سناء جعفر وفتنة الجسور ... نقلا عن الاحداث الاثنين 28 ديسمبر 2009

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 05:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-29-2009, 05:34 AM

abubakr
<aabubakr
تاريخ التسجيل: 04-22-2002
مجموع المشاركات: 16044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سناء جعفر وفتنة الجسور ... نقلا عن الاحداث الاثنين 28 ديسمبر 2009

    Quote:
    فتـنـة الجسـور
    سنـاء جعفـر
    [email protected]

    منذ صغري يربطني عشق غريب مع الجسور ..كنت دوماً انبهر بمنظرها المهيب ..وأفتتن بضخامتها وإرتفاعها.. يبهجني عناقها الحميم مع السماء .. وأتساءل عن عمق مداها المدفون تحت الأرض أو الماء ..كان يوم الزيارة الأسبوعية لبيت جدي وجدتي أحلى الأيام لأنه يرتبط بعبور الجسر من الخرطوم إلى الخرطوم بحري ..وبرغم تحذيرات أمي وزجرها الدائم كنت أصر على إخراج راسي من نافذة السيارة أثناء مرورها داخل الجسر .. احني رقبتي بكل ما توفر لها من مرونة وأتأمل ببهجة أعمدة الحديد المتقاطعة المتصلة بمساميرها العملاقة .. وأغضب عندما تعجز إمكاناتي الحسابية المحدودة عن عدها ..كانت فرحتي تكتمل إذا تصادف مرور احد القطارات في نفس لحظة مرورنا .. كنت موقنة بأنه يطلق صافرته الطويلة اللاذعة كتحية حب للجسر الذي يحمل قضبانه ويتحمل ثقل وزنه وضجيجه .. ومنذئذ أحببت القطارات أيضاً لأنها تشاركني حب الجسور .. في عقل طفلة كان الجسر هو أقوى شئ في الكون .. إحدى المعجزات الخارقة .. فهو الوحيد القادر على حمل الآف السيارات بكل أحجامها .. آلاف البشر بكل أشكالهم .. والآف الدواب والهوام والحشرات .. أثناء كل مرور اعتدت أن أعذب أمي الصابرة بأسئلتي التي لا تنتهي :
    لماذا لا يغرق الجسر داخل النهر الذي يقطعه ؟! كيف يستطيع أن يتحمل صفعات الموج ولزوجة الطمي ولهو الأسماك وشغب المراكب؟! وكيف يصمد أمام هوج الرياح دون أن يميل أو يهتز؟! وعندما تقابل أسئلتي الملحة بهمهمة غاضبة أو صمت مغتاظ ..أجاوب نفسي بنفسي بأن الجسر هو أقوى الأشياء في الكون .. بعد أن تخطيت مرحلة الطفولة .. تغيرت نظرتي نحو الجسور .. وأصبحت أتأملها بتفكير فلسفي يتماشى مع أوهام طفولتي وتعقيدات نضجي .. أصبحت أراها صورة من حياة البشر .. فنحن شأننا شأن الجسور ... نبدأ حياتنا ملتصقين بالأرض نحبو على أربع ويملأنا شغف الوقوف والارتفاع إلى أعلى ..نتدرج في العمر و الآمال والطموحات والأحلام حتى نصل إلى الذروة وبعدها تبدأ مرحلة الهبوط التدريجي لأغلبية أشياءنا الحياتية .. حتى نصل إلى نهاية المطاف .. تحت الأرض حيث يكون الاستقرار الأبدي.. لكل جسر سطح مضئ وواضح المعالم .. لكن تحته تسكن الظلمة والمفاجآت التي قد لا نضعها في الحسبان ... وفي سطحه تكون الحركة سهلة وملتزمة بالخطوط المرسومة بدقة .. بينما تحته يعج بالمسارات الغامضة المخيفة ..كذلك النفس البشرية فما يبدو ظاهراً منها غالباً ما يكون الجانب المشرق .. حيث نجتهد جميعا في إخفاء قبحنا وأمراضنا وهواجسنا وأسرارنا المخزية في أعمق جزء من دواخلنا .. ونعمد إلى ارتداء قناع مشرق يغطي هيئتنا الخارجية ... وكما الجسور تمنح عابريها حق المرور دون أن تحدد لهم خيار السطح المضيء أو الأسفل المظلم ... النفس البشرية أيضاً تمنح نفس الخيار وتسمح لمن يرغب بتخطي سطحها المشرق والغوص داخل متاهاتها ودهاليزها بالدخول .. شريطة أن يتحمل مسئولية قراره ويستعد لمواجهة المزالق والظلمة التي تغلف الأرواح ويتحسب للمفاجآت المختزنة في باطن وعاء الجسد ...
    في بعض الدول أصبحت الجسور المكان المفضل للعاشقين .. يعبرونها بهيام مصحوبين بالأمنيات والأحلام ..يتوقفون طويلاً على قمتها .. يتبركون بعلاها .. ويتفاءلون بسطوع أنوارها ..يتبادلون فيها الوعود ويقطعون فيها عهود الحب والإخلاص ..وفي المقابل أصبحت أيضاً المكان المفضل للمهوسيين برفض الحياة والراغبين في ميتة مشهودة .. ففي لحظة مسروقة من الزمن .. يتوقف احدهم على قمة جسر ويلقى بنفسه مودعاً حياة رفضها ورفضته يختار السطح المضئ موقعاً يقفز منه إلى الأسفل المظلم .. هكذا هي الجسور .. عالم يجمع تناقضاته في نفس المساحة بكل سماحة .. كما نجمع نحن تناقضاتنا داخل وعائنا الجسدي بنفس السماحة ...
    الجسور ..عالم يتجاور فيه جماله الظاهر مع قبحه المستور .. يتنافس فيه نوره مع ظلمته ..
    الجسور حبيبتي .. اعشق فتنتها ليلاً .. وهي تسبح في الضوء .. وتراقص النهر .. وتتحدى الموج والريح والهواجس ...اعشق رومانسيتها .. وصبرها .. والبهجة التي تمنحها لي..

    نقلا عن الاحداث الاثنين 28 ديسمبر 2009
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de