ولهذا ينصر الله بريطانيا الكافرة ولا ينصر الله السودان المسلم!!!!

Quote: ووترجيت على الطريقة البليرية ظهر في الصحافة هنا في الايام الأخيرة تعبير الكلمة المركبة «بليرجيت» Blairgate على وزن ووترجيت، وهو امر لم يكن يحلم به احد منا في فليت ستريت، شارع الصحافة البريطاني، خاصة ان رئيس وزرائنا الحالي توني بلير، وعد، اثناء الحملة الانتخابية التي جاءت بحزبه، العمال الجديد، للحكم قبل عشر سنوات ان حكومته ستكون «انصع بياضا من اللون الابيض» في شفافيتها وطهارتها. وحتى بضعة اشهر، كان كعب اخيل رئيس الوزراء هو علاقته بالرئيس الامريكي جورج بوش والانسياق وراءه في سياسة خارجية، ربما هي الاقل حكمة لبضعة عقود في تاريخ السياسة الخارجية الامريكية التي لم تعرف عنها المهارة او الحكمة تاريخيا مقارنة بسياسة بريطانيا والسياسات الاوروبية. اما بقية السياسات، خاصة الاقتصادية، فكانت عموما مرضية بدليل تكرار الناخب التصويت بالاغلبية لحكومة بلير حتى بعد غزو افغانستان، وبعد حرب العراق. لكن لم يتصور اغلبنا، او حتى رسامو الكاريكاتير بيننا، ان تتحول علاقة بلير المميزة بالرئيس الامريكي الى موضع تندر وسخرية حول قضية سياسية قومية داخلية، لإحراجه امام البرلمان والصحافة والرأي العام. ففي استجوابه الاسبوعي في مجلس العموم ظهر الاربعاء، لطمه اليك سامونز، زعيم الحزب القومي الاسكتلندي المعارض، بقوله «نعرف ان رئيس الوزراء معجب بصديقه المقرب الرئيس بوش، ولكن، ألا توافقون انه اكثر قربا من، وتشابها، مع الرئيس ريتشارد نيكسون؟» وذلك اشارة طبعا الى فضيحة ووترجيت والتجسس على مرشحي الحزب الديموقراطي، وهي الفضيحة التي اجهزت على الحياة السياسة للرئيس نيكسون، بسبب تضليله الرأي العام والكذب. رفض بلير، اثناء الاسئلة البرلمانية، الخوض في موضوع تحقيق البوليس معه، كشاهد وليس كمتهم، حتى كتابة هذه السطور، في قضية اتهام القوميين الاسكتلنديين لحزب العمال الحاكم بإفساد الحياة السياسة بمكافأة ممولي الحزب بألقاب شرفية وأوسمة من القصر، ومقاعد في مجلس اللوردات (الشيوخ). وعندئذ بادره نائب من مقاعد المحافظين المعارضة بالسؤال عما اذا كان سيحتمي وراء المادة الخامسة من الدستور الامريكي تجنبا لما قد يقدمه من أدلة تثبت جرما عليه (وهي مادة تعطي الشخص محل الاستجواب الحق في عدم الاجابة حتى لا يقدم ادلة تؤدي لإيذائه قانونيا) خاصة ان هذا التقليد الدستوري لا وجود له في البلاد. ومثل ووترجيت، فان الدمار الذي يحدق بسمعة بلير ليس لمخالفة قانون حماية الحياة السياسية من الفساد لعام 1925، بل هو محاولة تضليل الرأي العام، عن طريق تضليل الصحافة واخفاء المعلومات والتحايل على القانون. فالقانون يشترط على اي حزب سياسي واعضائه البرلمانيين الإفصاح عن اي تبرعات او هدايا او منح يتلقاها الحزب او نوابه ومقدارها المادي بالضبط واسم المتبرع، وتدون في سجل «مصالح الاعضاء وامتيازاتهم» في البرلمان (وحتى نحن مجموعة الصحفيين البرلمانيين البريطانيين يشترط على كل منا ان يدون اي مبلغ او هدايا تفوق قيمتها 560 جنيها استرلينيا سنويا (1100 دولار) ومصدرها اذا كان خارج الصحيفة التي يعمل بها، في سجل علني يمكن لاي شخص الاطلاع عليه في موقع البرلمان). وكان اعضاء الحزب القومي الاسكتلندي قد تقدموا ببلاغ يتهم حزب العمال الجديد الحاكم بالتحايل على القانون بالمتاجرة بالالقاب الفخرية ومناصب مجلس اللوردات، يكافئ بها مانحي القروض الطويلة الاجل او بفوائد لا تذكر للحزب. ولان القانون يلزم الافصاح عن التبرعات، ولا يذكر شيئا عن القروض، فالحزب الحاكم متهم باللجوء للقروض بدلا من التبرعات لدعم الحملة الانتخابية، ما يجنبهم الافصاح عن المصادر، مع مكافأة مقدمي القروض بألقاب ومراكز. ووجد البوليس ان هناك ما يستدعى التحقيق فيما إذا كانت هناك محاولة من حزب الحكومة لافساد الحياة السياسية، فحزب الحكومة خرق روح القانون رغم التزامه حرفيا بالنص. ولذا يصبح بلير، أول رئيس وزراء في تاريخ بريطانيا يتعرض لاستجواب البوليس «شاهدا وليس متهما» وهو في المنصب، عندما قام البوليس بزيارته في مقره في رقم 10 داوننج ستريت في نهاية العام الماضي، ويومها خففت مصادر داوننج ستريت من الامر، واستهل المتحدث باسم رئيس الوزراء لقاءه اليومي معنا، نحن الصحفيين، بتقليد رجل بوليس يلقي التحية، كنوع من الدعابة. لكن خلال الاسابيع الثلاثة الماضية تحولت الدعابة الى ما يقض مضاجع ساكني داوننج ستريت. فبعد القبض على صديق مقرب من رئيس الوزراء، هو مبعوثه الخاص للشرق الاوسط، وكبير جامعي الاموال لحزب العمال، اللورد ليفي، في يوليو الماضي بتهمة «التآمر لتعطيل سير العدالة» قبض البوليس، قبل اسبوعين، في الصباح الباكر على روث تيرنير، مديرة العلاقات الحكومية في مكتب بلير بالتهمة نفسها. ورغم اتهامات داوننج ستريت للبوليس بالقيام بإجراءات استعراضية، وبتسريب معلومات للصحافة، فان ووترجيت تلقي بظلها على ما يحدث في قمة الهرم الحكومي البريطاني اليوم. وقد ازداد ظل ووترجيت طولا بتسريب البوليس معلومات لشبكة التلفزيون المستقل «آي تي في» بوجود نظام كمبيوتر مواز سري في داوننج ستريت، وقد مسح عدد من رسائل البريد الالكتروني منه قبل اطلاع البوليس عليها. وقد نفى مكتب رئيس الوزراء الحكاية فيما بدا تصعيدا للحرب الكلامية بين البوليس ومكتب رئيس الوزراء. وبعد مرور يومين على القبض للمرة الثانية على اللورد ليفي (قبض عليه الثلاثاء) وقع الصدام في اللقاء اليومي بين المتحدث باسم رئيس الوزراء ومجموعة الصحفيين البرلمانيين يوم الخميس الذين اتهموه بتضليل الصحافة وحجب المعلومات، بعد ان اتضح ان البوليس قام باستجواب رئيس الوزراء للمرة الثانية يوم الجمعة 26 يناير. وربما يكون المتحدث باسم رئيس الوزراء صادقا في انه لم يعلم بالفعل، وربما العكس، حيث يقول ان البوليس طلب عدم إعلان الامر. لكن ما يحدث اليوم ان سحر اسلوب بلير في الحكم والتعامل مع الصحافة المعروف بـٍ Spin انقلب عليه وفقدت الصحافة الثقة بالحكومة نتيجة محاولة التضليل واخفاء الحقائق، مثلما حدث في ووترجيت، فلم تكن عملية التجسس نفسها هي السبب، وانما الكذب ومحاولات التضليل في مجتمع ديموقراطي يتطلب الشفافية. ومثلما لعبت الـ«واشنطن بوست» دورها في اسقاط نيكسون، فان شارع الصحافة البريطاني، يعتقد بالفعل ان هناك محاولة جادة من الحكومة لتضليل السلطة الرابعة وتعطيلها عن تسليط كشافات الضوء على الاركان المظلمة التي تحاول الحكومة ان تخفي فيها ما لا تريد لأعين الناخب رؤيته. وقبل ان يطلع علينا القومجية العرب، والمتأسلمون الكارهون للديموقراطية الغربية، ويقحموا العراق، وافغانستان، وما يعتبرونه «هجوما صليبيا على الاسلام» وكليشهات كوعد بلفور وغيرها، في مثل هذا الامر، يستحسن تذكيرهم بان استجواب البوليس لرئيس وزرائنا ليس نقيصة بل مدعاة للفخر، ودليل على استقلالية البوليس والقضاء، فهذا لا يقع في الجمهوريات الاسلامية او دولة الخلافة التي يسعى الاسلامويون الى فرضها «بالعافية» على الناس، ولا يحدث في عواصم قلاع القومية العربية، التي تتلخص اولويات البوليس فيها في التنكيل بالمواطنين وإلهاب ظهورهم لحماية القائد الزعيم الاوحد من نكات الشعب الذي لا يستطيع إسقاط «الزعيم» بصندوق الاقتراع كما يفعل البريطانيون.

Quote: الخرافة هزمت العقل