|
|
 خمس سنين علي احداث بورتسودان والملف لم يطوى !
|
خمس سنين علي احداث بورتسودان،والملف لم يطوي!
تقرير : صالح عمار
Jan 28, 2010
طوال مايزيد علي نصف قرن (1958 ـ 2010) لم يغب مؤتمر البجا عن الساحة السياسية السودانية،ولكنه يختفي سنيناً ثم يعود.العودة الاخيرة للتنظيم كانت في العام 1994 عندما اعلنت مجموعة من ابناء البجا يقودها ابوبكر محمد طاهر إنطلاق الكفاح المسلح من المنطقة الحدودية مع إرتريا بإسم التنظيم.وإنضمت مجموعات من الداخل لمؤتمر البجا ولكن نشاطها ظل طي الكتمان حتي العام 2002 عندما بدأت مجموعة من الداخل وفي الخرطوم تحديداً تعقد إجتماعات علنية بإسم التنظيم.وفي آواخر العام 2003 دشن مؤتمر البجا نشاطه بصفة رسمية بالداخل،مع الإحتفاظ لنفسه بهامش من المناورة ،عبر إعلان قياداته انهم يختلفون مع تنظيم الخارج في الوسيلة ويتفقون معه في الاهداف.
ورغم ضعف التنظيم الذي صاحب عمل مؤتمر البجا بالداخل إلاان تأثير خطابه الإعلامي وحراكه السياسي كان كبيراً،ولقي إلتفافاً ومؤازرة جماهيرية سريعة من القاعدة التي كانت تتطلع في ذلك الوقت لجسم يعبر عنها أسوةً بجنوب وغرب السودان ويسهم في حل ازمات الشرق التاريخية،وإنفتح باب الإتصال بشكل موسع بين مجموعة الخارج والجماهير بالداخل وصار الكثيرين يجازفون بزيارة معسكرات التنظيم بربدة ولكوييب وكراييت ويشاركون في الإجتماعات والمؤتمرات التي تقام هناك.
واحدة من هذه المؤتمرات لتنظيم الخارج اقيم في ديسمبر 2004 برئاسة تنظيم مؤتمر البجا (بمنطقة لقاوييب)،وفي سابقة نادرة منحت السلطات الحكومية اعضاء مؤتمر البجا والقيادات الاهلية إذناً للمشاركة في هذا المؤتمر،ويعود السبب في ذلك لضمانات منحتها الإدارات الاهلية وبعض اعضاء التنظيم للسلطات بانهم سيقنعون حاملي السلاح من ابناء جلدتهم بالتفاوض مع الحكومة والعودة للداخل،إلاان شئياً من هذا لم يتحقق بل وحدث العكس،وتحول المؤتمر مناسبة للتخطيط لواحدة من اكبر الاحداث السياسية وأخطرها في تاريخ الشرق في سنينه الاخيرة.
في ذلك الوقت الذي كانت فيه الحركة الشعبية والتجمع الوطني قد حسموا امرهم،ولم يعد بينهم وبين توقيع إتفاقيتي نيفاشا والقاهرة إلاايام وشهور،وجد مؤتمر البجا نفسه وحيداً في مواجهة نظام لم يستطع ومعه كل تنظيمات التجمع القضاء عليه،وصار مع الإتفاقيات الجديدة اكثر قوة.إرتريا أيضاً وجدت اصدقاءها وقد إنفضوا عنها ولم يتم إشراكها في منبري نيفاشا والقاهرة،رغم كونها المستضيف الاول للمعارضة السودانية وصاحبت الدعم الاكبر لها،وكان عليها تغيير إستراتيجيتها لإثبات أنها لم تهزم،مؤتمر البجا وملف الشرق كان الحليف والميدان الاقوي (وربما الاوحد) لتحقيق ذلك.
عادت مجموعة من الشباب الذين إشتركوا في المؤتمر لمدينة بورتسودان وهم يحملون مقترحاً متكاملاً برفع مذكرة لوالي البحر الاحمر،وحشد الجماهير لتأييد فكرة ومضمون المذكرة،واستغرق الامر اكثر من شهر حتي تتضح الرؤية،اللافت ان القيادة العليا للتنظيم في الداخل (وهم رئيس التنظيم احمد محمد مختار والامين العام د.امنة ضرار ونائب الامين العام عبدالله موسي) كانوا خارج سياق الترتيبات لما يجري،وإنفرد مجموعة الشباب القادمين من المؤتمر والمعروفون بإسم (شباب البرش) بالترتيب والإعداد وكل التفاصيل الاخري.
في السادس والعشرين من يناير 2005 تحركت جموع غفيرة نحو مبني امانة الحكومة وتم تسليم الوالي بالإنابة مذكرة حوت عدد من المطالب أهمها الإعتراف بمؤتمر البجا الكفاح المسلح كممثل اوحد لشرق السودان،وتنفيذ برنامج تنموي،وتوظيف الخريجيين،وإقالة مدير هئية المؤاني،وانفضت المسيرة بسلام،ولكن مع إمهال الحكومة 72 ساعة للرد علي مطالبها.
مساء الجمعة (28 يناير) دعا منظمي المسيرة لإجتماع حاشد بنادي البجا بديم عرب للتشاور حول الخطوة القادمة،ولكن الشرطة اطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي،وفرضت حصاراً علي المنطقة وماحولها.ليل ذلك اليوم سادت حالة من الإستنفار والحماس وسط شباب الاحياء المجاورة لديم عرب،وجابت المنطقة سيارات تدعو المواطنين للخروج للشارع،لتحقيق مطالب شعب البجا،ووصل الحماس بالبعض إعلان المقاومة المسلحة والعصيان عبر مكبرات الصوت.
السبت (29 يناير) ومنذ ساعات الصباح الاولي،بدأت المعركة غير المتكافئة بين القوات الحكومية المدججة بكل انواع الاسلحة والمتظاهرين،غير ان النيران التي كانت تطلق عشوائياً لم تصب إلاالقليل من المتظاهرين،وكان اغلب ضحاياها من مواطنين لاعلاقة لهم بالحدث،ووصل جملة القتلي لـ 27 شخصاً والجرحي فوق الاربعين،بينما اعتقل اكثر من ثلاثمائة شخص اطلق سراحهم تدريجياً،فيما ظل ستة عشرة في الإعتقال التحفظي ستة اشهر اخري حتي تم إطلاق سراحهم في يوليو 2005.
بعد الاحداث بدأ الخطاب الحكومي حول الحدث وكأنه قد فوجئ بماتم وجاءت تصريحات المسؤولين متناقضة،وقام وزير الزراعة د.مجذوب الخليفة بزيارة لبورتسودان لتهدئة الاوضاع،فيما اعلن عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية لمباشرة التحريات حول الحادثة،لم تنشر نتائجها حتي اللحظة،غير ان الحكومة ومن الجهة الاخري فهمت مضمون الرسالة ومايمكن ان يؤدي إليه نشوب نزاع في الشرق،فاعترفت بعد فترة قليلة بمؤتمر البجا كممثل للشرق،ودخلت مع الحكومة الإرترية في مفاوضات سرية إنتهت بطي ملف التمرد في الشرق وإنهاء القطيعة بين اسمرا والخرطوم.
نائب رئيس مؤتمر البجا شيبة ضرار احد قادة مذكرة بورتسودان والمعتقلين في هذه الاحداث،رد بغضب علي سؤالي له حول ماحدث للملف،قائلاً إن هذا السؤال يجب ان يجيب عليه مساعد رئيس الجمهورية موسي محمد احمد الذي وصل لكرسي السلطة علي دماء شهداء يناير،وان هؤلاء الشهداء عندما استشهدوا كانت مطالبهم ان يمثلهم مؤتمر البجا ورئيسه موسي محمد احمد فماذا فعل لهم الآن ولقضية البجا؟،ويضيف ضرار ان أسر الشهداء عندما جلسوا مع موسي اثناء المفاوضات قال لهم انه لاتفاوض دون حل قضية الشهداء.
القيادي في مؤتمر البجا عبدالله موسي قال لي إنهم يقرون ان هؤلاء الشهداء ماتوا من اجل قضية البجا وان إستشهادهم كان لمصلحة مؤتمر البجا،وهو من الناحية السياسية ملتزم بإعادة التحقيق في ماجري من احداث،وان التنظيم لديه برامج إجتماعية لرعاية أسر الشهداء عبر منظمة وفاء،وسيقيم إحتفالاً بهذه المناسبة في الخامس من فبراير القادم بالخرطوم وبعدد آخر من الولايات إحياءً لهذه الذكري.وفي إجابته علي سؤالي حول الخطوات العملية التي قام بها الحزب وهو منذ اكثر من عامين علي سدة السلطة،يقول موسي إن هذه القضية أثيرت مع اعلي المستويات في الدولة،وان هناك حلولاً طرحت ولكن لم تجد القبول من أسر الشهداء.
© Copyright by SudaneseOnline.com
|
|
  
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست