|
|
 مصادرة رواية( الجنقو مسامير الارض) وسياسة حجب الشمس بالقبضة الغليظة / صلاح الدين سرالختم علي
|
نسبة لان كاتب المقال لايملك حساباًبالموقع فقد قام بإرساله لي عبر الإيميل لنشره ..
قررت السلطات المختصة وهي المجلس الاتحادي للمصنفات الفنية في ابريل الماضي مصادرة رواية (الجنقو مسامير الارض) للكاتب عبد العزيز بركة ساكن والقرار مسبب بمخالفة الرواية للقانون وهو قرار لم يجد ولن يجد قبول المفكرين والكتاب السودانيين وبادار اتحاد الكتاب السودانيين مباشرة الي ادانة القرار والسخرية منه ومن مسبباته في بيان جاء فيه ما يلي: ( تلقى اتحاد الكُتّاب السودانيين خبرَ حظر رواية "الجنقو مسامير الأرض " للكاتب الروائي السوداني عبد العزيز بركة ساكن، وبعد أن تم طبعها، بخطاب ممهور بتوقيع رسمي من هيئة حكومية هي المجلس الاتحادي للمصنفات الأدبية والفنية في الخرطوم، بتاريخ 7/4/2010، باستياء بالغ ، في وقت تشهد فيه البلاد مرحلة ، يؤمّل أن تنظر إليها السلطة بجدية لنقل البلاد إلى براح حريات التفكير وابداء الرأي والإبداع الحر، دونما قهرٍ أو إقصاء أو حظر . إن الرواية المحظورة هي عمل ابداعي حاز على تقدير لجنة محترمة من كبار المبدعين والنقاد ذوي الرصانة في السودان، قررت منحها جائزة الطيب صالح للرواية لعام 2009 ، مناصفة مع رواية ثانية، وأوصت بطبع كلا الروايتين حفزاً لهما ولدفع مسيرة الابداع السوداني ونشره على أوسع نطاق . غير أن لجنة حكومية ، ممثلة في هيئة المصنفات، رأت حجب الموافقة على نشر وتوزيع هذه الرواية المميزة ، وأوعزت لجهات الاختصاص حظر ومصادرة نسخ الرواية، ومتابعة منعها وملاحقة من يقوم بتوزيعها على مستوى البلاد، متذرعة بقوانين محلية تجاوزت حقوق حرية الفكر والابداع .
إننا في اتحاد الكتاب السودانيين نشجب مثل هذا المسلك الذي يجنح لفرض وصاية لا معنى لها ولا موجب، على انتاج المبدعين السودانيين ، ونراه مسلكاً ساذجاً غاب عنه ما وفرته ثورة الإتصالات والمعلوماتية من قنوات للتواصل والانفتاح اللامحدود، للحوار بين الثقافات، والذي جعل العالم قرية كونية متشابكة العلاقات، تفاعلاً واندماجاً ومثاقفة، بما جعل من مثل هذا المنع أضحوكة لا أكثر، إذ الكتاب الممنوع يسهل أن يتوفر في نسخه الناعمة في شبكة الانترنت، ولن تجرؤ عين الرقيب أو يده أن تطاله .
إن الإتحاد يطالب بإلغاء قرارات قمع الانتاج الابداعي، وإلغاء قرارات حظر الكُتب، وإلغاء إجراءات ملاحقتها، بما يُعلي من احترامنا لحريات الابداع والتفكير والنشر.
وبالله التوفيق ، ، ،
اتحاد الكتاب السودانيين
الخرطوم
في 10 أبريل 2010)
انتهي البيان
الحيثيات والتعقيب عليها:
جاء قرار المصادرة مستندا ومتذرعا بنصوص قانونية واردة بقانون المجلس الاتحادي للمصنفات الفنية والادبية وهي المادتين 15 و16 وهما كما يلي: (الفصل الثالث الماده 15
الفصل الثالث
الرقابة على المصنفات
المصنفات المحظورة
15- لا يجوز استيراد أو إدخال أو نشر أو طبع أو تداول أي مصنفات أو التعامل فيها في أيٍ من الحالات الآتية :
( أ ) الإخلال بالقيم الدينية أو الآداب العامة،
(ب) الإساءة إلى المعتقدات أو الأعراف أو الأديان،
(ج) الإساءة إلى اللون أو الجنس أو تمجيد أو تفضيل جنس على آخر،
(د) التعارض مع سياسة الدولة وأمنها القومي،
(هـ) الإنتاج المشترك إذا كان مع دولة معادية أو دعاية لدولة معادية،
(و) المصنفات التي يصدر قرار من المجلس بمنع دخولها.
المصادرة
16- إذا رأى المجلس أن أي مصنف يخالف أحكام المادة 15 فيجب عليه أن يأمر بمصادرته فوراً وذلك دون الإخلال بأي عقوبات أخرى في هذا القانون أو أي قانون آخر.)
وحسب القانون نفسه فان هذا القرار يمكن مناهضته قانونيا بموجب المادة 18 التي تقرأ كما يلي:
الإستئناف .
18ـ (1) يجوز للشخص المتضرر من المصادرة ، بموجب أحكـام المادة 16 ، أن يتقدم بإستئناف للمجلس خلال أسبوعين من تاريخ تلك المصادرة .
(2) مع مراعاة أحكام البند(1) يجوز للمجلس أن يأمر بإبادة جميع المصنفات التى تخالف أحكام المادة 15 بعد مضى فترة الإستئناف.
(3) يجوز للشخص المتضرر من إلغاء التصديق وفق أحكام المادة 17(4) أن يستأنف قرار الإلغاء أو الإيقاف لدى المجلس وذلك فى خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار ويكون قرار المجلس فى هذا الشأن نهائياً .
وسكت المشرع عن تحديد درجة اخري للتقاضي او التظلم من ذلك القرار وفي تقديري يعني ذلك فتح الباب امام المتضرر ليسلك سبيل الطعن الاداري امام المحكمة الادارية المختصة باعتبار قرار المجلس قرارا اداريا ومن ثم بعد استنفاد طريق الطعن الاداري يجوز اللجوء للمحكمة الدستورية اذا شكل القرار انتهاكا لحق دستوري حيث لاكون هناك سبيل اخر لدرء ذلك الاعبر المحكمة الدستورية.
هذا ما كان من شأن الجوانب القانونية وما يهمنا باعتبارنا كتابا هو الجانب الفكري للمسألة فمصادرة كتاب أمر ينتمي فكريا الي القرون الوسطي ولاينتمي لعصرنا الراهن ،ومنع كتاب من الوصول الي القارئ يحاكي في السذاجة محاولة حجب ضوء الشمس بيد غليظة أو باغماض العين،ليس مقبولا سادتي ان يحاكم الكاتب والكتاب بقانون العقوبات وبالمقاييس الاخلاقية المبهمة، لا استطيع ان اتصور كتابا مخمورا او متهما بالازعاج العام او بالتجسس او بالخيانة العظمي، خصوصا اذا كان ذلك الكتاب رواية، فالروايةليس مطلوبا منها ان تلبس شخوصها زيا محتشما او تصورهم ملائكة اذا كانو شياطين وليس مطلوبا من الروائي ان يجمل الواقع القبيح ويزينه ويستر عوراته وليس مطلوبا منه ان يزيف الشخوص ويجعلهم يتلائمون مع قانون المصنفات فليس الكاتب عاملا في حديقة مطلوب منه قص الاشواك واعدام الاغصان الميتة ومواراتها عن الابصار، بل علي العكس الروائي جراح مطلوب منه فتح الجروح المتقيحةونشر عفونتها حتي تتطهر وحتي يدرك الاخرون خطورتها عليهم وعلي حاملها، وليس مطلوبا من الكاتب ان يقدم مرافعة دفاع عن نصوصه، خصوصا كاتب الرواية، اذ انه من اصول النقد الادبي التمييز الواجب بين الكتاب الذي يعرض فيه الكاتب فكرته ويحدد مواقفه، ملتزما في ذلك بالحقائق التاريخية والوقائع الثابتة، وبين الرواية التي قد يلجأ صاحبها الي الرمز والاشارة، وقد يدخل الخيال الي جانب الحقيقة العلمية.. وكما قال العالم الاسلامي والقانوني محمد سليم العوا في معرض تقديمه لرواية اولاد حارتنا لنجيب محفوظ نافيا عن الروائي والرواية تهمة الزندقة التي الصقها به وبها بعض من أساوا التأويل( والرمز كله يحتمل التأويل، وما كان محتملا للتأويل يجب حمله علي أحسن وجوهه.)
عن الرواية
الرواية عمل فني رفيع المستوي تصور واقع مجموعةعمال الحصاد خصوصا عمال حصاد السمسم وتصور قسوة الواقع الذي يرزحون تحت نيره واحلامهم الكبيرة بالثراء السريع والعودة الي الجذور التي هاجروا منها باحثين عما يقيم الأود ولكن الرحلة تطول حتي تنتهي بالجنقو وهو اسم المفرد منهم الي الموت غريبا تحت شجرة الموت بعد ان تخور قواه مثل احصنة السباق العجوز ويخرج من دائرة العمل الي دائرة المقعدين الذين لاسبيل لهم الي الرجوع لجذورهم وليس لهم هنا الا انتظار الهبات والموت تحت الشجرة التي جمعت بين المتناقضات ، والرواية خدشت جدار العفة حين صورت وقائع قاسية تحدث في ذلك المجتمع الذي يعيش افراده علي هامش قصي من الحياة يعملون بكد ويشربون الخمر ويلهثون خلف الجنس،وليس في تصوير تلك الحياة جريمة فهي حياة موجودة ولو أغمضنا العيون وانكرنا وجودها.
ود امونة مثلا هذا الكائن غامض الهوية هو ضحية هو من انتهكت براءته في السجن حين ادخل مع امه بلا ذنب ولم تفلح كل محاولات الام في حمايته من استغلال الكبار له رجالا ونساء فخرج مضطرب الهوية الي الانوثة هو اقرب منه الي الرجولةوالصافية الاسطورة ليست الا امرأة مقهورة في الحقيقة تصور الرواية ازمتها تصويرا فيه كثير من المبالغات لكنه يبقي تصويرا امينا ايضا لحياة امرأة كتبت عليها الحياة ان تتخلي عن انوثتها وتعمل في قطع السمسم مع الرجال في خلاء مخيف .. والرواية ممتلئة بنماذج مشابهة مقهورة قهرا مركبا ومتمردة تمرد نملة وطأتها قدم فيل، قد يأخذ الرقيب علي الروايةكثير من المشاهد والمفردات والاجواء غير المرغوب فيها ولكن السؤال يبقي وماذا يبقي من الرواية ان هي طمست الواقع وزيفته؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فلنرفع الصوت عاليا مدافعين عن حرية الابداع
ولنرفع الصوت عاليا ضد مصادرة اي رواية
وليكن شعارنا
لن تحجبوا الشمس بكفة يد غليظة
صلاح الدين سر الختم علي
روائي وناقد سوداني
30/5/2010
|
|
 
|
|
|
|
فتح الرحمن محمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست