بعد يوم مضنى خاضه حاج الطاهر فى صفوف المعاشات استقل احدى المركبات العامة فى طريق عودته الى المنزل وداخل المركبه جلس واخرج قروش المعاش فى محاولة منه لمعرفة اوجه صرفها واعاد توزيعها اكثر من مره دون جدوى فى ذلك،، فالمعاش لايتعدى التسعين جنيه واوجه الصرف والديون تخطت الثلاثمائة جنيه ودون ان يشعر تنهد بعمق شديد وهو يقول ( والله دى حاوى مايحلها) ثم لم يلبث ان تذكر انه فى المواصلات العامه فاستطرد وهو ينظر الى تلك الصحيفه التى كان يطالعها الراكب الذى يجلس امامه وماكاد يطالع العنوان الرئيسى حتى تهللت اساريره وهو يحاول ان يقترب اكثر لمعرفة تفاصيل ذلك الخبر حاول بكل وسعه واخرج نظارته الصغيرة ... لكن سرعان مانزل صاحب الجريده وترك حاج الطاهر فى حيرة من امره ......وهو يسترجع ذكريات نزوله الى المعاش فى سن مبكرة جدا بقرار قيل لهم حينذاك انه جمهورى ومنذ ذلك الحين لايملك سوى ان يجلس فى المنزل طوال اليوم وعند اول كل شهر يذهب الى هذا المشوار وقد مضى على هذا الامر اكثر من عشرين عاما وهو يشعر بأنه كان قادر على العطاء طوال هذه السنين .....
*** وصل حاج الطاهر الى محطته وفى طريق عودته صمم على زيارة دكان صديقه (سعيد ود الخولى) عله يجد عنده صحيفة لمعرفة تفاصيل ذلك الخبر خصوصا ان حاج الطاهر لم يكن من محبى شراء الصحف ... القى عليه التحية وهو يجلس على تلك الدكه وسأله على الفور ( انت ياسعيد مسعول من الخير الرئيس نزلوه المعاش خلاص ؟) رد عليه (منو القال ليك ياحاج؟) __( عنوان كبير قريتو فى جريده الصحوة ) احضر اليه الصحيفه وبدأ يقرأ له مضمون الخبر ،، ان الرئيس استقال من رئاسة الجيش ونزل الى المعاش وخلع البزة العسكرية حتى يترشح للانتخابات وبدأ يشرح له الخبر بدقه شديده.... اطلق حاج الطاهر زفرة قوية تنم عن ضيقه من تلك التفاصيل قبل ان يقاطعه قائلا ( ياسعيد عليك الله خلى الكلام الكتير الانا مافاهمو ده ... الرئيس نزل معاش زينا كده يعنى حايقيف فى الصف ويقبض قروش حبه ) ضحك سعيد بصوت مرتفع وهو يربت على كتفه ( طبعا لا ياحاج لانو ده,,,,) وقبل ان يستكمل كلماته نهض حاج الطاهر وقد اكتست ملامحه بالغضب وهو يطلق همهمات عدم الرضا قائلا (كان كده ياسعيد يا اخوى خلينا نمشى ننوم ،، عايز اسألك سؤال اخير، النزل الرئيس معاش منو؟ هو فى زول اعلى منو ؟؟ مش هو البنزل الناس ؟؟ ) اجابه سعيد على الفور (براهو نزل نفسو بمرسوم جمهورى) ابتسم حاج الطاهر ولم يستوعب هذه الكلمات فادار ظهره وهو يهم بمغادرة المكان ( ودعتك لى الله يا اخوى مرسوم شنو؟ ده لعب ساكت، فى زول نصيح بينزل نفسو معاش ويتجهجه جنس جهجهتنا دى)
*** استلقى حاج الطاهر على فراشه بعد يوم متعب جدا فى المعاشات وراح فى ثبات عميق فى اقل من دقيقه وفى المنام حلم بالرئيس يقف خلفه فى صفوف الماهية وحاول الرئيس ان يتجازب معه اطراف الحديث وهو يسأله عن متى نزل الى المعاش؟؟؟ لكن حاج الطاهر تجاهله ولم يعره اهتمام فحاول مرة اخرى فصاح حاج الطاهر ( شنو نسيت انت النزلتنا زمان اها استفدت شنو؟ هسه حصلتنا ، بعد كده ضوق الموت ياملك الموت ) حاول الرئيس ان يبرر له فحدثه انه ليس المسؤول عن هذا الامر، لكن حاج الطاهر استجمع كل كبريائه رافضا الحديث معه وهو يشيح بوجهه بعيدا عنه ... حاول الرئيس ان يلطف الجو وهو يقول (خلاص ممكن نرجعك الخدمة) ضحك حاج الطاهر وهو يرد (رجع نفسك اول بعدين تعال رجعنى ياخ ترجع شنو ؟ انت كان بترجع ماكان تكون واقف معانا هنا ) حاول الرئيس ان يتقدم امام الجميع بحجة انه لايستطيع ان ينتظر هذا الصف الطويل لكن حاج الطاهر كان له بالمرصاد وهو ينبه الجميع بأن لا يدخلوا اى شخص امامهم وان الناس هنا سواسيه ثم التفت ناحية الرئيس وهو يقول: (خش الصف عليك الله نحن لحدى هسه محترمين انك كنت الرئيس) .......
***
اشتعل فضول حاج الطاهر لمعرفة كم يبلغ معاش الرئيس ؟؟ فوقف على مقربه من شباك الماهية وهو يدعى انه يريد ان يتأكد من المبلغ قبل مغادرة الشباك ودون ان ينتبه له احد بدا يحاول وبدقة شديده ان يتابع الصراف وهو يعطى الرئيس معاشه فماكان منه الا ان شعر بسعاده غامره حين وجد ان معاش الرئيس مائة جنيه فقال فى نفسه وهو يحاول ان يكتم ابتسامة شماته بدأت تأخذ الطريق الى وجهه : ( يعنى فرق عشره جنيه بس من معاشى ،، تستاهل) .... أستيغط حاج الطاهر من نومه وقفز من على الفراش وكأنه فى عنفوان الشباب ثم لم يلبث ان بدأ يضحك بصوت مرتفع ويضرب كفا بكف ويخاطب نفسه (الرئيس شخصيا والله ده حلم عجيب لكن الحمد لله مافوته الحلم ساكت اتفشيت فيهو )
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
مدثر قرجاج
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست