قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية

الأسلحة الكيميائية وحقيقة استخدامها في السودان في منتدى ميديكس للحوار
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 09-14-2025, 11:17 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-05-2010, 10:29 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية

    القاري الكريم..في كل مكان
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
    في الآونة الآخيرة ظهر من جديد السجال حول شخصية د. جعفر شيخ إدريس بعد الحلقات التلفزيونية التي أجريت معه عبر قناة (النيل الأزرق) وقد بان للمشاهدين كراهية وبُغض جعفر شيخ إدريس لشخصية حسن الترابي وقد كان غريباً للغاية أن شخصاً يكره شخصاًآخر يذكره للمشاهدين بـ (صاحبنا داك) والذين لم يعرفوا سر هذه الكراهية وهذا البغض أنشر لهم هذه الحلقات التوثيقية وانا لا أقصد الدفاع عن الترابي أو الترويج لكتابي الذي نشرت فيه هذه المادة (د.الترابي والحركة الاسلامية في السودان) .. القصة كتبها د. أمين حسن عمر في العام 1998م بصحيفة (الأنباء) الحكومية - متوقفة عن الصدور-

    الحلقة الأولى..


    قصة رجلين.. !!

    كلما جاءت العطلة السنوية للدكتور جعفر شيخ إدريس إلي السودان ملأ المنابر بذكر الدكتور حسن الترابي بأسوأ ما يذكر به المسلم أخاه المسلم وما جلس أناس إلي مجلس لجعفر شيخ إدريس فغاب عنه اسم الدكتور الترابي مقروناً بالسوء من القول والافتراء والبهتان ، وما تحدث الدكتور جعفر شيخ إدريس لصحيفة من الصحف إلا وكال للدكتور الترابي التهم جزافا بلا مكيال ولا معيار وأما الآخر فساكت صامت لا يجاريه ولا يرد عليه ويمد له حبالا من الصبر الجميل لو تعلقت فيه كل أغربه بور تسودان لوسعتها . لذلك فأن من المشروع ان يتساءل المرء ما قصة هذا الرجل وهذا الرجل وكيف تتقاطع سيرة الحياة بينهما وهذا ما سنفصله في هذا الكتاب : (قصة رجلين) ومصادر هذه القصة مكتوبات ومرويات ومشهودات• فأما المكتوبات فكل ما كتب حتى اليوم وحُفظ من تاريخ الحركة الإسلامية بالسودان وأما المرويات فلقاءات وروايات لعشرات من الإسلاميين من المؤسسين للحركة الإسلامية الذين التقيناهم وسجلنا لهم علي فترات متباعدة من الزمان.
    منهم من التقيناه ونحن نعين الأخ حسن مكي محمد أحمد لإنجاز بحثه عن حركة الأخوان المسلمين بالسودان وكان ذلك في أواخر السبعينات وكنا ثلاثة (العبد المذنب) والأخ التجاني عبد القادر والأخ عبد المحمود الكرونكي واذكر من أولئك الأستاذ محمد يوسف محمد والأخ موسى ضرار وعبد الباقي عمر عطية ويس عمر الأمام وتوفيق طه وآخرين ثم جاءت الثمانينات مطالعها وكلفنا ببحث توثيقي لتاريخ الحركة الإسلامية فسجلنا ما يربو عن العشرين شريطا لأعضاء الحركة الإسلامية منفردين ومجتمعين وكان ممن إِلتقينا بهم جماعة منهم مدثر عبد الرحيم وأحمد عوض الكريم وميرغني النصري وبابكر كرار وعثمان خالد مضوي وإبراهيم السنوسي وعباس حسن التوم ويوسف حسن سعيد وصلاح أبو النجا ومبارك قسم الله والتجاني أبو جديري (كان منظما .. لهذا الجهد ) وآخرين.

    يقارب العدد الثلاثين ثم جولة أخرى من اللقاءات والروايات بدأناها في السبعينات ومن كل هذه اللقاءات استللنا المادة المناسبة لرواية قصة الرجلين ونرجو ان يصححنا المصححون وأن يراجعنا المراجعون وأغلبهم أحياء يرزقون (بحمد الله ومنته وفضله) ..
    وأما المشهودات من مادة هذه الرواية فهي معايشات ومشهودات شخصية عبر اكثر من ربع قرن قضيته بين أيدي وبين ظهراني الحركة الإسلامية بالسودان كنت أبان ذلك لصيقاً بمؤسساتها القيادية وقيادتها التنظيمية والفكرية وكانت لي علاقة خاصة بالدكتور الترابي تأتت من عملي مديرا لمكتبه بالنائب العام وسكرتيرا خاصا له سائر اليوم لعامين علي الأقل فمصادر القصة إذا ما كُتب فقراته واستشهدت به وبنيت عليه ما سمعته من أهل الثقة الذين لا يتهمون بقلة العناية أو الضبط ومن معايشتي الشخصية للأحداث والوقائع.

    والقصة مدارها رجل استثنائي الحضور منذ كان طالبا في حنتوب الثانوية كان حافظاً للقرآن فقيها ضليعا بالعربية وهو لم يعد أن يكون حدثاً يافعاً وكان بارزاً مبرزاً باللغة الإنجليزية يتحدثها بطلاقة تدهش أقرانه وأخدانه وكان نابها في دروسه إلي درجة انه قفز للامتحان النهائي من الصف الثالث عندما كانت الصفوف الثانوية أربعة فكان مع ذلك من أوائل السودان كان هكذا قوي الحضور في الجامعة حدثني عنه المرحوم بابكر كرار في لقاء فقال : (كان الترابي أذكاهم عقلاً وأصفاهم نفساً) وكان هكذا قوي الحضور في بريطانيا مبعثا وفي فرنسا الفرانكفونية وهو الحديث القدوم من عالم الانجلوفونية وكان هكذا قوي الحضور عندما جاء عميداً لكلية القانون وقائداً لانتفاضة اكتوبر ومنسقاً للتفاوض مع العسكر ومع الأحزاب وكان هكذا قوي الحضور وهو يعود لتلتف حوله القيادة الجماعية للحركة الإسلامية ليكون أمينا للجماعة وسكرتيراُ للجبهة ومؤسسا لكتلة برلمانية ناهضة وحائزاً علي أعلي الأصوات في قطاع المثقفين ولهذا القول المجمل تفصيله في مكانه من القصة.

    وأما الرجل الآخر فلابد لك أن تذكر عشرة أو تزيد من مؤسسي الحركة السلامية أو قادتها حتى يرد اسمه ولكنه علي الرغم من تأخره في الصف فقد كان وعلي مدار الأيام هو الرجل الآخر ولكنه كان دائما الرجل خلف رجل آخر يحارب حرباً لا يكون المقدم فيها وأن كان دائماً المحرك والمحرض وهي حرب لا يُطفا أوارها ولا يذهب غبارها ، لها في كل مرة عنوان فمرة هي حرب علي تركز القيادة وحرص علي الجماعية ومرة هي حرص علي الأصالة الاخوانية ومرة هي حرص علي أولوية التربية وأخيرا هي حرص علي الإسلام من التجديد النصراني الكنسي.
    والقصة محاولة للإجابة عن سر نار المجوس التي تشتعل في صدر ذلك الرجل .
    وليس المقصود من القصة مجرد الإثارة الصحفية أو إمتاع القراء بل هي عبرة لأناس يتفكرون تحكي قصة الصراع الداخلي في الحركة الإسلامية من أيام تأسيسها الأولى ولا عجب أن تشهد الحركة الإسلامية اصطرعا داخلياً مرده إلي اختلاف التقديرات والأحكام أو مرده وهو الأغلب (في كل حركة) إلي النزاع حول حظوظ الأنفس في القيادة والظهور . وليس المقصود من رواية القصة التركيز علي السجال بين رجلين أحدهما قاد الحركة الإسلامية باستمرار منذ العام 1964م (علي الأقل) وكان دائماً مؤثراً ونافذاً علي جميع الأصعدة فكرية وسياسية وتنظيمية وكان الآخر هو المحرك للمعارضة الداخلية للقيادة علي مر السنين استظهر بكل مخالف وكل ساخط وحانق ليعبئ حرباً علي الحركة الإسلامية من داخلها، ومثل هذه القصة يمكن ان تنتفع بها الحركات الإسلامية في فهم انساق الصراع الداخلي فقصة الصراع بين الأصوليين والوصوليين يمكن أن تتكرر في كل حركة تغيير اجتماعي ولذلك نكتب هذه القصة وهي في مجملها مخلص لتاريخ الحركة الإسلامية في السودان رؤية من الداخل . وربما كره بعض الإسلاميين ذلك اعتبروه نشراً لغسل علي الشرفات وربما كان ذلك كذلك لكن فلنسأل عن ذلك من بدأه مزيفاً وظالما كما ان الأمر لا يخلو من فائدة كما قدمنا ولكي لا تكون القصة خالية من التكامل بسبب التركيز علي حيثية العلاقة الثنائية بين رجلين فحسب سنقوم بروايتها بجميع شخوصها الرئيسيين مع تركيز خاص علي ملابسات العلاقة بين الرجلين ولذلك فسترد عبرها بعض الأحداث والوقائع الجسام في تاريخ الحركة الإسلامية وبعض الشخوص الكبار من أمثال بابكر كرار والرشيد الطاهر ومحمد يوسف محمد ويس عمر الأمام وصادق عبد الله عبد الماجد ومحمد صالح عمر وآخرون ولعل ذلك يثير حواراً جديداً حول توثيق تاريخ الحركة الإسلامية في السودان وهي قمينة بما حركت من تغييرا اجتماعي وأسع أن يدون تاريخها وأن توثق أحداثه يحدث ذلك كله بعون الله والله غالب علي أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون ..

    الحرب والحرية

    صمتت مدافع الحرب العالمية الثانية بعد أن شارك فيها أهل السودان مشاركة فاعلة ودفعوا فيها تضحيات جمة في الحرب ضد الطليان في إريتريا والحرب في شمال أفريقيا ضد روميل وكان انتصار الحلفاء دافعاً لكثير من الأمم التي دفع بها في آتون الحرب للمطالبة بنصيب من النصر يتمثل في إعطائها حق تقرير مصيرها .. وكانت هذه هي الأجواء التي سادت في السودان في أوساط المتعلمين والمثقفين في خواتيم الأربعينات فمؤتمر الخريجين قد حرك أشواق الشباب للحرية كما أن مشاركة العسكريين السودانيين في صنع نصر الحلفاء كان دافعاً ومحركاً للمشاعر الوطنية في أوساط العسكرية . وفي هذه الأجواء تأسست الحركة الإسلامية السودانية في جامعة الخرطوم وفي المدارس الثانوية لا سيما حنتوب وخورطقت تأسست الحركة الإسلامية عملاً معارضاً للاستعمار وترياقاً مضاداً للشيوعية التي استشرت بين الطلاب وتمثلت في نبرة معادية للاستعمار ودعوة للتحديث والتحرر الاجتماعي من التقاليد البالية والقيم الدينية العتيقة .. وكانت الحركة الشيوعية تعبر عن نهجها السياسي عبر الحركة المعادية للاستعمار وفي أوساط الطلاب عبر ما عرف آنذاك بمؤتمر الطلاب كما كانت تعبر عن نفسها اجتماعياً عبر سلوك مخالف للقيم السائدة وذلك بالسكر والعربدات الطليقة أو الفوضى الجنسية . ولئن كانت بعض تيارات الإسلاميين لا تخالف الشيوعيين في كراهية الاستعمار فان السلوك الإباحي للطالب الشيوعي كان يستفز تلك العناصر فلا تجد إجابة فكرية لدحض ما كان يعرف حينها بالتحرر الاجتماعي ولذلك نشأت الحركة الإسلامية أول ما نشأت جمعيات دينية تدعو للانضباط السلوكي ولكنها سرعان ما تطورت عندما برز في أوساط هؤلاء قيادي تنظيمي من الطراز الأول ومفكر جدير بالاحترام وكان هذا الشاب النابه هو الأستاذ بابكر كرار المؤسس الذي يتفق السواد الأعظم من قدامي المحاربين أنه مؤسس حركة التحرير الإسلامي حيث كانت هي النواة الحقيقية للحركة الإسلامية السودانية.

    يتبع

    أخي القاري الكريم

    هذه القصة من 13 حلقة..سأنشر كل يوم حلقة..وبالطبع عندما كتب الاخ أمين حسن عمر هذه الحلقات كان الحركة (الاسلامية) جسم واحد وكان أميناً حلقة الوصل ما بين الدكتور الترابي ورئيس الجمهورية عمر البشير، بل كان الأقرب للشخصيتين وجداناً.. والاخ أمين حسن عمر الآن في صف الرئيس بعيداً عن الشيخ أرجو أن لا يزعل منا وقد وضعته في هذا الموقف الحرج متحدثاً حول د. الترابي.. وهذه السلسلة هي أكثر الكتابات التي كشفت للناس عن محبةأمين حسن عمر للترابي، وقد صب فيها عصارة معرفته به..على العموم ارجو ان اوفق بنشر الحلقات يومياً.. وطبعا التعليق مفتوح للجميع..
    وللاخوة من خارج المنبر ..يمكن ارسال مداخلاتهم عبر البريد الالكتروني:
    [email protected]
    ولكم فائق محبيتي وتقديري..

    (عدل بواسطة khalid abuahmed on 05-05-2010, 10:35 PM)
    (عدل بواسطة khalid abuahmed on 05-06-2010, 10:48 AM)

                  

05-05-2010, 11:09 PM

Elawad
<aElawad
تاريخ التسجيل: 01-20-2003
مجموع المشاركات: 7226

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: khalid abuahmed)

    الأخ خالد
    تحياتي و سلامي
    كيف ما داير تدافع عن الدكتور حسن الترابي بنشر كلام أمين هذا؟ هذا الكلام دفاع عن الترابي و بأحط الوسائل التي اتبعها الكيزان على مر الزمن في الدفاع عن شيخهم... فجعفر لا بد أنه يهاجم الترابي في دفوعاتهم بدافع الحقد لأن الترابي ذكي و شاطر و يتقن أربعة لغات و يحفظ القرآن بالروايات العشر و... و... و هذا كله لتغطية نقاط الخلاف الحقيقية بين الترابي و خصومه. سمعنا هذا الكلام كثيرا فما أن ينتقد منتقد الترابي إلا و وسم بالحقد كما فعلوا مع جعفر أو بالجبن كما فعلوا مع غيره أو بالجنون كما فعلوا مع البروفيسور محمود عبد الله برات رحمه الله. أذكر مرة أن أحدهم انتقد الترابي و تكلم عنه في محاضرة فما كان من المدافعين عنه إلا أن قالوا إن هذا الشخص جبن في ثورة أكتوبر و خذل الحركة الإسلامية و كانت النكتة عندما عرفنا أن الشخص المعني كان عمره عشر سنوات في ذلك الوقت. شهادة أمين حسن عمر مردودة فهي قد أتت في سياق الدفاع عن شيخه و يكفي البروفيسور جعفر شيخ إدريس أنه نبه لخطورة أفكار الترابي قبل أكثر من ثلاثين عاما من صحوة أمين و غيره هذه الصحوة التي لم تكن للأسف غيرة على دين أو شرع و إنما صراع محموم بين الشيخ و تلاميذه على كراسي الحكم.
                  

05-05-2010, 11:29 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18426

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: Elawad)

    images11.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

05-05-2010, 11:30 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18426

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    98e18105162b18aa2e0d3da543e4801a.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

05-05-2010, 11:32 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18426

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    Quote: د. جعفر إدريس: المذهب الشيعي يتراجع في عقر داره وأهل السنة بخير
    16 - 8 - 2008



    أجرى الحوار: أسامة الهتيمي



    ليس سهلاً، أن أحاور شخصية بقدر الدكتور جعفر شيخ إدريس المفكر الإسلامي السوداني، فالرجل ليس مجرد باحث أكاديمي يمكن أن تحاوره حول بعض القضايا أو الإشكاليات العلمية المجردة؛ إذ يجمع بين العلم والحركة التي مارسها لسنوات طويلة في بدايات نشأة الحركة الإسلامية السودانية، كذلك منحته ظروف الانتقال والحياة في العديد من البلدان إلى استيعاب وإدراك حقيقة واقع الإسلام والمسلمين، فضلاً عن احتكاك الرجل بالوسط الثقافي والإعلامي، وهو ما أكسبه قدرة تفنيد وردِّ ما يمكن أن يثار حول المشروع الإسلامي بجملته.

    التقى "لواء الشريعة" الدكتور جعفر شيخ إدريس بالقاهرة، وكان لنا معه هذا الحوار.



    * أنتم من أبناء الحركة الإسلامية في السودان ومع ذلك توجهون لها نقدًا شديدًا.. ما أسباب ذلك؟


    ** أنا لم انتقد الحركة نقدًا شديدًا، لكن ربما ولطول المدة التي يمكثها الإنسان في حركة إسلامية يطلع على عيوبه، فإذا كبرت سنه تكون معرفته بعيوبه أكثر، وكذلك معرفته بعيوب من اتصل بهم، وأنا طالت صلتي بالحركة الإسلامية، لذلك أعرف من عيوبها مالا يعرفه الآخرون، لكنني أقدر أيضًا مكانتها وما قامت به، وإذا كنت انتقدها فاعترف في الوقت نفسه بفضلها جدًا على الأمة الإسلامية.



    * البعض يرى أن الحركة الإسلامية في السودان، وبعد أن وصلت للحكم، هي تجسيد لفكرة التشرذم التي تعاني منها الحركات الإسلامية؟


    ** السودان كبلد بحمد الله، تعالى، فيه خصائص كبيرة جدًا تجعل فرصة نجاح الحركة الإسلامية فيه أكبر بكثير من غيرها من البلاد الأخرى.. وأنا ما انتقدت وصول الحركة الإسلامية للحكم في السودان، بل كنت بحمد الله من أوائل الناس الذين كتبوا للحركة الإسلامية السودانية، وأنه ينبغي أن يكون هدفها هو الوصول لتحقيق حكم الشريعة الإسلامية، وما ترددت في هذا أبدًا حتى كنت أرد على بعض الإخوان الذين يقولون: إنهم لا يسعون إلى الحكم، بأنه فعلاً لا يجب أن نسعى للحكم، لكن ينبغي أن نفرق بين أن يكون هذا السعي شخصيًا أو أن يكون هدفًا للحكم بالشريعة الإسلامية ولتحقيق الإسلام، فالمسألة الثانية واجبة والأولى ممنوعة.



    * يجمع بينكم وبين الترابي أنكم كنتم من شباب الصحوة الإسلامية بالسودان في بداياتها .. ما الذي فرَّق بينكما؟


    ** أولاً الترابي ما كان من أوائل الذين أسسوا الحركة الإسلامية في السودان، بل إنه دخلها بعد سنين من دخولنا، وإن كان قد اشتهر أكثر منا، ولكني لا أعده من الذين أسسوا الحركة، ولا كان هو أصلاً في فكره أن يمثلها أبدًا فهو شخص استغل الحركة الإسلامية بما أعطاه الله من مواهب خطابية مع أنه لم يكن يحب الحركة ولا فكرتها.

    الترابي الذي لا يعرفه كثير من الناس، لا يؤمن بشيء اسمه الدولة الإسلامية ولا رموز الحركة الإسلامية لا في العالم العربي ولا في الخارج، وهذا اتضح الآن، وصار يقول: إنه لا مانع من أن يكون رئيس الدولة شخص غير مسلم.

    إذن فلم يكن الترابي ممثلاً للحركة الإسلامية، وقد اتضح أمره الآن للناس.. فما ينتقده الناس عليه الآن هو شيء قديم، وكل الذي حدث أنه لم يكن معروفًا فعُرف، ومشكلتي أنني كنت أعرفه من البداية، ولذلك عندما تكلمت عنه استنكر الناس ذلك استنكارًا شديدًا، بل وأوذيت بسبب هذا، لكني كنت على يقين بأن الرجل ليس معنا في الحقيقة، والحمد لله صبرنا إلى أن اتضح الأمر لكل الناس.



    * لكن على الرغم من ذلك، فإن الرجل قدَّم إسهامات لمشروع الدولة السودانية التي تعتبر الإسلام مرجعيتها الأساسية؟


    ** ما الذي قدمه الترابي؟ لقد كان رجلاً مضطربًا، كان رئيس الحركة نعم.. لكن كان معه ناس آخرون، وأنا في اعتقادي من الناحية العملية أن هؤلاء قدموا أكثر منه.. لكني لا أعرف شيئًا إيجابيًا من الناحية الفكرية للترابي.. فإذا كان الرجل لا يؤمن بفكرة الدولة الإسلامية فماذا يقدم؟ وللأسف فقد كان الناس ينسبون إليه كل نجاح للحركة الإسلامية في السودان، والناس هكذا دائمًا يحبون أن ينسبوا الأشياء إلى الأفراد، فكل نجاح للحركة نسبه الناس إلى الترابي، ولم يكن هذا حقيقة أبدًا.



    * لماذا لم تتوحد قيادات الحركة الإسلامية الواعية لتقديم النصح للترابي، والحد من شطحاته وسلوكه غير المقبول من الناحية الإسلامية؟


    ** الجماعة الذين كانوا معه، والذين كانوا يحسنون الظن به كلموه كثيرًا، ما من شك في هذا، فقد كانت الحركة التي استطاعت الوصول للحكم في السودان أكبر حركة مقارنة ببقية الحركات، ومنها حركة الإخوان المسلمين الذين كانوا أصلا جزءًا من الحركة، فلما رأوا انحرافًا تركوا الحركة، وأنا انتقدتهم في هذا، وقلت لهم: إنكم كمثل إنسان دخل بيته لص، فترك هذا الرجل البيت للص. إذ صار الإخوان جماعة صغيرة بالنسبة للجماعة الكبيرة.

    وقد أكثر العقلاء حول الترابي نصحه، لكن الرجل سيطرت عليه فكرة أنه لابد أن يكون هو الحاكم.. حتى الرئيس عمر البشير كان من الذين يثقون به ثقة شديدة، حتى قيل أنه لم يُقبل رأس إنسان في حياته إلا الترابي، ولا رأس والده، فكونه يفقد أناسًا مثل هؤلاء معناه أن لديه مشكلة.. إذ هدفه أن يكون هو الحاكم، فلما فشل في تحقيق هذا صار عدوًا لدودًا للسلطة.. هذا غير متوقع، إذ لو كان إنسان يريد فعلاً وصول الحركة للحكم.. لما فعل هذا، حتى لو لم يكن هو الحاكم، فإما أن يؤيدها أو أن يصمت، لا أن يتحول إلى عدو لها فلا يوجد مخلص يعمل عملا كهذا.



    * لكن لماذا حظي الترابي بهذا الدعم والتأييد من كل الإسلاميين خارج السودان؟


    ** إذا كان الناس في السودان كانوا مع الترابي، فمن البديهي أن يكون الآخرون معه.. وأنا أعرف أن حالة من الانبهار كانت تسيطر على الكثير من هؤلاء تجاه الترابي، وقد نصحناهم وما استمعوا لنا أبدًا، بعضهم ولا أحب أن أذكر أسماء كانوا معجبين به إعجابًا شديدًا، وهذا الإعجاب يدل على أن الرجل كان فيه شيء جذاب، لكن هذا الشيء الجذاب لا علاقة له بصدقه في تحكيم الشريعة.



    * إن لم يكن الترابي صادقًا في طرحه الإسلامي، فإلى أي شيء كان يهدف؟


    ** الترابي كان يهدف إلى نفسه فقط.. الترابي للترابي، ولما فشل صار عدوًا. شخص كان زعيمًا للحركة الإسلامية لما يقرب من 40 عامًا، الآن يتهم بأنه كان على علاقة بالتمرد الأخير في السودان، وحتى لو كان بريئًا، فمجرد اتهامه دلالة على شيء بعينه، وتطرح علامة استفهام.


    وقد كلمني بعض الناس أن بعض أتباعه تركوه بعد أن حدثت هذه الشبهة.. طبعًا أنا أقول: حسنًا فعلوا. وكنت دائمًا أقول للناس: إذا انتقدتم الترابي فانتقدوه في الأساس لا في أمور ثانوية، فهو يقول كلامًا يشكك في أصل الدين.. وأذكر أن اثنين من إخواننا وكلاهما من مصر كانا في السعودية، والترابي زار السعودية في عام 1973، وألقى محاضرة هناك، وأنا ذهبت هناك في 1974 فوجدتهم ساخطين عليه سخطًا شديدًا؛ بسبب المحاضرة التي شكك فيها في السنة حتى قال لي أحد المصريين: إنه تكلم مع الترابي، وقال له: يا دكتور، إذا كنت أنت لست مستقرًا على شيء في أمر السنة فإلي ما تدعو.

    فنصيحتي أن تبعد عن هذا الأمر، وعليك أن تفكر في ماهية هذا الدين إذا كان عندك شك في أصل من أصوله هو سنة الرسول . فانظر يا أخي هذا الكلام من عام 1973.

    ومثال آخر.. وهو المصري الثاني وقد سمع مثل ذلك، وقال للترابي كلامًا أشد من الشخص الأول، ومع ذلك لم نستطع لا أنا ولا هو ولا غيرنا أن نقنع الإخوان الآخرين بالموقف الصحيح من الترابي.. لكن بالطبع بعضهم غير رأيه الآن في الترابي.



    * لماذا ادَّعى الترابي ـ منذ البداية ـ أنه صاحب مشروع إسلامي؟


    ** لأنه رأى أن هذا أقرب طريقة للوصول إلى الحكم وكانت فكرته – وكان من الممكن أن تنجح - أن يكون رئيسًا للحركة الإسلامية، وهناك الصادق المهدي أخو زوجة الترابي وصاحب حزب كبير، وربما أكبر من الحركة الإسلامية، فكانت فكرته أن يتحد الحزبان، وبهذا يصل للحكم ويكون له نصيب، فإذا صار المهدي رئيسًا للوزراء، يصير هو نائب الرئيس، لكن المشروع لم ينجح؛ لأن النميري قام بانقلاب أفشل الخطة، والمهدي نفسه غيَّر رأيه، واختلف مع الترابي بعد ذلك.



    * تعاني الحركة الإسلامية من خلافات شديدة يدور أغلبها حول فهم النصوص وإنزالها على الواقع ما هي ضوابط التعاطي مع هذه المشكلة؟

    ** اختلاف الناس في النصوص وفهمها مسألة قديمة.



    * أنا أتحدث عما هو مرتبط بأولويات الحركة الإسلامية؟


    ** طبعًا إذا قلنا الحركة الإسلامية فهي أنواع، غير أن الحركة الإسلامية التي تمثل جماهير المسلمين في مصر وغيرها من والبلاد العربية وغير العربية فمنهجها هو العمل السياسي بطريقة سلمية.. ومع ذلك ما كانت تقف من مسألة الانقلابات موقف مبدئي، لأنه في مرحلة بعينها كان هناك شيوعيون وبعثيون، فكثيرًا من الإسلاميين كانوا يرون أنه إذا كان البعثيون والشيوعيون يقومون بانقلابات، فهل هي محرمة علي الإسلاميين فقط فكان بعضهم يفكر في عملية الانقلاب.

    وانقلاب الإسلاميين بالسودان، مثلاً، لو كان تأخر أسبوع واحد كان سيحدث الانقلاب بيد الشيوعيين، غير أن الإسلاميين هناك كانوا يعرفون بانقلاب الشيوعيين المزمع قيامه كما عملوا على اختراق صفوف هؤلاء وتقدموا على الشيوعيين بأيام؛ لينجح انقلابهم ويصلوا إلى الحكم، حتى إن بعض الدول التي كانت تعرف بانقلاب الشيوعيين سارعت وأيدت انقلاب الإسلاميين على اعتبار أنه انقلاب الشيوعيين!



    * ألا ترون أن مثل هذه الخلافات القائمة بين الاتجاهات والحركات الإسلامية داخل الإطار السني تقوي من الموقف الشيعي.. على اعتبار أن السنة لا يشغلهم إلا الخلاف؟


    ** الشيعة أيضًا يا أخي يختلفون اختلافات شديدة.. فالشيعة كمذهب يتراجع، والسنة تمثل جماهير الناس، لكن الذي أعرفه الآن، من خلال حديث الكثير من الناس الذين زاروا إيران، أن الشيعة لها دعاية في الخارج، لكنها تتقلص في داخل إيران، ويقل التزام الناس هناك بالدين وتقل الصلوات في المساجد.. وكثير من الشيعة يتحولون إلى ملحدين وعلمانيين، غير أن هؤلاء يربطهم مجرد الانتماء إلى إيران، ويقولون: نحن إيرانيون، بل إنه من الممكن أن يقبلوا بحكم علماني فقط؛ ليجمعهم ويجعلهم يحققون بعض هذه الأشياء.



    * لكنني أتحدث عن انعكاس هذه الخلافات على الآخر وقوته؟


    ** لا يوجد حركة إسلامية سنية حدث داخلها انقلاب، لكن جاء أناس آخرون وقالوا: إن هؤلاء طريقتهم ليست صحيحة فأسسوا حركات أخرى، والكثير منها لم ينجح في الحقيقية، ونموذج الجماعات الإسلامية هنا في مصر شاهد على عدم هذا النجاح. فهم قالوا: إن الإخوان المسلمين ليسوا على صواب وجربوا فوجدوا أن طريقتهم ليست الصحيحة.. أنا لا أبرئ بالطبع حركة الإخوان من الأخطاء، لكن هؤلاء لم يأتوا ببديل أحسن.

    طبعًا، الشيء الذي أراه في ذهني هو شيء أحسن من الحركات القائمة السنية.. أنا أريد حركة تجمع بين العقيدة السليمة وتكون حركة علمية يقودها علماء وتجمع بين العلم بالدين ومعرفة الواقع السياسي.. هذه هي الحركة المثالية لكننا لا نجدها الآن.. كانت تتمثل في بعض الأفراد من الجماعات الإسلامية كالمودودي وحسن البنا والهضيبي وسيد قطب، لكن هذه كانت نجاحات فردية ما صارت سمة للجماعات، فأنا أريدها أن تكون سمة للجماعات.. ومن الحركات التي كانت ناجحة جدًا هي ما يسمى بالحركة الوهابية، فقد قامت على علم، لكن العلم لم يقتصر على المؤسس، وإنما استمر جيلاً بعد جيل، فإلى الآن تجد بعض الناس كأنهم كانوا مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالأمس.



    * لكننا نتحدث عن الحركات ذات الهياكل التنظيمية؟
    ** حركة ابن عبد الوهاب وصلت إلى الحكم .



    * الشيعة لهم مرجعية واحدة، في حين يختلف السنة، ووصلت حدة الاتهامات بينهم إلى التخوين والتكفير والعمالة؟

    ** هذه مبالغة.

    * لكن تأثير الشيعة يزداد يوما بعد يوم؟

    ** هم مؤثرون بالفعل؛ لأن الحكومة الإيرانية وراءهم، فالناس إذا وجدوا حكم يساعدهم بالمال والسلاح والثقافة يتحركون، وهذا أمر لا شك فيه، فقبل الحكومة الإيرانية لم يكن هناك تأثير للشيعة، خاصة وأن الحكومة أعلنت أنها حكومة شيعية. وأنا أتفق معك على أن ما تفعله الحكومة يصب في صالح الشيعة، لكن تأثيرهم في الخارج، أما في الداخل فلا تأثير لهم، فهم كالمسيحية الغربية يدعون الناس إلى المسيحية وبناء الكنائس، وفي أوروبا كنائسهم تباع أو لا يدخلها الناس.



    * اعتبر البعض أن ما فعله حزب الله مؤخرًا في لبنان بمثابة كشفًا للمستور وفضحًا لحقيقة هذا الحزب الطائفي.. هل ترون أن الحزب غير قادر فيما بعد على استعادة ثقة الجماهير المسلمة لدعمه وتأييده؟


    ** بالطبع الجماهير تتأثر بالشيء المباشر الذي تراه، فعندما رأوا عمل حزب الله ضد إسرائيل تأثروا بذلك وهذا طبيعي، ولو أنهم كانت لهم قيادات توجههم، وتقول لهم حقيقة الموقف، وأن هناك حقائق أخرى غير واضحة فلا تتطرفوا في التأييد لكان الأمر مختلفًا.


    الناس انتظروا حتى حدث شيء واضح للعيان.. نعم هناك كتابات لكنها اعتبرت أقليات واعتبر الذين كتبوها؛ إما وهابيين أو غير مدركين للواقع أو ليس لديهم تحليل علمي أو أنهم مدفوعون بالعاطفة.



    * على خلفية الهجمة الشرسة التي شنها البريطانيون، حكومة ومعارضة، على كبير أساقفة كانتربري الذي دعا إلى أن يتضمن القانون البريطاني بعض أحكام الشريعة الإسلامية كي يتحاكم إليها المسلمون في بريطانيا.. ما تفسيركم لذلك، على الرغم من أن الرجل ابن للكنيسة والحضارة الغربية؟


    ** بالمناسبة.. أنا كنت هناك أثناء هذه المحاضرة وقد نشرت المحاضرة في اليوم الثاني، وكان كلام الرجل فيه الكثير من العقل، فهو يقول أنا ضربت مثلاً بالمسلمين، لكن يمكن أن أقول نفس الكلام على اليهود، وهؤلاء بريطانيون فلماذا نفرض عليهم قوانين لا تتماشى مع دينهم؟ لماذا لا نتركهم في بعض هذه المسائل الجزئية؟ والضجة التي حدثت في اعتقادي أن الرجل نفسه لم يكن يتوقعها.. ومع ذلك فقد امتدحه البعض بأنه رجل ثابت ولم يغير موقفه وتكلم ثانية للتعبير عن رأيه.. وكانت بعض الردود سخيفة. فرئيس الوزراء قال: ينبغي أن تحكمنا القيم البريطانية، وزعيم المعارضة انتقده، والبعض قال: هذا ليس مسيحيًا، والبعض طالب باستقالته، لكن كانت فعلا صدمة لكثير من البريطانيين وغير البريطانيين، بالرغم من أن الرجل في الترتيب السادس في الدولة، وهو عضو كبير في مجلس العموم البريطاني.


    وتفسير ذلك.. أن الأشياء دائمًا تكون مخفية ويوجد ظواهر وبواطن، فتأتي بعض الحوادث فتنزع الغطاء الخارجي ويتبين الناس على حقيقتهم .



    * هل تكشف لنا مثل هذه الأحداث تهاوي دعاوي الحوار مع الغرب.. أم أن الدعوة للحوار لها اعتبارات أخرى؟


    ** الحوار نوعان: فيوجد حوار مستمر لا ينقطع منذ جاء الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإلى الآن، وهو حوار أفراد مع أفراد، وهذا هو سبب دخول الناس في الإسلام، وهي الدعوة. وأقول للذين ينكرون الحوار إذن اتركوا الدعوة، لأنك إذا دعوت لابد أنك تتحاور، تقول لواحد: محمد رسول الله، فيقول لك: ما الدليل؟ فهل تقول له اذهب لا أريد أن أكلمك ؟ بالطبع لا.. فلابد من أن ترد عليه وأن تقنعه، فهذا حوار وهذا مستمر بحمد الله.


    أما الثاني.. فربما يكون عليه علامات استفهام، وهو الحوار الرسمي الذي تتبناه الحكومات أو جماعات، وقد جربته وفي كثير من الأحيان لا ينجح؛ لأن كلا الفريقين لا يمثل كل الناس... وقد شاركت في حوار مع مندوبين من الكنيسة الكاثوليكية في إسبانيا، فأدخلونا في مكان مغلق ومنعوا الصحافيين، وكنا نتوقع أن يسمعنا الكل كما كان كل المتحاورين معنا قساوسة متعصبين لدينهم وما يحبون الحوار في أصل الدين، ويقولون حوارنا في الأشياء المشركة كمسألة الفقر وغيرها، فقلت لهم: إن هذه الأمور يمكن أن نتعاون فيها حتى مع غير المتدينين.



    * في مرحلة زمنية سابقة كانت ثمة هيمنة ثقافية لليسار والناصريين، والآن تمكن الإسلاميون مع ثورة الاتصالات من تخفيف حدة هذه الهيمنة بعض الشيء.. ما تقييمكم لهذه الجهود الثقافية؟



    ** أنا عشت تلك الفترة التي كان لليسار الهيمنة، وجزء من الأسباب أن الحركة الإسلامية كانت مبتدئة، فكنا إما في المدارس الثانوية أو طلاب في الجامعات وهؤلاء سبقونا، وكانت وراءهم دولة كبيرة. فأذكر في السودان كان هناك مراكز ثقافية سوفيتية وكانوا متهمين بأنهم يمولون ماديًا من الاتحاد السوفيتي، فكان عندهم إمكانيات.

    غير أن الضربة الكبيرة جاءتهم من خرتشوف عندما جاء وتكلم عن ستالين، لأن الشيوعيين في العالم كله كانوا عباد لستالين فتكلم عنه خرتشوف أسوأ كلام، وهذا يحطم من روحهم المعنوية، ثم جاء جورباتشوف، ثم انتهت الشيوعية باعتبارها دولة، وهذا كان في الوقت الذي كانت فيه الحركة الإسلامية تتنامى وتزداد عملاً وتجربة، كما أن من رحمة ربنا أن رحمنا بالإنترنت والفضائيات إلى حد ما.



    * هل أنت راضٍ إذن عن دور الإسلاميين الثقافي؟

    ** نعم إلى حد ما.

    * يُتهم الشباب المسلم المتدين بقصور ثقافته وعلمه عند حد الإلمام بفقه العبادات وبعض الأمور المتعلقة بالدين دون محاولة الإلمام بالواقع والأحداث، وهو ما يؤثر على سلوكه وتفاعله مع المجتمع.. ما تعليقكم؟ وكيف يمكن تصحيح هذا المسار؟


    ** الحكم العام بهذه الطريقة ليس صحيحًا؛ لأن معظم هؤلاء الشباب هم من خريجي الجامعات ودرسوا ما درسه غيرهم من الطلاب من العلوم، فلا تستطيع أن تقول هذا الكلام عنهم، لكن ربما يكون اهتمام بعضهم بهذا، وكما أن بعضهم قصر في هذا الجانب فكذلك بعض الذين عرفوا الواقع قصروا أيضًا في تعلمهم للدين، والدعوة لا تنجح إلا بالأمرين، فلابد أن يكون هناك أناس يعرفون الدين ويعرفون الواقع.



    * يعول الكثير من المحللين والمراقبين على الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة، ويعتقد البعض أن الملف العراقي مرهون بتغيير الرئيس الأمريكي.. ما قولكم في هذا؟ وماذا تتوقعون بشأن هذا الملف؟


    ** المسألة ليست مسألة رأي، فالحزب الديمقراطي أعلن أنه سينسحب من العراق لكن بمراحل، ولكننا لا ندري عندما يأتي للحكم، ويرى الواقع ويسمع الجيش فهل سيستطيع أن يفعل؟ أما إذا نجح ماكين فسيبقى الوضع على ما هو عليه؛ لأنه استمرار لبوش وبالتالي ليس جديدًا.







    http://www.google.com/imgres?imgurl=http://www.shareah....mage&ved=0CDMQ9QEwBQ
                  

05-05-2010, 11:39 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18426

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    news_215277.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    جعفر شيخ إدريس: لست متشددا ولا أرفض الحوار مع الآخرين وإبعادي من أميركا يدخل ضمن الحملة المتشددة ضد السعودية



    الرياض: إسماعيل محمد علي
    اتهم الدكتور جعفر شيخ ادريس، رئيس الجامعة الأميركية المفتوحة، وهو ايضا عالم إسلامي كان يعمل في السفارة السعودية بواشنطن جهات بعينها لم يشأ أن يسميها بأنها وراء إبعاده من الولايات المتحدة بعد سحب التأشيرة الدبلوماسية منه. وقال إن ما حدث يمكن أن يصنف في إطار الحملة المتشددة تجاه السعودية. ونفى ادريس في حوار مع «الشرق الأوسط» أن يكون متشدداً في أفكاره أو من الرافضين لمبدأ الحوار مع الآخرين، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لا يفكر في الذهاب مرة ثانية إلى أميركا رغم أن شعبها يعتبر من اقرب الشعوب الغربية إلى الفطرة.
    * بداية لماذا سحبت منك التأشيرة الدبلوماسية في واشنطن؟ ـ علمت أن وزارة الخارجية الأميركية التي ألغت التأشيرة زعمت أنني قمت بأعمال لا تتناسب مع الوظيفة الدبلوماسية، ولم يذكروا لي من الأعمال سوى كثرة المؤتمرات والندوات التي شهدتها والمحاضرات التي ألقيتها، وكل هذا عمل ظللت أقوم به منذ ذهابي الى الولايات المتحدة. واسمح لي بهذه المناسبة أن أتقدم بالشكر للأمير بندر بن سلطان سفير السعودية بواشنطن على ما تفضل به من كلمات الثناء والتوضيح التي دلت على ما في نفسه من روح الوفاء والإنصاف، والتي كان لها عظيم الأثر على أهلنا وأصدقائنا ومعارفنا في بلاد الله كلها.

    * ما طبيعة العمل الذي كنت تقوم به في واشنطن؟ ظللت منذ عام 1974 أتردد على الولايات المتحدة مبتعثاً من الجامعات السعودية التي كنت اعمل بها أو من الشيخ عبد العزيز بن باز للمشاركة في أعمال تتعلق بالدعوة، ومن ثم بدأت صلتي بالسفارة السعودية، وعندما افتتحت جامعة الإمام بالتعاون مع السفارة معهداً للعلوم الإسلامية والعربية كلفت مع غيري من الأساتذة السعوديين وغير السعوديين للعمل به، وأعطينا جميعاً تأشيرات دبلوماسية على جوازات بلادنا التي نحملها، وكنت مختصاً بالبحوث المتعلقة بالإسلام. وكانت وزارة الخارجية الأميركية على علم بكل هذا.

    *ما نوع الجواز الذي تحمله حالياًَ وسابقاً؟ ـ أنا لا احمل جوازاً دبلوماسياً لا سعودياً ولا سودانياً، وليس لي جنسية غير جنسيتي السودانية. وأنا إنما أقول هذا بياناً لحقيقة لا دفعاً لتهمة، بل انه ليشرفني أن انتسب إلى بلد قضيت فيه زمناً طويلاًُ من عمري، واستفدت منه علماً وخبرة وصداقات ومعارف. والحمد لله لم يجعل حمل الجواز شرطاً في مثل هذه العلاقات.

    * متى أخطرت بقرار سحب التأشيرة؟ ـ كان ذلك في بداية شهر رمضان المبارك وأعطوني مهلة شهر لمغادرة البلاد.

    * هل صحيح أن واشنطن أوقفت الدعم الذي كانت تقدمه للمعهد الإسلامي في فيرجينيا بسبب ارتباطك به؟ ـ أي دعم؟ المعهد كما قلت لك تابع لجامعة الإمام، وما زال يواصل عمله، ونسأل الله تعالى له الاستمرار والتوفيق لانه يقوم بعمل عظيم.

    * هل صحيح ان السلطات السعودية سحبت التأشيرات الدبلوماسية من المدرسين السعوديين في الخارج لإبعاد السفارة عن أية مهام تتعلق بالشؤون الدينية؟ ـ الذي أعلمه هو أنهم لم يصرحوا ان ذلك تم من اجل قيامهم بنشاطات دينية، ولكنهم قالوا إنها لا تتناسب مع المهام الدبلوماسية ولذلك فإن تأشيراتهم ستتغير إلى تأشيرات أخرى تناسب عملهم.

    * اتهمت أنك تتعامل مع مؤسسات إسلامية ـ أميركية تدعو إلى نوع متشدد من الفكر الإسلامي ما ردك؟ ـ التشدد وعدم التشدد أوصاف نسبية تعتمد على تصور الواصف للأمر. ان السائد في الفكر الغربي هو أن كل من يرى دينه هو الحق الذي أوحاه الله تعالى، ويأخذه لذلك مأخذ الجد، نصوصاًَ وعبادة وسلوكاً بقدر استطاعته، هذا في رأيهم إنسان متشدد لأنهم يرون ـ حسب الدين الذي عرفوه، ثم انه يصدق على سائر الأديان ـ انه متأثر بثقافة عصره فلا ينبغي أن يفرض على ثقافات عصور جاءت بعده، فالدين صار عندهم تابعاً للثقافة السائدة، وهو عندنا حكم على الثقافات وقائد لا تابع، فانا لا اعد بالمقاييس الإسلامية متشدداً ولست من الذين يرفضون الحوار مع الآخرين ومجادلتهم بطريقة عقلانية.

    * ذكرت انك خضعت لتحقيقات من قبل المباحث الأميركية «اف. بي.آي»، فماذا جرى معك بالضبط؟ ـ نعم، لكنني خدعت فمعظم من سألوني وحققوا معي كانوا في المطارات، ولم أكن اعرف أنهم من رجال المخابرات، ولما عرفت ـ وكان ذلك في آخر دخول لي قادماً من بريطانيا ـ لم اجبهم لأنني علمت انه لا حق لهم في استجوابي، وان صلتي إنما هي بوزارة الخارجية، بل علمت من بعض رجال القانون انه لا حق لهم في استجواب أي احد إلا إذا جاءوا بوثيقة تبيح لهم ذلك، لكنهم في الغالب يستغلون جهل الناس بالقانون فيسألونهم أسئلة يورطونهم بها. لم تتعد أسئلتهم ما ذكرت لك من محاضرات وندوات، وقد غضبت ذات مرة فقلت لأحدهم إنكم تعلمون إنني كنت من أوائل من انتقدوا ما حدث في 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في خطبة جمعة شهدها مراسلو قنوات تلفزيونية مشهورة منها «سي إن إن» ثم قلت له بالمناسبة أنا لست حريصاً على البقاء في بلدكم، وأنا لا استفيد منكم أي فائدة مادية.

    * الان في السعودية، هل لديك نشاط معين أو عمل بعينه يرتبط بعملك السابق في واشنطن؟ ـ لا.

    * هل يمنعك قرار سحب التأشيرة الدبلوماسية من السفر إلى الولايات المتحدة ولو بتأشيرة عادية، وهل تنوي السفر إلى واشنطن مرة ثانية؟

    ـ من الناحية الرسمية لا يمنعني لكنك تعلم أن إعطاء التأشيرة يخضع لشروط أخرى، لا أفكر الآن في الذهاب للولايات المتحدة، وأنا أسف لذلك لأن أميركا هي الآن من أخصب البلاد للدعوة الإسلامية، وربما كان الأميركان اقرب الشعوب الغربية إلى الفطرة، والإسلام هو دين الفطرة، فكل من احتفظ بها يجد في نفسه راحة به حين يعرفه. وأنا كثيراً ما اذكر إخواننا الدعاة بأن لا يخلطوا بين الموقف السياسي من هذه الإدارة أو تلك وهذه السياسة أو تلك وبين الموقف من الأمة الأميركية أو البريطانية أو اليابانية أو غيرها. إن دعوتنا إلى الناس تقوم على رصيد في نفوسهم لا تخلو منه امة منهم، ولولا وجود هذا الرصيد من الخير في الأمم لما اسلم منهم احد. لقد عشت في أميركا مدة واستفدت منها علماً وثقافة وكونت بها صداقات غزيرة، فأنا لا اخرج منها كارهاً لكل ما فيها ولا شاعراً بمرارة نحو كل أهلها.

    * ما طبيعة المواضيع التي كنت تتناولها في المحاضرات والندوات التي كنت تقيمها في أميركا؟ ـ اغلبها إسلامية وجزء بسيط يتعلق بالسياسة سواء في الشأن الأميركي أو العربي أو الإسلامي وغيره.

    * هل كنت تنتقد في هذه المحاضرات والندوات السياسة الأميركية؟ ـ نعم، كنت أوجه بعض الانتقادات للسياسة الأميركية، ولكن ما أقوله ليس أكثر مما يقوله الاميركيون عما يحدث في الساحة الأميركية سواء في السياسة الداخلية أو الخارجية. وأنا لا أتحدث عن السياسة في كل المحاضرات والندوات.

    * متى كانت آخر محاضرة ألقيتها هناك؟ ـ قبل إبعادي بأسبوع.

    * وهل وجدت أي اعتراض صريح على هذا النشاط الذي تمارسه؟ ـ نعم، قالوا لي أنت دبلوماسي ويجب أن لا تقوم بمثل هذا العمل الذي تخاطب به آلاف الناس. وفي الحقيقة إن العدد الذي يحضر هذه المحاضرات في الغالب يتراوح ما بين 100و200 شخص من العرب والمسلمين.

    * وهل صحيح أن إلغاء تأشيرتك الدبلوماسية كان بسبب التغييرات في القانون الأميركي؟

    ـ الأميركيون دائماً لا يفصحون عن السبب، ولا اعتقد أن ذلك يتطلب تغييراً في القانون، ولكن يمكن أن ترجع ذلك إلى التشدد الحاصل مع السعودية.

    * هل تتهم جهات بعينها بأنها وراء إبعادك من أميركا؟ ـ نعم ولكنني ارفض الإفصاح عنها على الأقل في الوقت الحاضر، وما أحب أن أقوله في هذا الخصوص هو أن الصحافية الأميركية، سوزان سميث، التي أوردت قرار إبعادي في جريدة «واشنطن بوست» طلبت أن تجري معي مقابلة صحافية إلا إنني رفضت، وهي صحافية معروفة بمعاداتها للإسلام والمسلمين، واعتقد أنها يهودية الديانة.



    http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&article=215277&issueno=9194
                  

05-05-2010, 11:43 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18426

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    Quote: أربعة قرون من الزمان مرت بعد أن قدم الطالب وقتها جعفر شيخ إدريس أول مذكرة للحكم العسكري الأول الذي وصل إلى السلطة في 17 نوفمبر 1958 بقيادة الفريق إبراهيم عبود، قائد الجيش.
    وكان الطالب جعفر يترأس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم الواجهة القوية الوحيدة التي يتحرك منها تنظيم الإخوان المسلمين الذي أصبح هو الإتجاه الإسلامي ثم تنظيم الإسلاميين الوطنيين بعد حركة 30 يونيو 1989 العسكرية!!
    مذكرة جعفر شيخ إدريس ظلت مفخرة للإسلاميين يتحدثون عنها في كل يوم ويعتبرونها هي الدليل الذي لا يضل ولا يخطئ في توضيح طريقهم الحريص على الحريات.
    ظل الإسلاميون يقولون إن اتحاد جعفر شيخ إدريس طالَبَ عساكر 17 نوفمبر بالعودة إلى الثكنات وفتح الطريق أمام الديموقراطية والتعددية، وكانوا يقولون لقد تصدينا بصلابة للعسكر بينما غازلهم الشيوعيون وخاض فاروق أبوعيسى انتخابات المجلس المركزي الذي كونه عهد عبود.
    وغنى وردي لعهد عبود في 17 نوفمبر، هَبَ الشعب طرد جلادو... في 17 نوفمبر راح الظلم الله لا عادو
    وتخرج جعفر شيخ إدريس في كلية الآداب جامعة الخرطوم ثم نال الدكتوراه في الفلسفة وأصبح رقماً في الساحة الإسلامية أيام عهد النجوم اللامعة. وأنداد الدكتور الترابي.. الدكتور الشهيد محمد صالح عمر والدكتور جعفر شيخ إدريس.
    ولكن عهد مايو الذي حكم لمدة 16 عاماً من عمر الزمان جعل دكتور جعفر يخرج من البلاد، إنه لا يمكن أن يتعايش مع نظام أشد قسوة من نظام عبود.
    وقيل إن جعفر شيخ إدريس قد التقى بنميري قبل أن يخرج من البلاد وتحدث معه عن أن هذا النظام لن تقوم له قائمة طالما يتحالف مع الشيوعيين، وقال د. جعفر إن نميري أكد له أنه سيتخلص منهم.. ولكن نميري لم يتخلص من الشيوعيين إلا بعد أن قتل صديق جعفر الدكتور محمد صالح عمر في حوادث الجزيرة أبا. وهكذا هاجر جعفر.
    وتصالح الإسلاميون مع نميري عام 1977، ثم سقطت مايو وعادت الديمقراطية وجعفر لا يقرر العودة النهائية إلى السودان.
    وحينما يعود أصبح يهاجم الدكتور الترابي ويتصدى له تلاميذ الدكتور الترابي. ويقولون إنها غيرة الدكتور جعفر من الدكتور الترابي... وفي ندوة من الندوات اتهم الأستاذ أمين حسن عمر دكتور جعفر بأنه بتكفيره للدكتور الترابي يريد أن يحرض على اغتياله.
    وكان أمين حسن عمر يتحدث في نفس القاعة التي تحدث فيها دكتور جعفر وتحدث مع الأستاذ الأمين الدكتور التجاني عبدالقادر والسيد حاج نور والأستاذ المحبوب عبدالسلام.
    واستنكرت شخصيات من غير الإسلاميين تكفير جعفر للترابي ومن الذين استنكروا الأستاذ المحامي عبدالوهاب محمد عبدالوهاب (بوب) وحاولت بعض الجهات الحديث عن "أدب الخطاب الإسلامي" وهو عنوان ندوة كان المفترض أن يتحدث فيها دكتور عصام البشير ودكتور بهاء الدين حنفي.
    ولكن جعفر شيخ إدريس لا يتحدث عن حسن الترابي بالاسم ويكتفي بالتلميح دون التصريح بالاسم ويقول "صاحبنا قال كذا في كتابه كذا صفحة كذا في الشريط كذا"
    وما بين عام 1958 وعام 1998 تمر أربعة عقود من الزمان ويدعم الإسلاميون حركة عسكرية ويصبح الدكتور الترابي رئيساً لبرلمان العهد الجديد ثم يصبح الأمين العام للتنظيم السياسي الحاكم.
    ويعود دكتور جعفر شيخ إدريس ويقول خلافي مع دكتور الترابي فكري وسياسي ويشكك في إسلامية الدستور.
    واقرأ الحوار مع دكتور جعفر شيخ إدريس بالداخل.

                  

05-05-2010, 11:45 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18426

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    Quote: حاوره: الهندي عزالدين عمر

    ·كلما عاد الدكتور جعفر شيخ إدريس إلى الخرطوم شغل الناس وملأ الدنيا. الكثيرون يتحلقون حوله.. الإعلام يتابعه.. والمحاضرات تنتظره.. والأسئلة الحائرة كثيرة تقدم بين يدي عالم جديد.. وشيخ معتبر من شيوخ الحركة الإسلامية منذ أن جاء طفلاً يحبو.. ويستتر. يومها كان لفتية الإخوان المسلمين الق.. وبريق وشعار تموت دونه كل الشعارات وكانت الدعوة لسبيل الله الحق.. أكبر من كل الضجيج في آذان شباب كان يرى في قلب الأربعينات.. مجتمعاً كله ظلامات وارتداد مجتمع مستعبد.. مستعمر.. ومسحوق.
    ·كان جعفر شيخ إدريس من الذين تحملوا عبء وضع بذرة الإخوان المسلمين في تربة السودان الخصيبة.. حتى صار الاسم.. حركة وفعلاً ثم مضى الزمان وتشقق (الإخوان) وهاجر (جعفر) إلى أمريكا.. داعية وأستاذاً.. ومؤسساً للجامعة الأمريكية المفتوحة في بلاد العم (سام)
    ·جعفر شيخ إدريس كان رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم عام 1958.. ويومها كان الطلاب قلة وكانت الاتحادات نادرة ورئاستها غالية كغلاء القضية.. وكان (جعفر) نجماً في زمان العزة.. والنجوم طاهرة.. والسماء التي لا تعرف الكدر.
    ·قال لي أحدهم (إن دكتور الترابي) لا يخشى من علم أحد.. كخشيته من علم (جعفر) وجرأته.. وسألناه هل هناك غيرة سياسية بينك وبين دكتور (الترابي) لكنه رفض الإجابة.. وقال" تحدثت في هذا الأمر كثيراً ولا داعي للتكرار."
    ·جعفر شيخ إدريس قال إنه لا ينتمي لتنظيم الإخوان المسلمين ولا لأي تنظيم آخر.. وتحفظ على نقد (الإخوان) بالداخل.. وعمم النقد على التجربة العالمية بأنها لم تصحح نفسها.. ولم تراجع خطواتها وهكذا تكررت أخطاؤها.
    ·جعفر شيخ إدريس يلقى محاضرته ويغادر لأمريكا.. هكذا تعود! هل في الرجل سلبية... رغم كل هذه الجرأة؟! الرجل نفى عنه السلبية ولكن ماذا قال؟! إلى مضابط الحوار ندعوكم.

    دكتور جعفر بدءاً كيف ترى حركة الإخوان المسلمين بعد خمسين عاماً؟ أين هي من الساحة الآن؟
    أنا لست عضواً في حركة الإخوان المسلمين ولا في أي حركة إسلامية أخرى.

    ولكنك من مؤسسي هذه الحركة! كمراقب كيف تراها؟
    أعتقد أن حركة الإخوان المسلمين تعتبر كبرى الحركات الإسلامية في العالم العربي بل في العالم أجمع.. تنافسها حركة الجماعة الإسلامية في باكستان ولكني أظن أنه من حيث عدد العلماء والمفكرين والانتاج العلمي ربما كانت حركة الإخوان المسلمين أكبر وربما ساعدها على ذلك كونها حركة عربية أقرب إلى معرفة الأصول من رفيقتها الباكستانية وقد مرت حركة الإخوان بظروف متعددة ما كان يمكن أن تبقى معها على منهج واحد وموقف واحد..
    ربما لم تعانِ حركة في العصر الحديث مثلما عانته حركة الإخوان المسلمين على يد (عبدالناصر) في مصر وفي غير مصر على أيدي كثير من الطغاة لكن الذي يعاب على حركة الإخوان أنها بالرغم من أنها كانت حركة إسلامية كبيرة تدعوا لقيام دولة إسلامية إلا أنها لم تنتج فكراً مفصلاً في ما ينبغي أن يكون عليه موقف الجماعة من الحكومات غير الإسلامية ولا في الطريقة التي تسلكها في الوصول إلى الحكم فبينما كانت قد نشرت شعار الإسلام دين ودولة وأشاعت الآيات القرآنية المتصلة بقضايا الحكم وبينما كان الحكام يتهمونها بالمحاولة للوصول إلى الحكم كانت أحياناً تنفي ذلك ويقول كثير من أعضائها وقادتها "إننا لسنا طلاب حكم" وأذكر أنني شغلت بهذه القضية وأردت أن أبين أننا لسنا طلاب حكم من الناحية الشخصية لايريد أحد منا أن يصبح وزيراً ولكننا طلاب حكم من ناحية الجماعة وإذا وصل أحد منا للحكم أن تؤيده الجماعة وتقف معه.
    وأيضاً مما يؤخذ على حركة الإخوان المسلمين العالمية، وهذه كلمة أنقلها على لسان رجل باكستاني قال: "إن الحركات العالمية والصهيونية تجتمع كل بضع سنين وتراجع عملها وتنتقد نفسها ثم تعلن ذلك على الملأ لكيلا يتكرر الخطأ، لكن حركة الإخوان لم تفعل ذلك أبداً وهكذا تكررت الأخطاء سواء باسم الإخوان أو بمسميات أخرى"

    إذن كيف ترى طريق الحل لتصحيح الحركات الإسلامية،الإخوان وغير الإخوان؟!
    الحركة الإسلامية التي أراها حركة إسلامية رشيدة، وتكون سلفية من حيث العقيدة والعبادات وتكون في نفس الوقت حركة اجتماعية وسياسية أي حركة تجمع بين محاسن الحركات السلفية ومحاسن الحركات الإسلامية السياسية، وتكون حركة واضحة الهوية.. وأحسن مثال للحركات عديمة الهوية هو مثال (الجبهة الإسلامية القومية) لإن زعيم الحركة –دكتور الترابي- كثيراً ما كان يصرح "أنه ليس سنياً ولا شيعياً"

    ربما قصد الترابي أنه غير متحزب ولا يريد أن يكون داخل تلك الأطر التي تصنف الإسلام إلى إسلام (شيعة) كما في إيران أو إسلام (سني) كما في بعض الدول العربية، ربما أراد الكليات ونأى عن الجزئيات؟
    لا هو شيعى.. ولا هو سني إذن كيف هو؟ (تساءل وعلى وجهه الحيرة ثم واصل حديثه) لقد اختلف الشيعة والسنة منذ زمن بعيد في مسائل أصولية وليست فرعية.. فإذا قلت أنك لست سنياً فهذا يعني أنك لا تأخذ برأي السنة كله أو بعضه في هذه القضايا وإذا قلت إنك لست شيعياً فهذا يعني أنك لا تأخذ برأي الشيعة كله أو بعضه في تلك القضايا.. ومعنى ذلك أنك صاحب مذهب جديد! ولا يكفي أن تقول أنا مسلم فقط فالشيعة لم ينفوا أنهم مسلمون ولا السنة نفوا ذلك.

    نعود لموضوعنا
    هذا دليل على أنها –أي الجبهة- حركة غير واضحة بالذات في قضايا أصول الدين.. بعد الأصول لا مانع أن نتعاون بعد ذلك حتى مع الذين يخالفونها في هذه المسائل الأصولية إذا دعا داعً إلى التعاون وبعد تحديد الهوية يكون هناك قدر كبير من الحركة للأعضاء في الاختلاف في القضايا الفرعية والتعبير عنها وبذلك تجمع الحركة الانضباط الفكري الذي يقوي فاعليتها والحرية التي تنمي شخصيات الأعضاء ولا تجعلهم مجرد أدوات في أيادي القادة ولا مجرد وقود للحركة.

    ألا ترى أن في الحركة الإسلامية السودانية متسعاً من الحريات للتعبير عن القضايا الفرعية؟
    انا لا أرى حركة إسلامية الآن. يقولون إنهم حلوها (ابتسم قليلاً) وحسب علمي لا يوجد جماعة إسلامية معلنة غير أنصار السنة المحمدية.

    وقبل حلها ألم تكن بها حريات؟
    ليس بها حريات وقد تحدث في هذا المجال الدكتور (حسن مكي) وهو أعلم بها مني. أنا أعتقد أن التربية التي م يتعصبون لتنظيمهم حالت دون هذه الحريات فصار العضو يرى خظأً واضحاً ولا ينتقده خوفاً على الجماعة من أن تتفتت أو يدب فيها الخلاف.. وهذا الذي جعل دكتور الترابي يتحدث ويجرؤ في التعبير عن آراء يعتبرها كثير من المنتمين إلى الحركة انحرافات ولكنهم لا يجرؤون على نقدها محافظةً على وحدة التنظيم أو الإخلال بهيبة الزعيم.!

    ولكن كان للجبهة الإسلامية القومية مجلس للشورى.. دون بقية الأحزاب.. وكانت لها مؤسساستها المتعددة والمتخصصة وهي الحزب الوحيد الذي أقام عدة مؤتمرات وظهرت فيها مساحة من الديمقراطية دون غيرها من التنظيمات السياسية في تلك الفترة؟!
    أنا كنت عضواً بالجبهة الإسلامية القومية وحديثي الآن عن النقد المعلن على الملأ لا النقد الذي يقال داخل التنظيم، فهذا كان موجوداً حتى في الحزب الشيوعي ولذا عندما بدأ النقد المعلن اعتبروه خروجاً على الحركة وعلى التنظيم، مثل النقد الذي قلته أنا ويقوله الآن الأخ حسن مكي، مع أنه كان فيه كثير من الحق.. وحتى لوكان من غير الحق.. فهو ليس منكراً كالآراء التي يصرح بها الترابي ولكن يعترضون على حسن مكي ولا يعترضون على الترابي.

    ربما كان هدفهم أن التصحيح يكون من الداخل ولا داعي "لنشر الغسيل" في الخارج. ثم إن الجمهور والعامة من الناس ليسوا أعضاءً في هذا التنظيم، فكيف سيصحح الجمهور خطأً لا علاقة له به؟!
    الخطأ الداخلي أو الذي لا يهم إلا الجماعة هو الذي ينتقد داخلياً.. أما الخطأالمعلن ولا سيما في مسائل من أصول الدين تهم كل المسلمين، فيجب أن ينتقد علناً وحتى إذا بدأ النقد داخلياً فيجب أن يلزم من تسبب في الخطأ بتصحيحه.

    هل من مثال؟
    مثل قضية الدستور، الآن الدستور ما من شك أنه يهم كل سوداني ولكن كنت أتحدث مع أحد إخواننا.. وهو من الجبهة (ضحك) قال لي ذلك الأخ: "إننا نوافقكم في نقدكم للدستور" وقال "إنهم اجتمعوا اجتماعاً شبه تنظيمي وعبروا عن رأيهم هذا" فقلت له "وما الفائدة؟" الدستور معروض الآن على الشعب كله فنقدكم السري هذا لن تكون له أي نتائج، لإن الحركة الإسلامية، أي حركة إسلامية، تقوم أساساً لتبصير الناس بالدين فإذا قيل باسمها كلام فيه تحريف للدين فيجب تصحيحه.
    ومثال آخر.. جاءني بعد المحاضرة التي قدمتها قبل أيام شاب فاضل منزعج انزعاجاً شديداً من نقدي للدستور فقل له "يا ابني كيف تكون غيرتك على التنظيم وعلى الزعيم أكثر من غيرتك على الدين الذي قام عليه التنظيم؟ كان من حق الرسول صلى الله عليه وسلم أن تغار عليه أكثر من غيرتك على التنظيم أو الحكومة.. لأنني بينت أن الدستور به نصوص مخالفة لنصوص صريحة في السنة.

    نواصل...
    1
                  

05-05-2010, 11:46 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18426

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    Quote: -2

    حاوره: الهندي عزالدين عمر
    · كلما عاد الدكتور جعفر شيخ إدريس إلى الخرطوم شغل الناس وملأ الدنيا. الكثيرون يتحلقون حوله.. الإعلام يتابعه.. والمحاضرات تنتظره.. والأسئلة الحائرة كثيرة تقدم بين يدي عالم جديد.. وشيخ معتبر من شيوخ الحركة الإسلامية منذ أن جاء طفلاً يحبو.. ويستتر. يومها كان لفتية الإخوان المسلمين الق.. وبريق وشعار تموت دونه كل الشعارات وكانت الدعوة لسبيل الله الحق.. أكبر من كل الضجيج في آذان شباب كان يرى في قلب الأربعينات.. مجتمعاً كله ظلامات وارتداد مجتمع مستعبد.. مستعمر.. ومسحوق.
    · كان جعفر شيخ إدريس من الذين تحملوا عبء وضع بذرة الإخوان المسلمين في تربة السودان الخصيبة.. حتى صار الاسم.. حركة وفعلاً ثم مضى الزمان وتشقق (الإخوان) وهاجر (جعفر) إلى أمريكا.. داعية وأستاذاً.. ومؤسساً للجامعة الأمريكية المفتوحة في بلاد العم (سام)
    · جعفر شيخ إدريس كان رئيساً لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم عام 1958.. ويومها كان الطلاب قلة وكانت الاتحادات نادرة ورئاستها غالية كغلاء القضية.. وكان (جعفر) نجماً في زمان العزة.. والنجوم طاهرة.. والسماء التي لا تعرف الكدر.
    · قال لي أحدهم (إن دكتور الترابي) لا يخشى من علم أحد.. كخشيته من علم (جعفر) وجرأته.. وسألناه هل هناك غيرة سياسية بينك وبين دكتور (الترابي) لكنه رفض الإجابة.. وقال" تحدثت في هذا الأمر كثيراً ولا داعي للتكرار."
    · جعفر شيخ إدريس قال إنه لا ينتمي لتنظيم الإخوان المسلمين ولا لأي تنظيم آخر.. وتحفظ على نقد (الإخوان) بالداخل.. وعمم النقد على التجربة العالمية بأنها لم تصحح نفسها.. ولم تراجع خطواتها وهكذا تكررت أخطاؤها.
    · جعفر شيخ إدريس يلقى محاضرته ويغادر لأمريكا.. هكذا تعود! هل في الرجل سلبية... رغم كل هذه الجرأة؟! الرجل نفى عنه السلبية ولكن ماذا قال؟! إلى مضابط الحوار ندعوكم.

    تقول إن هناك نصوصاً في الدستور مخالفة للسنة.. هل تذكر نصاً معيناً؟
    قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يحل دم امرئ يشهد ألا إله الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث، النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة) وهو حديث صحيح وارد في صحيح البخاري. وفي الدستور (لا يجوز قتل إنسان إلا قصاصاً أو في جرائم شديدة الخطورة) فذكر واحدة وترك الإثنين والسبب واضح أن بعض الناس يبيح الردة فلا تكون عنده جريمة، وينكر حد الرجم، فجعل ضلاله هذا مادة دستورية يُلزم بها المسلمون. فهل هذا شئ يسكت عليه؟

    ألا ترى إيجابيات لوصول الإسلام السياسي إلى الحكم في السودان؟
    أنا بالمناسبة لست عدواً للحكومة ولا عضواً بالمعارضة وقصدي من النقد هو الإصلاح لا الهدم. والحكومة تمتاز على المعارضة من وجهة النظر الإسلامية لأنها تقول أنها تريد الإسلام والمعارضة تقول إنها تريد أن تُبعد الإسلام عن الحكم. وأنا بحكم مكثي في أمريكا أعلم أن بعض العداء للحكومة سببه الاعتقاد بأنها حكومة إسلامية. فهذه الحكومة لها إيجابياتها لا شك في ذلك.

    إذن هل يمكن أن تسمى (الانقاذ)، بناءً على نهجها وممارساتها حكومة إسلامية حسب المنظور الشرعي؟
    لا يوجد حكومة إسلامية مائة بالمائة ولن توجد.

    هل حققت (الإنقاذ) الحد الأدنى من شروط الحكم الإسلامي في وجهة نظركم؟
    يمكننا أن نقول أنها حققت بعض أشياء لم تحققها حكومات سابقة على أن الذي أسمعه عندما آتي إلى السودان أن سلوك بعض المنتسبين إلى الجبهة من المسؤولين لم يضر بسمعة الجبهة فحسب بل صار فتنة للناس من الناحية الدينية لأن الناس مقياسهم السلوك العملي وليس الخطب ولا الكتابات ولا غيرها.. فإذا أخل إنسان بالحد الأدنى من السلوك الخلقي مثل أن يكون كذاباً أو غاشاً أو سارقاً للمال العام أو جشعاً أو غيره ويظهر بمظهر الدين فهذا فيه فتنة للناس. أنا سمعت هذه الأحاديث هنا وسمعتها من ناس الجبهة أنفسهم!!!

    دكتور جعفر تعودت ان تنتقد الترابي كثيراً هل هذه غيرة سياسية؟
    رفض الإجابة.. وقال" تحدثت في هذا الأمر كثيراً ولا داعي للتكرار."

    هناك تقارير صحفية تحدثت عن أن المخابرات الأمريكية صنفت دكتور الترابي كأخطر شخصية في العالم الإسلامي من إسلام آباد إلى موريتانيا!!
    لم أسمع بهذا ولا أظنه صحيحاً.

    الحركة الإسلامية قدمت نموذجاً لاستلام السلطة في عالم يشهد اضطهاداً للحركات الإسلامية في كل مكان! ألا ترى ذلك فتحاً جديداً باسم الإنقاذ؟
    الفتح لا يكون باستلام السلطة ولكن بما تفعله في السلطة.

    تطبيق الشريعة الإسلامية أين وصل الآن في السودان من وجهة نظركم؟
    أنا غير موجود في السودان ولا أعلم.

    من واقع مشاهدتكم الآن؟
    أشهد للحكومة بأن الشوارع أصبحت أنظف والبلد أكثر أمناً.

    يقولون إن جعفر شيخ إدريس كان حائراً بين الإخوان المسلمين والجبهة الإسلامية إبان الديمقراطية الثالثة!!
    لم أكن حائراً.. لقد اعترضت على خروج إخواننا الذين سموا أنفسهم بالإخوان المسلمين، فالتنظيم الذي كنا ننتمي إليه هو الإخوان المسلمون واسم الجبهة كان مظهراً فقط. وقلت لهم إن هذه الجماعة جماعتنا ونحن الذين أسسناها فكيف نتركها لأن شخصاً أراد أن ينحرف بها؟ وكنا نقول لهم إذا دخل لص في بيتك تخرج وتترك له البيت؟ فكان عندي أمل لو أنهم لم يخرجوا نستطيع أن نفعل شيئاً.

    لكن يا دكتور انتقدت خروجهم وخرجت بعدهم!!
    خروجي من الجبهة جاء كأمر واقع

    كيف؟
    لإن الجبهة صارت تضعف وتضعف من الناحية التنظيمية وظهر لي أن هناك تنظيماً داخل التنظيم وهو الذي يصنع القرارات الحقيقية ويتجسس على الأعضاء أنفسهم داخل التنظيم ويكتب عنهم تقارير

    ترى لمن كان يتبع هذا التنظيم الداخلي؟
    أظنه كان تابعاً لزعيم الحركة.

    ولكن زعيم الحركة وهو الدكتور الترابي انتخب من بينكم ورضيتم به زعيماً؟
    طيب مالو! –هكذا قالها جعفر شيخ إدريس ثم واصل- يمكن أن ينتخب ويفعل الذي فعله!

    دكتور جعفر أنت متهم بالسلبية ودائم الهجرة خارج السودان؟
    هل كل من خرج من السودان سلبياً؟ أنا لست نادماً على الفترة التي قضيتها بالخارج حيث استفدت علماً ومصاحبة لخيرة العلماء وهُيئت لي فرصة الدعوة في أماكن ما كنت لأصلها من قبل. وجعلنا ننقل تجارب الحركات الإسلامية من جهة إلى جهة أخرى بالإضافة إلى مساعدة الحركات الناشئة ودعمها.

    يقولون أنه كانت لك علاقة ما بانقلاب مايو 1969 وبجعفر نميري!! وما علاقتك ببابكر كرار؟
    هذه إشاعة. لم أكن أعلم أي شئ عن مايو. نعم، كانت لي علاقة ببابكر كرار، وبابكر نفسه فوجئ بأن الشيوعيين مشاركون في الإنقلاب ولكن بعد حدوث الإنقلاب جاءني عدد من الناس وأكدوا لي أن نميري ليس شيوعياً ورأوا ضرورة الإتصال به، وفعلت ذلك. وظهر لي فعلاً أن كلامهم صحيح، بل إن نميري أكد لي في الأسبوع الثالث من الإنقلاب أنه متربص بالشيوعيين وقال لي: "الشيوعيون ديل أصبر ليهم"

    ألم تتعاون مع نميري مطلقاً؟
    سافرت بعدها خارج السودان ولم أتعاون معه مطلقاً، والذي تعاون معه هو صاحبك –يقصد دكتور الترابي-.

    دكتور جعفر قمت بإرسال برقية تعزية عقب استشهاد الفريق الزبير وصحبه.. وقد أبرزناها نحن في (الوفاق) ضمن مانشيتات الصفحة الأولى!!
    هذا أمر طبيعي وليس الفريق الزبير وحده، لقد ذهب معه أيضاً رجل من أعز أصدقائي وأحسن من عرفت من الإسلاميين، ألا وهو الأستاذ عبدالسلام سليمان، فتأثرت لموته ولموت بقية الزملاء.

    ولكن الأمر ليس أمر برقية تعزية وحسب، لقد قلت في البرقية إن جنازة الفريق الزبير كانت استفتاءً شعبياً وقَطعتْ طموحات الحالمين بالإنتفاضة الشعبية. هل هذا تأييد جزئي لنظام الإنقاذ؟
    الإنتفاضة الشعبية.. هذه أوهام الصادق المهدي.. أنا لست رجل معارضة كما قلت. ولا أعتقد أنه من الدين معارضة كل ما تفعله الحكومة حتى ولو كانت حكومة كافرة، فإنها تؤيد في ما تحسن فيه وتنتقد في ما تسئ فيه فأنا لا أومن بفكرة المعارضة الجاهلية.
    أما ما قلته عن الإنتفاضة فهو رأيي وما زال رأيي.. فالانتفاضة لا تكون إلا بالإجماع فإذا كان البعض مع الحكومة والبعض الآخر مع المعارضة فسيتصادم الطرفان.

    شكرناه على صبره معنا وحملنا أوراقنا وذهبنا على وعد منه بلقاء آخر.

    --------------------------------------------------------------------------------

                  

05-05-2010, 11:46 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18426

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: سيف اليزل برعي البدوي)
                  

05-06-2010, 00:11 AM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الاخ العوض..
    تحياتي..
    أشكرك على المداخلة.. وسأترك الرد في نهاية الحلقات..
    الاخ سيف اليزل برعي البدوي
    تحياتي
    أنا شاكر لك هذا الصنيع.. لأنه يكمل الصورة للقارئ الكريم وعملت خيراًً في انزال المادة الخاصة بحوارات د. جعفر شيخ ادريس فالقارئ في النهاية هو المستفيد.
                  

05-06-2010, 10:36 AM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: khalid abuahmed)

    مساء اليوم الحلقة الثانية..
    يعني بعد 6 ساعات من الآن..
                  

05-06-2010, 11:04 AM

عماد موسى محمد

تاريخ التسجيل: 03-17-2008
مجموع المشاركات: 15955

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: khalid abuahmed)
                  

05-06-2010, 02:56 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: عماد موسى محمد)

    Quote:
    Re: ردّا على "بابكر فيصل بابكر": ليس دفاعا عن...ن عن العقل فاسأل الس
    جارنا الزميل/خالد ابواحمد
    السلام عليكم
    مشاركة بسيطة
    ربما أعود إليك لاحقا إن شاء الله
    .
    الاخ الكريم عماد
    السلام عليكم..
    أشكرك على المداخلة..
    لكن يجب على الجميع أن يفهم الهدف من نشر هذه السلسلة..شخصي ليس في صدد المقارنة ما بين شيخ ادريس والتربي وإنما التوثيق التاريخي لنظرة طرف الترابي في رؤيتهم للعلاقة ما بين الطرفين خاصة وأن شيخ ادريس قد وجد الفرصة في برنامج (مراجعات) بـ(النيل الأزرق) وقد قام بتوضيح وجهة نظره في أفكار الترابي وكما هو معروف أن هذه القناة لا يمكن أن تأتي بالترابي لكي يسرد قصته مع (الجماعة) كما الفرصة التي وجدها شيخ ادريس وغيره..
    فأصبح الكل يعرف رأي شيخ ادريس في الترابي وأفكاره ومن هنا كانت هذه السلسلة لكي يعرف الناس الوجه الطرف الآخر، وبطبيعة الحال أنا لا أمثله وقد أعلنت مراراً وتكراراً وفي عشرات المقال أن لا علاقة لي بالترابي ولا بحزبه إلا العلاقات الشخصية والاجتماعية مع العديد من الاخوة في هذا الجانب لكن علاقة التنظيم والفكر قد توقفت وأصبحت في حل منها.. والحمدلله تعالى..
                  

05-06-2010, 05:48 PM

عماد موسى محمد

تاريخ التسجيل: 03-17-2008
مجموع المشاركات: 15955

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: khalid abuahmed)

    Quote: وأن شيخ ادريس قد وجد الفرصة في برنامج (مراجعات) بـ(النيل الأزرق) وقد قام بتوضيح وجهة نظره في أفكار الترابي وكما هو معروف أن هذه القناة لا يمكن أن تأتي بالترابي لكي يسرد قصته مع (الجماعة) كما الفرصة التي وجدها شيخ ادريس وغيره..
    فأصبح الكل يعرف رأي شيخ ادريس في الترابي وأفكاره ومن هنا كانت هذه السلسلة لكي يعرف الناس الوجه الطرف الآخر، وبطبيعة الحال أنا لا أمثله وقد أعلنت مراراً وتكراراً وفي عشرات المقال أن لا علاقة لي بالترابي ولا بحزبه إلا العلاقات الشخصية والاجتماعية مع العديد من الاخوة في هذا الجانب لكن علاقة التنظيم والفكر قد توقفت وأصبحت في حل منها.. والحمدلله تعالى..

    ولكن ألا تتفق معي يا خالد أن الترابي"شبع" تلميعا منذ أن كنتم معه في الحركة
    من خلال منابر الجامعات..وعبر وسائل الإعلام..ومن خلال منصبه السياسي أيام نميري..
    وكذلك عبر رسائله وكتبه الطاعنة في السلف والسنة والشريعة ظنا أنه وصل درجة المجتهدين..
    الشيخ جعفر كان بعيدا عن الأضواء...,و إن كان قد أفلح نوعا ما في التحذير من هذا الترابي عندما يحل على السودان ضيفا ثم يرجع إلى مقرعمله في أمريكا-حينها-.
    على كل حال عنوانك يخالف محتوى الكلام..وكان من الانسب -مادمت تبغي التركيز على الترابي فقط- أن تسميها قصة رجل..
    لك شكري
                  

05-06-2010, 06:20 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: عماد موسى محمد)

    Quote: ولكن ألا تتفق معي يا خالد أن الترابي"شبع" تلميعا منذ أن كنتم معه في الحركة
    من خلال منابر الجامعات..وعبر وسائل الإعلام..ومن خلال منصبه السياسي أيام نميري..
    وكذلك عبر رسائله وكتبه الطاعنة في السلف والسنة والشريعة ظنا أنه وصل درجة المجتهدين..
    الشيخ جعفر كان بعيدا عن الأضواء...,و إن كان قد أفلح نوعا ما في التحذير من هذا الترابي عندما يحل على السودان ضيفا ثم يرجع إلى مقرعمله في أمريكا-حينها-.
    على كل حال عنوانك يخالف محتوى الكلام..وكان من الانسب -مادمت تبغي التركيز على الترابي فقط- أن تسميها قصة رجل..
    لك شكري
    .
    الاخ الكريم عماد
    السلام عليكم..
    أتفق معك على أن الترابي شبع تلميع كما ذكرت..
    عنواني لم يخالف لأن المادة لم ينشر منها هنا إلا حلقة واحدة وفي الحلقات المقبلة هناك الكثير عن د. جعفر شيخ ادريس..
                  

05-06-2010, 06:26 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: khalid abuahmed)

    الحلقة الثانية


    العقل الكبير

    كانت الحركة الإسلامية بحاجة إلي عقل كبير .. إلي محرض جرئ وكان المرحوم الأستاذ بابكر كرار هو ذلك العقل الكبير والمحرض الجريء , وكنت قد سمعت عنه مراراً وتكراراً عبر عشرات اللقاءات ونحن ندون بعضاً من تاريخ الحركة الإسلامية وعلي الرغم من اختلاف الرأي حوله إلا ان الجميع يقرون له بروح المبادرة والمبادة والمقدرة علي تحرير الأفكار والآراء ثم أنى التقيت بالرجل في حوار طويل فعرفت أن مثله قمين بتأسيس حركة تغيير اجتماعي كبري مثل الحركة الإسلامية السودانية فقد كان الرجل يتمتع بعقل كبير وبحيوية مدهشة وحماسة لآرائه وأفكاره علي الرغم مما لاقي من نكسات في جهوده لتأسيس حركة إسلامية قومية المنطلق إسلامية المحتوي اشتراكية السياسة ومن خلال تعرفنا بالأستاذ بابكر كرار تعرفنا عن مصدرية بعض الملامح والقسمات التي ميزت الحركة الإسلامية السودانية علي الرغم من ابتعاد بابكر كرار عنها مبكراً فهذا الشعور القومي الفياض عن الإسلاميين السودانيين وعدم شعورهم بأن القومية تقف في الصف المقابل للإسلام كان سببه إن المؤسسين الأوائل وعلي رأسهم المرحوم بابكر كرار كانت تزدحم نفوسهم بالمشاعر القومية القوية وهنا يفسر موقف الحركة الإسلامي القومي البارز من ثورة الجزائر ومن ثورة فلسطين بل وموقفها غير العدائي في اكمله للثورة الناصرية وكذلك القائد الثاني الرشيد الطاهر والذي كان أول إسلامي بارز يحل في ضيافة عبد الناصر علي الرغم من أجواء المجابهة بين عبد الناصر والأخوان المسلمين مما زاد عليه من غضب بعض إخوانه في السودان وأدت علاقاته مع مصر الناصرية مع ترسبات أخري إلي ابتعاده هو أيضا عن الحركة الإسلامية بعيد ثورة اكتوبر.

    بابكر كرار والترابي
    سبق بابكر كرار ومحمد يوسف محمد وآخرون إلي تأسيس حركة التحرير الإسلامي ثم جاء الدكتور الترابي إلي الجامعة بعد ما صقلته مشاعره الإسلامية بالجمعيات الدينية في حنتوب .. وكان حسن الترابي متميزاً بين أقرانه بثقافته الدينية العميقة ولحفظه لا جزاء كثيرة من القرآن الكريم وذلك بفضل تتلمذه علي والده الشيخ عبد الله الترابي أول قاض شرعي سوداني والذي لم يكتف بإرسال ابنه للتعليم الأميري بل أراد ان يقوم بنفسه علي تعليمه القرآن وعلوم الدين وعلوم اللغة العربية . وكانت الحركة الناشئة في الجامعة تحتاج لمثل الترابي فقد كانت لا تزال آنذاك تتلمس فكرها الإسلامي في كتابات محمد حسين هيكل والعقاد بل وطه حسين في اسلامياته كان بابكر كرار يبحث عن شخص ينهض الجانب التربوي والأيدلوجي للحركة وكان مهتما للغاية بهذا الجانب ولذلك فقد نشأت علاقة خاصة بينه وبين حسن الترابي وقد سألته عن رفقائه القدامى فقال انه كان يشعر إن الترابي كان أذكاهم عقلاً واصفاهم نفساً وكان يري ان الترابي علي الرغم مما يبدو عليه من سمت المشيخية بسبب ثقافته الدينية ألا انه متحرر الفكر . وقد سالت الدكتور الترابي فيما بعد عن هذه العلاقة الخاصة مع بابكر كرار فاثبتها وحفظ حق الأستاذية للأستاذ بابكر كرار وحدثني انه بالفعل كان محسوباً في التربويين لا في السياسيين ولقد رفض الترابي أن يترأس الاتحاد في العام 1953م وكانت المرة الأولى التي يكتسح فيها الإسلاميون الانتخابات ففرض بابكر كرار علي الرشيد الطاهر الذي كان صديقاً للحركة آنذاك أن يترأس الاتحاد فكان أول اتحاد للإسلاميين جاء علي رأسه الرشيد الطاهر الذي بحكم ظهوره في المنبر العام قد صار الاسم الألمع في أوساط الإسلاميين ثم صار الأمين العام للحركة(المراقب العام).


    أما جعفر شيخ إدريس فلم يبرز إلا في النصف الثاني من العقد الخمسين والأخ الدكتور حسن مكي ذكره ضمن أولئك الذين حضروا مؤتمر العيد والذي تقرر علي أثره أن تحمل الحركة الإسلامية اسم الأخوان المسلمين . هذا المؤتمر الذي شهد انشقاق الأستاذ بابكر كرار وطائفة من مؤسسي حركة التحرير الإسلامي عن الجماعة وتكوينهم لما عرف آنذاك بالجماعة الإسلامية . وعلي الرغم من ان الشكوك تحيط واقعة جعفر شيخ إدريس لمؤتمر العيد إلا أنه علي وجه القطع لم يكن إلا واحدا من صغار السن أولئك الذين اعترض بابكر كرار علي إشراكهم في المؤتمر لتغليب وجهة النظر التي تدعو إلي وصل حركة السودان بالإخوان المسلمين في مصر . وأما رأي الدكتور جعفر شيخ إدريس في الأستاذ بابكر كرار فتوضحه هذه القصة التي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1982م عندما جاء الدكتور جعفر شيخ إدريس زائرا في إحدى زياراته التي كانت لا تنقطع لأمريكا وجاء زائر للإخوان بلدة كولومبيا في ولاية مزوري واتصل بالأخ الدكتور بشير آدم رحمة (والي ولاية غرب كردفان حاليا) لينزل عنده وكان الدكتور بشير مشغولا بامتحانات الفصل الدراسي فعرضت عليه ان اذهب أنا لا ستقبال د. جعفر شيخ إدريس وأن أستضيفه نيابة عن الجالية الاخوانية في منزلي وذهبت بالفعل إلى مطار المدينة وفوجئ الدكتور جعفر بغياب بشير آدم رحمة وحضوري نيابة عنه ذلك أن اسمي المقرون باسم الدكتور الترابي (كنت سكرتيراً خاصاً بالترابي قبل حضوري لأمريكا) لم يكن محبوبا لديه وكنت في العام 1980م قد كتبت مقالة نارية في جريدة الأيام حملت فيها علي مؤتمر الدعوة والدعاة الذي انعقد بالخرطوم بمناسبة القرن الهجري الجديد وقلت ان هذا النمط من الدعاة ذوي العقلية السلفية المحافظة والذين رفضوا حضور أية امرأة للمؤتمر هؤلاء لا يمثلون المستقبل بل يمثلون الماضي الذي نحاول الفكاك منه إلي مستقبل ناهض للإسلام وقد حملت المقالة عبارات نارية وقد خطب جعفر شيخ إدريس في مسجد فيصل وهاجم كاتب المقالة (العبد المذنب) وزعم إن هذه المقالة لم يكتبها هذا الشاب اليافع (يقصد الترابي) ثم انه صور هذه المقالة وأشاعها في أوساط المؤتمرين وسعي بها في محافل السلفيين زاعماً أن هذا هو رأي الترابي في الدعوة والدعاة . ولا اكتم سراً أن قلت أنى كنت حانقاً علي د. جعفر بغياب بشير آدم رحمة وحضوري نيابة عنه ثم بحلوله (علي الرغم منه) ضيفاً علي داري التي تتحلى القاعة الرئيسية فيها بصورة مكبرة للدكتور الترابي ..
    مؤتمر الدعوة والدعاة

    نزل الدكتور عزيزاً مكرماً في داري في مدينة كولومبيا مزوري بالولايات المتحدة الأمريكية ، كان ذلك في العام 1983م وبعد أن تجاذبنا أطراف الحديث المستعصي كان أول ما ابتدر به الحديث إن القاديانية قد اثروا علي فكر الحركات الإسلامية بأكثر مما نتوقع واخبرني انه يعد بحثا حول ذلك وطلب مني أن أساعده في تجميع المواد من كتب القاديانيه واشتغلنا فعلا بذلك الأمر فكنا نقترض الكتب من المكتبة لتصوير الصفحات التي يطلبها الدكتور ثم انه وعلي الرغم من اطلاعه علي خصوصية العلاقة بيني وبين الدكتور الترابي لم يطق أن يصبر علي ذم الرجل الذي كانت صورته المكبرة تطل علينا في الصالة الكبرى في منزلي الصغير ..
    بدأ الكلام بالقول ان ترجمة يوسف علي للقرآن ترجمة جيدة من حيث اللغة وسبك التعبيرات ولكنها مليئة بالتفسيرات الخاطئة والاعتقادات الباطلة ذلك ان يوسف علي (في زعمه) قادياني ثم انه قال لي ان بابكر كرار والذي كان من أهم مؤسسي الحركة الإسلامية بالسودان كان قارئاً نهما وقد تأثر كثيرا بأفكار يوسف علي ثم ما لبث ان قال ان حسن الترابي كان يتتلمذ علي بابكر كرار وقد تأثر كثيراُ ببابكر كرار ولم اكن غبيا ولذلك لم أتأخر في استحضار المعادلة المطلوبة
    يوسف علي = الفكر القادياني
    بابكر كرار اخذ عن يوسف علي
    إذا بابكر كرار = يوسف علي = الفكر القادياني
    الترابي اخذ عن بابكر كرار
    إذا الترابي = بابكر كرار= يوسف علي = الفكر القادياني ..
    ابتسمت وأنا احدث نفسي ( ان هذا الرجل لا يستطيع ان يصبر علي ذم الترابي طرفة عين) قلت له أنا تحاورت كثيراً مع بابكر كرار فلم المس نزعة بدعية في أفكاره واحسبني اطلعت شيئاً ما علي أفكار القاديانية ولا أجد أفكار بابكر كرار تلتقي معها في أي جانب من الجوانب ، قال لي بثقة المعلم المجرب للتلميذ البليد : عليك ان تقرأ المزيد في أفكار القاديانية.
    أسوق هذه الذكريات التي قد ينكرها الرجل علي الرغم من وجود الشهود الأحياء المقيمين في الخرطوم الآن لا لشيء إلا للتدليل علي استعداد الرجل للخوض في كل ماء آسن للوصول إلي ذم الدكتور الترابي ، فبابكر الذي يتهمه الدكتور جعفر بأنه آثر بفكره القادياني علي الترابي فأورثه هذه النزعة القاديانية المتصالحة مع الفكر الكنسي التنصيري بابكر كرار هذا فوق كونه المؤسس للحركة الإسلامية كان صديقاً لجعفر شيخ إدريس بل بابكر كرار هو الذي أوصل جعفر شيخ إدريس لفاروق حمد الله ثم النميري (الذي يزعم جعفر انه قد طلب منه ان يفارق الشيوعيين) علي الرغم من أن جهوده في المصالحة لم تكن تستثني لقاء مع عبد الخالق محجوب بترتيب من بابكر كرار ولعل صلة بابكر هذه التي جعلت جعفر خارج قائمة الأخوان الذين كانوا أول من شرف زنزانات سجن كوبر علي عهد مايو الأول ولما كنت اعرف كل ذلك من خلال توثيقنا لتاريخ الحركة من مقابلات مع قيادات الأخوان ومع الأستاذ بابكر كرار فقد عجبت ان يتطرق جعفر شيخ إدريس لذكري بابكر كرار بسيئ التهمة لينال من الترابي نيلا يخمد به بعض اللهيب المتأجج.

    يتبع
                  

05-07-2010, 06:34 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: khalid abuahmed)

    الحلقة الثالثة



    ما جلس د. جعفر شيخ إدريس مجلسا إلا كان الترابي مذكوراً بلسان الذم في ذلك المجلس وهو يردد دائماً انه لا يحمل للرجل ضغنا ولا كراهية ولكنها الغيرة علي الحق والموجدة علي الباطل ، ولكن القارئ العادي ، لن يفوته ما في العبارات من مختزن الغل القديم وما من شاهد من شهود تاريخ الحركة الإسلامية إلا ويشهد بأنه ما استجر صراع ولا اشتعل خلاف داخل الحركة الإسلامية يستهدف قيادة الدكتور الترابي إلا كان الدكتور جعفر شيخ إدريس هو النافخ لكيره وكانت معركته الأولى بعد مجيء الدكتور الترابي فأرسل برقية يعترض علي زعامة الترابي للجبهة الوليدة (جبهة الميثاق) ولكن الترابي انتخب بالإجماع لرئاسة الجبهة في نوفمبر ولم يكن يوجد له منافس آنذاك وكان اقرب الناس للمنافسة الشهيد محمد صالح عمر والذي شارك د. الترابي في إشعال نار ثورة اكتوبر إلا ان محمد صالح عمر لم يكن رجل سياسة وكان يؤثر المنهج التربوي علي العمل السياسي العام.

    الشهيد محمد صالح عمر وثنائية القيادة:
    جاء جعفر شيخ إدريس من لندن ولم يقبل الانضمام للمكتب التنفيذي الذي يقوده الترابي تحججا (العهدة علي الشيخ يس عمر الأمام) بعدم توفر السيارة والمكتب ولكنه رغما عن ذلك ظل يثير المشاكل للجبهة الوليدة من خلال تصريحاته في الكافتيريا ومن خلال لقاءاته بالإخوان زاعماً بأن جبهة الميثاق قد نقضت نسيح الحركة الإسلامية وان عملها السياسي يتقدم خصماً علي البناء التربوي وكانت هذه الحجة ذات تأثير لا سيما وان رجلا بوزن الشهيد محمد صالح عمر كان يقول بها .. وقد كان الشهيد محمد صالح عمر من أروع الناس وأزهدهم في كل منصب علي الرغم من قبوله المنصب الوزاري في حكومة أكتوبر بعد عزم وتصميم الحركة علي ان يمثلها محمد صالح ، كان محمد صالح عمر أستاذا للشريعة بكلية القانون عابدا زاهداً جلداً صبوراً مقيماً علي ما استبان له من وجوه الحق وعلي الرغم من خلافه مع الدكتور الترابي في مسالة منهج الحركة هل الأولوية للحركة السياسية أم للتكوين التربوي فقد ظل كريماً في فعله عفيفاً في قوله وعندما اعتقلت قيادة الحركة عقب اندلاع مايو أرسل مؤكداً ولاءه لقيادة الحركة المعتقلة علي الرغم من وجوده في الأردن وهو يخوض الجهاد لتحرير فلسطين . كتب (أبو معاذ) وهو اسمه الحركي في الجهاد طالباً التعليمات وعندما وردت التعليمات لم يتوان لحظة واحدة في قيادة حركة جهادية انتهت باستشهاده مع الأمام الهادي في الجزيرة أبا 1970م ولم يذكر أحد من الناس محمد صالح عمر إلا بالخير لذلك فقد شهدت له في نفسي بالإيمان وقلت تأسيا بالرسول المصطفي  (وجبت) عندما اثني المؤمنون علي جنازة مارة بالخير الكثير أي (وجبت له الجنة) بأذن الله.

    كان وقوف محمد صالح عمر علي رأس المنادين بمنهج التكوين التربوي في مقابلة التعجيل بالعمل السياسي سببا في انقسام الرأي داخل الحركة بين هذا التيار وذلك التيار ولذلك لم يجد جعفر شيخ إدريس مشكلة في السباحة مع التيار الآخر علي الرغم من أن أحدا من الناس لا يذكر انه من دعاة المدرسية التربوية قبل تزعم الترابي لجبهة الميثاق بل ان المشهود المعلوم أن د. الدكتور الترابي هو الذي كان أمره من دعاة النهج التربوي اخبرني بذلك الأستاذ بابكر كرار وأكده لي الدكتور الترابي بنفسه ولعل خروج الترابي إلى بريطانيا ثم فرنسا قد فتح عيونه علي حجم التحدي المطروح أمام الإسلام والذي لا يصلح معه المنهج الصوفي التربوي الصبور بل يحتاج إلى منهج التصدي والتفاعل السياسي.

    ركب جعفر شيخ إدريس موجة الخلاف التي انتهت بالاتفاق علي ثنائية القيادة بحيث يتولى الترابي شان جبهة الميثاق الإسلامي ويتولي الشهيد محمد صالح عمر شأن جماعة الأخوان من حيث التكوين الفكري والتربوي ومضي الأمر علي وفاق لم يسعد به الرجل الآخر ذلك انه يري أن جبهة الميثاق كانت تتقدم من نجاح إلى نجاح اكبر وكان يري أن مشروعات التكوين التربوي تصادف نجاحاً مذكراً وان نجم الترابي ما خبأ ولا انطفأت وقدته ولذلك فقد تحرك بنشاط كبير لا سيما بعد سفر الشهيد محمد صالح عمر في فبراير 1969م للجهاد في فلسطين فتحرك تحت مظلة التنظيم للدعوة إلي مؤتمر لإنقاذ الحركة وبذل جهود محمومة لإثارة حنق الأخوان علي الترابي الذي أضاع الحركة بالتحالف مع قوي مشبوهة (كما يزعم) وبإهماله للمسألة التربوية (كما يزعم) ولأبعاده قيادات الأخوان التاريخية (استغلت مسألة تغيير قيادة صحيفة الميثاق من صادق عبد الله إلي يس عمر الأمام وعبد الرحيم حمدي) وتم لجعفر شيخ إدريس ما أراد وانعقد المؤتمر ودخان الفتنة ينعقد فوق الرؤوس.

    تحركت جبهة الميثاق الإسلامي بحركية واسعة تفوق حجم تمثيلها البرلماني وانفتحت الفرص أمامها بعد طرد الحزب الشيوعي من البرلمان وبعد انقسام حزب الأمة وخروج الصادق المهدي لمعارضة حكومة الائتلاف بين جناح الهادي والحزب الاتحادي والتي يقودها المحجوب ونشأ اثر ذلك تحالف القوي الجديدة الذي ضم جبهة الميثاق وحزب الأمة جناح الصادق وحزب سانو (وليم دينق) وكانت الجبهة اقدر الشركاء الثلاثة علي التخطيط والحركة مما أضفى عليها ضوءاً إعلاميا كبيراً . بيد أنه وعلي الرغم من النجاحات المضطردة وعلي رأسها سعي الجبهة لتوحيد حزب الأمة علي ضؤ ميثاق لتحكيم الشريعة وما عقب ذلك من بيان لحزب الأمة جناح الهادي من ضرورة استكمال إصدار الدستور الإسلامي قبل نهاية العام (1969م) وقيام الانتخابات الرئاسية في العام (1970م).
    وقد كان لجبهة الميثاق الدور الأكبر في حث حزب الأمة علي التوحد في ظل البرنامج الإسلامي بيد أن هذا النجاح نفسه هو الذي أوعز بعض الصدور علي الجبهة، المجموعات اليسارية صنفت الجبهة في خانة اخطر الأعداء ومجموعات المعارضة الداخلية وعلي رأسها جعفر شيخ إدريس اعتبرت ان هذه الجهود تصب في بناء حزب الأمة علي حساب بناء الحركة الإسلامية وتحركت الجبهتان في آن واحد فاليسار كون تحالفاً لمقاومة إصدار الدستور الإسلامي ورفض التوجه الرئاسي في الحكم وإعادة الشرعية للحزب الشيوعي وكان الشهيد محمد صالح عمر اكثر المحذرين من أن اليسار يدبراً أمرا لتعويق التحرك المتسارع نحو الإسلام ولذلك فقد دعا ثلة من الأخوان للانطلاق للجهاد معه في فلسطين لاعداد نواة للحركة الجهادية في السودان والتي كان يتوقع أن يأتي أوانها إذا ما إنقض اليسار علي الديمقراطية بمساندة عبد الناصر (وقد حدث ذلك باسرع من التوقعات جميعاً).

    أما جبهة المعارضة الداخلية فقد تحركت بحماسة متزايدة وبقائمة كبيرة من التهم التي تكال لأمين عام جبهة الميثاق:
    1/ أولها تدمير حركة الأخوان المسلمين واستبدالها بإطار سياسي لا ينهض بالتكوين الثقافي ولا البناء التربوي وتمثل ذلك في موات التنظيم الداخلي وتقلص الأسر وإهمال النشاط التربوي للحركة .
    2/ ثانيا تسخير د.الترابي الحركة لمصلحة أصهاره في حزب الأمة ربما توطئة لالحاق الحركة بالحزب في مرحلة متقدمة.
    3/ أفكار الترابي الشاذة لا سيما في قضية تحرير المرأة وتبنيه لاطروحات في هذا المجال لا يوافق عليها غالب الأخوان.
    كان د. جعفر شيخ إدريس علي رأي هذا التحرك الذي انتهي بدعوة تبناها بعض أعضاء مجلس الشورى من المعارضين للترابي وذلك لانعقاد المؤتمر العام وقد بذلت جهود محمومة من قبل مجموعة المعارضين لتعبئة الأخوان ضد قيادة د. الترابي وكان الاقتراح ان تتقدم الجبهة بقيادة جديدة تولي الجانب التربوي والتنظيمي الداخلي جل عنايتها ولكن هذه المجموعة كما حدث (الشيخ إبراهيم السنوسي ) كانت تعلم ما يكنهالأخوان من تقدير كبير للترابي ولذلك بنيت الخطة علي نسق خطة عمرو بن العاص لنزع علي بن أبى طالب وذلك بإثارة أجواء خلاف شديد داخل المؤتمر ثم الدعوة إلى تلافي الفتنة بإسناد الأمر إلي شخصية مرضية بين الطرفين وكان الاقتراح ان يسند الأمر إلي الأستاذ الصادق عبد الله عبد الماجد وذلك لأكثر من سبب.

    يتبع
                  

05-08-2010, 12:43 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: khalid abuahmed)
                  

05-08-2010, 08:28 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: khalid abuahmed)

    الحلقة الرابعة


    - قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس

    صادق عبد الله الزعيم البديل
    كان الأستاذ صادق معروفاً ومقبولاً من غالب الأخوان وذلك لأسباب عديدة فالأخ صادق كان اجتماعيا من الطراز الأول وكانت تربطه صلة مباشرة بجل الأخوان وكانت داره مجمعاً للقاءات الأخوان واسمارهم ، ومن جهة أخرى كانت المجموعة التي تدعو إلي علاقة أوثق بحركة الأخوان في مصر تري فيه الرجل الذي بإمكانه تحقيق ذلك بسبب انه واسع الصلات بإخوان مصر فقد درس الثانوية والجامعة في مصر ثم أنه اخذ البيعة عن حسن البنا وهو يمثل الشرعية من هذا المنطلق (لمن يقولون بأن الشرعية في وجود المرشد في مصر والمراقب في السودان) ثم أن الصادق عبد الله كان من أهم الأسماء في أوساط مجموعة القيادة الجماعية قبل حضور دكتور الترابي للسودان وإلغاء نظام القيادة بالتناوب بعد حضوره ثم ان الصادق عبد الله كان زعيم المعارضة الإسلامية في البرلمان وذلك بعد إخفاق الترابي في دائرة المسيد وذلك عندما وقع التآمر الأول لإسقاطه" وقع تحريض عبد الرحمن النور حتى لا ينسحب للترابي علي الرغم من اتفاق التنسيق بين الجبهة وجناح الصادق وساندت كافة الأحزاب الأخرى شيخ مضوي محمد أحمد والذي لم تتقاعس عند استخدامه مواهبه الاتحادية للفوز علي (الدكتور) بكل طريقة ممكنة.

    كان صادق عبد الله عبد الماجد زعيم المعارضة البرلمانية من الإسلاميين ولذلك قالت تلك المجموعة فمن الطبيعي أن يلي منصب الأمين العام للجبهة ذلك لكونه كما يقولون الناطق باسم الجبهة في البرلمان فلذلك لينطق باسمها خارج البرلمان لا سيما وانه ليس شخصية خلافية مثل الترابي . ثم ان طائفة من الأخوان مقدرة كانت تري ان أبعاد الصادق عن رئاسة تحرير جريدة الميثاق الإسلامي وإسنادها إلي يس عمر الأمام فيه ظلم لصادق الذي أسس الصحافة الإسلامية في كل مراحلها.

    وهكذا كانت الخطة جيدة الحبكة وكان الزعيم البديل شخصاً مقبولا وكانوا يعلمون كراهية الإسلاميين عامة لأجواء الخلاف واستعداداتهم للعبور فوق هذه الأجواء من خلال شخص محايد بين أطراف الخلاف وكان جعفر شيخ إدريس الذي تولي كبر ذلك يعلم تماماً انه سيكون الرجل الآخر خلف صادق عبد الله عبد الماجد وأنه لن يعجزه بعد أبعاد الترابي إذا بعد عن القيادة سوف يتصرف كما يتصرف الرشيد الطاهر الذي كان أمينا عاماً مفوضاً للحركة وخرج بعد اكتوبر ليكون الرجل الثاني بعد الترابي وعلي الرغم من الترضيات التي بذلت له ليرضي بهذا المقام (جعل زعيماً للمعارضة الإسلامية في البرلمان علي الرغم من وجود الترابي بالجمعية آنذاك وقبلها جعل وزيراً في حكومة الانتقال) كان جعفر يظن أن الترابي إذا أبعد سوف يذهب لحزب الأمة كما ذهب الرشيد للحزب الاتحادي متناسياً أن الترابي قد آثر الانتماء للإسلاميين عندما كان بوسعه أن يكون رئيسا لوزراء حكومة اكتوبر.

    وانتظم المؤتمر العام للإخوان المسلمين في نادي أمد رمان الثقافي في أبريل 1969 وكما خطط له ودبر فقد انعقد الاجتماع في أجواء من الخلاف الشديد وتضاؤل الثقة بين الفريقين وسط اتهامات متبادلة بالتآمر والتصَّيد في المياه العكرة وكان جعفر شيخ إدريس واثقاُ من الانتصار ولكن كان ما كان مما لم يكن في الحسبان.

    إلتام شمل المؤتمر ليكتشف غالب الأعضاء ان المؤتمر إنما اعد أعداد لإحداث تغيير جذري في إستراتيجية الحركة وفي قيادتها فالجهات التي تولت الدعوة للمؤتمر هي المجموعة التي كانت تدير شأن التنظيم الداخلي منذ أن غادر الشهيد محمد صالح عمر إلي الأرض المحتلة مجاهداً وكان يدعو إلي الحيطة والحذر وأعداد العدة الجهادية لأن هنالك قوي محلية (الشيوعيون) وقوة إقليمية لا تقبل بما يجري في السودان سوف تعمل علي إبطال السعي نحو الدستور الإسلامي ولذلك فقد دعا محمد صالح عمر علي إرسال كتائب الأخوان للجهاد في فلسطين لتنال قسطها من الجهاد في القضية الأولى للمسلمين ولتكون علي أهبة للدفاع عن السودان ضد الهجمة الشيوعية اليسارية المتوقعة وكان داخل المؤتمر مجموعة تري بذلك الرأي وتدعو إلي إعطاء الجهاد الأولوية القصوى في الاعتبار.. كانت المجموعة الثانية والتي نشط في أوساطها جعفر شيخ إدريس واستنفر شباباً من جامعة الخرطوم كانوا قد ابتدروا منهجا يرتكز أساسا علي حفظ القرآن وتزكية النفس ودراسة كتب السلفيين (أبن تيميه وأبن القيم الجوزية) وكان علي رأس هؤلاء جعفر ميرغني ولمع في أوساطهم احمد محجوب حاج نور . و مجموعة الجامعة ثم المجموعة (المصرية ) التي تدعو إلي مزيد ارتباط بالتنظيم المصري ثم مجموعة التربويين (دعاة منهج التربية أولا ولتؤجل السياسة الآن).

    وجد هؤلاء الفرصة .وكان جعفر شيخ إدريس هو الناطق باسم هؤلاء جميعاً وحدثني أحد الحضور إن جعفرا قد رسم دائرة تنبثق عنها دائرة أخرى وتنبثق عن الدائرة دائرة ثم إن جعفر قال أن دائرة الأصل هي التربية ثم الفكر والثقافة ثم السياسة ولكن أحد الأخوان قاطعه وأنت يا جعفر أين أنت ؟؟ وهكذا كان يبدو لعدد غير قليل نوعية الدوافع التي تحرك جعفرا لتزعم مدرسة التربية علي كونه لم يكن في يوم من الأيام مؤهلاً لذلك ولا مهتما به . وقد اقترحت مجموعة المعارضة علي الصادق عبد الله عبد الماجد ان يتولى الأمر جميعاً (قيادة الجبهة والتنظيم والاخواني) ولكن الصادق اعتذر واعلن ان الترابي اكثر أهلية لذلك وطلب جعفر شيخ إدريس من جعفر ميرغني ان يبسط يده ويبايعه (كان جعفر ميرغني طالباً بالجامعة آنذاك) ولكن الأخير لم يبسط يده للبيعة الجعفرية . وانفجر عبد الرحيم حمدي غاضباً معلنا عن المؤامرة المهيأة وأن ثمانية عشر عضوا في المؤتمر قد بيتوا أمرا هنالك انفرط عقد النظام في المؤتمر الذي كان يقوده مولانا دفع الله الحاج يوسف واختلط الحابل بالنابل وفجأة انطلق صوت جهوري يصدع بآيات من سورة (ق) كان ذلك يس عمر الأمام صمت الجميع واستمعوا إلي (قاف) كأنهم لم يسمعوها من قبل وانهمرت دموع كثيرة وعانق بعضهم البعض الآخر وانفضت الجلسة المائجة.

    انعقدت الجلسة وقد هدأ الخلاف وتقرر أن تتوحد قيادة الحركة تحت رجل واحداً أيا كان ذلك الرجل . فجرت الانتخابات وحصل د. الترابي علي كل الأصوات عدا أربعة أصوات ذهبت لجعفر شيخ إدريس (لعل صوته واحد منها) وانفض ائتمار الأخوان بذهاب ريح المؤامرة التي أريد لها ان تطيح بالترابي فإذا به تجمع له الرئاستان في سدة واحدة . الدكتور حسن مكي في كتابه حركة الأخوان المسلمين في السودان 1944 –1969 (في تتبع لمسار الخلاف ونتائجه اتضح ان الخلاف ما كان حول مبادئ بعينها وإنما كان الصراع يدور أساسا حول قيادة التنظيم ، أي ذات فكرة (الغنائم) التي قسمت المسلمين في أحد وأدت إلي تنازعهم وفشلهم . لذا فما أن فازت الحركة –حركة الأخوان السودانية – بنصيب من السلطات حتى اطل الصراع ولعل التيار الذي كان علي قيادته جعفر شيخ إدريس ، مالك بدري ، عبد الرحمن رحمة ومحمد مدني سبال رأي أنه مهمش في التنظيم بعيد عن مكان صنع القرار وأن وضعه في التنظيم لا يتناسب وقدره وبلاءه لذلك فقد اختار أن يدخل في معركة ويغلفها بأنماط من المبادئ الفضفاضة بدلا من المواجهة ببرنامج تغيير سياسي اجتماعي إسلامي .. وقد حاول هذا التيار في مؤتمر 1969 تقديم صادق عبد الله عبد الماجد كبديل يتفق عليه الأخوان بدلا من قيادة حسن الترابي ولكن صادق حسم الأمر برفض المبدأ ولذلك كان من الطبيعي أن يحسم المؤتمر الصراع لصالح عناصر المستقبل ذات القدرة علي التحليل والرؤية) انتهي كلام د. حسن مكي.

    يتبع
                  

05-08-2010, 09:36 PM

عمار عبدالله عبدالرحمن
<aعمار عبدالله عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 02-26-2005
مجموع المشاركات: 9162

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: khalid abuahmed)

    متابعة

    @@@@@@@
                  

05-08-2010, 11:43 PM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: عمار عبدالله عبدالرحمن)

    سلام خالد
    وتحياتي
    شكرا لهذا البوست السمين
    متابعة

    (عدل بواسطة خالد العبيد on 05-09-2010, 00:03 AM)

                  

05-09-2010, 06:22 AM

عماد موسى محمد

تاريخ التسجيل: 03-17-2008
مجموع المشاركات: 15955

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: خالد العبيد)

    كتب Elawad

    Quote: شهادة أمين حسن عمر مردودة فهي قد أتت في سياق الدفاع عن شيخه و يكفي البروفيسور جعفر شيخ إدريس أنه نبه لخطورة أفكار الترابي قبل أكثر من ثلاثين عاما من صحوة أمين و غيره هذه الصحوة التي لم تكن للأسف غيرة على دين أو شرع و إنما صراع محموم بين الشيخ و تلاميذه على كراسي الحكم.

    هذه هي الحقيقة..
    والتعويل بموقف أمين حسن عمر المخزي في هجومه آنذاك على الشيخ جعفر من خلال صحف
    التنظيم ليس بحجة..بدليل موقف د. أمين نفسه الآن من حسن الترابي..
    حسن الترابي الآن يمثل المعسكر القديم الضعيف الموقف والحجة والأتباع
    وهذا كله بسبب حربه على السنة والثوابت..فاقتضت سنة الله التي لاتتغير
    ولاتتبدل أن ينفر الناس عنه..وأن يمزق الله مُلكَه( جزاء وفاقا)
    ليس هناك مقارنة بين صاحب هذا الخيط
    http://www.jaafaridris.com/

    وبين من يحلل زواج غير المسلم لمسلمة تشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله
                  

05-09-2010, 06:58 AM

عماد موسى محمد

تاريخ التسجيل: 03-17-2008
مجموع المشاركات: 15955

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: عماد موسى محمد)

    الاستاذ خالد أبو احمد
    السلام عليكم
    هذا مقال كتبته ردا على الدكتور الترابي في جريدة (الوطن) القطرية:-

    ما قاله ( الترابي ) وما لـم يقله ( 2 ـ 2 )-عماد موسى محمد-

    الحلقة الثانية

    كلُّ خيرٍ في اتباع مَنْ سلف
    Quote: في هذه المقالة الثانية والأخيرة لتصحيح المسار الاسلامي في الحركة الاسلامية في السودان يجدر بنا ان نطرح سؤالا مهما : هل من علاقة بين فشل الدكتور الترابي على المستوى السياسي العملي وبين المنطلقات الفكرية ومنابعه التي يستقي منها ؟

    الاجابة : نعم ‚ والدليل على ذلك أن الرجل كان يمســــــك بكل الخيوط المحركة في الدولة و« يتدخل » في كل شاردة وواردة تتعلق بالأمور المهمة سياسيا وتنفيذيا وتنظيميا ودبلوماسيا !! حتى وصف بالاستبداد وها هو ذا يشتكي من « دكتاتورية » العســـــــكر و« تسلطهم » !

    فالفشل في كل هذه الجوانب له أصل وسبب ‚ ولما كان يهمني في هذا المقام منحى « الترابي » الفكري والمنهجي ‚ فسأبرز بعض أقواله وأحاول عرضها على ضوء المنهج العلمي الاسلامي القائم على الكتاب والسنة على منهج السلف مع عرض مكثف لأقوال بعض العلماء خاصة ممن تصدوا بقوة لمثل هذه الأقوال التي سبقوا اليها الترابي ومن أشهر هؤلاء شيخ الاسلام ابن تيمية وهو يمثل علما من أعلام أهل السنة والجماعة رحمهم الله أجمعين إذ رد عليهم وبين مخالفتهم للحق .

    أولا : أرى ان من أكبر أسباب فشل حركة « الترابي » على الصعيد المنهجي والتأصيلي هو تقديم الدكتور للعقل على الشرع وانتهاج مسالك أهل الأهواء والكلام في التهجم على أصول أهل السنة ومناهج السلف ‚ يقول د ‚ الترابي « أما المصدر الذي يتعين علينا ان نعيد إليه اعتباره كأصل له مكانته فهو العقل » ‚‚ من كتابه « تجديد الفكر الاسلامي » ولا يخفى على فطنة القارىء اللبيب انه يقصد اعتبار العقل كأصل من أصول التشريع !
    ومعلوم ان طرق الأحكام التي اجمع عليها المسلمون هي : الكتاب والسنة والاجماع والقياس والاستصحاب والمصالح المرسلة ‚ لكن الرجل ــ هداه الله ــ يتبع الفرق الضالة كالمعتزلة حذو القُذَّة بالقُذّة التي ردت نصوص الكتاب والسنة لأنها في زعمهم تمجُّها العقول ! وقد عميت أبصارهم عن حقيقة مركزية وهي ان العقل ــ رغم مكانته ــ فهو بالنسبة للشرع كالعين مع ضوء الشمس لا ترى إلا إذا وقع عليها الضوء .

    يقول ابن تيمية رحمه الله في رسالة « العبودية » ( وأصل ضلال من ضلّ هو تقديم قياسه على النص المنزل من عند الله ‚ واختياره الهوى على اتباع أمر الله )

    ويقول رحمه الله « من خرج عن القانون النبوي الشرعي المحمدي الذي دل عليه الكتاب والسنة احتاج ان يضع قانونا آخر متناقضا يرده العقل والدين » .

    لكن الدكتور الترابي في كل كتبه تقريبا يبدي ويعيد ويكرر بأسلوب لا روح فيه أهمية « التجديد للأصول القديمة » ويصف علوم السلف بـ « الأنابيش » !
    وينادي بكل جراءة بتغيير اصول الحديث التي أصلها علماء الحديث والسنة والتي هي مفخرة المسلمين على مر الدهور : علما ومنهجية ودقة وحرصا .

    استمع للدكتور الترابي وهو يخاطب اتباعه في محاضرة سمعتها عبر الشريط « إذا رأينا ان نأخذ من كل الصحابة أو لا نأخذ قد نأتي نعمل تنقيح جديد ‚ نقول : إذا روى الصحابي حديثا عنده فيه مصلحة !! نتحفظ عليه ونعمل روايته درجة ضعيفة جدا وإذا روى حديثا ليس له فيه مصلحة نأخذ حديثه بقوة أكثر ويمكن تصنيف الصحابة مستويات معينة في صدق الرواية » !

    فالترابي هنا يجازف مجازفات خطيرة من أخطرها الطعن في الصحابة وانهم يروون احاديث لهم فيها مصلحة كرواية عن زرع او مال ــ عياذا بالله ــ وفي نفس الشريط وضع من شأن أمير الحديث البخاري وطعن في كون ان الصحابة كلهم عدول رحمهم الله .

    تعالوا بنا ــ غير مأمورين ــ نعرض هذه الفرية على منهاج السلف الصالح فنجد الاجابة عند علم من اعلامهم وهو ابن تيمية ‚ يقول رحمه الله : وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ــ ولله الحمد ــ من أصدق الناس حديثا عنه ‚ لا يُعرف منهم من تعمد عليه كذبا ‚ مع انه يقع من أحدهم من الهنّات ما يقع ولهم ذنوب وليسوا معصومين ‚ ومع هذا فقد جرّب اصحاب النقد والامتحان احاديثهم واعتبروها بما تُعتبر به الأحاديث فلم يوجد عن أحد منهم تعمد كذبة ‚ بخلاف من بعدهم ‚ فإنهم لا يساويهم ولا يقاربهم أحد رضي الله عنهم ‚ ولهذا كان الصحابة كلهم ثقات باتفاق أهل العلم بالحديث حفظا من الله لهذا الدين ‚ وقد كان ( التابعون ) بالمدينة ومكة والشام والبصرة لا يكاد يُعرف فيهم كذاب لكن الغلط لم يسلم منه بشر .

    ولقد انتظمت مسألة تقديم العقل على الشرع كل مباحث الترابي المتعلقة بالتفسير والفقه والأصول وغيرها لذلك تجد فتاوى غريبة مخالفات عجيبة لأصول وأحكام الشريعة

    فأنكر حد الرجم كما نقل عنه الدكتور محمود الطحان في رده عليه في كتابه « مفهوم التجديد بين السنة النبوية وأدعياء التجديد »

    وجوز الردة للمسلم وان يطعن الكفار في دين المسلمين ‚ يقول الدكتور الترابي « وأود ان أقول : انه في اطار الدولة الواحدة والعهد الواحد يجوز للمسلم ــ كما يجوز للمسيحي ــ ان يُبدل دينه » ! معارضا قول المعصوم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ( من بدل دينه فاقتلوه )


    ويقول الترابي في لقاء مع مجلة « قضايا دولية » عندما سأله الصحفي عن أبرز المشاكل والعقبات التي واجهت الحركة الاسلامية في السودان وهي تنتقل من طور الدعوة الى الدولة وان يضرب لهم أمثلة لهذه العقبات قال ( مثال ذلك النظام السياسي فالحركة كان لها تجربة في الشورى المطلقة داخل صفها وكيف تزكي الناس للقيادة وكيف نولي هذا ولا نولي ذاك ‚ وكيف نعالج الخصومات التي تقع أحيانا من أهواء شخصية ‚ ولكن هذه التجربة لا تجدي إلا قليلا جدا أمام تجربة تزحف نحو السودان كله بانحطاطه الفكري والديني وتنوعه وقضاياه الاقتصادية والسياسية والخارجية ‚‚ ولما كان الفقه الاسلامي تعطل منذ الخلافة الراشدة تماما ولا يكاد يكون فيه شيء حول إدارة الانتخابات وكيف نجمع الناس وكيف نلتزم باجراءات الشورى وكيف نطمئن للشورى وكيف نقوم بتربية الناس حتى لا تأخذهم هوية الســــلطة ولا هوية المعارضة في الصراع ‚‚ ) مجلة « قضايا دولية » ص 58 .

    فانظر كيف حكم هذا الدكتور القانوني ــ جورا ــ على الفقه الاسلامي ووصفه بانه معطل !

    ولنا ان نسأل الترابي هل قصر الفقه الاسلامي ان يعرض للنوازل الفقهية التي تظهر للمسلمين فلا يجدوا لها حلا ولا تأصيل ا؟ ولو انه اطلع على مباحث علماء المجمعات الفقهية المتعلقة بالنوازل الجديدة او السابقة لبلغت العشرات كأطفال الأنابيب وبطاقات « الماستر كارد » والموقف من مسألة « العولمة » و« الانغماس في العدو » و« المسابقات التجارية » و« أحكام الشركات القابضة » و« عقد المناولة » ‚‚ الخ ‚ أيعجز الفقه الاسلامي ان يحكم في أمور الشورى وإدارة الانتخابات ؟!!

    صحيح قد يعجز الدكتور الترابي ان يجد حلولا لهذه الأمور لأن الأصول والأحكام التي يستنبط منها العلماء يريد الترابي تجديدها او يزعم ان أصلها من « الفكر الروماني ! » لكن أهل العلم الذين هم أهله هم الذين يحكمون في هذه الأمور‚ فاتهام الفقه بالعجز دليل على عدم احاطة به ‚ قال تعالى « بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله » يونس : 39 .

    يقول ابن تيمية في كتابه « الفرقان بين الحق والباطل » : فعلى كل مؤمن ان لا يتكلم في شيء من الدين إلا تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يتقدم بين يديه بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعا لقوله ‚ وعمله تبعا لأمره ‚ فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين ‚ فلهذا لم يكن فيهم من يعارض النصوص بمعقوله ‚ ولا يؤسس دينا غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وإذا أراد معرفة شيء من الدين والكلام فيه نظر ما قاله الله والرسول ‚ فمنه يتعلم وبه يتكلم ‚ وفيه ينظر ويتفكر ‚ وبه يستدل ‚ فهذا أصل أهل السنة وهذا هو الفرقان بين أهل الإيمان والسنة وأهل النفاق والبدعة فإنهم يخالفون هذا الأصل كل المخالفة .
    ولما كان منهج الدكتور الترابي في فهم القرآن والسنة والاستنباط فهما قائما على « العقليات » لا « الأصول » أي أصول الفقه والحديث والفقه الاسلامي الذي يصفه بالقديم فإنك تجده يتخبط في « السمعيات » و« الفقهيات » فهو يُفتي بأن « الفنان » ربما يدخل الجنة وهو ينقرش بعوده !!

    ويقول في أمر الفن والغناء « ‚‚ وقد يكون باب الجنة الذي يدخلون به هو باب الفنانين في الجنة » ــ نعوذ بالله من الخذلان .

    وقد استمعت له قرابة الساعة في لقاء معه في رمضان 1424هـ في برنــــــامج فضائية « الجزيرة » فلا تسمع إلا تنظيرات عقلية فجة وسفسطات لا قيمة لها ولم يتورع ان يتكلم فيمن فهموا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الأئمة في قريش ) ‚ يضحك منهم وفي نفس البرنامج يزعم انه قرأ كل الكتب الموجودة !

    ويفتخر بتجرده من التراث ! ويقول في لقاء مجلة « قضايا دولية » معه « إنني كنت أكثر الناس دعوة للخروج من مذهب مالك الذي عليه أهل البلاد ‚‚‚ » ونحن لا نريد من الترابي أن يتمذهب لكن لا نريد ولا نتمنى له ان يتجرد من « تراث » السلف وعلومهم وان يأخذ من هؤلاء الأئمة الأربعة وغيرهم ما يوافق الحق ‚ لكن ان يسير بغير ضوابط ولا أصول ولا سلف فهذا والله

    يقول ابن تيمية رحمه الله في كتابه « الرد على البكري » : وليحذر العبد مسالك أهل الظلم والجهل الذين يسلكون مسالك العلماء تسمع من أحدهم جعجعة ولا ترى طحنا فترى أحدهم أنه في أعلى الدرجات وإنما هو يعلم ظاهرا من الحياة الدنيا‚ ولم يُحسم حول العلم الموروث عن سيِّد ولد آدم عليه السلام ‚‚ »

    ويقول رحمه الله « والله تعالى أخبر أنه ينصر رسله في الحياة الدنيا وفي الآخرة ‚ والله سبحانه يجزي الإنسان من جنس عمله‚ فالجزاء من جنس العمل فمن خالف الرسل عوقب بمثل ذنبه ‚ وأرى عباده ذلك عيانا ‚ وإذا ظهرت البدع التي تخالف الرسل انتقم الله ممن خالف الرسل وانتصر لرسله » .

    فعلينا كطلبة علم ودعاة ان نراجع سيرنا في الدعوة ومناهجنا وأساليبنا وهل هي على منهج السلف ؟ وعلى أصولهم في الفهم والاستنباط ؟ وهل تأسينا بهم في أعمالهم وعباداتهم وسلكنا سبيل المؤمنين بهم في أعمالهم وعباداتهم وسلكنا سبيل المؤمنين أم أننا اعرضنا عنهم بل سخرنا منهم ومن علومهم وأصولهم فهل نجزى إلا الفشل والهوان والتنازع « ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا » النساء : 115 .
    يقول ابن تيمية في فتاواه « وبنو آدم فيما جحدوه ونفوه بغير علم أكثر من ضلالهم فيما صدقوا به وأثبتوه ‚ قال تعالى « بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله » وهذا لأن الغالب على الآدميين صحة الحس والعقل فإذا اثبتوا شيئا وصدقوا به كان حقا بخلاف ما نفوه فإن غالبهم او كثيرا منهم ينفون ما لا يعلمون ويكذبون بما لم يحيطوا بعلمه ويتفرع على هذا الأصل الباطل : الجهل بالإلهيات وبما جاء به الرسول والجهل بالأمور الكلية المحيطة بالمجودات وبهذا ضل زنادقة الفلاسفة وغيرهم كما أنكروا الجن والملائكة وأمور الغيب إذ لم تدخل تحت علومهم القاصرة فجحدوها وكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه وجاءتهم الرسل بالبينات والبراهين ففرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ‚ والله الهادي الى صراط مستقيم
    .
                  

05-09-2010, 02:56 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: عماد موسى محمد)

    أشكرك جدا أخوي عماد
                  

05-10-2010, 12:58 PM

hamid abdalah
<ahamid abdalah
تاريخ التسجيل: 10-20-2007
مجموع المشاركات: 649

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: khalid abuahmed)

    الاخ خالد ابواحمد
    شكراً لك علي هذا الموضوع القيم..
    وناءمل منك مواصلة السرد الجميل وتكملة المشوار الذي بداءته..
    فاننا متابعين معك حلقة حلقة حتي النهاية ان شاء الله ..!
                  

05-10-2010, 08:51 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: hamid abdalah)

    الاخوة الاعزاء..
    السلام عليكم..
    كنت مشغولاً .. ولم اتمكن مساء أمس من نشر هذه الحلقة..آآسف جدا جداً..


    الحلقة الخامسة ..قصة رجلين ..

    انفض المؤتمر وسادت شائعة قوية ان جعفر شيح إدريس قد استقال وأنه بصدد الانضمام للحزب الاتحادي وقد اضطر جعفر لإصدار بيان يؤكد فيه أنه لا ينوي التخلي عن الحركة الإسلامية ولكن في حقيقة الأمر فقد انتهي الأمر إلي تجميد طوعي لعضويته في الحركة الإسلامية والتي دخلت في أجواء معارك عاصفة بدأتها بحملة مكثفة علي النشاط الماسوني بالبلاد والذي بدأ يحرك حملة مضادة ضد التوجهات الإسلامية بالسودان هذه التوجهات التي تبلورت في بيان الأحزاب الشهير في مايو 1969 والذي وقعت عليها الأحزاب السياسية بالبلاد داعية لاجازة دستور جديد إسلامي المعالم وأن يكون الحكم فيه رئاسياً .. وكانت رئاسية الحكم موضع إجماع من الأحزاب الكبرى التي تهيأت لانتخابات جديدة وفق الدستور الجديد في العام 1970 وكان حزب الأمة يهيئ نفسه للدخول للمعترك الانتخابي موحداً بعد مؤتمر أبريل 1969 الذي جعل رعاية الحزب من نصيب الأمام الهادي وأعطي الرئاسة للصادق المهدي وحلت المشاكل المعلقة بين الجناحين وكانت جبهة الميثاق اسعد الجبهات بهذا الوفاق داخل حزب الأمة لأنه أعطى دفعة قوية لمشروع الدستور الإسلامي إلا أن الأمر الذي اسعد رجال الجبهة قد اغضب رجال اليسار خارج وداخل القوات المسلحة وكان هنالك شعور قوي يكتنف الجميع بأن البلاد مقبلة علي تغيير كبير سوف يستبق إجازة الدستور ففي تلك الفترة نشطت الدعوات الجهوية (حركة سوني – حركة جبال النوبة –حركة مؤتمر البجا ، مؤتمر دار فور الخ) ولم يعد يخفي علي أحد ان هذه الأحزاب الجهوية بدأت التحرك في الجبهة العسكرية بعد ان كان عملها مقتصراً علي المجال السياسي .
    من الناحية الأخرى كانت أحزاب اليسار شيوعية وقومية تتجرع المرارات فهزيمة العرب في الشرق الأوسط كانت تقتضي لملمة القوي الثورية من جديد وإجراء مراجعات كبيرة في الجغرافيا السياسية والوضع السياسي في المنطقة أما الحزب الشيوعي فقد خسر الحرب السياسية واصبح علي شفا خسران القضية الأيديولوجية بانتصار خيار الدستور الرئاسي الإسلامي والذي يمهد لسلطان حزب الأمة الموحد المتحالف مع الجبهة الإسلامية التي تمددت في مجالات الطلاب والنقابات ونافست الحزب الشيوعي في الميادين التي لم يكن يجد فيها متحديا ولا منافساً . وكان مايو 1969 شهراً ملتهبا بالحرارة ، حرارة الطقس اللاهب وحرارة المناخ السياسي الذي حفل بأحداث كبيرة جمة ولكن اكبر تلك الأحداث كلها اخذ زمانه أمسية الخامس والعشرين من الشهر اللاهب ليبدأ حقبة جديدة في التاريخ السياسي في السودان وفصلا جديداً من فصول العمل الإسلامي تبدأ أول أحداثه بقدوم د. الترابي ليكون أول سجين يضمه سجن كوبر بعد ان صكت الموسيقي العسكرية آذان أهل السودان مؤذنة بعهد جديد ..

    الحركة الإسلامية .. ونظام مايو

    جاءت مايو تكتلاً كاملاً لقوي اليسار في السودان وكان الحزب الشيوعي السوداني أبرز هذه القوي وذلك لتمتعه بسند عدد من النقابات القوية وعلي رأسها نقابة السكة الحديد وتمتعه أيضا بأقوى تجمع عسكري موال داخل القوات المسلحة السودانية ، بيد أن هذه الميزات لم تنتقص كثيراً من أهمية الدور الذي اضطلعت به القوي العروبية في النظام الجديد فالقائد السياسي للنظام الجديد كان الأستاذ بابكر عوض الله الذي جاء رئيساً للوزراء وكان يشغل من قبل ذلك منصب رئيس القضاء حتى استقال منه بسبب المسألة الدستورية المتعلقة (باحترام البرلمان للسلطة القضائية) وذلك في أعقاب رفض الجمعية التأسيسية تنفيذ الحكم القضائي الذي أصدره القاضي صلاح حسن لصالح النواب الشيوعيين بالجمعية التاسيسية . شغل بابكر عوض السوداني الأوحد الذي شغل الرئاسة للسلطات الثالث القضائية والتشريعية التنفيذية وبهذه الخبرات وبالمساندة الدولية الآتية من كونه الرجل الأول الذي كان يحظى بمساندة القاهرة علي عهد عبد الناصر وبالتالي مساند النظم الثورية بالمنطقة علي الرغم مما يبدو من نفوذ ظاهر للحزب الشيوعي وما يبدو من ثقل ظاهرة للمؤسسة العسكرية الحاكمة ومما أعطى هذا الموقف قوة إضافية أن غالبية أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا ثوريين عروبيين اكثر منهم ماركسيين وقد اتضح فيما بعد في أزمة نوفمبر 1970 أن الأعضاء الملتزمين بالحزب الشيوعي في المجلس هم الأقلية بينما توزع بقية أعضاء المجلس إلى تيارات قومية ذات هوي قاهري أو بغدادي أو دمشقي وكان اشهر القاهريين بالمجلس خالد حسن عباس وكان حمد الله بغدادي الهوى ومامون دمشقي الهوى أو هكذا راج في أوساط السياسيين آنذاك أما رئيس المجلس جعفر نميري فقد كان ثوريا يسارياً ولم تكن له صلة خاصة بأية جهة ما بيد أنه كان يتمتع بوضع قيادي داخل القوات المسلحة وفي أوساط ما عرف آنذاك بتكتل الضباط الأحرار(تكتل ضباط اليسار)..
    الحركة الإسلامية لم تكن غائبة عن القوات المسلحة تماما ففي أوساط هذه المجموعات من الضباط كان هنالك عدد من المنعطفين تلقاء التيار الإسلامي ولكنهم كانوا أقلية لا يعينها المناخ السياسي والاجتماعي علي الظهور والحركة بيد أن الضباط الإسلاميين كانوا يرقبون ما يجري من تحرك نشط لتجمع قوي اليسار باتجاه الإطاحة بنظام الأحزاب القائم ..
    وقد نشر الأستاذ يس عمر الأمام مقالا نوه فيه إلي الحركة الدائبة في القوات المسلحة لتجميع قوي اليسار باتجاه الإطاحة بالنظام الديمقراطي وذكر أن هذه الجهود ينسقها عقيد اسمه جعفر محمد نميري . وبعد نشر المقال تقدم جعفر محمد نميري بشكوى ضد صحيفة الميثاق الإسلامي وضد يس عمر الأمام وكان محامي جعفر نميري هو الأستاذ بابكر كرار المحامي . ولأعجب فالأستاذ بابكر كرار المحامي هو زميل الصف الدراسي لجعفر نميري في حنتوب الثانوية وقبول بابكر كرار للترافع عن جعفر نميري في مواجهة يس عمر الأمام كان يعكس المعسكرات السياسية في ذلك الوقت حيث كان بابكر كرار يصنف حزبه الاشتراكي الإسلامي داخل إطار القوي الثورية التقدمية في العالم العربي وكان يتمتع بعلاقات واسعة مع المثقفين العروبيين بينما كان يعتب علي إخوانه بالأمس في (حركة التحرر الإسلامي)موقفهم الموالي للقوي الرجعية (الأحزاب الطائفية) وموقفه المعادي لجمال عبد الناصر وصلاتهم الودودة مع الملك فيصل الذي كان يحتضن القوي الإسلامية في المنطقة بل وانشأ لها منظمات دولية هي منظمة التضامن الإسلامي ثم الندوة العالمية للشباب الإسلامي وقد انعقدت المحكمة لأكثر من مرة لمحاكمة يس عمر الأمام الذي ادعي علي نميري العمل علي إسقاط النظام الديمقراطي وشهدت المحاكمة ملاسنات بين يس عمر الأمام وبابكر كرار بيد أن القضية ماتت تدريجياً مع انشغال نميري وضباطه الأحرار بتحقيق نبوءة يس عمر الأمام علي ارض الواقع . لذلك لم يكن عجيباً أن أول من وطئت رجله سجن كوبر ليجد رفيق كفاحه الإسلامي يدلف معه في ذات الوقت للسجن كان يس عمر الأمام ..
                  

05-11-2010, 09:14 AM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: khalid abuahmed)

    الاخوة الاكارم ..خالد العبيد..عمار عبدالله..حامد عبدالله.. أشكركم جدا على الحضور والمتابعة..
    سنواصل اليوم مساء إن شاء الله انزال باقي الحلقات..
    ولكل القراء محبتي وتقديري..
                  

05-12-2010, 10:56 AM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: khalid abuahmed)

    معذرة اخوتي على التأخير.

    الحلقة السادسة..قصة رجلين..

    ما بين يس عمر الأمام ومحمد صالح عمر

    كان هناك اكثر من سيماء شبه بين يس عمر الأمام ومحمد صالح عمر بل وبابكر كرار فقد كان يس عمر الأمام ثورياً حامي الأنفاس ولا يزال وكذلك كان محمد صالح عمر وبابكر كرار ولكن كل واحد من الرجال الثالثة كان ذا نكهة خاصة فبابكر كرار كان ميالاً للأيدلوجيا وكان عروبيا متطرفاً وكان اشتراكياً اكثر من دهاقنة الاشتراكية الماركسيين وكان بابكر كرار مترهباً في محراب العروبة والاشتراكية ولكنه كان يريد ذلك في قالب إسلامي ولعله أول من نادي بالدمج بين الدعوة للبعث العربي والبعث الإسلامي لأنهما وجهان لعملة واحدة هي نهضة الحوض العربي الإسلامي ..

    أما محمد صالح عمر فقد كان ثورياً إسلاميا آثرت ثقافته الشرعية العميقة علي رؤاه الفكرية فكانت فكرة الجهاد الإسلامي هي الفكرة المسيطرة علي سائر التوجهات لديه ولكنه كان يؤمن بدور عربي خاص في مشروع البعث الإسلامي وكان يري أن الجهاد الإسلامي سوف ينبثق من قضية فلسطين وكان رأيه في هذا مطابقاً لرأي الأمام حسن البنا رحمه الله والذي كان يري إن الجهاد في فلسطين هو مفتاح البعث الإسلامي في كل مكان بيد أن محمد صالح عمر كان من دعاة التكوين التربوي الذي يركز علي بناء صف مخصوص ولم يكن من دعاة الحركة السياسية الواسعة التي لا ترتكز علي البناء التربوي المعمق للكوادر . أما يس عمر الأمام والذي بدأ ماركسيا ثورياً بإحساس قوي تجاه نصرة الفقراء المستضعفين وكان مدخله للحزب الشيوعي من هذا الباب فقد تحول بسبب نفوره من السلوك الاجتماعي غير المنضبط للشيوعيين وهو ابن أسرة دينة معروفة تحول للاتجاه الإسلامي ولكن بذات الأيدلوجية الاجتماعية ربما بذات المنهج الحركي الشيوعي ولذلك فلم يكن عجيباً أن يكون يس عمر الأمام أول متفرغ للعمل التنظيمي فقد استقال من عمله أستاذا للرياضيات ليتفرغ لبناء الكادر الإسلامي في أم درمان ثم في مدينة عطبرة في أوساط عمال السكة الحديد وقد عاني بسبب ذلك الآمرين فلم يكن المجتمع السوداني بل المجتمع الحركي متفهما لمسألة التفرغ التنظيمي إلا أن يس صبر علي ذلك حتى صار هو وزميله توفيق طه من أعرق وأعتق المفرغين للعمل التنظيمي ونهضاً في ذلك السبيل بجهود هائلة وقاماً بإنجازات كبري لا يعلمها إلا القليل.
    كان يس ثورياً اجتماعياً وكان عروبياً وكان هو الوجه الذي كان ولا يزال يمثل الحركة الإسلامية في الأوساط العربية ولذلك كان الرقم الأول في العلاقة مع ثورة الجزائر والرقم الأول في العلاقة مع الثورة الإريترية والرقم الأول في العلاقة مع الحركات الثورية الفلسطينية .. وكان يس هو الساعد الأيمن للدكتور الترابي سياسياً وإعلامياً وعلي الرغم من أنه كان دائماً أقل صبراً علي مماحكات العمل السياسي وكان ميالا للتغيير الثوري علي حساب التغيير التراكمي وكان كافراً دائماً بمقدرة الأحزاب علي تطوير أنفسها ديمقراطيا ولكنه علي الرغم من كل ذلك فقد شكل السند الأقوى لاطروحات د,. الترابي السياسية بل والفكرية علي الرغم من كثرة تصريحاته بأنه لا يحسب نفسه في قبيلة أهل المثاقفة والفكر ولكن وقفة يس عمر الأمام إلي جانب الترابي في المحكات الكبرى مثل قضية المرأة مثل قضية المصالحة مع نظام النميري بما يمتلك من رصيد هائل من ثقة الأخوان به .. كان ذلك السند دعما لاطروحات الترابي قد لا يقدره الكثيرون حق قدره .. وقد ظل يس يأتي دائماً في المقام الثاني في كل انتخابات الأمين العام حيث كان الأخوان يصممون أن تجري الانتخابات ولا يكتفي بالإجماع السكوتي وعندما قدمت الجبهة الإسلامية القومية علي عثمان نائباً للامين العام كان ذلك بدعم ومساندة من يس عمر الأمام وكان الجميع يرتكنون إلي حماسته في تقديم جيل جديد من القيادة ولولا تراجعه النبيل هذا عن مقعده بجوار الدكتور الترابي لما تقدم عليه أحد ولا قدم الأخوان علي أحد أبدا ..

    في المعتقل
    كان ذلك مساء الاثنين 25 مايو1969م عندما تحركت السيارات تحمل مجموعات من الإسلاميين إلي معتقل كوبر وكان علي رأس هؤلاء حسن الترابي ويس عمر الأمام وصادق عبد الله عبد الماجد ، عبد الرحيم حمدي وكل الكوادر السرية من أمثال توفيق طه ، عثمان عبد الوهاب وآخرين وفي اليوم التالي طالت القائمة الصف الثاني والثالث من الحركة حتى قيادات الطلاب بالجامعة ولكن اسماً واحداً من القيادات لم يعتقل وكان ذلك جعفر شيخ إدريس والذي اختفي ليوم أو يومين ولكنه استطاع بمساعدة الأستاذ بابكر كرار ان يلتقي بجعفر نميري في خواتيم الأسبوع الأول من الثورة ثم التقي من بعد ذلك بفاروق حمد الله وزير الداخلية والذي كان يتردد في الأوساط السياسية أنه ماركسي ملتزم ولكن الأحداث أبانت فيما بعد أنه اشتراكي عروبي علي الرغم من مساهمته في انقلاب 19 يوليو الذي قاده الشيوعيون بعد عاميين فقط من الثورة والذي أسموه ثورة تصحيحية لتأسيس سلطة الجبهة الوطنية الديمقراطية.

    جعفر شيخ إدريس زعم انه عندما التقي بالنميري طلب إليه أن ينقض تحالفه مع الشيوعيين وهذا زعم غير مستغرب من رجل منسوب إلي قيادات الحركة الإسلامية ولكن كل الظروف السائدة آنذاك ثم مقابلة جعفر لفاروق حمد الله (وزير الداخلية آنذاك) لا تؤيد هذا الزعم ..فأولا بابكر كرار الذي قاد جعفر لمقابلة جعفر لم يكن يستبعد الحزب الشيوعي من الجبهة التقدمية التي ينتسب إليها حزبه الاشتراكي الإسلامي ولم يكن رأيه السياسي مطابقاً لرأي جبهة الميثاق حول أسلوب التعامل مع الحزب الشيوعي السوداني وكان بابكر كرار يري ان الحزب الشيوعي السوداني قوة سياسية وفكرية مقدرة في أوساط المثقفين السودانيين وليس من الواقعية السياسية التعامل معه بأسلوب الأبعاد والإقصاء ثم ان الحزب الشيوعي السوداني تتبناه قوة عظمي هي القوة الراعية للتحالف التقدمي العربي وليس من العقل ان تغضب قوة سياسية ذات نظر إستراتيجي الاتحاد السوفيتي الذي كان لا يذكر اسمه آنذاك في العالم العربي إلا وتضاف إليه كلمة (العظيم) ، الاتحاد السوفيتي العظيم . وأكاد اقطع جازماً أن الأستاذ بابكر كرار ما كان ليصحب جعفر شيخ إدريس لمقابلة نميري ليحدثه هذا الأخير عن ضرورة استبعاد الحزب الشيوعي بل ما اذكره ان الأستاذ بابكر كرار كان يسعى إلي فتح حوار بين عبد الخالق محجوب وجبهة الميثاق التي كان الشيوعيون قد بداوا يضعون لها اعتبارا ويستشعرون خطرها بعد تحركها التكتيكي الخطير في إنشاء جبهة الأحزاب وتفتيت جبهة الهيئات بتكوين جبهة نقابات مضادة ثم بإشعالها للرأي العام المناوئ للشيوعية مما أدي إلي إجماع الأحزاب علي طرد النواب الشيوعيين من البرلمان وتحريم الشيوعية في السودان.
    إذا لم يكن جعفر قد طلب فك الارتباط مع الحزب الشيوعي فما الذي قاله جعفر لجعفر . أذن ارجح الاحتمالات أن يكون قد حدثه عن علاقته بالحركة الإسلامية (التي لم تكن علي ما يرام) ربما اخبره أنه لم يعد عضوا فيها وربما يكون قد أدان التحالف الرجعي بين الترابي والصادق المهدي وربما يكون قد اثني علي نموذج الإسلام الاشتراكي الذي يتبناه بابكر كرار، تبقي كل هذه مجرد احتمالات ولكن الحقيقة الماثلة تبقي ان جعفر شيخ إدريس الذي التقي نميري في أيام الثورة الأولى قد استبعد تماما من قائمة الاعتقالات ولم يعتقل ( إلا بعد اكثر من عامين ولذلك حديث آخر) ثم ان جعفر التقي بفاروق حمد الله الذي لم يكن كادراً فكرياً عسكرياً وكان وزيراً للداخلية ولماذا ياتري التقي جعفر شيخ إدريس بوزير داخلية انقلاب مايو؟ يمكن لجعفر أن يجيب علي هذا السؤال وسنحمل إجابته علي محمل الجد ولكننا علي أية حال لن نقبلها إلا بعد التمحيص والاختبار ( فالرجل ليس من رواة البخاري علي أية حال).

    كانت الحركة الإسلامية تلتقي في السجن كهولا في أول سني الكهولة وشبابا في أول سني الشباب وكان جعفر شيخ إدريس ، الذي كان فيما سبق حريصاً علي أن يكون درة كل محفل للإخوان ، كان جعفر غائبا عن هذا الملتقي الاخواني وكان الأخوان في السجن إذا اجتمعوا تحدثوا في السياسة وإذا افترقوا انفردوا لتلاوة القرآن أو لمذاكرته ثنائياً ...

    يتبع
                  

05-13-2010, 10:36 AM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قصة رجلين..د. حسن الترابي..ود. جعفر شيخ ادريس..سلسلة توثيقية (Re: khalid abuahmed)

    الحلقة السابعة ..قصة رجلين


    وفي السجن كان حسن الترابي يعي الصورة جيداً وأول ملامح هذه الصورة ان مصر التي ظلت تضطلع بدور خفي وهام في السياسة السودانية عبر نفوذها علي بعض الأحزاب وعلاقاتها المرسومة مع بعض الأفراد والمؤسسات . مصر قد قررت أن تعيد ترتيب تحالفاتها في السودان فالتحالف السياسي الرئيسي لمصر في السودان كان مع طائفة الختمية وحزبها (حزب الشعب الديمقراطي) أو عناصر هذه الطائفة وهذا الحزب إذا اندمج هذا الحزب فيما يسمي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يجمع إلى اتباع الطائفة الوسطي لكن كان من الواضح أن مصر قد أثرت أن تستغني في تلك المرحلة عن تحالفها مع هؤلاء لتتعامل مباشرة مع القوي العروبية التقدمية التي يمثلها الناصريون والقوميون العرب بمختلف اتجاهاتهم القطرية وكان التحالف مع الحزب الشيوعي أيضا تمثله خصوصية العلاقة مع الاتحاد السوفيتي بين مصر بعد النكسة والاتحاد السوفيتي الذي بلغ من نفوذه إلي درجة أنه اصبح قوة استعمارية غير منظورة مما آثار حنق الوطنيين المصريين ودفع بالسادات إلي طرد الخبراء السوفيت بعد ثورته التصحيحية في مايو 1971 وتوجه نحو الغرب بعد أن استيئس تماماً من نصرة سوفيتية تؤدي إلي استرجاع سيناء والكرامة المصرية.

    كان حسن الترابي يعلم أن التحالف السياسي الذي يحكم السودان هو انعكاس للتحالف السياسي الأقوى في المنطقة العربية وأن السودان بضعف بنيته السياسية وضعف الوعي عند الطبقة السياسية بين حكامه قد اغري عبد الناصر بالسعي إلي تحويله إلي محمية مصرية مباشرة وكان عبد الناصر في أشد الحاجة إلي هذه المحمية المصرية ذلك أن السودان كان ولا يزال في أجنده الإستراتيجية المصرية هو عمق مصر (ربما مصر لست عمقاً لا حد) .. كان عبد الناصر في اشد الحاجة إلي سودان مرتبط ارتباطاً التحامياً بمصر ذلك أن مقتضيات الأمن القومي المصري العسكري والتي تقتضي وجوداً عسكريا مصرياً مباشراً في السودان كل ذلك يقتضي تقوية القبضة السياسية المصرية في السودان وكانت حكومة مايو الأولى هي التمثيل الصادق لما تريده مصر في السودان واثر الثورة تحول مطار وادي سيدنا لأهم مطار مصري وانتقلت قوات مصرية مقدرة إلي منطقة جبل الأولياء وفتحت نقاط مراقبة جوية وبريه في نقاط متفرقة من الحدود مع السودان لحماية العمق المصري والسد العالي والذي كانت تهدده حرب الاستنزاف.

    كان الترابي يعلم تماما أن الأحزاب المتفرقة لا تمثل قوة يعتد بها في مواجهة هذا التحالف المحلي الإقليمي الدولي في السودان وقد تكون نفسه قد حدثته أن بعض المجموعات الموالية تماماً لمصر في الأحزاب قد تحدث نفسها بالاندماج في النظام الجديد بل أن عدم اعتقال الصادق المهدي وإجراء الأخير لحوارات مع النظام الجديد كان مؤشراً علي أن الصادق المهدي نفسه لم يكن يستبعد الاندماج في النظام الجديد أو ليس هو داعية (الاشتراكية السندكالية)؟ ولكن كان هنالك رجل قوي يمكن الاعتماد علي التحالف معه وكان ذلك – إسماعيل الأزهري.

    الزعيم إسماعيل الأزهري
    بعض الأقلام بدأت مؤخراً التطاول علي الأزهري بزعم أنه قد خان قضية الوحدة مع مصر وأنه قد آثر طموحاته السياسية علي حلم الوحدة الكبير ولكن ذلك في جلية الأمر لم يكن كذلك فالأزهري كان يعلم أن هنالك فرقاً كبيراً بين أن تضم مصر للسودان وأن يتوحد السودان مع مصر وقد ظل إسماعيل الأزهري يرعي شعار الوحدة العربية والوحدة مع مصر أولا حتى آخر أيامه رغم المرارات التي استشعرها في آخر تلك الأيام .. وقد كانت قرارات الأزهري الحازمة الحاسمة هي أقوي العوامل التي عجلت بالتحول الجديد في السودان فالأزهري كان عراب بيان الأحزاب الشهير في مايو والذي أوضح رأي الأحزاب الموقعة علي البيان حول الدستور في مايو والذي سعي لأن يكون إسلاميا وأن ينجز خلال ستة أشهر وحول نظام الحكم أن يكون رئاسياً وأن يكون هنالك نظام للحكم الإقليمي في السودان . هذا البيان الهام والذي رسم خطة الخطوات القادمة في السودان كان قاصمة الظهر للديمقراطية الثانية ولعل كثيراً من المراقبين استغربوا اعتقال رئيس الوزراء المحجوب في منزله واعتقال الصادق المهدي في منزله ولكن الأزهري اقتيد إلي السجن ذلك أن الرجل كان زعيماً كبيراً قمينا بتحريك القوي المضادة للثورة ولم يكن موقفه من التحول السياسي الجديد سلبياً كما كان موقف المحجوب الذي يئس من حزبه حزب الأمة الذي توحد في أبريل وكان متهيئاً لقسمة السلطة بين الصادق المهدي والأمام الهادي كذلك لم يكن موقف الأزهري موقف المساوم الذي ظهر به الصادق المهدي .
    كان الأزهري رافضاً للتغيير الجديد . وكانت الحركة الإسلامية تري في الأزهري ومجموعته الاتحادية حليفا منتظراً إلي جانب الأمام الهادي الذي استعصم بالجزيرة أبا ورفض في بيان شهير مشاركة الشيوعيين في حكم السودان .
    كان الترابي يري أن علي الحركة الإسلامية أن تسعي لبناء جبهة مقاومة داخلية وخارجية وأن تشتمل هذه الجبهة علي جميع عناصر المقاومة سياسية وفكرية وجهادية وأن يعد لذلك عبر إنشاء جبهة وطنية بدأت نواتها في المملكة العربية السعودية بوجود الشريف الهندي وعثمان خالد وعدد من قادة الإسلاميين بالمملكة وكان محمد صالح عمر ينتقل بين لبنان والأردن والخليج بعد أن ظل وقلة من الأخوان يشاركون في جهاد فلسطين وهكذا كان الأزهري بالداخل ومعه الترابي وكان الأمام الهادي بالجزيرة أبا وكان الهندي والإسلاميون بالمملكة وكانت عناصر المقاومة موجودة علي الرغم من عظم التحدي المطروح أمام مثل هذه المقاومة التي تريد أن تواجه تكتلا إقليميا دوليا لا يستهان به .
    الحركة الإسلامية والمصادمة..
    كانت جبهة المعارضة للنظام المايوي في عامه الأول جبهة قويه . فلئن كان الميرغني قد أرسل مهنئاً ومباركاً كعادته وكان الصادق المهدي لا يزال يحاور ويساوم باحثا لنفسه عن مكان في النظام الجديد ووسيلته في ذلك الأمير نقد الله الذي كان وثيق الصلة بالحزب الشيوعي إلى درجة أن عبد الخالق محجوب قد رشحه لرئاسة وزارة حركة الحزب الشيوعي التصحيحية في يوليو 1971م لئن كانت تلك المواقف للميرغني والصادق كذلك فقد كانت الجبهة الشعبية قوية وذلك بسبب الموقف القوي الصامد للأمام الهادي في الجزيرة أبا والتي تحولت وحتى غزوها وضربها بالطيران إلي قاعدة متقدمة للمعارضة خارج نفوذ الدولة المايوية الجديدة ، كذلك كان وجود الأزهري بما يمثل من قيادة لتيار شعبي حضري كبير ضمانة أخرى ودليلا علي أن أرصدة المقاومة ليست قليلة وكذلك كان وجود الترابي وتصميمه علي المقاومة بما يمثل من ثقل في أوساط كافة المثقفين غير اليساريين تنويعاً لقاعدة المعارضة الشعبية التي مثل الأمام الهادي قاعدتها الريفية ومثل الأزهري قاعدتها الحضرية ومثل الترابي قاعدتها الصفوية المثقفة .وكان للمعارضة وجودها الخارجي القوي الممثل بالشريف حسين الهندي وعدد من زعماء الأخوان والذين انشاوا علاقة بناءة مع المملكة العربية السعودية وضمنوا مساندتها القوية ذلك ان السعودية كانت تتخوف كثيراً من وجود نظام يساري يوالي مصر الناصرية والشيوعية العالمية . من ناحية أخرى فان وجود النظام الذي يرود خطاه الشيوعيون لم يزعج المملكة فحسب بل أزعج هيلاسلاسي والذي لم يتردد في إجراء تنسيق وثيق مع قوي المعارضة وبدأت بعض طلائع المعارضين تتجمع في معسكر للتدريب علي السلاح في أثيوبيا .

    (عدل بواسطة khalid abuahmed on 05-13-2010, 12:30 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de