سناء جعفر تريد ان تكون رئيسة جمهورية في "دايرة ابقي كنداكة" نقلا عن الاحداث الاثنين 18 ينائر

Quote: دايرة أبقى كنداكة ؟! أكره السياسة كراهيتي للفقر والجهل والمرض وأعتبر أن وصفها بـعبارة ( لعبة قذرة ) يحمل في طياته أسباب مشاعري المتطرفة تجاهها . فالسياسة في بلدنا الشاسع مساحة وضيق رزقٍ ( إلا للأقلية) لم تورثنا سوى الحيرة والقلق . كنت من جيل نشأ في حضن ( فارسنا وحارسنا ) بابا نميري الذي كنا ننظر إليه بأعيننا الصغيرة كبطل ونزهو بنياشينه الرائعة في بزته العسكرية التي تمنحه هيبة وحضورا طاغيا . وفجأة تمزقت صورة البطل وتركتنا محتارين تائهين نبحث عن شيء يمنعنا من السقوط في بئر الإحباط والغرق في أشلاء أحلامنا التي تحولت إلى كوابيس . لم نجد ما نتمسك به بعد أن حاصرتنا الفوضى السياسية وبعثرت أفكارنا وانتماءاتنا وولاءنا . أخذنا التيه في إقدامه ودار بنا من عهد إلى آخر دون أن نلمح بقعة ضوء في آخر النفق . وهكذا أصبحنا جيل الشتات الذي عايش أحداث كثيرة ومؤلمة تناوبت عليه دون رحمة . جيل يبحث عن هوية لم تعد متوفرة . عن مكان يخصه . عن سمات تميزه بين السابقين واللاحقين . عن جرعة فرح تعينه على البقاء . لكنه لم يجد غير الفراغ العريض فاتحاً فمه مبتلعاً كل شيء . وفي محاولة للهروب من هذا الفك الرهيب تحول الجيل إلى شراذم متباعدة . ولجأ كل فرد فيه إلى صنع هويته الخاصة . وحدد ولاءه حسب ما تقتضيه المصلحة . وأصبح انتماؤه رهين بمكان تواجده . تزايدت الهجرات وامتلأت زوايا الكرة الأرضية بأفضل العقول السودانية التي لم تجد متسعا لها داخل الوطن . فخرجت منه بحثاً عن حلم وأمان . وربما قبر . كنت ممن خرجوا مع وعد بالعودة في أوان آخر أستطيع فيه أن أحصل على حقوقي الإنسانية بقدر يسير من الراحة . لكن حواسي كانت مشدودة إلى ما يحدث في الداخل . فتابعت أخبار الانتخابات المزمع عقدها وتهيأت للمشاركة التي هي حقي المكفول بحكم المواطنة . انتظرت رسالة الإخطار التي وردت للكثير من معارفي وأصدقائي عن مواعيد التسجيل في القنصلية السودانية بدبي . لكنها لم تأت . فامتنعت عن الذهاب من تلقاء نفسي احتجاجاً على إنتقائية القنصلية التي توحدنا حين جباية الرسوم الخاصة بأي معاملة ثم تفرق بيننا في المعاملة حين تختار بمعايير لا تعلمها إلا هي؛ المواطنين المطلوبين للحضور والتسجيل . ثم تلبّسني الغيظ وحفر في عقلي فكرة مجنونة . قررت أن أرشح نفسي لرئاسة الجمهورية احتجاجاً على تصرف القنصلية الجائر في حقي كمواطنة تلتزم بدفع الضرائب والزكاة والمساهمة ورسوم الفضائية السودانية ورسوم تجديد الجواز . خصوصاً بعد أن أعياني التفكير في سبب تجاهل إخطاري . لا أظنه عدم العلم بوجودي . فجواز سفري صادر عنها ومختوم بختمها . إذن هي فقط سياسة ( الخيار والفقوس ) المهينة . شجعني على هذا التفكير ( المتطرف ) عدم وجود ما يمنع ترشيحي . فالباب مفتوح لمن يرغب ويستطيع . ربما يحاججني البعض بأنني لا أمتلك أي خلفية سياسية . وأرد عليهم قولهم بأن بعض المرشحين الآخرين يشابهونني في انعدام الخبرة السياسية . قد يحاججني البعض بأنني لا أصلح للرئاسة كوني امرأة . وأرد عليهم قولهم بأن السودان القديم حُكِم عن طريق ( الكنداكات ) لفترات طويلة . وكان وقتها دولة قوية ثرية ومهابة الجانب . بالتالي لا شيء يمنع عودة عهد الكنداكات الى الواجهة . ربما نستطيع نحن نساء السودان أن نصلح ما أفسده ساستها الرجال الذين حكموا البلاد منذ عشرات السنين فأعادونا الى الخلف بينما العالم كله يتجه الى الأمام . لكن للأمانة . أود أن أُعلم كل من يقرر ترشيحي بأنني لا أملك من أدوات السياسة إلا زكيبة أحلام لبلد خاصمته الأحلام منذ زمن . لا أمتلك من مقدرات الحكم إلا مجموعة أمنيات لو تحققت لصرنا خير الأمم . وهاكم برنامجي المفخخ بالأحلام : خلوني أحلم بوطن زاهي وجميل . عيونه نيل . وبسمته فيها السمار سنة وفرض . خلوني أحلم بوطن فيه القطاطي بقت قصور . فيه الشوارع مطلية بموية الدهب . الميادين روضة غناء . والحواري قصيدة ناعمة . خلوني أحلم بوطن فيه العلم أصبح بلاش . فيه الحلم أصبح متاح . فيه الأمل سكن البيوت . فيه الألم رحل انتهى . خلوني أحلم بوطن . فيه الصغار ما بتعرف الآم الكبار . وفيه الكبار زي الجهال . نقية طاهرة ما بتعرف أسرار الودار . خلوني أحلم بوطن . فيه السجون بقت متاحف . وفي كل بيت بدل القبور والشواهد . نلقى بسمة . نلقى ضحكة . نلقى بهجة إتوهطت عشم النفوس . وطردت أحزان الغلابة . خلوني أحلم بوطن فيه القروش حاجة تافهة . زي الملح لازم تكون في كل شيء موجودة قاعدة . لكن كمان . ما بيها بنقيّم بشر . ولا فيها بيموت البشر . خلوني أحلم بوطن فيه الصلاة عبادة خالصة للإله . ما فيها شبهة انتماء لجماعة ضالة . ولا إمام ناسي الكتاب . ناسي الحديث . كل همه إنو يعكس صورة زايفة . صورة لامعة . تستر العفن الوراهو . وتدس بلاهو من الخلوق . خلوني أحلم بوطن فيه الحلال طرد الحرام . فيه اللسان أدمن أهازيج الكلام . فيه العيون نست الدموع . فيه التعب مات انتحر. فيه الهواجس سافرت بدون رجوع . خلوني أحلم . ولسة بحلم . وبرضو بحلم . هل تظنون أن برنامجي الانتخابي يستطيع أن ينافس بقية المترشحين ؟! هل تظنون أنني أصلح لمنصب ( رئيسة ) الجمهورية ؟! لن أكتب رئيس . لن أسقط تاء تأنيثي . فهي عماد برنامجي الانتخابي ..