|
عمر البشير أولى بالإعدام و ليس جنود الهجانة كُـمبا
|
في خلال الأسبوع المنصرم ، أوردت صحيفة (أجراس الحرية) خبرا عن صدور حكم من محكمة عسكرية يفيد قرارها باعدام (18) من ضباط الصف من جنود الهجانة ، و قد ورد في الخبر أن سبب ذلك الحكم هو عدم اطاعة اوامر القائد الأعلى . و في اخبار اخرى ، أن الأمر لا يتعلق فقط بالثمانية عشر من الجند سيؤا الطالع ، و انما بعدد اكبر ، و تبع ذلك أخبار عن تمرد اعداد من الجيش السوداني و اختيارها طوعا الخروج عن سلطة البشير.
لأول وهلة ، قد يتبادر الأمر بأن السودان ، و عبر حكم البشير قد صار منضبطا و محترما للقوانين و سيادة القانون ، و أن الضبط يقتضى توجيه الأحكام في حق من خرجوا عن القواعد و السلوك المعقول الذي يتطلبه القانون و احترامه ، و لكن في ظل الفوضى و العنصرية التي ضربت بأطنابها في دار أم سودان ، فان تطبيق القانون ما عاد بالأمر الذي تتطلبه امور الضبط و الربط بقدر ما اصبح له دلالات ابعد و اكبر من الإستحقار و الإستخفاف و التعالي على عباد الله ،و ليس في ذلك شيئا من مصلحة البلد بقدر ما فيها تحقيق لمصلحة البشير و زبانيته.
اصدار مثل تلك الأحكام و في حق جنود الهجانة يحمل دلالة مفادها أن البشير و نظامه صار في حالة جنون عارمة ، و أن الأمور بدت تتهيأ لهم بأن كردفان هي صمام الأمان لنظامهم و أنهم باتوا يشعرون بأنها ستخرج من قبضتهم و أن لابد من اشهار عصاة التهديد و العين الحمرا لأهلها حتى لا يخرجوا عن قبضة النظام..
صحيح قد يقول قائل أن قانون القوات المسلحة واضح و صارم تجاه الضبط و الربط فيما يخص المؤسسة العسكرية و أفرادها ، و لكن الأمور لم تعد هي قوانين و مؤسسات و احترامها ، فان كان في السودان مثل تلك المثالية التي تتحدث بها القوانين المصاغة و القابعة في الأضابير ، اذن لكان عمر البشير و من معه أول من ينال حكم الإعدام جزاءا على التمرد على السلطة الشرعية في يونيو1989 و ذلك بحسب منطوق المادة 47 من قانون القوات الملسحة 1986 و هو القانون الساري حتى اليوم في السودان.
مثل تلك الأحكام و في حق الثمانية عشر جندي من جنود الهجانة ، هي صفعة قمع و رسالة يريد البشير أن يوصلها لأهل كردفان ، و هو يعلم جيدا أن الهجانة تعنى كردفان في المقام الأول ثم السودان في المقام الثاني. قبل أن تكون القيادة الوسطى و اللواء الأول مشاه و غيرها من التسميات الحديثة ، كانت الهجانة هي النواة الأولى للقوات المسلحة السودانية ، و قد تأسست في كردفان ، بدءا في باره ، ثم انتقالها للأبيض و من قبل أن يتم ميلاد البشير و من معه .و ظلت بتلك الكيفية تدافع عن السودان ووحدة ترابه ضد الأعداء المتربصين بالسودان و امن شعوبه ، و لم تتدخل قط في حماية الأنظمة و خوض الحروب نيابة عنها.
الحرب في دارفور هي حرب البشير و ليست حرب السودان ، و ليس من عمل الجيش السوداني عموما و الهجانة خصوصا أن توجه البندقية في صدور المدنيين العزل ، فتلك الحرب و منذ انطلاقها لم يكن لها مبرر اخلاقي و سند شرعي يستطيع البشير أن يقدمه للجند لخوض تلك الحروب ، فلماذا الآن صحوة الضمير و تذكر القوانين و الإسراع في تطبيقها في حق من يرفض ضرب المدنيين العزل؟..
عمر البشير و مؤتمره الوطني يعلم جيدا أن كردفان ياما طبزت أي عين حمرا و فقأتها و اعدمت صاحبها البصر ، و لن تعجز أن تفعل ذلك معه و مع مؤتمره..
و على جميع أهل كردفان ، رجالا و نساءا ، أن يعوا جيدا ليس الأمر هو مجرد اعدامات عسكر و جنود ، بقدر ما ان المقصد هو اٍشهار عين حمرا لكردفان و اهلها ، فهل ينكسر الجميع امام ذلك؟
تنفيذ الإعدامات بحق هؤلاء النفر سيفتح ابوابا من الجحيم على البشير و مؤتمره الوطني و عليه أن يتحمل المسئولية تجاه أفعاله.
محمد النور كبر
|
|
|
|
|
|