|
قراءة في تداعيات أحداث المهندسين:أمن المواطن في انتظار قرار سياسي
|
قراءة في تداعيات أحداث المهندسين:أمن المواطن في انتظار قرار سياسي تقرير : نزار عبد الماجد
لم يعد مستغرباً أن يتلقى قاطن الخرطوم (العاصمة) أخباراً عن اشتباكات مسلحة بين القوات النظامية وإحدى الحركات أو المليشيات المسلحة.. والتي قنن وجودها بمقتضى قرارات سياسية، وفقاً لاتفاقيات موقعة (بالتوالي) في نيفاشا وأبوجا، فقبل أن يفيق الناس مما كان يجري على عهد محاكم السلاطين فوجئوا بأحداث هنا وهناك يعبر عنها واقع السلاح المنفلت المرتهن بالقرار السياسي والمتعالي على القانون, ويتساقط الضحايا تباعاً وهم أما يؤدون أعمالهم أو يحاولون الحفاظ على مكتسبات أعطيت بقرارات سياسية.. ولأنه لا يمكن التهاون أو التفريط في أمن المواطن الخاص، وبالتالي تظل قوات الشرطة هي المناط بها تطبيق القانون واصطحاب هيبة الدولة وهي تتعامل مع الشعب، توجيهاً وإرشاداً واعتقالاً وخلافه لا يوقفها سوى حدود القانون الموضوع. ولكن المتابع لكل الانفلاتات الأمنية بدءاً من أحداث الاثنين مروراً بالاحتكاكات مع المليشيات الجنوبية ومحاكم السلاطين وخروج حملة السلاح من الحركات الموقعة للاتفاقيات هنا وهناك كان مرجحاً بالقرار السياسي ..
نيفاشا .. آثار سالبة
مصدر فضل عدم ذكر اسمه تقلد من قبل مسؤوليات وزارية وأمنية رفيعة أكد أن القرار السياسي يؤثر على كل شأن في حياة الناس أمنياً واقتصادياً، وأن السكون عن اتخاذ القرار له آثار سالبة. واشار إلى أن السلبيات الكثيرة التي صاحبت نيفاشا أدت لفتح جبهات عديدة ، وأن الانفلاتات الأمنية جزء من ذلك، ونوه لخطورة وجود مسلحين داخل الأحياء .
وقال إن القرارات السياسية يجب أن تكون مؤسسة على المصالح القومية بعيداً عن الأجندات الشخصية والمكتسبات السياسية وأن تكون ملزمة لكل الأطراف بحيث تتحمل مسؤولياتها، ويكون كل هذا منضبطاً بقانون واضح وصريح ملزم للجميع، وأوضح أن التسوية السياسية التي حدثت في نيفاشا وأبوجا صالحت قوات مسلحة موجودة ومنتشرة وليس هناك مقدرة لتجريدها من أسلحتها ما لم يكن هناك قرار سياسي، وأكد أن الأجهزة التنفيذية مقيدة بالقرار السياسي. وشدد على ضرورة أن يكون القرار السياسي في مصلحة الوطن والمواطن، منوهاً لضرورة الابتعاد عن ما يمكن أن يمثل ضغطاً سياسياً يفرز آثاراً سالبة كأخذ القانون بالقوة، وإعطاء صلاحيات واسعة لجهات تحمل السلاح.
لسان الدولة
وكان وزير الداخلية البروفيسور الزبير بشير طه قد توعد باتخاذ إجراءات مشددة تجاه حاملي السلاح بالخرطوم، وقال إن مثل هذه الأحداث لا تنذر بتراجع عن إنفاذ اتفاق السلام بين الحكومة وحركة تحرير السودان جناح مني أركو ميناوي. مؤكداً وجود تفاهمات سياسية سبقت هذه الأحداث.
وطالب مساعد المدير العام للشرطة بولاية الخرطوم الفريق محمد نجيب بضرورة نزع السلاح من الأفراد والمجموعات المسلحة طواعية أو من خلال تنفيذ القانون، مشدداً على ضرورة اتخاذ القرارات السياسية المناسبة حيال ذلك.
فوضى السلاح .. في انتظار قرار سياسي ملزم
الخبير الاستراتيجي والأستاذ بجامعة الزعيم الأزهري اللواء د. محمد العباس قال إن ما حدث بالمهندسين نتيجة طبيعية لعدم سيطرة الحكومة على سلاح الجماعات السياسية المسلحة التي وقعت اتفاقيات مع الحكومة، وأشار لخطورة إسكان هذه القوات في الأحياء المدنية نسبة لعدم توفر المعسكرات التي يحفظ فيها الانضباط العسكري والمفترض وجودها خارج حدود السكن العام للمواطنين.
وعزا العباس ما حدث لغياب عملية تثقيف وتنوير وتعليم هذه القوات الحياة المدنية الجديدة التي أقبلوا عليها، ولعدم معرفتهم وإلمامهم بالقوانين، وكيفية التعامل مع أجهزة الأمن والشرطة، والتعامل مع المواطنين من ناحية العلاقات الإنسانية وحسن الجوار.
وشدد العباس على ضرورة اتخاذ القرارات السياسية المناسبة لحسم فوضى السلاح والتقيد بالاتفاقيات المبرمة، ووضع شروط محددة وضوابط معينة لحفظ السلاح.
وقال إن القيادات السياسية والتنفيذية للحركات الموقعة على الاتفاقيات أصبحت شخصيات قيادية بالدولة، وأن مسؤولية حمايتها تقع على عاتق أجهزة الدولة. الشيء الذي يتطلب توحيد المسؤوليات الأمنية، وأن الأمر برمته يقع على عاتق شرطة ولاية الخرطوم. ونوه العباس لضرورة حسم وجود السلاح في أيدي المليشيات مهما كان الموقع السياسي لحامل السلاح, مذكراً بأن الاتفاقيات السياسية تحدد عملية الدمج وإعادة التأهيل، مما يدعو لتنفيذ هذه الاتفاقيات حرفياً، والانتباه لما ورد في اتفاقيتها الأمنية لحسم فوضى السلاح باتخاذ القرارات السياسية المناسبة والملزمة لكافة الأطراف.
تقرير : نزار عبد الماجد
|
|
|
|
|
|