نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 07:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة ضياء الدين ميرغنى الطاهر(altahir_2&ضياء الدين ميرغني)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-02-2006, 06:34 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4)


    الجزء الاول:-
    شكالية التنوع الثقافي في السودان

    بمناسبة انعقاد مؤتمره العام في ميلاه الثاني، نظم اتحاد الكتاب السودانيين ندوة حول رؤية الأحزاب السودانية لاشكالية التنوع الثقافي في السودان، يوم الجمعة 22 سبتمبر الجاري وقد شاركت بمداخلة تعكس رؤية حزب البعث العربي الاشتراكي السوداني، ونسبه لأهمية الموضوع سوف أتناول طرح هذه الرؤية في هذه الزاوية بهدف تعميم الفائدة وتوسيع الحوار حول هذه القضية المهمة، ونبدأ بتأكيد أن هناك الآن اتفاقاً عاماً وسط الأحزاب السياسية السودانية حول حقائق التعدد والتنوع الثقافي والاثني الديني في البلاد، ويتجسد ذلك في عدة وثائق واتفاقيات طرحت في عقد التسعينيات الماضي، وبداية هذا العقد ويشكل ذلك:





    1- مقررات مؤتمر اسمرا حول القضايا المصيرية في عام 1995، ويمثل ذلك وجهة نظر قوى المعارضة ممثلة في التجمع الوطني الديمقراطي الذي يضم الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب الأمة وقوى المعارضة الأخرى كافة.



    2- اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997 بين حكومة الانقاذ وبعض القوى الجنوبية، ويمثل ذلك وجهة نظر الحكومة والجبهة القومية الإسلامية، والاتفاقية تطرح أفكاراً واضحة حول التنوع الثقافي في البلاد تقترب كثيراً من طرح مقررات مؤتمر أسمرا حول القضايا المصيرية .1995



    3- هناك اتفاقية السلام الشامل بين حكومة الانقاذ والحركة الشعبية في 9 يناير .2005



    وهي الاتفاقية التي أدت إلى تكوين حكومة الوحدة الوطنية في 9 يوليو 2005 ووجدت دعماً ومساندة دولية واقليمية واسعة، وفي الداخل وجدت تأييد ودعم القوى السياسية كافة مع تحفظات وانتقادات لثنائيتها وعدم شمولها لجوانب الأزمة السودانية، ومع أن الجانب الثقافي بشكل أضعف جوانبها فقد أكدت الاتفاقية على حقائق التنوع الثقافي وفق المجموعات السكانية المختلفة في تطوير لغاتها وثقافاتها أضافة إلى خصوصية انتماء السودان ودوره في محيطه العربي والإفريقي وتوازن سياسته الخارجية في اطار هذا المحيط.



    والواقع أن هذا الاتفاق الواسع يستند إلى إعلان كوكادام بين الحركة الشعبية والأحزاب السياسية في بداية 1986 وإلى اتفاقية الميرغني-قرنق بين الحركة والحزب الاتحادي الديمقراطي في نوفمبر 1988، وذلك إضافة إلى تطورات عديدة تمتد منذ مؤتمر جوبا 1947 حتى مؤتمر المائدة المستديرة في 1965 ومع كل ذلك، فالعبرة ليست في الوثائق والاتفاقيات المكتوبة وإنما في تطبيقها في الواقع العملي، ولذلك يمكن القول إن قضية التنوع الثقافي لاتزال تطرح نفسها في الواقع السوداني وهي تحتاج إلى جهد أكبر وأوسع بحكم تعقيدها واختلافها النوعي عن قضايا السلطة والثروة. ولا أريد هنا مناقشة موقف حزب البعث السوداني من هذه القضية في الفترات السابقة.



    فقد كفانا د. حيدر إبراهيم بما أورده من مقتطفات حول هذا الموقف في ورقته التي قدمها في يوم الخميس 21 سبتمبر الماضي، وأشير هنا إلى وثيقة حول (الهوية السودانية) طرحها الحزب في بداية عام 1989 كمساهمة في المؤتمر الدستوري الوطني، الذي كان سيعقد في سبتمبر من العام نفسه، وأشير أيضاً إلى كتابات حديثة خاصة كتاب عبدالعزيز الصاوي حوارات الهوية والوحدة الوطنية في السودان، مركز الدراسات السودانية القاهرة 1996، هذه الكتابات يمكن الرجوع إليها لمتابعة ما طرحته من أفكار وآراء.



    اشكالية التنوع الثقافي في السودان في الوقت الراهن تتمثل في عقبة أساسية، يجسدها توجهان متطرفان ومتناقضان ومتشابهان في الوقت نفسه.



    التوجه الأول يضع الدين الإسلامي في مواجهة الهوية الوطنية الجامعة وتمثله الجبهة الإسلامية القومية ونخبة الانقاذ الحاكمة ودوائر محددة وسط القوى المهيمنة التقليدية في الشمال، هذا التوجه يحاول فرض مفهوم يقوم على الإسلام والثقافة العربية الإسلامية، وبالتالي معاداة الثقافات والأديان الوطنية الأخرى، وهو يعمل على تبسيط مشكلة الهوية ويحصرها فقط في الدين وفي اجتهاداته الخاصة بحزب الجبهة الإسلامية، ولذلك يتجاهل حقائق التنوع الثقافي والاثني والديني في البلاد، وهو في ذلك يتناقض مع التراث العربي الإسلامي ومع التجربة السودانية المليئان بقيم الحرية والتسامح والتفاعل مع الآخر، وهذا التوجه يحاول تحقيق طروحاته بغرض اسلمة وتعريب واسع وسط المجموعات غير العربية، وذلك بكل الطرق الممكنة، وعلى رأسها سلطة الدولة السياسية والعسكرية والاقتصادية وهو بطبيعته توجه ديكتاتوري شمولي وآحادي، وأدى عمليتان في العقدين الأخيرين إلى ادخال الإسلام والعروبة السودانية في مأزق اقصاء الآخر وورطة عدم القدرة على التعايش مع المجموعات الوطنية الأخرى، وخاصة المجموعات الجنوبية وهو بذلك يخاطر بالإسلام وبالعروبة وبمكانتهما الكبيرة في الهوية السودانية ودورهما الرئيس في بناء الكيان السوداني الحالي، وبالتالي يحملهما مسؤولية تفكيك البلاد على أسس دينية وعرقية، وهذا التوجه لايزال مستمراً حتى بعد اتفاقية السلام الشامل ومرور اكثر من عام على البدء في تنفيذها، ويتركز بشكل أساسي وسط نخبة الانقاذ المسيطرة.



    والتوجه الثاني هو توجه معاكس للتوجه الأول وكرد فعل له، ويتركز بشكل أساسي وسط القوى الجنوبية، وفي السنوات الأخيرة أصبحت له امتدادات وسط النخبة الشمالية، خاصة وسط الدوائر المثقفة والحركات المسلحة في دارفور وجبال النوبة والشرق، ويركز هذا التوجه على تحميل الثقافة العربية الشمالية في عمومها مسؤولية الأزمة الوطنية الشاملة الجارية في البلاد طيلة سنوات فترة ما بعد الاستقلال، وذلك استناداً إلى سيطرة القوى المهيمنة الشمالية (المدنية والعسكرية) على السلطة طيلة هذه الفترة وسياساتها التي أدت إلى استبعاد الجنوب ومناطق أخرى في الشمال، وتهميشه وتخلفه وهذا التوجه يعتبر هذه السيطرة نتاجاً لجوهر ثابت في الثقافة العربية الإسلامية والهوية الشمالية، وليس فقط نتيجة للتركيبة الفكرية والاجتماعية للقوى المسيطرة (البرجوازية، شبه الاقطاعية، البرجوازية البروقراطية والفئات الطفيلية) وبذلك يحول التركيز من العوامل الاقتصادية الاجتماعية إلى العامل الثقافي والقومي والديني، وبذلك يتحول الصراع من صراع سياسي اجتماعي إلى صراع ثقافات وهويات كما هو واضح في كتابات فرانسيس دينق، خاصة كتابه (صراع الرؤى) وكل ذلك بهدف تغيير جذور الأزمة الوطنية الشاملة الجارية في البلاد وكيفية معالجتها، ومن هنا تلاحظ أن هذا التوجه تماماً كالتوجه الأول، يعمل على تبسيط اشكالية التنوع الثقافي والاثني والديني في السودان، وذلك عن طريق تضخيم حقائق هذا التنوع في اتجاه اعلاء شأن المجموعات والثقافات غير العربية (سمها الافريقية) باعتبارها أساس الهوية والثقافة السودانية وبالتالي تقليل شأن الثقافة العربية السودانية والهوية القومية الشمالية واعتبارها (أقلية مسيطرة) وفي بعض الأحيان (جالية أجنبية) وافدة يجب طردها من البلاد، هذا التوجه يقود إلى نفي الثقافة العربية الشمالية، ووضع تناقض موهوم بين الانتماء العربي الإسلامي في الهوية السودانية وانتمائها السوداني والأفريقي، وهذا يعني عملياً رفض حقائق التنوع الثقافي القائمة في أرض الواقع، ويعني أيضاً نفي صفة (الأفريقية) عن الشمال لمجرد أنه (عربي مسلم) وذلك دون تقدير لوجود أكثر من ثلاثة أرباع الأمة العربية في بلدان شمال أفريقيا، أو لدور العروبة السودانية الأساسي في بناء الكيان السوداني وتوطيد وحدته الوطنية حتى الآن، والواقع أن هذا التوجه يركز على الاختلافات ويتجاهل المشتركات وعوامل الاندماج الوطني الجارية في أرض الواقع حتى في ظروف الحرب الأهلية في السنوات السابقة، وهو بذلك يحول السودان إلى سودان اقليات و اثنيات لاتربطها أي مشتركات ثقافية ودينية أو مصالح اقتصادية اجتماعية، فهل يؤدي ذلك فعلاً إلى معالجة الأزمة الوطنية الشاملة الجارية في البلاد؟!، أم إلى تفكيك الكيان السوداني على أسس دينية وعرقية؟.



    هناك توجه عام ينظر إلى قضية التنوع الثقافي والأثني والديني كتنوع وتعدد غير محدود ولا نهائي، وبالتالي ينظر للمجموعات السكانية الوطنية كجزر معزولةعن بعضها لاتربطها أي مشتركات.



    وهذا اتجاه خطير يؤدي عملياً إلى تفكيك الكيان السوداني الموحد على اسس عرقية ودينية، ويستند هذا التوجه على الاحصاء السكاني الأول 1955 الذي تم في نهاية الحكم الثنائي، ولكن هذا الاحصاء يجب التعامل معه بوعي ومسؤولية، بسبب عيوبه الفنية ومعاييره المعتمدة في تصنيف المجموعات الاثنية المختلفة، فهو يعتمد تصنيفاً عرقياً غير علمي، ويفترض فوارق واختلافات موهومة بين المجموعات السكانية في الشمال والجنوب على السواء، ويتجاهل عمليات التمازج والتداخل والاندماج الوطني الجارية في وسطها.



    وكل ذلك لا يقلل من قيمته، ولكن احصائياته تظل فقط تمثل الاتجاهات الشعبية في نظرة السكان لبعضهم وعلاقاتهم التاريخية والحدود التي يتحركون ويكسبون معاشهم في ربوعها، ونتيجة لكل ذلك يجب النظر لاشكالية التنوع الثقافي والاثني والديني في حدودها الواقعية في اطار الثقافة السودانية الجامعة بين الجنوب والشمال وداخل الجنوب والشمال في الوقت نفسه، وهذا ما سنناقشه في حلقة مقبلة.

    محمد علي جادين









    (عدل بواسطة altahir_2 on 12-02-2006, 06:41 PM)

                  

12-02-2006, 06:46 PM

السر عبدالله
<aالسر عبدالله
تاريخ التسجيل: 11-10-2006
مجموع المشاركات: 1481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4) (Re: altahir_2)

    شكرا يا الطاهر على هذا المقال الرائع الجميل والمعلومات المفيدة فى تاريخ وطننا المجيد... والصحيح ان السودان الحديث نشا مع صعود السلطنات العربية والاسلامية فى سنار وتقلى والمسبعات واتضحت الرؤيا واضحة ايام المجاهد الجسور الامام محمد احمد المهدى,طيب الله ثراه,ولكن ايضا الفكرة التى ينبغى ان تسود هى ايجاد سودان موحد لان العناصر التى يمكن ان تقود الى الوحدة عناصر قوية ويمكن ان تسود اذا تخلى بعض قادة وزعماء الحركة الشعبية عن فكرة الانفصال ... ولك تحياتى
                  

12-02-2006, 07:09 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4) (Re: السر عبدالله)

    الاخ السر عبدالله شكرا للمداخلة
    واعتقد ان الجزء الثانى سيعزز ما ذكرت
    Quote: شكرا يا الطاهر على هذا المقال الرائع الجميل والمعلومات المفيدة فى تاريخ وطننا المجيد... والصحيح ان السودان الحديث نشا مع صعود السلطنات العربية والاسلامية فى سنار وتقلى والمسبعات واتضحت الرؤيا واضحة ايام المجاهد الجسور الامام محمد احمد المهدى,طيب الله ثراه,ولكن ايضا الفكرة التى ينبغى ان تسود هى ايجاد سودان موحد لان العناصر التى يمكن ان تقود الى الوحدة عناصر قوية ويمكن ان تسود اذا تخلى بعض قادة وزعماء الحركة الشعبية عن فكرة الانفصال ... ولك تحياتى

    لك خالص الود
    ضياء الدين ميرغنى الطاهر

    (عدل بواسطة altahir_2 on 12-02-2006, 10:00 PM)

                  

12-02-2006, 06:55 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4) (Re: altahir_2)

    الجزء الثانى:-
    التنوع الثقافي في السودان الشمالي
    الاعتراف بواقع التعدد والتنوع الثقافي والديني والاثني في السودان يعني ان السودان لا يشكل أمة أو قومية موحدة حسب التعريف العلمي لهاتين الكلمتين، أي انه يكون هوية مركبة من عدة هويات بعضها اكتمل نموه القومي، مثل الهوية العربية الشمالية، وبعضها الآخر لا يزال في طوره القبلي، مثل الجنوب، ومن هنا فإن أهم سمات التنوع الثقافي والاثني تتمثل في التمايز الثقافي والتاريخي بين الشمال والجنوب.



    وقد اشارت إلى ذلك وثيقتان مهمتان في فترة ما بعد الاستقلال هما: تقرير لجنة التحقيق في أحداث الجنوب في أغسطس 1955، وإعلان 9 يونيو 1969 الذي أصدرته ثورة 25 مايو حول مشكلة الجنوب. وبشكل عام تشير الدراسات الحديثة إلى انه يمكن تقسيم سكان السودان إلى مجموعتين أساسيتين هما: مجموعة القوقازيين (الحاميين الساميين) في شمال وشرق البلاد، ومجموعة السود (نيليون وسودانيون) في الجنوب والغرب، وضمن هذا الإطار يجب النظر إلى مشكلة التنوع الثقافي في إطار السودان ككل وفي إطار الشمال والجنوب، كل على حده كما أشرنا في المقالة السابقة، وفي هذه المقالة نتناول التنوع الثقافي في الشمال، والواقع يشير إلى ان الشمال يرتبط، في عمومه بهوية عربية تستند إلى غلبة الثقافة العربية الإسلامية في داخله وانتمائه إلى المجال الحضاري العربي الإسلامي العام، أكثر من الأصول العرقية التي لا يمكن متابعتها، وهذه السمة الغالبة تتضمن بالطبع تنوعاً في داخله، بمعنى الاختلاف في درجة التعريب والاندماج الوطني واستمرار الثقافات السابقة كجزء حي وفاعل في التكوين القومي والثقافي القائم الآن وذلك بحكم تداخل وتمازج المجموعات الشمالية في عمومها مع بعضها البعض، ونتيجة للدور الحاسم الذي ظلت تلعبه اللغة العربية والإسلام والثقافة العربية الإسلامية والتجربة المشتركة طوال الحقب التاريخية المختلفة، ويمكن رصد كل ذلك بدءاً من الحضارات القديمة والممالك المسيحية، وانتشار الإسلام واللغة العربية حتى ظهور السلطنات العربية الإسلامية وانتهاءً بالعصر الحديث ودور الدولة المركزية والسوق الموحد في تسريع عمليات الاندماج الوطني الجارية في عموم البلاد والشمال بشكل خاص، ونتيجة لكل ذلك تبلورت الهوية العربية الإسلامية الشمالية وأصبح التنوع الثقافي والاثني في داخلها تنوعاً في درجة الاندماج الوطني، صحيح ان بعض المناطق انكفأت على نفسها واحتفظت بتراثها الثقافي القبلي لأسباب محددة (المناطق الجبلية والبعيدة) ولكن ذلك لم يمنع تداخلها وتمازجها مع المجموعات الشمالية والوطنية الأخرى، أو إلى ابتعادها الكلي عن تأثيرات العوامل الداخلية والخارجية الدافعة في اتجاه الاندماج الوطني والهوية العربية الشمالية الموحدة، وهي عملية تاريخية طويلة ومعقدة ساعدت في تسريعها عوامل التجارة البعيدة والهجرات السكانية الواسعة والطرق الصوفية وتحركات التجار والعلماء في القرون الوسطى والدولة المركزية والسوق الموحد في العصر الحديث.



    هناك رأي سائد يقول بأن الحكم التركي/المصري هو الذي صنع السودان بحدوده المعروفة الآن. ولكن هناك دراسات حديثة تشير إلى ان هذا السودان الحديث لم ينشأ مع الحكم التركي المصري أو الحكم الثنائي، وإنما نشأ مع صعود السلطنات العربية الإسلامية في سلطنة سنار (1504-1821) وسلطنات تقلي والمسبعات في كردفان وسلطنة الفور (1664-1875) حسب أبو سليم والقدال والصاوي، هذه السلطات كانت تتشابه في تركيبتها الداخلية وفي هويتها الثقافية نتيجة لتطورات اقتصادية اجتماعية وسياسية عديدة ولسيادة الثقافة العربية الإسلامية في الشمال بشكل عام، ورغم انها كانت سلطنات مستقلة وتتحارب مع بعضها في احيان كثيرة إلا انها لعبت دوراً كبيراً في تسريع عمليات الاندماج والتوحيد الوطني، والسهولة التي سيطر بها الحكم التركي المصري على البلاد تؤكد ذلك، ويؤكده أيضاً اندلاع الثورة المهدية في عموم أنحاء الشمال ضد الحكم التركي في 1881-1885 وفي الوقت نفسه كان لهذه السلطات إمتدادات وعلاقات مع المناطق الجنوبية، بما في ذلك علاقات تجارة العاج والدقيق وغيرها، ومن هنا يمكننا القول ان هذه السلطنات والعروبة السودانية، بشكل عام، قد لعبت دوراً مهماً وحاسماً في تأسيس الكيان السوداني بحدوده الراهنة، ووجد ذلك دعماً إضافياً في فترة الحكم التركي المصري (1821-1885) والحكم الثنائي _1898-1956) ولذلك جاءت الحركة الوطنية لتستند إلى هذا التوجه العام، بحكم ارتباطها بالشمال والهوية العربية الإسلامية الشمالية، المهم ان محاولة تضخيم ظاهرة التنوع الثقافي والاثني في الشمال، بشكل عام، لا يمكن ان تنجح في تحويله إلى اختلاف في الثقافات، مقارنة بالاختلاف التاريخي والثقافي مع الجنوب، صحيح هناك تنوع وتعدد، لكنه تنوع في الدرجة، بحكم تداخل الثقافة العربية الإسلامية الشمالية في مجمل نسيج الثقافة السودانية، وتمازج المجموعات الشمالية مع بعضها طوال حقب طويلة، ومع ذلك فإن هذا التقرير لا يعني حرمان المجموعات الشمالية المختلفة من حقوقها الثقافية وحماية خصوصياتها في إطار الكيان السوداني الموحد، فوحدة الهوية والثقافة لا تعني انتفاء التنوع والتجانس المطلق، ولذلك يمكننا الحديث عن عروبة سودانية ومصرية وشرقية وغيرها في إطار العروبة العامة في المنطقة، وانطلاقاً من الارتباط العميق بالهوية والثقافة العربية الإسلامية الشمالية، كان اختلاف الحركات الاقليمية الشمالية عن الحركة الاقليمية الجنوبية.



    ان القضية ليست في تضخيم مسألة التنوع الثقافي والاثني في السودان بشكل عام والشمال بشكل خاص، وليست في الخيار بين عروبة السودان وافريقيته بقدر ماهي في التعامل مع حقائق الواقع كما هي وفي التركيز على المداخل التي توحد البلاد ككل وتمكنها من القيام بدورها- هناك توجه يعمل على التقليل من شأن الهوية والثقافة العربية الإسلامية في السودان بدعاوي الانتماء الافريقي، ولكن ذلك يتناقض مع خصوصية انتماء السودان ودوره العربي والافريقي، وفي مواجهة ذلك يمكن القول ان العروبة والافريقية قد أصبحتا مندمجتين بشكل كبير في شمال السودان ولم يعد من الممكن التمييز بينهما، وهو لذلك يكون الأكثر تمثيلاً للقارة الافريقية بشقيها العربي وغير العربي، مقارنة بأية منطقة افريقية اخرى، بما في ذلك جنوب البلاد، حسب مدثر عبد الرحيم، ويدخل في ذلك توجه السودان الشمالي نحو الشمال والمنطقة العربية منذ الحضارات القديمة حتى العصر الحديث، وهو توجه يستند إلى عوامل وعلاقات راسخة، ويشمل حتى الجنوب، فقد اشار فرانسيس دينق (أفارقة بين عالمين) إلى تداخل ثقافة الدينكا وديانتهم مع ثقافات الشرق الأوسط (المنطقة العربية) والديانات السماوية الكبرى، وهذا يعني ان هناك الكثير من المشتركات بين الشمال العربي المسلم والجنوب بثقافاته المختلفة والتي يمكن تطويرها لمصلحة بناء سودان ديمقراطي موحد وفاعل في محيطه العربي والافريقي والدولي، وفي حلقة قادمة نتناول التنوع الثقافي في الجنوب.



    محمد علي جادين
                  

12-02-2006, 07:20 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4) (Re: altahir_2)

    (عدل بواسطة altahir_2 on 12-02-2006, 07:33 PM)

                  

12-02-2006, 07:30 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4) (Re: altahir_2)


    الجزء الثالث :-
    مؤتمر جوبا وتطور مفهوم الهوية الوطنية

    مؤتمر جوبا(1947م) كان حدثا مهما في تطور السودان الحديث. الحركة الوطنية الناهضة وقتها اعتبرته انتصاراً لتوجهاتها السياسية الأساسية ولنضالها ضد(السياسة الجنوبية) ومن أجل وحدة البلاد وكانت ترى ان مجرد الغاء تلك السياسة واستبدالها بسياسة معاكسة كفيل بحل ماسمي مشكلة الجنوب واندماجه مع الشمال من خلال فتح الطريق لتعريبه ونشر اللغة العربية والاسلام في ربوعه، وهي نظرة تتماشي مع مطالب مذكرة مؤتمر الخريجين للحاكم العام في1942م، ومع نظرتها لمشكلة الهوية الوطنية الجامعة القائمة على التبسيط والتركيز على الاسلام والعروبة الشمالية في بناء الكيان السوداني وتقرير وحدته الوطنية حسب بيتر ودوارد (السودان الدولة المضطربة) اما النخبة الجنوبية فقد ركزت في مناقشات المؤتمر على الدفاع عن خصوصية الجنوب وتمايزه عن الشمال، استنادا الي ضمانات بريطانية في تلك الفترة وعلى اتفاقيات مع الحكومة المركزية في فترة مابعد الاستقلال وذلك بهدف تنظيم مكاسبها الخاصة ومكاسب الاقليم بشكل عام. وذلك مع تجاهل كامل لأهمية بناء حركة سياسية جنوبية فاعلة ومتفاعلة مع رصيفتها الشمالية. كان المؤتمر فرصة نادرة لاعادة ربط الجنوب بالشمال ومشاركته في بناء سودان موحد وفق اسس ملائمة وهوية مزدوجة عربية وأفريقية في اطار مواطنة سودانية موحدة. وكان يمكن ان يساعد هذا المؤتمر في تطوير موقف الحركة الوطنية الناهضة وقتها حول قضايا الهوية والوحدة الوطنية في اتجاه توسيع مفهومها التبسيطي ليستوعب الجنوب بتمايزاته التاريخية والثقافية والاثنية عن الشمال العربي المسلم في عمومه، وليستوعب تركيبة السودان المعقدة وهويته المزدوجة وخصوصية انتمائه ودوره العربي والافريقي. وذلك بالبناء على ماحققته هذه الحركة الوطنية(الشمالية) من انجازات في هذا المجال( تركيز الانتماء الوطني السوداني، بناء مؤسسات سياسية ونقابية وثقافية وطنية) ولكن ذلك لم يحدث نتيجة لسيطرة العمل السياسي وتراجع العمل الثقافي وسط الاحزاب والنخبة الشمالية بشكل عام في تلك الفترة لاسباب عديدة وذلك اضافة الي تخلف الجنوب وتأخر نشوء حركته السياسية وابتعاده عن الشمال حتي عشية الاستقلال. اذ ان بدايات الحركة السياسية الجنوبية الحديثة لم تظهر الا في بداية الخمسينات وسط طبقة المتعلمين الجنوبيين المحدودة. وذلك كرد فعل لاحتكاكها بالحركة السياسية الشمالية في فترة مشاركتها في الجمعية التشريعية (1948-1953م) وبحكم تكوينها هذا وظروف تخلف الجنوب، كانت هذه الحركة تفتقد القاعدة الاجتماعية الواسعة والمؤثرة مقارنة بالحركة السياسية الشمالية. ونمو وتطور الحركة السياسية الجنوبية كان يمكن ان يكون عاملاً مساعداً في تطوير نتائج مؤتمر جوبا1947م وتوجهات الحركة الوطنية في الشمال حول قضايا الهوية والوحدة الوطنية وغيرها- ولكن وقتها كان السودان على ابواب الاستقلال، ووقتها كانت السياسة البريطانية في الجنوب قد نجحت في تكوين صفوة جنوبية متمايزة عن رصيفتها في الشمال في مجالات التعليم والتدريب والتطلعات. وهذه النخبة هي التي تحملت مسؤولية تكوين وقيادة الحركة السياسية الجنوبية الحديثة في الفترات اللاحقة، ووقتها ايضا كان الشمال قد نجح في انشاء حركة وطنية متطورة قادت البلاد نحو الاستقلال في مطلع1956م ولم يكن من الممكن انتظار اكتمال نمو وتطور الحركة السياسية الجنوبية.



    وفي الوقت نفسه كانت التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية بين الشمال والجنوب قد اصبحت حقيقة كبيرة وبارزة لايمكن ردمها بسهولة وفي وقت قصير، حسب عبدالغفار محمد احمد (السودان بين عروبته وافريقيته) وهذه التفاوتات وعوامل اخرى، لخصتها لجنة التحقيق في احداث تمرد1955م، هي التي ظلت تتحكم في تطور الحركة السياسية الجنوبية وعلاقات الشمال والجنوب في الفترات اللاحقة وحتى الان.



    وفي اطار هذه الظروف جاءت اتفاقية الحكم الذاتي في بداية1953م وفترة الحكم الذاتي(1954-1956م) والسنوات الاولي للاستقلال لتضع علاقات الجنوب والشمال في مجرى الصراع والاقتتال، لاول مرة في تاريخها، بدلا من علاقات الحوار والتفاعل السلمي الديمقراطي وهنا لايمكن القاء مسؤولية ذلك على السياسة البريطانية وحدها واعفاء القوى السياسية المهيمنة عن مسؤليتها المباشرة والكبيرة. ففي تلك الفترة(1954-1958م) تواصلت السياسات الكولونيالية السابقة في استبعاد الجنوب من المركز وتهميش دوره في الحياة الوطنية. واذا كان ذلك يمكن قبوله في فترة الحكم الثنائي، فان الظروف الجديدة لم تكن تسمح بذلك. وهكذا بدأ هذا التوجه باستبعاد الجنوبيين من مفاوضات الحكم الذاتي(1952-1953م) وترتيبات اعلان الاستقلال(1955م) وفي اجراءات سودنة وظائف البريطانيين وكانت تمس تطلعات طبقة المتعلمين الجنوبيين بشكل مباشر- وفي عشية اعلان الاستقلال وعدت احزاب القوى المهيمنة بوضع الاعتبار الكافي لمطلب الجنوبيين بالفدريشن (الحكم الفيدرالي) بهدف ضمان موافقتهم على اعلان الاستقلال من داخل البرلمان. ولكن هذه الاحزاب تراجعت عن وعدها وظهر ذلك في ضعف تمثيل الجنوب في لجنة الدستور(1957-1958م) وفي استبعاد اللجنة لخيار الحكم الفيدرالي، بحجة تكلفته العالية وتهديده لوحدة البلاد. وازدادت مخاوف الجنوبيين وشكوكهم عندما تركزت مناقشات لجنة الدستور حول (الدستور الاسلامي) لان ذلك يعني عمليا المزيد من الاستعباد والتهميش للجنوب والجنوبيين. وهكذا لم يكن مستغرباً ان تنفجر احداث تمرد1955م بكل عنفها ودمويتها، كرد فعل لحالة الاحباط والخيبة التي اصابت السياسيين الجنوبيين، واتساع شكوكهم حول نوايا ومواقف السياسيين الشماليين من مطالبهم المشروعة. وجاء انقلاب 17نوفمبر1958م ليضع نهاية لتوجهات مؤتمر جوبا1947م وبعض السياسيين الجنوببين فسر الانقلاب كمحاولة لقطع الطريق امام تصاعد الضغوط الجنوبية دفاعاً عن خصوصية الجنوب وعن حقه في الحكم الذاتي والفيدرالية. وهكذا تبددت الفرصة التي اتاحتها قرارات مؤتمر جوبا1947م وبدأ الحكم العسكري الاول تبني سياسة(معاكسة) للسياسة الجنوبية في عهد الحكم الثنائي، وذلك من خلال اجراءاته في مجال التعليم وطرد القساوسة الاجانب وسياسة تعريب واسلمة الجنوب بشكل واسع. وادت هذه التطورات الى تصعيد حالة التوتر والتأزم في علاقات الجنوب والشمال في السنوات الاولي لفترة مابعد الاستقلال. ومنذ ذلك الوقت بدأت الحركة الجنوبية مقاومتها المسلحة لما اسمته(الاستعمار العربي الشمالي) و(الاستعمار الداخلي) وبذلك وضعت علاقات الشمال والجنوب في مجرى الصراع والاقتتال لاول مرة في تاريخها. وكان لابد من ان تأخذ دورة العنف دورتها كاملة حتي تتراجع القوي المهيمنة الشمالية عن مفهومها التبسيطي لمشكلة الهوية الجامعة والوحدة الوطنية في السودان. وفي هذا الاطار لعبت مشكلة الجنوب دوراً كبيراً في اسقاط الحكم العسكري الاول في اكتوبر1964م. وفي 1965م انعقد مؤتمر المائدة المستديرة بحضور افريقي وعربي كبير. وبذلك انفتح الطريق لتطورات مهمة في مفهوم الهوية الجامعة ومستلزمات وحدة الكيان السوداني.



    ووصلت هذه التطورات ذروتها باتفاقية اديس ابابا1972م في عهد الحكم العسكري الثاني(1969-1985م)






    -ونواصل-



    محمد على جادين





                  

12-02-2006, 07:35 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4) (Re: altahir_2)

    الجزء الرابع:-
    الحركة الوطنية ومفهوم الهوية الجامعة




    في ثلاث مقالات سابقة ناقشنا قضية التنوع الثقافي والاثني والديني في السودان ككل وفي الشمال والجنوب ككيانين متمايزين لكل منهما خصوصيته المحددة، وينتج عن ذلك ان السودان يمثل دولة مركبة تتكون من عدة قوميات بعضها اكتمل نموها وتطورها وبعضها الاخر لايزال في طوره القبلي، ومن هنا جاءت انتقادات البعض لمفهوم الهوية الوطنية السودانية لدى الحركة الوطنية الحديثة في مرحلة النضال ضد الاستعمار واتهامها بالتركيز على العروبة والاسلام والهوية العربية الاسلامية الشمالية ومحاولة فرضها على المجموعات الاخرى غير العربية وغير المسلمة. وفي العادة تربط هذه الانتقادات بخصائص استعلاء عرقي وثقافي كامنة في الثقافة العربية الاسلامية والهوية الشمالية.



    ولكنها تنطلق من مواقع ايديولوجية وليست علمية، وتعزل تطور مفهوم الوطنية السودانية الحديث عن ظروفه الاقتصادية الاجتماعية وسياقه التاريخي، فقد ظهر هذا المفهوم بمعناه الحديث مع بدايات الحركة الوطنية الحديثة (الاتحاد السوداني وجمعية اللواء الابيض) في ظروف مواجهة الاستعمار البريطاني والنضال من اجل الاستقلال ووقتها كان السودان يعاني من ضعف عمليات الاندماج الوطني وبداية احتكاكه بالحضارة الغربية وعملية التحديث الكولونيالية. وفي مثل هذه الظروف كان لابد ان يركز مفهومها للهوية الوطنية على اللغة العربية والاسلام والثقافة العربية الاسلامية، بحكم دور هذه العوامل الرئيسي في بناء الكيان السوداني وتعزيز وحدته الوطنية طوال الفترات السابقة للحكم البريطاني المصري(1898-1956م) وذلك في ظروف كانت البلاد تعاني سيطرة القبلية والطائفية، كما يشير الى ذلك موقف القوى المهيمنة من ثورة1924م ومفاهيمها حول الهوية الوطنية وماكان لشباب حركة الاتحاد السوداني واللواء الابيض ان يفكر في هوية وطنية جامعة بعيدا عن العروبة والاسلام وارتباطه بمصر والحركة الوطنية المصرية الناهضة. في تلك الفترة لم يكن مجرد ارتباط عابر فرضته ظروف الحكم الثنائي ومناوراته، بل كان تعبيرا عن ارتباطات السودان بمحيطه الاقليمي، الثقافي والجغرافي والحضاري العربي، الذي يمتد الى فترة الحضارات القديمة وفترة الممالك المسيحية في القرون الوسطي وصولا الى دخول الاسلام وقيام السلطنات العربية الاسلامية في الوسط والشمال والغرب.



    وقد ادى هذا التطور الحاسم لان يصبح الاسلام والثقافة العربية العامل الاكثر تأثيرا في تكوين هوية وثقافة البلاد بشكل عام ومناطقها الشمالية بشكل خاص. ومن هنا لايمكن اتهام الحركة الوطنية في تلك الفترة بالتركيز على هذا العامل واهمال المكونات والعوامل الاخرى فقد كان شبابها يركز على الهوية والثقافة الجامعة ويحارب الولاءات القبلية والطائفية. ووقوف القوى المهيمنة القبلية والطائفية ضد ثورة1924م اكبر دليل على ذلك وصدور كتاب عبدالله عبدالرحمن حول(العربية في السودان) في تلك الفترة كان يعبر عن الوعي السائد وقتها حول هذه القضية وعن محاولات جادة لربط العروبة السودانية بعمقها التاريخي وظروف تطورها الاقتصادية والاجتماعية كما تعكسها العربية السودانية. ومع ان تيم تيلوك يشير في كتابه(صراع السلطة والثروة في السودان) الى تيار(قومي عربي) داخل الحركة الوطنية النامية وقتها، فان ذلك لم يمنع هذه الحركة من التركيز على اطارها(السوداني) او من استيعاب عناصر قيادية في اوساطها تنحدر من مجموعات غير عربية(_على عبداللطيف وعبدالفضيل الماظ مثلا) وهذا التوجه يعني امكانية تطور مفهومها للوطنية الجامعة.



    وفي فترة مابعد قمع ثورة1924م تطور مفهوم الهوية الوطنية الجامعة فظهر ذلك في نشاط الجمعيات الادبية والفكرية وفي المدارس الفكرية والسياسية التي برزت في ثلاثينات القرن الماضي.وتبلورت سماته العامة في حركة مؤتمر الخريجين، خاصة مذكرته للحاكم العام(1942م) حول تقرير المصير والحكم الذاتي التي ركزت على التعليم والتجارة والسياسة الجنوبية وتوحيد شطري البلاد الخ... وشهدت هذه الفترة مناقشات واسعة حول الهوية والثقافة السودانية نشرت في مجلات النهضة والفجر، وبرزت في النشاط الثقافي الواسع الذي كان يقوم به مؤتمر الخريجين.



    وكل ذلك يشير الي ان مفهوم الهوية الوطنية كان يخضع لعمليات مراجعة وتطوير ولم يكن مفهوما ثابتا لايتبدل ولايتغير وهنا تجدر الاشارة الي مناقشات محمد احمد محجوب وحمزة الملك طمبل حول الادب السوداني والى اين يتجه، حيث جرى التركيز على خصوصية انتماء السودان العربي والافريقي وخصوصية موقعه الجغرافي السياسي. المهم تميزت فترت ثلاثينات واربعينات القرن الماضي بصعود الموجة الثانية للحركة الوطنية وظهور الاحزاب السياسية كامتداد للمدارس الفكرية والادبية وكانت برامجها وشعاراتها السياسية تركز على رفض القبلية والطائفية وتعتبرها مهددا للوحدة الوطنية بركائزها العربية الاسلامية واستندت في ذلك على العوامل الاساسية المؤثرة في بناء الكيان السوداني كما يحددها المجرى العام لعمليات الاندماج الوطني طوال قرون عديدة. واستند ايضا الى ظروفه كرد فعل لسياسات الادارة البريطانية في احياء القبلية والطائفية في الشمال ولسياساته الخاصة بفصل الجنوب عن الشمال وربطه بالمستعمرات البريطانية في شرق افريقيا وساعدت على نمو وتطور هذا المفهوم عوامل تاريخية واقتصادية/ اجتماعية عديدة، شملت نشوء وتطور طبقة وسطي واسعة نسبيا ونشطة في المدن والمراكز الحضرية ومنتشرة في كل مناطق البلاد، وهناك ايضا ارتباط هذه الطبقة الوسطي بالنشاط الحديث في المدارس وجهاز الدولة والسوق وبثقافتها العربية الاسلامية وهويتها الشمالية اساسا. ولذلك سيطر هذا التوجه العام على انتاج الادباء والشعراء والفنانين(اجيال اغنية الحقيبة). ومن خلال ذلك تمكنت هذه القوى جميعها من نشر الوعي الجديد لمفهوم الوطنية السودانية الجامعة وبرز ذلك في كل المدارس الفكرية والسياسية السائدة وقتها وفي برامج وشعارات الاحزاب السياسية، رغم الخلافات والكفاح المشترك. والملفت ان كل الاحزاب الاساسية في تلك الفترة كانت لها ارتباطاتها باحزاب الحركة الوطنية المصرية (الاتحاديون، الاخوان المسلمون، الشيوعيون الخ...) حتي حزب الامة كان صدى لحزب الامة المصري وشعاره (مصر للمصريين) وفي السنوات اللاحقة ظهر حزب البعث السوداني عن طريق التنظيمات البعثية في مصر، المهم ان كل هذه الاحزاب كانت تركز على وحدة الكيان السوداني وعلى دور الاسلام واللغة العربية في مكونات هويته الوطنية ووحدته وتماسكه، وفي الوقت نفسه ظلت تقاوم السياسة البريطانية الخاصة بفصل الجنوب عن الشمال، وظلت تبدي اهتمامها بكافة مناطق البلاد وفي نهاية الاربعينات نجحت مقاومتها للسياسة البريطانية في الجنوب بتراجع الادارة الاستعمارية عن(السياسة الجنوبية) في مؤتمر جوبا1947م واعلانها ربط الجنوب بالشمال في اطار سودان موحد، وهذا المؤتمر كان نتاجا لمقاومة حركة مؤتمر الخريجين لتلك السياسة واسباب اخرى خاصة بالسياسة البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية ودخولها في ترتيبات الحكم الذاتي واستقلال السودان. وفي هذا الاطار تمثل العامل الحاسم في الموقف البريطاني، حيث اشار السكرتير الاداري وقتها الى صعوبات فصل الجنوب عن الشمال وربطه بمستعمرات شرق افريقيا، واكد ان شعب الجنوب شعب افريقي زنجي لكن عوامل الجغرافيا والاقتصاد تفرض عليه ربط مستقبله بالسودان الشمالي العربي المسلم والشرق اوسطي (فرانسيس دينق، ديناميات الهوية) وفي نفس هذا العام ظهر تردد هذا الموقف في مذكرة رسمية كانت تدور حول امكانية فصل الجنوب عن الشمال في النهاية عن طريق تحويل المشكلة برمتها الى (لجنة دولية) في وقت مناسب (نفس المصدر السابق) وهكذا فرضت السياسة الجديدة بمشاركة شمالية محدودة في مؤتمر جوبا، رغم تحفظات الجنوبيين المشاركين في المؤتمر لكنهم وافقوا في النهاية استنادا الى ضمانات بريطانية بحماية خصوصية الجنوب ومصالحه في مواجهة الشمال، وهذا التغيير الكبير كانت له نتائج حاسمة في تطور مفهوم الهوية عند الحركة الوطنية السودانية في السنوات القليلة التي سبقت اعلان الاستقلال في مطلع1956م، وهذا سنناقشه في مقالة قادمة.



    محمد على جادين
                  

12-03-2006, 10:38 AM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4) (Re: altahir_2)

    لاهميته نرفعه.
                  

12-03-2006, 12:59 PM

صباح حسين

تاريخ التسجيل: 11-28-2004
مجموع المشاركات: 402

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4) (Re: altahir_2)

    الأخ الصديق والفنان الطاهر عودتنا دائماً علي المواضيع الهادفة.
    اتمني ان يجد الموضوع حظه من عناية مثقفي المنبر.
                  

12-07-2006, 09:12 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4) (Re: صباح حسين)

    Quote: الأخ الصديق والفنان الطاهر عودتنا دائماً علي المواضيع الهادفة.
    اتمني ان يجد الموضوع حظه من عناية مثقفي المنبر
    .
    الاحت العزيزة صباح حسين
    حمدا لله على الظهور زمن طويل لم نراك
    تشكرى يا ستى على المرور والتعليق
                  

12-03-2006, 01:13 PM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52548

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4) (Re: altahir_2)

    Quote: وبشكل عام تشير الدراسات الحديثة إلى انه يمكن تقسيم سكان السودان إلى مجموعتين أساسيتين هما: مجموعة القوقازيين (الحاميين الساميين) في شمال وشرق البلاد، ومجموعة السود (نيليون وسودانيون) في الجنوب والغرب، وضمن هذا الإطار يجب النظر إلى مشكلة التنوع الثقافي في إطار السودان ككل وفي إطار الشمال والجنوب، كل على حده كما أشرنا في المقالة السابقة، وفي هذه المقالة نتناول التنوع الثقافي في الشمال، والواقع يشير إلى ان الشمال يرتبط، في عمومه بهوية عربية تستند إلى غلبة الثقافة العربية الإسلامية في داخله وانتمائه إلى المجال الحضاري العربي الإسلامي العام، أكثر من الأصول العرقية التي لا يمكن متابعتها،


    الطاهر.

    زولك ده خلاص نكر أجداده ولا شنوا؟

    دينق.
                  

12-07-2006, 09:16 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4) (Re: Deng)

    Quote: وبشكل عام تشير الدراسات الحديثة إلى انه يمكن تقسيم سكان السودان إلى مجموعتين أساسيتين هما: مجموعة القوقازيين (الحاميين الساميين) في شمال وشرق البلاد، ومجموعة السود (نيليون وسودانيون) في الجنوب والغرب، وضمن هذا الإطار يجب النظر إلى مشكلة التنوع الثقافي في إطار السودان ككل وفي إطار الشمال والجنوب، كل على حده كما أشرنا في المقالة السابقة، وفي هذه المقالة نتناول التنوع الثقافي في الشمال، والواقع يشير إلى ان الشمال يرتبط، في عمومه بهوية عربية تستند إلى غلبة الثقافة العربية الإسلامية في داخله وانتمائه إلى المجال الحضاري العربي الإسلامي العام، أكثر من الأصول العرقية التي لا يمكن متابعتها،

    قال دينق :-
    الطاهر.

    زولك ده خلاص نكر أجداده ولا شنوا؟

    دينق.

    وانا اسألك هل هذا كل ما خرجت به من هذه الدراسة؟
    لا حول ولا قوة الا بالله
                  

12-12-2006, 05:23 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4) (Re: altahir_2)

    (وهذا الجزء يقدم اضاءة حول الوضع فى الجنوب ربما يكمل جزء مفقود من هذه الدراسة)
    3- في الجانب الآخر يختلف الوضع في الجنوب وتنطبق عليه التعريفات ذات الطابع السيوسولجي ، المرتبط باوصاف الاثنية والقبلية اكثر من اوصاف القومية وشبه القومية. وذلك يعني انه لا يزال في طور التكوين والتبلور ولم يستكمل مقومات تكوينه القومي بعد (الصاوي) ولكن ذلك لا يقلل من قيمته الانسانية وحقيقة خصوصيته واختلافاته التاريخية والثقافية عن الشمال . ورغم كل ذلك يمكن القول انه يتميز بهوية (اقليمية)موحدة (ودوارد) هوية فوق القبلية ، افرزتها عوامل عديدة شملت : السياسة البريطانية تجاه المنطقة حتى عام 1947م (السياسة الجنوبية) ودور المتعلمين في فترة ما بعدالاستقلال تجربة الحركة الاهلية الاولى والثانية ، تجربة الحكم الذاتي الاقليمي 72/ 1983م .. إلخ بالاضافة الى التطورات السياسة والاجتماعية اللاحقة واتساع الفئات الرأسمالية الجنوبية النامية والتأثيرات السلبية والايجابية للعلاقة مع الشمال وغيرها . ويدخل في ذلك تأثرات حركة تحرير شعب السودان التي اصبحت في فترات وجيزة تكتسب طابع المعبر الحقيقي عن وحدة وتطلعات الجنوب كهوية اقليمية موحدة ، رغم شعاراتها حول السودان الجديد (ودوارد) وفرانسيس دينق ايضاً يشير الى هذه الحقيقة ،رغم تركيز كتاباته حول الجنوب على الدينكا بشكل خاص والقبائل النيلية بشكل عام ، لكنه لا يتناولها بشكل مباشر ، مقارنة بالآخرين (المرحوم جوزيف قرنق ، قيرائيلدال..إلخ) وتماماً كما هو الحال في الشمال ، لا يمكن الحديث عن التنوع الإثني والثقافي في الجنوب بعموميه او وحدات قبلية معزولة بعضها عن بعضها وتجاهل التفاعل والتمازج الجارية وسطها . وفي هذا الاطار تشير الوقائع الى وجود ثلاثة مجموعات جنوبية كبيرة ، تمثل درجة من الانتماء فوق القبلي . وهذا الوضع يساعد في فتح الطريق ليتبلور كيان قومي او اكثر حول كبرى القبائل الجنوبية (الدينكا) او حول تحالف بين المجموعة النيلية الكبرى (الدينكا ، النوير ، الشلك) التي تشكل حوالي 60% من سكانه. وذلك رغم عوامل الانقسامات القبلية والسياسية والشخصية ، وتدعم مثل هذا التوجه تطورات مابعد الاستقلال التي خلقت الاساس الموضوعي لوحدة المنطقة . ويعتمد ذلك بشكل رئيسي على تطور مفاهيم طبقة المتعلمين حول هذه المسألة على آفاق علاقة الجنوب بالشمال ومحيطه الافريقي المجاور . وهذه المفاهيم لا تزال تتراوح بين الانفصال والوحدة الفضفاضة مع الشمال وبين وحدة المنطقة وتجزئتها وبين البحث عن هوية اقليمية خاصة ومعاداة الثقافة العربية والهوية الشمالية . وهنا يلاحظ ضعف المساهمة الجنوبية في هذا المجال ومع ذلك فقد توصل المرحوم جوزيف قرنق ، الى استحالة اندماج المجموعات(القومية ، القبلية الجنوبية) مع القومية العربية الشمالية لتكوين قومية سودانية موحدة ، وذلك لان الاخيرة استكملت نموها وتبلورها القومي ولا يمكن اللحاق بها .لذلك يرى ان الطريق الوحيد المفتوح امام هذه المجموعات هو تطور جماعاتها الكبيرة وتبلورها في عدد من (الوحدات القومية) في إطار سودان موحد ، اذا ما توفرت ظروف ديمقراطية ملائمة (الصاوي) وفي عام 1970م اقترح تحديد لغة او لغتين من لغات الجنوب لتكون لغة قومية للاقليم بكامله (الماركسية) وهو ينطلق هنا من النظرة الماركسية للمسألة القومية في تلك الفترة وتجربة الاتحاد السوفيتي في هذا المجال . ويرجع ظاهرة التفاوت الاقتصادي الاجتماعي بين الجنوب والشمال الى السياسات البريطانية والقوى المهيمنة الشمالية ، أي الى جذورها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،ويتعامل مع حقائق التنوع في الجنوب والشمال بحدودها وحجمها الحقيقي ، تكس ما نشهده حالياً من مبالغة وتضخيم لحقيقة التنوع وحجمه ونظرة تربط ظاهرة التفاوت الاقتصادي والاجتماعي بهيمنة (الوسط الشمالي والثقافة الشمالية) واسقاط أي امكانية لتعايش المجموعات المختلفة وتفاعلها وتطورها الطوعي في وحدات ثقافية كبيرة في اطار سودان موحد – وفي نفس الاتجاه يناقش المرحوم عبد الخالق محجوب ، سكرتير الحزب الشيوعي السابق في كتابه (حول البرنامج) مقترحات حول تطور (ثقافات المجموعات / القومية –القبلية غير العربية) خاصة المجموعات الجنوبية (لاحظ تعبير المجموعات القومية –القبلية الذي يجمع بين مرحلتين في تطور المجتمعات) وذلك عن طريق (تطوير ثقافاتهاولغاتها والتوسل بها في التعليم والنهضة الثقافية الشاملة باعتبارها جزءاً من مكونات الثقافة السودانية العامة) ويربط هذه المقترحات باستفتاء لاعادة تجديد وحدة الجنوب والشمال (هل يعني ذلك تقرير المصير؟) والواقع ان اعلان يونيو 1969م واتفاقيةأديس أبابا 1972م يتضمنان ايضاً اعلاناً صريحاً للهوية الاقليمية للجنوب مقابل الهوية العربية الشمالية ، بسبب اختلافاته الثقافية التاريخية ، ويلاحظ هنا عدم اهتمام (حركة تحرير جنوب السودان) وقتها بقضايا اللغة والثقافة المرتبطة بقضيةالهوية . ولذلك اهملت هذا الجانب في الاتفاقية وفي ممارساتها العملية بعد ذلك(الماركسية) رغم ارتفاع صوتها في الدفاع عن خصوصية الجنوب وثقافاته الافريقية في مواجهة نزعات الهيمنة والاستعلاء الكامنة في الثقافة العربية الشمالية . ويبدو ان مفاوضات مشاكوس الجارية الآن لا تركز هي الاخرى على هذه الجوانب . المهم من خلال ذلك يمكن ان يلعب الجنوب ، وأي مجموعة اخرى يفرزها التطور الواقعي، دوره في اعادة النظر في المكونات الاساسية المعتمدة في تحديد الهوية الوطنية وغيرها. ويرتبط ذلك بشرط اساسي يتمثل في توفر الديمقراطية في الدولة والمجتمع واعتبار المواطنة هي اساس الحقوق والواجبات . وضمن هذا الاطار يمكن الوصول الى تسوية وطنية تاريخية تفتح الطريق لبناء سودان ديمقراطي موحد وفاعل في محيطه العربي والافريقي .* الخلاصة :
    محمد على جادين
                  

12-13-2006, 06:49 PM

altahir_2
<aaltahir_2
تاريخ التسجيل: 11-17-2002
مجموع المشاركات: 3949

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نظرة حول الهوية الجامعة للسودان:محمد على جادين (1ـــ4) (Re: altahir_2)

    up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de