المصالحة الوطنية والمطالب التعجيزية....د. منصور خالد (15)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 02:46 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-19-2007, 01:27 AM

Abdelfatah Saeed Arman
<aAbdelfatah Saeed Arman
تاريخ التسجيل: 07-13-2005
مجموع المشاركات: 595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المصالحة الوطنية والمطالب التعجيزية....د. منصور خالد (15)

    عامان من السلام : حساب الربح والخسارة (15)

    المصالحة الوطنية والمطالب التعجيزية

    تضمنت اتفاقية السلام الشامل نصاً حول الوحدة الوطنية وتضميد الجراح باعتبارهما عنصرين مهمين من عناصر شمولية الحل واستدامة السلام. جاء في النص: ''يتفق الطرفان على بدء مصالحة وطنية شاملة و تضميد الجراح في جميع انحاء القطر كجزء من عملية بناء السلام. و تقوم حكومة الوحدة الوطنية بصياغة آلياتها و اشكالها'' (الفقرة 17 من بروتوكول ماشاكوس). وابانت مصفوفة تطبيق الاتفاقية المعالم الرئيسة لهذه العملية، مثال ذلك حملات يشارك فيها الاعلام، المؤسسات التعليمية، حملات الاحزاب السياسية، منظمات المجتمع المدني، القادة الدينيون، قادة القبائل. وكجزء من عملية تضميد الجراح أيضاً أوردت المادة 226(7) من الدستور أن على رئاسة الجمهورية انشاء لجنة مؤقتة للنظر في تظلمات من احيلوا للتقاعد أو فصلوا لاسباب سياسية تقدم توصياتها لرئاسة الجمهورية''.

    كلا الواجبين لابراء لنا منهما حتى ينفذا، ولم ينفذا بعد، ولأسباب. لو أبطأ القارئ العجول الحكم على ما أوردناه عَرَضاً في المقالات السابقة حول الوحدة الوطنية لكان أجدى، فلننتظر. تلك الأسباب تتضح بجلاء عند النظر الى ما اعتبره المعارضون شروط لزوم للانخراط في مصالحة وطنية قوامها اتفاقية السلام الشامل.

    رؤية التجمع الوطني للاتفاقية

    عقب التوقيع على البروتوكولات الستة لاتفاقية السلام الشامل في 26/5/2004 تدارس التجمع الوطني الديموقراطي، كما أصدر حزب الأمة، وثيقتين أبديا فيهما رأيهما حول الاتفاقية من بعد أن رحبا بنهاية الحرب وحلول السلام. في ترحيبه بالبروتوكولات، انطلق التجمع مما أسماه ''حقائق أساسية'' تتلخص في الآتي :

    × إنهاء الحرب كمدخل رئيس '' لمواجهة الأزمة المزمنة والتي ازدادت استفحالاً في ظل نظام الانقاذ''.

    × ''خلخلة تركيبة النظام الشمولي بما يمهد لتفكيكه لصالح نظام ديموقراطي تعددي''.

    × ''خلق واقع جديد يوفر مناخاً للصراع السياسي السلمي''.

    × ''احتواء البروتوكولات على جوانب تلبي تطلعات الشعب'' مثل الالتزام بالتحول الديموقراطي، حق تقرير المصير للجنوب، جعل الوحدة خياراً جاذباً.

    في نفس الوقت نعى البيان على البروتوكولات إغفالها لموضوع تصفية الكوادر في الخدمتين العسكرية والمدنية، وتبنى بعض حقوق الانسان الواردة في العهود والمواثيق الدولية واسقاط بعض آخر، وسيطرة طرفي الاتفاق على الحكم بنسب حدداها لنفسيهما. دعا التجمع من بعد، للمصادقة على الاتفاقية عبر مؤتمر قومي تشارك فيه كل القوى السياسية، كما نادى بشيئين آخرين: الأول وضع مشروع قومي للاجماع الوطني تلتزم به كافة القوى الوطنية، ويحكم الفترة الانتقالية، ويُبنى على أساس التراضي. والثاني اجراء مصالحة وطنية ترتكز على المحاسبة والمساءلة في انتهاكات حقوق الانسان والفساد المالي والاداري خلال السنوات الماضية. وفي سبيل تحقيق ذلك دعا التجمع الى تعبئة الجماهير واستنهاضها من أجل '' فرض التحول الديموقراطي ''ومن أجل أن''تصبح الاتفاقية شاملة''. النصوص التي أبرزناها بالبنط العريض في ما لخصنا من وثيقة التجمع، وكما سنفعل مع وثيقة حزب الأمة، ذات أهمية قصوى في التحليل الذي نحن بصدده.

    رؤية حزب الأمة للاتفاقية

    وفي 17/6/2004 خرج حزب الأمة على الملأ بوثيقة ضافية لم تترك فقرة في البروتوكولات الستة الا وتناولتها بالتحليل، بل بالجرح والتعديل. ذلك التحليل أو الجرح ـ أسمه ما شئت ـ سبقته مقدمة عن جهود حزب الأمة، من وجهة نظره، لتحقيق السلام بدءاً بمؤتمر كوكادام ( مارس 1986)، ثم عبوراً بكل المبادرات السلمية التي شارك فيها مع الآخرين أو قام بها منفرداً. تلا ذلك تحليل، من وجهة نظر الحزب أيضاً، للظروف التي قادت الطرفين للاتفاق. وكحال التجمع أعلن حزب الأمة تأييده للبروتوكولات، كما أبان وجوه اعتراضه عليها، وفق ما أسماه ''معايير موضوعية لتقييم عملية السلام''. من دواعي التأييد: انهاء الحرب ومنع استخدام العنف كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية، اقرار مبدأ الحلول الوسطى والتنازلات المتبادلة، التخلي عن الاستبداد الذي يقود لفساد الحكم، برنامج التحول الديموقراطي، الاعتراف بالتعدد الديني والثقافي والاثني.

    ذلك هو القليل الذي أصابت فيه الاتفاقية، في نظر حزب الأمة، وما تبقى منها استُجرح وصار أهلاً للتعديل، إن كان له أن يصيب قبولاً عند حزب الأمة. تنبأ حزب الأمة أيضاً في وثيقته بالفشل للاتفاق ''مثل اتفاقية اديس ابابا 1972 واتفاقيات السلام من الداخل'' بينما بقيت، كما جاء في الوثيقة، اتفاقية كل الأحزاب السودانية 1953 التي مهدت الطريق للاتفاقية الانجلومصرية .1954 وحول هذه النقطة بالذات، غاب عن ذهن من صاغ تلك الوثيقة أمران: الأول هو أن اتفاقية اديس ابابا ''الثنائية'' أصبحت هى برنامج حكومة انتفاضة أبريل 1985 (حكومة الأحزاب الديموقراطية والقوى الحديثة) لحل مشكلة الجنوب، ولحكومة الحزبين من بعدها، رغم شعار محو آثار مايو مما يعني أنه لم يكن لتلك القوى السياسية حل غيرها. الثاني هو أن اتفاقية الأحزاب السودانية ، هى أس المشكل. فالاتفاقية التي وصفتها وثيقة حزب الأمة باتفاقية كل الأحزاب السودانية كانت في الواقع ''اتفاقية'' كل الأحزاب الشمالية '' إذ لم يشارك فيها سياسي أو تنظيم جنوبي واحد، رغم تلاقيها في مصر للتقرير في أمور منها مصير الجنوب.

    في وثيقة حزب الأمة قضايا لن نقف عندها لأنها لم تعد ذات موضوع إذ عالج الدستور بعضها مثل اخضاع القوات المسلحة للقرار المدني الديموقراطي التعددي (المادة 144 (3))، أو لم تكن أصلاً ذات موضوع مثل ''أن يكون الدستور القومي مهيمناً على سواه من نظم قانونية''، فذلك أمر حُسم في ماشاكوس قبل التوقيع على البروتوكولات الستة (الفقرة 311)، بالرغم من أنه مبدأ قانوني لا يحتاج لتوكيد. ومثل ''ضرورة كسب تأييد الجيران وكذلك المجتمع الدولي العريض للاتفاقية، الا إذ احتسبنا أن مجلس الأمن والاتحاد الافريقي والجامعة العربية ودول الايقاد لا تمثل المجتمع الدولي العريض.

    وعلنا، ان أردنا رواية كل ما جاء من نقد للاتفاقية في وثيقة حزب الأمة لما استوفاه هذا المقال وذلك الذي يليه، لذلك نورد أهم العناصر في تلك الوثيقة:

    × ''قيام النظام المصرفي على أساس نظامين ''خطأ'' لأن الصيغ المسماة أسلامية اكثر ربوية من سعر الفائدة الذي يمكن اعتباره عائداً تعويضياً تجيزه الشريعة''.

    × تبني الاتفاقية لعدد من الحقوق واسقاط أخرى مثل '' حق كل فرد في ادارة بلاده وحقه مثل غيره في تقلد الوظائف العامة''.

    × عدم ''انشاء مفوضية مستقلة للحقيقة والمصالحة واقتراح اجراءات تصححية ''، إذ ''هناك مظالم تمثلت في صور التعدي على الدستور والقانون ونقض العهود والتفريط في السيادة الوطنية واستغلال النفوذ لتحقيق مصالح خاصة على حساب المصلحة العامة كما تمثلت في جرائم ضد الانسانية وحقوق الانسان ومخالفات جنائية ومدنية يتوجب مخاطبتها بالآليات المناسبة''.

    × ''انشاء مفوضية للمسلمين لمراجعة التشريعات الحالية '' التي ترى غالبية المسلمين انها معيبة وغير اسلامية''.

    × ''الموافقة على تطبيق الشريعة ولكن ليس على اجتهاد نظام الانقاذ (الزكاة والمصارف مثلاً). لذلك ينبغي النص على أن التشريعات في هذا المجال مفوضة لأغلبية المسلمين كما يقررها ممثلوها المنتخبون انتخاباً حراً''.

    × ''غياب المواثيق المؤسسة لبناء الوطن: ميثاق ديني، ميثاق ثقافي، نسوي، صحفي، نقابي''.

    تبع ذلك النقد الضافي اقتراح بخلق آليات لاستدامة الاتفاقية هي: أولاً، المجلس القومي السوداني الذي يتكون من الحكومة الحالية (حكومة الانقاذ)، الحركة الشعبية، القوى السياسية الممثلة في الجمعية التأسيسية 1986، القوى التي أفرزتها المقاومة المسلحة للانقاذ، الشخصيات الوطنية. ويتمتع هذا المجلس بالصلاحيات التالية: التصديق على ما اتفق عليه الطرفان، تصحيح البنود البين ضررها، التحكيم فيما اختلف فيه الطرفان. يكون لهذا المجلس مراقبون هم: دول الايقاد، شركاء الايقاد، مصر، ليبيا، نيجيريا، جنوب أفريقيا، الامم المتحدة، الاتحاد الافريقي، الجامعة العربية، منظمة الفاتيكان، اسقفية كانتربري.

    هذه الرؤى فيها ماهو مرغوب لاستدامة الاستقرار السياسي مثل التراضي على مشروع قومي يهدي العمل السياسي خلال الفترة الانتقالية، والعمل المشترك لانجاز التحول الديموقراطي، وفي الحالتين لن يتحقق التراضي أو العمل المشترك ان توسلنا لتحقيقهما بأدوات تجهض الاتفاقية مثل الدعوة للمصادقة على الاتفاقية بواسطة مؤتمر قومي (التجمع)، أو مجلس قومي (حزب الأمة). في تلك الرؤى أيضاً، لاسيما ما جاء في اطروحات حزب الأمة، ما لا محل له من الاعراب، إذ بينه وبين الذي تلاقي الطرفان في مفاوضات السلام لمعالجته بون شاسع. مثال ذلك، اعادة النظر في القوانين المنسوبة للشريعة، والتي لا تطبق الا في شمال السودان، أو في النظام المصرفي الاسلامي، والذي لا ينطبق بدوره الا على ولايات الشمال. فمع أهمية الموضوعين لأهل الشمال، إلا ان منطق الأشياء يقول إن الذي يجادل بشأنهما لن يكون بأية حال من الأحوال هو الحركة الشعبية الداعية لنظام يفصل الدين عن الدولة.

    نكرر ونعيد أن الاتفاقية وثيقة من غير مثال. فهي ليست كالمواثيق التي درجنا على اصدارها عقب كل انتفاضة، يصوغها فرد أو أفراد في الساعة الحادية عشرة، ليختلفوا حولها بعد الساعة الثانية عشرة، بقليل أو كثير، وبالجملة أو التفاريق (القطاعي). هي اتفاق لحل مشكل متجذر، ولهذا ذهب صانعاها الى معالجة جذور المشاكل، ولا يكون ذلك الا بعملية جراحية. تلك العملية شملت تغييراً جوهرياً في الجسم السياسي السوداني، وفي هياكله الدستورية، وفي منظومته الادارية، كما احدثت في الاقتصاد تحولاً في النموذج المثال (paradigm shift) الموروث منذ الاستعمار. ولضمان الالتزام بما تواصيا عليه، اتفق الطرفان على ضمانات لانفاذ الاتفاق، وجداول للتطبيق، ومرجعيات داخلية وخارجية يعود لها الطرفان، في حالات الاختلاف. اكمال تلك الاتفاقيات استغرق من الطرفين.... عاما (من بداية مفاوضات ماشاكوس الى نهاية مفاوضات نايفاشا)، وشارك في الحوار العشرات من السياسيين والعسكريين والاقتصاديين والقانونيين. ورعت التفاوض، بل لعبت فيه دور الوسيط بصورة مباشرة، اربع دول افريقية (كينيا، يوغندا، اريتريا، اثيوبيا)، وأربع دول غربية (الولايات المتحدة، بريطانيا، النرويج، ايطاليا)، وبصورة غير مباشرة دولتان افريقيتان (جنوب أفريقيا، نيجيريا). كما أسهم في التفاوض بابداء الرأي وتوفير المعلومات كبريات المؤسسات الدولية: الامم المتحدة فيما يتعلق بالترتيبات الأمنية، البنك الدولي حول قضايا التنمية واعادة التعمير والتأهيل، صندوق النقد الدولي بشأن كليات الاقتصاد والنقد والعملة الجديدة وتقدير حسابات النفط.

    وحال اكماله، تم اشهار الاتفاق بتوقيع أربع عشرة دولة ومنظمة (الرئيسان الكيني واليوغندي نيابة عن الايقاد، وزير خاجية مصر، نائب وزير خارجية ايطاليا، المبعوث الخاص لمملكة هولندا، وزيرة التعاون النرويجية، وزير التنمية الدولية البريطاني، وزير خارجية الولايات المتحدة، رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، الاتحاد الأوربي، منتدى شركاء الايقاد، امين عام الجامعة العربية، ممثل الامين العام لامم المتحدة). كما تمت خلال التفاوض مشاورات واسعة بين الحركة الشعبية والتجمع في مقر قيادة الراحل قرنق بجنوب السودان وفي نيروبي، ومع رئيس التجمع، مولانا الميرغني، في نايفاشا، دون أن نزعم أن هذه المشاورات ارتقت الى مستوى المشاركة في التفاوض. كما وقعت مشاورات مع قيادات حزبية مختلفة ارتحلت الى موقع التفاوض (الحزب الاتحادي الديموقراطي، حزب الأمة بشقيه، الحزب الشيوعي السوداني، يوساب). وعقب التوقيع على الاتفاق انتقل الراحل قرنق بفريقه المفاوض للقاهرة للالتقاء بالتجمع وقيادته والحوار معه على مدى اسبوع كامل مما مهد لاتفاق القاهرة في 16 يناير .2005

    لكل هذا، يصبح الظن بامكانية اعادة النظر في الاتفاق على الوجه الذي قال به التجمع أو حزب الأمة ظناً لا يتسق مع طبائع الأشياء في دنيا السياسة الواقعية. وفي حالة الجنوبيين، وهم القاعدة الراكزة للحركة الشعبية، تستدعي لذاكرتهم أية محاولة لاعادة النظر في الاتفاقية تجارب خرق العهود مع الجنوب، والتي تفوقت فيها احزاب الشمال على نفسها. ولعله من المدهش حقاً أن لا يجد حزب الأمة في كل نماذج الاتفاقيات ذات الطابع القومي التي يقنع الحركة بجدواها، ويقدمها كنموذج بديل لاتفاقها الثنائي مع حكومة الانقاذ، غير اتفاقية 1953 التي عزلت الجنوب عن المشاركة في تقرير مستقبله.

    اتفاقية السلام الشامل المصونة اقليمياً ودوليا أصبحت الاساس للعمل السياسي، بل أصبح العمل السياسي الحزبي، بنص الدستور، مرتهناً لقبولها. هذا هو الوقع والواقع لا يبدل الا بأدوات الواقع. بالطبع، هناك دوماً بديل آخر هو تغيير الواقع بالعنف، ولكن هذا لا يحدث الا عند انسداد الافق، وانعدام البدائل السلمية، وتوافر أدوات العنف لدى الراغب في اللجوء اليه، ومن أراد أمراً فليتدبر عواقبه. فالفعل السياسي لا يقوم على التمني، وانما على الاحتمالات القابلة للتحقيق، والفرص التي يمكن اهتبالها لتحقيق الغايات. وفي سنوات الاحتراب كثيراً ما كانت بعض الأحزاب الشمالية تتحدث عن الانتفاضة الوشيكة التي ستقتلع النظام من جذوره، ويتحدث فريق منها عن التأييد الكبير الذي يحظى به وسط القوات المسلحة، والذي سينتهي بانحياز الجيش الى جانب الشعب عندما تهب ثورته.

    كان للراحل قرنق رأي مغاير، لا كفراً بالعمل الجماهيري، ولكن لقراءته الموضوعية للمشهد السياسي السوداني. قال الراحل لرفاقه في التجمع: لا تظنوا أن السودان هو سودان أكتوبر 1965 وأبريل .1985 في هاتين المرحلتين كان الحكم بيد أنظمة تفتقد الأرضية الشعبية، وكان الجيش موحداً، وكانت التنظيمات الاجتماعية (النقابات) على قدر من الاستقلالية. أما في عهد الانقاذ فقد اختلف الوضع، فالجيش لم يعد واحداً، بل أُفرغ من أغلب كوادره المهنية غير الحزبية وانشئت بمحازاته جيوش دورها الأهم هو تحييده إن تحرك. والنقابات جميعها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من التنظيم الحاكم. كما أن الحزب الحاكم ليس حزباً معزولاً بل هو حزب خاض معكم المعارك وشارك في الانتفاضات ولهذا يُدرك المقاتل، ويعرف كيف يتحسب للانتفاضات والانقلابات. ثم هو حزب مسلح. فان افترضنا ان ذلك الحزب لا يمثل الا خمسة بالمائة من أهل السودان، لكم ان تتصوروا ما الذي يستطيع أن يفعله خمس أفراد مسلحون بالكلاشينكوف في خمس وتسعين مواطناً أعزلاً؟ ابحثوا، اذن، عن صيغة أخرى لحماية جماهير الانتفاضة التي تنتوون اشعالها. تلك كانت هى بدايات العمل العسكري للتجمع، والذي كان الجيش الشعبي يمثل فيه غطاء الردع العسكري، في حين كان التجمع يمثل الغطاء السياسي للعمل الجماهيري، خاصة في الشمال. فما هو الحال الآن وقد انحسر غطاء الردع العسكري. بل ما هو الحال بعد أن صار النظام الذي كان معزولاً دولياً واقليمياً شريكاً في السلم تحت رعاية اقليمية ودولية. هذه ليست دعوة لبث اليأس، بل لحث الناس على التقويم الصحيح للمواقف، خاصة من يظن أن أي تجمع غاضب ضد قرار جائر هو قداحة لإشعال الانتفاضة الشعبية.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de