بحكم المهنة كبناء فالمواسير اعرفها ومقاساتها واستعمالاتها وانواعها سواء من معدن او لدائن او اسبستوس او اسمنت ..الخ .. وهي موجودة عندكم في بلدنا في المغالق وعند شركات البترول والمجاري والمياه والكهرباء ... كان هذا هو مفهومي عن "المواسير" حتي قرءت هنا عن سوق "المواسير" في دارفور وتعجبت لجهالتي التي لا اول ولا اخر لها .. وانا مشغول بالحمامات والسيفونات والتوصيلات الكهربائية والمخازن مليانة مواسير اتاري هناك مواسير بتصرف فلوس بدل مجاري وموية وكهربا....فلوس ناس شقيانين كادحيين يناضلون علي جبهات كثيرة لتاميين حياة بسيطة لهم ولاهلهم فهاهم الان وان خرجو من نيران جنجاويد وقنابل تسقط من اعلي من انتنوف وحر وتراب وملاجئ فهنالك من يتربص بهم وبكل مليم في جيوبهم يسحبه من خلال "مواسير سوق المواسير " .. يالله يا حنان يا منان ورينا فيهم يوم نلقاهم داخليين في اضيق ماسورة نص بوصة الواحد يجرهم جواها بسنارة مصدية من نخرينم ....
نعود الي اصل وتاريخ "الماسورة" التي ليست مواسير المهندسيين والبنايين امثالي .. وانا هذه الايام مشغول بقراءة مقالات نارية لاعظم ناقد سياسي وصاحب عمود في زمان شبابنا وصبانا المرحوم صالح محمود اسماعيل وزير اعلام حكومة اكتوبر وصاحب عمود اصداء في صحيفة الاخبار وصاحب صحيفة اكتوبر .... في 11 سبتمبر 1965 اي قبل الاحتفال بمرور عام علي ثورة اكتوبر 1964 كتب يقول عن "اعداء الثورة " العراقيل التي تواجهها حكومة اكتوبر والذي كان احد وزرائها كونه احد حداتها وقادة ثورتها.... :
Quote: الحرباء ذاتها لو ألفت نفسها أعشاب متعددة ألوان الزهور لتجمدت أطرافها وتعطلت غددها ولاكتفت من التصرف بأن تندب حظها الذي يكاد يلقي بها إلى التهلكة حتى يلتقطها العدو بين فكيه أو كفيه. بيد أن حرباءتنا كانت أذكى تخطيطا وأسرع تفكيرا وأجرأ تنفيذا. وبدأ خرط القتاد بالتشكيك في إجراءات التطهير عن طريق التحوير في بعض المعلومات. وكان يكفي أن يشمل التطهير بريئا واحدا لتنهار تلك الإجراءات من أساسها. بيد أن أضخم مخارط القتاد تمثلت في عرقلة أو على الأصح تجميد قرارات الحكومة الرامية إلى حل مشاكل المواطنين وأخطرها مشاكل العطالة وغلاء المعيشة ومطالب الفئات في الإنصاف فكم من قرار اتخذته الحكومة أو بيان أصدرته كانت نتيجته الإهمال التام من بعض كبار موظفي الخدمة المدنية وهم هم أنفسهم الذين كانوا يقابلون بالطاعة المستسلمة والتنفيذ المتحمس أوامر كانت تصدر إليهم من وزراء العهد العسكري مهما بلغت قوة اصطدامها بالقوانين المالية أو قوانين الخدمة المدنية أو حتى أسس العدالة وقواعد الخلق. إن بضعة ألوف من الجنيهات تكفي لإنصاف فئة مظلومة من فئات الموظفين أو العمال وتجنب البلاد خسائر تنجم عن إضراب تبلغ عشرا أضعافها كان يبخل بها. ونفس هذه الألوف وأكثر منها كان يصدق بها بسرعة البرق لإجراء تعديلات أو تحسينات في منزل وزير – بل إن مئات أضعافها صدق بها وخسرتها البلاد ودخلت في جيوب شركات المقاولات الأجنبية نتيجة غفلة أو فساد أو عدم كفاءة أو لنقص في الإحساس بالمسؤولية عن أموال الشعب ومصالحه. والأمثلة على ذلك كثيرة جدا أضخمها ما اتصل بخزاني خشم القربة والرصيرص. وما قصة نصف المليون جنيه التي أعطيت من أموال هذا الشعب الجائع العاري مكافأة لمقاولي خزان الرصيرص على إتمامهم الخزان في الموعد المتعاقد عليه إلا مثلا صارخا من أمثلة توفر تلك الصفات مجتمعة. بعض كبار موظفي الخدمة المدنية يعملون بشعور الإقطاعي فالمنصب كما تدل تصرفاتهم ليس سوى ملك خاص يمارسون فيه مشاعرهم الخاصة من ود أو سخط .. فكم من غرض خاص يتحقق بالاتصال الشخصي مع (المسؤول) أو التوسط إليه وكم من مصلحة عامة يعرقلها خلاف مع هذا أو عدم استلطاف لذاك أو خلاف – حتى ولو كان عائليا ولا شأن للعمل الرسمي به – مع ذلك. هؤلاء الأعداء عمل كل منهم في ميدانه وبأسلوبه الخاص ضد حكومة أكتوبر الأولى. وقد عاونهم بعض حملة الأقلام ممن شغلوا بظواهر الأمور عن التنقيب في أعماق المشاكل وتحليل العلل التي أطفحت تلك الظواهر. أو ممن أزعجهم شح أحسوه في (المواسير) كانت تنقل إلى خزائنهم الأموال في سهولة ويسر فاتخذوا من هذه (المواسير) مقياسا واحدا للاستقرار الاقتصادي .. إذا سارت بغير تعثر أو تقطع فالاستقرار مكفول بما لا يدانيه استقرار في العالم .. أما إذا أصابتها ذبذبة أو كركبة فالويل والثبور وعظائم الأمور والهوة السحيقة التي يتردى فيها اقتصاد السودان تلطم من اجلها الخدود وتمزق الجيوب.
-من عامود بعنوان "اعداء الثورة" نشر في 11 سبتمبر 1965 - صالح محمود اسماعيل_
(عدل بواسطة abubakr on 05-25-2010, 09:42 AM) (عدل بواسطة abubakr on 05-25-2010, 09:43 AM) (عدل بواسطة abubakr on 05-25-2010, 09:46 AM)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة