في التاسع من مارس 2016، سافر الرئيس السوداني عمر البشير إلي السعودية لحضور نهاية المناورات العسكرية المشتركة (برق الشمال)، والتي أجرتها قوات التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ويحارب حالياً في اليمن مع احتمالية اتساع نطاق عملياته للتدخل في مناطق اخرى بالمنطقة العربية. سافر البشير إلي السعودية بعد حضوره من قمة منظمة التعاون الإسلامي في جاكارتا ليبقي يوماً واحداً في الخرطوم مستقبلاً للرئيس التشادي إدريس ديبي، قبل أن يغادر كليهما إلى السعودية اليوم التالي للزيارة لحضور مناورات (برق الشمال).
وكان الرئيس البشير في إبريل 2015، قد ألغي زيارته الي جاكارتا نفسها لحضور القمة الأسيوية الأفريقية في اللحظة الأخيرة تخوفاً من التعقيدات الدبلوماسية والأمنية التي قد تسببها مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية. حيث منعت السلطات السعودية في وقت سابق مرور طائرة البشير الرئاسية عبر أجوائها في طريق رحلته إلي إيران، ويومها طافت طائرة البشير لمدة 45 دقيقة في خارج الأجواء السعودية في محاولة للحصول على تصريح المرور قبل أن تضطر الي العودة إلى الخرطوم وإلغاء الرحلة في إهانة واضحة من السلطات السعودية للبشير. ولكن التطور الجديد مؤخراً ان كل رحلات البشير فوق أجواء المحيط الهندي والخليج العربي أصبحت تتم على متن طائرة مملوكة للخطوط الجوية السعودية!
وعلى إثر التقارب بين الدولتين، قامت الحكومة السودانية بالابتعاد المفاجيء عن التحالف مع إيران بقطع علاقات معها. وتتمثل العلامة الأبرز والأكثر خطورة للتقارب السوداني السعودي في المشاركة السودانية العسكرية الواسعة في التحالف السعودي ضمن عمليات "عاصفة الحزم"، وما صاحبه من دعم عسكري ومادي لجيش النظام السوداني والمليشيات التابعة له. هذا الدعم سهل للحكومة السودانية زيادة حدة عملياتها العسكرية في حروبها الداخلية في دارفور وجبال النوبة/جنوب كردفان والنيل الأزرق، الامر الذي سيضع المملكة العربية السعودية شريكاً في هذه الجرائم في المستقبل القريب. ومنذ وفاة الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز، وتنصيب أخيه سلمان ملكاً في يناير 2015، شهدت السياسة الخارجية للمملكة تغيراً كبيراً خاصة في التقارب مع السودان. ويرجح أن لذلك علاقة بما عرف عن العلاقة الوطيدة لنائب ولي العهد وابن الملك السعودي (محمد بن سلمان) ودعمه لدوائر الإسلام السياسي، وفي مقدمتها النظام السوداني. وتنظر المملكة في نسختها الجديدة الي علاقتها مع البشير كمورد جيد ورخيص للكادر العسكري لخوض الحروب البرية كما يحدث في اليمن حالياً، وتعرض الجيش السوداني للموت الجماعي هنالك في حروب تخدم فقط مصالح الحزب الحاكم ولا تعني السودان والسودانيين في شي، مع احتمال تمدد ذلك واستخدامهم في حروب داخلية اخرى مثل سوريا والعراق، الامر الذي سيجعل من الجيش السوداني النظامي اقرب ما يكون الى قوات من المرتزقة يتم تأجيرها لخوض حروب خارجية لا تسندها عقيدة قتالية او مصالح قومية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة