جميل ...ولكنها أرواح بشر...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 09:24 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-14-2009, 11:52 PM

Amjed
<aAmjed
تاريخ التسجيل: 11-04-2002
مجموع المشاركات: 4430

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جميل ...ولكنها أرواح بشر...

    جميل هو ..ولكنها أرواح بشر...
    الكاتب/ كتب: أنور عوض
    Saturday, 14 November 2009


    ثوب الوزيرة.. .. وأكفان الأطفال

    إحدى عشرة دستة من البشر ماتوا.. فهل تنتظرون المزيد ؟

    2.jpgحدقت نحو شاشة التلفاز وهو يعرض في نشرة أخبار رسمية خبراً لوالي الخرطوم وبرفقته وزيرة الرعاية الاجتماعية أميرة الفاضل في منشط للتأمين الصحي , وأعدت التحديق في ثوبها الأبيض الجميل , أنا وللدقة لم أكن انظر الى جمال الثوب بل الى لونه .. هذا الأبيض وذات الوزيرة دفعا الى عيني وذاكرتي لون قماش تكفين الموتى , وأعني هنا أكفان الأطفال الموتى بدار رعاية الطفل بالمايقوما , ولا شك في ان للوزيرة أجندتها الدستورية ومسؤولياتها العديدة غير ان ذلك لن يعفي أو على الأقل لن يمنعني من الربط بين الثوب والكفن.. واقصد هنا أكفان ما يقرب من مائة وأربعين طفلا .. ماتوا ببراءتهم و حملت جثامينهم وحيدة علي ظهر ركشات يتيمة بلا مرافق.. أو باك خلفها.. ملفوفة بأكفان بيضاء أيضاً الى مقابر الصحافة من دار رعاية الطفل بالمايقوما حيث مات العشرات بسبب اتهامات بالقصور في الرعاية الصحية أو الطبية والغذائية أو هكذا تردد وبشأنها كونت لجان تحقيق..

    .jpgوعندما بلغ عدد وفيات الأطفال في وضعية مجهولي الوالدين بدار المايقوما عدد 77 طفلا, كتبت في هذه الصحيفة وبحزن بلاغاً الى الضمير العام ...وذكرت لذلك الضمير بأنها ليست المرة الأولى التي ترد فيها أخبار مزعجة من دار رعاية الطفل بالمايقوما حول معدلات الوفيات أو المشاكل التي تواجهها الدار , غير ان القلق في نهاية سبتمبر الماضي تحول وبفعل الأرقام الأخيرة للشهر نفسه تحول الى ما فوق ذلك , أو فنلقل الى ماهو اقرب في الوصف الى المأساة , وكتبت يومها عن مشهد وفاة ثلاثة أطفال دفعة واحدة وفي يوم واحد .. حيث بكت مجموعة من النسوة المقيمات جوار دار الرعاية وهن يحدقن في ثلاثة جثامين تخرج في طريقها إلى المقابر ...لا علاقة للنساء بالمتوفين ولكنهن أمهات في النهاية.. سالت دمعاتهن ..ونحن بالبكاء ..حيث لا يبكي على هؤلاء أحد .. وطلبت من الجميع وفي مقدمتهم مسؤولي الرعاية ان يزورا مقابر الصحافة للنظر في تلك القبور التي لا تحمل شواهد ..ليروا المأساة .. وطالبت المسؤولين ..بترك مقاعدهم الوثيرة ليتفقدوا المقابر فربما سمعوا حديث الموتى..فالموتى يتكلمون ولكن من يسمع ..من يحاسب ..من .. يا لقسوة هذي القلوب .. فقط لان هؤلاء الأطفال لا سند لهم ..و.. ,

    ...ويومها لم يكن ثمة احد لتوجه إليه المناشدة سوى الضمير العام.. ضمير الدولة ..وضمير المجتمع ..وضمير من يواجهون الموت الجماعي من أطفال أبرياء بينما الجميع يدمنون الصمت..وزارات كانت أو منظمات أو كل من يرى ما يجري و...يصمت .. سيدتي وزيرة الرعاية الاجتماعية سامية محمد, السيد وزير العدل والنائب العام..سيدتي وزيرة الشؤون الاجتماعية ولاية الخرطوم ..السادة المجلس القومي لرعاية الطفولة .. وحدة حماية الأسرة والطفل جميع مسؤولي الدولة ..هذا أوان التحقيق؛ ادفعوا بأوراق المساءلة ..فالأطفال قد ماتوا نعم ولكن إياكم وإيانا موت الضمير.. ..

    وإذا ما كان الجاني مجهولاً فإن الضحية معلومة ومابين الادعاء والمرافعة مسرح لا يتغير عرضه ولا ممثلوه .. خلفياته بلون الحزن ..هي مقابر .. وهم موتى صغار ... ولكن التراب الذي غطاهم لا يستقيم ان يغطي المأساة .. ,

    والمحزن ان ما كتبته عن وفيات الأطفال بالمايقوما قبل عام وقبل شهر وما اكتبه الآن هو عن ذات المأساة التي تتكرر , وللأسف فإن الاختلاف الوحيد أن دار المايقوما تكاد تكون في طريقها لتصبح هي المقبرة من كثرة الوفيات... لا فرق بين وفاة 77 عن شهر سبتمبر الماضي ووفاة 21 في الاثنا عشر يوما الأولى من نوفمبر الجاري ..., والمحزن جدا ان العالم يحتفل هذه الأيام بمرور الذكرى العشرين لاتفاقية حقوق الطفل ومن حق كل الجهات المعنية بالطفولة ان تحتفل .. غير ان الاحتفال الحقيقي الذي ننتظره هو إيقاف الموت المجاني الذي يعاني منه الأطفال بدار الرعاية بالمايقوما ..

    أربعون يوماً تكفي..وتزيد

    سيدتي الوزيرة .. ليس مهما ان أرى في ثوبك بياض الدنيا أو سواد حزن الأموات وأكفان الأطفال .. هي رؤيتي وتلك واجباتك ..مرت أسابيع طويلة منذ قراراتك الوزارية بتكوين لجان للتحقيق في وفيات سبتمبر( أعلى معدل لوفيات الأطفال بدار المايقوما منذ إنشائها في الستينيات من القرن الماضي ) ... ولكن ما الذي توصلت إليه لجان التحقيق..؟ وقد انتظرنا مايكفي .. ولحق بالمقابر من الأطفال الموتى الجدد مايكفي أيضاً .. فقد عادت معدلات الوفيات للارتفاع هل لأن الإعلام توقف عن الطرق على القضية وأمهل المسؤولين فترة ليتمكنوا من وضع المعالجات ؟ ...هي أربعون يوما انقضت منذ تكوين لجان التحقيق... وفي المقابل ما يزيد عن133 روحاً إنسانية بريئة لأطفال بالمايقوما لحقوا بالرفيق الأعلى وهي حاصل جمع وفيات الفترة الأخيرة فقط ( 77 عن سبتمبر - 35 عن اكتوبر - 21 عن نوفمبر حتى أمس الجمعة )...

    في الصمت وفاة اثنين وثلاث

    ولأنا انتظرنا أربعين يوماً ووفقاً لما جرى فإن اليوم يعني- للأسف- حالتا وفاة إن لم تكن ثلاث... فلن نصمت لأن في الصمت وفاة ... والآن واحدة من خيارين - أخلاقياً على الأقل ان لم يكن وظيفياً أمام الوزيرة - إما تعجيل عمل اللجان ونتائجها وإعلان المعالجات بما يحقق حماية الأطفال ويضمن بقاءهم أو المطالبة بتكوين لجنة تحقيق للجان التحقيق القديمة .. وثقي سيدتي الوزيرة أنني كمواطن كلما علمت بخبر وفاة طفل جراء الإهمال بدار المايقوما سأرى وأُري الآخرين ثوبك الأبيض وعلاقته بلون الكفن حتى وان كنت لا ترتدينه على شاشة التلفاز .. .. فالموت أقسي... والإهمال أشد .. ومشهد قبور الأطفال محفور بذاكرتي , والصمت مكلف ... وآن أوان الصراخ... ( أقيلي من أهملوا أو استقيلي) .. وكلا الأمرين - مع كامل الاحترام - لا يساويان فجيعة وفاة الـ133 طفل ...أنت وزيرة وأمين عام للمجلس القومي لرعاية الطفولة وقيادية بالحزب الحاكم وقبل هذا وذاك أنت أم ..فما الذي يجعلك لا تقاتلين من اجل حياة الأطفال وبشجاعة ؟ ماذا؟؟ ولماذا ؟؟

    لماذا يسير الملف ببطء، فمابين كل دقيقة تمضي وأخرى يدفع الصغار الثمن..لا اعتقد انك بحاجة لأذكرك بأنه مابين مطلع نوفمبر الجاري وحتى أمس الجمعة توفي 21 طفلاً من جملة الدخول للشهر الجاري وعددهم 16... أي ان المتوفين أكبر من عدد الدخول.. وتتكرر مفارقة الوفيات التي تفوق عدد حالات الدخول؟؟ ودعيني أقول بلغة أخرى أشد ألماً وقسوة وفظاعة ..سواء للسيدة الوزير أو الآخرين حكومة ومجتمع مدني.. فلتخبرنا الجهات المعنية بالطفولة عن رقم الوفيات الذي يكفي لتثور وتنفض عنها البيروقراطية.. كم دستة من البشر تكفي وتنتظرون .. هل هي عشرون دستة من البشر كما كتب الشاعر صلاح احمد إبراهيم عن ضحايا عنبر جودة في العام 1956 .. أم يزيد .. كم يكفي من الأموات بالإهمال لتتوفر الحياة والبقاء للآخرين من الأطفال ..؟؟ كم ؟؟

    كتب صلاح يومها :

    كانت هناك عشرون دستة من البشر،
    تموت بالإرهاق تموت باختناق،
    عشرون دستة لو أنهم ...
    حزمة جرجير يعد كي يباع،
    لخدم الإفرنج في المدينة الكبيرة،
    ما سلخت بشرتهم أشعة الظهيرة
    وبان فيها الاصفرار والذبول
    بل وضعوا بحذر في الظل في حصيرة
    وبللت شفاههم رشاشة صغيرة
    وقبلت خدودهم رطوبة الانداء والبهجة النضيرة....
    لو أنهم.. فراخ تصنع من أوراكها الحساء
    لنزلاء( الفندق الكبير)
    لوضعوا في قفص لا يمنع الهواء

    وقدم الحب لهم والماء لو أنهم....

    .ما تركوا ظماء

    ما تركوا يصادمون بعضهم لنفس الهواء

    وهم يجرجرون فوق جثث الصحاب الخطوة العشواء

    ، والعرق المنتن

    والصراخ والإعياء

    ما تركوا جياع..

    أحد عشر دستة من البشر

    .... ذات الحال يجري اليوم مع اختلاف العمر والتاريخ.. طبعا للجهة الأكثر مأساوية..فهؤلاء الصغار الضحايا إحدى عشرة دستة من البشر .. ماتوا دون ان تسمح أعمارهم ووضعهم الصحي بالصراخ والعويل كما ضحايا عنبر جودة .. بمعنى أن الصغار ماتوا بالإهمال والمرض بل وفي صمت.. فمن لهم بصلاح .. ومن لهم بتوثيق الفجيعة .., مات أولئك المزارعون وهم محبوسون في قفص الحديد .. ويموت هؤلاء الصغار في قفص اللامبالاة فقط لأنهم مجهولو الوالدين ولا أحد من الأسر يفتقدهم فلا أم أو أب يسيل الدمع لموتهم ... قفص دار للرعاية لا تلفت الأنظار إليها بحجم عملها بقدر ما تلفت الأنظار بعدد الجثامين التي تخرج منها ومع ذلك لم يقم أحد عزاءً أو اعترافاً معلناً بالقصور والعجز ...

    حتى ذاك الحين .. الثوب كفن

    تذكروا قرائي .. هذه الوزيرة أميرة الفاضل وهي نفسها الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة قد بذلت ما بذلت في السابق لحماية الأطفال ولكن ثوبها الأبيض يماثل الآن كفن الأطفال الأموات ...
    بلاغي الى الضمير العام بات الآن هو بلاغ للوزيرة من واقع مسؤوليتها وقوة وموضوعية قرارها المنتظر ...فالذين توفوا من الأطفال (133) ليسوا مسؤولية الوزارة نعم ...ولكن على الأقل فإن ما يحفظ حياة من هم بالدار الآن بيد الوزارة..ويناصر الأخيرة الآن الكثيرون لأنها تناصر قضية حماية الأطفال.. فقط هذه البيروقراطية تقتل أيضاً ... لم يعد هناك صبر فالصبر يعني ضحايا جدد .. وأكفان جديدة لفشل واحد آن له أن يحد ..فقد بلغ الحد
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de