|
هل هم خراف غفل عنها الراعى ففارقت القطيع؟؟؟ !!!
|
كم هو مخز ان يوليك الله امر الرعية فتوليهاانت ظهرك كأن لم يكن بين الحجون الى الصفا انيس ولم يسمر بمكة سامر!! هاجت بى الذكرى الى تلك الليالى السرمدية الطويلة فى خريف عام 1989م عندما فقدت شقيقى فى احراش توريت وآكامها فى عهد الاحزاب الذين كانوا لا هم لهم الا التسابق على كراسى السلطة والحليفة بالطلاق داخل اروقة جمعيتهم التاسيسة فى ذلك الوقت وجنودهم البواسل يفترشون التراب ويلتحفون سماء توريت الماطرة محاصرون لا حول لهم ولا قوة بعد ان نفذ الزاد وخارت القوى.. ماذا يقول هؤلاء لله عندما تجتمع عنده الخصوم ويقتص للجماء من ذات القرون. وانا والله لست مستنكرا فى ان يموتوا او ياسروا او تتخطفهم الطير فى سبيل الوطن ولكن استنكارى فى الظروف التى مروا بها! كيف يقاتلون وايديهم مشلولة وبطونهم خاوية الا من المانجو النية؟ ولله در من قال: ان الكريم الذى لا مال فى يده ** مثل الشجاع الذى فى كفه شلل وقد يقف فى صفى كثير ممن فقدوا اقريائهم فى منطقة توريت تحديدا وفى ذات التاريخ، لاتها وقائع ماساوية عشت انا فصولها فصلا فصلا ابتداءا من حصار تلك القوات فى تلك الحامية وفرار قائدهم البشارى جنوبا الى يوغندة بعد ان ضاق بهم الحال تاركين دبابتهم وراؤهم ولسان حالها يقول "مدد يا ميرغى مدد" ثم بعد ذلك اهملوا امر من تبقى منهم وكأنهم خراف غفل عنها الراعى ففارقت القطيع. عندها بدأت المأساة بعد ان عادت بقاياهم الى الخرطوم وعندها بدأت حقيقة صورة الماساة المروعة لتلك القوة. وبدأت انا اسألهم فردا فردا عن اخى هل مات؟ لا.. هل هو مأسور؟ لا.. هل وصل معكم الى يوغندة؟ لا... هل؟ هل؟ هل؟ ولا من مجيب. ذهبت بنفسى الى احد الناجين من تلك الحامية واسمه اسماعيل من منطقة مديسيسة شمال ام درمان بعد ان تاكدت من القادة ان اسماعيل هذا كان ضمن اربعة افراد انسحبوا ومعهم اخى وسألته ولم اجد جديدا بل زاد لنا اطنان العذاب اطنان اخرى ورجعنا وانتظرنا مدة عامين تصور بين امل اللقيا ومرارة الفراق، واخيرا احتسبوه ضمن الشهداء. فأسأل الله معى اخى الكريم ان يرحم من استشهد منهم وان يرد من بقى منهم الى اهله وذويه انه سميع الدعاء.
|
|

|
|
|
|