الاستاذة سعاد آدم تتحدث عن الخاتم عدلان الانسان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 04:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-02-2010, 07:42 AM

بهاء بكري
<aبهاء بكري
تاريخ التسجيل: 08-26-2003
مجموع المشاركات: 3519

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الاستاذة سعاد آدم تتحدث عن الخاتم عدلان الانسان

    سعاد آدم أحمد
    تعرفت على الخاتم عدلان عندما كنت بالجامعة، حيث كان صديقاً لمن صار فيما بعد زوجي: زميلان سكنا في غرفة واحدة تعارفا على تسميتها "المخزن" ، ومحرران لجريدة (مساء الخير) لسان حال الجبهة الديموقراطية بجامعة الخرطوم آنذاك.



    لم تكن صلتي به وثيقة عندئذ.. مجرد لقاءات عابرة بقهوة النشاط غالباً.. ما لفت نظري فيه وقتها كونه جنتلمان حقيقي بكل ما تحويه الكلمة حسب المقاييس المعروفة.. مثلاً، كان يقف عندما يصافح أحداً ما، شاداً على يد مصافحه بحرارة وترحيب، ناظراً في عينيه بود وحياء.. ومهما كان في عجلة من أمره فإنه يجد الوقت الكافي للسؤال عن الحال والأحوال، ولم يكن ذلك من باب المجاملة وإنما هو نابع من إهتمام إنساني حقيقي وسؤاله صادق لا زيف فيه ولا اصطناع.

    وأثناء الحديث يصبح ذلك الفتى الريفي ذو الإبتسامة الحيية جاد الملامح مصغياً بكل جوارحه لمن يحادثه حتى ليشعرك وكأن مصير العالم كله يعتمد على هذه المحادثة.. وأعتقد أن غيري ممن عرف الخاتم قد لاحظ هذه السمة النبيلة النادرة فيه.. وإذا وقف جليسه أو أحد ممن في المجلس مغادراً كان الخاتم يقف أيضاً – مصافحاً بنفس الإهتمام والحرارة حتى ولو كان قد قابل ذلك الشخص للمرة الأولى في حياته.

    صلتي الحقيقية بالخاتم كأخ وصديق مقرب بدأت بعد خروجه من سجن شالا.. وكنا قد تزوجنا خلال فترة سجنه. وهي الفترة الثانية له إبان حكم نميري. بعد إطلاق سراحه ببضعة أشهر حلّ ضيفاً عزيزاً على بيتنا قبل أن تستقر أموره ويستأجر سكناً خاصاً به وبأخوته القادمين من أم دكَت للدراسة بالخرطوم.

    منذ ذلك الحين، كوَن الخاتم جزءاً "مهماً" من حياتنا الأسرية وعلى الصعيد الشخصي لكل منا أو كونا نحن جزءاً من حياته.. لا أدري... ربما مثلما في أحجية الدجاجة والبيضة.. جمعتنا صلة متينة لم يفصمها لا السجن ولا الغربة.. ولن يفصمها الموت..

    وجود الخاتم عدلان أضفى حيوية على منزلنا العامر وقتئذ.. فهنالك أقارب زوجي المقيمون معنا بالإضافة لأختي وبعض الزوار شبه المقيمين.. الخاتم عدلان.. المفكَر الواسع المعرفة والسياسي المشهور الذي دوَخ نظام نميري.. والذي كان مطلوباً "حياً" أو ميتاً من قبل الجهات الأمنية وعناصر الجبهة الإسلامية تآلف وانسجم بعفوية وبساطة مع بقية القاطنين معنا.. العمال البسطاء، التلميذ الخجول، الفتاة الأمَية التي كانت تساعدني في أعمال المنزل وحتى مع إبني الصغير.. كسرحاجز الرهبة مع الكل.. كأني أراهم الآن متحلقين حوله ووسطهم لعبة الطاولة التي تعقد يومياً في وسط فناء منزلنا.. ومازالت ضحكاته الرنَانة وتعليقاته الودودة المرحة ترن في أذني... بطريقته الفريدة في التعامل مع الناس أشعر كل شخص منهم بأنه فريد ومميز، وفي نفس الوقت وتلقائياً كانوا يتعلمون منه.. وكان ذلك شأن كل من يتردد علينا شيباً وشباباً وحتى أطفالاً.

    الفترة التي أمضاها الخاتم معنا وثَقت صلتي به وعرفتني على جوانب عدة من شخصيته الفريدة.. بقي ببيتنا بضعة شهور لكنه لم يكن قط ضيفاً عبئاً.. كان واحداً من ضمن مجموعة ذكور يقيمون معنا ومنهم أخي الشهيد الرائد أبن عمر الذي كان ضيفاً غير مقيم.. من دون هؤلاء الرجال جميعاً كان الخاتم بشفافيته العميقة التي تتسامى عن مواصفات الذكورية "حسب العقلية الرجالية السودانية" وبحسه الإنساني الرفيع، هو الوحيد الذي يتطوع لمساعدتي، خاصة عندما أعود مرهقة من العمل.. كان يقف معي بالمطبخ عند إعداد وجبة الغداء لتقليب ما يلزمه التقليب وتسخين ما يلزمه التسخين أو حتى في إعداد السلطة، وبقية الناس جالسون في إنتظار الصينية. لم يستنكف أن يورَق معي الملوخية أو السلج.. وحينما لاحظ يوماً إنتفاخ يديَ من جراء فرك البامية بسبب الحساسية تناول مني المفراكة وقام بالمهمة على خير وجه.. بل وكان يتطوع لمساعدة سكينة- الفتاة التي كانت تعمل لديَ- فيعبِىء لها الجردل حينما يفرغ من الماء أثناء الغسيل أو يرش الفناء بدلاً"عنها عصراً.

    إهتمام الخاتم بأسرتنا تعداها وشمل حتى الأطراف.. فعندما انتقل من بيتنا كان منزله الجديد في جوار بيت أخت زوجي بتول عباس والتي كانت تعيش مع إبنتيها وأمها وحدهن، حيث كان زوجها ادريس عبدون مغترباً بليبيا. وأشهد بأن الخاتم عدلان قد تولى الإهتمام بتلك الأسرة وكأنه أخ شقيق، يساعده في ذلك بعض من رفقاء سكنه منهم على سبيل الذكر لا الحصر الطبيبان عصام يعقوب وعثمان حسن موسى اللذان قدما الرعاية الطبية كلما دعت الحاجة. وحينما ساءت حالة الملاريا ذات ليلة لدى حماتي، تولى الخاتم نقلها وإدخالها- بمساعدة رفقاء سكنه الأطباء- مستشفى أمراض المناطق الحارة بأم درمان تم كل ذلك ليلاً... ولم نعلم نحن الأقربين إلا في اليوم التالي..

    حتى بعد إنتقاله، ظل الخاتم فرداً من أسرتنا. كان وكأنما يقطن في مسكنيني.. لم يغب عنا أبداً.. وكان هو وإبني البكر راشد شديدا التعلق ببعضهما.. وأذكر أن أول جملة نطقها الصغير وكان عمره حوالي خمسة عشر شهراً" كانت موجهة للخاتم.. وكأني أراهما الآن جالسين على الأرض وبينهما دفتر وقلم.. لا أذكر بالضبط ما كانا يفعلان.. وإذا بالصغير يرفع صوته بأول جملة كاملة: "ديقة ياخ".. بالنص: يعني دقيقة يا خي.. دهشنا وضحكنا.. إذ كانت تلك قفزة في قاموسه الصغير الذي لم يتعد كلمات فردية قليلة: أصعبها "ككيَة" أي سكينة، الشغالة.

    هذه الذكرى بالذات لها دلالة رمزية عميقة بالنسبة إليّ: تأثير الخاتم الإيجابي الفعال على كل من حوله حتى الأطفال.

    عن كرم الخاتم أورد القصة التالية: علمت أن الفتاة التي كانت تعمل لدي قد استخرجت شهادة جنسية من وراء ظهري، وقدمت للعمل في أحد المصانع.. ولما كنت قد أحضرتها معي من بلدتي وتحت وصاية متشددة من أبيها برعايتها فقد خفت من أن تضيع في زحام الخرطوم وأصبحت مسؤولة لدى أبيها.. لذلك قررت سراً أن أعيدها إلى أهلها مع بعض أقاربي المسافرين إلى أم روابة، موطني وموطنها.. ولم أواجهها بذلك إلا يوم السفر خشية أن تهرب. وعندما حانت ساعة السفر أعطيتها فقط ما كنت أدين لها به من مال مقابل الأيام القليلة التي عملتها لدي، وكنا في بداية الشهر، فما كان من الخاتم – الذي كان حاضراً وقتها – إلا أن أدخل يده في جيبه وأعطاها كل ما كان به.. ولكم أن تتصوروا ما انتابني – وربما الآخرون أيضاً – من شعور بالخزي والضآلة أمام ذلك العملاق، الذي لم يفصل مطلقاً بين ما يقوم به عما يؤمن به.

    حينما بدأت الإنتفاضة في أبريل 85، رابط زوجي بمدينة الخرطوم وفي نادي أساتذة جامعة الخرطوم والتي كان يعمل فيها حيث كانت تصنع الأحداث، ولجأت أنا والصغيران راشد والخاتم إلى منزل أخته بتول عباس بالحاج يوسف .. كنت في بداية حملي بإبنتي الكبرى فاطمة.. وفي اليوم الرابع.. إن لم تخنِي الذاكرة، جاءنا صوت سوار الذهب عبر الراديو يعلن سقوط نظام مايو.. خرجت وأخت زوجي بتول عباس إلى الشارع وانضممنا إلى الجماهير الهادرة المتجهة غرباً نحو مدينة بحري.. أول ما خطر على بالنا هو البحث عن الخاتم... من آخر محطة بالحاج يوسف وصلنا مشيا إلى سجن كوبر، وكنت أنتعل سفنجة.. وجدنا المكان بلقعاً.. الأبواب مفتوحة على مصاريعها.. وأبراج المراقبة خالية من الحراس.. بعد لأي وجدنا سيارة أجرة بها قابلة في طريقها إلى العمل بمستشفى الولادة بأم درمان.. والتي ساومتنا بشراسة ولم تقبل سوى بعشر جنيهات لمشوار لا تزيد أجرته عن الجنيهين.. نزلنا قرب منزلنا بالشعبية على أمل أن نجد الخاتم هناك.. وجدنا البيت خالياً لكني تحسباً تركت الباب الخارجي ونافذة إحدى الغرف مفتوحين وانطلقنا إلى أمدرمان.. تحديداً مدينة الثورة حيث يسكن أخوان الخاتم. حينما وصلنا وجدنا أخاه عدلان قائماً يكبر لصلاة العصر.. وحينما رآنا إرتاع.. لكنا بادرناه بالبشرى. تهللت أساريره ولم تسعه الفرحة ثم انطلق للدكان المجاور ليشتري لنا حلاوة البشرى والبارد.. وبعدها انطلقنا كلنا مجدداً إلى بيتي.. هناك وجدنا شنطة الخاتم لكننا لم نجده.. بقيت أنا ورافق عدلان أخت زوجي بتول إلى الحاج يوسف وعادا بعد ذلك مع بقية أفراد أسرتينا.. انتظرنا عودة الخاتم على أحر من الجمر.. وفي صباح اليوم التالي أتى برفقة زوجي محجوب.. ومنذ أن وطئت قدماه عتبة دارنا المتواضعة لم ينقطع سيل الزوار والمهنئين لمدة أسبوع أو تزيد.. ليلاً ونهارا.. لم أر في حياتي شخصاً محبوباً وله معارف وأصدقاء كثر مثله.. ولقد واتاه الحظ إذ وجد له بعض الأصدقاء بيتاً قريباً من بيتنا وصارت الوفود تطرق بابنا أولاً لنوجهها إلى بيته.. وأما النساء فقد كن غالباً يبقين في إنتظاره ببيتنا.. بينما يذهب مرافقوهن، أزواجاً أو أخواناً لبيته .

    بعد الإنتفاضة، تعمقت صلتي شخصياً بالخاتم حتى بعد أن إنتقل من حيَنا ليسكن في منزل ملاصق لبيت أخت زوجي، بل وكان بينهم نفاج وكان هو وإخوته يتناولون وجباتهم هناك وحيث اتخذ الخاتم صالونها الخالي مكتبة له.. في تلك الفترة، استطعت أن ألاحظ أشياء كثيرة في شخصيته ربما لم ينتبه لها الكثيرون. مثلاً، حينما كنت أستمع إلى مناقشاته السياسية أو الفكرية مع الآخرين، لاحظت أنه على خلاف غيره، لم يكن يحتكر الحديث ولم أره يوماً متسلطاً يشتطُ في رأيه أو منفعلاً يخرج عن طوره.

    وأمر آخر كان يدهشني فيه، وهو نشاطه المتقد وقدرته الهائلة على الإستفاقة مبكراً حتى ولو نام لمدة ساعتين فقط. فقد كان يصحو دائماً عند الفجر يجلس إلى كتبه قارئا كاتباً لعدة ساعات يومياً.. والأمر الأكثر إدهاشاً هو قدرته على النوم بمثل السهولة التي يستفيق بها، يضع رأسه وفوراً ينام .. مضجعاً أو جالساً على كرسي يغط في النوم وكأنه طفل رضيع.

    صفة أخرى تميز بها الخاتم، وهي عاطفيته وحنوه الزائدين.. ربما لكونه قد فقد أمه باكراً له دخل في ذلك، ولم يكن يستحي من إظهار ذلك الجانب العاطفي فيه أو إستخدام كلمات حنونة متعاطفة.. مثلاً، حينما عدت للسودان من الإعارة للمملكة وكان ذلك بعد إستشهاد أخي بحوالي شهرين استقبلني جميع أقاربي ومعارفي الرجال بقراءة الفاتحة وكلمات العزاء المعروفة، لكن الخاتم وضع رأسه على كتفي وبكى وانتحب وكأن الفقيد شقيقه.. ولم يفعل ذلك سوى شقيقاي الآخرين.

    ربما كثير منكم قد عرف الخاتم عن قرب وخبر مروءته وشهامته وكرمه أكثر مني.. طوال فترة وجوده خارج السجن كان الخاتم عدلان – بالنسبة لي كما لغيري قطعاً – الأخ الذي يعتمد عليه في النائبات.. على سبيل المثال، عندما توفي والدي، سافرت وزوجي للعزاء وما كان ممكناً لنا اصطحاب ولدينا معنا حتى لا ينقطعا عن المدرسة .. فتركناهما تحت رعاية عمتهما خديجة عباس ونحن مطمئنان لوجود الخاتم قريباً منهما في البيت الذي استأجره بعد خروجه من السجن عقب الإنتفاضة.. وحدث ما لم يكن في الحسبان: أصيب ولدنا الصغير بحالة حادة من الحساسية الجلدية.. وكان الخاتم عدلان هناك ليقوم بكل ما يلزم، أطباء وأدوية ورعاية كاملة ورفض أن تتغيب العمة عن دراستها في معهد البريد وبقي هو مع الصبي بالبيت.. بل وصار ينام معهم ليلاً جاعلاً فراشه قرب فراش الصغير الذي حكى لي عند عودتي كيف أن الخاتم كان يمسح على ظهره وذراعيه بالماء البارد حينما كانت تمنعه الحكة من النوم ليلاً.

    ولعل ولدي راشد مازال يذكر هذه الواقعة رغم صغر سنه وقتها، إذ كان في عامه السادس.. فذاكرة الصغار مخزن عجيب.. هذا ما أكدته لي بنتي الجالسة الآن بقربي وأنا أكتب هذه الخواطر، حيث سألتني: تذكرين يا ماما الفساتين التي أحضرها لنا عمو الخاتم حينما زارنا؟ استغربت لأني لا أذكر ذلك مطلقاً لكنها أكدت لي ذلك مع أنها رأت الخاتم لمدة 24 ساعة فقط حينما زارنا في الرياض عقب خروجه النهائي من السودان قبل ما يزيد عن 10 سنوات، وكان عمرها وقتها نحو ثمانية أعوام، اختزنت ذاكرتها الغضة تلك اللمسة الرقيقة – الهدية التي أحضرها لها – بقيت حية في ذهنها.. مثلما عشرات الذكريات التي مازالت نابضة في ذهني، أذكر منها هذه الواقعة يوم زواجه... والتي تكشف عن اهتمامه الأصيل بمعارفه وأصدقائه.. زارني صباحاً يلتمع الخضاب الشديد السواد بكفيه، إذ كان قد عاد لتوه من قريته حيث تمت مراسيم حفل "حنته". ألحَ عليّ في حضور حفل زواجه في مساء ذلك اليوم ولكني اعتذرت لأني كنت في حالة حداد وحزن على أخي الذي استشهد حديثاً.. فتعللت بإبنتي الرضيعة ذات الأربعة شهور.. لكنه أصر على ظهوري ولو لربع ساعة لكي أقابل عروسه.. ولم يغادر إلا بعد أن استخلص مني وعداً بالحضور – بتشجيع من والدتي أطال الله في عمرها– ووعدها برعاية طفلتي حتى عودتي.. وفي المساء ذهبت لموقع الحفل مع أخي الاستاذ مصطفى آدم الذي جاء من مدني خصيصاً لحضور حفل الزواج. ما لم أحسب حسابه هو وسيلة العودة، إذ كان الحفل مقاماً بالنادي القبطي على ما أذكر حيث لم تكن وسائل المواصلات العامة متوفرة. وبعد أن بقيت ساعة خرجت مع أخي نبحث عن تاكسي.. ولكن دون جدوى.. عدت للداخل ورجوت أحد الحاضرين أن يوصلني لبيتي وهو صديق قديم لنا – أو لزوجي على الأقل وزميله منذ الطفولة – ولكنه تعلل بعذر واهٍ.. وأسقط في يدي.. لكن الخاتم وسط انشغاله بعروسه ومهنئيه لم ينسني .. فحينما ذهب أحد المدعوين، صديقه وصديق زوجي، دكتور عصام يعقوب – الله يطراه بالخير والذي أدين له بالكثير الكثير – ليستأذن في الإنسحاب من الحفل لأنه مناوب أو تمَ استدعاؤه، رجاه الخاتم أن يبحث عني ويوصلني إلى بيتي، وقد فعل الصديق الوفي دكتورعصام، بحث عني وسط الألوف المحتشدة وأوصلني مشكوراً إلى بيتي وإلى طفلتي الباكية.

    وكان ذلك دأبه.. في كل شأن من شؤون ممن حوله.. يجعل مشاكلهم مشاكله، وهمومهم همومه.. كبرت أو صغرت... ولم يكن يهدأ له بال حتى يفعل ما بوسعه للمساعدة حتى ولو ذهب في ذلك بعيداً.. باذلاً من ماله أو مستعيناً بمن يمكن الإستعانة به.

    هناك واقعة أخرى نابضة في ذهني تركت في نفسي وقعاً عميقاً، أذكرها دائماً وبكثير من العرفان...عندما شعرت بآلام المخاض عند ولادة أبني الثاني، رافقنا الخاتم إلى مستشفى الولادة بأم درمان وكان الوقت ليلاً.. وبحكم صداقتهما هو وزوجي ببعض الأطباء هناك، سمح لهما بالبقاء في غرفة المعاينة المفتوحة على غرفة الإنتظار.. وخلال ساعات المخاض الرهيبة والطويلة عاد زوجي للبيت ليبقى مع ولدنا البكر. وتناوب الخاتم وخالتي الإطمئنان عليّ.. لم يكن يدخل إلى حيث أستلقي، لكنه كلما رآني إلتفت إلى زاويته كان يرفع يديه المضمومتين تشجيعاً.. بعد الولادة أصر زوجي على تسمية ذلك المولود الخاتم تيمناً به، ولنا الشرف والفخر بأن كان ولدنا هو الأول في سلسلة طويلة من المواليد الذين سمُوا تيمناً بالخاتم عدلان. وحينما كان ابني ينمو ويكبر كنت أدعو الله أن يكون خلوقاً محبوباً.. ذا نخوة وشفافية مثله.. والحمدلله أن دعائي لم يخب.. وما زلت أتمنى إكتمال الدائرة بأن يحذو الخاتم محجوب حذو الخاتم عدلان، عظيماً كريماً.. أخو أخوان.. وعشا ضيفان.. نعم الصديق تلقاهو وقت الضيق.. ماخلاف وعود وما نوام هَجود.. سوَاي وما حداث.. نصوح وما خبَاث.. ما الهجَاص كذوب.. وما الحُمقي الغضوب.. ماعاهد وغدر.. أو خاصم وفجر.. زول العريكة اللينة.. وصاحب الطريقة البينة...

    ذلكم الخاتم عدلان الذي عرفت ...
                  

05-02-2010, 01:25 PM

احمد خليل
<aاحمد خليل
تاريخ التسجيل: 08-11-2009
مجموع المشاركات: 531

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاستاذة سعاد آدم تتحدث عن الخاتم عدلان الانسان (Re: بهاء بكري)

    تحياتى
    يالبهاء الكتابة ايتها الفضلى عندما تكون بيراع موهوب وامانة واخلاص فالخاتم يستحق مثل هذا واكثر ,فلقد كان سفرا خبيئا بالمعانى مابين سطوره ابلغ من ظاهر مقاله !!!رحل والناس فى امس الحاجة اليه وامثاله وسيعرف الناس يوما ان (حواءنا) ما قصرت ولكن للزمان احكام!!!
    kofi
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de