يقتله من اجل كيس تمر!!.. قصة قصيرة..يكبها الغضب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 01:02 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-12-2009, 10:29 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يقتله من اجل كيس تمر!!.. قصة قصيرة..يكبها الغضب

    يقتله من اجل كيس تمر!

    حطت به الطائرة في مطار الخرطوم قادما من مطار هيثرو علي متن الخطوط المصرية، كان لوحده حتى زوجته أماني محمود لم ترافقه في هذه الرحلة. الفاتح عثمان محمد احمد الناير يعود إلي السودان وحيدا بعد غياب دام لأكثر من عشرين عام. هو جاء ليرجع بسرعة إلي لندن فينضم إلي عائلته لان المنفي الاختياري أكثر كرما و كرامة من الوطن المسجون. جاء ليقوم بواجب العزاء في موت صديق عرفه هناك في لندن عرفه لعشرين عام كان رفيقا للفاتح في كل مراحل هجرته من لجوء إلي إقامة دائمة ثم إلي تجنس بجواز بريطاني. عندما حطت الطائرة في المطار كان الوقت مختصرا بين غروب و بداية ليل دافئ. لقد أراد الصديق أن يُدفَن هناك في المنفي ، لقد كرر الصديق المتوفى هذا الطلب مرارا بحضور أماني محمود و نفيسة بت الاعيسر والدة الفاتح عثمان محمد احمد الناير.
    للفاتح الكثير من المعارف و الأصدقاء و قليل جدا من الأهل القريبون في الخرطوم و تنقصه العناوين، تنقصه أيضا معرفة الكثير من الحقائق عن البلد و ما تم فيها من تحولات في العشرين سنة الأخيرة. الغريب إن الفاتح لا يريد أن يعرف هو مكتفٍ تماما بما يعرفه من الانترنت و شاشات التلفزة و حكاوي الناس. معلوم أن الفاتح ترك البلد في أول التسعينات بعد أن نجا من تجربة اعتقال و تعذيب بمعجزة ليس أكثر. لم يجد الفاتح متسعا ليدرك ان المطار قد تغير و هيئة المدينة قد اختلفت!! ما أدهشه حقيقة هو استقرار البؤس في مكانه لم تنجح عشرات السنين في زحزحته.
    نفيسة بت الاعيسر، أماني محمود و الفاتح هم من شخصيات رواية المصير.. أنا.......... اعرفهم جيدا و انتم لاتعرفونهم ، ليس من المهم توضيح من هم و لكنهم أناس طيبون ذهبت بهم الحياة في مصائر مختلفة يجمع بينهم الحب ، الإيثار ، المساندة و الحزن. في نفس كل منهم حفرة عميقة تركها الوطن بقضارفه ذات السماوات الزرقاء و الشموس المتوهجة و خرطومه ذات التراب المترب بفداحة مستفحلة و فاجرة.
    الفاتح الآن يحاول أن يجد مركبة تقله إلي (الكِنيسِة) احد قري القرير في مركز مروي حيث ينعقد العزاء الغيابي لصديقه الذي توفي هناك في المنفي، و رفض أن يتم إرسال جسده الميت إلي الوطن محمولا في طائرة، أراد أن يدفن هناك في المنفي، ربما لأنه أراد للمأساة أن تكتمل أركانها. الفاتح الآن أمام بوابة المطار عند صالة القادمين، تصطف سيارات أجرة، بكاسي و سيارات خاصة و أناس منهم من ينتظر قادما ببرود ، منهم من يبكي لفرحة قدوم عزيز عليه ، منهم من يسلم بحرارة ومنهم من تحس انه محاصر بانتظار و صبر مترسب.
    سأل الفاتح أحدهم، هل توجد سيارات للتأجير؟ رد الرجل" بسائق أو من غير سائق؟"
    رد الفاتح قائلا بسائق! انزاح عنه هم كبير لأنه سيجد سائقاً و مرافقا. لم يكن مع الفاتح أغراض كثيرة فقط حقيبة واحدة متوسطة الحجم و جهاز كمبيوتر محمول. تمت الإجراءات بسهولة و ركب الفاتح و انطلقت السيارة.ً لم يندهش الفاتح من طريق الإسفلت و لا من التحولات التي وقعت علي امتداد الجغرافيا المهمل و المنسي، هذا الامتداد الذي شهد ملاحما و انكسارات و انتصارات مؤزرة سجل صفحات أحداثها التاريخ بجلال و احترام ، عبرت بهم السيارة المكيفة التي يصدح من مشغل أشرطتها الفنان" شكر الله" كره الفاتح اسم الفنان لأنه يذكره بالمأساة و الحزن الذي رفض المغادرة ذلك الحزن اللزج الذي لم يغادر لا بالسلم و التمدن لا بالعنف و البدائية.
    وصل الركب الصغير إلي (الكنيسة ) عروس القرير و زينة أراضيها وصل الفاتح مارا بقوز قرافي ثم قوز هندي و دوم المهاجر فالي الكنيسة، ربما لأول مرة يندهش الفاتح من صفاء لون الرمال الأبيض المصفر بوداعة و غني الخضرة التريانة، حتى جالوص الحيطان بدا كأزياء عروس أو ثياب حبيبة. القرية اكبر ما فيها هو المقبرة التي تمتد لعهود من الاتساع هي تضم أجساد أناس كانت لهم ارتباطات مذهلة بالمكان و بالإله . استقبلته الدموع المدركة للحنين، الدموع التي تبارك عز الصداقة المجيدة. تنداح في أرجاء القرية رائح التمر و هسيس عطور أشجار المانقو العالية و ريان البرسيم الفتي. قام الفاتح بواجب العزاء فتح يديه لشيل الفاتحة التي لا يحتمل أثقالها إلا أصحاب القلوب المثقلة بالإحزان المتمكنة.
    انصرف الفاتح يغالب صمته الذي عاند كل محاولات المجاملة من حضور العزاء، غالبها باقتضاب لا يخلو من لطف عنيد. انصرف الفاتح ساقته أقدامه إليها، كانت تنظره كعروس امضي أهلها أزمانا في تسكين ثائرة جلدها بالدهن و الدلكة و طبقات الدخان، عروس تفرد أجنحة أحضانها الطائرة في إرتغاب. انتظرته مادة أطراف سعفاتها الحانية بانتظار، كانت تقف تحتها الرمل ابيض، السماء عميقة الزرقة و النيل يبعث بالأغاني من حوالي النخلة محتفيا بجزيرة (مساوي)، كانت تقف نخلة ناطقة بعز التمور كلاما لا تسمعه الآذان إلا عند هبوب النسائم الباردة، جاء الفاتح فقعي تحت أحضانها الممهدة بليونة الجسد الرقيق واقفا كنصب لإله قديم ، وقف تحتها شملته بخضرتها الصلبة، نخلةٌ لا تخف، عندما استقرت به اللحظات تحتها عرف أنها هي من نادته من منفاه، لم يكن موت الصديق هو من استدعي القدوم من مرابط الغياب و الإقامة الدائمة و التجنس. عندما استقر الفاتح تحتها غادر جسده المحفور اعتداءً بمخالب سارقي الوطن، غادر فرآهم عند فوال ( الحاج) في سوق الموردة هو راكض يمارس الرياضة بين سوق الموردة و مدرسية المؤتمر... و هما يهربان بما سرقاه.. كيس التمر الصغير هو كان ما قد سرقاه!! تحرش به اللصان فقال الفاتح " لست شرطيا.. أنا راكض علي الطريق.. أمارس الرياضة فأباعد بين جسدي و المرض، الوهن و الشيخوخة.... أنا راكض أمارس الرياضة .. لست شرطيا.. غادراه .. مضي الفاتح في سبيله راكضا و ناسيا أمر السارقين الذين سرقا كيس التمر.. ركض و ضحك من تفاهة الدنيا التي تجعل احدهم يسرق كيس التمر الصغير.. ركض الفاتح.. و ركض. أوقفه صوت إطلاق النار .. سمعه.. بم .. طاخ..طراخ.. التفت الفاتح .. رآهما نفس السارقين كانا الآن تحت رحمتهما.. اثنان .. احدهما بمخالب من فولاذ يبقر بطن السارق و يستل كبده و يلتقمه بنهم و اشتياق للدم .. هو يبقر البطن الدفيء فيخرج الكبد بدمائه الدافقة مقضوما كقطع الروح. كان و هو يلتقم .. قطع الكبد.. هو يقتل.. ليأكل أكباد ضحاياه.. رآهم الفاتح يفعلون ذلك.. ركض الفاتح و هرب و غادر المكان و لم ينجو.



    طه جعفر

    (عدل بواسطة طه جعفر on 12-13-2009, 04:26 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de