الخرطوم: محمد جادين- صابر حامد قرّر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، تمديد الفترة الاختبارية التي قررها سلفه باراك أوباما لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان لمدة ثلاثة أشهر تنتهي في 12 أكتوبر المقبل، ورداً على ذلك جمد الرئيس عمر البشير لجنة التفاوض مع الولايات المتحدة طوال فترة التمديد، بينما رأى وزير الخارجية إبراهيم غندور بأن الحكومة لم يُعد لديها ما تقدمه الى واشنطن أكثر مما قدمته، وأكد تعاون الخرطوم مع واشنطن في كل الملفات إقليمياً ومحلياً ودولياً وأعرب عن أسفه لعدم رفع العقوبات عن البلاد، ودعا لمراجعة القرار. وأجرى ترامب تعديلات على الأمر التنفيذي الذي أصدره سلفه أوباما، بأن تكون المهلة المقررة للبت في رفع العقوبات عن السودان 12 أكتوبر المقبل بدلا عن 12 يوليو الجاري، لإجراء مزيد من التقصي والتقييم والتحليل لتصرفات حكومة الخرطوم. وأعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، في بيان إن العقوبات "سترفع بالكامل إذا واصلت الحكومة السودانية أعمالها الإيجابية، ولا سيما الحفاظ على وقف الأعمال العدائية في مناطق نزاع في السودان، وتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى السودان، وإبقاء تعاونها مع الولايات المتحدة لمعالجة النزاعات الإقليمية والتهديد الإرهابي". وأضاف البيان أنه "مع إقرارها بأن حكومة السودان أحرزت تقدما كبيرا في العديد من القطاعات، فإن الإدارة (الأميركية) قررت أنها بحاجة لمزيد من الوقت لهذه الفترة الاختبارية". وكشف تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" أن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى قللوا من قرار ترمب، وذكروا أن الهدف في نهاية المطاف هو رفع العقوبات كلياً عن السودان، وذكرت أن مسؤولاً أمريكياً رفيع المستوى شارك في عملية تقييم التزام السودان قال: إن ترمب اتخذ قراره رغم التوصية برفع العقوبات من مؤسسات معنية، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية تفكر في تعيين مبعوث خاص للسودان وجنوب السودان. وأفاد أن الولايات المتحدة لا تريد التعليق على قرار البشير بتجميد لجنة المفاوضات مع أمريكا، وألمح أن المحادثات مع الخرطوم ستمضي قدماً على أعلى مستوى. وأضاف المسؤول الأمريكي: إن إدارة ترمب تحتاج "وقتاً قصيراً" إضافياً لتقييم السودان، ورجح رفع العقوبات نهائيا في نهاية الـ ٣ أشهر حال حقق السودان بعض التقدم الإضافي. كما أقرت وزارة الخارجية الأميركية بأن السودان أحرز "تقدما كبيرا ومهما في الكثير من المجالات" لكنها قالت إن الأمر يحتاج إلى ثلاثة أشهر أخرى لتقييم الخطوات القادمة".وقالت إن "الإدارة الأميركية ملتزمة بتكثيف المشاركة مع حكومة السودان بشأن مجموعة من القضايا الحيوية، بينها تحسين أوضاع حقوق الإنسان كفالة الحريات الدينية، بجانب ضمان التزام السودان بالتنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن الدولي فيما يخص العقوبات على كوريا الشمالية". وأضافت "سترفع الولايات المتحدة العقوبات إذا أحرزت الحكومة السودانية تقدما مستمرا في هذه المجالات بنهاية فترة المراجعة الممتدة". من جانبه أصدر البشير قراراً جمهورياً بتجميد لجنة التفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى 12 أكتوبر، وتضم اللجنة ممثلين للحكومة من وزارة الخارجية وجهاز الأمن والمخابرات الوطني ومسؤولين رفيعين في الحكومة. بدوره وصف وزير الخارجية إبراهيم غندور في تصريحات صحفية بوزارة الخارجية أمس، القرار بالأمر المؤسف بعد التعاون الذي تم بين السودان والولايات المُتحدة خلال الفترة الماضية، وأشار إلى أنه باعتراف كل الجهات الأمريكية فإن السودان أوفى بما عليه، وأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية من خلال خطط المسارات الخمسة أوفت بكل ما عليها عدا البند الخاص برفع العقوبات، وقال: "بالتالي نخشى أن يكون هذا إعادة لما كنا دائماً نكرره بأن الجانب الأمريكي لا يصل إلى نهاية المطاف أبداً هو يحاول أن يقطع المسيرة"، وأضاف: "السودان ليس لديه أكثر من ذلك ليقدمه، وقد تعاون في كل الملفات إقليمياً ومحلياً ودولياً، وبالتالي نأمل أن يُراجَع هذا القرار وتُرفع العقوبات الجائرة علي السودان". وشدد غندور على أن بند حقوق الإنسان ليس واحداً من البنود التي ناقشها السودان مع الولايات المتحدة وفقاً للمسارات الخمسة، وقال: "نأسف لاتخاذ هذا القرار بعد هذه الفترة الطويلة من الحوار بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية، وفقا لخطة المسارات الخمسة". وأشار إلى اعتراف الولايات المتحدة والمجتمع الأفريقي والدولي بأن السودان أوفى بما عليه، وتابع: "كل المؤسسات الأمريكية أكدت ذلك في حواراتنا الثنائية الشهرية ونصف الشهرية الفنية والسياسية، وتم التأكيد على ذلك، ولا نرى سبباً لهذا التمديد". وأضاف غندور إن الحكومة ما زالت تتطلع لرفع هذه العقوبات عن السودان، وقال: "ما التزمنا به سننفذه، ولكن ليس لدينا المزيد، وحقوق الإنسان ليست جزءاً من المسارات الخمسة"، وشدد على أن حقوق الإنسان السوداني محفوظة، والكل يعلم ذلك، ونظرة واحدة في هذا البلد تؤكد هذا الأمر. وأشار إلى أن إثارة ملف حقوق الإنسان خلفه فئات ضغط مستفيدة من الحصار على السودان ومن رفع شعار الحرب في دارفور والمنطقتين، وقال إنها تجاوزها الزمن، وأكدت ذلك التقارير الدولية والإقليمية، وزاد: "لكنهم يظلون يرفعون شعارات وتقارير عفا عليها الزمن، وفي بعض الأحيان نرى تقارير مُضحكة ومفركة عن السودان". إلى ذلك أعلن رئيس المجلس الوطني البروفسير إبراهيم أحمد عمر عقد اجتماع طارئ لهيئة قيادة المجلس الوطني "الرئيس ونوابه ورؤساء اللجان الدائمة" اليوم (الخميس) لمناقشة قرار ترامب. وقال عمر في تصريحات صحافية مقتضبة بالبرلمان أمس تعليقاً على قرار تمديد العقوبات، إن البرلمان سيعقد اجتماعاً اليوم لمناقشة تداعيات القرار. وأكد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان محمد مختار في تصريحات صحافية أن اجتماع قيادة المجلس الوطني سيصدر بياناً حول القرار الأمريكي. بدورهم اعتبر نواب بالمجلس الوطني أن الأزمة الخليجية الحالية ألقت بظلالها على قرار الإدارة الأمريكية بتمديد العقوبات، ودعوا إلى ضرورة تبني موقف واضح تجاه الأزمة الخليجية بالوقوف إلى جانب المملكة العربية السعودية لاسيما وأنها سعت لرفع العقوبات، وقالوا إن عدم وضوح موقف السودان من الأزمة الخليجية ألقى بظلاله بصورة عامة على قرار تمديد العقوبات. وقال القيادي بحزب المؤتمر الوطني البرلماني محمد الحسن الأمين في تصريحات صحافية ، إن قرار تمديد العقوبات سياسي وغير مسنود بأي حيثيات، متهماً جهات ـ لم يسمها ـ بأنها نافذة ومؤثره على السياسة الأمريكية عملت على عدم الرفع الكامل للعقوبات، وقال إن أزمة الخليج فرضت نفسها رغم أن السودان ليس جزءاً منها، مشيراً إلى أنها ألقت بظلالها على الأوضاع بصورة عامة، وتابع: "قطر التي تحارب الإرهاب بالرغم من ذلك متهمة بتمويل الإرهاب، لذلك فإن أي عدو لك سيتهمك بمحاربة الإرهاب". واعتبر البرلماني المستقل مبارك النور في تصريحات صحافية أمس، تصريحات المسؤولين بالحكومة حول العقوبات لعبت دوراً في تمديد العقوبات لجهة أن بعضهم كان يتحدث بأسلوب فيه تحدٍّ لأمريكا، وقال إن أزمة الخليج ألقت بظلالها كذلك على تمديد العقوبات، وأضاف: "طالبنا من قبل بالوقوف مع السعودية لأنها تساعدنا في رفع العقوبات، لذلك سوف نجلس مع قيادات المؤتمر الوطني لإقناعهم بالوقوف إلى جانب السعودية في الأزمة الخليجية".
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
صحيفة الصيحة السودانية
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست