|  | 
  |  ايها النوبيووووون  - السدود قائمة لا ريب فيها - فماذا انتم فاعلون |  | جاء  خطاب النائب الثاني , الأستاذ علي عثمان محمد طه , الذي ألقاه يوم 30/12/2009 بمناسبة الاحتفال بدخول الوحدتين 7/8 من سد مروي   في الشبكة القومية للكهرباء , مؤكدا بأن السدود قائمة . وبذلك قطع الشك باليقين بالنسبة لأولئك النوبيين الذين رأوا في السكوت عن ذكر السدود في المنطقة مؤشرا  لإلغائها .  وعندما  يأتي مثل هذا الكلام من مهندس انقلاب الإنقاذ وأكثرهم نفوذا وقبولا , فيعني أن ننتبه إلى ما سيأتي به مقبل الأيام.
 جاء حديث النائب الثاني عن اقامة السدود مرتبطا بمشاريع تنموية ستنتظم الشمال . وعندما نتمعن فيما ورد في خطابه بهذا الشأن وفيما يخص المنطقة النوبية ,نلاحظ ما يلي :
 أولا: وجه النائب الثاني خطابه إلى فئتين بشأن السدود :
 (1)	فئة قال أنها ارتضت بقيام السدود (سد مروي في هذه الحالة) إيمانا , حسبما يقول , بما ستجلبه السدود من تنمية ورخاء , ويقصد بها المناصير وأهل امري الذين تركوا أرض أجدادهم صاغرين مرغمين بعد ان نفذ إمبراطور السدود الوعد الذي قطعه على نفسه بأنه "سيغرقهم كالجرذ " , وقام بذلك بكل تجرد  وكلنا  رأينا ما أصابهم من دمار في ممتلكاتهم وما ألت إليه أحوالهم من تشرد بعد أن وضعوا أمام أمر واقع مرير نتيجة الإغراق و بعد وعود هلامية تم نقضها.
 (2)	أما الفئة الثانية , فهم سكان منطقة " نسيها التاريخ ومشاريع التنمية لفترة طويلة وفي ظل حكومات متعاقبة ", ولكنهم ناهضوا قيام السدود , ويطلب منهم أن يرعووا ويفوقوا إلى أنفسهم حتى لا يفوتهم قطار التنمية حسب زعمه , وهو بذلك يقصد النوبيين الذين رفضوا بناء سدي كجبار ودال . وفي الحالتين لم يشر إلى الضحايا الذين سقطوا و تضرجت أرضهم بدمائهم الطاهرة وهم يطالبون فقط الاستماع إلى مطالبهم العادلة. وكلكم تعرفون ما                                                                             حدث .
 ثانيا:  جاء حديثه عن التنمية مرتبطا بما ستولده السدود من الكهرباء ستستثمر في التنمية الصناعية . وهنا أيضا شمل حديثه جهتين مستفيدتين من تلك الطاقة : ولاية نهر النيل ومصانع الاسمنت بها أي ان هناك مشاريع مدروسة وجاهزة . والمنطقة النوبية حيث جاء كلامه مبهما و غامضا حول ما تزمع الحكومة إقامته من صناعات و مشروعات تستفيد من كهرباء السدود المزمع إقامتها هناك: لم يذكر مشروعا واحدا محددا  مثل استخراج الرخام  أو الذهب أو أي مصنع  آخر ولا  حتى مشروعا زراعيا بعينه على امتداد المنطقة النوبية  لصالح أبنائها
 ثالثا:و حول الحديث عن الكهرباء (1000 ميقاواط )فقد تبين أنها قسمت لتزويد مناطق :البحر الأحمر :ولاية نهر النيل و دارفور والغرب عموما. كما أدلى به مسؤول (وربما ونائب مدير السدود) والذي ذكر مستدركا بأن الكهرباء ستمتد شمالا حتى حلفا وان " حلفا تنار الآن بكهرباء السد"  .وهذا القول يجافي الحقيقة تماما – نسمع عنه لكنه لم يتحقق على ارض الواقع بإنشاء أبراج كهرباء ...... فقط مولدات حرارية ذات طاقات محدودة للإنارة.فأين الكهرباء التي وعدنا بها النائب لإقامة مشاريع تنموية ام ان تلك الطاقة ستأتي من سدي دال      و كجبار , بمعنى إذا رفضتم السدود فلا كهرباء ولا تنمية !!!!
 رابعا:  لم اسمع حديثا عن مشاريع زراعية يزمع  إقامتها في المنطقة النوبية وهي المشاريع الواعدة لإنتاج محاصيل عديدة من حبوب وبقول وفواكه وخضروات و بهارات وهذه منتجات يمكن ان تدخل كمواد خام في الصناعات الغذائية. وأقصد هنا مشاريع تنموية لصالح النوبيين وبهم وليست مشاريع استيطانية.كما يخططون الآن.
 خامسا: الإغفال عن ذكر مشاريع زراعية محددة تنتظم المنطقة يثير تساؤلات حول:
 (1)	ملكية المياه التي تنساب في مجرى النيل وهل للنوبيين نصيب فيها ام كلها من نصيب مصر , وهل ما تبقى يكفي  لإقامة مشاريع زراعية كبيرة في المنطقة.
 (2)	القرار 206حول مصادرة الأراضي في المنطقة وأيلولتها لإدارة السدود لتوزعها على من تشاء .
 (3)	مصير الأراضي الطينية الخصبة التي ترسبت على امتداد ارض الحجر, ولمن تؤول ؟ فالذي نعرفه ان النوبيين الذين رحلوا في التهجير الأول 1964 لا أحقية لهم في هذه الأراضي لأنهم – على حد زعم الحكومة- عوضوا عن الأراضي التي غرقت آنذاك بالمال أو بأراضي في حلفا الجديدة , ولذلك لا حق له في العودة إليها و استثمارها   . وما يؤكد هذه الشكوك ان الحكومة المصرية  تعمدت إغراق المحاصيل المزروعة من قبل النوبيين  عدة مرات إلى ان تم تطفيشهم نهائيا . فلمن هذه الأراضي الخصبة إذا لم يكن للنوبيين حق فيها ؟؟
 (4)	نسمع كثيرا عن ان هذه السدود متعددة الإغراض من أهمها الري و الكهرباء لكن  يبدو ان هذه السدود دورها محدود في .                                                             أ- تخزين الماء لصالح مصر .                                                ب- توليد الكهرباء لتمويل مدن و صناعات في داخل البلاد ولا نصيب للمنطقة النوبية فيها كما ان ما يعمل بها من بني تحتية لم  يأت مرتبطة بأي مشروع زراعي أو صناعي أو كليهما, وعلى سبيل المثال , يستغل بناء الطريق  في منطقة سكوت كحافز لحجز أراضي سكنية على طول الطريق المسفلت تمهيدا لإفراغ الأراضي الحالية المأهولة من سكانها ثم إغراقها  ببناء السدود لاحقا و هذا هو التعويض المخطط له  وليس مشاريع  تنموية متكاملة مستدامة. وفي النهاية يأتي بناء السدود مرتبطا بمبادرة حوض النيل التي تخطط لإقامة السدود لتوليد الكهرباء فقط وإقامة شبكة دولية تربط بين أعضاء دول حوض النيل.
 سادسا   :ان الحديث عن تنمية مستدامة في ظل هذه السياسة التنموية الغامضة يفقد معناه تماما ,فالتنمية لصالح الإنسان في المقام الأول والأخير . فالتنمية المستدامة تأتي شاملة للاقتصاد و المجتمع و البيئة ,وهي التنمية التي تسمح بها معطيات البيئة ومواردها دون أي تأثير على حقوق الأجيال القادمة . وبهذا المفهوم للتنمية  المستدامة فان ما تنوي الحكومة ان تقوم به ينحصر في إغراق يأتي بكهرباء للمتاجرة بها وليس لتنمية المنطقة ومواردها لصالح سكانها في المقام الأول و ذلك في إطار منظومة تنموية متكاملة للبلاد . فقد انتظرنا عشرين سنة في منطقة أنت شهدت بان نسيها التاريخ و التنمية عقودا وهي الأكثر أمنا و استقرارا والأغنى موردا وكانت الأحرى بالاهتمام بها منذ بداية حكمكم لتوفر كل مقومات التنمية  بها .                           فكفى استخفافا بمصائر الناس وبكل شفافية حددوا لنا ما هي المشاريع التنموية التي تريدونها للمنطقة النوبية, وعلى ماذا رهنتم و راهنتم, المنطقة بأكملها......فان ندوة الأهرام التي ترأسها  صادق عمارة  رئيس  وفدكم إليها تنضح بالكثير عن حقيقة ما تضمرونه  للمنطقة و سكانها ومشاريعكم التنموية التي تخططون لها في المنطقة النوبية.. والى حين تتضح لنا الأمور كلها وتظهر كالشمس في رابعة النهار, فليس لنا خيار إلا  مناهضة بل ومقاومة السدود!!!!!
 د.حسن عبد العزيز
 |  |  
  |    |  |  |  |