الأستاذ الطيب حاج مكي يكتب : "كردفان بين الخوي وأبويي"

[qb]
كردفان بين الخوي وأبويي
الطيب حاج مكي
في بحر الأسبوع الماضي انتقلنا من الاستبشار ببروز تيارات الوحدة جنوبا وجلوس أطراف دار فور إلى حل النزاع هناك، انتقلنا فجأة إلى ما يشبه حال التجيش وشد الأنفاس والعودة للتهديد بالانفصال عدنا لمناخ ومربع1989م0 تمت هذه النقلة بفضل ما عمدت إليه الحركة الشعبية من تصعيد وبالذات خطوة(احتلال ابويي) في وضح النار وعلى عينك يا تاجر وبطريقة احتلال الحركة للمدن أيام منغستو هايلي مريام0 من جانبها استلفت الإنقاذ أسلوب شريكتها وصعدت من لهجتها (الإعلامية) المجانية وفي أثناء غبار الصياح والصياح المضاد لم تقصر مليشيات الحركة باستعجال خطوات طرد (الجلابي الشمالي)من الوحدة الإدارية لأبويي والتحرش بالمسيرية لخلق أمر واقع مزق السلام الاجتماعي وأعراف الناس وبرتوكولات السلام 0 وفيما بعد هدوء(الهيجة) حاولت الحركة تحريك عاصفة ترابية برفعها أعلام ترفرف أعلى سارية(المحلية) ثم تراجعت0 لكن الأستاذ/ دينق ألور وزير شئون مجلس الوزراء استمر يدير معركة (أولاد ابويي) من دينكا نجوك من(الخرطوم) ويبرر خطوات التصعيد ويعزي خطوة الحركة إلى أن (السكان الأصليين)-لاحظ تعبير (أصليين)- انتزعوا حقوقهم وهذا(وضع مؤقت)0 الخرطوم(23/1/2007م)0 إن تعبير(أصليين) فيه (عودة)لشعار التحرير الأثير الذي أنساه الشيطان الحركة مما يطرح سؤالا حول من هم(الغير الأصليين)؟ الوزير دينج ألور لم يحيلنا للحيرة فقد أضاف(بأن المسيرية) يأتون في شهر (نوفمبر) من كل عام ولذلك هم ليس لهم وجود في المنطقة وهم (ليسوا سكان أصليين)! وبغض النظر عن إن كان هناك مسيرية أو دينكا نجوك أو دينكومسيرية نتجوا من التزاوج والاختلاط فإن موضوع احتلال (قرية ابويي) أو محليتها رغم دلالة (الإحتلال) يعتبر أسلوب من أساليب الابتزاز التي لا تليق بمؤسسات (مجتمع مدني) وسميت كذلك لأن أساليبها ليست أساليب (عنف) وضغط ومساومة اللهم إلا إن كان قامت به كان لصالح الحركة لكي تسمح لها الحكومة بخطوة فتح مكاتب تمثيل خارجي موازية لسفارات السودان لا تقول لي أن فتح (تمثيل خارجي) موضوعية تنمية التنمية تتم من داخل المؤسسات (القومية) وهذه الخطوة مهما كانت (براءتها) فإن تدشين مكتب واشنطون قد فضح أغراضها لقد أم الحفل كبار مسئولي إدارة بوش وقيل أن ليكوديا كبيرا كان في مقدمة صفوف المدعوين0 ولا أدري إن كنا نستطيع ربط كل ذلك بطرد الناطق الرسمي للحركة ياسر عرمان من مواقعة في الحركة ؟ ما الذي تستطيع حكومة الإنقاذ فعله إذا هذه المساومة؟ من الواضح أنها تفكر في رد وإن سمت الحركة حديث السيد الدرديري محمد أحمد(بالتهريج) السياسي0 رد الإنقاذ إن شله العجز حاليا فقد لا تتفرج طويلا على مليشيات الحركة وهي تتجول في أبويي0 ولولا خشيتها من رد فعل شعبي هناك اعتقد أن لسان حالها سيقول يعني شنو (ما حلايب مرتاحة؟)ويوغندا موجودة منذ خمس سنوات والبلد كبير بسع كل من يريد أن يخرج على سلطان الدولة ولعلها (تتثاءب) وتقول عبد الواحد محمد نور (عاني) الجنينة من تشاد وإمام في كبكابية وأركو في حسكنية وآخرين في وادي هور0 يعني شنو كلهم أولاد بلد!!0
الحركة أو بالأحرى أولاد (أبويي)مبتهجين بالشلل الحكومي ويجدون صعوبة كبيرة في تفهم غضب ناس كردفان على خطوتهم الأخيرة0وقد لا يدركون أن هناك إجماع كردفاني على عدم قبول خطوتهم أو أي تعديل لحدود كردفان لعام 1956م وأن أهل كرد\فان وكل الشمال لن يسلموا (بسلخ) مدينة أبويي وضمها لبحر الغزال إلا على أجسادهم 0 وعلى أي حال إذا رأت الحكومة التفرج على حليفتها وهي تصعد وتبتهج وترفض تفهم الغضب الكردفاني فإن رفض ناس كردفان لابد أن تكون له حدود ولابد أن طمع الحركة سيدفع بها إذا لم يكبح(للتفسح) شمالا عندها كما هو الحال في تسليح عمد جبال بني شنقول والسلاح الذي يذهب لدارفور بل قد تقرر الحركة تغيير الحدود بأساليب غير (حضارية) وعندها السيناريو المتوقع اندفاع البعض وانخراطهم في سجال العدم والبؤس والموت الجاري في دارفور0 ومن الواضح أن هناك عجز من كلا الطرفين لإدراك حجم الفتن التي يهيئها تفرجهما إن شلل الطرف الشمالي يهيئ مسرح مأساة كردفان وينسج عجزه حباله بأنامل يشعلها التعصب العرقي والقبلي ونزعات الاستئصال0 هذا الشلل لن يحل مشكلة أبويي أو يقدم خطة عملية بديلة فيما حلول القوى السياسية الأخرى مرفوضة0 فإذا ما استمر ثنائي العجز والمكابرة فإن الحركة بالذات ستكون أول الخاسرين وستجعل من نفسها(المشكلة) التي أضرت بمكاسب اتفاق السلام ومكاسب تقرير المصير والانفصال0 قضية أبويي كما ندرك جميعا لولا الطمع (الجنوبي) وبالذات (ولدنا) الوزير الهمام دينج ألو أو أحمد ألور كما يحلو للمسيرية أن يسموه، قضية في غاية البساطة إنها قضية تعايش قديم وود أزلي بين الشمال والجنوب ولكن للمفارقة الطمع يحدث العجائب بين الواقع وبين ترديد المقولات (العاطفية) ومقاصد البروتوكولات البراقة حينها لا نجد سبيلا للتطبيق ولا إدراك مآلات البروتوكولات وبالتالي استحقاقاتها0 حل القضية الآن يكمن في الاعتراف بفشل الطرفين في إيجاد حل لمشكلة تطبيق بروتوكولهما حول أبويي0 فبروتوكول أبويي يقول في لائحة برتوكول السلام الأولى أن حدود ابويي هي (عام 1905م0)وحسب الفهم العام لنصوص الدستور الانتقالي فإن المادة(183)المعنونة(الولايات ومنطقة أبويي) تنص(دون المساس بأحكام هذا الدستور واتفاقية السلام الشامل يطبق على منطقة أبيي بروتوكول حل النزاع المبرم بشأنها) 2- تمنح منطقة أبيي وضعا إداريا خاصا تحت إشراف رئاسة الجمهورية يكون سكان منطقة أبي يي مواطنين في كل من جنوب كردفان وبحر الغزال ألخ) وعرفت هذه المناطق على أنها (منطقة مشيخات دينكا نجوك التسعة التي جاءت من بحر الغزل لكردفان عام1905م) لكن هذه المعاني لا تحل بحكاية أصليين وغير أصلين هذا يخالف روح بروتوكول نيفاشا الذي سلم أن أبويي (جسر للتعايش) طمع (بعض)ناس الحركة أعماهم أن يدركوا هذه المعاني وقرروا من جانب واحد (سلخ)أبويي من كردفان وخلق أمر واقع وإحالة المتضررين للتأمل (المجاني)في تعقيدات التطبيقي التي واجهت وما زالت تواجه تركيبه حكومية الحركة جزء منها0 إن مليشيا الحركة التي سمت نفسها (مؤسسات مجتمع مدني) تستند في (احتلالها) للمحلية على تقرير الخبراء وهذا التقرير الخبراء قال أهله(بفشلهم) في تحديد منطقة دينكا نجوك وقالوا بأنه (اجتهد) والطرف الآخر فهم هذا الاجتهاد على اجتهاد بالزحف شمالا لعله(لطرد) العرب أو تحرير كردفان (منهم) بمنح مائة وخمسين كيلو من كردفان لدينكا نجوك0وهذا الاجتهاد(الايجابي)كان يمكن قبوله لو جاء من داخل الاستديو ولكنه للأسف كان (من خارج التفويض) الممنوح0 وعلى أي حال على الحركة إذا ما أرادت ضم أبويي سلما لبحر الغزال فإن الجهود (المدنية) الحقيقية هي الوسيلة لاقناع المسيرية والمعاليا وأولاد حميد والفلاتة والنوبا والهبانية وكل مكونات المنطقة للإنضمام إليها0 وتحتاج بالطبع لجهود قانونية تغير فيها الدستور الانتقالي ليقبل بحدود جديدة لكردفان غير حدود العام 1956م0 وما أسهل (ثمن)إقناع ناس كردفان عموما بالقبول بذلك وبسحب قبائلهم وحدودهم مائة وخمسين كيلو شمالا وما يعنيه ذلك من انخراط الرعاة في قتال داحس والغبراء بسبب ضيق المرعي والزحف الصحراوي0 ثم بعد ذلك تحتاج الحركة للقيام بحملة واسعة وسط مواطني جنوب كردفان من حلفائها ليوافقوا على إلحاق جزء عزيز من عواطفهم ومراتع صباهم لبحر الغزال0 فإن أفلحت في الاقناع فإن عضويتها البرلمانية تحتاج الاستعانة ربما (بأعضاء التجمع) لتعديل المادة (2-1) من اتفاقية حدود جنوب كردفان والنيل الأزرق وما يترتب على ذلك من إجراءات إضافية ويستدعي تعديل البند(10) من مرفق حدود جنوب كردفان الملحق بالاتفاقية وبقانون تقسيم الولايات لعام2005م إلى جانب تعديل الدستور الانتقالي الفقرة(3) من المادة(183)التي أشرنا إليها0 طبعا تغير الدساتير والبروتوكولات والاتفاقات ليس صعبا إذ أن البرلمانات المعينة أحيانا تجيز قوانين (الأحزاب) لتحل بها الأحزاب مستقبلا؟ بل وإجازة ما لا يجاز بل إن الثقافة السائدة في سودان الإنقاذ عنوانها واضح التعديل (أسهل)0 بل تقول ادخل في اتفاقات مع أي طرف ثم لا تنفذ أي (حاجة)لينتهي الأمر بالتعديل أو حتى بالتهميش (عديل كدى)وأركو والمتسابقين والمنقسمين في دار فور (مثالا) 0 وحيث أن شراكة الطرفين تقتضي استلاف كل شريك لأسلوب الآخر فإن الاتفاقات والتنصل منها يصبح أمرا مألوفا وعادة محببة ولهذا لن تجهد الحركة نفسها في نصيحتي ومحاولة إقناع الجهات المهتمة بقضية أبويي في كردفان فقد ترى سلوك(أقرب المسالك)0 استلاف طريقة الإنقاذ (وقع ولكن لا تلتزم)0 إنها الشراكة في أي حاجة حتى في تعديل الاتفاقات واستلاف استباحة القانون0 ولأن الشراكة لا تقبل القسمة فإن الإنقاذ قد تترك أبويي لمليشيات الحركة إذا كان حل أبويي يعني (توسيع) قاعدة الحكم فأي قسمة لأي (صيد) تعني (نزع) السلطة وتفكيك التمكين والشريكين ليسا على استعداد لتقسيم ما اعتبر (صيدهما)0
المصيبة أن هذه الثقافة تتملك صاحبها وتدفعه لأن يتعدى حتى على(شريكه) في الاحتكار0 فمثلا عند الحديث عن (أبويي) روشتة العلاج عند الحركة الشعبية تعني أن الشراكة أن(تضمر)الحركة عدم التقيد بما لا يعجبها وإن سئلت تقول للإنقاذ ما(فيش حركة أحسن من حركة)0 إن الحركة تستلف أسلوب الإنقاذ وقديما قيل من عاشر قوما أربعين يوما صار منهم0 والإنقاذ قالت إن أي شراكة تنقص من نصيبها-(52%)- يعني أنها تنقض غزلها بنفسها وأنها تفكك نفسها بنفسها0 وبهذا المنطق، عدم تنفيذ الاتفاقات يعني (عندها)الحفاظ المكاسب ورفض نزع الصيد من الأيدي وهكذا يتحول الوطن إلى أشلاء مصالح وأشلاء محليات تنتزع في أبويي عن طريق المليشيات وتحول في الخوي إلي محليات(مترقية) لتلحق بأبي زبد0 وهذه الأخيرة قصتها عجيبة ولها دلالات0 إذ أن الشيء بالشيء يذكر، فقد قيل أن الحكومة المركزية تريد أن تعاقب (ناس كردفان) لأنهم تجرأوا وطالبوا بوالي(منهم) (تنفيذا) لنصوص اتفاقات نيفاشا0 عقوبة (المركز)(للكردافة)جاءت في شكل سلسلة من خوازيق محصلتها النهائية حرمان حكومة الوالي الجديد من موارد أساسية تعوزها لتسير الولاية0 ويبدو أن حكومة الولاية الجديدة بدل أن تستوعب هذه (الخوازيق) وتشرح للناس (المسكوت) عنه أو تبحث عن موارد، قررت الانخراط في مواجهة مسانديها بما فيهم أعضاء بالمؤتمر الوطني فكانت حادث الخوي (سجال حول الموارد)حيث أطلقت النار في قرية لم تسمع بإطلاق النار إلا في حفلات أعراسها0 ومهما يكن فمن الظلم تحميل الوالي شخصيا نتائج ما حدث إذ يجب أن يذهب اللوم (للسيستم) الذي انتج الأزمة وخصوصا السيستم الذي على رأسه (ابن المنطقة) ورئيس المجلس السيد جبر الله خمسين هذا المجلس ورئيسه دفعا بالأمور في الخوي من طور الحل (السهل)إلى التأزيم حين تعمد رئيس المجلس المحلي إصدار قرار (يدستر) فيه (نقل) المعتمدية من الخوي لأبي زبد والمجلس ورئيسه يعلمان أن ذلك سيضر بوالي الولاية وبشعبيته وربما سبب ضررا باستقرار المنطقة كلها ومن الواضح أن هذه الخطوة تعكس حجم صراع (صغير)وبائس لا يليق بكردفان وبأولوياتها 0
وإذا كان لذلك نصيب من صحة فالسؤال الذي يطرح نفسه هل يدرك أهل كردفان أولويات إنسان المنطقة؟ وهل يدرك بعض المنافحين عن (مواقع بائسة) أن الوضع الأمني في غرب الولاية أصبح لا يطاق؟ وأن أسعار المحاصيل تتراجع إلى درجة لم يشهدها إنسان المنطقة؟ وهل يعلم أولئك وهؤلاء أن الفقر في الولاية أضحى يزحف على كل بيت ويدق باب كل دار؟ وهل يدركون أن من أولى عواقب ما يقدمون عليه انتشار النهب المسلح في غرب الولاية وفي شمالها الأوسط؟ وهل يدركون أن الجوع والفقر والنهب المسلح سببها (صراعهم الصغير)وعدم رؤيتهم للأولويات؟ إن كردفان ياسادة تنتظمها الململة ويعمها الغبن وفي آن تستباح فيها الدماء والأرض جنوبا وفي أقصى شمالها ومع ذلك تتراجع سقوف اهتماماتكم على نحو ما تتراجع أولويات رؤساء مجالسكم التشريعية0 هل نذكرهم بما حدث ويحدث في أبويي ونذكركم بما حدث لحمرة الشيخ؟ أين هي وعود التعمير وأين هو مستشفى حمرة الشيخ ونقطة الجمارك؟ والأهم هل تتسول نساء حمرة الشيخ الدواء والماء؟ هل نسألكم عن أين هي رسوم طريق الغرب؟ وأين هو الماء الأزرق لناس الخوي وقرى الخوي؟ لماذا لا تهتم المجالس (التشريعية)باخضاع الأجهزة المحلية لمساءلة المحكومين وتصعد من دورها الرقابي للحفاظ على مكاسب الناس حتى لو كانت هذه المكاسب محليات؟ أم أنها فقط تفلح في قمع المطالب الشعبية؟ واستعجال إصدار التصديق على نقل محليات هي مكان نزاع؟ هل يأمل الناس أن تقيموا قضية دستورية على الذين تصرفوا في (قروش)طريق الغرب وتلزموا حكومة السودان بتسديد ما (سرق)؟ هل دور المجالس التشريعية الاكتفاء بالعجز المركزي عن ملاحقة المتهمين؟
أسئلة قد لا تجد من يجب00 لأن كردفان لا بواكي لها0
ياويح روحي من روحي فوا أسفي ** ** على مني فإني أصل بلوائي

[/qb]