القيود على الواردات من إرتريا في محاولة لحماية منتجاتها المحلية ، وقد خلصت اللجنة المشتركة التي درست الموضوع إلى بعض النتائج الهامة التي تؤكد أن التعاون بين البلدين لم يكن يسير على النحو المطلوب. فقد أشار التقرير النهائي للجنة إلى العديد من المشاكل في مجالات تحصيل الجمارك ، ومحاربة التهريب ، وكثرة الرسوم المحلية ، وقوانين إصدار الرخص التجارية مما وقف عائقاً أمام انسياب التجارة الحرة بين البلدين. غير أن طرح العملة الوطنية الإرترية للتداول في عام 1997 كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ، حيث قامت إثيوبيا وكرد فعل من جانبها بتطبيق نظام خطاب الاعتماد. كانت العملة الإثيوبية هي المتداولة في البلدين حتى ذلك الوقت. رأى الإرتريون في رد الفعل الإثيوبي نكوصاً عن اتفاقيات التعاون الاقتصادي بين البلدين ، كما رأوا فيه – وربما كان ذلك هو الأهم – أن الحكومة الإثيوبية لم تكن أصلاً على قناعة باستقلال إرتريا لذلك فقد جاء رد فعلها عنيفاً عندما مارست إرتريا حقاً من حقوقها السيادية الأساسية. وبذلك اكتسب خلاف اقتصادي بسيط كان بالإمكان تجاوزه أبعاداً سياسية عميقة الأثر ارتبطت في النهاية بتدهور الأوضاع بين البلدين بالصورة التي قادت في اعتقادنا للحرب. من جانبها لم تعدم إثيوبيا بالطبع الحجج التي دعتها لاتخاذ هذا الموقف فتحدث بعض المعلقين السياسيين عن سعي الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا نحو السيطرة على الاقتصاد الإثيوبي وأشاروا إلى أن الحكومة الإرترية كانت تعمل ضمن خطة محكمة بإعادة استثمار فائضها التجاري في الاقتصاد الإثيوبي. بل ذهب بعض المحللين للقول بأن الحرب قد قامت أصلاً بسبب الصراع الاستراتيجي بين النظامين في أسمرا وأديس أبابا للسيطرة على مستقبل إثيوبيا السياسي ومواردها الاقتصادية.
    تبادل الجانبان الأتهامات فتحدثت الحكومة الإثيوبية عن فرض اتفاقيات غير متكافئة ، وانتهاك إرتريا لهذه الاتفاقيات ، وإعادة تصدير المنتجات الإثيوبية التي تم شراؤها بالعملة المحلية ، وعرض معدلات صرف أعلى للعملة الأجنبية في السوق الإرترية ، وشراء الدولار من السوق الأسود في إثيوبيا ، والاستثمار في القطاعات الاستراتيجية لهدف السيطرة على الاقتصاد الإثيوبي. ومن جانبها أوردت الحكومة الإرترية عددا من الاتهامات ضد جارتها الجنوبية من بينها ؛ اتخاذ سياسات مضرة بالاقتصاد الإرترية عندما كانت العملة موحدة بين البلدين ، واتباع سياسات لحماية المنتجات الإثيوبية مما أضر بالسوق الإرترية ، وشراء السلع التي تقوم إرتريا باستيرادها من الخارج بالعملة المحلية ، وحرمان الارتريين والإثيوبيين من أصول إرترية من الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية. ولعل المشكلة الأكبر بين الجارتين تمحورت حول حاجة إثيوبيا الملحة لمنفذ على البحر ، وهي مشكلة يجب أن تدق عندنا عددا من نواقيس الخطر حيث أن دولة الجنوب في حالة إعلان انفصالها ستكون دولة مغلقة تحتاج منفذاً نحو البحر. ومع إن الدولتين توصلتا لترتيبات خاصة بشأن استعمال إثيوبيا لميناء عصب بعد استقلال إرتريا إلا أن كل هذه الترتيبات ذهبت أدراج الرياح مع هبوب أول عواصف الخلافات بين البلدين مما جعل إثيوبيا تبحث عن بدائل أخرى في السودان وجيبوتي.
    يظل السؤال مطروحاً لماذا فشلت الحكومتان الإرترية والإثيوبية في إقامة مشروع للتعاون بينهما بالرغم من العلاقات النضالية التي كانت قائمة بين حركتي التحرير في الفترة الأخيرة من حكم الديرق في إثيوبيا ، وبالرغم من الخلفية الثقافية المشتركة للنخبة الحاكمة حاليا في البلدين. ولماذا بلغت الأمور بينهما حد الحرب الطاحنة التي أتت على الأخضر واليابس وقادت للعديد من المآسي الانسانية. لا شك أن الكثير من الأسباب تتعلق بالقيادات التي تسيطر على الأمور في البلدين وبطبيعة النظامين الحاكمين فيهما. فبالرغم من العلاقات الحميمة التي كانت تقوم بين جبهتي التحرير خلال فترة النضال ، وبالرغم من الخلفية المشتركة إلا أن الأمور لم تكن تسير دائما على مايرام حتى عندما كان العدو المشترك واضح المعالم. وتعود معظم الخلافات خلال فترة النضال بسبب الرؤية الفكرية للحرب ضد العدو المشترك ، والتقييم الفلسفي لمواقف الأصدقاء ، والاستراتيجة النضالية المناسبة. غير أن هناك أسباب تتصل بطبيعة العلاقة غير المتوازنة بين الجبهتين فقد كانت الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا هي الأرسخ قدما في مجال النضال ضد الحكومات الإثيوبية المتعاقبة ، والأقدر على استقطاب الدعم الدولي لقضاياها النضالية. كان هذا سبباً كما هو متوقع بأن يحس قادة الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا بأنهم أوصياء على أشقائهم في الجبهة الشعبية لتحرير التقراي. وقد نشأت المشكلة بعد استقلال إرتريا وتحرير إثيوبيا عندما اختلفت موازين القوى ولم يكن بالإمكان استمرار العلاقة التي كانت سائدة خلال حرب التحرير.
    بدأت نذر الحرب الحدودية بين البلدين في يوليو 1997 عندما قامت القوات الإثيوبية بغزو قرية "عدي مروق" في القطاع الأوسط من الحدود ، غير أن الجانبين تمكنا من تجاوز الازمة وقتها عبر رسائل متبادلة بين الرئيسين أفورقي وزيناوي وتكوين لجنة مصغرة لمعالجة الموضوع. وفي محاولة لحفظ هذه المسألة في أضيق إطار على حد قول الرئيس أسياس أفورقي لصحيفة "إرتريا الحديثة" فإن المعلومات عن الحادثة لم تكن متاحة حتى بالنسبة لبعض الوزراء في الحكومة الإرترية. غير أن هذا الأسلوب في المعالجة لم يضع حداًُ للتوتر في العلاقات بين البلدين ، بل استمر السرطان يستشري في جسد العلاقة بين الدولتين بالرغم من الوشائج القوية التي كانت تربط بين النظامين. ذهب عدد من المراقبين إلى أن المشاكل البسيطة التي كان بالإمكان حلها في حينها تطورت بصورة كبيرة قادت في النهاية للحرب الحدودية في البلدين ، وقد أورد هؤلاء عدداً من الأسباب لذلك لعلها أهمها:
    - التكتم الشديد الذي تعامل به النظامان مع المشاكل التي أطلت برأسها ، وطبيعة النظامين التي تركز علمية اتخاذ القرار في يد فئة قليلة من الأشخاص إن لم يكن في يد شخص واحد فقط.
    - انعدام المرجعيات الشعبية التي كان بإمكانها أن تقوم مسار الحكومات في حالة انحرافها عن جادة الصواب ، بالاضافة لتغليب النظامين المكاسب الآنية على العمل الجاد من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية.
    - ثقة الرئيسين أفورقي وزيناوي في الروابط الشخصية بينهما واعتقادهما بأنها يمكن أن تتجاوز أي عقبات في طريق العلاقات بين البلدين. لذلك فإن الرئيسين لم يوليا اهتماماً يذكر لإقامة المؤسسات والآليات التي يمكنها رعاية هذه العلاقات وتجاوز مواقع الزلل فيها.
    - غفلة أو تغافل المجتمع الدولي وبصفة خاصة القوى الفاعلة فيه عن تفاعل الخلافات بين البلدين ، وعدم التعامل معها بصورة جدية إلا بعد أن وقعت الحرب.

    مما لا شك فيه أنه ما من أحد في الشمال أو الجنوب يرغب في أن تتكرر مأساة الحرب الإرترية الإثيوبية في السودان ، غير أن مجرد النوايا الطيبة لا تكفي لضمان تفادي مثل هذا الاحتمال خاصة وأن العديد من نقاط الخلاف العالقة لا زالت تحتاج للحل. وإن كان الشريكان قد تاخرا كثيراً في بذل الجهد المناسب لجعل الوحدة جاذبة ، فإن التلاوم وحده لن يجنب البلاد المزالق المحتملة في حالة انفصال الجنوب. ولحسن الحظ فإن الجميع يدرك خطورة الموقف كما أن الجميع يرفض العودة لمربع الحرب مرة أخرى ، لذلك فإن الوقت للتحرك في الاتجاه الصحيح هو الآن ولا بد أن تكون تحركاتنا محكمة بحيث لا نترك أي شئ للصدف حتى لا تأخذنا تطورات الأحداث على حين غرة.
    نستعمل كلمة "انفصال" كما وردت في بروتوكول مشاكوس.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de