الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 11:09 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-29-2009, 04:59 AM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا

    يدعوكم التجمع الوطنى للسودانيين بفلادلفيا لآخر ندواته فى هذه الدوره



                  

12-29-2009, 10:01 AM

عاطف عمر
<aعاطف عمر
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 11152

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: Egbal Elmardi)

    على سبيل التحية ورفع البوست









    ___________________

    وعلى سبيل ( المشاغبة )
    بختك أصبحت من أهل الحظوة
    بوستاتك في ( العلالي )
                  

12-30-2009, 01:38 AM

عبد المنعم ابراهيم الحاج
<aعبد المنعم ابراهيم الحاج
تاريخ التسجيل: 03-22-2005
مجموع المشاركات: 5691

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: عاطف عمر)

    كل سنة وانتم بخير
                  

12-30-2009, 03:16 AM

الغالى شقيفات
<aالغالى شقيفات
تاريخ التسجيل: 08-16-2009
مجموع المشاركات: 3664

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: عبد المنعم ابراهيم الحاج)

    سلام يا اقبال
    مافى زول تانى زيادة
                  

12-31-2009, 00:57 AM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: الغالى شقيفات)



                  

12-31-2009, 04:09 PM

عادل نجيلة

تاريخ التسجيل: 08-11-2009
مجموع المشاركات: 2832

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: بكرى ابوبكر)

    ده الإحتفال .. وهؤلاء من يمثلون الغالبية في جالية فلادفيا ..
    أبعث لكم أجمل الأمنيات من أريزونا و كل عام وأنتم و الوطن بخير.
                  

01-02-2010, 04:41 AM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: عادل نجيلة)


    الأستاذ عادل سلام
    وكل سنه وإنت طيب وناس أريزونا طيبين
    وإنشاء الله السودان كلو طيب

    تصحيح بسيط
    القايم بالندوه هو التجمع الوطنى للسودانيين بفلادلفيا
    الجاليه أجرت إنتخاباتها وفاز بيها كوكبه مشرقه ...نتمنى ليهم التوفيق فى مهمه ما ساهله
    لكن نحنا متأكدين بأنهم أهل لها...

    تسلم

                  

01-02-2010, 04:12 AM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: بكرى ابوبكر)

    سيد الحوش ذات نفسو مشرفنى
    يا أهلاً ويا مراحب
    أقول بيتنا نور ..
    ولا بيتك نور....

    شكراً على النشيد
    واليوم نرفع راية إستقلالنا



    _____________________


    بعتذر ....مسكنى الشديد القوى من البوست
                  

01-02-2010, 04:20 AM

الغالى شقيفات
<aالغالى شقيفات
تاريخ التسجيل: 08-16-2009
مجموع المشاركات: 3664

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: Egbal Elmardi)

    اقبال سلامات
    الندوة سمعنا انو جاى فيها الدكتور هشام عثمان وبتحدث عن التهميش
    كدى اكدى لينا لانو فى ناس دايرين يسمعو التهميش بس
                  

01-02-2010, 04:32 AM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: الغالى شقيفات)


    الغالى كيفك
    وكل سنه وإنت طيب
    وإنشاء الله السودان طيب



    ____________

    قصدك شنو بى مافى زول تانى؟؟!!
    أخونا هشام قال مشغول تحياتى ليهو

    إقبال
                  

01-02-2010, 04:26 AM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: عبد المنعم ابراهيم الحاج)


    عبد المنعم سلام
    وكل سنه وإنت وكل المعاك طيبين
    وإنشاء الله السودان طيب
    ما تختفو رجلكم وتجو الندوه دى...

                  

01-02-2010, 04:18 AM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: عاطف عمر)

    عاطف
    سلامات

    شكراً ليك ...دايماً ما بتقصر


    ومن خشمك لمنشيت بكرى.....العلالى إنشاء الله نضوقا ونطلع سوقها
                  

01-02-2010, 05:48 PM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: Egbal Elmardi)

    Quote: اقبال سلامات
    الندوة سمعنا انو جاى فيها الدكتور هشام عثمان وبتحدث عن التهميش
    كدى اكدى لينا لانو فى ناس دايرين يسمعو التهميش بس


    الغالى سلام
    هشام ما ح يكون فى الندوه دى
    المتحدث الثانى هو دكتور أسامه عثمان وليس هشام عثمان صاحب الصوره الفوق دى...
    كان بودنا دكتور هشام يتحدث لينا ...لكن ظروفو أتت بما لم تشتهى سفننا...
    ((ده الله ودى حِكمِتو....ح نعمل ايه؟؟))



    ودى
    إقبال
                  

01-02-2010, 06:20 PM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: Egbal Elmardi)

    Quote: *
    *مقالات و تحليلات : مقال رأى...بقلم :فتحي الضّـو

    عقلاء ومجانين/فتحي الضَّـو
    Dec 27, 2009, 20:19

    عقلاء ومجانين

    فتحي الضَّـو

    [email protected]



    بحثت ونقبت تلافيف عقلي لعلني أجد موضوعاً يدخل البهجة في نفسك أيها القاريء الكريم، لا سيما، ونحن نعيش خواتيم العام 2009
    الذي يطوي آخر ايامه إيذاناً بالرحيل. وبعد جهد جهيد - لا منَّ فيه ولا أذىً - لم أجد غير هذا العنوان المحايد الذي أوحى لي به أحد دهاقنة العصبة
    ذوي البأس، وذلك على إثر مطالعتي تصريح له على صفحات هذه الصحيفة (الأحداث 24/12/2009) والتي حجبت اسمه
    بإعتباره مصدراً حكومياً على حد تعبيرها.
    ما يهمنا أن هذا المصدر وصف التقرير الأخير الصادر عن مجموعة (كفاية) التابعة لمركز (أمريكان بروجرس) بقوله (إنهم مجموعة مجانين)
    (إنتهنى) ولم يشاء مصدرنا العزيز أن يجعلنا بما عزمنا عليه، فأردف بثقة تقطع دابر أي شكوك قد تطرأ على نفس سامعه وقال:
    (إن كانت الحكومة تتأثر بمثل هذه التقارير لخسف بالسودان منذ عام 1963) ولا أعتقد أن أحداً يستطيع أن يُنجِّم سبب اختياره العام المذكور تحديداً،
    ولكن يبدو أن غضبته المضرية تلك مردها إلى أن المجموعة طالبت في تقريرها الصادر مؤخراً (حكومة الولايات المتحدة والدول المانحة فرض عقوبات
    على حزب المؤتمر الوطني) والواقع أن طلبها هذا لم يأت جُزافاً فقد قدمت باقة من الحيثيات والأدلة التي تُحمِّل الحزب (العملاق) تبعات ما إغترفت يداه بالنسبة للانتخابات المزمع عقدها في ابريل القادم، وقالت (إنها قريباً ستدان كانتخابات فاشلة) وهو قول لا أظن أن سدنتها سمعوا به للمرة الأولى، إذ لا يوجد مراقب لحركاتهم وسكناتهم لم يشنف آذانهم بهذا القول الفصل. ولكن الذي استغلق علىّ فهمه وعزَّ علىّ إدراكه، قول المصدر المحجوب اسمه إن (المركز المعني
    وغيره من المجموعات المعارضة للحكومة يأخذون الأموال بطرق غير أخلاقية ويحاولون التأثير على المواطنين) وأرجو ألا يسأل عاقل عاقلاً من هم
    المواطنون المعنيون. في حين لم يكن غريباً أن ينصَّب نفسه ناطقاً بإسم إدارة الرئيس أوباما وقال: (لكن الحكومة الأمريكية وصناع القرار يعلمون تماما
    عدم جديتهم في تلك الأطروحات) وتابع بتناقض كاد أن يلحقه بالتهليل والتكبير حينما قال (إن طلب الكونغرس من المركز إعداد تقرير خطوة طبيعية
    لنص الدستور على إلزام الكونغرس بطلب دراسة أو الاستماع للنصح والأخذ بآراء أمثال جون برندرجاست المعروف بعدائه الشديد للسودان)
    وأرجو كذلك ألا تكون ممن يسؤهم التخليط بين العداء للسودان وانتقاد النظام الذي يحكم السودان!

    بيد أن ذلك كله ليس هدفي، فلم يكن يعنيني من ما اقتبست أعلاه سوى نعت المصدر للقائمين على أمر المنظمة بالجنون. وبغض النظر عن أن الوصف ثقيل
    على النفس، إلا أنني وجدت فيه ما يُغري بالدخول إلى عالم المجانين الذي أوصانا القول المأثور بأن نأخذ الحكمة من أفواههم.
    وقلت لنفسي طالما أن هذه المنظمة تلعب دوراً مؤثراً في صناعة القرار الدولي الخاص بالسودان وليس الأمريكي وحده، نسأل الله أن يكون وصف هذا
    المصدر حقيقة، فلربما كان القائمون عليها من حفدة سيدنا لقمان ووجدنا الحكمة التي أعيانا البحث عنها تتوسد اضابيرهم وتنثال من أفواهم.
    وحينئذ لن يجد المصدر حرجاً في إخفاء اسمه بل لربما ألحقه بوضع رسمه أيضاً، فهو لا شك يعلم أن بين العبقرية والجنون صلة قربى،
    ولهذا صُنِّف كثير من عباقرة العالم في خانة المجانين ولم يغضبهم ذلك في كبير شيء، بل حتى في أوساط السياسيين هناك من أسعده الوصف.
    فقد علمت من خلال قراءاتي المتواضعة أن هناك رئيساً واحداً في العالم كان يصف نفسه بالمجنون أو (اللوكو) باللغة الاسبانية،
    ذلك هو الرئيس الأكوادوري السابق عبد الله بوكرم، المنتمي لأسرة لبنانية مهاجرة، وقد خلعه الأكوادريون بثورة شعبية عارمة
    مما اضطر البرلمان لإجباره على التنازل بعد ستة أشهر فقط من حكمه، وبعدها غادر إلى بنما حيث يعيش حتى الآن،
    والواقع أن شعبه خلعه ليس لأنه كان يصف نفسه بالمجنون، ولكن لأن أقواله وأفعاله جانبتها الحكمة التي إلتصقت بأفواه المجانين!

    لا أعتقد أن برندرجاست أو أي من قباطنة (كفاية) سيغضبوا لوصفهم بالجنون، بل أن الأمريكيين بشكل عام وربما كل شعوب العالم الأول
    لا يرون أي غضاضة في التعامل مع عيادات الطب النفسي، والتي ليس بالضرورة أن يؤمها أصحاب الحالات المستعصية التي ذهب عقلها،
    ولكن يغشاها أيضاً البعض للاستشارات الحياتية المختلفة، ولنا في دكتور (فل) ببرنامجه الشهير الذي تعدت مشاهداته الفضاء الأمريكي مثلاً ناطقاً.
    والواقع نحن السودانيين وإن كان بيننا وبين عيادات الطب النفسي ما صنع الحداد، إلا أننا لا نشعر في الوصف بالجنون ما يجعلنا نتحسس صواري عقولنا.
    بل لدينا في جنوب كردفان قبيلة كريمة الأصل والمحتد تسمى بقبيلة المجانين، فيهم كثيرون اشتغلوا بالسياسة وتبوأوا مناصب عليا. ومن محاسن الصدف
    ونحن نعيش ذكرى استقلال السودان هذه الأيام، أن نذكر منهم الشيخ مشاور جمعة سهل، فهو من ثنى اقتراح الاستقلال من داخل البرلمان الذي تقدم به
    النائب عبد الرحمن دبكة.
    ومن جهة أخرى لا أعرف إن كانت هناك صلة بين هذه القبيلة وأخرى تحمل نفس الاسم تعيش في تخوم نجد والحجاز بالجزيرة العربية.
    والسودانيون بطبعهم دائماً ما تجدهم يميلون تعاطفاً مع من يوصف بالجنون، لهذا يقولون لكائن جاء أمراً عجباً (الجنون فنون)
    وكذلك نقول في أمثالنا الشعبية (الجن بيتداوى كعبا الإندراوة) وكعبا لغير الناطقين باللهجة العامية السودانية تعني الأسوأ،
    أما الإندراوة فهي الفعل الشاذ الذي يصدر عن إنسان سوي كجنون العظمة مثلاً!

    ولا أدري إن كانت الإندراوة هذه هي ذات الحالة التي اصابت الرجل الذي كان أهل الخرطوم يطلقون عليه تندراً لقب (مارشال المديرية)
    وقد عرف عنه إنه كان يغشي وزارات الدولة المختلفة ويدلف إلى مكاتبها بكامل زيِّه العسكري وتنوء بكتفيه النياشين من كل جنس ونوع،
    ثم بصوت الآمر الناهي يصدر تعليماته للموظفين الذين اعتادوا عليه فيجيبونه بالسمع والطاعة، ثم يخرج في هدوء على أنغام مارشالات عسكرية
    لا يسمعها أحد إلا هو. ومن نوادر هذا اللقب حكى لي صديقنا مصطفي البطل طرفة جاءت على لسان أحد أعضاء المجلس العسكري الأعلى بعد اعتقالهم عقب ثورة أكتوبر 1964 وأرسلوا إلى مكان ما بعيداً عن الخرطوم (لعله سجن دبك وأطلق سراحهم بعد أيام) وقد حدث أن تأخر اللواء حسن بشير نصر لإصراره على ارتداء الزي العسكري كاملاً، بينما زملاؤه الذين سبقوه للطائرة كانوا في انتظاره بزيهم المعتاد وكانوا يتأففون من الطقس الحار داخل الطائرة،
    وبعد أن ظهر اللواء وهو بكامل زيِّه ونياشينه، كانت المضيفة أمام الأميرالاي المقبول الأمين الحاج تسأله إن كان يريد شيئاً،
    فشكرها وأجابها بالنفي وهو يشير إلى اللواء حسن بشير نصر قائلاً (لكن يا بنتي أسألي مارشال المديرية داك لو عايز حاجة)
    وفي واقع الأمر مضى على السودانيين حين من الدهر صاروا ينعتون كل من يتوهم العمل وهو عاطل بمارشال المديرية،
    وأمتد الأمر للتندر من بعض حكامهم الذين يرأسون ولا يحكمون!

    ولا أدري أيضاً إن كانت الإندراوة هذه هي نفسها التي اصابت ذاك الرجل المهندم الذي كان يرتدي جلباباً وعمامة غاية في النظافة والأناقة،
    ويقف يومياً في تقاطعات (صينية) سانت جيمس (معلم من المعالم البائدة في الخرطوم) وكان ينتقد نظام نميري بأقسى أنواع النقد
    وهو يوجه حديثه للسابلة الراجل منهم والراكب سيارته الخاصة. وكنت أظن كسائر السودانيين أن الرجل ذهب عقله، ولكن اتضح لي بما لا يدع
    مجالا للشك أنه كان أوعانا عقلا وأرجحنا تفكيراً، ليس لأنه كان ينصحنا ولم نستبن النصح إلا عندما تفاقمت جرائم ذلك النظام الديكتاتوري،
    ولكن لأنني أذكر ذات مساء أواخر سبعينات القرن الماضي ترجلت من سيارتي وجالسته محيياً فردَّ لي التحية بأحسن منها. ثم رويدا رويدا بدأت أسأله
    عن قصته، فقال لي ولعل اسمه محمد حسن - إن لم تطمسه السنين من ذاكرتي - بثقة طافحة إن بنك الخرطوم في خطر، والسبب بحسب تصوره
    إنه دخل هذا البنك ذات يوم في غير ساعات العمل الرسمية ووصل حتى الخزانة التي تحوى كل ودائع ومدخرات البنك ولم يوقفه أحد!
    (هناك من قال لي إنه أصلاً كان عاملاً في هذا البنك) ونظراً لأنه مواطن صالح قال لي إنه أبلغ عدة شخصيات نافذة في الحكومة وسماها لي بالاسم
    (كان ايضاً يرتاد مكاتب الدولة دون أن يمنعه أحد، ويقول ما يريد ويمضى في حال سبيله) ولكن الذي حدث بعد سنوات قلائل أن بنك الخرطوم إنهار
    فعلاً، وبعده مباشرة إنهار النظام، وعندما إنهار البلد بأكمله أدركت كم كان الرجل عاقلاً، ولكن لم يقدر مجانين شعبه حديث عقلائه حق قدره!

    إن كانت العرب العاربة قد استهواها جنون الشعر وخصوصاً شعراء الغزل أو العذريات مثل قيس بن الملوح وعنترة بن شداد
    وجميل بثينة والأخير هذا تعلمون إنه القائل (وإذ قلت رُدي إلىَّ بعض عقلي أعش به مع الناس/ قالت ذاك منك بعيد)
    واحسب أن تلك خصيصة استعرناها منه كدليل على حبنا للجن والمجانين، فلنا نحن أيضاً شعراء هاموا حباً وغراماً حتى ذهب عقلهم
    كما في قصة المحلق ومحبوبته تاجوج. والمفارقة أنك عندما تتأمل شعر الغزل السوداني وبخاصة الغنائي منه، يندر أن تجد قصيدة خلت
    من جنون المحبوب كغاية لا يصلها إلا الراسخون في العشق. وهذه الصور البديعية اللطيفة تراها أكثر وضوحاً وتجسيداً في الشِعر المُسمى
    بشِعر الحقيبة (نوع من أنواع الشعر الشعبي المُغني) وفي هذا كثير ما استوقفت نفسي طرباً في قصيدة للشاعر الفذ صالح عبد السيد الملقب
    بأبو صلاح يقول مطلعها (أجسامنا ليه جسمين وروحنا واحدة وكيف إتقسمت أثنين) إلى ان يبلغ به الوجد أمده ويصل به الوله تلك المرتبة
    التي تسلب المرء بعض عقله، فيقول في الشطر الثاني من بيت في القصيدة (عندي الثلث من عقلي وعندك الثلين) ولعمري هذا كرم جبَّ كرم
    حاتمي الطائي، إذ لا شك عندي أن معاني هذه القصيدة قد تسلب لُب متلقيها بالفعل إن أرهف لها الحس والسمع والطاعة!

    لا أدري لماذا لم تلتصق صفة الجنون برؤساء أتوا أفعالاً نكرة أمام نظر وسمع العالم كله. فلعل البعض يذكر مزحة الرئيس الأمريكي الأسبق
    رونالد ريغان حينما قال (أعلن عن تدمير الاتحاد السوفيتي في هذه اللحظة) ولم يكن يعلم أن الميكرفونات مشرعة أمامه وكان يظنها مغلقة
    حتى كاد أن يتسبب في كارثة دولية. ويعلم البعض كذلك أن الرئيس السوفيتي الأسبق نيكيتا خروتشوف عندما استشاط غضباً في الهيئة الأممية،
    خلع حذاءه وطرق به الطاولة التي أمامه كدليل على الاستخفاف، ولعله اخذته العزة بالإثم يومذاك، فقد كان يقف على رأس دولة كلما عطست شمتتها
    نصف دول العالم. ولا أدري ما سر ولع الرئيس خروتشوف نفسه بالأحذية ففي العام 1960 سئل عن مرشحي الرئاسة الأمريكية
    وكانا جون كيندي الديمقراطي وريتشارد نيكسون الجمهوري، فأجاب إنهما (فردتا حذاء متشابهتان) ولكن الغريب أن خروتشوف نفسه
    الذي كان اسداً هصوراً في الهيئة الأممية يومذاك إعترف إنه كان مجرد جرذ صغير قبلها. حدث ذلك في العام 1956 عندما ألقى خطاباً
    في المؤتمر العشرين للحزب أمام البرلمان السوفيتي (الدوما) وفيه ندد بجرائم الرئيس السابق جوزيف ستالين، وبعد أن فرغ من حديثه
    وصلته ورقة من أحد الحاضرين كتب فيها (لماذا لم تقل هذا الكلام أمام ستالين وكنت من كبار رجاله؟) قرأ خروتشوف الورقة على المؤتمرين
    بصوت مسموع، ثم بإبتسامة ماكرة طلب من صاحب الملاحظة أن يعلن نفسه للحضور فلم يجرؤ، ولما طال الانتظار ضحك خروتشوف
    بصوتٍ عالٍ وقال (الذي دعاك للسكوت الآن هو نفس ما دعاني للصمت أمام ستالين آنذاك، لقد كنت خائفاً مثلك) فكم خروتشوف بين
    عصبته يا ترى؟ ثمَّ أننا نعلم أيضاً أن كثير من الرؤساء الأمريكيين كانوا يأتون بتصرفات غريبة ولم ينعتهم أحد بالجنون، فعلى سبيل المثال
    كان الرئيس السادس عشر ابراهام لينكلون مولعاً باعتمار القبعات الكبيرة، ولم يكن الناس يعلمون أن تلك القبعات كانت تحوي جيوب سرية
    يضع فيها لينكلون أوراقه وفواتيره ورسائله الخاصة. فتأمل كيف يمكن أن يكون الجنون فنوناً!

    في عالمنا الأفريقي تربع ثلاثة غريبي الأطوار على عرش الديكتاتورية، وهم فيدل بيدل بوكاسا وعيدي أمين دادا وروبرت موغابي،
    والأخير هذا مازال على سدة السلطة منذ العام 1980 وما زال يطمع في المزيد، والحقيقة ليس وحده فقد غادر دنيانا الفانية منتصف
    هذا العام بعد 42 عاماً من حياة حافلة بالقتل والسحل والفساد الرئيس الغابوني عمر بونغو، صاحب الرقم القياسي بلا منازع في السلطة المستدامة.
    كما أننا نحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه أن بين ظهرانينا العقيد معمر القذافي الذي يزحف حثيثاً لاحتلال تلك القمة،
    ذلك لأنه قضى حتى الآن أربعة عقود زمنية بالتمام والكمال وكانت عامرة بكل أعمال الخير والبر والإحسان.
    وفي تقديري من الظلم أن نصف تصرفات العقيد القذافي بالجنون كما درجت كثير من وسائل الإعلام منذ أن اسبغ اللقب عليه تهمكاً
    صنوه الرئيس المغدور أنور السادات، ذلك لأن شطحاته ما عادت تثير إنتباه أحد، ففي آخر تجلياته ما قرأته في الشبكة العنكبوتية عن أن سيادته تحدث
    في حفل أقيم بمدينة زليتن الليبية أوائل ديسمبر الحالي، وذلك بمناسبة منح الجامعة الأسمرية للعلوم الاسلامية له شهادة الدكتوارة الفخرية في الدعوة
    والثقافة الاسلامية، وكالعهد به إنتقد الغرب بمقاربات غريبة، قال (يمكن المقارنة بينهم والحيوانات، إن العنكبوت والنمل والنحل،
    هذه حشرات واصلة إلى درجة عالية جداً من التقدم والتقنية، فالهندسة التي عند النحل والإنشاء والبناء في بيت العنكبوت، حاجة مذهلة جداً،
    ومع هذا هي ليست إنساناً فهي حشرة) ثم تطرق لقصة سويسرا ومآذنها فانتقد الأصوات التي أعربت عن تفهمها لموقفها على أنه خوف من أسلمتها
    وقال (يا سلام..يعني إذا اصبحت سويسرا مسلمة هذا شيء يخيف؟) وأضاف مقتنعاً (نحن لا نتمنى أن تكون سويسرا مسلمة حتى لا تدخل الجنة،
    ولا يرضى عنها الله، نحب أن تظل في وثنيتها إلى يوم القيامة وتدخل النار) وأردف قائلاً (لسنا حريصين على السويسريين والذين معهم أن يدخلوا
    الجنة) وحتى لا يقال عنا ضرب لنا مثلا ونسى رئيسه، أبشِّر السامعين أن سيادة المشير يعد نفسه - بعد عقدين من الشرعية الثورية - للاستمرار
    في السلطة بانتخابات ديمقراطية حرة نزيهة! فالمصيبة التي يجب أن نعيها يا سادتي هي أن الديكتاتور أشبه بمن يقود سيارة في الاتجاه المعاكس
    للسير، ويعتقد نفسه إنه العاقل الوحيد في حين أن الذين يقودون سياراتهم في الاتجاه الصحيح هم المجانين أو بالأحرى الديكتاتوريين!

    أختم بالوصف الذي يسوؤني دائماً ويُفوِّر الدم في رأسي، وهو تقسيم من في السلطة إلى حمائم وصقور على صنو عقلاء ومجانين،
    والواقع إنني أمقته لا لسبب سوى لأنه يجعلنا نحن الرعية إما طرائد لتلك الصقور أو لحناً شجياً في سيمفونيات حمائمهم.
    ولكن دع عنك هرطقاتي هذه يا صاح، فأنا أريد فقط أن أسأل صاحب وصف المجانين أن يدلنا على العقلاء في عصبته ذوي البأس؟
    ذلك لأنني ببساطة أود أن أطمئن بأننا لا نكتب كلاماً لا يقرأونه ونقول حديثاً لا يسمعونه، أما أنت يا عزيزي القارئ
    فليس عندي لك من تمنيات في العام الجديد سوى أن يسبغ الله عليك ثوب الصحة والعافية، ويجري الحكمة على لسانك،
    حتى وإن طالتك أضغاث أوهام واضافتك إلى زمرة مجانين يحكمهم عقلاء!!



    عن صحيفة الأحداث 27/12/2009




                  

01-02-2010, 06:34 PM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: Egbal Elmardi)
                  

01-02-2010, 06:58 PM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: Egbal Elmardi)


    إنتخابات مقيدة ومزورة وتظاهرات حرة نزيهة ...

    بقلم: فتحي الضَّـو



    كانت له كاريزما خاصة أينما هطلت أتاه خراجها. فعندما خطا داخل القاعة الضيقة بقامته المديدة إزدادت إتساعاً
    . وعندما طفق يوزع التحايا بصوته الجهير على الذين يصادفهم في طريقه للمنصة، كان كأنه ينثر الأمل في دروب جففها اليأس.
    وعندما استقر مكانه راح البعض يتمعنه من أخمص قدميه وحتى بقايا شعره المتناثر على رأسه. بل لم يجد البعض حرجاً من أن يكروا
    البصر مرتين وثلاث كأنهم ينظرون لقادم جاء للتو من كوكب آخر يحمل في يده بشارة النصر. واقع الأمر لم يكن هذا السيناريو
    الذي نعيده للأذهان بعد مرور سنوات مجرد استثناء في اجتماعات هيئة قيادة التجمع الوطني الديمقراطي، بقدر ماهو القاعدة عندما يكون
    الراحل دكتور جون قرنق دي مابيور طرفاً فيها. وما نحن بصدده الآن تحديداً كان بُعيد مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية وقُبيل بدء
    العمليات المسلحة التي اكتسحت
    الجبهة الشرقية على طول الحدود، بدءاً من قرورة شمالاً، مروراً بهمشكوريب في محور الوسط، وإنتهاءاً بالكرمك وقيسان جنوب النيل
    الأزرق. يومذاك بدأ دكتور جون يقرأ في خطاب معد سلفاً بلغة انجليزية رفيعة، قدم فيه تحليلا عميقاً وشرحاً وافياً للأوضاع، وخلص فيه
    إلى عبارة سارت بها الركبان (إن هذا النظام لا يمكن اصلاحه بل يجب التخلص منه)This regime can not be improved, so it should be removed. فإلتهبت الأكف بالتصفيق، وتشابكت نظرات الاعجاب، وهفت نفوس كأنها تلقت فتوى دينية في معضلة دنيوية احتارت في كيفية التعامل معها.
    والواقع أن بعضها كان بالفعل في حاجة لمشروعية أخلاقية يبرر بها حمل السلاح الذي استنكفه زمناً. ومنذاك الوقت صارت تلك العبارة بمثابة تميمة لبسها
    كثير من المعارضين قلادة في أعناقهم، بل كان هناك من ينسبها لنفسه عندما تستبد به نشوى التصريحات الصحافية. ولم يكن ذلك مهماً بقدر ما المهم أنها
    اصبحت ترياقاً لحديث الرئيس نفسه الذي دعاهم للمنازلة بالسلاح إن كانوا حقاً يريدون السُلطة.. التي خطبت عصبة القائل ودَّها بذات السلاح!

    كان دكتور جون (كما يحلو للجميع أن ينادونه بهذا اللقب اختصارا) من جنس سياسيين يعنون ما يقولون ولا يقولون ما لا يفقهون. كان يدرك تماماً عمق تأثير
    كلماته في نفوس وعقول متلقييها، ولهذا فهو ينتقى عباراته بمهارة فائقة، وبحسابات دقيقة لا تترك شاردة ولا واردة إلا واحصتها. من أجل هذا لم يواجه مأزقاً
    حرجاً عندما سألناه وسأله صحفيون كُثر فيما بعد عن فحوى تلك العبارة الجزلى، فيجيب معيداً للأذهان مرجعية مقررات مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية
    1995 والتي حددت وفصَّلت الآلية التي ينبغى اتباعها في معارضة النظام بطريقة عملية في ثلاثة خيارات، أولاً: الضغط السياسي والدبلوماسي،
    وثانياً الانتفاضة الشعبية وثالثاً العمل المسلح، وكان التجمع االوطني الديمقراطي يومئذ في أوج عنفوانه وقوته، وذلك بعد التحاق الحركة الشعبية لتحرير
    السودان به، كأول خطوة في التاريخ السياسي السوداني تجمع بين إرادتين شمالية وجنوبية. ووفقاً لتلك الوضعية كان نشاطه قد تركز تلقائياً في الخارج،
    ممتلكاً نواصي الخيارين الأول والثالث أما الأوسط فلا قِبل له به لأن مسرحه كان في الداخل، ومع أن ذلك كان سبباً كافياً لأن يجعل دكتور جون يحجم
    أو يقلل من ذكره، إلا أنه ظلَّ يردد عبارة (الانتفاضة الشعبية) بذات الزخم اللفظي في احاديثه باللغة الانجليزية حتى ظننا أن فاعل خير دفع بها إلى قاموس
    وبستر Webster ثم مضى الحال على ذاك المنوال إلى أن أناخ الراحل بعيره في محطة نيفاشا العام 2005 من دون أن يتسنى له أو للتجمع الوطني
    تطبيق الخيار الثالث أو الفريضة الغائبة على أرض الواقع!

    لكن إن شئت الدقة لم يكن دكتور جون يعرف عن الانتفاضة الشعبية شيئاً سوى معنى الكلمة ونطقها، أي أنه يتحدث عن شيء لم يتسنى له
    معايشته على أرض الواقع كما ذكرنا، وإن شئت الدقة أكثر يمكن القول أن أي من كوادر الحركة الشعبية لم يكن بأحسن حال من قائدهم
    في معرفتهم بخبايا العبارة، ذلك عدا ياسر عرمان الذي انضم للحركة الشعبية في أعقاب إنتفاضة ابريل 1985 والمفارقة أنها ذات الانتفاضة
    التي لم تعترف بها الحركة الشعبية، ولم تتعامل معها كحدث هام وضع بصماته في تاريخ الشعب السوداني، ولا كعمل ثوري ينبغي الاحتفاء به،
    بل على العكس تماماً فقد قللت من شأنها حتى كاد أن يعافها الناس. بيد أن ياسر عرمان نفسه - الذي كان استثناءا في معايشته لها - كان مطلوب منه
    ضمنياً أن يقمع أي مظاهر حفاوة بإنتفاضة أبريل تلك بإعتبارها رجساً من عمل أزلام الرئيس المخلوع نميري لا تتسق وأدبيات الحركة الشعبية.
    على كلٍ مضت الحركة الشعبية في طريقها المفروش بالسلاح والمعبد بالحرب، تصعد حيناً إلى قمة الجبل حتى تكاد تظن انها بلغت ذراري الحلم،
    وفجأة تسقط من شاهق دون أن تلفظ أنفاسها الأخيرة فتحمل الصخرة من جديد. ولأن السلاح أصدق انباءً من الكتب، كما قال المتنبئ
    كان للرصاصة التي اطلقتها الحركة الشعبية دوي هائل لفتت أنظار كثير من المراقبين الذين يقفون دوماً على حافة الانتظار،
    فتقاطروا صوبها من الشرق والغرب وآخرين بين ذلك قواما، وكان ذلك كفيل بأن يمضى قائدها وزعيمها صاحب الكاريزما الفريدة
    متأبطاً البندقية في شماله والدعم السياسي والدبلوماسي في يمينه، أما الانتفاضة الشعبية فلأسباب كثيرة كانت نسياً منسياً!

    بالطبع كانت اسباب النسيان كثيرة، ولكن يبقى أهمها طبيعة النظام نفسه الذي يعارضه قرنق وحلفاؤه. فمنذ اللحظة التي دالت له فيه السلطة
    بعد الانقلاب العقائدي، عمل نظام الجبهة القومية الاسلاموية بكل ما أوتي من قوة وجبروت على ابطال مفعول خيار الانتفاضة الشعبية والعصيان المدني
    بإعتبار انه الخيار المجرب والذي اشتهر به الشعب السوداني في اسقاط الأنظمة القمعية والديكتاتورية. فجنح إلى تشريد عشرات الآلاف من وظائفهم
    بذريعة تسمية بغيضة وهي الفصل للصالح العام، وألحق ذلك بحل النقابات والاتحادات المهنية، لتحل محلها كيانات هلامية بديلة بغية ضمان ولائها،
    ثم أشهر سلاح البطش والقوة والقسوة البالغة في وجوه معارضيه، منهم من قاوم وقضى نحبه، ومنهم من ضرب أكباد الأبل ابتغاء حياة كريمة
    في فجاج الأرض. والمفارقة أن النظام نفسه ساعد في خيار تفريغ الوطن من بنيه، ولم يكن ليقلق العصبة ذوي البأس أنها كان يمكن أن تصبح
    وتجد نفسها تحكم أرضاً بلا شعب. بل أن الذي كان يقض مضاجعها بالفعل كيفية توطيد أركان سلطتها حتى لو كان ذلك ثمنه الانسان نفسه.
    وكان ذلك مناخاً مؤاتياً لانقسام المجتمع السوداني بين موالين ومعارضين، وفي خضم ذلك برزت حمم العصبيات وتأججت نيران القبليات
    وارتفعت وتائر الجهويات. لم يكن النظام يدرك هذا ولا مخاطر تديين حرب بزعمه أن وقائعها تجري بعيداً عن آذان أهل العاصمة الخرطوم
    مركز التنوير والتغيير، كما ظنَّ أن الضغط السياسي والدبلوماسي مجرد تهويمات لن تفضي إلى نتيجة، وبالطبع كانت حساباته تلك خاطئة
    - كالعهد به دوماً - لأن الوسائل الثلاثة سرعان ما تكاملت وأفضت إلى واقع لا تريد العصبة أن تفتح عينيها لترى حقيقته،
    ولا تريد أن تعمل فكرها لتدرك معانيه!

    على هذا المنوال مضى التاريخ السوداني يحمل أثقاله، وإختصارا لمحطات كثيرة بالغة التعقيد وعصية الفهم،
    تكامل الخياران الأول والثالث تحديداً وأديا إلى توقيع اتفاقية السلام (نيفاشا) ولحقت بها اتفاقيات أخرى في القاهرة واسمرا وابوجا،
    لكن النظام الذي مثل قاسماً مشتركاً بينها، أتضح أنه لا يريد ان يكون صادقاً ومخلصاً لما وقع عليه،
    وكان يظن أن التوقيع هو من أجل استغفال هذه القوى وتهميشها، وذلك بمنحها سلطات صورية في حين تظل القبضة المركزية في يده،
    وهو فهم بائس وقاصر لمعنى المشاركة في الحكم، لكن المهم أنه بهذا المنظور وجدت الحركة الشعبية نفسها متكأً لطموحات عصبة المؤتمر الوطني،
    فدخلت في اضابير متاهة كبرى، إذ علاوة على ألاعيب المؤتمر الوطني وجدت نفسها في واقع لا تعرف تضاريسه ومع شريك يصعب الثقة فيه
    فإختلطت عليها حسابات الحقل والبيدر، ولم تعرف من أين تبدأ وأين تنتهي؟ صحيح أن ثمة أخطاء ارتكبتها الحركة الشعبية نفسها منذ نيفاشا
    ومشاركتها المؤتمر الوطني السلطة، لكن ذلك لا يمكن أن يوازي شيئاً مع النهج المخادع والمراوغ الذي ظل يمارسه المؤتمر الوطني نفسه،
    وهو العمل على تأزيم الأوضاع في الجنوب لكي تدرك الحركة الشعبية بأن التحالف مع المؤتمر الوطني هو طوق النجاة، وكذلك التباطؤ المقصود
    في إجازة قوانين التحول الديمقراطي حتى لا يتهيأ للحركة الشعبية مزيد من الحلفاء بحسب تقييمه للأمور،
    إلى جانب رعاية خصوم الحركة الشعبية ودعمهم مادياً ومعنوياً بغرض زعزعة الأرضية التي تقف عليها،

    وأخيراً استخدام وسائل افساد متعددة لتشتيت كوادرها وبعثرة ثقتهم. ونتيجة لذلك بدأت التناقضات تطل برأسها من حين آخر،
    في شكل أزمات متكررة ومتطاولة!

    أقر بأنني كلما سمعت عبارة إنتخابات حرة ونزيهة تحسست قلمي، وفي الواقع من كثرة ترديدها هكذا، ظننا أن الجملة كلها عبارة عن كلمة واحدة،
    كلما طلَّ علينا أحدهم يقول لنا بأوداج منتفخة وفم يتطاير منه الرذاذ: نريد إنتخابات حرة ونزيهة، مع أن الأصل في أي انتخابات أن تكون حرة ونزيهة،
    والنزاهة شيء أصيل في الانتخابات لا يستوجب الذكر، والحقيقة لم اسمع طوال عمري أن دولاً في هذا العالم ممن لها باع طويل في مضمار الانتخابات
    الديمقراطية أنها ادعت ممارسة إنتخابات حرة ونزيهة. في حين أن الذين يرددونها آناء الليل واطراف النهار ما دروا أنهم يسقطون رغائبهم في التزوير
    أو ربما الشروع فيه. ولعل ما حدث في الأيام الفائته دليل على ذلك. فالمعارضة أزمعت ممارسة حق ديمقراطي أصيل وهو الخروج في مسيرة سلمية
    لتقديم مذكرة للجهة المناط بها انجاز قوانين التحول الديمقراطي وهي المجلس الوطني، لأنه لا يمكن أن تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة في ظل قوانين قمعية.
    لكن السلطة التي تظن أنها قوامة على السودان وأهله، تهيأ لها على الفور إن هذه المسيرة تهدف إلى إزاحتها عن السلطة بالوسيلة المؤجلة،
    وعملت على الفور على اتخاذ اجراءات ترغيبية وارهابية لتخويف المتظاهرين إذ أعلنت عن عطله لم يكن لها ما يبررها،
    وادعت إنها جاءت بطلب من مفوضية الانتخابات وهو ادعاء باطل لأن كثير من المواطنين خاصة الذين آوا إلى فراشهم مبكرين لم يسمعوا بها،
    علاوة على البيان التخويفي الذي أعاد للذهان مقولة ذلك الفتي الثائر (من أراد أن تثكله أمه...) ثم عزل العاصمة المثلثة عن بعضها البعض
    وجعلها جزرا متقطعة، بالاضافة إلى التعامل بعنف مع كل من وصل لمكان التظاهرة واعتقال العشرات، وكلها اجراءات قمعية
    تدل على أن السلطة لا تريد سوى مسيرات النفاق التي تؤيدها، والمفارقة أنها تبيح لنفسها الخروج في مظاهرات وتبيح لنفسها اقامة الليالي السياسية،
    بل تسخر كل أجهزة الدولة لتغطيتها بما في ذلك وسائل الاعلام التى تتباري في نقل الحدث،
    وعندما يزمع معارضوها أن يفعلوا ما هو أدنى من ذلك يكون مصيرهم الويل والثبور. وهنا لابد أن يتساءل المرء
    هل تظن عصبة المؤتمر الوطني أن هذا الوطن اصبح حكراً لها؟
    هل تعتقد عصبة المؤتمر الوطني أنها الوحيدة التي يحق لها البت في شئونه؟
    هل يظن عصبة المؤتمر الوطني أنهم الوحيدون الحريصون على هذه الوطن وغيرهم خونة يستحقون السجن والاعتقال وتكميم الأفواة؟

    بغض النظر عن أن عصبة المؤتمر الوطني لا تؤمن اساساً بالديمقراطية كمنهج حكم، فهم لا يريدون إنجاز عملية التحول الديمقراطي على الوجه الأكمل
    نسبة لقناعتهم أن التحول الديمقراطي يعني لف الحبل حول رقابهم وذلك جراء الممارسات التي كانت طيلة العقدين الماضيين.
    وفي واقع الأمر أنهم يفوتون فرصة ثمينة على أنفسهم، بما يمكن أن تهييء لهم الإفلات من المحاسبة،
    وذلك بالمضي قدماً في تنفيذ اتفاقية السلام بحذافيرها دون خوف أو وجل من شبح التفكيك الذي يسيطر على ذهنية قادته،
    لأن في واقع الأمر التفكيك أمر قائم، فالنظام الحالي لا يمكن التأمين على أنه نظام اسلامي أو نظام نظام علماني،
    هو نظام أصدق ما يمكن أن يوصف به أنه (لحم رأس ) وفقاً للتعبير السوداني الدارج،
    أي نظام هجين من اسلامويين وعسكريين واصوليين وجهويين وبقايا أحزاب تقليدية وانتهازيين وتنظيمات أثنية. فعلام إذاً الخوف من التفكيك الذي هو أمر قائم أصلاً؟ في حين أن التفكيك الذي تتوخاه اتفاقية السلام (نيفاشا) أفضل حالاً لأنه خالٍ من المحاسبة من جهة ويهييء موطيء قدم للعصبة نفسها في النظام الذي يقوم على أنقاض النظام المفكك وبذا قد تكون نالت الحسنين!

    الواقع أن هذا النظام يريد ما يتوافق مع هواه، فهو يريد إنتخابات مقيدة ومزورة، تأتي نتائجها لصالحه حتى يستمر في السلطة وفق أهوائه ورغائبه،
    ومن جهة ثانية هم يريدون تظاهرات حرة ونزيهة تدعم سلطتهم تلك ولا تزعزع راحتهم!
    وعليه أرى أن تلك مقدمات كفيلة باستخلاص النتائج والعبر والدروس، فعلى قوى المعارضة وعلى رأسها الحركة الشعبية
    إعتبار ما حدث يوم الأثنين وما سبقه من وقائع ورد ذكرها دليل كاف على أن العصبة ذوي البأس لا تريد تحولا ديمقراطياً حقيقياً،
    وليست صادقة في اقامة انتخابات حرة ونزيهة، وطبقاً لذلك تصبح مقاطعة هذه الانتخابات واجباً وطنياً,
    فلا يظنن عاقل بأن ما عجزت السلطة عن انجازه في اربع سنوات يمكن ان تفعله في بضع شهور.
    وصدق ايليا أبو ماضي حينما قال: من اشتهى الخمر فليزرع دواليها!!

    Sudanile
                  

01-02-2010, 07:27 PM

أحمد طراوه
<aأحمد طراوه
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4206

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: Egbal Elmardi)


    رصد فتحي الضو نظام الإنقاذ قائلا:

    فمنذ اللحظة التي دالت له فيه السلطة
    بعد الانقلاب العقائدي، عمل نظام الجبهة القومية الاسلاموية بكل ما أوتي
    من قوة وجبروت على ابطال مفعول خيار الانتفاضة الشعبية والعصيان المدني .. إنتهي

    تحياتي للناشطة الهميمة إقبال المرضي وكل قوى التحول الديمقراطي بفيلي

    .. و لكنني ارى شعبنا ينهض و يتلمس وسائله و دروبه لإنتفاضة جديدة !
    قطعا ستكون إمتداد و تراكما نوعيا ل ( اكتوبر و ابريل )
    لكنها ستاتي طارحة خصائصاها الفريدة الجديدة (شكلا و محتوى)

    .. و حتى لو فاز البشير بنسبة 99.9 % فسيظل قانون الإنتفاضة و فعلها التاريخي ساريا
    لدي شعور بان شعبنا سيصفي حساباته مع البشير، قبل ان تطاله ايدي اوكامبو - و روزماري ريكاردو .. و الشرعية الدولية
                  

01-04-2010, 04:41 PM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: أحمد طراوه)

    Quote: رصد فتحي الضو نظام الإنقاذ قائلا:

    فمنذ اللحظة التي دالت له فيه السلطة
    بعد الانقلاب العقائدي، عمل نظام الجبهة القومية الاسلاموية بكل ما أوتي
    من قوة وجبروت على ابطال مفعول خيار الانتفاضة الشعبية والعصيان المدني ..



    أحمد...
    كيفك يا دكتور
    وكل سنه وإنت طيب

    فعلاً زُغب الإنتفاضه النامى بقوه يقلق مضاجع الإنقاذيين
    لعلمهم بأن النسر لا يفرخ إلا نسوراً


    تحياتى
    إقبال

                  

01-06-2010, 03:56 AM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: Egbal Elmardi)

    Quote:


    استقلال السودان: رؤية من نيويورك/د. أسامة عثمان
    Jan 6, 2010, 01:55




    د. أسامة عثمان

    [email protected]



    دعت اللجنة الثقافية للرابطة السودانية الأمريكية بنيويورك لندوة احتفالا بالذكرى الرابعة والخمسين لاستقلال السودان في دارها بمنطقة بروكلين وأدارها باقتدار الأخ الصادق الزين السكرتير الثقافي للرابطة ،وكان المتحدث الرئيسي فيها هو الدكتور أحمد عبد الفتاح المعروف بأحمد طراوة وهو طبيب سوداني وناشط وباحث مهتم بالشأن السوداني والأفريقي وله بحوث منشورة عن الأغنية السودانية وبحوث أخرى من أهمها مقال له قدمه في مؤتمر جمعية الدراسات السودانية الأمريكية في بيركلي في كلفورنيا في الرد على مقال مشهور للمفكر الأمريكي فرانسيس فوكوياما عن الدولة الاستعمارية في أفريقيا ومشكلة دارفور نشرته النيويورك تايمز في عام 2007، وكانت جريدة الصحافة السودانية قد ترجمت ذلك المقال ونشرته بحسب إفادة الصحافي علاء الدين بشير الذي حضر الندوة وشارك فيها بالنقاش.



    يرى الدكتور طراوة أن حديثه يأتي في إطار محاولات الفرصة الأخيرة لأن عام 2010 لن يكون عاما عاديا في السودان. ويؤكد على أن إحساسه الشخصي هو أن أحداثا عظاما ستقع في خلال هذا العام، وأن البلاد على حافة الهاوية وستدخل مرحلة الإجابة على السؤال الوجودي بأن تكون أو لا تكون، حيث أن الكيان الذي يضم الحيز الجغرافي المسمى "السودان" والذي ولد في لحظة تشكل مهمة تمثلت في تحالف عرب القواسمة العبدلاب مع المجموعة المستعربة المعروفة باسم الفونج في ما سماه بتحالف "جبل موية" قبل حوالي خمسمائة عام. ذلك الكيان الذي أضاف إليه محمد على باشا الكبير أجزاء أخرى من بينها الجزء الجنوبي ثم توالت الإضافة والإلحاق في دولة ونجت باشا لتضم دارفور في عام 1916، كآخر قطعة في الموزايكو المسمى الدولة السودانية. هذا الكيان المتشكّل عبر هذه الصيرورة التاريخية قد يبدأ انفراط عقده خلال العام الجاري، كيف يكون الانفراط وشكله ودينامكيته هذا ما ستجيب عليه أحداث عام 2010. ويتساءل الدكتور طراوة إن كان هذا المآل هل هو وليد ومسؤولية الدولة المستقلة التي نحتفل بعيد ميلادها الرابع والخمسين أم أن خللا بنيويا في التركيبة التي لم تكتمل كان لا بد أن يقود إلى هذا لمآل.



    يشير طراوة أيضا إلى أن ما يعرف في العلوم السياسية بالنموذج الأوروبي الذي تمثل في تشكّل الأمة أولا ثم قيام الدولة ومؤسساتها لا ينطبق على الكيان السوداني الذي جرت فيه محاولات لبناء الدولة قبل تشكّل الأمة، ويشير إلى ما كتبه معارضا أطروحة فوكوياما المشار إليها أعلاه والتي تتخلص في أن إقليم دارفور سينفصل لا محالة عن الكيان السوداني الذي هو كيان مصطنع ومركّب بشكل لا تلاحم فيه شأن الدولة التي نشأت بعد الاستعمار في أفريقيا. ويعترض الدكتور طراوة على هذا الطرح ويرى أن هنالك من آليات التلاحم التفصيلية التي لا يعرفها فوكوياما المتمركز في الحالة الأوروبية ومحاولة تطبيقها على التجارب الإفريقية عموما وتجربة السودان على وجه الخصوص.



    ويشير أيضا إلى أن تجربة تنموية غير مسبوقة مثل تجربة مشروع الجزيرة الذي أقامه الاستعمار البريطاني لخدمة أهدافه الاستعمارية قد مثل عنصر استقطاب وانصهار لجميع العناصر في السودان ومن مختلف الأصقاع على الرغم من وجود بعض المجموعات في وضع هامشي من سكان «الكنابي» في مقابل أصحاب الحواشات ولكن هذه التجربة التي تواصلت في مختلف مراحل الحكم الوطني ليتم إجهاضها في عهد الحلقة الحالية من الحكم الوطني لتقع تصفية المشروع في مقابل نموذج التنمية الحالي المتمثل في البترول وبناء السدود وكلاهما لا يسهم في بناء الأمة.



    ومضى الدكتور طراوة في مفاكرة بروكلين تلك لاستعراض مفصّل لحالة الانتكاس لمسيرة بناء الدولة في السودان مما قاد لحالة الأزمة الشاملة وانسداد الأفق التي تعيشها البلاد في فجر الذكرى الرابعة والخمسين لاستقلالها بشكل يختلف عن كل ما عرفه أهل السودان منذ الاستقلال. وأشار إلى أنه على الرغم من الإعلان عن انتخابات عامة وصدور جدول قيامها لا يعرف معظم الناس حتى الآن إن كانوا سيشاركون في الانتخابات أو لا يشاركون وهذا وضع غير مسبوق، حيث لم تتح للسودانيين فرصة لانتخابات حقيقية من قبل وترددوا في المشاركة فيها، ولقد تبين من بين جميع الحاضرين في القاعة أنه لم يتمكن غير شخص واحد من التسجيل للمشاركة في الانتخابات القادمة ربما بسبب عدم الحرص أو بسبب الشروط التعجيزية التي وضعت لتسجيل السودانيين في المهجر والتي أدت إلى تسجيل أقل من مئتي شخص في منطقة نيويورك الكبرى التي تضم ثلاث ولايات هي نيويورك ونيوجرسي وكاناتيكيت وبلغ جميع من سجلوا في أمريكا أقل من ألف شخص فقط من جالية يفوق تعدادها مئتي ألف مواطن سوداني.



    ولقد خلص الدكتور طراوة إلى بعض المسارات التي قد يكون فيها المخرج من بينها حالة الإصرار لعدم العودة إلى الحرب التي يعلنها شريكا الحكم، وبشريات الحراك الذي وقع نهاية العام في شكل تظاهرات عبرت عن تطلعات شرائح متباينة ولكنها تتفق في البحث عن بديل عن ما هو راهن عن طريق المدافعة السلمية وآلياتها. كما أشار إلى أن الانتخابات التي قد تقوم أو لا تقوم واستمرارية حالة العجز الراهن حتى إذا قامت ربما تجعل المجتمع الدولي يخرج من تحت قبعته ما يكسر به حالة الجمود والعجز التام الذي تعيشه البلاد. ولفت النظر إلى ضرورة القيام بمحاولة قراءة نفسية لفهم مواقف سياسيين تقليدين كبار من أمثال السيد الصادق المهدي أو السيد محمد إبراهيم نقد حيث تدل تصريحات كل منهما على أنهما ليسا منزعجين من المسار الذي يلوح في الأفق لأنهما لا يعتقدان بأن الانفصال إذا وقع سيكون هو نهاية المطاف لأن الجنوب سيعود ليتحد بالشمال يوما. ولا يرى د. طراوة سببا لتوفر هذه القناعة واليقين لدى الرجلين لأنه يرى من تجارب الأمم أن الانفصال إذا وقع لن يعود الجنوب والشمال ليشكلا كيانا متحدا من جديد. وما على السيدين فيما يرى الدكتور طراوة، إن وقع الانفصال، غير الانكفاء على كيانهما الدنقلاوي الصغير لأن حبات العقد المنفرط لن يبقى فيها شيئ أكبر من ذلك.



    ولقد عقّب بعض الحاضرين على النقاط التي أثارها المتحدث الرئيسي وكان من بين المعقّبين الأستاذ عثمان حميدة، الباحث في مجال حقوق الإنسان الزائر إلى نيويورك، الذي أشار إلى أن فشل النخب في دولة ما بعد الاستقلال في إقامة دولة مؤسسية ذات استمرارية، ويشترك في ذلك الفشل جميع أصحاب المشروعات يسارا ويمينا وأن أهل الإنقاذ قد دفعوا بمشروعات الفشل إلى نهايتها في تصوّرهم لشكل الدولة والحكم وما ينبغي أن يكون عليه أهل السودان فيما أسموه "المشروع الحضاري". وأكّد على أن فكرة إعادة صياغة الإنسان قد اصطدمت من قبل في تجارب أخرى، فمحاولة إعادة صياغة الإنسان السوداني لا تختلف عن محاولة صنع الإنسان الاشتراكي، ولقد فشلت هذه التجارب لمخالفتها للفطرة الإنسانية، وعليه فإن أية محاولة من الكيانات القديمة لاستبدال أهل الإنقاذ أو التحالف معهم هي عبارة عن إعادة إنتاج للازمة، والأفضل فيما يرى هو إدارة حوار حقيقي يطرح الأسئلة الصعبة بين مكونات هذه النخب، بما فيها مجموعة الإنقاذ، لقراءة أسباب الفشل واستكناه آفاق الحلول.



    ومضى الصِّحافي علاء الدين بشير في الاتجاه نفسه حيث أشار إلى أن نخب ما بعد الاستقلال قد عجزت في وضع إطار يستوعب السودان بكل مكوناته وفصلّت رؤيتها للوطن في ثوب يضيق برحابته وتنوعه وحاولت إدخال الجميع قسرا في ذلك الثوب الضيق مما جعلها تواجه المآزق الحالية. كما أشار إلى أن تسوية نيفاشا قد وضعت الأساس لتفكيك الدولة السودانية وإعادة تركيبها لتكوين سودان جديد ولكن البعض في نخبة الإنقاذ قد رأى في نيفاشا تجاوزا للمقبول في إطار الدولة الاستعمارية الموروثة ورأى فيها مهددا للأمن القومي السوداني وفقا للتصور الذي قامت عليه الدولة بعد الاستقلال وبيتوا العزم على إجهاضها وتقويضها من خلال التطبيق لأنها قد فرضت عليهم من قوى خارجية واستشهد ببعض تصريحات ومواقف لنافذين من أهل الإنقاذ تدل على هذا الفهم. واستفسر المتحدث عن الإفصاح أكثر إن كانت إشارته إلى حل يخرج من قبعة المجتمع الدولي تقوم على معطيات معينة أم هي محض تخمين كما طلب منه إيضاحا أكثر في اختلافه مع أطروحة فوكوياما.



    وعزا الدكتور هشام عثمان الأزمة إلى النظام التعليمي الذي ينتج فردا سودانيا مكابرا وذلك أس البلاء الذي يعطل القدرة على استنباط الحلول وينتج نخبة أنانية تتمحور حول ذاتها وتدمن الفشل. وأكد على ذلك أيضا السيد عثمان أبو جنة، نائب رئيس الرابطة، الذي أشار أيضا إلى وجود استعلاء لدى النخب قاد إلى قهر أو محاولة قهر مجموعات أخرى في المجتمع. ويرى أن من الأفضل الإقرار بذلك ومحاولة جبر الضرر عن طريق التمييز الإيجابي.



    أما الفنان التشكيلي خالد كودي الذي يعمل محاضراً في إحدى كليات بوسطن فقد ركّز على أن الاستعلاء الديني الذي يمارسه المسلمون في السودان على غيرهم من أصحاب المعتقدات الأخرى هو الذي يحول دون التلاقي وأنه ما لم تتخلّص النخبة العربية الإسلامية من محاولات إقحام الدين في أمور الحكم والسياسة لن يستقيم الأمر في السودان، وأن "المشروع الحضاري" هو شكل من أشكال المشروعات الفاشية التي برزت وفشلت في تجارب أخرى. ولقد أسهم متداخلون آخرون بأفكار متفرقة إثراءً للنقاش أو بطرح تساؤلات على المتحدث الرئيسي.



    وبهذه الندوة تستهل اللجنة الثقافية للرابطة السودانية بنيويورك برنامجا لندوات مماثلة بعد أن كان قد أقعدها عن ذلك الجدل العقيم الذي يصيب مجتمعات السودانيين في المهجر عن دور الجاليات والروابط وصلتها بالسفارات والفاصل بين ما هو ثقافي وما هو سياسي حيث يكون الحوار في معظم الأحيان انعكاسا لحالة الاحتقان التي يعيشها الوطن في الداخل. يرى بعض الناس أن على الجاليات والروابط الاهتمام بالشؤون الاجتماعية للأعضاء والابتعاد عن السياسة لأنها عنصر يفرّق بين الناس. ويعتقد البعض الآخر أن الرابطة أو الجالية هي انعكاس لما يجري في الوطن وإن كان الراهن السياسي مما يشغل الناس فلا بد لتجمعات السودانيين من تناوله وعدم الهروب منه بدعوى أن السياسة تفرّق بين الناس. ويرى آخرون أن الجالية هي بالضرورة صوت الوطن والوطن عندهم هو الحكومة القائمة وما لا يتفق مع رؤية الحكومة القائمة فهو بالضرورة ضد الوطن! وتبعا لهذا الفهم يرون أن أي نشاط يقوم به من يختلفون مع الحكومة هو "سياسة" ولا يتفق مع دستور الجاليات وما تقوم به وفود الحكومة أو الحزب الحاكم هو نشاط عادي من صميم عمل الجاليات. وفي اعتقادنا أن النجاح في إقامة برنامج اجتماعي وثقافي فعاّل ومفيد لمجموع السودانيين في المهجر يتناول شؤون الوطن في كلياتها يتوقّف على توفّر مجموعة من الأفراد أصحاب الخيال والمثابرة وهؤلاء قد تجدهم في مختلف مكونات الوجود السوداني في الخارج الرسمي منه والشعبي.



    *نشر بجريدة الصحافة ليوم الثلاثاء 5 يناير

                  

01-06-2010, 04:18 AM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: Egbal Elmardi)

    Quote:

    حكومة كمال عبد اللطيف الإلكترونية



    فتحي الضَّـو



    [email protected]



    على الرغم من أن القراء الكرام ليسوا مطالبين بتذكُّر ما كتبت، إلا أنه لابد وأن الذين يتابعونني من غير البصاصين يتذكرون
    ما قلته في مقال سابق من أنني أعد واحداً من مدمني مشاهدة قناتنا (القومية) الفضائية. وبررتُ هذه العلاقة المريبة بقناعتي
    في أن وطنيتي لن تكتمل إلا باستضافتها في عقر داري. لكن أكثر ما يسؤني أنني لا استطيع ممارسة هذه الهواية إلا تلصصاً.
    وقد يعجب البعض من هذه المازوخية أو الماشوسية التي أمارسها مع نفسي (حب إيذاء وتعذيب الذات باعتبارها ضحية والتلذذ بذلك)
    لأنه على العكس تماماً فقد رسخ في أذهان كثير من المشاهدين أن القائمين على أمر هذه القناة هم ساديون ينتشون بتعذيب ضحاياهم
    بلا رأفة أو رحمة. ولسوف اقتنص هذه السانحة لأفصح أكثر عن مكنون السر الدفين في أجندة هذا الاهتمام العظيم، أو بالأحرى
    سأكشف عمَّا ظل يثير فضولي، فلربما عذرني من أنذرني خفية أو نصحني علناً بالكف عن ممارسة هذه العادة السرية. هم معذورون
    لأنهم لا يعلمون انني أفعل كل ذلك من أجل أن أنعم بمشاهدة لقطة عابرة لا تتوقف عندها الكاميرا إلا لماماً، وهذا عين ما تفعله
    (كليبات) مشاهير الفنانين في أغانيهم المُصوَّرة من باب التشويق والإثارة والجاذبية. لكنني أقِرُّ أنه من كثرة إدماني لهذه القناة
    فقد دأبت على إنتظار هذه اللقطة الفريدة واتحرى رؤيتها مثلما يتحرى الصائم رؤية هلال رمضان، والحقيقة ما أن أنال مبتغاي
    هذا إلا وأشعر بسعادة غامرة تجتاح كياني وتنتابني موجة من الفرح الطفولي، لا يفسده شيء عليَّ.. سوى مشاهدة أحد اساطين
    المعارضة الذين تطلق عليهم حكومتهم السنية لفظ الطابور الخامس!

    لأن اللبيب بالاشارة يفهم فلا شك عندي أن جموع القراء قد أدركت أن اللقطة التي أتحراها هي الجلسة الاسبوعية لمجلس
    الوزراء الموقر (قد يرى البعض أن مصطلح اجتماع أوقع، لكن رأيت أن تعبير جلسة اكثر واقعية، لأن لها ما يماثلها في ثقافتنا الشعبية،
    بل حتى وسائل إعلام النظام نفسه تقول ذلك أيضاً وتبدو غير مكترثه بالايحاءات السالبة) المهم كثيراً ما شعرت بالشفقة على المصور
    التلفزيوني الذي يجتهد لادخال ما يربو على سبعين وزيراً أو يزيد في لقطة شاملة كيما تملأ الشاشة ولتملأ خياشيم مشاهديه بالنشوة الكبرى
    أيضاً. لكن بدا لي وللمصور بالطبع أن ذلك أمراً مستحيلاً في ظل الكثرة الكاثرة. ولهذا أراه عندما يتعذر عليه أخذهم أخذ عزيز مقتدر
    بـ (الجملة) فإنه يعمد لانجاز مهمته تلك بـ (القطاعي) فيمر عليهم الواحد تلو الآخر بتؤدة ومهل تكاد تطلع فيها روح المشاهد إلي بارئها.
    ثمَّ لأسباب حضارية بحنة مرتبطة بشغفي بالتكنلوجيا وآلياتها تزداد سعادتي حينما أشاهد وزيراً واحداً من بين السبعين مستوزراً
    يضع جهاز الكمبيوتر المحمول (لاب توب) أمامه، وأراه منهمكاً يحدق باهتمام بالغ في الشاشة كمن يطالع في أمر جلل. ثمَّ يتجلى
    لي إنهماكه الصادق في عدم إكتراثه بالكاميرا وأفاعيلها، وذلك على عكس آخرين ما أن تطوف عليهم هذه الكاميرا الخبيثة إلا وتراهم
    قد تباروا في إظهار سمات التفكير العميق الذي يدل على أنهم يحملون هموم الأمة السودانية، بل أن بعضهم يزيد بتقطيب جبينه ليبدو وجهه
    عبوساً قمطريرا يتسق وتحمله الأعباء الجسام. والمفارقة أن علامات الساعة هذه، استثنى السيد كمال عبد اللطيف نفسه منها بمواصلته
    التحديق المثير في الجهاز الذي أمامه، ولكن الأمر الذي ظل يشغلني على الدوام كلما رأيت هذا المنظر الأثير إلى نفسي، طفقت أسالها سؤالاً
    تائهاً لم أجد له اجابة شافية... لماذا يبدو السيد كمال عبد اللطيف وزير الدولة في رئاسة مجلس الوزراء الوحيد دون سائر الوزراء
    وأمامه ذلك الجهاز المثير الفضول!

    أولا قبل أن أجيب بالمعلومة التي توفرت لي مؤخراً باجتهادي الخاص، لابد وأن أعتذر للسيد كمال عبد اللطيف بشدة، لا سيما وقد
    عاتبت نفسي سلفاً وزجرتها زجر من لا يخشى فيها لومة لائم. والسبب يبدو أنني قد أسأت الظن بسيادته، وهو يعلم والقراء يعلمون
    أن بعض الظن إثم كما أكدت ذلك تعاليم المشروع الحضاري، والتي حرصت أيضاً بدعوتنا في ألا يغتب بعضنا البعض، واننا طبقاً
    لذلك يجب علينا أن نتبين الخيط الأبيض من الأسود في كل ما تأتي به شاشة مرئية.. فما أكثر الفاسقات من شاشات التلفزة الذين
    لا يخشون الله ولا يخافون عباده. كنت أظن أن سيد كمال بخلفيته المهنية الأمنية المعروفة ركزَّ عينيه صوب الكمبيوتر المحمول،
    لأن في جوفه ما يعينه على معرفة ملفات أكثر من سبعين وزيراً، ويعلم الله لو كنت واحداً منهم لما استطعت أن اتعرف على أسمائهم
    ناهيك عن أقوالهم وما يفعلون. ثم أتضح لي خطل ما ظننت، وعلمت من خلال قراءات مكثفة في الصحف، ومقابلة فريدة في الشاشة
    المذكورة أجريت معه شخصياً، أن لذاك الاهتمام علاقة وثيقة بمفاجأة يعدها سيادته للشعب السوداني البطل. ولن أذيع سراً إن قلت
    إن هذه المفاجأة اسمها الحكومة الإلكترونية. وريثما تنطلق ومن قبل الدخول في عرصاتها، أقول لم تتوفر لنا أي معلومات تؤكد أو
    تنفي ما إذا كان هذه الحكومة الإلكترونية سترسل ذلك الجيش العرمرم من الوزراء إلى الصالح العام، بمثلما فعل بعضهم عندما
    فصلوا الناس زرافات ووحدانا تحت نفس الذريعة. لكنني أتمنى ألا يحدث ذلك ليس لأنه سيزيد من معدلات البطالة المتفاقمة أصلاً،
    وليس لأن ما نسبته 10.30% من الميزانية السنوية كانت مخصصة لرفاهيتهم، لن نعرف أين سنصرفها بعدئذٍ، ولكن لأنني على
    الأقل سأفقد متعتي الاسبوعية في مطالعة الوجوه البهية للسادة الوزراء!

    بيد أن هذا لا يعني إنني لم أحسن الظن بسيد كمال، فقد فعلت ذلك مراراً قبل أن تتناوشني تلك الشكوك اللعينة، حدث ذلك عندما قلت
    لنفسي يبدو لي أن الرجل من عشاق التكنلوجيا، على عكس كثيرين في الحكومة الرشيدة تقول سيماؤهم إنهم لا يحسنون التعامل مع
    تقنيات العصر، ولكن أحد الأصدقاء قال لي يجدر بك أن تستثني الدكتور غازي صلاح الدين أيضاً، لأنه عضو فاعل في موقع

    (فيس بوك) الشبابي. فتذكرت وقلت له بلى يا صاحبي، لكن الأجدر أكثر أن نستثني الرئيس المشير عمر حسن أحمد البشير،
    ذلك لأنني قرأت أيضاً في صحيفة الشرق الأوسط في مارس من العام الماضي خبراً يقول (موقع إلكتروني على الانترنت
    للرئيس السوداني عمر البشير باللغات العربية والانجليزية والفرنسية) وقالت الصحيفة عن الموقع نقلا عن مديره (إن الموقع يهدف إلى
    رفع الاهتمام بنشاط وأخبار الرئيس البشير وجاء تدشين موقع على الإنترنت للرئيس السوداني أسوة بباقي الرؤساء) وكنت قد قلت سراً
    بمجرد قراءة هذا الخبر أن من ظلَّ منهمكاً في شاشة كمبيوتره في جلسات مجلس الوزراء لابد وأن يكون من وراء تلك الفكرة العظيمة،
    وهو ما يدل على أنني أحسنت الظن بالسيد كمال عبد اللطيف، وبالرغم من أن الفكرة لم تر النور رغم مرور ما يقارب العام على ذلك،
    لكن هذا لا يعني غمط سيد كمال حقه، فهو إن كان صاحب الفكرة فله أجر الاجتهاد وإن كان صاحبها ونفذها دون علمنا أو في طريقه
    لتنفيذها بعلمنا، فلا شك أن له أجران أسوة بما جاء في الحديث الشريف!

    وبما أن الرئيس بالرئيس يذكر، لابد وأن أذر على سمع سيد كمال حالة من حالات الانفصام التي تغشاني في بلدي الثاني الذي منحني
    ما ظللت أحلم به في بلدي الأول، فأنا منذ أن ساهمت في حملة طويل العمر رئيسنا المفدى باراك حسين اوباما، ما زلت أتلقي وبشكل
    شبه يومي رسالة منه على بريدي الالكتروني، وأحيانا بتوقيع أحد مساعديه مثل ديفيد بلوف أو نتالي فوستر أو متش ستيورات. وغالباً
    ما تطلعني تلك الرسائل الراتبة عن ما تمَّ انجازه أو ما بصدد انجازه ويهمني أن أعرفه، ليس لأنه سيؤثر على مجريات حياتي بالسلب
    أو الايجاب فحسب، ولكن لأنه مرتبط أرتباطاً وثيقاً بحقوق المواطنة. وفي ذلكم أذكر على سبيل المثال موضوع التأمين الصحي، فقد ظل
    الرئيس ومساعديه يطلعونني على أية خطوة في هذا الصدد إلى أن تمت إجازته بواسطة مجلس النواب (الكونجرس) ولا شك أن الرئيس
    يعلم إننا سنحاسبه حساباً عسيراً عبر الصندوق الانتخابي في السنوات القليلة القادمة. ليس ذلك وحده.. بل أن شفافية الرئيس امتدت حتى
    في خصوصياته، وأذكر أنه بمجرد أن تلقى خبر منحه جائزة نوبل، أرسل لي رسالة على الفور، سرد فيها اللحظات التي تلقى فيها الخبر
    وقال: إنه استيقظ في السادسة صباحا وتلقى وزوجته ميشيل خبر اختياره، وأضاف في صدر رسالته بتواضع جم أنه يشعر بأنه
    لا يستحق أن يكون ضمن اولئك العظماء الذين رفدوا الانسانية بأعمال جليلة! المهم يا سيدي لا يجرفنك غروري هذا فأنا لست وحدي،
    فالرسالة التي اتلقاها من الرئيس ومساعديه ترسل لملايين الأمريكيين سواء الذين دعموه في الحملة الانتخابية أو لم يفعلوا، ذلك لأنه اقسم
    على الدستور بأن يصبح رئيساً للجميع، ولم يستثن أصحاب الولاء من عصبته!

    أيضاً بما أن الحكومة الإلكترونية بالحكومة الإلكترونية تذكر، فأنا يا سيدي منذ أن وطئت أقدامي هذا البلد الظالم والمظلوم، اتلقى أيضاً
    على بريدي رسائل شتى من منظمات وجميعات وهيئات وأفراد، بعضها يشرح أمر ما صاحبه جدل أو لبس، وتجتهد الرسالة في بسط
    الحقائق أمامي علها تعينني على اتخاذ القرار الصحيح، وبعضها يسألك إلحافاً أن ترسل رسالة لممثل منطقتك في الكونجرس من أجل اجباره
    على تبني موقف معين، وهذه تسمى جماعات الضغط أو (اللوبيات) وهكذا فأنا اشعر جراء هذه المنظومة أنني اتمتع بحقوقي كاملة غير
    منقوصة، ليس فيها كذب ولا تدجيل ولا دس ولا نفاق، بل لم يزايد عليَّ أحد بأن من ضمن هذه الحقوق التمتع بحكومة إلكترونية في بلد هو
    قارة، اما أن شئت التيسير في أمور الحياة كسباً للوقت الذي يعلو ولا يعلى عليه، فأنا يا سيدي إلى الآن لم أعرف إين تقع إدارة الكهرباء
    ولا الماء ولا شركة التلفونات ولا الغاز ولم يحدث أن ذهبت لأي موقع يقدم لي خدمة استعين بها على قضاء حوائجي الدنيوية، فالتواصل
    بيننا يتم إما عبر البريد العادي أو الإلكتروني. وكم تمنيت أن أرى ممثلي في الكونجرس وصنوه في مجلس الشيوخ الذين انتخبتهم بِحُر
    صوتي ولم أرهم بأم عيني. ولهذا تجدني تواق لندوة استطيع أن أهلل وأكبر فيها بملء حنجرتي، لأنني كما تعلم من سلالة قوم قد يصبروا
    على المكاره ولكنهم يضعفون أمام مغالبة الترف. فتأمل تواضع هذه الحكومات... هي كالبشر يا سيدي، فيها القوى الأمين وفيها المتواضع
    الوديع، وبنفس القدر فيها الخنوع الذلول وفيها المكابر والمتبجح والمدعي الذي يبشر الناس بسوط عذاب وهو لا يجد قوت يومه!

    نعود لموضوعنا بعد أن علمنا سر احتفاظ سيد كمال بجهاز الكمبيوتر المحمول، فهو كما أشرنا راعي الحكومة الإلكترونية التي تبشرنا بها
    حكومتنا الرشيدة. وكنت قد شاهدت سيد كمال في القناة المذكورة قبل عدة أشهر خلت، كان ذلك في مقابلة خصصت برمتها للحديث حول
    الحكومة الإلكترونية هذه. واحسبه قد ابدع يومذاك، فقد أظهر مقدرات هائلة في الحوار مع السيدة كوثر بيومي، والحقيقة إنها المرة الأولى
    التي أشاهد فيها مسؤولاً إنقاذياً لا يتعِب مُحاوره، لأنه ببساطة كان السائل والمجيب في آن معاً. فما أن تسفر السيدة عن ملامح السؤال حتى
    يبادرها سيد كمال بإكماله ومن ثم معالجته بالاجابة المناسبة، مثل قولها يا سعادة الوزير لابد من أن نتساءل كيف تكون الحكومة الإلكترونية
    في ظل معدلات...؟ فيجيبها.. الأمية مش كده، طبعاً عايزة تقولي كده، كل هذا وضعنا له إعتبارا. فتردف قائلة وكذلك يا سعادة الوزير كيف
    يمكن تأسيس حكومة إلكترونية والناس لا تملك...؟ فيقاطعها.. أجهزة كمبيوتر مش كده برضو، ويزيد بالضبط هذا ما عملنا حسابه.
    وهكذا بذل سيد كمال جهداً أسطورياً لكي يوصل لنا تلك الفكرة الخرافية بإسلوب واقعي دون أدنى تعقيدات تقنية، ولا شك أن المشاهدين
    مثلي غشتهم موجة من الطمأنينة وأدركوا أنهم في أيدٍ أمينة. واستدل على قولي هذا أن تلك المقابلة الرائعة أخرجها أهل تلك القناة من أضابيرها
    بعد مرور أكثر من شهرين على بثها واعادوها لنا مرة ثانية. ويبدو لي أنها كانت محاولة لتدريبنا على موضوع الحكومة الالكترونية، وليس بسبب
    رضا سيد كمال عنها، لأنه بحسب ما علمت فإنه رجل لا يحب الظهور في الأجهزة الإعلامية، وقيل إنه زاهد اصلاً في الشهرة،
    وهناك من قال أيضاً إنه يعشق العمل خلف الكواليس، والحقيقة كلها آراء سماعية، وأنا لا ادري إن كانت ستسعد سيادته أو تغضبه،
    لكن أرجو صادقاً ألا تغضبه فقد حرصت منذ بداية هذا المقال على ألا أنكد عليه بهجه يومه الذي قد يقرأ فيه هذا المقال، إن تواضع وفعل!

    جزى الله جمهورية الصين الشعبية عنا خير الجزاء، فقد اصبحت لها في حياتنا بصمات واضحة، فمن بعد البترول الذي تدفق وعداً و (زفتاً)
    وتمني، ومن بعد السد الذي شاء ذو القرنين أن يلقم به الأعداء صخراً، فما أن هلت علينا فكرة الحكومة الإلكترونية حتى قامت جمهورية الصين الصديقة
    بتزويدنا بكمبيوترات تسد عين الشمس، وقد تبعثرت على البوادي والحضر لدرجة اصبحت تزاحم البشر في المسكن والمكتب. لكني اصدقكم
    القول فإن اكثر ما يزعجني واخشى ألا يؤثر على هذا المشروع العظيم، ما طالعته في الصحف عما سُمي بفضيحة النفايات الإلكترونية،
    ألم أقل لك يا سيدي إنني أضع يدي على قلبي خوفاً وهلعاً، فهناك من قال لي لابد وأن ثمة رابط، فقلت له صه يا مغرض ذلك من تمنيات
    الطابور الخامس، لو كانت ثمة ادني ثقوب لما تأخر سيد كمال بإعلامنا بشفافيته المعهودة. فدعك مما يقولون ياسيدي ولنحاول فك طلاسم
    ما قرأنا عن ذلك الداء الوبيل!

    تقول الرواية بجانب الرواية أن عضوا في المجلس الوطني أسمه محمد نور الزين قد اثار قضية ما سمي بالنفايات الإلكترونية غير مرة،
    وتحدث سيادته لصحيفة الانتباهة 13/12/2009 وقال إن معلوماته تؤكد أن السلطات حجزت في العام 2009 ما مجموعه 586
    حاوية تحمل نفايات الكترونية، الأمر الذي دعا الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس وهيئة الجمارك السودانية إلى اصدار بيان مشترك،
    نُشر في عدة صحف يوم 17/12/2009 طمأنانا فيه نحن الشعب السوداني الصبر، بقولهما (إنهما يعملان بتنسيق وتناغم تامين في إحكام الرقابة
    على الصادرات والواردات عبر منافذ الدولة البحرية والجوية والبرية) ثم نفي البيان إفتراءات العضو المذكور، وقال إنها لا تتعدى 8 حاويات استوردتها
    منظمات وأفراد من دولة الأمارات العربية ومصر والسعودية، ونفى الإعلان المدفوع الأجر أن تكون قد جاءت من دول أوربية، وقال:
    (لقد ظهر من نتيجة الفحص الاشعاعي أن المستويات الاشعاعية للأجهزة المحتجزة في حدود المستوى الطبيعي المقبول والمسموح به)
    ولن يسأل أحد بالطبع عن سبب الاحتجاز طالما أن الأمر كذلك، ولكن ما يثير الريبة تلك الخاتمة العجيبة في الاعلان (تقتضي الأمانة
    والشهادة الخالصة لوجه الله تعالى أن نعلن بأنه لم تكن هناك أي تدخلات أو ضغوط من أي جهة متنفذة أو غير متنفذة للإفراج عن هذه
    الأجهزة الإلكترونية من قبل أي مسؤول دستوري) وبعدها طمأننا البيان كذلك بأن نقِرُ عيناً لأن (العاملين في المواصفات والجمارك على
    قدر المسؤولية والأمانة وأن المستهلك والاقتصاد الوطني لن يؤتى من قبلهما ابداً بإذن الله تعالى).. قلنا آمين!

    لكن المدهش أن العضو المحترم بمجرد أن قرأ هذا الاعلان لم يقل آمين مثلنا، وإنما عقد مؤتمراً صحفياً فى المجلس الوطني دحض فيه
    ما جاء في البيان، وقال إنه عار تماماً عن الصحة، وكشف عن أن المواصفات أصدرت شهادة بالرقم 1971 لحاويات بمنطقة حوش
    المويلح تؤكد أن الاجهزة جديدة تم التبرع بها لإحدى منظمات المجتمع المدني. ثمَّ دخل العضو نزار الرشيد طرفاً في الموضوع وهو عضو
    اللجنة المشتركة لتقنيات الاتصال وهيئة الجمارك، وقال إن اللجنة رفعت في تقريرها تأكيدات باحتواء عشرات الحاويات الموجودة في كل
    من بورتسودان وسوبا نفايات الإلكترونية، واتهم دولا أوربية بأنها تدير عملياتها بواسطة عصابات ومخابرات دولية بالتعدى على حرمة السودان
    وجعله مكباً لمواد مسرطنة، وأكد أن الأجهزة تحتوى على اشارات واضحة بأنها منتهية الصلاحية وأنها مواد معاد تصنيعها، ولفت النظر إلى أن
    السودان موقع على اتفاقية (بازك) التي تحظر على الدول نقل مواد خطره عبر الحدود إلا بعد تصديق الدولة المنقول إليها! وعند هذه النقطة
    سكتت شهر زاد عن الكلام المباح وأدرك شهريار الصباح!

    دعك من ترهات نافخي الكير المثبطين للهمم المتخاذلين يا سيدي، فقولهم مردود عليهم، لن يحمدوا ربهم حتى ولو أنزلت العصبة عليهم مائدة من السماء.
    أنظر وتأمل في حججهم الانصرافية، يقولون لك لماذا حكومة الإلكترونية وجرحنا النازف في دارفور لم يندمل بعد؟ إفرض إنه لم يندمل
    هل ننتظر السنة تلو الآخرى حتى يفوتنا قطار التكنلوجيا. ويقولون لك كيف السبيل لحكومة إلكترونية في ظل نفرة خضراء اصبحت صفراء
    بموجب بيانات منظمة الأغذية (الفاو) التي تتحدث عن مجاعة محتملة على نحو 11 مليون سوداني؟ وماذا في هذا فنحن أربعين مليوناً بفضل الله وكرمه.
    ويقولون لم الحكومة الالكترونية وسلة غذاء العالم أصبح يستورد الطماطم من يوغندا والثوم من الصين والسكر من اريتريا؟ وهل نحن من أدخل بدعة كهذه
    في قاموس الدول، فأمريكيا بجلالة قدرها تستورد مننا الصمغ العربي. إذاً دعهم يقولون..دعهم يثرثرون. أما نحن فقد سعدنا بأن مجهودات وطموحات
    سيد كمال بدأت ترى النور، فقد جاء في الأخبار أن دكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم دشن يوم الأثنين 21/12/2009 بحضور
    ثلة من المسؤولين في الولاية بما فيهم المشرف على مركز المعلومات ومسؤول مشروع الحكومة الالكترونية، انطلاق مشروع الحكومة الالكترونية
    بالولاية بتخريج أكثر من 40 دارساً، يمثلون المحليات والوزارات والوحدات المختلفة تلقوا تدريبا متقدما عن النظم القياسية وحوسبة المعلومات.
    وليخسأ الخاسئون (اللازمة الأخيرة هذه ليست ضمن الخبر، ذلك من فرط نشوتنا)!

    هم لا يعلمون أن مفاجآتك الحضارية لا تنتهي يا سيدي، فقد ثبت لنا بحكم موقعك إنك حريص كل الحرص على توفير كافة سبل الراحة
    لهذه الحكومة المحترمة، ويحمد لك حرصك الواضح بضرورة التواصل بين القيادة والشعب. وليس أدل على قولنا من خبر سبق التدشين
    ولم يلفت إنتباه الرعية كثيراً مع أن فيه خير كثير لها، ذلك ما حدث تحديدا يوم 20/12/2009 قد جمع سيادته عددا من الصحفيين وأعدَّ لهم مفاجآة
    بمناسبة احتفالات البلاد بذكري الاستقلال، كشف فيها عن (استديوهات تلفزيونية وقاعة مؤتمرات متكاملة ترتبط بالتلفزيون القومي عبر خط فابير)
    وقال عبد اللطيف (إن هذه الوحدة الاعلامية تهدف إلى نقل الانشطة الحكومية داخل وخارج مجلس الوزراء لشاشة التلفزيون القومي وغيره من
    الفضائيات العالمية مباشرة وبمستوى تقني عالي الجودة مؤكداً أن خدمات الوحدة الاعلامية هذه ستكون متاحة أمام كافة الأجهزة الحكومية لترويج
    نشاطاتها وانجازاتها عبر انتاج برامج أو عقد المؤتمرات الصحافية المحلية والدولية) وأكد أن هذه الوحدة (تملك امكانات الانتقال لقناة فضائية
    اخبارية بسهولة متى ما توفر الربط عبر الأس أن جي مع الأقمار الصناعية) وكالعادة ترك الثرثارون الانجاز جانباً وإنشغلوا بالاعجاز في
    التكلفة، مع أنها لم تبلغ سوى بضع ملايين لا تغني ولا تسمن من جوع.

    لله دره أبا الطيب المتنبي القائل إذا كانت النفوس كبارا تعبت من مرادها الأجسام، ولعله سيسعد في مرقده إن علم إن بيننا عصبة أدهشتنا
    بطموحاتها الكبيرة، فالسيد وزير الدفاع سبق وان بشرنا قبل عامين أو يزيد بدخولنا حلبة الدول المنتجة للطائرات بدون طيار، وآخر نفضل
    عدم ذكر اسمه لأنه لا يليق أن يُضم إلى زمرة الذين يقولون ما يفعلون.. قد وعدنا - قدس الله سره - بأننا سوف ننشيء مفاعل نووي. والآن
    سيد كمال يعمل مخلصاً لتدشين مشروع الحكومة الإلكترونية. فماذا يريد هذا الشعب الجاحد من عصبة تسهر الليالي لأجل راحته، غداً
    سيدركون عظمة هذه الانجازات عندما يجلسون أمام كمبيوتراتكم الصينية معلنين إنتهاء ظاهرة الذين يصوتون بأقدامهم كما يقول الانجليز،
    وسيصوتون بنقرة واحدة على الماوس لصالح المرشح الذي سينقلهم من العصور المظلمة إلى رحاب الحضارة في انتخابات حرة ونزيهة،
    ولا يغرنك يا سيدي غَرُور الصحف مثلما ما جاء في (الأحداث 25/12/2009) من أن مجلس الوزراء الموقر وأنت عضو فيه،
    وكنت قد بدأت به مقالي هذا وقلت إن طلعة وزرائه البهية تدخل الفرح والحبور في نفسي، لقد نسبت إليه الصحيفة قوله
    (إن الفجوة في التعليم التقني بلغت 99% وفقاً لتقرير ناقشه أمس برئاسة نائب الرئيس على عثمان طه، وأبدى وزراء الحكومة أسفاً لارتفاع النسبة
    خاصة في المستوى الطبي والهندسي الذي بلغ 95% واكد المجلس افتقار النظام التعليمي لمخرجات الكوادر التقنية) لابد أن هناك خطأ ما في هذه النسب،
    ولكن جلَّ من لا يسهو يا سيدي، فقط تكفينا هذه الرقة في الخطاب، مجلس يسمي نسبة ال 99% فجوة، ويتأسف على ما أغترفت يداه،
    ويعترف بشجاعة الأبطال في فقر التقنية.. أليس هذا المجلس جدير بحكومة الإلكترونية!!



    عن صحيفة (الأحداث) 3/1/2010


    اكتب النص هنا
                  

01-08-2010, 05:31 AM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: Egbal Elmardi)

    *
                  

01-08-2010, 10:45 PM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: Egbal Elmardi)

    *
                  

01-09-2010, 01:52 PM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: Egbal Elmardi)
                  

01-09-2010, 02:13 PM

Egbal Elmardi
<aEgbal Elmardi
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 1148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ فتحى الضو والدكتور أسامه عثمان فى ندوه بفلادلفيا (Re: Egbal Elmardi)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de