|
انا والاشواق فى بعدك..اضاءة لابو امنة حامد
|
تمتلك بعض الخواطر حواس الفرد منا يهيم فى دواخل الذات يسترجع مكنونات الماضى يمزجها بلحظات الحاضر لتنساب الرؤى الدافئة كمياه دائمة العذوبة اللحظة الاتية تبقى مبتسمة مؤكدة ان للماضى حضورا قويا فى الذاكرة فى نهاية الستينات وفى زواج الشاعر المبدع الذى صاغ قصيدة سال من شعرها الذهب الاستاذ ابو امنة حامد ورغم اننا اطفال صغار الا اننا استمتعنا بليلة من ليالى الخرطوم العامرة بالجمال والهدوء والطبع السمح فقد تغنى فى الحفل ثنائى العاصمة وقدما اروع اغنياتهما ثم كان الفنان الشاب المبدع الذى بدا يلمع فى سماء الغناء السودانى فى ذلك الحين المطرب الخلاق الحلو الاداء والتطريب محمد ميرغنى الذى شدا باغنية مين فكرك ومن ثم اغنية انا والاشواق والتى فى اى لحظة استمع اليها انتقل بخيالى الى تلك الليلة.. الغناء والرقص والجمال السودانى والطبع السمح رغم سنى الطفولة كنا نذوب طربا بروائع الغناء السودانى (انا والاشواق فى بعدك بقينا اكتر من حبايب) الشوق والشجن فى لحظة الفراق والبعاد يؤكد مدى الالتزام العاطفى الحاد (مابنغيب عن بعض ابدا زى اعز اتنين حبايب) (كنت فاكر الشوق يغيب لحظة واحدة عن فؤادى) (وبالزمن يتلاشى وجدى وقلبى يسلاك فى بعادى) لحظة الابداع تكتمل والصورة فى تلك اللحظة مثبتة على حامل يترنح طربا ويمتلىء حتى الافاضة البعد يجعل الارواح تتلاقى تتزين قبل هنيهات اللقاء الغوص فى اعماق النفس لامتصاص رحيق الاحرف اى متعة هذه بل اى راحة نفسية تسكن دواخل العاشق البسمة هى برواز متنقل تكتسى جوانبه بالحميمية المتاصلة لحظة سرقت من الزمن المتعجل بالرحيل كيف للشوق لن يغيب لحظة واحدة عن قلب يزدان بالرؤى حتى الحواف يستنطق الصمت المطبق و..دهشة منسابة كموجة راحلة للزمن ان يسابق ثوانيه المتعجلة.. بالباقاء يستبقى الوجد من التلاشى فى البعاد القلب يرتهن نبضاته حتى لاتفاجئه بالنسيان (شوقى قال لى مستحيل مرة يتحقق مرادى) (وذى خلى الوفى واطباع حبيبى المابعادى) يرتقى الشوق برؤاه لتحدد معالم الطريق المخضر بشجيرات الوفاء الموصل الى نقطة محددة ترتاح بين الرعشة والنبضة لايعادى..من ترنم بحروف منضومة بخيط من نسيم (واى لحظة بعيدة عنك ضايعة من ايان زمانى) الزمن لحظاته فى اتصال دوائر غير مرئية لاتحتسب وهناك اسراب من الغيوم الراحلة فى محاولة للاتصال الضياع هو تميمة البعد روائع منسكبة شال من حرير ابريق من الذهب كل هذه التصاوير مستانسة المكان والزمن ضاحك بلحظاته المستعجلة (وكل يوم كان لى قربك اتمنى لو احياه تانى) (وكم رسالة ياحبيبى بسطره احكى بالبعد يا ناسينى) (بين حروفه اشوف خيالك وانت تتبسم لعينى) كثيرا مانامت الانغام فى الوتر وكثيرا ماضمت الارواح انغاما لم تعزف بعد كثيرة هى الرقصات فى ساحات النفس ودائما عزف الوجود سويا (وقبل ما اختم كلامى اتمنى لو ردك يجينى) التحليق فى شفافية الوجود امتزاج الروح بالروح النبض بالنبض الاوتار بالنغم الامتزاج قطرة بقطرة نظرة بنظرة ضحكة من شفاه القمر تلك اللحظات من الزمن كالضوء من اى مكات اتى فنسجناه خيطا بخيط همسة بهمسة بسمة ببوح طفولى اليف وابحرنا بمجداف الروح واستسقينا بساقية المحبة ونهلنا من القصائد حتى الشجى وضحكنا سويا حتى الشجن وانا والاشواق فى بعدك بقينا اكتر من حبايب
نشرت هذه الاضاءة بصحيفة الخرطوم الرياضى الجمعة 3/فبراير 1995 العدد 65
|
|
|
|
|
|