قصة مهندسين سودانيين يعملون في صمت لإعادة الحياة لمصنع سكر بعد عشرين عاما من التوقف

Quote: سونا تقف علي قصة مهندسين سودانيين يعملون في صمت لأعادة الحياة لمصنع سكر بعد عشرين عاما في حوار مع المهندس رابح بنيجيريا: - (سونا) تقف علي قصة مهندسين سودانيين يعملون في صمت لإعادة الحياة لمصنع سكر بعد عشرين عاما من التوقف أجري الحوار محمد أحمد عبد الرحمن-أبوجا ابوجا فى 3/24 (سونا) الحملات الإعلامية المكثفة ضد كل ما هو سوداني جعلت اي قصة نجاح سودانية بالخارج قصة مثيرة للدهشة وأذا كانت الصين قد قهرت الإسطورة السائدة منذ عهد الآلة البخارية ان التنمية الصناعية معجزة وسحر لاتجيده إلا الأيدي الأوروبية فان مجموعة من المهندسين السودانيين بالتعاون مع رجالات صناعة نيجيريين اثبتوا ان شعوب القارة قادرة علي انجاز الكثير من المشاريع الإنمائية الضخمة تمردا علي صيغ مشاريع التنمية التي صمموها لنا في شكل برامج الإغاثة ورفع الكفاءة و فض النزاعات. في هذا الأطار التقت (سونا) بأبوجا بمهندس سوداني يقود فريق من السودانيين يعملون في صمت في اعادة االحياة الي مصنع سكر ضخم متوقف عن العمل منذ فترة طويلة في أحدي القري النائية والتي تبعد ثمانين كيلومترا من يولا عاصمة ولاية اداماماوا التي تقع في شرق الحزام الأوسط من نيجيريا علي بعد 705 كيلومتر شمال شرق العاصمة ابوجا. المهندس شرح أبعاد التعاون التنموي بين الجانبين و التحديات التي واجهتهم وإلانجازات الإدارية والفنية الهائلة التي ولدها هذا التعاون والتي سيتم الإحتفال بها في الأسبوع الأول من ابريل من هذا العام. -الإسم المهندس احمد موسي رابح تخرجت من جامعة الخرطوم في العام 1978 من كلية الهندسة شعبة الهندسة الكيميائية ومنذ ذلك الوقت بدأت حياتي العملية في مصنع سكر كنانة وتدرجت في السلم الوظيفي للشركة حتي وصلت الي منصب نائب مدير المصنع. ما هي الظروف التي أتت بك الي أبوجاا؟ انا حالياً ومنذ عام 2003 منتدب من مشروع سكر كنانة كمدير عام لشركة سافنا سكر نيجيريا المتحدة SAVANA SUGAR التابعة لمجموعة شركات دانقوتي DANGOTE GROUP. وأنا في ابوجا لحضور إجتماعات مجلس إدارة الشركة والمشاركة في الحفل السنوي لتوزيع جوائز لأفضل الزبائن والموزعين. ماهي طبيعة العلاقة بينكم ومجموعة دانقوتي؟ العلاقة منظمة في إطار إتفاقية فنية تقوم بموجبها شركة كنانة بإحياء وصيانة وإدارة المصنع والذي كان متوقفا عن العمل وتحصلت عليه شركة داقوتي ضمن برامج الخصخصة التي تقوم بها الحكومة النيجيرية حالياً وقد تم توقيع الإتفاقية الفنية مع مجموعة شركات دانقوتي في يوليو 2003 وتستمر لمدة خمسة سنوات - كيف تم اللقاء بين رجل الأعمال النيجيري وبينكم ؟ سبق هذا التعاون إتصالات سابقة وتعاون فني سابق بين كنانة و رجل الأعمال النيجيري الناجح عليو دانقوتي فمنذ ان عرضت الحكومة النيجيرية مشاريع السكر للخصخصة فكر دانقوتي في شراء مصنعي سكر معروضة للخصخصة علما بان لديه مطاحن للسكر في لاغوس تنتج اكثر من مليون طن سنويا وذلك بمعاملة قصب سكر خام مستورد من الخارج. وقام فريق سوداني بتقييم فني لمصنعي السكر المعروضين للخصخصة وعلي ضوء هذا التقييم إتخذ دانقوتي قرار شراء مصنع سافنا شوقار في مارس 2003 وكان قد تضمن عرضه لشراء المشروع قيام شركة كنانة بادارة المصنع في حالة حصوله عليه وقبيل شراء المصنع قام دانقوتي بتنظيم زيارات ميدانية لمشروع كنانة بالسودان لكبار مسئولي الدولة النيجيريين بما فيهم السيد أتيكو أبوبكر نائب الرئيس وحاكم ولاية اداماماوا وكبار رجالات الإدارة الأهلية للمنطقة المضيفة للمصنع لاقناعهم بنوعية النموذج الذي يريد تطبيقه في منطقة المشروع. ماهي اكبر التحديات التي واجهتها وكيف تغلبت عليها ؟ أكبر واعقد المشاكل التي واجهتني هي مشكلة فشل الحكومة النيجيرية ممثله في ادارة الخصخصة في دفع حقوق العاملين الذين تم الإستغناء عن خدماتهم وتبلغ نسبتهم حوالي 80% من العمالة يعني حوالي 2000 عامل كلهم من سكان المنطقة المحليين بعد إسبوعين من وصولي قامت ما أصبح يطلق عليها مجموعة ال80 % بتشكيل حشود ضخمة كانت تزحف لمهاجمة المصنع وقد علمت انهم كانوا قد قاموا بحرق 3500 هكتار من قصب المزارع قبل وصولي وأستمرت عمليات الحرق خمسة أيام. تم إغلاق المشروع لمدة خمسة أشهر وأسفرت إتصالاتنا خلالها من قيام الجهات المعنية من تسديد خمسين بالمائة من المستحقات. هذه المشكلة تكررت عدة مرات لان الجهات المعنية لم تسدد بقية الخمسين بالمائة في الوقت الذي حددوه مع العمال. وأصبحت هناك لقاءات شبه إسبوعية بيننا وقد ساهم هذا التواصل في بناء الثقة وحاولنا تهديئة الأمر لعدة اسابيع بإختصار مشكلة العمالة أخذت منا سنة كاملة قبل ان تنتهي. كم عدد القوي العاملة السودانية بالمشروع ؟ يوجد 19 مهندس وفني في المصنع والمزرعة بطريقة ثابتة وهناك سبعة وعشرين ياتون في ماموريات قصيرة في المواسم. وكيف سار العمل بعد حل مشكلة مستحقات العاملين؟ كانت الخطة الأولي ان نمضي السنة الأولي في أعمال صيانة المصنع وتحضير الحقول علي ان نبدأ الإنتاج في السنة التالية بزراعة 3500 هكتار لتحقيق إنتاج قدره 12 الف طن بالسنة ولكن العوامل التي ذكرتها لك جعلت ذلك مستحيل. عمليات حرق حقول المشروع اضطرتنا الي البداية من الصفر وأختصرنا الأمر في زراعة 500 هيكتار وذلك لأنتاج التقاوي التي أستوردناها من مصنع آخر بولاية كوارا ومن مشروع كنانة بطائرات خاصة. المشروع تبلغ مساحته الكلية 30 الف هيكتار وليس لديه مشاكل في وفرة مياه الري لان لدية خزان مياه خاص به ولم يحقق طوال فترة عمله السابقة اكثر من 45 بالمائة من طاقته الإنتاجية علي مستوي العمل الميداني إستطعنا أن نغير نظم عمليات الري مما ادي الي مضاعفة الإنتاج خمسين مرة. مثلا كان المهندسون الأوائل يستخدمون طريقة السرابات القصيرة 40 الي خمسين متر وقمنا بإدخال نظام السرابات الطويلة والتي يبلغ طول الواحدة 2 كيلومتر. هذ التغيير يؤدي الي مضاعفة الإنتاج بطريقة درامية والمياة تصل الي نهاية السرابة القصيرة في وقت وجيز لايكفي لتشبع التربة بالمياة للدرجة الكافية في حالة نظام السرابة الطويلة تسير المياة لمدة اربعين ساعة حتي تصل الي النهاية مما يعطي القصب الإحتياجات المائية بطريقة كافية وهذا ينعكس تلاقائياً علي مستوي الإنتاج كما ونوعا. كما إن هذا النظام يخفض تكلفة الإنتاج حوالي اربعون مرة من حيث عدد عمال الري ويخفض تكلفة الحصاد. من ناحية المصنع قمنا بعمليات صيانة شاملة ولم هناك حوجة لتغيير الماكينات اوإستجلاب قطع غيار جديدة لان المصنع اصلا كان متوقفا معظم الفترات ولم تستهلك الماكينات ولكن كان هناك تدهور عام لعامل الزمن والصدأ وما الي ذلك. ومن حيث نوعية الأنتاج لاول مرة يقوم المصنع بإنتاج سكر أبيض اللون. ما الإنجاز الأخر الذي تريد الحديث عنه؟ في إطار الإتفاقية كان هناك مكون لنقل التكنولوجيا في هذا الإطار تم تدريب عمالة نيجيرية علي استخدام أكثر من عشرين الة زراعية في مجالات الرش والحصاد والزراعة وخلافه تم تطويرها في مشروع كنانة وأحضرنا مهندسين أثنين قاموا بالعمل جنبا الي جنبا مع الفنيين النيجيرين ودربوهم علي إستخدامها. ماهي علاقتكم مع المجتمع المحلي ؟ قدراتنا علي تشغيل المصنع أتاحت الفرصة لإعادة تشغيل معظم الذين شملهم التخفيض حيث ان بالمصنع الآن 700 عمال ثابتين والف عامل شبه ثابت وحوالي 2000 عامل موسمي هذا بحد ذاته غير العلاقة بين المصنع والمجتمع المحلي واعطي إحتراما كبيرا للسودان والسودانيين. كما ان حكومة الولاية وعلي رأسها الحاكم يقدرون دورنا وأبوابهم مفتوحة علي الدوام لنا وبداوا يكنون كثير من الإحترام للسودان وشعب السودان وساهمت مشاركتنا في هذا العمل كثيرا في تصحيح المفاهيم السائدة عن السودان بلد الحروب الأهلية والكوارث. الناس هنا فعلا مندهشين.