|
النفرة الخضراء
|
النفرة الخضراء والجزيرة الجرداء
كانت كلمة الخضراء في ما مضى ملازمة لكلمة الجزيرة عند عامة أهل السودان كانت الكلمتان مثل حرفي QU في اللغة الانجليزية أو أشد من ذلك تلازماً. ولكن بفضل سياسات "البصيرة أم حمد" أصبحت الجزيرة جرداء وغبراء وبطحاء وشبه صحراء. ونستبشر خيراً هذه الأيام بانطلاق مسيرة النفرة الخضراء ونتمنى صادقين الاّ يكون شعاراً سياسياً وهتافياً وموسماً احتفالياً وأن تكون هذه الخطوة مقصودة لذاتها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ولست في حاجة أن أذكر بأن مشروع الجزيرة وحتى وقت قريب كان يمثل عصب الاقتصاد وعموده الفقري و كانت هذه الجزيرة تجود بكل ما لديها لكل السودان دون من ولا أذى ولم نسمع في يوم أنها رفعت شعار "الدجاجة الصغيرة الحمراء" رغم إن الفول فولها زرعته وحصدته بعرق وعافية مزارعيها الذين أرهقتهم الحياة في هذه الأيام وأصبحوا في حيرة من أمر معاشهم من تكاليف الحياة الباهظة التي تؤرق الجميع. والحكومة يا رعاها الله قد غسلت كلتا يديها من أي تبعات لعلاج وتعليم وحتى الأمن في بعض المناطق. لا ننكر على بقية الأقاليم عطائها المتصل ولا نعيب عليها مطالبتها بالتنمية التي لم ترح رائحتها في الماضي ولا حقها في المطالبة بنصيبها من السلطة والثروة فهذا حق أصبح اليوم مكفول للجميع بفضل اتفاقية نيفاشا وأبوجا وما سيليها من اتفاقيات هي قيد الإعداد الآن. والجزيرة وحدها لم ترفع السلاح ولن ترفعه للمطالبة بحقوقها ليس لعدم وجود غابات وأحراش كما في الجنوب أو جبال وتلال كما في بعض مناطق الغرب والشرق بل ربما إيماناً بالوسائل الأخرى التي تأمل أن تجدي نفعاً. المهم في الموضوع أن يكون مشروع هذه النفرة عمل مدروس ومحسوب ومفهوم وأن تعد له البحوث والدراسات ويرصد له التمويل والمعينات. فقد مللنا الشعارت التي لا تسمن ولا تغني من جوع. فالجزيرة التي كانت تكفي السودان وكان بسببها يعتقد بأن السودان سلة غذاء العالم أصبحت غير قادرة الآن حتى على توفير قوت عيالها. ولا يحسبن أحداً أن هذا من ترف القول فمن لا يصدق هذا الزعم عليه بالقيام فوراً بزيارة الجزيرة والاستماع لشكوى مزارعيها. ولا ينكرن أحداً ما أنجز في مجال استخراج وتصدير البترول ولكن يجب أن لا ننسى حتى ولو للحظة واحدة أن هذا السودان بلداً زراعياً من الدرجة الأولى مهما تكاثرت ثرواته الأخرى. الطيب الشيخ [email protected]
|
|

|
|
|
|