أخي الأكرم : مثلك كنتُ أبحث عن " مولد الشيخ البرزنجي "
وكنتُ في زمان ماضٍ قد كتبت أُقصوصة فيها من تُراث طفولتنا الكثير ، وهذا قطف منها :
Quote:
زاوية أُمْحُمـــّد ود خليل
إنها زاوية الشيخ ( أُمْحُمـــّد ود خليل ) . أُمْحُمـــّد ، هو اللفظ المعدّل من محمد ، اعتدنا على سماعه كذلك منذ الطفولة الباكرة ، دون التدقيق في أصله . الجَّد( أُمْحُمـــّد ود خليل ) هو من أبناء عمومة جدي المباشر. يقال أنه قد تم تعيينه خليفة السجادة في المنطقة ، بعد وفاة الشيــــخ ( أُمْحُمـــّد ود علي ) في نهاية الخمسينات. يبعد مسكنه خمسمائة متر عن مسكننا ، و يطل على باحة ، تعادل مساحتها ( مربوع ) ، وهو مربع كامل تُرك خالياً من المساكن، للحوائج و المناسبات العامة ، و احتفالات الأعياد . هكذا كان نظام التخطيط في الماضي ، لكل مجموعة من المساكن باحة للأغراض الاجتماعية المتنوعة . أمام مسكن الشيخ ( أُمْحُمـــّد ود خليل ) مباشرة ، تم ترتيب المكان : مسطبة بارتفاع عتبة واحدة ، تتسع لثلاثين فرداً ، فُرشت أرضيتها بالرمل الخشن ، نقوم نحن في طفولتنا ببسط ( البروش ) عليها عصر كل خميس. ونثبت الأطراف بالحجارة حتى لا تعبث بها الريح . يتم ذلك قبل صلاة المغرب ، والى ما بعد صلاة العشاء .إنه يوم قراءة مولد الرسول ( المُولد ) . تُبسِط السِفر أمامَك وتتفرّس : (..وكان صل الله عليه وسلم أكمل الناس خَلقاً و خُلقاً ذا ذاتٍ وصفاتٍ سنيه . مربوع القامة ابيض اللون مُشربٌ بحُمرة . واسع العينين أكحلها أهدب الأشفار قد مُنِحَ الزَّجج حاجباه . مُفلّج الأسنان ضليع الفم حَسنه ، واسع الجبين ذا جبهة هلاليه . سهل الخدين يُرى من أنفه بعض احديدابٍ، حَسن العِرْنين أقناه . بعيد ما بين المنكبين ،سَبْط الكفّين ،ضخم الكراديس ،قليل لحم العقب ،كثّ اللحية عظيم الرأس ، شَعره إلى الشحمة الأذنية . بين كتفيه خاتم النبوة ،قد عمه النور وعلاه . وَ عَرَقه صلى الله عليه وسلم كاللؤلؤ وعرفه أطيب من النفحات المسكيه . ويتكَفَّأ في مشيته كأنما ينحَط من صببٍ ارتقاه . وكان يُصافح بيده، فيجدُ منها سائر يومه رائحة عَبهَريه . ويضعها على رأس صبي فيُعرف مسه له من بين الصبية ويُدْراه . يتلألأ وجهه الشريف تلألؤ القمر في الليلة البدريه . يقول ناعته لم أر قبله ولا بعدُه ولا بشرٌ يراه . مُنـزه عن شريك في محاسنه فجوهر الحُسن فيه غير مُنقسم ولم يُفتتن به كيوسف لغلبة الجلال على صورته الجمالية . فلم يستطع أحد أن يُمعِن النظر في مرآه .)
رفعت رأسي ، لأتهيأ للقراءة ، عند سماع حزمة الأصوات الجماعية تنشِد : { عطِر اللهُم قبره الكريم بعَرفٍ شذي من صلاة وتسليم اللهُم صلِ وسلِم وبارك عليه } ، إنها فاصلة ، بين المقاطع المسجوعة من السيرة النبوية . الآن سوف ابدأ وفق الترتيب من اليمين . بدأ صوتي متفاوت النغمات ، متردداً و متلعثماً . تطغي عليه أصوات الحَفظة الجهيرة من الأعمام و كِبار السن ، تُعّدل الألفاظ ، و تقوَِّم الاعوجاج . كأن مياها باردة تنصب على رأسي ، تُشتت ما تبقى من ثبات . .............
02-26-2010, 03:58 PM
عبدالله الشقليني عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة