نقد الخطاب الدينى مقال رصين لعطبراوى جدير بالقراءة بتمعن ودراسة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 04:57 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-30-2007, 07:41 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30716

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نقد الخطاب الدينى مقال رصين لعطبراوى جدير بالقراءة بتمعن ودراسة

    Quote: مع كل ذلك الغموض والضبابية التي شكلت وما زالت مفهوم "الامتثال" على الأقل في سياقه التعميمي الذي نتوخاه هنا والمتسق مع عمومية المعنى ومطاطية تداوله المستبطن الخطاب الديني في سيرورته كلاسيكيا كان أم معاصرا، إلا أنه ظل سمة كل المجتمعات الإسلامية ذات البنى البطريركية وعبر التاريخ يمثل "حصان طروادة" الذي تتخفى في باطنه كل أشكال صراعات السيطرة الاجتماعية والسياسية لهذه المجتمعات. كما أبقى على كل مسوغات القهر الاجتماعي والاضطهاد التراتبي إن لم يكن قد استطال واسبغ عليها معنى تيولوجي واخلاقي في ذات الوقت. والأمر في شق منه لا يخلو من تلك اليقينية المذهلة المسيطرة على مجمل الذهنية الإسلامية فيما يخص أحادية المعنى وتجليات وضوحه المفضي بالطبع إلى أحادية الحقيقية المطلقة والتي لا تشوبها شائبة ولا تلتبس إلا على الذين "في قلوبهم مرض"!!. ومن هنا يظل الامتثال سلاح أيديولوجي ناجع تدار بواسطته كل المعارك الدينية، السياسية ، الثقافية والاجتماعية بغية السيطرة والحفاظ على الامتيازات التاريخية والإبقاء عليها بمنجى من "الديالكتيك" التاريخي والذي لا يألو جهدا في تحريك فعله المزلزل ، أو بالمقابل الحصول على امتيازات غير محسومة في واقع هش مترجرج وقابل للتشكل.
    والحال هكذا، فقد ظل "الامتثال" كمفهوم في واقع انحطاطا الوعي الديني على المستوى الجمعي وسيطرة الأحادية كانعكاس لنمطية المعرفة التلقينية للعقل في المجتمع البطرياركي الاسلاموي، الحلقة الأضعف في التصور الاعتقادي والتي من خلالها تنفذ الأيدلوجيات السلطوية لتدير وتحبك كل ألاعيب الصراعات الحياتية بالمعنى الواسع لكلمة صراع. فعلى المستوى السلطوي- السياسوي يتيح مفهوم الامتثال إزاحة الله بمنتهى الهدوء لصالح السلطة أو الطبقة المهيمنة والتي تجير الامتثال في هذه اللحظة لمصلحتها وبما يتفق ويدعم أطروحاتها المهيمنة. ولذا تشتط في المطالبة بذات الامتثال للإرادة الإلهية والرضوخ لمشيئتها العليا وبذات الصبر واليقين المتوجه به إلى الله والا فإن "الله- السلطة" شديد العقاب!!. وفي هذا السياق نجد أن "المعارضة" بالمعنى الواسع للكلمة، تمثل التضاد الطبيعي للامتثال أي "الكفر" الموجب للهلاك" معنويا كان أم استئصاليا. والهلاك في شقه المعنوي ووفقا لقاموس السلط السياسية هو : الخيانة، العمالة، التآمر، الطابور الخامس...الخ" ويمثل في ذات الوقت مرادف دلالي – في الشق المعنوي - للفظ "هالك" في القاموس اللاهوتي السلفي. ويتكاثف المدلول والمعنى كلما اقترب المجتمع في تراتبيته الأبوية من سيطرة السلط الدينية. فالسلطة الثيوقراطية تذهب بعيدا في مطالبها الامتثالية لأنها ترى في نفسها صورة الله فتحل محله تماما بحيث تكون هي هي الله والله هو هو هي ، إن جاز لنا استخدام التعبير الصوفي. ويظل الامتثال في هذه اللحظة مطلب أساسي وملح للسلط الثيوقراطية والطبقية الدينية يتمحور في عدة أشكال وابعاد ويتفرع ليغمر كافة تفاصيل الحياة الاجتماعية والبيروقراطية ليصب في مجرى السلطة المركزية أو الله المتعين في الزمان والمكان.
    فالامتثال والإقرار بصحة فتاوى رجال الدين والارتهان لنفوذهم الروحي والاعتماد على ترجمتهم الوحيدة و"الأمينة" لما يجب أن يكون عليه الدين والحياة – وهي الرؤية المتسقة غالبا مع استراتيجية الدولة – يجب أن لا يكون مكان شك أو اعتراض لأنه بالمقابل يفسر على أنه اعتراض على الامتثال للإرادة الإلهية العليا.
    وإذا أخذنا المرأة كنموذج صارخ لتجليات ممارسة ألاعيب الامتثال الإلهي وفق مفهوم الذهنية البطريركية سنجد أنها الأكثر تضررا ومعاناة نتاج هذا الكم الهائل لهذه الألاعيب الامتثالية. فتعرضها عبر التاريخ لسلسلة الشروحات والتفاسير وتفاسير التفاسير للأحاديث المدججة بكل الاكراهات الذكورية، يجعل منها كائن معملي بامتياز لاختبارات مفهوم الامتثال الإلهي خصوصا في مجتمعات المد السلفي أو تحت سيطرة الدولة الثيوقراطية. فالامتثال "الإلهي" المطلوب من النساء هو في حقيقته ذلك التنازل الطوعي لحقوق المواطنة والإنسانية التي جادت ببعض منها الإنسانية المعاصرة في صراعها الطويل والسرمدي لتجسيد معاني الحرية والإنسانية والكرامة بغض النظر عن التباينات الجنسية ، الدينية ، العرقية أو الثقافية ، والتي باتت مضمنة تقريبا في كل دساتير الدولة القومية "الحديثة" شكلا كان ذلك أم مضمونا والمتورطة في تبعاته هذه المجتمعات الإسلامية البطريركية. وما حيلة الضغط على مفهوم الامتثال للإرادة الإلهية إلا نوع من الالتفاف على هذه الحقوق "الدستورية" والتي يمارس بشأنها انتقاء مفزع يفتقد إلى أبسط معايير الأمانة والإنسانية. فمثلا، في دولة مؤسسات عصرية كالسعودية ، رغم إشكالية مفهوم "الدولة" في بلد كالسعودية، تظل أهلية المرأة وحقوقها كمواطنة مكان شك كبير، وقد يكون هذا هو حال "المواطنة" – بفتح الطاء- بشكل عام هناك بعيدا عن التصنيفات الجندرية، ولكن مع ذلك يظل وضع المرأة الدستوري في غاية المأساة مقارنة بالرجل. فهي حتى وقت قريب ، إن لم يكن حتى الآن، لا تملك صفة اعتبارية خاصة بها، حيث أنها تضاف ضمن الأوراق الثبوتية "حفيظة النفوس" لرب العائلة أو الزوج عند زواجها أو منعها من استخراج رخصة قيادة سيارة ... الخ من التمييز المنافي لأبسط حقوق الإنسان،
    هذا فضلا عن تعويق حركتها هناك في الحياة العامة بكثير من المتاريس الكفيلة بتحجيمها وعزلها تماما. وفي السودان وبعض الدول الإسلامية فالأمر ليس أقل سوءا ، ففي حين أن الدولة تمنح المرأة – في سامحة ولين- أوراقها الثبوتية والتي من ضمنها جواز سفرها إلا أنها وحتى وقت قريب كانت تحجر عليها حرية السفر لوحدها بحجة أنها "حرمة" حتى وان كانت سفيرة أو قاضية أو أستاذة جامعية مرموقة!. ومع ذلك لا نعدم نفاق بعضهن في تثمين مثل هذه المواقف المتناقضة بحجة أن ذلك امتثال للإرادة الإلهية. والأمر في سياقه الحقيقي قد يبدو مفهوما حين نقترب من حقيقة أن هذه المساحات من الحرية المحدودة التي أتيح لبعضهن استثمار عائدها المادي والمعنوي لمصالح منفعية شخصية ضيقة لم يكن يوما استراتيجية نهضة اسلاموية بقدر ما أنه امتياز إنساني – تاريخي فاض عائده ليشمل الكل. ومع ذلك تأتي هذه المواقف المتراخية والآراء الفجة التي تجود بها جمهرة الاسلامويات بغية مرضاة البطريركية الدينية ، المجتمعية والسياسية ،على حد سواء، للحفاظ على مكتسبات فردية على الصعد البيروقراطية والاجتماعية أو حتى السياسية حتى وان كان الثمن تقويض الأسس الفلسفية والأخلاقية التي انبنت عليها المدنية الحديثة القائمة على نظم التعليم الحديث كمنارات للوعي ومصدات لعهود التخلف والقهر الاجتماعي.

    والأسرة في المجتمعات البطريركية مناط بها دور بنيوي خطير في تكريس مثل هذا النوع من الامتثال، "فرضى الله في رضى الوالدين" التيمة النموذجية التي تقف عليها ديمومة التقاليد والثقافة البطريركية المجتمعية بأكثر المعاني عمقا لمصطلحي تقاليد وثقافة، وذلك من خلال ميكنزمات عملها في تجيير المعنى الامتثالي لصالح الهيمنة الأبوية العائلية والتغول على مصير الأبناء في كافة التفاصيل الحياتية. فرضى الوالدين يمثل هنا في الذهنية الأبوية مصادرة حق الأبناء ،مثلا، في اختيار مستقبلهم الأكاديمي والذي يجب أن يخضع لارادة الامتثال لـ"رب" العائلة فهو المعني وحده بتحديد وجهة المستقبل لابناءه، وقد يستطيل الأمر إلى انتهاك خصوصيات أخرى مثل الزواج،حيث يجب أن لا تخرج البنات/ الأبناء من الطوع عادة وإيكال هذا الأمر "الهام" للعائلة لاختيار شريك الحياة "المناسب"!.

    نستطيع أن نتوغل كثيرا وعميقا داخل بنية الوعي الامتثالي لنخرج بكم هائل من المشاهد الحياتية الداعمة لما نقول، وكذلك تتبع مسار ميكانيزمات عملها التعويقي لمحاولات النهوض ، ولكن المقام لا يتسع. فما نخلص إليه عبر هذه المقالة المقتضبة هو أنه ومع إقرارنا بأهمية "الامتثال" للأوامر الإلهية من حيث كونها ترجمة مادية لمفهوم الاعتقاد كمعنى روحي، إلا أن ذلك يجب أن لا يلهينا عن حقيقة بينة ما فتئ حراس التقاليد والامتيازات التاريخية من رجال دين وسدنة سياسية وطبقية اجتماعية يلتفون عليها ويفعلون ما بوسعهم لتغييبها أو تأجيلها لأطول مدى ممكن، ألا وهي، تأكيد مشاعية المعرفة الدينية دون احتكار لمدلوليه حق المقصد الإلهي وتأكيد تباين المفاهيم والقدرات طبقا لتباين الإمكانيات العقلية وتمايز الثقافات والمراجع الفكرية وبالتالي نسبية الحقيقة أو بالأحرى تعدد أوجهها. إن الحديث عن دين فوق الزمان والمكان لا يمكن أن يحدث إلا في ظل شيوع قيم الجهل والخرافة وغياب الوعي وبالتالي احتكار حق المعرفة لدى قلة من الناس توظفها لمصالحها الدنيوية واستغلال العامة المستسلمة لجهلها ويقينها فيما تتلقاه بالوكالة. الشاهد أن هذا هو واقع اليوم. فالمعرفة محتكرة للقلة ممن يعرفون زورا وبهتانا "بعلماء الدين" والمتواطئون ، غالبا، مع السلط الرجعية والشموليات السلطوية ، لذلك يظل "المعنى" في كل الأحوال معلبا وجاهزاً في الأرفف وما على العامة سوى شرائه واستخدامه. ولما كان الامتثال مطلب مثالي للحفاظ على بنى التخلف ، لذا اكتسب قيمة معنوية وأهمية تسويقية عالية في سوق المعنى البطريركي ،وهذا وحده ربما يفسر لنا سر هذا الخنوع الذي يشكل شخصية مجتمعاتنا.

    عبد الخالق السر/ ملبورن
    26/3/2007م
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de