الإشارة الحمراء وتغيير مفاهيم المجتمع

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 03:24 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-04-2010, 01:37 PM

كمال الدين بلال
<aكمال الدين بلال
تاريخ التسجيل: 02-22-2010
مجموع المشاركات: 37

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الإشارة الحمراء وتغيير مفاهيم المجتمع

    الإشارة الحمراء وتغيير مفاهيم المجتمع
    بقلم: كمال الدين بلال [email protected]
    تبذل الإدارة العامة للمرور مجهودات مقدرة لضمان سلامة المواطنين وانسياب حركة السير، ويأتي مشروع قانون المرور الجديد لدعم الإدارة في محاربة بعض الممارسات المرورية الخاطئة، حيث ستصبح مخالفات مثل تخطي الإشارة الضوئية الحمراء ومخالفات المشاة جريمة جنائية يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة تصل إلى ستة أشهر. أتفهم أهداف المشرع من سن مثل هذا القانون الصارم إلا أن يقيني أنها طريقة خاطئة لمحاربة الظاهرة المتفشية المتمثلة في عدم احترام المواطنين لقواعد المرور، فمعظم دول العالم تفرض غرامات مالية على مخالفي قواعد المرور وتتصاعد قيمة الغرامة بمقدار خطورة المخالفة، أما عقوبة السجن على مخالفة مرورية فهذا ما لم نسمع به في العالمين، فعقوبة السجن عقوبة متعدية تتجاوز الفرد المعاقب إلى أسرته التي يعولها مما يعرضها للضياع في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة. وأهم من كل ذلك فإن القانون يجب ألا ينظر إليه كأداة لتغيير المجتمعات بل وسيلة لضبطها ومعاقبة القلة المخالفة التي لا تحترم قواعد وسلوكيات المجتمع، فإذا كان الله سبحانه وتعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فكيف للقانون أن يفعل ذلك، ولو كانت صرامة العقوبة هي الوسيلة الوحيدة لمحاربة الجرائم لما وصلنا إلى مرحلة أن يقتل الابن أباه في ظل وجود عقوبة الإعدام، فالمنطق يقول أنه إذا أصبحت مخالفة قواعد وسلوكيات المجتمع هي الأصل وليست الاستثناء فيجب التصدي للمشكلة بعقلية مختلفة عن العقلية التي تسببت فيها في الأصل، وصدق الفيلسوف المالطي «ادوارد دي بونو» حين قال: (إن الأسلوب الذي نفكر به يحدد مسارنا في المستقبل). فالأب الذي يريد لابنه الوصول لمرحلة النضج والاعتماد على نفسه يجب عليه تربيته بصورة صحيحة يكون فيها الأب قدوة حسنة إضافة لزرع الثقة في نفسه بدلاً عن جعل العصا أكثر غلظة لضربه كلما زادت نسبة خطئه. وبنفس القياس على الدولة بدلا عن جعل رجل شرطة عند تقاطع كل طريق لتسجيل المخالفات عليها رفع مستوى الوعي المروري لدى المواطنين حتى يصلوا إلى مرحلة بلوغ الوازع المروري السليم.
    قديما كان يقال أن القيادة فن وأدب ولكن اختلط الحابل بالنابل فأصبحت القيادة عنترية وصراع عضلات حق المرور فيها للأقوى والأكثر جرأة. ولتغيير تلك العقلية لابد لنا من فهم أن احترام قواعد المرور أمر ثقافي في المقام الأول قبل أن يصبح واجباً قانونياً، فعلى الدولة أن تدرك أن ضمان سلامة المواطن لا يتم بإصدار القوانين الصارمة وتنظيم حملات مرورية لبعض الوقت، فالأمر يحتاج إلى تشييد منظومة متكاملة تتكون من عدة عناصر تكمل بعضها بعضا، تبدأ بتعليم الأطفال في المدارس أساسيات قواعد المرور مثل أماكن عبور المشاة وكيفية العبور ودلالات إشارات المرور، ويكفينا فخراً أن الله سبحانه تعالى ضرب لنا مثلا في تنظيم سير المرور بالنمل حين أوقف جيش سليمان حتى يدخل النمل إلى بيوته. والقيام بدور التوعية يتطلب تثقيف المواطن العادي بالسلوكيات المرورية الصحيحة والخاطئة عبر وسائل الإعلام المختلفة وبعد ذلك تقوم بمعاقبة المخالفين عملا بقوله تعالى (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا). ولا أقصد بتثقيف المواطنين وتعليم طلاب المدارس الناحية الفنية فقط لقواعد المرور بل يجب ربطها بالقيم الوطنية والحضارية. يحضرني في هذا المقام أن دولة آسيوية كانت تعاني من ظاهرة بصق المواطنين في الشوارع، فلم تصدر قانونا يعاقب من يبصق على الأرض بل نظمت حملة تثقيفية اختزلتها في دعاية كان شعارها (أخي المواطن أبصق على منديلك لا على الأرض، فارض الوطن تستحق منك التقبيل). لاحظ معي عزيزي القارئ أن العبارة خدمت قضيتين هما محاربة البصق إضافة لمنح المواطن جرعة في حب الوطن، وهو الأمر الذي نحن في أشد الحاجة إليه في ظل تراجع مفهوم الدولة الوطنية مقابل نمو النزعة الجهوية والعرقية واستسهال حمل السلاح في وجه الدولة.
    يجب على الدولة التشدد في منح رخص القيادة وذلك عبر تشجيع مدارس تعليم قواعد وسلوكيات القيادة الصحيحة وإخضاع الشخص لسلسلة امتحانات نظرية وعملية للتأكد من معرفته بقواعد المرور وتمتعه بحس المسؤولية المطلوب، كما يجب إنشاء سجل إلكتروني خاص تسجل فيه المخالفات التي يرتكبها السائق على شكل نقاط في ملفه الخاص يعتمد عدد نقاط كل مخالفة على مدى خطورتها، وحين تصل النقاط لعدد محدد تسحب رخصة القيادة من السائق وإلزامه بالالتحاق مرة أخرى بمدرسة تعليم قواعد وسلوكيات القيادة وإخضاعه للامتحان من جديد. كما يجب على الدولة التشدد في نوعية السيارات المستوردة المسموح بدخولها للبلاد، بحيث لا يصبح عمر السيارة ودفع قيمة الجمارك هما العنصران الأساسيان لدخولها البلاد بل يجب التأكد من مستوى الأمان المطلوب ومقدرتها على تحمل الحوادث المرورية بما يحمي راكبيها، فللأسف معظم السيارات الآسيوية التي تسير في طرقاتنا جميلة المنظر أنيقة المظهر ولكنها ضعيفة المخبر تتهشم عند أبسط حوادث السير مما يعرض حياة راكبيها للخطر (الرخيص برخصتو يضوّقك مغصتو)، فهي أشبه بصحون حفلات المناسبات الفاخرة التي يقدم فيه الطعام لمرة واحدة. وللمعلومة فإن تلك الدول تقوم بتصنيع نفس موديل السيارات بمواصفات أجود للأسواق الأوربية والأمريكية لكون هذه الدول لديها أجهزة رقابة صارمة لا تسمح بدخول أي نوع سيارة قبل القيام بفحصها وإخضاعها لحوادث سير افتراضية لمعرفة مستوى جودة وسائل الأمان فيها. وأخيراً يجب على الدولة القيام بواجبها نحو تشييد البنى التحتية الضرورية للطرق وإشارات المرور وإضاءة الشوارع، ويمكننا ونحن دولة منحنا الله تعالى طاقة شمسية جبارة الاستفادة من أنظمة الإضاءة الحديثة رخيصة السعر التي تعمل بتلك الطاقة وذلك لضمان إمدادات الكهرباء للشوارع وشارات المرور بصورة دائمة.
    في حال قيامنا بالوفاء بعناصر المنظومة الثقافية لقواعد المرور وقيام الدولة بواجباتها تجاه مواطنيها سوف نعقلها ونتوكل على الله ولن نحتاج إلى قوانين جنائية صارمة للمخالفين لقواعد المرور بل سنعتمد على فرض النقد الذاتي الذي يكفل احترام قواعد المرور، وقد يأتي يوم نقوم فيه بنقل مادة جريمة القتل الخطأ التي يحاكم بها كل من يتسبب في موت أخر عبر حادث سير من قانون العقوبات إلى قانون المعاملات المدنية، وهو أمر سنتناوله في مقالنا القادم بإذن الله.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de