|  | 
  |  شفافية متقشفة |  | سحابةٌ مهرولة ، كأنما تقيم علي الأرض  حد الهطول. حميمة ، متآلفه مع الافق ، رغم انتهاكها خط استواء الخريف علي مرجل الصيف هذا الواقف بباب الفصول كإبن سبيل دائم .
 
 جهة الشفق المتُسارع في خلع معطفه الأحمر علي صدي اذان المغرب ،  ينجو الطريق من بللٍ مستفحل القطرات ، أعبُره دوني ، يعبرني دونه لا يفرق ، فكلانا تسكنه قرائن المصاهره بين اللاشي وبين انتظار أوان مطر.
 منكفئياً ناحية الجدران ، أُمسكُ ببقايا زكريات طائشه التفاصيل ، ظهري ناحية نافذه لا تجلب سوي شحيح ضجيج ، وجم هواجس . أن تكون السحابة حاضرةً في كل شئ ، غائبةً عن كلِ شئ ، هذا  ما عجّل بميقات  الخوف ، هذا الشاخصُ علي الجدار أمامي ، المهرولُ الي مناخ الغرفه من كل  منفذ هواء .
 
 استسهل إجتياز الأرق ،  كأنه فكره عامه ، أحتمي بذاتي من تكور الظنون بأحشاء المكان ، فالشبح الماثل في ثوب ليلٍ تقيل الاحلام ، لايرهب سوي ذاتٍ  تتنفس نهار يقين ، أو سحابة في ثوب أنيق ، لم يغرقه وحل الطريق ، لم تَقُده حُمرَة الشفق من دُبر.
 
 مؤذٍ جداً ، أن تري الأشياء ، بلا دهشة ، بلا ملامح متجدده . الشارع المُفضي إلي مقبعي ، أفعي أفريقية في تَعرُجِه  ، ممتلئاً بي حد انفتاق وريد . نفس حراكه اليومي يتكرر في رتابة خطاب رئاسي فظ ، وجوه ليس فيها ما يغري بالغبطة ، ملامحٌ لا تشذب ما علا من كدر الرهق المستشري في الروح جراء العمل اليومي ، لاشئ يومئ بإشارة حميمه ، الكل توهان ، ثبات ، إلا هي ، يزفها قوس قزح عروساً في جلال ألوانه ، يهندمها ، يرشها بدعاشٍ لا تخطئه أنف متغافل ، دفوف الرعد إيقاعٍ افريقي راقص ، يحركها كيفما شاء ، أو كيفما أرادت بها نشوة الإستغراق في رقصها الطفولي الماطر ، هي عجلي دوماً ،  كمن يلحقُ بميعادِ حبيبة أتي بعد قفزه عالية  فوق محاذير وأُطرٍ لا ترحم ، ربما يملؤها الشوق لصوتهم ، صغارٌ مصطفون علي الأرض ، وأبصارهم معلقة بالسماء ، يجمعهم غناءٌ أنيق ، ولكن لاينقصه الإستجداء:
 
 قيره .. قيره .. يا مطيره
 صُبِّي لينا .. يا مطيره
 فوق كرعينا.. يا مطيره
 
 أولِّي  ظهري للجدار ، ملّني ومملته ، أطلقه بلا أمل  في الارتداد اليه .. نظري. تجتازني النافذه كحلمٍ يختال الهويني . تسقط الورقه التي تحتمل سطورها وطأة خُطي قلمي المعربد عليها ، صديقي الوالج الان ، يرفعها  ، يغوص فيها :
 -  شفيافيةُ أنيقة الملامح اظنها.
 -  لا أدري ، ولكنها ربما تكون (شفافية متقشفة).
 
 خلع ملابسه ، أوصد النافذه ، وما دري أن المكان من غيرها أشبه بالإقامة الجبرية ، سحابة معلقة علي النافذه ، ترمقني ، وكأني بها  تندهني:
 
 في زول هناك.
 قولة سلام
 تبقالو
 زاد.
 |  |  
  |      |  |  |  |