قضايا السودان ...فى الصحافة العربية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 10:37 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-05-2009, 07:53 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قضايا السودان ...فى الصحافة العربية

    باقان أموم لـ «الحياة»: السودان سينهار في غياب الحرية والمساواة
    الاربعاء, 04 نوفمبر 2009

    الدوحة - محمد المكي أحمد
    Related Nodes: 110511b.jpg [1]



    حذر الأمين العام لـ «الحركة الشعبية لتحرير السودان» باقان أموم من أن البلاد ستنهار في غياب السودان الجديد القائم على الحرية والمساواة.
    ونفى الرجل القوي في «الحركة الشعبية» في حوار مع «الحياة» لدى توقفه في مطار الدوحة في طريقه الى اليابان أن يكون «محرضاً» للإدارة الأميركية، وقال إن مواقف حركته وأحزاب المعارضة تتفق مع السياسة الأميركية الجديدة تجاه السودان بشأن أهمية الحوار وتطبيق اتفاق السلام بين الشمال والجنوب.

    ووجه انتقادات شديدة لمسؤولي «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم الذي يرأسه الرئيس عمر البشير، وقال إنهم في وضع يرثى له، لأنهم متشبثون بالسلطة ومتخفون من فقدانها ولا يريدون الانتخابات والاستفتاء على تقرير المصير في موعده المقرر عام 2011.

    ودعا الى إجازة قانون جديد للأمن يحقق مقاصد الشعب السوداني كله ولا يهدف لحماية من وصفهم بـ «طغمة في حكومة ضد الشعب»، كما شدد على حرص «الحركة الشعبية» وأحزاب المعارضة التي اجتمعت في جوبا عاصمة الجنوب السوداني أخيراً على إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

    وهنا نص الحوار:

    > الساحة السياسية في السودان تعيش حال احتقان. هل تتوقع انفراجاً أم تصعيداً يؤدي الى انفجار الوضع؟

    - نأمل في حدوث تطورات تنزع الفتيل في اتجاه بسط الحريات لمواجهة استحقاقات الانتخابات الحرة النزيهة واستحقاقات التحول الديمقراطي وتحقيق تسليم السلطة للشعب السوداني.

    هذا ما نأمله، ونأمل كذلك في إجازة قانون يضع الأساس لإجراء الاستفتاء بشأن وحدة أو انفصال الجنوب السوداني في موعده المقرر في عام 2011.

    هذه القضايا الاساسية والجوهرية يوجد من الزمن ما يكفي لمعالجتها إذا توفرت الإرادة السياسية خاصة عند إخواننا في المؤتمر الوطني (حزب الرئيس البشير)، خاصة أنهم في وضع يرثى له لأنهم في السلطة ويتخوفون من فقدانها ويصعب عليهم في رأي كثير من المراقبين القبول باستحقاقات التحول الديموقراطي.

    من جانب آخر، فإن المؤتمر الوطني يتخوف من الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان لأنه يخشى فقدان عائدات النفط إذا اختار شعبنا في جنوب السودان الاستقلال أو الانفصال.

    > يثور جدل شديد في الخرطوم بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والمعارضة من جهة، وحزب المؤتمر الحاكم من جهة أخرى، حول مشروع قانون جديد للأمن، فهل تتوقعون إجازة القانون في غياب نوابكم ونواب المعارضة الذين انسحبوا من جلسات البرلمان قبل أيام؟

    - أرى أنه اذا كان «المؤتمر الوطني» يريد إعادة إنتاج ديكتاتورية الإنقاذ فسيصر قادة الحزب ونوابه على إجازة قانون قمعي لجهاز أمن يستهدف المواطن السوداني ويعيد تجربة بيوت الأشباح من جديد (بيوت سرية استخدمتها حكومة «الإنقاذ» في سنوات سابقة لاعتقال وتعذيب معارضين)، أما اذا تحلى مسؤولو «المؤتمر» بالشجاعة وقبلوا الانتقال الديمقراطي والتعددية الحزبية فسيقبلون بإجازة قانون يتواكب مع المرحلة ويتماشى مع روح الحرية والديمقراطية.

    وفي هذه الحالة سيكون جهاز الأمن جهازاً لجمع المعلومات، مكوناً من عناصر ذات قدرات عالية في جمع المعلومات وتحليلها، وسيكون جهازاً علمياً من علماء من خيرة علماء السودان في المجالات المختلفة لتطوير المصالح العليا للدولة السودانية وللشعب السوداني وللدفاع عن هذه المصالح العليا، ولتحقيق مقاصد الشعب السوداني كله وليس لحماية طغمة في حكومة ضد الشعب.

    > حزب «المؤتمر الوطني» ومسؤولوه يرون أن هناك تهديدات للأمن السوداني ولا بد من ان يكون جهاز الأمن قوياً ويتمتع بسلطات كالاعتقال مثلاً وليس جمع المعلومات كما تقول أنت؟

    - إذا كانت هناك تهديدات أمنية ضد الدولة السودانية فبكل تأكيد يجب ان تكون خارجية وليس المواطن السوداني، وجهاز الأمن القادر على مواجهة التهديدات الخارجية هو جهاز فني قادر على اكتشاف المؤامرات والتصدي لها بعمل فني استخباراتي، لاتخاذ القرار الصحيح (من الحكومة) لتحقيق المقاصد العليا للدولة السودانية.

    أما اذا كان «المؤتمر الوطني» يرى أن التهديد هو المواطن السوداني فهذا ليس تهديداً للدولة السودانية وإنما للحكومة التي جاءت بانقلاب عسكري في عام 1989).

    > مسؤولو «حزب المؤتمر» وجهوا انتقادات شديدة للحركة الشعبية والمعارضة بسبب عقد مؤتمر في جوبا أخيراً، وقالوا إنكم وبقية أحزاب المعارضة تتهربون من الانتخابات المقررة العام المقبل، ما رأيك؟

    - إذا كنا لا نريد الانتخابات لماذا نتحدث عنها ولماذا مؤتمر جوبا، كل القوى التي اجتمعت في جوبا تريد انتخابات حرة ونزيهة ونتخوف من محاولات (حزب) المؤتمر الوطني تزوير تلك الانتخابات.

    > في حال عدم استجابة «المؤتمر» الحاكم لمطالبكم ومطالب المعارضة بإجازة قوانين تضمن انتخابات حرة ونزيهة، هل سيناريو الأحداث سيقود الى مـقاطعة الحـركة الشـعبية لتحرير السودان وأحـزاب المعارضـة الانتخابات المقـبلة؟

    - مهمتنا من الآن حتى الثلاثين من تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي هي العمل لتحقيق كل استحقاقات الانتخابات الحرة والنزيهة من خلال تعديلات للقوانين الضرورية، وفقط عندما يأتي ذلك التاريخ سيكون لنا رأي (أحزاب المعارضة حددت 30 الجاري موعداً لتحديد موقفها النهائي من خوض الانتخابات إذا لم تتم إجازة قوانين تساعد على انتخابات حرة).

    > قضية دارفور مازالت تراوح مكانها، فهل ستتم الانتخابات بمعزل عن دارفور، كما جرت بمعزل عن جنوب السودان في سنوات مضت بسبب الحرب هناك؟

    - نأمل في أن يتحقق السلام في الجولة المقبلة (في الدوحة) على رغم ان التقارير الواردة من جهات عدة تشير الى انه من المستحيل تحقيق السلام في تلك الجولة، لكننا نأمل في أن يتحقق السلام في دارفور في جولة المفاوضات المقبلة ليشارك اهلنا في الانتخابات القادمة، لتكون معبرة عن إرادة كل الشعب السوداني وبينهم أهلنا في دارفور.

    نحن نريد سلاماً أولاً وقبل شيء لتنتهي الحرب في دارفور وليعود أهلنا الى قراهم، كفى مآس وقعت على شعبنا في دارفور وقد اتهم المجتمع الدولي الدولة السودانية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في دارفور، وهناك آخرون يصفون ما حدث بإبادة جماعية وتطهير عرقي، ونحن نريد نهاية لتلك المأساة.

    > لجنة الحكماء الأفارقة دعت في تقريرها الذي صدر قبل أيام الى تكوين محكمة من قضاة سودانيين وأجانب لمحاكمة مجرمي الحرب في دارفور، كيف تنظرون إلى ذلك؟

    - طبعاً يوجد غياب لقضاء مستقل في السودان، حتى ان «المؤتمر الوطني» والحركة الشعبية لم يلجآ للقضاء السوداني لحلف خلافهما حول «ابيي»، بل اتجها الى المحكمة الدولية، هذا اعتراف من «المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية» بأنه يوجد غياب لقضاء مستقل يمكن ان نثق فيه في السودان.

    لذلك اعتقد أن ما ذهبت اليه لجنة الحكماء نابع من موقف «المؤتمر» والحركة الشعبية تجاه القضاء السوداني عندما انتقلا الى لاهاي (المحكمة الدولية بشأن حل النزاع في ابيي)، وخرجت لجنة الحكماء باقتراح محاكم مختلطة ولم تقترح الذهاب الى لاهاي كما فعل «المؤتمر الوطني» والحركة الشعبية.

    > إدارة الرئيس الأميركي حددت رؤيتها وسياستها بشأن التعامل مع الحكومة السودانية، هل تؤيدون في الحركة الشعبية تلك السياسة الأميركية أم لديكم ملاحظات؟

    - السياسة الأميركية تجاه السودان فيها اتفاق مع موقف «الحركة الشعبية» وموقف القوى السياسية المختلفة حول قضايا السلام وضرروة تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وضرورة تحقيق السلام في دارفور.

    كذلك نتفق (مع سياسة إدارة أوباما بشأن السودان) لأنهم ينتهجون سياسة الحوار، وهذا ما دعونا اليه قبل اعلان السياسة الاميركية الجديدة تجاه السودان.

    نحن والقوى السياسية السودانية دعونا في مؤتمر جوبا الى ضرورة حوار وطني شفاف من دون عزل لأية جهة، وهذا هو الاتجاه الذي ذهبت اليه الادارة الأميركية.

    نحن نرى كقوى سياسية سودانية أننا سبقنا الادارة الاميركية في وضع خريطة طريق لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية لتحقيق التحولات الضرورية، سواء ما يتعلق بالتحول الديمقراطي أو بإجراء الاستفتاء في موعده (2011).

    > كثيرون في حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم يتهمونك بأنك تستعدي أميركا على الحكومة السودانية بدعوتك وتحريضك واشنطن في سبيل الإبقاء على العقوبات المفروضة على السودان، ما ردك؟

    - أنا لا أحرض أية جهة على أية جهة، نحن في الحركة الشعبية نعمل لتحقيق السلام عن طريق التنفيذ الكامل لاتفاقية السلام الشامل بشقيها وهما التحول الديمقراطي وحق تقرير المصير والمشورة الشعبية في جنوب السودان وإنهاء الحرب في دارفور.

    نحن نقوم بحشد الشعب لسوداني حول هذه الأهداف الوطنية، ونقوم كذلك بحشد التضامن والدعم الإقليمي والدولي لتحقيق السلام والحرية في السودان.

    نحن لا نقوم بتحريض أية جهة، انما نطلب دعم الشعب السوداني وكل العالم لأن يتحول السودان الى دولة قائمة على أساس الحريات ودولة ديمقراطية وتكون في حالة سلام مع ذاتها.

    > أنت أيضاً متهم بأنك انفصالي، وتروج للانفصال، وأن كل ممارساتك السياسية الآن تصب في هذا الاتجاه؟

    - الشعب السوداني قادر على تقويم كل ما ذهبنا اليه، وكل ما نقوله يتم في العلن من دون لف أو دوران، وبالتالي فإن تفسيرات «المؤتمر الوطني» لمواقف الحركة الشعبية أو مواقفي كشخص هي من حقهم، ولكن لكل مواطن القدرة على التقويم المستمر.

    > أنت مع وحدة السودان أم مع انفصال جنوبه؟

    - أنا مع السودان الجديد المبني على أسس جديدة، ونؤمن أن غياب السودان الجديد وغياب هذا المشروع يقود لانهيار السودان القديم لأنه سودان قائم على تناحر وحروب، وقد وصل بنا السودان القديم الى حافة الهاوية.

    مستقبل السودان في اتجاه الوحدة كامن في أن يتحول الى دولة تتسع لكل أهلها على أساس الحرية والمساواة، واذا لم يتحقق ذلك فسينهار السودان ليس بسبب أي شخص بل بسبب العوامل الداخلية وغياب أسس الوحدة.

    الحياة



    ----------------------------------------



    44893 ‏السنة 133-العدد 2009 نوفمبر 5 ‏17 من ذى القعدة 1430 هـ الخميس





    المسألة السودانية‏..‏ سياسة المناورات ومخاطر الانفصال
    بقلم نبيل عبدالفتاح


    الكتابة عن المسألة السودانية وعديد مخاطرها الآنية والمستقبلية تبدو موشومة بالحساسيات والمحمولات النفسية المحتقنة‏,‏ ناهيك عن بعض الالتباسات‏,‏ والنيات سلبية المقاصد‏,‏ من بعض اطراف الصفوة السياسية الحاكمة والمعارضة‏,‏ والجماعة الثقافية السودانية‏,‏ إزاء بعض المتابعات أو الآراء التي تنشر في الصحافة المصرية‏,‏ علي قلة ما يكتب ويستدعي التوقف مليا أمامه بالجدية الواجبة‏,‏ بعض التوتر في الخطاب السياسي السوداني والصحفي إزاء مصر‏,‏ مرجعه انه غالبا ما يطرح مجموعة من المقولات السلبية التي تستعاد وتوظف من تاريخ العلاقات بين البلدين الشقيقين كي يلعب دورا تعبويا في اثناء الأزمات الداخلية أو الاقليمية التي لاتستطيع الصفوة الحاكمة‏,‏ أن تديرها بكفاءة وعقلانية وخيال سياسي خلاق‏,‏ يبدو لي أن عودة الحديث مجددا عن مثلث حلايب وشلاتين واعتباره إحدي الدوائر الانتخابية المقبلة‏,‏ هو تعبير عن تفاقم أزمة إدارة المسألة السودانية‏,‏ في ضوء عديد الاعتبارات ومنها‏:‏

    ‏1‏ ـ الضغوط الدولية علي الحكومة والنظام من خلال الاتهامات الموجهة من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ـ لويس اكامبو ـ للرئيس البشير ومعه وزير الشئون الانسانية هارون‏,‏ وقائد الجنجاويد علي كوشيب‏,‏ وهم مجموعة ضمن آخرين تطالهم اتهامات بارتكاب جرائم ضد الانسانية في دارفور‏.‏
    ‏2‏ ـ استمرارية تطبيق العقوبات الأمريكية علي السودان‏,‏ بوصفها دولة داعمة للإرهاب‏.‏
    ‏3‏ ـ فشل الديبلوماسية السودانية في إدارة بعض ملفاتها التفاوضية مع الفصائل المسلحة في اقليم دارفور‏,‏ سواء في الدوحة تحت اشراف الحكومة القطرية أو مع الحكومة الفرنسية بخصوص ملف تشاد‏,‏ أو جماعة العدل والمساواة‏/‏ فصيل عبدالواحد نور المقيم في باريس‏.‏

    ‏4‏ ـ فشل جميع محاولات المصالحة الافريقية والعربية مع تشاد والرئيس ادريس ديبي‏,‏ وذلك لاعتبارات تتصل بالتداخل القبلي والعرقي ـ قبيلة الزغاوة ـ بين تشاد وإقليم دارفور من ناحية‏,‏ والمحاولات المتتالية لاسقاط ديبي عبر دعم المعارضة التشادية‏,‏ أو دعم ديبي لبعض الفصائل الدارفورية المسلحة والمعارضة للنظام‏.‏
    ‏5‏ ـ المناورات وغياب تصورات واقعية وسياسية للتعامل مع حالة التهميش التاريخي والسياسي والثقافي والاجتماعي لابناء دارفور وقبائلها الافريقية‏,‏ في إطار سلطة ما بعد الاستقلال واحزابها الطائفية أو غيرها‏,‏ في استيعاب طبيعة التعددية العرقية واللغوية والمناطقية والثقافية وتعقدها‏,‏ وثراءها‏,‏ فسياسات الحكومة العسكرية الانقلابية‏,‏ والمدنية والدينية ما بعد الاستقلال ركزت علي مسألة احتكار السلطة داخل التركيبة القبائلية الثلاثية للوسط النيلي‏,‏ بكل ما تنطوي عليه من نزعة طائفية‏,‏ واستعلاء عرقي باسم العروبة والإسلام علي التركيبات القبلية والدينية والمذهبية والعرقية في الجغرافيا السياسية والدينية السودانية في مناطق الجنوب والشرق وغرب السودان‏.‏
    ‏6‏ ـ لم تستطع سلطات ما بعد الاستقلال علي اختلافها‏,‏ بلورة سياسات تعليمية وثقافية ولغوية قادرة علي استيعاب التعدديات والتنوع في الهويات والتكوين التاريخي للسودان‏,‏ علي اسس ديمقراطية وتشاركيه‏,‏ وثقافية مدنية لاتقوم علي الاستعلاء والنبذ والاقصاء والتهميش‏.‏

    ان الثقافة الانقلابية للعسكريتاريا‏,‏ والطوائفية لقبائل الوسط والصفوة الحاكمة التي خرجت من اعطافهما العرقية والدينية‏,‏ ادت إلي عدم استقرار سياسي‏,‏ وتقلبات وسمت غالب تاريخ سلطات ما بعد الاستقلال إلا فيما ندر‏,‏ ومن ثم افتقر كلاهما للخيال والرؤي الخلاقة القادرة علي توليد استراتيجيات للتكامل والاندماج القومي تؤسس علي مؤسسات سياسية تتمايز عن الاطر الطائفية‏/‏ القبلية‏/‏ العرقية الحاملة لها‏.‏

    لم تستطع صفوة السلطات العسكرية والمدنية ما بعد الاستقلال ان تتفهم الاماني والتطلعات المشروعة لاهالي دارفور‏,‏ والبجا في شرق السودان‏,‏ والدنيكا والشلك وغيرهم في الجنوب‏.‏ الطابع اللامؤسسي والقبلي‏/‏الطوائفي‏/‏ الإسلامي وسم إدارة وممارسات سلطات ما بعد الاستقلال‏,‏ وقصر التجنيد السياسي للصفوة السياسية والحزبية علي تركيبة الوسط الحزبية اساسا بكل محمولاتها وعلاماتها الطائفية والدينية والعسكرية‏.‏ ترتب علي ذلك تهميش وغبن تاريخي لاهالي وقبائل دارفور في غالب قطاعات سلطة ما بعد الاستقلال‏,‏ واجهزة الإدارة المدنية‏,‏ وفي التعليم والخدمات والصحة والتوظيف‏,‏ وكذلك في الجيش السوداني حيث عملوا في ادني مستويات السلم القيادي وفي تدني نسب قبولهم بالكليات العسكرية‏.‏

    ثمة فشل تاريخي يعود إلي جذور ثقافية‏,‏ دينية وتمركز عرقي حول صفوة الوسط النيلي‏.‏ ثمة ملاحظة علي السلوك السياسي للصفوة الحاكمة في اعقاب انقلاب الانقاز‏,‏ تتمثل في الاسلمة‏/‏ العرقية لمؤسسات السلطة علي اختلافها‏,‏ وفي الاطر القانونية الحاملة لقيودها علي الحريات العامة والشخصية وباتت تشكل أحد ابرز العوائق إزاء المشاركة السياسية الفعالة‏,‏ وانفاذ القواعد والمعايير الدولية لحقوق الانسان‏,‏ ولاسيما الحريات الدينية‏,‏ ورفع القيود عن حقوق المرأة السودانية علي اختلاف انتماءاتها الدينية والقبلية والعرقية‏.‏

    تبدو نزعة المناورات غير البناءة إحدي ابرز سمات الصفوة السودانية الشمالية والجنوبية‏,‏ حيث الميل إلي اتباع سياسة حافة الهاوية مع الأطراف الأخري‏,‏ مع الحركة الشعبية لتحرير السودان‏,‏ ومع المحكمة الجنائية الدولية وتشاد‏,‏ ومصر‏,‏ ومقترحات الجامعة العربية والولايات المتحدة‏,‏ وفرنسا ودول المجموعة الأوروبية ومبادرة مبيكي الافريقية‏,‏ مناورات ورسائل في جميع الاتجاهات‏,‏ في محاولة لاستثمار عامل الوقت‏,‏ والاعتقاد في انه يعمل لمصلحة السلطة الحاكمة بقيادة البشير‏/‏حزب المؤتمر‏/‏ الجيش السوداني‏.‏

    الاجنحة الامنية المؤدلجة في حزب المؤتمر ـ وسابقا في الانقاذ مع الترابي ـ أكثر تشددا ورفضا للبراجماتية ـ لدي الرئيس البشير ووزير دفاعه ـ في التفاوض مع الفصائل الدارفورية‏,‏ ومع شريك اتفاقية نيفاشا الحركة الشعبية بقيادة سلفاكير‏,‏ الذي طرح مناورة حث ابناء الجنوب علي الانفصال للضغط المضاد علي حزب المؤتمر الوطني والملفات العالقة في البرلمان‏,‏ وفي إدارة شئون الحكم‏,‏ بحيث بات كل طرف يحكم نطاقا جغرافيا داخل الجغرافيا السياسية للسودان‏.‏ اعتبار مثلث حلايب‏/‏ شلاتين دائرة انتخابية يشكل مناورة مع الحكومة المصرية كي تدعم الحزب والسلطة الحاكمة أكثر من ذي قبل‏,‏ ومحاولة تعبئة قبائل الوسط النيلي‏,‏ والبجا والنوبيين ضد مصر‏,‏ وابعاد النظر عن حجم المخاطر الجسيمة التي تهدد وحدة وتكامل السودان‏,‏ واحتمال تعرضه للانفصال والتفكك في أكثر من منطقة بكل مخاطر ذلك الداخلية والاقليمية‏,‏ ونذر الحروب والنزاعات التي يمكن ان تتولد عن ذلك‏.‏

    ثمة قضايا عالقة بين شريكي اتفاق نيفاشا تحتاج إلي حنكة وبراجماتية سياسية خلاقة لا مجرد لعبة المناورة التقليدية فقيرة الخيال كما يحدث الآن‏,‏ ومنها قانون الاستفتاء‏,‏ حيث يري المؤتمر الوطني ان انفصال الجنوب يتطلب مشاركة‏70%‏ من المسجلين في جداول الاستفتاء‏,‏ بينما رأت الحركة الشعبية ان ذلك لايتطلب سوي مشاركة‏50%‏ من المسجلين في الجداول‏.‏

    الخلاف ازاء قانون جهاز الأمن يدور حول سلطة الاعتقال التي يري المؤتمر الوطني اسنادها للأمن‏,‏ وان يكون له قوة مسلحة‏,‏ في حين ذهبت الحركة إلي ان الجهاز الأمني‏,‏ لايعدو كونه جامعا للمعلومات ويحللها ويرفعها للسلطة‏,‏ ودونما قوة مسلحة حتي لاتتحول إلي قوة موازية للجيش‏,‏ ثمة خلافات حول التعداد الديموجرافي‏,‏ حيث رفضت الحركة نتائج التعداد الذي تم مؤخرا‏,‏ وثمة خلافات اخري حول النفط وعائداته والتشكيك في حجم الانتاج‏,‏ وكذلك ترسيم الحدود في منطقة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب بعد صدور قرار التحكيم الدولي واستخدام النزاعات القبلية حولها لعرقلة تنفيذ قرار التحكيم‏.‏ من محاور الخلاف بين الطرفين أيضا قانون المشورة الشعبية حول جبال النوية والنيل الارزق‏,‏ وتحديد موقعهما الاداري‏,‏ وهل من حق الحركة الشعبية المطالبة به أم لا‏,‏ لانه غير منصوص عليه في الدستور ولانه بروتوكول منفصل ملحق باتفاقية السلام‏,‏ في حين تذهب الحركة إلي مطالبة الحكومة المركزية به‏.‏ كلها محاور خلاف تحتاج إلي رؤية خلاقة تتجاوز الخلافات للحفاظ علي الحد الادني من احتمالات استمرار الوحدة‏,‏ بينما المناورات الهامشية تشير إلي مخاطر التفكك والانفصال ونذر صراعات وحروب قادمة من أسف وأسي معا‏.‏


    الاهرام
                  

11-05-2009, 08:19 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    السودان نحو مزيد من الاختراق الإيراني
    الأربعاء 23 من جمادى الأولى 1429هـ 28-5-2008م ا
    أحمد الغريب

    مفكرة الإسلام:


    تتابع تل أبيب بقلق كبير العلاقات الخارجية لإيران وتترقب أي محاولات من قبل طهران لكي تشعب من علاقاتها مع بعض الأطراف والجهات الإقليمية , وتنظر إسرائيل بعين الخطر لما تردد في الآونة الأخيرة عن دخول طهران في تحلف عسكري جديد مع السودان وهو ما اعتبرته تهديدا لمصالحها الإستراتيجية .

    حيث أورد موقع "ديبكا" "الإسرائيلي" تقريراً نقلاً عما أسماه بمصادره العسكرية الخاصة , حول تنامي العلاقات العسكرية بين إيران و السودان , بهدف التسهيل على طهران لكي تصبح قريبة من قطاع غزة وسيناء ومصر وإيلات ومن مناجم اليورانيوم في دولة تشاد.
    وتؤكد مصادر الموقع أن وزير الدفاع الإيراني اللواء مصطفي ناجر , ووزير الدفاع السوداني اللواء عبد الرحيم حسين , والذي كان يشغل في السابق منصب قائد القوات الجوية وعين في منصبه الجديد منذ حوالي شهر, وقعا في العاصمة الإيرانية طهران على عدة اتفاقيات للتعاون العسكرية , تعطي الإمكانية لإيران من أجل إقامة قاعدة عسكرية في السودان , وبذلك تكون إيران قد أحكمت من قبضتها على مصر وإسرائيل.
    وذكر الموقع أن تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك خلال زيارته لبعض المواقع العسكرية الواقعة شمال إسرائيل , المح خلالها لوصول معلومات إلي إسرائيل بشأن الاتفاق الإيراني – السوداني , حيث أكد في تلك التصريحات أن النشاط مستمر على الجانب الآخر من الحدود , لكن إسرائيل الدولة الأقوى في المنطقة وأدعو من هم في الطرف الثاني من الحدود لعدم الاحتكاك بنا , وذكرت مصادر الموقع أن قوة الجيش الإسرائيلي , تدفع باقي الأطراف لتنامي قوتها , وتدفع إيران لمساعدة الفصائل الفلسطينية وحزب الله وكذلك سوريا من أجل تعاظم قوتها.
    وأشارت المصادر ذاتها إلي أن الآونة الأخيرة شهدت تنامي للقوة الإيرانية وانتشارا إيرانياً حول إسرائيل , وقالت تلك المصادر أن قوة الجيوش لا تقاس فقط بقدراتها وبعدد الصواريخ والطائرات التي يمتلكها ولكن بقدرتها على الردع , وفي تلك المرحلة التي تحكم فيها إسرائيل حكومة بقيادة أولمرت وبارك وتسيفي ليفني , فأن قدرة الردع الإسرائيلية غير فعله.
    وأوردت مصادر الموقع نص الاتفاق العسكري الذي وقعت عليه إيران والسودان بهدف ترسيخ التعاون فيما بينهما والذي تضمن مساعدة إيران للسودان عسكرياً والمساهمة في تحول الجيش السوداني من استخدام السلاح الروسي والصيني لاستخدام السلاح والذخيرة الإيرانية , وكذلك اتفق على أن تقوم إيران بمنح تخفيضات تصل إلي 50% على مبيعات السلاح الإيراني للسودان , وكذلك اتفق على أن تقوم إيران بمساعدة السودان في بناء قاعدة صناعية عسكرية , لإنتاج السلاح الإيراني الذي تحتاجه الخرطوم.
    وبحسب الموقع "الإسرائيلي" فأن الجانبين السوداني والإيراني اتفقا على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لبحث النشاط الإيراني – السوداني في مجال الدفاع على مصالح البلدين , وستعمل تلك اللجنة بالتنسيق مع لجنة الارتباط العسكرية الموجودة في الوقت الحالي بين سوريا وإيران.
    كما جرى الاتفاق بين الجانبين على أن لا تسمح كلا الدولتين لأي أطراف خارجية بالاعتداء عليهما , واتفق كذلك على أن يتم تبادل الوفود العسكرية بين البلدين والتنسيق بين مختلف أذرع الجيش المختلفة في السودان وإيران , وكذلك جرى الاتفاق على تبادل الممثليات العسكرية , وبحسب الاتفاق بين البلدين ستقوم إيران بتقديم المساعدة للسودان من أجل التخطيط لبناء مواقع إستراتيجية , مثل الحقول النفطية والموانئ والسدود على نهر النيل.
    وكشف الموقع الإسرائيلي عن زيارة قام بها وفد عسكري إيراني للسودان مؤخراً , حيث قام الجانب السوداني بترتيب زيارة لكافة المواقع العسكرية الحساسة في السودان , لأستعرض أهم المشاكل التي تواجه الخرطوم في الدفاع عن تلك المواقع , كما زار الوفد الإيراني منطقة دارفور الواقعة على طول الحدود السودانية – التشادية وكذلك السدود السودانية الواقعة على نهر النيل.
    كما كشف الموقع عن اتفاق الجانب الإيراني مع السودان على القيام بمهام التدريب وكذلك إرسال مرشدين عسكريين لتدريب وحدات الجيش السوداني العاملة في دارفور , وسيقوم الجانب الإيراني من أجل التمويه على نشاطه العسكري في دارفور ببناء عدة مصانع في تلك المنطقة , وكذلك مستشفي عسكري لخدمة الجيش السوداني.

    وتؤكد المصادر المخابراتية للموقع الإسرائيلي أن ذلك ليس هو التواجد الأول من نوعه لإيران في دارفور , ففي نهاية عام 2006 وافقت السودان سراً على السماح لإيران بنشر مجموعة من عملاء المخابرات الإيرانية على طول الحدود مع دولة تشاد بهدف القيام بثلاث مهام رئيسية:
    1. السيطرة على العناصر القبلية في تشاد التي يعتبر أتباعها القوى البشرية العاملة في حقول اليورانيوم في شرق تشاد بهدف السيطرة عليهم.
    2. السعي من أجل الارتباط ببعض العناصر التشادية القادرة على التعامل بشكل جيد مع تنامي النفوذ الليبي في تشاد.
    3. القيام عن طريق تشاد بالاتصال بجهات إرهابية في أفريقيا, التي تقوم بمحاربة محاولات السيطرة الأجنبية على أفريقيا خاصة من قبل أمريكا وإسرائيل.
    وتساءلت المصادر ذاتها عن سبب تزامن زيارة وزير الدفاع السوداني لطهران وقيام الصحف السودانية بنشر أنباء عن قيام أجهزة الأمن السودانية بالعثور على معدات تعقب إلكتروني خاصة بجهاز الموساد الإسرائيلي كان بعض العاملين في شركات النفط الأمريكية بزرعها في عدة منشآت عسكرية في السودان , دون أن يكشف الجانب السوداني عن أسم الشركة.
    وذكرت تلك المصادر أن محاولة إقحام أحدى الشركات الأمريكية العاملة في السودان في نشاط مخابراتي مع جهاز الموساد الإسرائيلي , أدى إلي إثارة مخاوف واشنطن وتل أبيب , وإلي وجود اعتقد بأن الخرطوم ستشرع في تنفيذ سياسة معادية لأمريكا وإسرائيل والارتباط بمحور إيران.
    خلفية عن العلاقات السودانية – الإيرانية :
    تجدر الإشارة إلي أن العلاقات السودانية – الإيرانية وصفها المراقبون في السودان في الآونة الأخيرة إستراتيجية ومتينة , وأن الجانبين يدفعهما في الوقت الراهن التطلع المشترك نحو ما هو أكثر عمقا ومتانة وتطورا.
    وفي عهد حكومة الرئيس السوداني عمر البشير وفي بداية التسعينات على وجه الخصوص بلغت العلاقات بين الخرطوم وطهران قمة في التطور الايجابي في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية هذا فضلا عن تبادل الزيارات بين كبار المسئولين على مستوى الرؤساء حيث زار الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رافسنجاني الخرطوم في العام ۱۹۹۷ في وقت كان السودان يشهد فيه حصارا اقتصاديا وسياسيا ودبلوماسيا في إطار عزلة شاملة فرضت عليه بعد إدراجه في قائمة الدول الراعية للإرهاب كما زار السودان أيضا الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي قبل عامين فيما شهدت طهران أيضا زيارة للرئيس السوداني عمر البشير وصفت بأنها تاريخية.
    ويرجع كثير من المراقبين بالداخل والخارج التطور الكبير الذي شهدته العلاقات الثنائية بين البلدين في عهد حكومة الرئيس البشير إلى عدة أسباب أهمها التوجه الإسلامي المشترك لكلا البلدين، والاستهداف الخارجي لهذا التوجه حيث تشعر كل من الخرطوم وإيران إنهما تواجهان عدوا مشتركا يستهدف محاصرة وإزالة التوجه الحضاري الإسلامي السائد في البلدين، وينظر السودانيون إلى تجربة النموذج الإيراني في إدارة الدولة بعد نجاح الثورة الإيرانية على انه نموذج يجب أن يحتذي، وان استمرار نجاح التجربة الإيرانية يمثل دافعا قويا لاستمرار مثيلتها السودانية في إقامة الدولة الإسلامية, حسبما أكدت مصادر إعلامية سودانية.
    هذا وسبق أن تم توجيه الاتهام للبلدين بالتنسيق من أجل دعم الإرهاب الدولي وتم تصنيف البلدين باعتبارهما من الدول الداعمة للإرهاب واتهمت طهران بإنشاء معسكرات لتدريب الأصوليين الإرهابيين في السودان وبتمويل منها مما زاد استحكام العزلة على البلدين وقد كان دافعا لتمتين وتقوية علاقاتهما باعتبار إنهما يواجهان عدوا ومصيرا مشتركا.

    وتقول مصادر سودانية أن إيران لم تكن بعيدة عن القضايا السودانية في يوم من الأيام فقد شكلت تلك القضايا محور اهتمام مستمر لدى طهران التي حاولت فلك طوق الحصار الذي ظل يعاني منه السودان كثيرا في الفترة الماضية حيث قامت بعدد من المبادرات لإصلاح علاقات السودان مع بعض جيرانه حيث لعبت دور الوسيط لتطبيع العلاقات السودانية الأوغندية والتي لعب فيها الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رافسنجاني دورا بارزا ، كما قام بمساع أخرى لتقريب وجهات النظر بين السودان واريتريا ولما كانت العلاقات الإيرانية العربية في وقت سابق يشوبها بعض التوتر وكذلك العلاقات الإيرانية الغربية حصرت طهران جهود الوساطة لفك حصار السودان وقتها على الدول الإفريقية وقد نجحت في ذلك , على حد قول تلك المصادر.

    من موقع مفكرة الاسلام
                  

11-05-2009, 08:32 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    بانوراما: مقترحات الترابي.. هل تحل مشاكل السودان؟
    --






    اسم البرنامج: بانوراما تقديم: منتهى الرمحي تاريخ الحلقة: الأحد 12/4/2009 ضيوف الحلقة: د. حسن الترابي (عضو المؤتمر الشعبي)




    - هل تكفي اقتراحات الترابي بتشكيل حكومة انتقالية وتغيير النظام السياسي في حل أزمات السودان؟
    - وهل أصبحت القاعدة تجند عناصرها في بريطانيا من بين الطلبة الجدد بدلاً من المقيمين لتنفيذ هجمات إرهابية؟
    منتهى الرمحي: أهلاً بكم معنا إلى بانوراما الليلة، هذان العنوانان هما محور حلقتنا لكننا نتوقف أولاً مع موجز بأهم الأنباء.
    [فاصل إعلاني]
    منتهى الرمحي: أهلاً بكم معنا من جديد. هل يمكن لحكومة انتقالية أن تحل مشاكل السودان؟ الجواب نعم بحسب الدكتور حسن الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض، والذي دعا أمس إلى تشكيل مثل هذه الحكومة من شخصيات وطنية، وأن لا تكون حكومة ائتلافية. وأوضح الترابي أن الوطن كله سيكون ممثلاً في هذه الحكومة التي ستكون مرجعاً للإجماع الوطني تدير شؤون الوطن وتخرجه من الأزمة الحالية، وشدد الترابي على ضرورة أن تحترم الحكومة الانتقالية الجنوب وتهتم بشؤونه، مضيفاً أن الحكومة الحالية هي حكومة رجل واحد في إشارة إلى الرئيس البشير الذي ساعده للوصول إلى السلطة عام 89 قبل أن يختلف معه فيما بعد.
    كما قدم الترابي رؤية من عشر نقاط لتجاوز الأزمة، منها إجراء إصلاحات شاملة سياسية وقانونية في قضايا الحريات، إضافة إلى تهيئة الأجواء لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، واستبعد خروج الشعب السوداني في الوقت الراهن في ثورة شعبية قد تؤدي إلى تمزيق السودان كما قال مطالباً بنظام سياسي جديد.
    فهل اقتراحات الترابي قادرة فعلاً على حل أزمة السودان وخاصة أزمة رئيسه بعد أن صدرت بحقه مذكرة توقيف من قبل المحكمة الجنائية الدولية؟

    مقترحات الترابي.. هل تحل مشاكل السودان؟


    سعد الدين حسن: حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور حسن الترابي رفيق حكم الأمس وأشد معارضي اليوم، يودع طاولة المشهد السياسي السوداني رؤيته لتجاوز أزمته السياسية، عشر محاور تناولت مجمل القضايا التي تتداولها القوى السياسية المعارضة، واقتراح بقيام حكومة انتقالية تقوم مكوناتها على التكنوقراط كبديل لحكومة الوحدة الوطنية القائمة التي قدح الترابي في فعالية أطرافها.
    حسن الترابي (الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي): أن يأتي اثنان من كل حزب أو ثلاثة يضاف إلى الكتلة القائمة الآن حكومة الوحدة الوطنية، الرئيس الآن له كل السلطة فلذلك هؤلاء الوزراء غالبهم لا يعلمون شيئاً إلا عن وزارتهم.
    سعد الدين حسن: وفي المقابل ترى بعض الأطراف المشاركة في الحكومة أن طبيعة تكوينها تقوم على اتفاقيات تشكل الضامن الأساسي إلى حين قيام العملية الانتخابية وإن اعترفوا بحاجتها لمزيد من القومية.
    م. عبد الله مسار (مستشار الرئيس السوداني): حكومة الوحدة الوطنية هي حكومة جاءت بناء على اتفاقيات، وهذه الاتفاقيات حددت نسب بالنسبة لهذه الحكومة 52% للمؤتمر الوطني و28% للحركة الشعبية و20% للأحزاب الأخرى. بهذا الشكل هي فعلاً حكومة أغلبية في المؤتمر الوطني، ولكن من حيث الممارسة فهي حكومة جماهيرية باعتبار أن القرار الذي يصدر هو قرار تراضي في أغلب الأحيان.
    سعد الدين حسن: أما كبرى القوى السياسية ومنها حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي فتتفق مع الترابي في رؤيته لحوجة البلاد إلى حكومة انتقالية تقوم على القومية.
    مريم الصادق المهدي (قيادية في حزب الأمة القومي): كلها أشياء مطلوبة موضوعياً لحكومة وحدة قومية، بالتالي نعتبر ما جاء به مقترحات الإخوة في المؤتمر الشعبي تأييد لمقترحات حزب الأمة، وتأكيد على ما اتفقت عليه القوى السياسية عبر التحالف الوطني.
    سعد الدين حسن: رؤية عنوانها تجاوز الأزمة السياسية في السودان، قد يقطع ما جاء بطريق التقارب بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم وحزب المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي، إذ يدور همساً حديث عن بلوغه خطوات إلى الإمام في ظل آراء بعض قياديي الحزب الحاكم بأن ما يخرج يعبر عن الترابي وليس حزبه، الأمر الذي يشير بحسب المراقبين إلى احتمال حدوث انشقاق ثالث في صفوف الإسلاميين. سعد الدين حسن – العربية - الخرطوم
    منتهى الرمحي: ومعنا من الخرطوم الدكتور حسن الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، أهلاً بك معنا دكتور ترابي. وأبدأ معك أولاً باقتراحكم بتشكيل حكومة وطنية انتقالية، هل فعلاً ترون أنها ممكن أن تحل مشاكل السودان؟ وأي نوع من المشاكل التي يمكن أن تُحل عن طريقها هكذا حكومة؟
    د. حسن الترابي: هذا ليس بدعاً من المقترحات، ولكنه هو من عبر السودان الذي انتقل من الحكم العسكري في الستينات ثم في الثمانينات، بأن أوكل لفترة انتقالية أمر الحكم لإدارة شؤون الجارية ولإشرافه على انتخابات ترد السلطة إلى الشعب لينتخب نوابه وحكومته القادمة، بإيكال الأمر إلى قوميين في الخدمة العامة لا ينتمون لحزب فلا يتهمهم أحد بأنهم ينحازون لشيء، ومن حولهم وكان فيهم الأحزاب كلها يمكن أن تكون منظومة خارج السلطة ولكنها تتفق على أزمات البلد، أولاً تطمأن الإخوة في الجنوب لأن الثقة الآن بدأت تضطرب بين الطرفين على اتفاقيتهم، وثانياً تقبل على قضية دارفور ومن ورائها دعم وتأييد وطني شامل لا بين الطرفين، هي ليست قضايا سياسية عابرة يتفق فيها حزبان، ولا هي قضايا تأسيسية لقيام البلد ولوحدتها ولكيانها الدستوري، لا بد من أن يجمع عليها القوى السياسية كلها، وبالطبع عندئذ كل تاريخنا مع هذه الحكومات الانتقالية تبسبط الحرية تماماً ولا تحتكر المال لحزب ولا لجهة، وتترك الإعلام بغير رقابة، والإعلام العام مفتوحاً لكل الأصوات والإعلام المرئي كذلك لكل الوجوه، والناس عندئذ يرتاحون ويطمأنون إلى مستقبل الانتخابات العادلة لا تكون كعرض الانتخابات الذي نشهده في بلاد كثيرة من الحكم العسكري.
    منتهى الرمحي: ألا يكون من الممكن دكتور ترابي بأن تلعب إذا قامت هذه الحكومة دوراً عكسياً على الشارع السودان ليس في وضع طبيعي الآن؟ مشكلة دارفور مشكلة تتعمق وتتأزم يوماً بعد يوم بحسب كثير من التقارير، مشكلة الرئيس السوداني لوحدها كفيلة بأن تجعل الأوضاع داخلياً متوترة، أنتم بحاجة إلى حكومة معجزة وليس حكومة انتقالية إذاً لتقوم بترتيب الأوضاع بفترة أشهر يعني؟
    د. حسن الترابي: إذا قامت حكومة انتقالية وعلى كنفها من ورائها كل المنظومات السياسية ليست في داخل السلطان وصناعة القانون، ولكن هي التي تباشر مثل القضية قضية دارفور التي أعجزت هذه الحكومة وأخفقت فيها سنين، بل تفاقمت المآسي الإنسانية الآن بسحب كل العون الخيري الطوعي الذي يأتينا، وحتى آخر محاولة في قطر مثلاً لجمع الصفين الآن تعوقت شيئاً ما. الأمر يستدعي أن تنتظم الأحزاب، ولكن تقوم حكومة كأنها إدارية مؤقتة حتى يقوم وفاق بين كل الناس لا بين طرف في السلطة، وقضيته هو أن يحتكر كل هذه السلطة لنفسه والآخرون يريدون لا مركزية وفدرالية واتحادية، يريدون أن ينزعوا منه نصيباً ويقع الخلاف عندئذ. وكذلك الجنوب الجنوب لا نريد أن نحرك الجنوب نحو انفصاله، لأنه الآن النزعة التي تسود الآن في الجنوب من قلة الثقة في الوفاء بالاتفاق والخلاف على بعض القضايا الحدودية لا سيما مناطق الحدود البترولية، نزع بهم إلى أن يكون خيارهم عند الاستفتاء أو قبل الاستفتاء ربما الانفصال من السودان، وعندنا في الشرق مشكلة، فلا نريد للبلد هكذا نشهده يتمزق هكذا.

    المنظومات السياسية المختلفة هل تتفق مع رؤية الترابي؟


    منتهى الرمحي: المنظومات السياسية دكتور ترابي المنظومات السياسية في السودان متعددة ومختلفة، لنأخذ على سبيل المثال الحزب الحاكم الآن هو رفض هذا الطرح، مما يعني أنه أيضاً من يدور في فلك الحزب الحاكم لن يوافق على مثل هذا الطرح، ولن يدعم أية حكومة انتقالية، وأنت قلت بأن المنظومات السياسية يجب أن تكون مظلة أو تراقب دون التدخل دون أن تكون الحكومة لحزب واحد أو تأتمر بأمر حزب واحد؟
    د. حسن الترابي: الجهات الحاكمة الآن بقيت عشرين سنة متمكنة في السلطة، تشرف على جهاز الأمن الذي يشرف على الاقتصاد ويشرف على الإعلام تماماً، والذي له سلطات واسعة في اعتقال من تشاء وحكم من تشاء، وعلى القطاع الاقتصادي كله حتى القطاع الاقتصادي الخاص كله مسيّر من تلقائه، وعلى الحكومة كلها حتى مع الشريك الجديد من الجنوب لهم الغلبة بالطبع، يعني السلطة تفتن بالطبع وكلما تطاولت السلطة كلما تمكنت الفتنة في الناس، ولكن نريد أن نضاغطهم بكل منظومة القوى السياسية، ومن ورائهم هذه الأزمات العالمية والأزمات الإقليمية لربما.. لربما يعني يؤثرون أن ينتقلوا بلطف، الانتقال بلطف دائماً ينتهي إلى تعافي بين الناس على ما حدث من اعتقالات ومن تعذيبات، خير من الانقلابات وخير من الثورات الشعبية التي عهدها السودان من قبل مرتين.
    منتهى الرمحي: يعني أنت هنا تستثني أن يكون هناك ثورة، هل يمكن في السودان بتاريخ السودان المعروف لدينا جميعاً أن تصبح الأمور انتقالية بلطف؟ ما الذي يمكن أن يدفع باتجاه ذلك وهناك تجاه ذلك وهناك كما قلنا قبل قليل يعني ساحة خصبة دائماً للتوتر في السودان؟
    د. حسن الترابي: العبرة نحن من قبل السلطة العسكرية في الستينات أرادت أن تستمسك باحتكار سلطانها ضد كل المظاهرات ضد كل الطلبات ضد كل دعوة الجنوب لشيء من رفع الظلمات عنه، وأرادت كذلك تستمسك بكل المال بغير رقابة تشريعية أو غير نيابة منتخبة، ولكن الشعب في نهاية الأمر ضاق بها ذرعاً وقام عليها قومة واحدة، وانحازت إليه القوات المسلحة. وكذلك حدث مع النميري بعد اشتراكيته جنح غرباً، ولكن بعد ذلك تمكّن في السلطة وبسط وظن أنه لا يستطيع أحد أبداً أن يزلزل سلطانه المتمكن، ولكن قامت ثورة ونحن نؤثر.. نؤثر الانتقال اللطيف على الانتقال العنيف.
    منتهى الرمحي: البعض يتهمكم دكتور حسن الترابي بأن حزب المؤتمر الشعبي وبما تمثله من ثقل دكتور حسن أنت للحزب كله.. فقط وهناك الجهات التي تتعامل مع الغرب أو العلمانية هي التي تطالب بتسليم الرئيس هي التي تطالب بإنهاء هذه المسألة، أنتم فقط ما رأيك؟
    د. حسن الترابي: لا كلا نحن أولاً نحن المؤتمر الشعبي فيه نصارى وفيه مسلمون وفيه نساء وفيه رجال خلافاً للأحزاب الأخرى، وفيه قواعد في جنوب السودان وغرب السودان وشرقه لأنه لا بد أن نكون حزباً قومياً لكل الوطن قبل أن ندعو لوحدة الوطن، وكلنا منذ خمس سنوات رأينا أن دارفور أصبحت قضية قومية إنسانية عالمية وورائها مقررات في الأمم المتحدة نحن أعضاء فيها، لا بد أن نلتزم بهذه العهود، وبعد ذلك بعد غزو من مقاومات دارفور على أم درمان على العاصمة، جددنا الرؤى وقلنا أنه لا بد من أن يحاسب كل من جنى على أهل دارفور بالاغتصابات الجماعية وبالقتل وبحرق الأطفال والبيوت ومئات القرى وطرد الناس في منازلهم، وإذا لم يكن القضاء المحلي وافياً أو مفتوحاً له باب الحرية، لا بد أن نستنجد بأيما حرية قضاء دولي والقضاء الدولي خير لنا من السياسة الدولية، يعني أن تقوم محكمة في العالم خير لنا من أن يقوم مجلس أمني ولكنه مضطرون أن نكون في عضوية الأمم المتحدة، وقلنا أنه لا بد أن يسلم ذلك قبل سنة الآن هي ليست آراء فرد من كل الجماعة هكذا، هو هذا الرأي الواسع في السودان. ما دمنا نحن لا نستطيع أن نتفق في السودان نذهب إلى أبوجا نذهب نيفاشا إلى خارج السودان إلى مصوع شرق السودان، ما دمنا نحتاج إلى من يدعمنا من خارج السودان أشخاص ومنظمات طوعية غير حكومية، ونحتاج لعون صحي وعون ثقافي وعون رياضي، ما دمنا كذلك لا بد أن نستسلم لعهودنا. وهذا هو رأي الدين نفسه، الرسول الله صلى الله عليه وسلم عقد مع المشركين حلف الحديبية ولم تكن عادلة لأنه ما كان قوياً مثلهم، ولذلك قال: "من دخل الإسلام منكم وجائني نرده إليكم افعلوا به ما تشاؤون، ومن يرتد منا إليكم لا تردوه إلينا". وفي ذات المقام أبو دجانة كذلك رُد إليهم وبعد قليل أبو بصير كذلك رُد إليهم وأسلم إلى أيديهم، فنحن الاتفاقات الدولية عندنا أقيم وأكبر من الأشخاص أصلاً، لنا أن ننصرهم إلا على قوم بيننا وبينهم ميثاق.
    منتهى الرمحي: البعض يتهمك دكتور حسن الترابي بأنه كان فيه تعامل بينك وبين المحكمة الدولية، وأنه فيه معلومات عن طريقكم نُقلت إلى المحكمة الدولية أدت إلى القرار الذي ا تخذه أوكامبو أو مذكرة التوقيف التي اتخذها أوكامبو، والبعض أيضاً يتهمكم بأنكم أنتم الأصل في إثارة أزمة دارفور أصلاً في إيجاد حركة العدل والمساواة؟
    د. حسن الترابي: أما ما يتصل بالمحكمة فهذه السلطة نفسها جلست في تحضير المحكمة ووقعت التوقيع الأولي بعد تحضيرها، ورئيس الجمهورية هذا نفسه وقع ليحلها للبرلمان للتصديق فهي ليست مني وأنا كنت معارضاً كل هذا الوقت، لكني أنا أؤثر دائماً القانونيات والقضائيات حيث يعتدل الناس أمام القانون على السياسات، وإن كنت عالمياً أرضى بالعلاقات السياسية وما كانت فيها ضغوط ظالمة وفيها حقوق رفض لكل العالم بأصوات معروفة في العالم، وهذا الرجل الذي يسمى أوكامبو دخل هذا السودان، واستقبل من أعلى مقامات العدالة والدولة إلى أدناها مرات وحضر مؤتمرات عندنا، وله فرق تعمل لسنوات لكن لما خرج ببينات من لجان وطنية قديمة، ومن لجنة أمم متحدة سابقة أن صوب التهم إلى ما هو وزير قبض عليه وعُزل، لما رقى ببيناته إلى من يتولى الرئاسة وليس عنده أبداً عصمة ولا حصانة لأيما رئيس حسب نظامهم، وهذا هو نظامنا الإسلامي ليس هنالك من عصمة لأحد أصلاً مهما علا منصبه، عندئذ حولت عليه الهجمات هذه وحسب الناس أنه لا بد أن يكون من معارضة سودانية، وأنه صهيوني وإسرائيل ليست عضواً أو أنه أميركي وأميركا ليست عضواً، وهكذا.. وقضية دارفور هذه نشأت منذ سنوات طويلة قبل أن أدخل السياسة أنا أصلاً، لأن البريطانيون هم الذين ظلموها لأنها وقفت مع العثمانيين في الحرب الأولى إلى جانب الألمان، لكن مع العثمانيين وهي كانت دولة إسلامية بدارفور.

    هل دعم الترابي حركة العدل والمساواة؟


    منتهى الرمحي: لا أنا لا أتحدث دكتور حسن عن أزمة دارفور التاريخية، أتحدث عن إيجاد حركة العدل والمساواة ودعم حركة العدل والمساواة، اللقاءات بينكم وبين السيد خليل إبراهيم ودعمكم المطلق لحركة العدل والمساواة في مطالبتها وحتى في عدائها للحكومة السودانية؟
    د. حسن الترابي: لكن نحن كنا ندعو للامركزية في السودان منذ الستينات قبل أن تنشأ قضية دارفور مع قضية الجنوب، وأول مرة نعتقل فيها ويحل حزبنا لشأن قضية الجنوب ورد العدل في العلاقة معهم، والقسمة العادلة المتوازنة للسلطان بعد ذلك اعتقلنا في دارفور، نحن لم نقاتل أصلاً لا في دارفور ولا في الجنوب. وخليل هذا والمتكلم هذا ورئيس الجمهورية ومن معه كنا جهة واحدة، ولكن اختلفنا على الشهرة على الديمقراطية على الحرية على توزيع السلطة على قارة كالسودان، هي ليست قومية واحدة هي شعوب في قارة كاملة لا يمكن أن تُحكم مركزياً، وهو رأى أنه مع العسكر لا يمكن أن يكون معارضاً سياسياً كما اخترنا نحن وتعرضنا للسجن مرة بعد مرة حتى قريباً، يعني هو رأى أن الجنوب أخذ حقوقه بالقوة وبالسلاح في وجه السلاح والآن رد حقوقه جميعاً، فلا بد أن يفهم هو إلى السلاح من دارفور كذلك لا لصالح دارفور ولكن لكل السودان.
    منتهى الرمحي: طيب هل تعتقد بأنه في 2011 بالاستفتاء سيستقل الجنوب؟
    د. حسن الترابي: نعم.
    منتهى الرمحي: 2011 باستفتاء الجنوب هل تعتقد بأنه سينفصل عن الحكومة المركزية تماماً؟
    د. حسن الترابي: الآن لأن الحكومة رغم أن الاتفاقية تلقي عبئاً على الطرفين أن يتعاملا بحيث أن يمكنّا في الشعب روح الوحدة الوطنية، لكن الحكومة القومية هنا الآن لم تمد طريقاً واحداً نحو الجنوب ولا سكة حديدة نحو الجنوب، الوزراء الاتحاديون لكل شؤون السودان لا يزورن الجنوب أصلاً، وزراء الجنوب في الحكومة الاتحادية لا يكون لهم وزن أصلاً، يعني هم في واد والحكومة في واد آخر، ولكن الآن النزعة التي أصبحت تغلب في الجنوب هي نزعة لخيار الانفصال عن السودان.
    منتهى الرمحي: لماذا لا يحدث بنفس الطريقة طالما العدل والمساواة تتصرف أو حركات التمرد في دارفور تتصرف بنفس الطريقة اللي تصرف فيها الجنوب، لماذا لن نشهد فيه سنوات قليلة قادمة أو حتى اشهر انفصالاً لمنطقة دارفور مثلما ما حدث في منطقة الجنوب، وهنا يختلف الموضوع عن اللامركزية صح؟
    د. حسن الترابي: نعم دارفور كانت دولة مستقلة لقرنين قبل أن تدخل في السودان، يحتلها الإنجليز وضموها إلى السودان. ولكن دخلت إلى شرق السودان منها أقوام الولاية في شرق السودان تلقاء أثيوبيا غالبها من سكانهم، وإلى وسط السودان عمالاً زراعيين وسكنوا هنالك، فهم الآن متمكنون في المجتمع السوداني كله. ولذلك هم لا يريدون انفصالاً الآن إلا إذا بالطبع يعني عجزوا تماماً، مهما جادولوا ومهما قاتلوا أن يلقوا نصيباً عادلاً لأنهم متخلفون اقتصادياً، وليست مواصلات لا تصله أصلاً لا طرق ولا كهرباء ولا مياه، فإذا عجزوا لربما تبدأ فيهم هذه النزعة كما بدأت في الجنوب وبلغت ما بلغت الآن.

    نصيحة للرئيس عمر البشير


    منتهى الرمحي: آخر نصيحة دكتور ترابي للرئيس البشير، ويعني على خلفية أن الحزب الوطني رفض طرحكم للحكومة الانتقالية ولرؤيتكم في إخراج السودان من أزمته؟
    د. حسن الترابي: أما أن النصح الذي أصوبه لأخي البشير أنه مهما يكن إن القضاء العالمي قد صوب عليه دعوة حتى يأتي ليدفع عن نفسه تهماً من بينات وشهود من أهل السودان، يعني ومن الخير له أن يمثل أمام المحكمة لربما يطهر اسمه من هذه الجنايات البالغة بالطبع، لا على بلد آخر ولكن على أهله اغتصابات وحرائق وقتل بالآلاف وبالمئات، وكذلك قد حكم عشرين سنة ونصيحتي له أنه يمكن بلطف أن يودع النظام إلى ظرف انتقالي يتعافى فيه الناس ويتراضون ويتحركون ويذكرونه بخير، هذه نصيحتي له. ونصيحتي للحزب الحكم أنهم قد تمكنوا سنين كثيرة إن كان الشعب ينعطف إليهم الآن دعهم يخوضوا على سواء مع الناس الانتخابات القادمة، وليحرزوا ما يحرزوا عندئذ إذا استوى الناس. لأنه في وضعية الانتخابات تعمل في إطارها الفني فقط، لكن إطار الحريات غير متوافر وليس ذلك شأنها ذلك شأن تشريعي، إثار الإعلام العام اللي يسيطر عليه حزب واحد ليس في شأنهم، إطار دارفور إذا أخرجناها في الانتخابات أو تعثرت علينا معناها نعيدها في السودان ذلك لا يعنيهم يعني السلطان فهذه نصيحتي لهم جميعاً.
    منتهى الرمحي: نعم دكتور ترابي أنت تحدثت عن عمليات اغتصاب وجرائم ارتكبت في دارفور، إذا ما دعيت للشهادة ضد الرئيس البشير في المحكمة الدولية هل ستشهد ضده؟
    د. حسن الترابي: طبعاً المسؤولية السياسية تقع عليّ أيما سياسي في عهده تحدث إخفاقات أو تحدث مآسي الناس كلهم ينسبونها إليه في الانتخابات القادمة وفي الإعلام كذلك، هذه إدانة سياسية. أما الإدانة القضائية تعني أنه لا بد أن يكون من الذي أمر مباشرة أو كان يعلم أن قواته النظامية التي تأتمر بأمره تفعل ما تفعل باضطراب وسكت عنها، معنى ذلك ترك لها أن تفعل ما تشاء، وكله تلك جنايات حسب كل قانون المسؤولية الجنائية في الأرض ذلك أمر يقضي فيه القضاة.
    منتهى الرمحي: هل ستشهد أنه ارتكب أو سكت عن هذه الجرائم إذا ما دعيت إلى الشهادة؟
    د. حسن الترابي: طبعاً أنا لم أقم في دارفور أصلاً، وغالب الوقت كنت في الاعتقالات دائماً أنا أتحدث عن السياسة القضاة لا يسألون الناس..
    منتهى الرمحي: لكنك تحدثت دكتور ترابي عن أنه فيه اغتصابات للشعب السوداني وفيه قتل للشعب السوداني ما تنفيه الحكومة وينفيه الرئيس البشير؟
    د. حسن الترابي: البيانات متوافرة، أنا أتخذ نفس اللجنة التي شكلتها الحكومة تقريرها وتقرير الأمم المتحدة وشهود أعداد هائلة، وكذلك من قواعدنا هنالك يمكن أن نستدعي شهوداً يعلمون ما جرى من اغتصابات لا لبلد آخر ولكن لأهلنا من حرائق ومن قتل مضطرد واسع المدى.
    منتهى الرمحي: الدكتور حسن الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي ضيفي من الخرطوم شكراً جزيلاً لك على المشاركة.
    وسنعود إليكم بعد قليل لنتابع معاً في بانوراما: هل أصبحت القاعدة تجند عناصرها في بريطانيا من بين الطلبة الجدد بدلاً من المقيمين لتنفيذ هجمات إرهابية؟
    [فاصل إعلاني]
    منتهى الرمحي: أهلاً بكم من جديد. تواصل الشرطة البريطانية استجواب 11 مشتبه بهم اعتقلتهم الأربعاء الماضي في إطار التحقيق بشأن ما تقول السلطات أنه مؤامرة إرهابية كبيرة، وكانت الشرطة قامت بحملة اعتقالات كبيرة في شمال غرب البلاد، اعتقلت على إثرها 12 شخصاً من بينهم 11 باكستانياً كانوا جميعهم باستثناء شخص واحد في بريطانيا بتأشيرات طلبة، وهو ما جعل الشكوك تحوم حول مساعي تنظيم القاعدة إلى تجنيد باكستانيين يدخلون بريطانيا بتأشيرات دراسية لشن هجوم بالقنابل في البلاد.
    من جهته طالب رئيس الوزراء البريطاني باكستان ببذل المزيد من الجهد للتعامل مع الإرهاب، مشيراً إلى وجود صلات بين الإرهابيين في بريطانيا والإرهابيين في باكستان. أما الصحف البريطانية فذهبت إلى أبعد من ذلك بأن اعتبرت باكستان مركز التهديد العالمي، مضيفة أن ما لا يقل عن ثلثي المؤامرات الإرهابية التي تستهدف بريطانيا تأتي من باكستان.
    فهل هو تكتيك جديد من القاعدة يعتمد على تجنيد الطلبة الجدد بدل المقيمين؟ وهل نجح التنظيم في زرع بذور أزمة بين حليفين سابقين في مكافحة الإرهاب لندن وإسلام أباد؟

    عن العربية نت
                  

11-05-2009, 08:44 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)


    حول معالجات مسألة التكامل القومي والوحدة الوطنية في السودان

    بقلم: عبد الوهاب إبراهيم الزين


    تعتبر مسألة التكامل القومي والوحدة الوطنية واحدة من أهم القضايا السودانية الراهنة التي تتطلب دراسات علمية جادة من أجل الوصول إلى حل حاسم لهذه المسألة من جميع جوانبها . وتأتي ضمن هذه المسألة ، الصراعات القبلية بتجذراتها وأسبابها المختلفة كواحدة من الروافد الأساسية التي تؤرق كمال الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي . إن تجذرات هذه الصراعات تعود إلى عوامل تاريخية صدر عنها فهم خاطئ لأصول القبلية في السودان . ونتجت عن هذا الفهم الخاطئ مؤشرات نفسية بجانب المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ، والتي من شأنها العمل على تكريس الفرقة والتشتت بين التعدديات القبلية والاثنية المختلفة في السودان . هذه المؤشرات أدت إلى بروز فجوات وحواجز نفسية بين التعدديات القبلية .

    وفي ظل هذه الفجوات ظهرت اتجاهات تعبر عن سلوك قبلي يطغى على اتجاهات تعبر عن السلوك القومي في أوساط بعض السودانيين منتجاً أحقاداً قبلية وجهوية امتدت إلى جانب ما يدور من صراع دموي بين الشمال والجنوب ، إلى نوع من الصراع بين التكوينات القبلية داخل الأقاليم الشمالية والجنوبية كل على حدة .
    إن الدولة السودانية الراهنة أصبحت بتعددياتها المختلفة واقعاً تمثل فيه التاريخ المشترك . ومصيراً تحزمه المصلحة الاقتصادية المشتركة . وتراهن هذه الدولة في استقرارها السياسي وتطورها وتحديثها على وحدة أراضيها وتكامل قومياتها . لذا فإن كل مستدعيات التجزئة وأسبابها ستبقى موضع نظر ودراسة وتمحيص . وكل العوامل التي من شانها العمل على تعزيز السلوك القومي وتنمية التوجهات الإيجابية نحو التكامل والوحدة موضع اهتمام الباحثين .


    إن الساحة السودانية شهدت العديد من المحاولات والتجارب والاتفاقيات لإنهاء الصراعات التي تدور بين التعدديات القبلية والجهوية . وللوصول إلى كمال الوحدة الوطنية ركزت تلك التجارب في معالجاتها على العوامل الموضوعية ذات الصلة بالعوامل الاقتصادية والسياسية والإدارية . إلا أن الوحدة الوطنية التي تأتي في إطار التكامل القومي ليست نتاجاً آلياً لعمليات فنية وإدارية ، وليست محصلة لإصلاحات اقتصادية وسياسية فحسب ، وإنما هي قبل كل ذلك شعور إنساني ينبع من إرادة الأفراد ونواياهم لقبول بعضهم البعض ، واستعدادهم العقلي والنفسي لممارسة الحياة مع بعضهم داخل كياني وطني واحد . ترقية مثل هذه المشاعر تتطلب دراسات وافية لنفسية الإنسان السوداني ، وفهماً واعياً من جانب السودانيين لذاتيتهم وخصوصيتهم التاريخية ولطبيعة المواقف التي تؤثر على توجهاتهم نحو الآخرين من أبناء وطنهم .


    إن التكامل القومي المنشود يجب أن يكون مصحوباً بإدراك معرفي جديد للجذور التاريخية لأسباب التنافر والتي أدت بدورها إلى خلق التوجهات القبلية والجهوية وإلى وجود نوع من السلوك الاستعلائي لدى بعض السودانيين على أوهام من التفوق العرقي أو الثقافي . وهذا ما يستوجب قراءة موضوعية للتطور التاريخي للذات القبلية في السودان ، لاحلال وعي معرفي يؤكد انتفاء عامل التفوق والنقاء العرقي والقبلي في البيئات السودانية . واستناداً على نظرية المعرفة الطاردة ، يتغير المجال الادراكي المحصور في التقوقع الذاتي ، ويحدث تعديل في المكون الانفعالي ومن ثم السلوكي للانتقال من الذاتية القبلية والجهوية إلى الذاتية القومية الشاملة . كما يجب أن تواكب مرحلة الوعي المعرفي أسس حركية تحدث نوعاً من الاتصال والتواصل بين التكوينات المتصارعة لإحداث نوع من التحلل في أبنية التمركز حول الذات القبلية والجهوية لتفعيل نسق جديد من القيم القومية والمعايير الوطنية . ولاشك أن المواقف القسرية التي تتعرض لها البلاد وضرورة مجابهتها ، تعتبر من ضمن هذه الأسس الحركية التي تنمي الإحساس الجماعي بالحاجة إلى التواصل والتعاون والتكاتف تحت مظلة وطن واحد. وقد يؤدي مثل هذا الإحساس إلى إعادة النظر في تصور البعض لذواتهم القبلية والجهوية ومفاهيمهم عن الآخرين ومن ثم إعادة النظر في نظم القيم ومعايير الذاتية القبلية ، ونظم التنشئة الاجتماعية المرتبطة بذلك والتي تؤثر سلباً على مجمل السلوك القومي .


    فإن كانت معظم المعالجات تركز على الجوانب الموضوعية ذات الصلة بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والعرقية والثقافية ، فإن المعالجون لهذه القضية لم يركزوا على العوامل الذاتية (subjective factors) ، والتي ترتبط ببعض المضامين النفسية والسلوكية والقيم الخاصة بالشخصية السودانية ذات الطابع القبلي وإمكانية تغييرها إلي شخصية ذات طابع قومي .
    استناداً على ما تقدم ومن منطلق الإحساس بوجود نوع من السلوك القبلي الاستعلائي التي تزيد من هوة المسافة بين التعدديات القبلية والقائم على مزاعم من التصنيف العرقي والتفوق الثقافي التي تمجد الذات القبلية يمكن تحديد النقاط التالية مداخل لما سنقوم بتحليله في المقالات التالية للوصول إلى صيغة مثلى لموضوع الوحدة الوطنية في السودان :


    • رغم المعالجات العديدة التي أجريت حول قضية التكامل القومي والوحدة الوطنية في السودان وتناولت العوامل الموضوعية بكل جوانبها ، ورغم التجارب السياسية والاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي تم اتخاذها بهذا الصدد ، فإن هناك بعض العوامل الذاتية ذات الصلة بالتراكمات النفسية و التي من شأنها أن تعيق تطور الذات القومية وتعمل على تقويض الوحدة الوطنية في السودان .
    • إن الذات القبلية مازالت موجهاً أساسيا لسلوك البعض ولمعطيات تعاملهم وعلاقاتهم مع الآخرين من أبناء القبائل الأخرى، ليظل تصور بعض الأفراد عن ذواتهم القبلية على درجة متميزة من التفوق ، مما يستدعي بالضرورة إعادة النظر في مثل هذه التصورات .
    • هناك مسافات وهمية بين صور الذوات القبلية المختلفة والتي تعيق بدورها تنمية الذات القومية في السودان ، الأمر الذي يتطلب النظر في المعطيات التي تعمل على تقريب تلك المسافات.وفي هذا الصدد ينبغي الوقوف على التساؤلات التالية :
    • كيف برزت هذه المسافة ؟ وما دور الأحداث التاريخية في صنعها ؟ وكيف يتسنى للباحثين والمهتمين بمسألة التكامل القومي إلغاؤه .
    في سلسلة مقالات سنتناول العوامل الموضوعية لنرى إن كان في حلها حل لمشكلة الوحدة الوطنية في السودان دون التركيز على العوامل الذاتية التي أشرنا إليها سلفاً في هذه المقدمة .
    المقالة الأولى



    دور العامل العرقي في إعاقة التكامل القومي في السودان


    رغم ارتباط كثير من الحركات الانفصالية بالعامل العرقي ، إلا أن الحديث في الدول المعاصرة عن وجود عرقية نقية بخصائص بيولوجية وعلى غرار ما يذهب إليه الفيلسوف الألماني فيخته من وجود نقاء عرقي للشعب الآري ، لا يعكس واقعاً حقيقياً مع تداخل الأعراق واختلاط الدماء نتيجة لعوامل تاريخية عديدة . وغالباً ما يشـار بالعرقية إلى عدد من السمات المشتركة ذات الصلة بعامل القومية كاللغة والدين والثقافة المشتركة(33).فيما يختص بتأثير العامل العرقي في بنية التكامل القومي في السودان يميز الباحث شريف حرير في دراسة له عن "تراجع القومية وانبعاث الاثنية في دارفور" موقفين: الموقف الأول يمثله المستعربون المسلمون في الوسط ، بينما يمثل الموقف الثاني المسيحيون من ذوي الثقافة الكنسية الأوربية من أبناء الجنوب . ويرى أن التقسيم بين العرقية العربية والأفريقية، لا يمثل الحقيقة في السودان الذي يضم أكثر من 570 مجموعة قبلية . ويستبعد وجود خط فاصل بين العرقية العربية والأفريقية في ظل وجود هرم اجتماعي وتباينات لغوية داخل هذه المجموعات. فهناك داخل المجموعة العروبية تصنيفات ، عل سبيل المثال ،ما بين عرب الوسط وعرب البقارة في غرب السودان . ورغم إيمانه بعدم وجود فاصل واضح بين العرقية العربية وغيرها ، إلا أنه يتمسك بوجود إشارات مبهمة تقوم علي سلوك عرقي داخل المجموعات التي تنتمي إلى الأصول العربية والتي ترى الآخرين من الأصـول الزنجية مجرد رقيق . ويرى أن كلمة "العبد" المرتبطة بثقافة الرق ، ما زالت متداولة في أوساط العروبيين رغم الضوابط القانونية(34). ولعل الباحث قد أصاب شيئاً من الحقيقة التي لا يمكن تعميمها في الوقت الذي لا يمكن إنكارها جملة . فهي موجودة في أوساط البعض وتستوجب تنشئة وتربية قومية تستهدف اقتلاع مثل تلك التوجهات من جذورها الاجتماعية والنفسية . من جانب آخر ما زال لفظ " العبد" يرتبط في أذهان بعض أبناء الجنوب بتجارة الرقيق وتوجساتها.

    وفي هذا الشأن يقول الباحث عبد الله على إبراهيم أن الجنوبيين سيقاومون كل ما يجعلهم يتبنون النسبة العربية بجانب نسبتهم الأفريقية . إذ أن لهم محاذير كثيرة حيال عرب الشمال تبدو في دلالات الازدراء التي تجري بها كلمة "عربي" على السنتهم " وأنهم يفضلون أن يحزم العرب حقائبهم ويقطعوا البحر الأحمر(35)".
    وفي السياق نفسه يقول الباحث السوداني عبد الله بولا في رده على شعراء مدرسة " الغابة والصحراء" *الذين اتخذوا من أطروحة الأفروعربية في السودان مدخلاً لأجندتهم التصالحية بين الشمال العروبي والجنوب الأفريقي واتخذوا من العودة إلى سنار رمزاً للتكامل العروبي الزنجي في السودان .أن أطروحة الهجنة العربية الأفريقية التي ترمز إليها العودة إلى سنار فيها مجافاة لواقع التاريخ وحقائق الواقع التجريبي في مملكة سنار التي لم تخلو من أسواق لتجارة الرقيق حسب الوثيقة التي أوردها أبوسليم وسبولدنق وحسب الإشارات الموجودة على صفحات كتاب طبقات ود ضيف الله .ويورد إشارات صريحة وغير مبهمة لكلمة العبد المرتبطة بالجنس الزنجي في مجتمع سنار . وبهذا الصدد يشير إلى مواقف للشيخ حمد النحلان الذي لم يمنعه زهده وتصوفه من أن يأخذ بمعايير أهل زمانه من أحكام القيمة المسيئة وأقصاها أن يكون الإنسان عبداً مطلوقاً لا سيد له ويرى أن وضعية العبد المطلوق الذي لم يعرف تجربة العبودية الفعلية هي صفة تخص بها ثقافة أولاد العرب في السودان الزنوج لمجرد أنه من عرق زنجي مما يجعل من الزنجي عبداً بمحض طبيعته .


    ويرى أن ملوك سنار أنفسهم وإن كانوا زنوجاً بأعراقهم ، فقد كان وعيهم عروبياً لدرجة أنهم انتحلوا لأنفسهم نسبًا عربياً قرشياً أموياً هذا بجانب أن مثل هذا الطرح تجرد أجندة المشروع المقترح من مجال لمشروعية الاختلاف ثم البقاء ضمن الوطن الواحد (36). إلا أنه ورغم ما كان يسود في المجتمع السنار من ثقافية الرق التي أشار إليها الباحث ، فأنه من المشكوك فيه أن شعراء مدرسة الغابة والصحراء ذهبوا أبعد من تصوير مملكة سنار بوتقة جمعت مختلف القبائل السودانية في تحالف مبكر وقامت على رباط تحالفي وثيق بين عرب العبدلاب والفنج ، وتأسست على يد عمارة دنقس الذي يرمز الاسم الأول إلى النسب العربي فيما يرمز الاسم الثاني إلى النسب الأفريقي

    عن موقع ابناء بربر
                  

11-05-2009, 08:52 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    بقلم صلاح منتصر




    يكتب في قضية السودانيين
    : كلهم يهربون



    من يتابع قضية السودانيين الذين ذهبوا إلى اسرائيل يجد أن مختلف اطراف القضية في حالة هروب.. السودانيون ومعظمهم من أهل دارفور التي أصبح معروفا ما جرى فيها هربوا من بلادهم، وحكومة جنوب السودان التي كان هؤلاء السودانيون يعملون لحسابها في سنوات الحرب بين الجنوب والشمال أعلنت فور التوصل إلى اتفاقية السلام التي أنهت الحرب تخليها عن تقديم المساعدات لمن ناصروها زمن الحرب، لان امكانات زمن السلام لا توفر لهم مساعداتهم، وحكومة السودان بدورها اعتبرتهم غير موالين رغم انهم يحملون جوازات سفر من الحكومة السودانية، وهي جوازات تسمح لهم بالسفر إلى كل دول العالم أي بما يعني ضمنا السفر إلى اسرائيل، وقد تعلق املهم بمفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة التي سجلوا اسماءهم فيها.. وفي وقت كانت المفوضية تساعدهم في السفر إلى الولايات المتحدة وكندا واستراليا ولكن بعد ظروف الارهاب، الله يخرب كل أنصاره، وما فعله في العالم تم بالضبة والمفتاح إغلاق كل الابواب المفتوحة واعتبرت المفوضية انها غير موجودة بالنسبة لهؤلاء السودانيين..


    وعندما ذهبوا إلى مصر وأقاموا في ميدان مصطفى محمود وسط منطقة المهندسين المزدحمة على أساس فرض أمر واقع، رفضت المفوضية الاستجابة لضغوطهم وهربت من مساعدتهم.. واضطرت السلطات المصرية، بعد ان مضت شهور على اقامتهم في الميدان الذي أصبحت تصرفاتهم فيه مسيئة لكل الآلاف الذين يسكنون المنطقة، إلى أن تعالج الامر بمفهوم سيادة الدولة وما يفرضه ذلك من تنفيذ القانون.. وفي الوقت نفسه، لم تستطع الدول العربية ان تقدم مساعدة لهؤلاء السودانيين الذين وجدوا انفسهم في مأزق انساني بالغ، خصوصا ان الكثيرين منهم يصحبون معهم اسرهم من النساء والاطفال ورغم ذلك لا سكن ولا عمل..
    وكما حدث للشباب المصري الذي لا يجد عملا وإنما وجد نصابين عديدين يرسمون له أحلام السفر والعمل في الخارج والسعادة ويتركونه في عرض البحر بعد ان يستولوا على مدخراته، كذلك حدث للسودانيين الذين وجدوا من يدلونهم على طريق الامل من سيناء إلى اسرائيل.. وربما كانت اسرائيل نفسها هي التي رتبت امر تسلل هؤلاء السودانيين، خصوصا ان الطريق العادي للقادم من السويس إلى حدود اسرائيل يتعين عليه اجتياز 10 بوابات امن مصرية لا يمكن ان يفوت منها هؤلاء السودانيون ويصلوا إلى اسرائيل إلا إذا كان هناك ادلاء ساعدوهم وارشدوهم إلى الطرق الخفية وعلى الحدود كان استقبالهم..


    وبالفعل، فقد أعدت اسرائيل لهم مخيمات، وفي البداية تصرفت معهم وكأنهم متسللون غير شرعيين فأودعت كل من يصل منهم في سجونها، ولكن لفترة إلى حين الكشف على تاريخ كل منهم والتأكد من اهدافهم، وقد وجدت في الاغلبية الكثيرة منهم غايتها.. فهم لا تهمهم السياسة ولا العلاقات العربية الاسرائيلية وإذا كان الجوع كافرا واسرائيل هي المر فإنه مر أو شر لم يكن منه بد.


    حتى بعض الشباب المصري، بكل اسف، طرق هذا الباب المر ويقال ان هناك اكثر من عشرة آلاف شاب مصري هناك.. وحسب قول احد السودانيين فإن الشاب السوداني يعمل في اسرائيل مقابل اربعة دولارات في الساعة وهو أجر لا يحلم به والمرأة السودانية تعمل جليسة اطفال.. وكل الذي تحاوله مصر منع من يقع في ايديها من التسلل وكأنها تحرمه من دخول الجنة لانه سيعود إلى نيران الواقع الذي أصبح يعيش فيه هؤلاء السودانيون والكل يهربون منه، وهو شخصيا أصبح يريد الهرب منهم لان السيناريو كله هروب في هروب.


    صلاح منتصر


                  

11-05-2009, 09:10 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)





    19/07/2008


    السودان: إصلاح الأخطاء.. لتفادي العواقب


    • احد المخيمات الذي يؤوي مهجرين من دارفور


    كتب محمد حسن:





    اعتبر إعلان المدعي العام لويس مورينو ــ اوكامبو في 14 يوليو الجاري انه باتت لديه الادلة التي تبرهن على ان الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير قد ارتكب جرائم ابادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور، وانه يمثل تتويجا لخطوات عديدة اخذتها قضية دارفور طوال الأعوام الماضية باتجاه التدويل، حتى اصبح مصير دارفور، بل واسودان كله في يد المنظمة الدولية ممثلة في مجلس الأمن.
    لاينكر أي مراقب للوضع في السودان بصفة عامة، وفي دارفور على وجه الخصوص، ان السياسات الداخلية الخاطئة، بل وغير المبررة وانفراد طرف واحد باتخاذ القرار في معالجة قضية دارفور وقضايا المناطق الاخرى في السودان أوصلت القضية والبلاد باسرها إلى وضع التدويل.

    تدويل الأزمة
    اصبح التدويل آلية من آليات إدارة الازمات الدولية في عالم ما بعد الحرب الباردة، وقد اتخذت خطوات التدويل لحل النزاع في دارفور مسارين، احدهما السعي إلى تحقيق السلام ووقف القتال عن طريق قوات دولية.. بدأت افريقية وتحولت إلى دولية أو ما بات يطلق عليها القوات «الهجين»، اما المسار الثاني فقد تمثل في وجوب تحقيق العدالة للطرف الذي ثبت وقوع مظالم عليه، والأمر الخطير بالنسبة للتدويل هو اعطاؤه التبرير أو الشرعية لدعاة التدخل الخارجي من أطراف محلية أو اقليمية أو دولية.
    وقد واجه نشر قوات حفظ السلام في دارفور بعض التسويف والعقبات وقد شكلت هذه القوات في البداية مشكلة من قوات افريقية قبلت الخرطوم انتشارها في دارفور، وبعدها طرحت قضية تحويل عملية السلام في الاقليم إلى قوات ذات طابع دولي وهو مارفضته الحكومة السودانية رفضا باتا في البداية ثم عادت وتراجعت وقبلت ان تكون القوات الافريقية ضمن قوات اوسع ذات طابع دولي، والتي باتت تطلق عليها صفة القوات الهجين.

    .. حد الإبادة
    بيد ان استمرار التجاوزات والانتهاكات في حق المواطنين المدنيين في دارفور (من قتل وتهجير) خلصت التقارير الدولية والتحقيقات التي اجريت في الاقليم الى ان هناك تجاوزات لحقوق الانسان، ان لم ترق تلك الممارسات الى مرتبة الابادة الجماعية او التطهير العرقي.
    وقد اشارت التقارير الدولية الصادرة عن منظمات لحقوق الانسان الى وجود حوالي 3 ملايين نازح توزعوا في ولايات دارفور، كما في دولة تشاد المجاورة. وهناك شهادات عديدة سجلت حول احراق القرى وتدميرها وعمليات اغتصاب النساء واختطافهن كسبايا والتنكيل بهن.
    وادت تلك التجاوزات والانتهاكات الى خلق حالة لجوء، كما اشرنا الى ولايات دارفور والى تشاد وانتشرت معسكرات اللجوء في القرى النائية واطراف المدن. وبدأت تفد الى الاقليم منظمات العون والاغاثة والهيئات الدولية الاخرى، حيث بلغ عدد المنظمات الاجنبية العاملة في مجال الاغاثة 43 منظمة.

    انتهاكات بحق «الدوليين»
    وقد تعرضت تلك المنظمات ايضا لبعض التضييق والاعتداءات. حيث كان لغياب الجهد والتواطؤ الحكومي اثر كبير في الاعتداءات التي لحقت بالمواطنين، وتلك المنظمات، واشارت شهادات بعض سكان الاقليم الى ان انتشار القوات الافريقية والدولية للسلام لم يؤد الى توفير غطاء امني كاف لهم. وكانت قوات حفظ السلام تعرضت الاسبوع الماضي الى اعتداء قتل فيه سبعة من جنودها وجرح اثنان وعشرون آخرون. وقيل ان ذلك الاعتداء تم على ايدي مسلحين متحالفين مع قوات المحكمة او ما يطلق عليهم الجنجويد.
    وقد حركت الانتهاكات المتعددة لحقوق الانسان في دارفور مسار تحقيق العدالة لمن ارتكب في حقهم تلك الاعتداءات ومعاقبة مرتكبيها، وتمت احالة القضية الى المحكمة الجنائية الدولية في عام 2005 بموجب القرار 1593 الصادر عن مجلس الامن. وبموجب ذلك القرار تم تعيين لويس مورينو اوكامبو مدعيا عاما للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ترتكب في دارفور.
    وقدم اوكامبو تقريرا في ديسمبر من عام 2006 يشمل الادلة التي توصل اليها الى قضاة المحكمة الجنائية الذين رفعوا بدورهم تقريرا اشاروا فيه الى ان الادلة المقدمة اليهم توفر اسبابا معقولة تدعوهم الى توجيه الاتهام الى بعض المسؤولين، ابرزهم: محمد هارون (وزير الدولة السابق في وزارة الداخلية)، وعلي محمد علي عبدالرحمن المعروف ايضا باسم علي كوشيب الذي وصف بأنه قائد من قادة الجنجويد، وكان الرجلان وحدا جهودهما معا لاضطهاد السكان المدنيين والاعتداء عليهم، بالاضافة الى تجنيد وتمويل وتسليح ميليشيا الجنجويد لكي تساند القوات النظامية السودانية.
    واصدر القضاة بعدها امري قبض بحق هارون كوشيب، لكن الحكومة السودانية رفضت تسليمها، بل وتمادت بأن اوكلت الى هارون مهام وزير دولة في وزارة الشؤون الانسانية.
    وبعد اخذ ورد بعثت الحكومة السودانية ممثلة بوزارة العدل خطابا الى مكتب المدعي العام يشير الى انها القت القبض على 14 شخصا جمعت ضدهم أدلة كافية في ما يتعلق بانتهاكات ارتكبت في دارفور، ولكنها لم تشر الى أي دور قد يكون قام به أحمد هارون. وجاء في تقرير المدعي العام للمحكمة الدولية الى انه بلغه ما يشير الى ان علي كوشيب يخضع للتحقيق في السودان بخصوص بعض القضايا ليست من بينها تلك التي يحقق فيها مكتب المدعي، وانه لا يوجد ما يشير الى ان أحمد هارون يخضع أو خضع لأي تحقيق جنائي يتعلق بدارفور.

    استعداد تام
    يبدو ان تلك العراقيل والتسويف المتزايد وعدم تعاون الحكومة أدى الى توسيع دائرة الاتهام بالقاء المسؤولية على عاتق الحكم في ما يتعلق بالجرائم والاتهامات المرتكبة في دارفور، وبصدور قرار المدعي العام اوكامبو بتوجيه الاتهام الى الرئيس عمر البشير تكون الدائرة قد بلغت قمة النظام.
    ردود فعل الحكومة السودانية الأولى على اعلان المدعى العام الدولي اوكامبو جاءت في شكل حملة اعلامية واسعة تندد بالقرار وبتنظيم المسيرات واللقاءات الجماهيرية التي تعبر عن رفضها قبول ذلك القرار. ولكن بدأت تظهر في اوساط المواطنين السودانيين بعض الاصوات الناصحة التي تحاول ان تبين للحكومة كيفية الخروج من هذا المأزق باسلوب ينجي البلاد من كارثة مواجهة المجتمع الدولي وامكانية عزل السودان.
    ويرى هؤلاء ان المسيرات والحملات الاعلامية لن تخرج البلاد من أزمتها الحالية، وان محاولة الاستنجاد بالهيئات الاقليمية، مثل الجامعة العربية أو منظمة الوحدة الافريقية، لن تكون مجدية تماما. فقد جاء في تقرير المدعى العام الصادر في 7 فبراير 2007 ان مكتبه ظل يجتمع بانتظام مع ممثلي الدول الافريقية وان رؤساء المحكمة الثلاثة التقوا رئيس الاتحاد الافريقي حينها الرئيس الغاني جون كوفور، كما اشار التقرير ذاته الى ان المدعي العام يقوم على نحو منتظم باطلاع الامين العام لجامعة الدول العربية والدول الاعضاء في الجامعة على الاجراءات التحقيقية والقضائية وذلك لادراك مكتبه اهمية تفهم استقلالية عمله، وحياديته في اداء مهامه القانونية تجاه الوضع في دارفور.

    الحل يبدأ من الداخل
    وفيما يتعلق بالموقف العربي ايضا فقد قام اوكامبو قبل اكثر من شهر بجولة في العواصم العربية الرئيسية ومن المؤكد انه شرح للمسؤولين هناك الوضع وهيأهم لاستقبال الخطوات التي قد تتخذ.
    ويرى بعض المراقبين بالتالي ان تتوقف الحكومة السودانية عن اية محاولات للاستنجاد بالاطراف والهيئات الاقليمية، وان تركز جهودها على الاصلاح الداخلي وقبول مصالحة وطنية مع جميع القوى الوطنية السودانية لاخراج البلاد من الورطة التي اوقعهما فيها التفرّد بالقرار مع القبول ايضا بدفع مستحقّات تلك المصالحة، والعمل بجدية نحو تحقيق تحول ديموقراطي حقيقي، وايضا العمل على تحقيق استقرار حقيقي في دارفور، ورفع المظالم عن المواطنين هناك وتعويضهم ومحاكمة من ارتكبوا تلك الانتهاكات والجرائم ثمناً لايصال البلاد الى هذا الوضع المزري.
    والمح البعض الى اتفاق التراضى الوطني الذي ابرمته الحكومة السودانية مع حزب الامة جناح الصادق المهدي، واشاروا بصفة خاصة الى الفقرة رقم 8 من البند ثانياً التي جاءت تحت عنوان «تهيئة المناخ» كنقطة جديرة بأخذها في الاعتبار في اية مصالحة قد تتم بين الحكومة والفرقاء الآخرين.
    فقد جاء في تلك الفقرة «الاسراع في تكوين آلية للحقيقة والمصالحة والانصاف للوقوف على تجاوزات الماضي عبر الحقب وبيان حقيقتها وافراغ النفوس من مرارات الماضي»، وهي دعوة الى اقامة لجنة كتلك التي شكلت بعد سقوط نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا.
    ويقول هؤلاء المراقبون ان امام الحكومة السودانية بعض الوقت، بل وقتا محدداً، لتحقيق مصالحة وطنية حقيقية، ودفع استحقاقات تلك المصالحة لكي تنقذ البلاد من غائلة مواجهة المحاسبة الدولية القانونية وما قد يستتبع ذلك من اجراءات قاسية لا قبل للسودان بمواجهتها، وعليه فان امام الحكومة امرين اما المثول امام شعبها واصلاح احواله واما المثول امام العدالة الدولية وتحمل ما تصدره في حقها.

    العدالة.. رغم كل التحديات
    قد يكون الرئيس السوداني عمر البشير أول رأس دولة تدينه محكمة الجنايات الدولية ولكنه يعتبر الثالث في السنوات الاخيرة من بين الرؤساء الذين ادانتهم المحاكم الدولية.
    ففي مايو 1999 ادانت المحكمة الدولية الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسييتش (وهو في سدة الرئاسة)، لارتكابه جرائم حرب في كوسوو.
    وفي مارس 2003 تمت ادانة رئيس ليبيريا شارلز تيلور لارتكابه جرائم حرب في تهمة وجهتها إليه محكمة خاصة بقضية سيراليون.
    وقد استخف ميلوسييتش بالقرار الصادر بادانته من المحكمة بالطريقة ذاتها التي يتحدث بها الرئيس البشير حاليا عن قرار المحكمة الدولية وتأكيده بانه لن يرضخ لقرارها. ولكن في اكتوبر عام 2000 نحي ميلوسييتش عن السلطة وجرى اعتقاله وترحيله للمثول امام المحكمة الدولية. ووجد الرئيس الصربي في عام 2001 نفسه واقفا داخل قفص الاتهام، وتوفي في مارس 2006 في زنزانته قبل انتهاء اجراءات محاكمته.
    اما شارلز تيلور فقد سمح له على الرغم من إدانته بمغادرة ليبيريا في صيف عام 2003 ليعيش في المنفى في نيجيريا، إلا انه جرى اعتقاله في عام 2006 هناك وتم ترحيله الى لاهاي، حيث يواجه الآن محاكمته امام المحكمة الخاصة بسيراليون.
    والدروس المستفادة من قضيتي تيلور وميلوسييتش هي ان تقديم اي رئيس للمحاكمة لا يتحقق الا بعد اسقاطه من الحكم على يد قوى محلية او دولية او عن طريق تضافر الجهدين.
    وللعدالة الدولية الجنائية ثمن تدفعه الدولة المعنية عن طريق سيادتها، وقد تم اسقاط ميلوسييتش عن طريق انتفاضة استمرت ليوم واحد نظمتها حركة المقاومة المدنية الشبابية الصربية بمساعدة بعض اجهزة الاستخبارات الغربية، كما تمت صفقات من وراء الستار مع الجيش اليوغسلافي وقوات الشرطة الصربية وجهاز الاستخبارات. وبالتالي فإنه عندما طالب ميلوسييتش تلك الاجهزة بالتدخل لحمايته لم تحرك ساكنا.
    وفي ليبيريا قاتل المتمردون المدعومون من الغرب، في معركة ضد قوات شارلز تيلور حتى وصلوا الى العاصمة، وارغموا الرئيس تيلور على مغادرة البلاد.
    أما الوضع في السودان فإنه يختلف كثيرا عن الحالتين المذكورتين لانه لا يوجد حماس في الغرب لتغيير النظام، غير ان حالة ميلوسييتش قد تتكرر هناك، اذ رغم تحدي الخرطوم للقرار فاننا نجد ان الادانات الدولية تفعل فعلها في تغيير الاراء والرؤى، فإمكانية مواجهة حكما بالسجن لسنوات طويلة تدفع الحلفاء السابقين الى مواجهة بعضهم بعضا والدخول في صفقات من وراء الستار مع الادعاء العام كما حدث في حالة صربيا.
    والنظام في الخرطوم يضج بالخلافات والمنازعات الداخلية وهو كنظام يوغسلافيا بدأ يواجه الانهيار، والرئيس البشير يدرك ان ألد اعدائه ليسوا في لاهاي بل هم بالقرب منه في الخرطوم.



    القبس الكويتية
                  

11-05-2009, 10:56 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    ية وثائق آفاق للتوفيق بين تقرير المصير والوحدة في السودان ...

    يقدمها: فرانسيس م. دينق

    آفاق للتوفيق بين تقرير المصير والوحدة في السودان ... يقدمها: فرانسيس م. دينق
    الأربعاء, 04 نوفمبر 2009 22:16


    آفاق للتوفيق بين تقرير المصير والوحدة في السودان
    يقدمها
    فرانسيس م. دينق
    2 نوفمبر 2009


    1: كلمة افتتاحية

    أ. يسرني ويشرفني أن أكون مدعواً لإلقاء خطاب في هذا الاجتماع المهم وفي هذا المنعطف الحرج في تاريخ بلادنا المحاصرة. وأنا أقول هذا بكل تواضع بصفتي الشخصية لا كالمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية.

    ب. وبكل صراحة إن هذا لشرف ترددتُ في قبوله في البداية لسببين رئيسيين :

    أولاً، اعتقدت أن عملية جعل الوحدة جذَّابة قد جاءت متأخرةً لأننا قد قاربنا نهاية الفترة الانتقالية التي من المفترض أن تُجعلَ الوحدة خلالها جذَّابة للناخبين الجنوبيين في استفتاء تقرير المصير. و إن هذا الغرض لم يتحقق بعد، وإن كان هذا قابلاً للنقاش.

    ثانياً، إن مواقف الأطراف الأساسية في اتفاق السلام الشامل فيما يتعلق بإطار العمل المناسب للوحدة تبدو متباعدة وليس هناك وقت لتقريبها حتى تُؤثِر إيجاباً في نتائج الاستفتاء.

    ج. وفي النهاية وبعد التأمُل، وافقتُ على المشاركة لعدة أسباب:
    أولاً، إن هذا السمنار يُعقد تحت رعاية زملائي ببعثة الأمم المتحدة في السودان التي هي إحدى أجهزة الأمم المتحدة التي أنا من موظفيها.
    ثانياً، ذكَّرتُ نفسي بعددٍ من المباديء التي قد قادتني عبر السنوات في جهودي للمساهمة في خدمة السلام والوحدة في بلادي. ومن ضمن هذه المباديء ما يلي:
    1. التفاؤل هو أداة مهمة في المشاركة البناءة بينما التشاؤم سبيل يُؤدي إلى طريق مسدود.
    2. وُجِّهت دعوة إلى الجميع لأداء دورٍ ما في سبيل تعزيز الهدف السامي للسلام والوحدة، وإن كان الذين اشتهروا في النهاية كأبطال للعملية السلمية هم قِلة، إلاَّ أنَّ أثر جميع الجهود المتراكمة من وراء الكواليس هو الذي سيُؤدِّي إلى النتيجة المنشودة.
    3. وعلى ضوء المباديء المذكورة أعلاه، ما دام هناك وقتٌ، لا بدَّ من تكثيف الجهود من أجل الامتثال بالقول المأثور:" أن تأتي أخيراً خيرٌ من أن لا تأتي". لقد بذلت معظم حياتي في دعم السلام والوحدة في بلادنا وسيكون مناقضاً لالتزاماتي التي قطعتها على نفسى مدى الحياة أن أتخلَّى عن هذا الدعم الآن بحجة تأخُّر الوقت.
    د. قد كتبتُ بالمشاركة مع عبد الوهاب الأفندي ورقةً تبيِّن وتُجسِّد آراءنا المشتركة. وإنَّ حديثي هذا ينبغي أن يُنظر إليه كتكملة للجدال والمقترحات الواردة في تلكم الورقة.

    2. رأي المشارك – المراقب
    أ. من أجل وضع آرائي في السياق، قد يكون من المفيد أن أُسلِّط الضوء على بعض مواقفي الشخصية فيما يتعلق بدوري كالمشارك – المراقب في التاريخ المؤلِم لسودان ما بعد الاستعمار الذي قضيتُ فيه حياتي الراشدة.
    ب. ومنذ أن أصبحتُ ذا وعيٍ سياسيٍ، وكما يشهد على هذا الذين قد قرأوا مؤلفاتي أو استمعوا إلى محاضراتي منكم، كنتُ داعماً قوياً للوحدة، ولكن على أساس المساواة التامة والشعور المشترك بانتمائنا كمواطنين إلى هذه الأمة بفخرٍ وكرامةٍ. وأيضاً قد دعمتُ حق تقرير المصير للجنوب لا من أجل أن ينفصل الجنوب وإنما من أجل تحفيز القيادة الوطنية، خاصةً في الشمال لإيجاد ظروفٍ مناسبةٍ تجعلُ الوحدة جذَّابةً للجنوبيين في استفتاء تقرير المصير.

    ج. في عام 1989، وبعد مرور ثلاثة أشهر تقريباً على استيلاء ثورة الانقاذ الوطني على الحكم أتيتُ إلى الخرطوم بعد زيارةٍ قمتُ بها أنا وبونا ملوال إلى أديس أبابا للإلتقاء مع قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان عملاً بالمبدأ الذي تبنيته منذ وقتٍ طويل ألا وهو الحفاظ على التواصل مع جميع أطراف النزاع في بلادنا. لقد أُستُقبلتُ بحفاوةٍ وسُمِحَ لي بزيارة أعضاء الحكومة السابقة المعتقلين وتشرفتُ بمخاطبة الحوار الوطني في قضايا السلام التي أوشكتْ على البدء. وقريباً قرأتُ ما كتبتُ آنذاك وقد تعجبتُ كيف يتواءم ما كتبته مع التحدّيات التي تواجه بلادَنا اليوم.

    د. إنَّ موقفي الخاص بالوحدة المشروطة له جذورٌ عميقة في خلفيتي في القضية الحساسة الخاصة بالحدود بين الشمال والجنوب في منطقة أبيي التي يعترف بها ويدعمها بروتوكول أبيي المنبثق من اتفاق السلام الشامل. في الحقيقة إنه لأمر مضحك أن منطقة أدّت دورًا مهمًّا متمثلا في التقريب بين الجنوب والشمال والمصالخة بينهما قد أصبحت نقطة المواجهة، ونأمل أن يكون هذا قد حُلَّ بقرار محكمة التحكيم.
    ه. بهذه الخلفية قد تشرفتُ بالمشاركة في عديدٍ من المنتديات المعنية بدعم السلام والوحدة عبر السنوات داخل السودان وخارجه. وقد كانت بعض جهودي مع قادة العالم من أمثال الرئيس النيجيري السابق، أولوشيغن أوباسانجو والرئيس الأمريكي السابق، جيمي كاتر، وبعض المؤسّسسات من أمثال وزارة الخارجية الأمريكيّة والمعهد الأمريكي للسلام ومركز الدراسات الإستراتيجية والدولية. كما كنتُ عضوًا مجموعة الموارد (غير الرسمية) التي عقدتها المجموعة الإفريقية المعنية بالمبادرة من أجل السلام في السودان والتي تعرف باسم "الهيئة الحكومية للتنمية" (الإيقاد).
    6. ركّز مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية على وضع سياسة سودانية أمريكية استرشدت بها الوساطة التي قامت به إدارة بوش في نهاية الأمر في شراكة مع آخرين لإنهاء الصراع بين الشمال والجنوب من خلال اتفاق السلام الشامل.

    7. بوصفي رئيسا مشاركا لمجموعة عمل مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية والسوداني الوحيد فيها، قمت بدور واعٍ لوضعي غير المألوف كسوداني يساهم في تشكيل السياسة السودانية الأمريكية ودور استراتيجي تبصيري أدى في نهاية الأمر إلى تقرير متوازن في رأي الشخصي.

    8. وهناك عنصر حساس في ذلك التقرير وهو الحاجة إلى التوفيق ما بين رؤيتين متباينتين في شمال البلاد وجنوبه من خلال صيغة "بلد واحد بنظامين" التي تم تبنيها لاحقا في اتفاق السلام الشامل والتي شكلت حجر الزاوية فيه.

    3. الأسباب الحقيقية للحرب وحلول اتفاق السلام الشامل:
    لا يتحارب الناس فيقتلون الآخرين ويعرضون أنفسهم للقتل دون سبب قوي. إن الاقتتال هو مؤشر على اليأس مبني على افتراض أن جميع جهود السلام قد عجزت عن معالجة وضع غير محتمل. وبالرغم من أنه من النادر وضع الصواب والخطأ في كفة واحدة، فمن المهم تقدير شواغل كلا طرفي الصراع ومعالجتها بصورة منصفة.

    عليه، يجب طرح الأسئلة الحساسة التالية وإيجاد أجوبة عنها:
    ماذا كانت أسباب الحروب في السودان وماهي أسبابها الآن؟
    إلى أي مدى عالج اتفاق السلام الشامل الأسباب الحقيقية لهذه الحروب وأوجد حلا لها؟
    ما هي التحديات التي مازالت ماثلة أمام تحقيق سلام ووحدة مستدامين وشاملين في جميع أنحاء البلاد؟

    أ‌. الأسباب الحقيقية وراء الحرب (الحروب) في السودان
    1. هناك كلمة كثيرا ما تستخدم هذه الأيام بوصفها السبب الحقيقي وراء الصراعات التي تنتشر على مستوى الإقليم في السودان. وهذه الكلمة تستخدم لتشير إلى الغبن في جميع أنحاء البلاد، وبذلك لم تعد قاصرة على الجنوب، ألا هي "التهميش".

    2. وما تعنيه هذه الكلمة هو احتكار المركز للسلطة والثروة الوطنية إلى حد القيام بإقصاء الأماكن الطرفية في كل من جنوب السودان وشماله، وبالتالي "تهميشها".

    3. غير أن هناك منطقا أعمق من ذلك وراء هذا التصنيف الطبقي في السودان وهو ذلك الحد الذي استخدمت فيه عوامل الهوية المرتبطة بمجموعة ما، وهي العرب المسلمين في الشمال، لوضع إطار للهوية الوطنية، التي صنفت لا محالة المجموعات بناء على هذه الأسس وميزت ضد السودانيين من غير العرب ومن غير المسلمين وضد المسلمين من غير العرب في الأقاليم المهمشة في الشمال.
    4. ولو وضعنا هذه الأمور في سياق تاريخي، لوجدنا أن العملية الانصهارية في شمال السودان أعطت فرصا لتعزيز الذات ورفعها إلى مستوى أفضل من المجموعات السوداء غير المسلمة المستحقرة، بينما تبنى الجنوب هوية تقاوم الانصهار الذي تولد من الشعور بالإهانة النابعة من سوء المعاملة عبر التاريخ.

    5. إن عوامل التفرقة الذاتية المتعلقة بتعريف الذات قد ألقت في نهاية المطاف بظلالها على الحقائق الموضوعية التي جسدت العناصر المشتركة للهوية العرقية والإثنية والثقافية. إن هذا الإطار لتقسيم الهوية اعترفت به السياسات الاستعمارية وقوته وعززته، وهو ما زرع بذور الصراعات التي حدثت ما بعد الاستعمار، من خلال إدخال عناصر انعدام العدالة بين المجموعات المختلفة الموجودة.

    6. وفي باديء الأمر، حرض إطار الهوية هذا الشمال ضد الجنوب، الذي نُظر إليه على أنه الإقليم المهمل الذي يشعر بالمرارة بسبب الذكريات السالبة الموروثة من تأريخ أليم وهيمنة داخلية مستمرة.

    7. وقد ظهر رد فعل الجنوب في باديء الأمر في صورة حرب انفصالية وحدّت جميع الشمال ضد الجنوب وانتهت باتفاق على منح الجنوب حكم ذاتي.

    8. إن إلغاء هذا الاتفاق من جانب واحد من قبل الحكومة المركزية أدى إلى اندلاع الحرب الثانية التي استبدلت فيها الحركة/الجيش الشعبي لتحرير السودان الأهداف الانفصالية بدعوة إلى سودان جديد موحد، وعدالة غير منقوصة ودون تمييز على أساس العرق أو الإثنية أو الدين أو الثقافة أو النوع. وبنفس القدر، تهدد الرؤية الجديدة لسودان موحد لا محالة مصالح المجموعة المهيمنة في الشمال والمبنية على الهوية، وهي المجموعة التي من المتوقع أن تقاوم هذا التحول الجذري.

    9. إن ذلك بدأ يجذب اهتمام الأقاليم والمجموعات المهمشة المكونة بقدر كبير من غير العرب في الشمال، بدءً من النوبة والأنقسانا (الفونج) وانتهاءً بالبجة وأهل دارفور وحتى النوبيين في أقصى الشمال.

    10. بدأت الدعوة لسودان جديد في هدم الجدر التي صنفت البلاد عبر التاريخ إلى شمال وجنوب. وحتى تلك المجموعات في الشمال التي قاومت التحول الجذري الذي ينادي به السودان الجديد قدمت تنازلات كبيرة، على الرغم من أنه مازالت هناك حاجة لسد الهوة.

    ب‌. الحلول الواردة في اتفاق السلام الشامل
    1. عالج اتفاق السلام الشامل أزمة الهوية الوطنية بين الشمال والجنوب بمنح الجنوب الحكم الذاتي خلال الفترة الانتقالية وحق الاختيار ما بين الوحدة والانفصال من خلال استفتاء يجرى في نهاية هذه الفترة.

    2. لكنه لم يحل أزمة الهوية الوطنية بصورة شاملة، على الرغم من أنه وضع اللبنة الأساسية للتحول الديمقراطي لنظام الحكم في جميع البلاد.
    3. وعلى الرغم من أن اتفاق السلام الشامل قد نص على بذل جهود خلال الفترة الانتقالية لجعل الوحدة خيارا جاذبا للجنوبيين عند التصويت في استفتاء حق تقرير المصير، فإن صيغة "بلد واحد بنظامين" التي رمت إلى التوفيق بين رؤيتين متباينتين في البلاد رسخت الخلافات بين الشمال والجنوب بميلها دون قصد إلى انفصال الجنوبيين وتركها أزمة التهميش في الشمال دون حل.

    4. وعلى الرغم من أن القصد من اتفاق السلام الشامل أن يضع إطارا للتحول الديمقراطي لنظام الحكم في البلاد ومباديء حل الصراعات الإقليمية في الشمال، فمن العجيب أن أصبح، أداة للاحتواء من قبل حزب المؤتمر الوطني الذي، وفق ما نذهب إليه في الورقة البحثية المشتركة، تضخم فأصبح حكومة الشمال والحزب المهيمن في حكومة الوحدة الوطنية.

    5. وعلى الرغم من البيانات المفوّهة التي تصدر عن الزعماء الذين يناصرون الوحدة، يبدو أن خيار الوحدة، وهو أبعد من أن يكون جاذبا للجنوب، قد تضاءل إذ ليس هناك دليل على أنه كان في يوم جاذب أو أنه جاذب الآن. ولكن، لا يزال الطرفان يتطلعان إلى تحقيق الوحدة الوطنية على أسس صحيحة.

    6. بالطبع، لاقت فكرة السودان الجديد قبول السودانيين من الشمال والجنوب إلى درجة أنه حتى في حالة أن انفصل الجنوب، ستستمر أزمة الهوية الوطنية والنضال لتغيير نظام الحكم في الشمال. وبالمثل، تشير التوترات بين المجموعات الإثنية والصراعات العنيفة في الجنوب، مهما يكن أصلها أو مصدر دعمها، إلى احتمال أن يواجه الجنوب في المستقل أيضا تهما بالهيمنة والتهميش، مما يجعل الدعوة لسودان جديد تسود فيه عدالة غير منقوصة تحدٍ أمام الجنوب.

    7. وإذا أخذنا في الاعتبار أن من يناصر دعوة السودان الجديد في الشمال هم إما أفراد من الحركة الشعبية لتحرير السودان أو حلفاء لها، فيمكن توقع أن يستمر جنوبٌ مستقل تحت قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان في دعم قضيتهم. ومن المحتمل أن يواصل المعارضون الجنوبيون كذلك اللجوء إلى الشمال للحصول على الدعم، ولاسيما في حالة أن ناصب الشمال والجنوب العداء لبعضهما البعض.

    8. وبالقدر نفسه، لا يمكن استبعاد احتمالات الوحدة من جديد في حالة ظهور سودان جديد في الشمال والجنوب.

    9. عليه، من الواضح أن انفصال الجنوب قد لا ينهي بالضرورة الصراعات في الجنوب ما لم تحل أزمة الهوية الوطنية في الشمال وما لم يقام نظام حكم عادل في الجنوب. وبالقدر نفسه، فإن آفاق الوحدة في البلاد لا تنتهي بالضرورة باستقلال الجنوب.

    10. من أجل هذه الأسباب كلها، فإنه من المهم بصورة عاجلة تقييم الوضع والتأمل في ما يمكن فعله في هذا الوقت المتأخر من أجل حل الأزمة في البلاد بصورة شاملة، ليس فقط من أجل تنفيذ اتفاق السلام الشامل بمصداقية ونية طيبة ولكن من أجل حل أزمة دارفور كذلك، بالإضافة إلى حل النزاعات المتوقعة في المناطق الأخرى من الشمال تأسيسا على اتفاق السلام الشامل. وقد يؤدي هذا إلى جو إيجابي مدهش في البلاد ويعزز آفاق الإنقاذ من احتمال تفكك البلاد.

    (ج) التحديات التي تجب مجابهتها:

    (1) تواجه البلاد في هذا المنعطف تحديات ضاغطة تأخذ جانبين مهمين:
     أولاً؛ هل هنالك شيء يمكن فعله في هذا الوقت المتأخر لجعل الوحدة خيار جاذب للمقترعين الجنوبيين في الاستفتاء بشأن تقرير المصير؟
     ثانياً؛ ما الذي يمكن فعله في حالة حدوث أسوأ السيناريوهات المحتملة وهو التصويت لاستقلال جنوب السودان، وما هي الاستجابة العلاجية الإيجابية لمثل هذه الحالة؟

    (2) جعل الوحدة خيار جاذب يتطلب العمل على أرضية مادية وأخرى أخلاقية.
     أما العمل على الأرضية المادية فيتطلب جعل ثمار السلام دانية ومتاحة فوراً: البدء في عمليات بناء ضخمة للطرق وغيرها من مشاريع البنى التحتية؛ توفير الخدمات الاجتماعية للمواطنين، ولا سيما في الجوانب الصحية والتعليمية؛ والتبشير برسالة النوايا الحسنة، وتغيير النفوس حقاً لا قولاً، والاستعداد التام لمعالجة المظالم التي قسمت البلاد منذ الاستقلال.
     وأما العمل على الأرضية الأخلاقية فيستدعي توجيه رسالة واضحة مفادها أن السودان قد بدأ رحلة بحث جادة وصادقة لإيجاد أرضية مشتركة مبنية على ما يوحد لا على مايفرق. فقد قاد التعريف الذاتي غير الموضوعي للهوية إلى تعزيز التشوهات التي لحقت الحقائق الموضوعية التي تعكس المشترك وتوفر الأرضية الصلبة للشعور الموحد للهوية الوطنية السودانية. وفي هذا الخصوص فإن إبداء هذا الأمر من قبل الزعماء الوطنيين وإفشائه من شأنه أن يؤدي فوراً لخلق مناخ موات لتنامي قضية وطنية في هذا الإطار وخلق أرضية جديدة للوحدة الوطنية المنشودة.

    (3) ومهما يكن الأمر، ونحن نبحث الأمر في هذه الورقة المشتركة، فإن الوحدة ينبغي أن لا تكون غاية في حد ذاتها أو خيار أوحد في السعي نحو تحقيق الكرامة الإنسانية. وعليه، فإن التصويت لاستقلال جنوب السودان يواجه الأمة بتحديات لابد من التصدي لها بإيجابية من أجل مصالح الشمال والجنوب على حد سواء. وهذا يعني جعل عملية الانفصال تتم بأقصى درجات السلاسة والتوافق الممكنة مع وضع الأساس اللازم للتعايش السلمي والتعاون واستمرار التفاعل. و يجب اتخاذ التدابير العملية لضمان استمرار تقاسم الموارد الحيوية كالنفط والماء، وتشجيع تجارة الحدود، وحماية حرية الحركة، والتمتع بحق الإقامة والعمل بين البلدين مع جعل الباب الباب موارباً أمام العودة للوحدة.


    4- ملاحظات ختامية:
    أ) يواجه السودان معضلة غير عادية. فالسودانيون ومعهم كل العالم يريدون أن يستمر السودان موحداً، ولكن يبدو إن الرؤى المتباينة متباعدة كثيراً بحيث لايمكن تجسيرها.

    ب) السؤال الذي لابد للسودانيين من إيجاد إجابة عليه الآن هو: ماهو الاعتبار الأهم لديهم الآن، هل هو البناء على المفاهيم الذاتية للهوية التي شوهت الحقائق الموضوعية للبلاد وفرقت الأمة؟ أم البحث عن أرضية مشتركة وإعادة هيكلة الإطار الموحد للهوية الوطنية؟

    ج) فإذا كان الاتفاق هو على الخيار الثاني، لابد إذاً من العمل فوراً ليس لفتح صفحة جديدة فحسب ولكن أيضاً لجعل ذلك واضح للجميع ويمكن تصديقه.

    د) عناصر هذا التوجه الجديد هي:
    (1) انتهاج النظام اللامركزي عبر سائر أنحاء البلاد بحيث تتمتع أقاليم البلاد كافة، في الشمال وفي الجنوب، بالحكم الذاتي على غرار ما منح للجنوب دون التمتع بالحق في الانفصال.
    (2) التمثيل العادل والمنصف في حكومة الوحدة الوطنية، مع الأخذ في الاعتبار للتمثيل النسبي بناءاً على الوزن الديمغرافي دون إغفال حقوق الأقليات.
    (3) إعلاء مبادئ المساواة التامة في المواطنة دون تمييز على اساس العرق، أو الإثنية، أو الثقافة، أو الدين، أو الجندر.
    (4) خلق آليات ومؤسسات لضمان التنفيذ الفوري لهذه السياسات، بغرض إظهار نتائج واضحة لها قبل حلول موعد الاستفتاء في الجنوب.
    (5) إشراك المجتمع الدولي لدعم هذه المجهودات التي تتم في اللحظات الأخيرة لإنقاذ المبادئ الأساسية التي تجعل الوحدة خياراً جاذباً لأهل جنوب السودان الذين يحق لهم التصويت في الاستفتاء القادم وتعزيز هذه المبادئ.
    (6) العمل مع جميع المهتمين ليس فقط لمناصرة قضية الوحدة، ولكن للاستعداد أيضاً للإجراءات المضادة للنتائج السالبة التي تترتب على الانفصال، وترقية التعايش السلمي والتعاون بين الدولتين المستقلتين في الشمال والجنوب.

    هـ) وأود، إن جاز لي، أن أختم بمقتطفات من كتابي: "حرب الرؤى:صراع الهويات في السودان" تحت عنوان "الخيارات الحرجة"، كتبت في هذا الشأن:

    "أمام السودانيون عدد محدود من الخيارات ليتخيروا من بين المواقف المميزة للأطراف. أحد هذه الخيارات هو إعادة تعريف الهوية الوطنية بحيث تصبح جامعة بحق وحقيقة وتتيح عدالة تامة في فرص الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ وخيار آخر هو خلق إطار يمكن أن يعمل على تسوية الأشواق المثالية للوحدة وحقائق التنوع؛ وثمة خيار ثالث هو الاعتراف بأن العوائق أمام الوحدة الوطنية ربما لا تقهر، وأن الانفصال ربما سمح للجانبين بالمضي قدماً في المهام الأكثر إيجابية، ألا وهي إعادة البناء والتنمية على الأسس التي يراها كل منهما محققة لمفاهيمه وأشواقه" (ص 305-306).

    وقد نبهت للدور الذي يتعين على القيادة القيام به لتعزيز قضية الوحدة:

    "أفضل ضمانة للوحدة هو أن تترفع القيادة، ولاسيما على المستوى القومي، عن الجهوية وأن تمنح الأمة بأسرها رؤية ملهمة عبر المكونات القطاعية لأغلبية الشعب السوداني، بغض النظر عن أعراقهم وإثنياتهم ومناطقهم ودياناتهم للتمسك بالهوية الوطنية الواحدة والوقوف صفاً واحداً في مسعىً مشترك نحو مصير مشترك..... فلا يمكن للسودان كافريقيا مصغرة، وكجسر بين القارة الأفريقية والشرق الأوسط أن يحقق السلام الدائم ويلعب الدور المنوط به إلا بالإعتراف المتبادل بين كافة مكوناته واحترام هذه المكونات لبعضها البعض مع الانسجام التام والتفاعل الحقيقي بين هذه المكونات الأفريقية والعربية. وللأسف الشديد، فقد ظل هذا الأمر سراباً منذ الاستقلال".

    و) فإذا استمر الشمال والجنوب على حد سواء في مواجهة التحديات الداخلية في حال انفصال الجنوب، كما طرحت آنفاً؛ وإذا لم تنتف مقومات إعادة الوحدة إذا توافرت لها الظروف المناسبة، مثلما طرحت أيضاً؛ وفوق ذلك إذا كانت أشواق الوحدة غالبة، كما يبدو الحال، إذأً لابد من السعي الحثيث لجعل السلام الشامل والوحدة مطلباً ملحاً. وبالتالي لا يجب النظر للاستفتاء والانفصال المحتمل على أنهما نهاية المطاف. فالبحث عن الوئام والعلاقات المنتجة بين كافة مكونات أجزاء السودان المتعددة هو عملية قائمة أصلاً وستستمر كتحديات تواجه السودانيين في كل الجوانب في ظل سعي الأمة في البحث عن هوية جامعة وشعور مشترك بالهدف المشترك المتجذر في قدرهم المشترك.

    ز) نأمل أن لا يكون هذا السمنار مجرد تظاهرة ثقافية، بل نأمل أن يخرج بمقترحات عملية لإجراءات يمكن للقادة السياسيين على كلا الجانبين أن ينظروا فيها بجدية وأن يتخذوا بشأنها إجراءات فورية لمصلحة شعب هذا البلد، موحدا كان أم منفصلا

    عن سودانايل
                  

11-05-2009, 08:07 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    أتيم: النسخة مزوَّرة ولن نلتفت للتهديدات
    انعام ابرهيم


    الطاهر: بإقرار قانون الأمن.. الجنوب سيحتكِم للقانون بدلاً من الإحتكام للحركة جدَّد رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر تأكيداته على إستمرار المجلس الوطني في جدول أعماله. ووصف غياب أعضاء الحركة والأحزاب الجنوبية بالموقف السياسي غير المبرر. وأبان أنّ قانون الأمن الوطني الآن قيد نظر اللجان، وهناك مقترحات لتعديله من لجنة التشريع وبعض النوّاب ستخضع للنقاش بعد أن طلبت الأخيرة إعطائها فرصة بإرجاء القانون. وقال الطاهر في تصريحات صحافية أمس أن الحديث عن أن نسخة قانون الأمن مزوَّرة إدعاءات، وإن كانت كذلك فإنَّ محل إثبات هذا التزوير مضابط البرلمان وليس بمقاطعته، مشيراً إلى أنَّ الحركة كانت تستعمل هذا القانون الذي دُفع به إلى مجلس الوزراء بعد موافقة نائب رئيس حكومة الجنوب عليه، وتابع إن تأخيره يُحسب على الحركة.. مبيناً أن الجنوب يتضرَّر من عدم إقرار القانون لوجود فوضى وانعدام الحماية القانونية.. وتابع بالقول أن الجنوب الآن يُحكم بالحديد والنار، وذلك يحتاج لإقرار القانون الذي ينص على تشكيل جهاز الأمن بالجنوب إستناداً على إتفاقية السلام الشامل، وأردف: وإذا أُجيز القانون سيكون الإحتكام للقانون بدلاً عن الإحتكام للحركة الشعبية.. ولكن أتيم قرنق نائب رئيس المجلس الوطني وصف تهديدات رئيس البرلمان الأخيرة بأنها إنصرافٌ عن القضية الكبرى،أسباب المقاطعة والغياب، والتحول لقضية النوَّاب ومخصصاتهم.. وقال إنَّ الحركة لن تلتفت لهذه التهديدات وستتواصل مقاطعتها إلى حين الإستجابة لمطالبها المتمثلة في القوانين التي تهيئ المناخ لإنتخابات حرة ونزيهة. ونفى قرنق إتهام الحركة بالسعي لتأجيل الانتخابات قائلاً: الذي يريد الإنتخابات عليه أن يعمل على إجازة القوانين المهمة لإجرائها، مجدِّداً وصف نسخة قانون الأمن بالمزوَّرة، مشيراً إلى اقتراح تقدَّمت به الحركة الشعبية لشريكها المؤتمر الوطني بتعديل عشرين مادة من مواد القانون منذ العام الماضي لم تتم مناقشتها. في السياق استفسر نوَّاب البرلمان أثناء مدارستهم لمشروع الموازنة بحضور وزير الدولة بوزارة المالية أمس عن الإجراءات التي سيتم إتباعها لسد عجز الموازنة وخصخصة مشروع الجزيرة ودعم خدمات التعليم والصحة واستحقاقات المعاشيين، ولاحظ أعضاء القطاع السيادي غياب وزراء القطاع وعدم التطابق في بعض الأرقام مطالبين بزيادة الميزانية المخصصة لدعم الأحزاب. وإنخرطت اللجان القطاعية الطارئة أمس في اجتماعات مغلقة لمناقشة الموازنة وأعدت توصياتها التي سترفع للجنة الصياغة التنسيق توطئة لعرض السمات العامة للموازنة أمام البرلمان لإجازتها الأسبوع القادم.
    5/11/2009
    التيار السودانية
                  

11-06-2009, 00:20 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    الشعب كأضحية!!

    السودانى

    الأعمدة - مسارب الضي
    الحاج وراق

    الخميس, 05 نوفمبر 2009 07:54


    * تتهيأ البلاد لعيد الأضحى، ويتهيأ المجلس الوطني لإجازة الميزانية الجديدة، ورغم ما يبدو من تباعد فإن بين الأمرين علاقة وطيدة – علاقة الذبح والقربان! وإذا كان القربان في عيد الأضحى بذبح الحيوان فداء للإنسان، فإن ميزانية الإنقاذ – غير المساءلة أمام شعبها- وكما درجت في ممارستها طيلة السنوات السابقة- تضحي بالشعب لأجل مصالحها- مصالحها في الصرف السياسي والآيديولوجي والدعائي، وفي الصرف على الأمن والدفاع، بما لا يتسق مع الصرف الشحيح على التنمية المتوازنة وعلى الصحة والتعليم والرعاية الإجتماعية- بما يعني أن الإنقاذ، مثلها مثل كل استبداد، تستعيد طقوس ما قبل الإسلام والأديان التوحيدية الأخرى، بتقديم البشر قرباناً للآلهة الزائفة! وكما كان الفراعنة، حين تشح واردات النيل، يقدمون النساء قرباناً لما يزعمون انه إرضاء للآلهة الغاضبة، كذلك فعل الأمويون، في تراثنا العربي الإسلامي، وإن بتبريرات وصياغات مختلفة، قال الحاكم الأموي، على منبر عيد الاضحي، اذهبوا ضحوا ضحاياكم فإني مضحٍ بالجعد بن درهم! واحد من آلاف ضحايا الاستبداد، من الذين أزهقت أرواحهم بدعاوى شبيهة بالدعاوى الحاضرة- الحفاظ على (بيضة الدين)! أو على الثوابت! وفي السابق كما في الحاضر فإن الثابت المعني ليس العقيدة وإنما الغنيمة!!



    وميزانيات الإنقاذ إنما أفعال ذبح تسفك الدماء، وهي الجذور الحقيقية- كما يقول المفكر الإقتصادي محمد ابراهيم كبج- للحروبات التي عصفت وتعصف بمناطق القطاع التقليدي- او مناطق الهامش- وكذلك خلف الحروب الاخرى الصامتة على العاملين والفقراء في كل انحاء البلاد، وخلف تدهور مستوى معيشة غالبية السودانيين، والسبب الرئيسي وراء تفسخ النسيج القيمي والأخلاقي وتفشي سلوكيات التكسب والأنانية الطفيلية والتسول والدعارة. إنها بمثابة الدود الطفيلي الذي ينهش في كامل الجسد السوداني!



    * وهذه المرة، على خلاف ميزانية2009م، فإننا نُذبح وعيوننا مفتوحة، أقلّه لنا حق العويل والبكاء! أما الميزانية السابقة، فقد أجيزت، ليس فقط في غياب مساءلة من قبل ممثلين حقيقيين للشعب وإنما كذلك بعيداً عن الرأي العام، حيث أجيزت إبان الرقابة الأمنية المباشرة على الصحف – وقد قررت الرقابة حينها منع كل التعليقات (السالبة"!") عن الميزانية! والسبب كما يتضح لاحقاً، من خلال الأرقام المنشورة أدناه، أنها مثلها مثل سابق ميزانيات الإنقاذ, تضحي بأسبقيات الشعب لصالح أسبقيات السلطة. ويصلح فضح تلك الميزانية- الذي لم يتوفر سابقاً-نذيراً مبكراً للميزانية الجديدة، التي تجري مناقشتها الآن في المجلس الوطني. ولعل هذا الإنذار يحفز نواب الحركة الشعبية والتجمع الوطني الديمقراطي لإتخاذ مواقف أكثر تأثيراً، رغم أننا نفهم محدودية الإطار المتاح لهم ضمن مجلس وطني تسيطر عليه اغلبية الإنقاذ.. وفي الحدود الدنيا، فإن تتفرس في سكينة الذبح بعيون مفتوحة، وتصيح، افضل من أن تستسلم صامتاً بعيون مغمضة..!



    * وميزانية2009م ميزانية حرب بإمتياز, رغم الإعلان اللفظي، بأننا نستظل بالسلام (الشامل)! فإجمالي اعتمادات الصرف على قطاع الدفاع والأمن والشرطة(5.770.002.332) مليون جنيه أي بلغة الأرقام القديمة أكثر من 5 تريليون جنيه ! وإجمالي الصرف على الأجهزة السيادية (886.929.362) أي بالجنيه القديم اكثر من ثمانمائة مليار! هذا بينما اجمالي الصرف على قطاع الصحة (451.938.996) واجمالي الصرف على قطاع التعليم (501.795.343)!
    ومن ميزانية الدفاع والامن فإن ميزانية جهاز الأمن والمخابرات وحده (1.010.047.000) اي أعلى من اجمالي الصرف على قطاعي التعليم والصحة معا!
    *وتتضح الطبيعة الإجتماعية للميزانية بإعتبارها ميزانية معادية للفقراء، بمقارنة ميزانية القصر الجمهوري البالغة (235.152.234)- أي 235 مليون جنيه (بالجديد) و235 مليار جنيه بالقديم- مقارنتها بميزانية دعم العلاج بالمستشفيات 18 مليوناً! ودعم الأدوية المنقذة للحياة 57.5 مليوناً! ودعم العلاج بالحوادث19 مليوناً! ومشروع توطين العلاج بالداخل4.1 مليون! بل وميزانية الصندوق القومي لدعم الطلاب83 مليوناً! اي أن مجموع ميزانية غالبية بنود المنافع الإجتماعية لكل الشعب السوداني يساوي184 مليوناً وهو أقل بكثير من ميزانية القصر الجمهوري وحده!! وهذه ذات مفارقة ميزانية عام2005م عام السلام (!)- حيث خصص وقتها لكهرباء الفيلل الرئاسية- كما اوضح الاستاذ كبج- 659 مليون دينار وقد قفزت في التنفذ الفعلي للميزانية 1.3 مليار دينار! وكذلك خصص للمدينة الرياضية300 مليون دينار صرفت كلها بنسبة100% في التنفيذ الفعلي. هذا في حين خصص لتنمية المراعي في القطاع التقليدي- حيث يعيش غالبية سكان البلاد – فقط300 مليون دينار وقد تقلصت في التنفيذ الفعلي الى 100 مليون دينار! بما يعني ان تنمية المراعي- والتي يشكل غيابها المصدر الرئيسي للنزاعات والاصطدامات في مناطق الهامش- قد صرف عليها حوالي10% مما صرف على كهرباء الفيلل الرئاسية!!



    وتؤكد ارقام عديدة في ميزانية 2009م مواصلة ذات المسار السابق فميزانية القصر الجمهوري 235 مليون جنيه (235 مليار بالجنيه القديم) وهي تزيد عن ميزانية رئاسة وزارة الصحة 122 مليون، وعن وزارة التربية والتعليم العام (31مليوناً) ، وعن وزارة الرعاية والتنمية الاجتماعية 6ملايين (مع حذف الكسور). وتقارب ميزانية القصر ميزانية وزارة التعليم العالي بكل جامعاتها والبالغة272 مليوناً!
    وفي ذات الميزانية خصص مبلغ 5 ملايين كميزانية تنمية للقصر الرئاسي، كما خصص 121 مليوناً لإعادة تأهيل مباني وزارة الدفاع، هذا بينما خصص لجملة مشروعات المياه القومية 2.5 مليون (نصف القصر الرئاسي!)، وخصص لجملة مشروعات الملاحة النهرية (التي يفترض ان تربط ضمن ما تربط الشمال بالجنوب- لمصلحة المواطن الجنوبي، والتجار الشماليين، دع عنك مصلحة البناء الوطني والوحدة الجاذبة!) خصص لها فقط8 ملايين! وخصص لجملة مشروعات الصحة65.8 مليون وجملة مشروعات التعليم العالي(39.5) مليون ولجملة مشروعات تنمية القطاع المطري8 ملايين! (حيث النزاعات ونصف سكان السودان)!! بما يعني ان ميزانية القصرالجمهوري، وكذلك اعادة تأهيل مباني وزارة الدفاع، كليهما، يفوقان ميزانية مشاريع المياه والصحة والتعليم العالي والملاحة النهرية وتنمية القطاع المطري، كلها مجتمعة!!
    * وكذلك الميزانية ميزانية آيديولوجية بامتياز, لأن (الذبح) يحتاج الى (تهليل)، فان الميزانية تصرف على الاجهزة التي تلبي مصالح الانقاذ الآيديولوجية اكثر مما تصرف على الانشطة والاجهزة التي تلبي مصالح المجاميع الواسعة من السودانيين. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فان تذاكر السفر للخارج تساوي20 مليوناً (أي 20 ملياراً بالجنيه القديم) والحوافز التي تصرف بموافقة الوزير20 مليوناً (أي المجموع 40 مليوناً) بينما جملة ما تلتزم به الحكومة نحو التأمين الصحي 45 مليوناً!!



    وميزانية هيئة تزكية المجتمع 598 مليون جنيه (بالقديم، مع حذف الكسور) هذا بينما ميزانية المجلس القومي لرعاية الطفولة فقط552 مليون جنيه (بالقديم)!
    وميزانية منظمة رعاية الطلاب الوافدين- ويبدو انها احد نوافذ العلاقة مع الحركات الاسلامية في الخارج، ومهما تكن فهدفها الآيديولوجي واضح- ميزانيتها (1.292.740) ومركز تدريب الطلاب الوافدين (381.840) هذا من مال الشعب السوداني الفقير، بينما ميزانية تحسين الحصول على المياه في المناطق شبه القاحلة(1.00) وميزانية تنمية معامل ضبط الجودة للمياه (1.5) اقل من ميزانية منظمة رعاية الطلاب الوافدين!!
    وخصصت الميزانية لرئاسة مجلس الوزراء (24.613.665) اي بالجنيه القديم 24 ملياراً، بينما خصصت لدعم العلاج بالمستشفيات18 ملياراً ودعم العلاج بالحوادث19 ملياراً!!
    وخُصص لمجمع الفقه الاسلامي (1.288.000) بينما خصص لبنك الدم القومي المركزي –في بلاد تهددها الاوبئة والايدز والحروبات- فقط(180.000) ولمصلحة الملاحة النهرية ( في حكومة الوحدة الوطنية الجاذبة!) فقط (632.340)! فهل يجوز دام فضلكم ان تقبضوا على (فقهكم) اكثر مما تقبض مصلحة الملاحة النهرية، في بلاد وحدتها على المحك؟ افتونا يرحمكم الله تعالى؟!
    وتأخذ الامانة العامة لمجلس الاعلام الخارجي (2.175.800)! اي اكثر مما تأخذه مصلحة الملاحة النهرية وتنمية معامل ضبط جودة المياه!!


    * وهكذا، اذا كانت السياسة، بهذا القدر أو ذاك من التعقيد، تصلح مرآة للاقتصاد والمجتمع، فكذلك ميزانيات الانقاذ، تدعو للإعتقاد بأن شعار شباب وطلاب المؤتمر الوطني، والذي وزعوه في ملصقات إبان بدايات أزمة المحكمة الجنائية، والقائل:(40مليون فداك يا البشير)، وربما قيل للمبالغة في إظهار مؤازرة قطاعات من الشعب السوداني للانقاذ ورئيسها،إلا أن الشعار مع ذلك, يُلخّص بصورة رمزية جملة السياسات الاقتصادية والإجتماعية للإنقاذ.!!

    (عدل بواسطة الكيك on 11-06-2009, 09:12 AM)

                  

11-06-2009, 09:17 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    نحن الجنوبيين مع الوحدة .. ولكن ما نوع الوحدة ..
    بقلم: تريزا استيفن لادو - بريطانيا
    الجمعة, 06 نوفمبر 2009 09:37


    خطاب الاخ سلفاكير ميارديت جاء بالفوائد لانه ساعد علي ابراز بعض نوايا الشماليين الحقيقي نحو الجنوبيين امثال الطيب مصطفي المريض بمرض اسمه (باقان اموم وياسر سعيد عرمان وتمرد توريت) ووصلت قمة الحقده على الجنوبيين في مقال الاخ عبد الحفيظ محمد عثمان مقيم في سعودية ايضا وكثيرين.



    استغربت من كلمات الاخ عبد الحفيظ محمد عثمان عن خطاب سلفاكير الذي قال فيه (لا ادري حتي اللحظة ما هو السر في اتخاذ السيد/سلفاكيرمن المنابر الدينية منبرا للترويج لدعاوى الانفصال والمنابر الدينية هنا بالتاكيد ليست مساجد انما هي الكنائس....الخ وقال ايضا في نفس المقال ان ابسط صورة في الحياة العامة ..ان يركب احدهم (جنوبيين) الحافلة فان ارد ان يدفع الاجرة دفعها وان ارادها ناقصه ذلك وان رفض الدفع فهو حر...وايضا قال عندما يشتري احدهم من البقالة فان ارد الدفع فله ذلك وان يريد فله ذلك ايضا. مواصلا ان امر الانفصال لو كان قد اعطي للشماليين كما هو الحال بالنسبة للجنوبين لما تردد معظم اهل الشمال في التصويت للنفصال ..وقال اصبحنا نتردد الف مرة قبل الدخول في التعامل التجاري معهم(الجنوبيين) ووصف الشهيد د/جون قرنق بقايدهم .اخي القاري اختي القارية يمكنكم قراة مقال هذا الرجل علي هذا الموقع سودانايل بعنوان (سلفاكير بعيدا عن العواطف والبكاء علي الاطلال).

    يا اخي عبد الحفيظ محمد عثمان !! اليست جوامعكم في الخرطوم منذ بداية عهد الانقاذ حتي الان مراكز لتكفير الجنوبيين المسيحيين وسبهم (صليبيون،كفار، نصارى) من اعطاكم هذا الحق لكي تكفروا ما تشاءون وتعطوهم الالقاب ؟؟؟ ما الغريب الان ان يروج سلفاكير للانفصال في داخل الكنيسة ؟؟لماذا لا تاخذه علي نفس المستوى كما يطلق الاخرون في جوامعكم علي قدم المساواة؟؟



    الاكذوبه الكبري الذي قال فيه ان بعض من الجنوبيين يركبون الحافلة دون الدفع او ينقص او لا يدفع وهو حر ،وواصل في تاكيد كذبه بان يشتري احدهم (جنوبي)من البقالة او صاحب المحل فان اراد دفع له ذلك وان لم يرد فله ذلك ايضا

    ما شاء الله يا اخي ،علي فكرة نحن المسيحيين او الجنوبيين لا نؤمن ب(وما ملكت ايمانكم)احيط ذلك في عقلك.



    ترويجكم هذا عنا دائما اوصلتموه حتي الي الدول العربية والاسلامية كلها بان هؤلاء الجنوبيين نقاتلهم لانهم ضد الاسلام والعروبة حتي اصبح العرب ينظرون الينا نظرة العدو حتي بعضهم ساعدكم في ايام حرب الجنوب وهناك بعضهم اعترفوا ،كالذي قال لي انا كنت في السودان ايام حرب في الجنوب ذهبنا الي ضرب بعض المواقع في جنوب السودان قال انا عسكري في سلاح الطيران كن نساعد اخونا في الشمال في ضرب متمردين في الجنوب،لانني قلت له انا من الشمال لاعرف نواياه (الحقيقة دايما تظهر)

    نرجع للاخ عبد الحفيظ-ناهيك عن ترددكم في التعامل التجاري معنا،المشكلة اننا لا نثق فيكم اصلا فلتعرف ذلك يا ملاك،نحن لسنا من اهل النفاق نحن واضحين وضوح الشمس لا نخفي اشياء في قلوبنا.



    اما عن كلامك. في الانفصال بان اذا عرض علي الشمالين اختاروا الانفصال!!!!!!!!!!!! يا تري ماذا يمنعكم من فعل ذلك ؟؟اجمعوا واذهبوا لعمر البشير وقولوا له نحن نريد الجنوب ان ينفصل بدلا من الجبن والكلام خلف الكواليس لان في مخيلتكم السودان عبارة عن جنوب وشمال ،ولذا عندما نقول هناك تهميش للاخرين لا احد يصدقنا.



    وتقولون باننا نحقد عليكم، اي حقد يا اخي؟؟ انظر الي اللغة التي استخدمتها في مقالك اليست هي اخطر انواع الحقد والدسيسة.



    فلتعرف باننا لا نكرهكم لكننا نكره تعاملكم تجاهنا والنظرة الدونية كما هي واضح في مقالك. هذه الدولة السودانية التي حينما اتى اجدادك من الجزيرة العربية الي السودان وجدوا اجدادي علي هذا التراب ورحبوا باجدادك التجار العرب والان انتم الاحفاد تريدون ان تجعلوننا عبيد ،ومع العلم عندما اتوا اجدادك كانو رجال من غير زوجاتهم وتزوجوا من بني جلدي اتوا بك يا ظريف يا ابن خالتي ،كما قال لي احدكم (شمالي) قابلته في الطيارة ومن ملامحه عرفت بانه سوداني لكنه لم يعرف بانني سودانية وعندما كنا في الجو لاحظت بان هناك بعض الكراسي خالية بجواره وذهبت وجلست بقربه اخ من بلدي ونحن في الجو وابتدينا في التعارف وجري بنا الكلام حتي دخلنا في السياسة كعادة السودانيين وعندها وصلنا موضوع الهوية والقبيلة ،وقال لي الاخ كما تعرف ان جدتي (حبوبتي) ام امي دينكاوية زرقاء وقلت له تقول هذا تعاطفا ام مجاملة ،؟؟ فقال لي والله العظيم ،فقلت له يا اخي هي ام امك (حبوبتك) هي الدينكاوية فقط ؟؟ فقال نعم، فقلت له لماذا لم يذهب ذاكرتك الي الوراء منذ دخول اجدادك العرب الي السودان ؟؟ قال لماذا؟ فقلت هل اتى اجدادك مع نسوان بتاعهم؟؟فضحك وقال انت ظريفة يا اخت تريزا ، وقلت له هذه هي الاشياء التي دائما ما يفرقنا وما زال يفرقنا لاننا اذا نظرنا الي انفسنا باننا كلنا سودانيين وقمنا باحترام بعضنا ووضعنا الاديان والقبلية والعروبة والافرقانية خلفنا(شي شخصي) وتمسكنا بالسودان لما وصلنا الي ما نحن عليه اليوم.



    كالذي يقول لي انتم الجنوبيين تريدون الانفصال فكروا لا يوجد لديكم ميناport في الجنوب.هذا ارخص مبرر سمعته في حياتي.يا اخي هناك دول حبيسة في العالم ماذا بهم؟؟!!!هل وصل بنا الغباء الي هذه المرحلة حتي لا نعرف باننا ليس لدينا ميناا port في جنوب ؟؟ يا اخي نحن الجنوبيين عندما نجلس مع بعضنا البعض نناقش امور كثيرة لتعرف ذلك وشكرا على التذكير.



    في نهاية اريد ان اقول نحن الجنوبيين نريد الوحدة ،ولكن ما نوع الوحدة؟؟ لا يمكننا ان نقبل بالوحدة مع الدولة العنصرية العربية الاسلامية في الشمال ،اذا كنتم تريدون الوحدة معنا فهيا بنا الي الغاء هذين العنصرين اللذين وصمتما بهما وجه السودان (العروبة والاسلام)هذا هو مطلبنا ولا نريده فقط على الورق بل تطبيقيا علي الواقع لانه اذا كنتم تريدون وحدة معنا وفي نفس الوقت لا تقبلون علي الغاء هذين العنصرين باعتبارهما الهويتان الوحيدتان لوجهه السودان ، هذا يعني انكارنا في الوجود فمرحبا بالانفصال بنسبة 90% ان قبلت او ابيت.هذه ليست مطالب اسرايلية ولا امريكية ولا غربية هذا صناعة سودانية جنوبية لان تركيز هوية السودان في هذين العنصرين (العروبة والاسلام) في حد ذاته مرض انفصام في الهوية اصاب بها كثيرين في السودان. والله يكون في عون الجميع وفي عون السودان العزيز.



    تريزا استيفن لادو .

    المملكة المتحدة- بريطانيا

    سودانايل
                  

11-07-2009, 08:43 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    الاجنحة الامنية المؤدلجة في حزب المؤتمر ـ وسابقا في الانقاذ مع الترابي ـ أكثر تشددا ورفضا للبراجماتية ـ لدي الرئيس البشير ووزير دفاعه ـ في التفاوض مع الفصائل الدارفورية‏,‏ ومع شريك اتفاقية نيفاشا الحركة الشعبية بقيادة سلفاكير‏,‏ الذي طرح مناورة حث ابناء الجنوب علي الانفصال للضغط المضاد علي حزب المؤتمر الوطني والملفات العالقة في البرلمان‏,‏ وفي إدارة شئون الحكم‏,‏ بحيث بات كل طرف يحكم نطاقا جغرافيا داخل الجغرافيا السياسية للسودان‏.‏ اعتبار مثلث حلايب‏/‏ شلاتين دائرة انتخابية يشكل مناورة مع الحكومة المصرية كي تدعم الحزب والسلطة الحاكمة أكثر من ذي قبل‏,‏ ومحاولة تعبئة قبائل الوسط النيلي‏,‏ والبجا والنوبيين ضد مصر‏,‏ وابعاد النظر عن حجم المخاطر الجسيمة التي تهدد وحدة وتكامل السودان‏,‏ واحتمال تعرضه للانفصال والتفكك في أكثر من منطقة بكل مخاطر ذلك الداخلية والاقليمية‏,‏ ونذر الحروب والنزاعات التي يمكن ان تتولد عن ذلك‏.‏

    نبيل عبد الفتاح
                  

11-07-2009, 09:22 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    السودان ومصر .. الى أين ؟! (1-3) ..

    بقلم: د. عمر القراي
    السبت, 07 نوفمبر 2009 19:33



    ترددت تصريحات مختلفة، في الآونة الأخيرة، عن استيطان مزارعين مصريين بمشروع الجزيرة، أو بالشمالية ، بل ان من الآراء ما يؤكد ان السدود في الشمالية ، انما اقيمت ومن ضمن اغراضها ، توفير اراضي للمهاجرين المصريين .. وتضاربت البيانات عن اعداد هؤلاء المزارعين، وعن طبيعة وضعهم ، ولقد ذكر عدد 5 مليون مزارع ، وذكرت ارقاماً اكثر تواضعا . وورد الحديث عن بيع آلاف الأفدنة لهم بمشروع الجزيرة ، لفترة طويلة ، أو اعطاءهم اراضي للبقاء فيها ، واستصلاحها بالولاية الشمالية . ولعل كل هذه التصريحات كانت نتيجة للإتفاقية ، التي وقعت مؤخراً ، بين البلدين ، تبيح لمواطنيهم حق الإقامة، والتملك، وحرية التنقل دون تأشيرة بين البلدين .. ولقد أشتكى بعض المواطنين ، من ان الاتفاقية قد طبقت من جانب السودان فقط ! اذ لا زال الدخول لمصر يحتاج الى تأشيرة ، ولا زالت فرصة العمل، أو التملك، فيها للسودانيين ، تكاد تكون مستحيلة ! ثم ان الإتفاقية اعادت الحديث عن مشروع التكامل ، ووحدة ابناء وادي النيل ، الأمر الذي قوبل بردود فعل مختلفة، من السودانيين ، و من بعض الكتاب والصحفيين المصرين. فقد قاموا بنفي هذه الأخبار، أو قبول المبدأ مع تحفظ في العدد ، أو الاستنكار والاستهزاء والسخرية . فقد كتب د. محمد السيد سعيد الناشط في حقوق الإنسان ، والمستشار بالدراسات الإستراتيجية بالأهرام ، مقالاً يسخر فيه من كاتب سوداني، أثار تساؤلات عن الوجود المصري المكثف في السودان، في هذه الايام .. فقد اعتبر د. سعيد هذه التصورات " فانتازيا سودانية " على حد عنوان مقاله ، الذي نشر باحدى الصحف العربية ، ونقلته الصحف المصرية والسودانية . ولقد أكد في ذلك المقال ان المصريين لن يستقروا باعداد كبيرة في السودان . وان مشاكل مصر، ستحل داخل مصر، لا باللجوء للسودان . ولعل محاولة د. محمد السيد سعيد لنفي الأطماع المصرية في السودان، تحتاج أكثر من مقاله القصير هذا ، وذلك لأن هنالك تاريخ طويل ، حاولت خلاله مصر ان تستغل تفوقها على السودان، لتملي عليه مواقف، واتفاقيات ، تضره لمصلحتها هي !! ولم تكن العلاقة في أي يوم من الأيام متكافئة ، أوقائمة على الندّية ، أو مبنية على رغبة الشعبين في التقارب والتعاون، وانما كانت توجهها مصالح الحكومات الآنية ، والتي تتحول وفق مقتضيات السياسة



    إن أول ما أود توكيده ، هو ان اتجاه التعاون، أو التكامل ، أو الوحدة التامة ، بين السودان ومصر، لهو اتجاه طبيعي، مقبول ، بل ومفضل .. وذلك لأن تطور الحياة ، يشير الى حتمية الوحدة بين جميع بلاد العالم ، فمن باب أولى ، بين الاقطار المتجاورة ، التي تربط بينها وشائج عديدة ، وواقع جغرافي وتاريخي ، ضارب في القدم ، سجلته نشأة حضارة وادي النيل العريقة .



    ولكن الوحدة لا تتم قبل وقتها ، ولا تتحقق بغير شروطها ، ولا بد لها ان ترتبط بتوحد كل قطر مع نفسه، على حدة ، قبل ان يتحد مع قطر آخر .. ونحن في السودان، حتى نحقق الوحدة الداخلية ، نحتاج الى مذهبية ، قادرة على جمع التباين الثقافي، والفكري ، والديني في وحدة حقيقية .. وهو مجهود لا زلنا عنه بعيدين . فاذا اغفلنا هذا الواجب ، واتجهنا الى وحدة مع مصر، أو غيرها ، فان سعينا سيكون خاسراً. والتنمية المستدامة، لا بد ان تتحقق بواسطة الشعب ، ولمصلحته هو، خاصة في بنياتها الأساسية ، قبل ان يشارك فيها شعب آخر .. فالوحدة ليست عملاً عاطفياً فجاً ، ما يلبث ان ينهار، وانما هي منظومة من البرامج ، التي توجهها القناعة ، من القاعدة نحو القمة وليس العكس . وكل تعاون قبل الوحدة ، لا يستهدي بما تقوم عليه من تكافؤ، وفق مذهبية ذات اهداف محددة ، يكون استغلالاً مرفوضاً، يوقر صدر الشعوب، ولا يخدم مصالحها .



    وعن ضرورة الوحدة بين الشعوب، التي تسوق الى الوحدة العالمية ، جاء ( وهذا الكوكب الصغير، الذي تعيش فيه الإنسانية، وحدة جغرافية ، قد ربط تقدم المواصلات الحديثة السريعة بين اطرافه ، ربطاً ألغى الزمان والمكان، الغاء يكاد يكون تاماً .. حتى لقد اصبحت جميع اجزاء المعمورة ، تتجاوب في ساعات معدودات ، للحدث البسيط الذي يحدث في أي جزء من اجزائه . يضاف الى ذلك، ان هذا الكوكب الصغير، معمور بانسانية واحدة ، متساوية في اصل الفطرة ، وان تفاوتت في الحظوظ المكتسبة ، من التحصيل والتمدين .. فينبغي والحال هذه ، بل انه ، في الحقيقة ضربة لازب ، ان تقوم فيه حكومة عالمية واحدة ، تقيم علاقات الأمم على اساس القانون ، كما تقيم حكومات الأمم كلها في داخليتها ، علائق الافراد على اساس القانون، وذلك أمر مستطاع ، بل هو أمر لا معدى عنه ) (محمود محمد طه 1953م من خطابه للسيد توبيز بوديت مدير عام اليونسكو ).



    هذا عن الوحدة بين الشعوب ، التي تسوق آجلاً ، الى الوحدة العالمية ، بصورة عامة .. أما وضع السودان ومصر، فانه يزخر بما يقارب بينهما ، من وشائج ، ويسوقهما على مكث، وتلبث ، للوحدة الرشيدة .. ولكن مع كل ذلك ، فان النظر الى هذه العلاقة ، يقتضي الحياد، ومن الحياد ان نقرر ان العلاقة السودانية المصرية، قد إيفت بآفات عديدة ، وملئت بسلبيات واضحة ، وخلفت عبر الزمن ، الكثير من المرارات في النفوس . فالعلاقة منذ القدم كانت توجهها الأطماع ، فقد غزا محمد علي باشا والي مصر، من قبل الأتراك ، السودان طلباً للمال والعبيد .. ولم يكن السودانيون في نظره غير موارد يستغلها دون مقابل . وحين ارسل ولده اسماعيل ، كان فتاً غراً ، لم يقبل بان ياخذ الغنائم فقط ، بل جنح الى الإساءة ، الى المك نمر زعيم الجعليين ، مما اشعل الحرب ، التي مات فيها الآلاف من السودانيين، بسبب صلف الباشا وغروره .



    وحين جاء الغزو التركي، كان المصريون جزء منه ، رغم انهم هم انفسهم مستعمرون بواسطة الاتراك .. ولكن الشعب السوداني تلقى الاضطهاد على أيديهم، هم ، فلم يميز بينهم وبين الترك. وكان ظلم الأتراك للسودانيين ، من أهم اسباب نجاح الثورة المهدية . ثم جاء المصريون مرة أخرى، حكاماً مع الانجليز، فيما عرف بالحكم الثنائي ، وكان دورهم بالنسبة للمواطنين أسوأ من الانجليز، لأنهم يرونهم أقرب إليهم من حيث الدين والعرق، ثم هم مع ذلك، يستعمرونهم . ومنذ ذلك الوقت، ظن المصريون ان السودان تابع لمصر .. ومع بواكير محاولات السودانيين للتخلص من الاستعمار، ظهرت دعوة الوحدة مع مصر تحت التاج المصري .. وكانت مصر تتبنى كل الأحزاب السودانية الإتحادية ، وتعادي حزب الأمة، لأنه رفع شعار السودان للسودانين .. وكان الساسة المصريون، يمنون شعبهم، بالتمسك بالسيادة المصرية على السودان . ومن ذلك مثلاً ان صدقي باشا، قد خاطب الشعب المصري، بقوله (لقد جئتكم بالسيادة على السودان) أو قوله (لقد اعترف نهائياً بوحدة مصر والسودان تحت التاج المصري) ( الرأي العام 29/10/1946م). ولم تتوقف الأطماع المصرية حتى بعد قيام الثورة المصرية ، فقد كان عبد الناصر رحمه الله، يتوقع ان يتفق السودانيين على الاتحاد مع مصر، وقد استاء عندما أعلن الاستقلال من داخل البرلمان. ولما لم تتم الوحدة ، لم يقتنع عبد الناصر بذلك ، ففي عام 1957م ارسل الجيوش المصرية الى شرق السودان ، ووضعت العلم المصري على حلايب. وكان يمكن ان تصبح حلايب جزء من مصر، منذ ذلك التاريخ ، لو لا ان رئيس الوزراء في ذلك الحين السيد عبد الله خليل، قد كان حقاً في مستوى مسئولية الدفاع عن تراب الوطن. فقد ارسل قوات من الخرطوم الى حلايب ، وأعلن الحرب على مصر. ولقد إلتف الشعب السوداني كله خلف عبد الله خليل، يدعم هذا الموقف الوطني الشجاع . وانسحب عبد الناصر مفضلاً ان يكسب الشعب السوداني كله بدلاً عن جزء من اراضيه .



    ومن التجارب السيئة في علاقة السودان ومصر، إتفاقية مياه النيل 1929م .. ثم تهجير أهالي حلفا عام 1959م، من أجل بناء السد العالي . ولقد فرط الحكم العسكري الاول، بقيادة الفريق ابراهيم عبود، فلم يستطع المفاوضة ، بغرض اعادة النظر في اتفاقية مياه النيل. فالاتفاقية كانت قد ابرمت بين دولتي الحكم الثنائي، والسودان غائب تحت الإستعمار. وكون السودان كان مستعمراً ، حين وقعت الإتفاقية ، يعطيه الحق في نقدها وتغييرها . ولكن الفرصة قد ضاعت لأن اتفاق 1959م لم يصحح هذا الوضع . ولقد اعطت الإتفاقية مصر 48 مليار متر مكعب، في حين اعطت السودان 4 مليار متر مكعب فقط !! أما الزيادة الناتجة من بناء السد العالي ، فقد نال منها السودان 14.5 مليار متر مكعب ، ونالت مصر 7.5 مليار متر مكعب فيصبح بذلك جملة نصيب السودان، من مياه النيل ، حسب هذه الإتفاقية المجحفة 18.5 مليار متر مكعب بينما نصيب مصر من مياه النيل 55.5 مليار مترمكعب !! ليس هذا فحسب ولكن اتفاقية 1959م التي ضاعت بمقتضاها حلفا ، أعطت السودان فقط 15 مليون جنيه (12/11/1959م). وهذا لمبلغ الضئيل ، انفقت الحكومة منه 13 مليون لتشييد قرى حلفا الجديدة ، بخلاف الخزان ، واعداد المشروع الزراعي ، بخلاف تكاليف الترحيل ، وادارة التوطين ، والتعويضات التي دفعت للمواطنين المرحلين .


                  

11-08-2009, 09:27 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    الأحد 8 نوفمبر 2009م، 21 ذو القعدة 1430هـ العدد 5881


    تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود (1-2)

    الطيب زين العابدين


    تصاعدت خطوات الحركة الشعبية في الأيام الماضية بالكشف عن نواياها تجاه قضية الوحدة بين الشمال والجنوب، بدأ التصعيد بخطاب الفريق سلفاكير ميارديت النائب الأول لرئيس الجمهورية في إحدى كنائس العاصمة الجنوبية الذي قال بجرأة غير معتادة إن التصويت للوحدة في الاستفتاء يعني قبول الجنوبيين أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية! ولحق به في غضون بضعة أيام دينق ألور وزير الخارجية الذي صرح في منتدى «الوحدة وتقرير المصير في السودان» الذي نظمته بعثة الأمم المتحدة (ينميس) بالتعاون مع مؤسسة اتجاهات المستقبل، بأن عروبة وإسلامية الدولة هي أكبر مهددات الوحدة لأن الشريعة الإسلامية تعتبر غير المسلم (ذمياً) ومواطناً من الدرجة الثانية ولا يتساوى في الحقوق مع المسلم، وأنه بدون فصل الدين عن الدولة فلا مجال غير الطلاق بسلام. والتقط إدوارد لينو القيادي في الحركة القفاز لينطلق منه إلى مستوى أعلى من التصعيد يضعه تحت طائلة القانون، فقد قال في مقابلة تلفزيونية بثتها قناة الجزيرة إن على المواطنين (المهمشين) في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق أن يتوحدوا ويثوروا في وجه حكومة الخرطوم لإسقاطها إن أرادوا العيش الكريم كمواطنين متساوين في الحقوق! وردت بعد ذلك توضيحات من مسئولين في حكومة الجنوب تخفف من وقع تصريحات سلفاكير، ولكن الأحاديث التلقائية من السياسيين هي عادة أكثر صدقا من التوضيحات الدبلوماسية التي تعقبها. وانبرى غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية في حضور اسكوت غرايشن للرد على دينق ألور بأن حديثه (مفبرك) لا يستند على حقائق وقد ظل يردده منذ عشرين سنة، وأن بروتوكول ميشاكوس الذي تراضى عليه الطرفان قد حسم وضعية الشريعة الإسلامية وأن مصطلح (ذمي) لم يرد في الاتفاقية التي هي المرجع للنظام القائم وليس الدولة الإسلامية. وقد اتفق معظم المتحدثين في المنتدى أن (الوحدة الجاذبة) قد فات أوانها وأصبحت في خبر كان وأن من الأفضل التركيز على حلحلة مشكلات الانفصال حتى يأتي سلمياً وسلساً يسمح بالتعايش وحسن الجوار. وعبر بعض المشاركين، وأنا أحدهم، أن الخوف الحقيقي ليس هو الانفصال في حد ذاته ولكن ما يمكن أن يعقب ذلك الانفصال من حرب وتمزق قبلي وإقليمي في كل من الشمال والجنوب، وعندها ستكون اتفاقية السلام التي أوقفت الحرب واعتبرها الشريكان أعظم انجاز سياسي لهما أكبر مصيبة حلت بالسودان منذ الاستقلال، والمسئولية يتحملها الطرفان!
    وتصعيد الخلافات بين الشريكين إلى درجة غير مسبوقة أدت إلى انسحاب أعضاء الحركة الشعبية من البرلمان ومن مجلس الوزراء ونادى بعض قادة الحركة بانسحاب منسوبيها من جهاز الأمن، والرد غير الموفق من رئيس المجلس بأنه سيسعى لتمرير القوانين المختلف عليها في غيبة عضوية الحركة ومن يتحالف معها ويعاقب الأعضاء المتغيبين بقطع مخصصاتهم حسب ما تنص عليه لائحة المجلس. وكل ذلك يصب في خانة التصعيد ويزيد النار اشتعالاً مع القرب من حلول موعد الانتخابات التي إذا انعقدت في هذا المناخ الشقاقي المتوتر، ستفجر الأوضاع وتقود حتماً إلى ما نخشاه من انفصال وحرب وتمزق. ولا ينبغي للمؤتمر الوطني أن يخدع نفسه ويظن أن خيار الوحدة ما زال وارداً وأن شعب الجنوب سيعاقب الحركة الشعبية في الانتخابات القادمة على سوء إدارتها في الحكم وسيصوت للوحدة نكاية فيها أو تخلصاً من سيطرتها، لو جاز ذلك في الجنوب لجاز مثله في الشمال، فإن أداء المؤتمر الوطني في الشمال لمدة عشرين سنة كان معيباً في كثير من المجالات ويستحق عقاباً صارماً من الناخبين، ولكن المؤشرات المنظورة تقول بغير ذلك خاصة في الأرياف الشمالية التي تعاني من الفقر والجهل ومع ذلك لا تجد خياراً أفضل! وإذا حدث ما نخشاه من انفصال وحرب وتمزق، فإن المسئولية الأولى عن ذلك تقع على عاتق المؤتمر الوطني الذي توصل إلى اتفاقية نيفاشا مع الحركة وأقصى كل القوى السياسية الأخرى عن المشاركة في صناعتها، وفرض نفسه دون تفويض ممثلاً رئيساً للشمال بأغلبية تشريعية وتنفيذية على المستوى الاتحادي والولائي، وأعطى ذات القدر من السلطة للحركة الشعبية في الجنوب لتكون الحاكمة والناطقة باسمه في كل المجالات، وفشل في بذل الجهد المطلوب ليجعل الوحدة جاذبة لأهل الجنوب وأن يحقق وحدة وطنية ولو على مستوى الشمال. ويتحمل بالطبع قدراً من المسئولية في كل الخلافات والاحتكاكات التي وقعت بينه وبين الحركة الشعبية طيلة السنوات الخمس الماضية، مما يعني أنه سيتحمل مسئولية وطنية وتاريخية عن نتائج ما صنعت يداه من انفصال وحرب وتمزق إذا ما وقع ذلك في نهاية المطاف، خاصة بالنسبة لأهل الشمال الذين يتحدث باسمهم ويطمع في أن يحكمهم لفترات أخرى قادمات!
    والسؤال الهام هو: إذا ما كانت الأمور تسير في هذا الاتجاه المقلق الخطير، فماذا ينبغي على الحزب الحاكم أن يفعل حتى تتفادى البلاد تداعيات حرب بين الشمال والجنوب وتمزيق أوصال الشمال في حالة الانفصال الذي لا محالة واقع؟ أول ما ينبغي فعله هو تهدئة التصعيد مع الحركة الشعبية ووقف هذه المناكفات الجانبية التي تزيد من احتمالات الصراع ولا تخدم قضية الوحدة بحال من الأحوال، وهذا يعني التسليم بترجيح الانفصال والتخلي عن محاولة فرض الوحدة بإجراءات يائسة عن طريق قانون الاستفتاء أو غيره من الأساليب. هذا لا يعني قبول فكرة تقديم الاستفتاء على الانتخابات كما يدعو بعض أعضاء الحركة ويؤيدهم المبعوث الأمريكي الذي لا يملك إلا أن يساير الحركة الشعبية في كل ما تطلب بحكم تأثير جماعات الضغط الأمريكية على قرارات إدارة الرئيس أوباما الذي يمثله. إن أهم شرط ينبغي الحرص عليه في إجراء تقرير المصير هو أن تقوم به حكومة منتخبة كما نصّت على ذلك اتفاقية السلام الشامل وليس زيادة أعداد الناخبين المسجلين أو المصوتين في الاستفتاء، حتى تتحمل تلك الحكومة المنتخبة مسئوليتها كاملة عن الانفصال أمام شعب الجنوب في المستقبل، وحتى لا يقال إن المؤتمر الوطني سلم الجنوب لقمة سائغة للحركة الشعبية مقابل أن يسيطر هو على الشمال، ولو جاز ذلك في الفترة الانتقالية لأسباب استثنائية من أجل وقف الحرب فلا يجوز لتنظيمين عسكريين أن يحددا مستقبل الأجيال القادمة بالسودان في غيبة كاملة لإرادة شعبه ومنظماته السياسية والمدنية. ولا يعني التسليم بترجيح الانفصال التنازل عن حقوق الشماليين قيد أنملة. يكفي أن حكومة المؤتمر الوطني أعطت الحركة الشعبية في اتفاقية نيفاشا حكم الجنوب كاملاً وقاسمتها السلطة في ولايتين شماليتين هما جنوب كردفان والنيل الأزرق وأشركت الجنوبيين في حكم الشمال بنسبة 30%، وتنازلت عن حدود يناير 1956 المعترف بها دولياً وإفريقياً لتعيد منطقة أبيى لمديرية بحر الغزال بعد مناكفات قانونية كلفت الخزينة مئات الملايين من الدولارات، ومنحت غير المسلمين حماية مقننة في عاصمة البلاد دون أن تفعل شيئاً مماثلاً لحماية المسلمين في الجنوب الذين برهنت الأحداث أنهم يحتاجون للحماية في ظل الدولة العلمانية بالجنوب أكثر من حاجة غير المسلمين في الشمال. ولم تجد تلك العطايا غير المستحقة فتيلا في تحبيب الوحدة للحركة الشعبية التي ما فتئت تأخذ وتطالب بالمزيد من الصلاحيات في الجنوب على حساب سلطات الحكومة الاتحادية.
    وعلى المؤتمر الوطني، بمشاركة فاعلة مع القوى السياسية الشمالية، أن يطرح بشجاعة ووضوح قضايا ما بعد الانفصال على مائدة المفاوضات مع حكومة الجنوب في جوٍ هادئ قبل حلول موعد الاستفتاء وأهم هذه القضايا: ترسيم الحدود بما في ذلك منطقة أبيي، تقسيم مياه النيل، نصيب الشمال في تصفية وترحيل بترول الجنوب عبر الشمال، التزام الجنوب بالاتفاقيات الدولية الموقعة من حكومة السودان وخاصة في مجال الاستثمار واستغلال النفط، وجود الجنوبيين في الشمال ووجود الشماليين في الجنوب وممتلكات كل طرف في الشق الآخر من البلاد، وضعية الجنوبيين العاملين في أجهزة الدولة بالشمال، اقتسام أصول ومديونيات الدولة بين الطرفين، تفكيك القوات المشتركة في الشمال والجنوب (يستحسن البدء بها لما سببته من مشكلات في الفترة الماضية)، حقوق المواطنين في مناطق التداخل وعبر الحدود، سبل التعاون والتعايش السلمي خاصة في الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بين شطري البلاد، وغيرها من القضايا التي تهم الطرفين.
    وإن كان الشمال مهدداً بحرب مع الجنوب بعد الانفصال وتمزق بين أقاليمه نتيجة العدوى من الجنوب، وربما بمساعدة من الحركة الشعبية التي يدعو بعض قادتها مثل إدوارد لينو لثورة الأقاليم المهمشة حتى تعصف بحكومة الخرطوم، فإن توحيد الجبهة الداخلية في الشمال يصبح القضية الأساسية التي ينبغي أن يلتف الناس حولها مهما كانت اختلافاتهم السياسية والعرقية ومهما غلا ثمنها بالنسبة للحزب الحاكم. ولا يتأتى توحيد الجبهة الداخلية بالشعارات البراقة والفهلوة السياسية، ولا بالرشاوى المادية من مناصب وأموال، ولا بالتخويف من المؤامرات الخارجية ضد السودان، ولا بالاتفاقيات الهازلة التي تنسى بمجرد توقيعها، الأمر أكثر جدية وخطورة من ذلك النهج الحزبي الضيق والتكتيك السياسي قصير النظر الذي اتبعه المؤتمر الوطني طيلة العقدين الماضيين بهدف عزل الآخرين وتمكين نفسه في السلطة على حساب أي قيم أخرى وطنية كانت أم دينية أم سياسية. فالأمر يحتاج إلى انقلاب في وعي المؤتمر الوطني بالمهددات الماثلة والقضايا الهامة والأولويات الملحة وكيفية معالجتها في مشاركة فاعلة مع الآخرين، فالاستعلاء على الناس وتضخيم القوة الذاتية ودعوى السيطرة على الأمور سينكشف أمره عندما تضطرب الأحوال وتدلهم الخطوب وتستعر المواجهة مثل ما حدث عندما مات الدكتور جون قرنق وعندما وصلت مليشيات العدل والمساواة إلى قلب الخرطوم! وفي حلقة قادمة نتحدث عن تلك القضايا الهامة وكيفية معالجتها.

    الصحافة
                  

11-08-2009, 11:04 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    الأحد 8 نوفمبر 2009م، 21 ذو القعدة 1430هـ العدد 5876


    بمنطق الحسابات والأرقام

    حيدر طه

    إنقاذ الوحدة له أثمان.. من يدفع وماذا يدفع..؟!
    بصرف النظر عن العاطفة الجياشة المتدفقة هذه الأيام والمتغنية بكل قصائد العشق والوله والتشبث بـ «وحدة السودان»، وما طبعته من كلمات ومشاعر اتسمت بها كثير من الخطابات الرسمية والبيانات الحزبية، وتعطرت بها المناقشات المفتوحة على صفحات الصحف والفضائيات بأشجان الماضي العريق. وبصرف النظر أيضا عن المواقف والتصريحات «غير المسؤولة» التي تتوسل العرقية أحيانا، وتتزلف «الخارج» أحيانا أخرى، لشحذ مزيد من الضغوط على أعصاب السودانيين في الشمال والجنوب، وعلى خياراتهم الديمقراطية، بغض النظر عن «الحالتين»، فإن اتفاقية نيفاشا وما بعدها فرضت منطقاً آخر، مختلفاً في نوع التعبير وجنس العاطفة. فنيفاشا فرضت منطق الحسابات والأرقام، بلغة «ما ليَّ وما عليَّ»، حتى أصبح مقياسا للالتزام بالعهود وإيفاءً بالوعود.
    فدخل المبدأ الجديد في عقول الناس وعلى ألسنتهم ضمن سياق اللغة السياسية التي حملتها الاتفاقية، فأصبحت الروح التي تغنى بها شاعر «أنا سوداني أنا» تقاس بمنطق نيفاشا، وتكال بمكيال الحسابات والأرقام، وبمفهوم «المواطنة الجديدة» ولغة العدد والكم.
    وليس هناك تناقض بين منطق «الأرقام» وحلم «أنا سوداني أنا» الذي ظل يراود السودانيين الباحثين عن هوية «موضوعية» روحها الشراكة وجسدها المواطنة. حلم معتق حاول صياغة «قدر» جمع أهل هذه الأرض، شعوبا وقبائل، ممالك وسلطنات ومشيخات، قبل مائة وتسعين عاما، ليضعهم أمام تحدٍ تاريخي إما «أن يكونوا أو لا يكونوا..». ولذلك ظل النشيد صلبا في وجدان السودانيين، جاهزاً للاستدعاء كلما طرأ طارئ يهدد وحدة الوطن ويشكك في هويته، ويدمر نسيجه بيد أبنائه أو أعدائه.
    ولا غرابة في أن يسود هذا المبدأ الذي ابتدعه الجيل الثالث من رجال الحكم الذين تعلموا فن السياسة بالأرقام، ومهنة الإدارة بالحسابات وقياس الحقوق والواجبات بالحاسوب وبكل مترادفاته المتطورة والحديثة. فهو جيل أرهقه عد الشهداء وضحايا الحروب على الأصابع، جيل يحسن العد والاحصاء، ولا يحسن فهم معنى الصفر إذا نقل من اليسار إلى اليمين.
    وهو في ذلك لا يشبه الجيل الأول في شيء، إذ لم يكن جيل السودنة يحسن الحساب السياسي، فأخطأ في إدراك معنى تقسيم السلطة ولو بقناعة «حسنة قليلة تمنع بلاوي كثيرة». فهو خطأ جهل وليس خطأ قصد. فجاءت المصائب بعد ذلك تترى دون القدرة على تداركها، واحدة بعد الأخرى، كأنها حبات في مسبحة، تكر تباعا صعودا وهبوطا، من مطالب متواضعة بوظائف إلى مطالب بفيدرالية ثم بحكم ذاتي والآن بتقرير مصير حتمي، بدأت مؤشراته تظهر جلية في منحنى الاستبيانات واستطلاعات الرأي العشوائية.
    و«نيفاشا» اتفاقية لم يبدعها السودانيون وحدهم، إنما هي نتاج جهد وطني- أجنبي مضنٍ سكبت فيها كل الحيل والمراوغات والمناورات ومورست فيها كل الضغوط الممكنة حتى خرجت بالمعادلات الحسابية التي أعطت كلاً من الشريكين في الحكم الثنائي- الوطني - ما قدر أنه يستحقه خلال المرحلة الانتقالية ذات السنوات الست، وفق الظروف والملابسات المحيطة التي حكمت الاتفاق، دون النظر إلى المتغيرات الممكنة أو المحتملة.
    وكان كل من طرفي الاتفاقية، لحظة توقيعها، يتوقع تغييراً إيجابياً، على مستوى الممارسة والالتزام والرؤى والاستجابة، يصب في مجرى وحدة السودان، حسب تصور كل منهما.
    وكان لكل طرف تفسيره، ولكل منهما حوافزه من الاتفاقية، فالمؤتمر الوطني استطاع أن ينقل ساحة الجنوب من حرب ضروس إلى سلام دائم، وهو إنجاز هائل لا يحتاج إلى دليل أو شهادة. أما الحركة الشعبية فكان حافزها أكبر وأهم، إذ بشرتها الاتفاقية بموطئ قدم في الخرطوم العاصمة بعد أن كانت جوبا أقصى ما تحلم.
    أما الحافز الذاتي الذي اختلط بالموضوعي في نفوس قادة الحركة، هو الاستقبال الفريد الذي حظي به جون قرنق في الساحة الخضراء، فرأى ما رأى من جماهير حسبها قاعدته الشعبية وأمله وأملها، في سودان جديد، دعا له وحارب من أجله. فحمل الاستقبال أيقونة الاستفتاء للسودان الجديد، بوحدته الناجزة التي لا تنتظر استفتاءً بعد ست سنوات، إلا شكلياً.
    فكانت نيفاشا وما تضمنته من إنجاز وحوافز، قد ألهبت روح الوحدة في قلوب السودانيين وجعلت البشرى سمة تلك الأيام.
    وربما كان جون قرنق أكثر تعبيراً عن ذلك في مختلف خطبه وتصريحاته وأهازيجه، إذ بدا عليه الارتياح والاطمئنان بأن «السودان الجديد» أضحى قاب قوسين أو أدنى، مراهنا على استراتيجيته وتكتيكاته وشعبيته الكاسحة ورؤيته الثابتة وإيمانه المطلق بوحدة السودان، فقد كان زعيما التصقت رؤيته بروحه وعقله وذاكرته.
    كان يحمل فكرة السودان الجديد صلبة في عقله وسائلة في عروقه، على الرغم من أن الفكرة ظلت هلامية لدى قطاعات عريضة من أنصاره وقاعدة حركته الشعبية، بل لدى بعض القيادات العسكرية التي انحصر جهدها في «العمل العسكري» فقط. فقد كان زرعها «سطحيا» حتى كادت تتلاشى من ذاكرة الحركة في معمعان الصدام اليومي مع الحكومة خلال السنوات الخمس التي أعقبت نيفاشا.
    وبجانب رهانه على مخرجات نيفاشا، كان رهان قرنق أيضا، حسب قرائن الأحوال والأقوال آنذاك، على شخصية «علي عثمان محمد طه» وما يمثله من ثقل فكري وسياسي وأمني في الطرف الآخر للمعادلة، الحكومة والمؤتمر الوطني. وكان هذا الرهان، بجانب نصوص الاتفاقية، عامل تأمين لإمكانية التغيير، وعنصر ثقة ربطت بين رجلين قربت مفاوضات السلام الطويلة بين رؤيتهما تجاه كثير من الهموم المشتركة وقاربت بين روحيهما، فدنت فكرة وحدة السودان إلى الحقيقة الجازمة والواقع الحتمي بحسابات توزيع الثروة والسلطة ورسوخ الثقة.
    فكانت نيفاشا وحدوية بحساب الأرقام والأحلام، وبعاطفة «أنا سوداني أنا».
    ولكن وقع ما لم يكن متوقعاً، وحدث ما لم يكن في الحسبان. إذ رحل جون قرنق فجأة بعد أقل من تسعة أشهر من الاتفاقية، فكانت صدمة مدوية، فاختلت الموازين واهتزت الثقة وتضعضعت الأحلام، فما عاد في ذاكرة الطرفين إلا الأرقام والحسابات والخوف والشكوك، وكان أكبر شك اختزل في سؤال: من قتل جون قرنق.. العواصف أم المكائد؟!
    وعند ربيكا زوجة الراحل الخبر اليقين..
    فقد أشارت تلميحا، رافضة التصريح لظروف محيطة بها وبأبنائها، إلى المشتبه بهم في اغتياله، وقالت بالنص «أنا اعرفهم».
    فمن لديه، أو بالأحرى لديهم، المصلحة في اختفائه من مسرح الجنوب والسودان..؟
    لا مجال للشك في أنها مراكز قوى انفصالية، لا تريد للسودان وحدة ولا للسودان الجديد مولداً، فصعدت إلى قمة غير مؤهلة لها.
    فمن اغتال قرنق أراد أن يغتال الرمز الجنوبي للوحدة، حامل الرؤى والإصرار، ليترك أرقام نيفاشا العارية من العاطفة وحدها التي تتحدث طيلة خمس سنوات.
    وللأرقام منطق قاس، وقياس صارم بعد أن نسلت منها بطانتها المعنوية وعريت الحسابات من دثارها الفكري برحيل قرنق الذي أفضى إلى أمرين:
    الأول، انفجار الشك وعدم الثقة بين الشماليين والجنوبيين، مما أطلق عقال العنف ولو لثلاثة أيام، أهملت فيها السلطات في العاصمة اتخاذ إجراءات التأمين اللازمة في لحظة الطوارئ، وهو إهمال يرتقي إلى مستوى الخطيئة، إذا لم يكن محسوبا في نطاق الجريمة المقصودة.
    والثاني، غياب مرجعية في مقام قرنق ترك فراغا هائلا، استغلته قوى انفصالية داخل الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني في التقدم إلى الصفوف الأمامية في الجانبين، لتدفع مفاوضات تنفيذ الاتفاقية إلى قاع الحديث عن «ما لي وما علي»، وليس أزيد من ذلك، إلا ما تستوجبه المقارنات والمناخات والاستعداد أو عدم الاستعداد لتقديم ما هو أفضل لتصحيح مسار أو لتأكيد نوايا.
    هما أمران وضعا الشراكة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية تحت التقييم والمراجعة. شراكة رباطها الشك، إن لم يكن البغضاء المستترة بحجاب شفيف من الخطب العاطفية والبيانات العقلانية التي لا تستر نوايا ولا تحجب مراجعات بدت واضحة في التعاطي مع جوهر الاتفاقية، وحينها خرجت من الميزان العاطفة وبقيت الأرقام راجحة في الكفة الأخرى .. ولكن هل الأرقام كافية لضمان وحدة السودان..؟
    الاتفاقية تحدد الأنصبة والنسب في الحكومة والدولة لكل من الطرفين، بـ «اثنين وخمسين في المائة للمؤتمر الوطني، وثمانية وعشرين في المائة للحركة الشعبية.. والقوى السياسية الأخرى في الشمال بأربعة عشر في المائة والقوى السياسية الأخرى في الجنوب بستة في المائة».
    كانت تلك نسب «الأمر الواقع» التي فرضتها معادلة سياسية - عسكرية بين الشمال والجنوب، إضافة إلى رغبة دولية وإقليمية جارفة للوصول إلى سلام قابل للاستمرار لسنوات ست حتى يقضي تقرير المصير أمراً كان مأمولا، وهي نسب ليست بالضرورة انعكاس للأوزان الحقيقية في ظرف استثنائي تتعطل فيه القواعد وتهمل فيه الحقائق.
    فالأمر الذي كان يهم الوسطاء والمراقبين والمشرفين الدوليين والإقليميين على مفاوضات ذات محطات متعددة في كارن، مشاكوس، نيروبي، ناكرو، نانيوكي، ونيفاشا، هو أن يصلوا إلى اتفاق سلام لمرحلة انتقالية حسبوا أنها مؤهلة لوضع السودانيين «جميعا»، وبلا استثناء، أمام خيار مصيري، وحدة أو انفصال.
    وقد شاع الظن طيلة الفترة الماضية، أن استفتاء تقرير المصير خطاب موجه في الأساس إلى الجنوبيين باعتبارهم أصحاب حق في تقرير ما يريدون، دون إشراك الشمال، ولكن خبث الاتفاقية ومكرها أنها وضعت الاستفتاء كرد فعل وليس فعلا.
    أما «الفعل»، حسب توقيع المؤتمر الوطني، فهو مسؤولية التزمت بها حكومته في المقام الأول، مسؤولية ملخصها إنها إذا أحسنت الفعل كان رد الفعل بأحسن منه، وإذا أساءت الفعل كان رد الفعل أسوأ منه.
    إذن علقت الاتفاقية نتائج تقرير المصير على رقبة الحكومة وجعلتها في ذمة المؤتمر الوطني، فإذا جاءت نتائجه إيجابية كان لهما الفضل في ذلك، وإذا جاءت سلبية ستقع عليهما لعنات التاريخ والشهداء وأجيال الحاضر والمستقبل، وربما لعنات الأمم والشعوب الأخرى التي تنظر إلى الاستفتاء بقلب واجف وأعصاب مشدودة، لأن آثار الانفصال لن تحبس عند حدود الجنوب ودارفور، ولا عند حدود السودان الممزق، إنما ستمتد إلى الجيران غربا وجنوبا.
    فهل فعل المؤتمر الوطني، الذي علقت في ذمته أمانة الوحدة، ما ينبغي فعله لجذب الجنوب إلى الشمال مرة أخرى.. أم ترك الأمر في يد «آل بوربون» من أعضائه مقابل آل بوربون من أعضاء الحركة الشعبية، الذين لم ينسوا شيئا ولم يتعلموا درسا، ليجعلوا- الطرفان- الوحدة أمرا منفراً، لا يطيقه الشماليون قبل الجنوبيين..؟
    ومازال في يد المؤتمر الوطني أوراق وفرص وإنجازات مبيتة، إذا فكر في وحدة السودان بعقل مختلف، يسقط احتكار معايير الوطنية، ويستبصر معاني التضحيات، ويعلي قيمة دماء الشهداء الذين ضحوا من أجل وحدة السودان في كل العهود، وخلَّدت الحكومة أسماءهم في نواصي الشوارع والميادين. عقل يستصغر إغراء السلطة وبريق النفوذ وعبودية الحكم، وهي كلها في عرف «الإسلاميين» وعقيدتهم أمور زائلة، تجعل الدنيا اكبر همهم ومبلغ مقصدهم، في حين أن المجد الخالد معقود بناصية الوحدة الأبقى في ذاكرة التاريخ.
    فإذا كان ذلك حديث عاطفة لا يستساغ في لغة السياسة، فإن الأرقام لها لغة يمكن استثمارها أيضا، فهي داعمة لحجة «الفعل المطلوب» من أجل ضمان الهدف المنشود. فتحريك الأرقام صعودا من جانب أو هبوطا في جانب، خاصة في التوظيف والتنصيب والانتخاب، يعد حافزاً لاستعادة ثقة قادة وشرائح من قاعدة الشريك الأكبر المتأرجحة بين الوحدة والانفصال، وفي الوقت نفسه تكون خطوة جاذبة لـ «الشركاء في الوطن»، خاصة أن الانتخابات التي على الأبواب تعتبر مؤشرا مهما بالإضافة إلى كونها جس نبض لما سيكون عليه حال السودان.
    فتحت شعار «شركاء في الوطن»، يمكن للمؤتمر الوطني، حامل مفاتيح الدولة والمتحكم في مفاصلها وبواباتها وأجهزتها ومؤسساتها وهيئاتها، أن يدفع بقيمة الشراكة الموسعة، لتكون إنجازاً وطنياً، بقسمة جديدة لا تحتاج إلى نيفاشا جديدة ولكن لـ «خرطوم جديدة» قادرة على صياغة أفكار تعلو بقيمة الوحدة، وتستعيد وهج المبادئ الوطنية وتسحب البساط من تحت أقدام دعاة الانفصال، أياً كانوا وأينما كانوا.
    وهذه خطوة تشبه عملية إنزال وراء خطوط تصريحات سلفا كير- التي ينبغي أن تؤخذ بحجم صاحبها، كجملة اعتراضية في سياق الضغوط على الخرطوم- مع عدم تجاهل وقعها وتداعياتها بعد أن كشفت عن وجه معاكس لتيار وحدوي تركه قرنق نهباً لهواجس الخائفين وشكوك المترددين، تيار يمكن استنهاضه بحوافز تعيد الثقة وتخاطب الشمال قبل الجنوب والغرب قبل الشرق، على الأقل حتى لا تسري نار الانفصال في هشيم الدولة.
    وبلغة الأمر الواقع، يمكن القول إن الانتخابات هي الفرصة الأخيرة لدفع أثمان عالية، ولو متأخرة، لإنقاذ الوحدة، يدفعها المؤتمر الوطني من نصيبه في نيفاشا، ومن كل المواقع والمناصب والهيئات والمؤسسات والأجهزة لـ «شركاء في الوطن»، وليس لـ «كورس» يردد ويرجع ويجوعر. إنما لشركاء مؤمنين بالوحدة، في الشمال والجنوب والشرق والغرب، ليرتفع مرة أخرى وبثقة واعتزاز نشيد «أنا سوداني أنا».
    فإن ضنَّ.. ضنَّ على الوطن، وأن بخل فبخل بالرخيص لنفقد الغالي العزيز.

    الصحافة
                  

11-08-2009, 11:15 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    وثيقة أمنية.. الموجهات الأمنية للتخريب المعنوي!

    الحاج وراق
    السودانى


    الأعمدة - مسارب الضي
    الأحد, 08 نوفمبر 2009


    07:17
    * أنشر أدناه مقتطفات مطولة من وثيقة أمنية رسمية، تتحدث عما يسمى بـ(موجهات التحطيم المعنوي)! وتكتسب هذه الوثيقة اهميتها من عدة نواح- من أهمية الموضوع، حيث، وكما يرد لاحقاً، فان التحطيم المعنوي يهدف الى شل عزيمة المستهدََفين، مما يجعل جهاز الأمن يقتصد في استخدام الاجراءات (العملياتية) الأخرى ، كالإعتقال والمحاكمات والتعذيب، او القتل، كملاذ أخير(!).. أو غيرها من الاجراءات التي ربما تستثير الرأي العام ومنظمات حقوق الانسان، وبالتالي فان سياسة تحطيم المعنويات لهي السياسة الأكثر إستخداماً وخطورة وثباتاً وإستمرارية!
    كما تنبع أهميتها من كونها وثيقة رسمية، صيغت بصورة رسمية، وننشر كلماتها حرفياً، فلم نصل الى محتوياتها من تعميم الملاحظات او عبر الاستنتاجات! وكذلك فإنها تصف بدقة طرائق وممارسة أجهزة الأمن في النظم الشمولية، وبالتالي، والأهم، أنها تصف أوضاعنا حالياً في السودان، ومدى ما وصل إليه تخريب الحياة السياسية والمدنية.
    * تسمى الوثيقة (موجهات التحطيم المعنوي) وتعرِّف هذه السياسة بالآتي:( تهدف اجراءات تحطيم المعنويات الى اشعال والاستفادة من التناقضات والاختلافات بين القوى ذات التوجهات السلبية المعادية، وعبر هذه الإجراءات يتم تقسيم تلك القوى وتخريب صفوفها، وعزلها، بحيث ان انشطتها المعادية، إما يتم عكسها أو تقييدها أو وقفها بالكامل.
    ويمكن توجيه إجراءات تحطيم المعنويات ضد المجموعات والتجمعات والمنظمات، كما يمكن توجيهها نحو الأفراد. وتستخدم كإجراءات مستقلة نسبياً، ضمن إجراءات الحسم النهائية، في الإجراءات العملياتية، أو في ارتباط مع الأنواع الأخرى من أنواع إجراءات الحسم..
    ويجب إستخدام إجراءات التحطيم المعنوي، تحديداً، حين تنهض دلائل على جريمة ضد الدولة، أو أية جريمة أخرى، ضمن عملية متابعة عملياتية، ولكن يكون الأفضل، لأسباب سياسية، أو سياسية عملياتية، بحسب تقديرات تحقيق منفعة اجتماعية أعظم، يكون الأفضل ألا تحول هذه الإجراءات الى نيابة الجرائم..)
    * ثم تنص الوثيقة على أهم أساليب تحطيم المعنويات (المجربة)، التي يجب استخدامها:
    (* التشويه المنظم لسمعة (المستهدفين)، ولمكانتهم واحترامهم وتقديرهم، ولمقامهم الاجتماعي، وذلك على أساس حقائق ومعلومات مشينة متحقق منها، يتم ربطها مع بعضها البعض، وكذلك على أساس أكاذيب، ولكن الأكاذيب التي يمكن تصديقها ويصعب التحقق منها، وبالتالي تستخدم بنفس القدر كمعلومات مشينة.
    * التخطيط المنظم لفشل "المستهدفين" مهنياً واجتماعياً، بهدف تحطيم ثقتهم في أنفسهم.
    * الإضعاف الممنهج لقناعات المستهدفين، خصوصاً، في علاقة القناعات مع المبادئ، والاشخاص القدوة، وخلق شكوك لدى الأفراد حول تصوراتهم ومنظوراتهم.
    * خلق مناخ من عدم الثقة والشكوك المتبادلة داخل المجموعات والتجمعات والمنظمات.
    * خلق وتقوية واستخدام الخصومات داخل المجموعات والتجمعات والمنظمات، وذلك عبر الاستخدام المخطط لنقاط الضعف الشخصية لدى الأفراد.
    * اشغال المجموعات والتجمعات والمنظمات بصورة كاملة بقضاياها (الداخلية مع نفسها)، بهدف تقييد أنشطتها المعادية السلبية.
    * وضع قيود تتعلق بالزمان والمكان والعلاقات المتبادلة بين الأفراد، وبذلك بإستخدام إجراءات قانونية صحيحة، كمثل تحديد مكان العمل، أو التكليف بمهام عمل في مناطق بعيدة.. الخ) انتهت المقتطفات.
    * والوثيقة المنشورة أعلاه، من وثائق جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية إبان سيادة النظام الشمولي – وقد بلورت كسياسة عملية للجهاز في عام1976م، ونشرت ضمن وثائقه التي تم فتحها للجمهور والباحثين بعد سقوط النظام اوائل التسعينيات. وقد صدرت في سلسلة منشورات (المفوضية الألمانية الاتحادية لوثائق جهاز أمن الدولة) في كتاب يحمل عنوان:(جهاز أمن الدولة في ألمانيا (GDR): درع وسيف الحزب)، من إعداد (جينس جيسيكي)، برلين2006م، بالانجليزية ص48. وقمت شخصياً بترجمة الوثيقة من الانجليزية الى العربية، وقد رأيت تأخير ذكر مصدر الوثيقة، حتى يتأمل القارئ في حقيقة انها لا تتعلق بألمانيا الشمولية وحدها، وانما بكل الشموليات، بما فيها وعلى وجه الأخص، أوضاع السودان حالياً، وهذا طبيعي، فسواء شرقاً او غرباً، يميناً او يساراً فان الشمولية واحدة، ربما تختلف في شعاراتها، ولكنها في الجوهر واحدة – ذات المؤسسات، وذات الأساليب، وبالتالي ذات النهايات!
    * وأبرز ما يميز النظم الشمولية تمدد وشمول الوظيفة الأمنية لكافة مناحي الحياة – الفكرية والسياسية والاجتماعية.. الخ- ذلك ان الشمولية انما تهدف الى صوغ كافة مناحي الحياة بصورة شاملة وعلى اساس رؤية الحزب الشمولي، وجهاز الأمن في هذا الإطار انما (درع وسيف) هذا الحزب الشمولي! فيتمدد ليلامس كل شرايين المجتمع، ولأنه يتمدد من أجل (السيطرة والتحكم) او (اعادة الصياغة) فانه يمتص ما في شرايين المجتمع من قدرة على المبادرة والاستقلالية اي يمتص ما فيها من رواء ودماء وعافية! وهكذا كلما انتصر جهاز الامن الشمولي في تحقيق مهامه كلما انهزم المجتمع، وفي النهاية, يتحول المجتمع الى غابة من الأفراد المعزولين عن بعضهم لا يعنون ببعضهم البعض ، ولايثقون في بعضهم البعض! أفراد كالذرات المنفصلة , بلا روابط قيمية أو أخلاقية أو اجتماعية، وبلا قيادات أو رموز – فالجميع يتم تشويه سمعتهم , وبالتالي ينتج أفراد خائفون أذلاء، يبحثون عن سلامتهم الشخصية بكل ثمن، حتى ولو بخيانة قيمهم وجماعاتهم وأهاليهم، بل وأسرهم! (في ارشيف جهاز أمن الدولة الالماني كثير من الوقائع المذهلة والمحزنة عن أفراد من الأسرة الواحدة يبلغون عن اقربائهم!) ومع كل ذلك فان النظام الشمولي ينهار في النهاية! لأنه ضد طبائع الأشياء وضد اتجاه التاريخ! ولكنه ينهار بعد ان يحطم كل أعمدة المجتمع – من استقامة ونزاهة وتضامن وروابط قيمية وقدوة أخلاقية! ولذا فانه لايكلف المجتمعات حاضرها وحسب، وانما كذلك مستقبلها, على المديين القصير والمتوسط! ذلك أنه وبمجرد انهيار الروابط الشمولية البرانية تخرج من أقفاصها الوحوش الباطنية التي خلقتها الشمولية، ، لتبدأ حرب الكل ضد الكل، تماماً كما في الغابة، بلا روابط اجتماعية أو إنسانية، وانما بأقماط ما قبل الانسانية- أقماط القطيع- العرق و القبلية و الطائفية- فتدور طاحونة العنف والدماء الى ان ترهق الأطراف جميعاًّ. هذا ما حدث في يوغسلافيا السابقة، وفي الصومال، والعراق، بعد انهيار نظمها الشمولية! وشبيه كذلك بما حدث في التجارب الاخرى, حين تفسخ النسيج الاجتماعي وتهرأت الروح المعنوية للمجتمعات، فانهارت البلدان امام الاعداء الخارجيين، كما في ألمانيا وايطاليا- الفاشيتين- ومصر الناصرية! وحتى في الاتحاد السوفيتي (العظيم)، كانت (ثمرة) النظام الشمولي – رغم إختلاف جذوره الاجتماعية وبالتالي تحقيقه انجازات اجتماعية واضحة لصالح الغالبية – كانت ثمرته تمزيق الاتحاد السوفيتي الى عدة دويلات!
    وهكذا فالأنظمة الشمولية بهزيمتها لمجتمعاتها تمضي بهذه المجتمعات إما الى الفوضي أو التمزق أو الإحتلال الأجنبي! والاستثناء الوحيد المانيا الشرقية- بحكم وضعها الاستثنائي- فقد كانت متجانسة قومياً، و وجدت مساندة استثنائية من الشطر الغربي الديمقراطي، والذي يحاددها كجار ، في وضع استثنائي! واما أسوأ الكوارث الانسانية فقد حدثت في البلدان المتعددة عرقياً وقبلياً- كما في البلقان والصومال والعراق- فلا تزال بعد سنوات- من سقوط الانظمة الشمولية، طواحين القتل تدور على أساس الهوية! والسودان كما لايخفى – بتعدده الديني والثقافي والقبلي- يحتاج الى أكثر من معجزة، كي لا ينزلق الى الفوضى والخراب الشامل!
    * ولا تغرن أحد قوة أجهزة الأمن في النظم الشمولية- فهي قوة على حساب المجتمع، ضد قواعد الإجتماع البشري ، وضد اتجاه التاريخ، ولذا فإنها ومهما عتت فإلى زوال، ولكن زوال بأكلاف باهظة الأثمان. خذ كمثال جهاز أمن الدولة- صاحب الوثيقة المنشورة نفسه- كانت قائمة المرتبات للعاملين بدوام كامل به تضم91.015 عنصر اي انه بالنسبة لكل الف مواطن هناك 5.5 يعملون في جهاز الأمن! وله كذلك175 الف مصدر (بغير دوام كامل) اي (أمن شعبي)، وهؤلاء يفتحون عيونهم وآذانهم لكل ما يجري من حولهم ويسارعون الى التبليغ عنه، إضافة الى قيامهم بالمهام التي توكل اليهم ووضع منازلهم تحت تصرف جهاز الأمن كبيوت آمنة!.. فاذا جمعت العاملين زائدا مصادر (الأمن الشعبي) فان العاملين والمتعاونين يصلون الى 266 الف عنصر! فاذا حذفت الأطفال والعجزة من تعداد المواطنين فالنتيجة انه بالنسبة لكل الف راشد وفاعل من المواطنين كان هناك حوالي 30 عنصر أمن ومتعاوناً! ومع ذلك حين أزفت الآزفة انهار النظام الشمولي كبناء الكرتون! ولكن ألمانيا، محظوظة، واستثنائية، وأما في البلدان الأخرى، فقد ظلت الدماء (تبقبق) لسنوات وسنوات.. ألا فليحفظ الله السودان!
                  

11-09-2009, 04:39 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=6548
    --------------------------------------------------------------------------------
    الكاتب : admino || بتاريخ : الإثنين 09-11-2009
    : اضبط: عووضة مع الطيب مصطفى والكرنكي وإسحق في خندق واحد!!


    : رشاعوض


    عندما تفجرت قضية الأستاذة لبنى أحمد حسين مع شرطة أمن المجتمع وقانون النظام العام لم نتوقع على الإطلاق- نحن الناشطات في قضية المرأة وحقوق الإنسان- مؤازرة أو مناصرة أو حتى مجرد تعاطف من أمثال الأستاذ صلاح عووضة مع قضيتنا، وقضيتنا في المقام الأول محاربة قانون النظام العام وكل القوانين المعيبة والظالمة التي تنتهك حقوق المرأة وحريتها، ومرجعيتنا في ذلك منظومة حقوق الإنسان العالمية التي تتعامل مع المرأة ككائن بشري حر وعاقل وراشد وكامل الاستقلالية الفردية، لا وصاية عليها من أحد، فهي حرة فيما تلبس وفيما تعتقد وحرة في اختيار عملها ومكان سكنها ومكان ترفيهها ووقت خروجها من المنزل ووقت عودتها إليه، حرة في توجهاتها السياسية والآيدولوجية وكذلك حرة في كل ما يتعلق بزواجها وطلاقها وحلها وترحالها ، حرية لا يقيدها إلا الحد الفاصل بين حرية الفرد وحريات الآخرين وهو حد تفصله الأديان القوانين والأعراف الإنسانية حسب مقتضيات المصلحة العامة وأمام هذا الحد الفاصل يجب أن يتساوى الرجال والنساء




    فلا قيود إضافية مغلظة على حركة النساء لا شيء سوى كونهن نساء، هذه هي المساواة التي سنناضل من أجلها إلى أن ندركها أو نهلك دونها،
    فقضيتنا لا تنحصر في الدفاع عن شخص لبنى أحمد حسين والتعاطف معها رغم جدارتها بالتعاطف الكامل والمؤازرة التامة لموقفها الشجاع وتصديها المشرف لقانون ظالم وكسرها لحاجز الخوف والصمت الذي يجعل مئات أو آلاف النساء يتجرعن المذلة والهوان تحت سياط الهوس في انكسار وهزيمة ورعب يجعلهن يكتمن أنين الألم خشية أن يسمع هذا الأنين بعض العواويض (جمع عووضة) فيكون رد فعلهم تجريم المرأة الضحية لا تجريم القانون الظالم وطرق تطبيقه الأكثر ظلما!



    لم نتوقع من عووضة التعاطف مع لبنى أو مع قضيتنا العامة، فقد تواترت كتاباته المستخفة بشأن النساء والمنتهكة لكرامتهن والمقللة من شأنهن بصورة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الرجل في نظرته للمرأة لا يختلف عن دهاقنة الفكر السلفي، فهو يستبطن ذهنية أمن المجتمع والنظام العام وهيئة علماء السودان والمجمع الفقهي وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكامل أركانها الذكورية، بل إن كل هؤلاء يمتازون عليه بأن ليست لأي منهم مزاعم انتماء لخندق الديمقراطية المفترى عليها!! ولكن الأستاذ عووضة فاجأنا بأن فاق سوء الظن نفسه وانحدر في تعليقه على القضية بعموده المنشور في السوداني يوم الثلاثاء 3/11/2009 إلى مستوى الطيب مصطفى والكرنكي وإسحاق أحمد فضل الله مع اختلاف لصالحه في (المقدار) وليس في (النوع)، فقد كتب في ذلك العمود بالحرف الواحد (صعب علينا التعاطف مع لبنى وبنطالها) (الحرية السياسية التي نطالب بها لا تعني حرية أن تدور البنت على حل شعرها وتسهر دون محرم وتراقص الرجال)!!!



    فالمفاهيم المتخلفة هي ذاتها.. مفاهيم (متحف التاريخ) التي ترى في لبس البنطلون جريمة أخلاقية تستحق مرتكبتها التعريض والتجريح والجلد بالسياط! المفاهيم المتخلفة التي تفصل بين الحرية السياسية والحريات الشخصية للمرأة مما يدل على أن الأستاذ عووضة يطالب بالحرية السياسية للرجال دون النساء اللاتي لا يحق لهن السهر خارج المنزل دون (محرم)، فالمرأة في نظر عووضة غير مؤهلة للحفاظ على استقامتها الأخلاقية إلا في وجود رجل يحرسها، فالأخلاق لا تتأسس على الضمير الحر والعقل الواعي والالتزام الديني الذاتي بل هي أمر يحرسه الرجال بسياطهم وقهرهم!! ومع ذلك يحتفظ لنفسه بصفة ديمقراطي!



    ولكن لا غرابة فهذا هو عووضة الذي مازال يعيش في عصر(الحرملك) فهو الذي كتب قبل ذلك منتقدا بدرية سليمان في أنها طالبت بإلغاء شرط (المحرم) لسفر المرأة، وهو الذي اختزل مذيعات قناة الجزيرة في(متصنعات الغنج) لأنه لا يرى شيئا في المرأة سوى كونها(كائنا متغنجا)، وهو الذي كتب في هذه الصحيفة تحت عنوان (أفخاذيا) كلاما غاية في الابتذال ترفعنا حينها عن الرد عليه يأسا من الضرب على الميت!! وهو الذي حضر حفلا في مباني جهاز الأمن ولم يجد نقدا يوجهه لذلك الجهاز وهو(الديمقراطي النبيل) بل امتدح كل شئ في الحفل ووجه سهام انتقاده للمذيعة التي قدمت البرنامج!! والأخطر من ذلك أن عووضة هو الذي اتبع ذات منهج الإنقاذ في استغلال الدين لتبرير مصالح الدنيا عندما كتب في صوت الأمة عمودا تحت عنوان ( ولو كرهتنا كل نساء الأرض)، ففي هذا العمود رد الأستاذ على الاتهامات الموجهة إليه بأنه ضد (الجندرة) ويمارس التمييز العنصري ضد النساء بأن ابتدر عموده بالتحذير من الاجتهاد والفلسفة، ثم حشد عموده بالآيات القرآنية المتضمنة لأحكام الميراث والشهادة وتعدد الزوجات، وزعم أن من حاججه في هذه النصوص فقد حاجج الخالق عبره! واختتم العمود بقوله إنه ليس ضد المرأة ولكنه ليس ضد ما جاء في كتاب الله (الذي يكنكش فيه كنكشة أهل الإنقاذ في السلطة)!



    وبهذا النهج الكهنوتي الطالباني ظن الأستاذ- وبعض الظن إثم- أنه بنقله للنقاش إلى ساحة الدين سيرهبنا ويجعلنا نخشى مجادلته، وما علم أن الساحة الدينية هي في صدارة ساحات معاركنا ضد الثقافة الذكورية التي (يكنكش) فيها الأستاذ إذ أن هذه الثقافة تجعل للرجال أفضلية مطلقة على النساء لمجرد ذكورتهم، لأن الذكورة ترتبط حتميا بخصائص إنسانية أرفع وأسمى من كمال العقل والدين والقوة والحكمة مما يؤهل الرجل للوصاية الأبدية على المرأة مهما بلغت هي من العقل والدين والعلم والعمل لأنها وبحكم الأنوثة لا يمكن أن تتأهل للقيادة والريادة، هذه الثقافة الظالمة الرعناء هي ما دافع ويدافع عنه الأستاذ متخفيا وراء الآيات التي حسبها التأصيل المناسب لعنصريته ضد النساء! فكأنه يريد أن يقول أن إعطاء المرأة نصف نصيب الرجل في (بعض وليس كل) حالات الميراث، والحكم بأن شهادتها نصف شهادة الرجل، وإباحة الزواج من أربع نساء هو تصديق قرآني لدونية المرأة وبالتالي فإن على المرأة المسلمة أن تتعبد ربها بأن تقبل بهذه الدونية عن طيب نفس!



    هذه قراءة من يقرؤون القرآن بعيون مصالحهم وانحيازاتهم، فالقرآن بين دفتي المصحف لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال! والرجال تكلموا به من حيث هم رجال!! أما قراءة القرآن على ضوء مقاصده الكلية وعلى رأسها العدل وقيمه الأخلاقية الثابتة فلا بد أن تقود إلى أن الأحكام الواردة في الآيات التي حشدها الأستاذ أحكام معللة تدور مع عللها ومقاصدها، فالمرأة أعطيت نصف الميراث في زمن كانت هي بذاتها ميراث فكان النصف قفزة إلى الأمام في اتجاه إنصاف المرأة لم يحتملها الأعراب في ذلك الزمان فجاؤا إلى النبي صلى الله عليه وسلم محتجين: كيف نورث من لا يحمل سيفا ولا ينكأ عدوا! فالنصوص لا يمكن قراءتها معزولة عن السياق التاريخي والاجتماعي وقت نزولها،



    أما المنهج الأرثوذكسي الذي تبناه الأستاذ وهو التمسك بحرفية النصوص وتغييب المقاصد الكلية فهو منهج يحرجه هو ويحاصره بأسئلة منطقية لا قبل له بها، فمثلا استشهاده بالآية( وانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) تكملة هذه الآية(وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) فهل يطالب الأستاذ بملك اليمين كما يطالب بتعدد الزوجات؟ وما المنطق في الفصل بين التعدد وملك اليمين رغم ورود إباحة الأمرين في آية واحدة؟ والأمر لن يتوقف عند قضية المرأة، فالكنكشة العمياء في حرفية النصوص تقتضي من الأستاذ أن يطالب علنا بأخذ الجزية من الجنوبيين المسيحيين (عن يد وهم صاغرون) كما ورد حرفيا في القرآن! وإذا لم يفعل وتحجج بأية حجة فمن حقنا أن نحاججه في أن العلة في عدم قبول شهادة المرأة الواحدة لم تعد قائمة في زماننا هذا، فالمنطق لا يتجزأ!



    وأخيرا فليس كل من عارض الإنقاذ ينطبق عليه وصف ديمقراطي، فالديمقراطية بألف ولام التعريف منظومة قيم ومفاهيم في القلب منها حقوق الإنسان وحقوق المرأة، والإنقاذ هي منهج تفكير كل من تطابق معه فهو إنقاذي!!



    /////////////////////////



    ////////////////////////



    ///////////////////////////



    الرد الثاني على عووضة



    لم يفاجئني عووضة!!



    لم أتفاجأ على الإطلاق عندما قرأت رد صلاح عووضة على مقالي المنشور بهذه الصحيفة يوم الخميس الماضي والذي كان ردا على (عمود ساقط) كتبه في السوداني يوم الثلاثاء 3/11/ 2009 م قال فيه إنه لا يتعاطف مع الأستاذة لبنى أحمد حسين لأنه ليس مع حرية(أن تدور البنت على حل شعرها) وحشد العمود بقصص وإيماءات جارحة تسيء للنساء بوجه عام وتناصر النظام العام وسياطه بلا مواربة، ردنا في الأساس كان تفنيدا للأفكار المتخلفة التي ظل الكاتب يسمم بها الصحف السودانية وتتلخص هذه الأفكار في دونية المرأة ومعاداة حريتها باعتبارها مرادفا للانحلال! والمطالبة بأن تكون المرأة تحت وصاية رجل يلازمها كظلها في حلها وترحالها لأن المرأة دائما في دائرة الشك والارتياب والتجريم لا يعصمها من الزلل عقل أو ضمير أو وازع ديني بل عيون وسياط الرقيب!! وفي ترويجه لهذه الأفكار السقيمة يستنجد بالدين تارة وبالعادات والتقاليد تارة وبعبارات(قاع المدينة) تارات أخرى!! كل ما فعلناه هو تعرية هذه الأفكار المتخلفة ودحضها باعتبار أن حرية المرأة قضيتنا المركزية الأولى والتي نعتبر الموقف منها صفة معيارية ليس فقط لاختبار مدى ديمقراطية الشخص وإنما لاختبار إنسانيته من حيث هي والحكم على استقامته الأخلاقية، وقد ثبت لنا بما لا يدع مجالا للشك أن الكاتب غير مؤهل على الإطلاق لمناقشة مثل هذه القضايا في أبعادها الفكرية والفلسفية والاجتماعية المعقدة و(المحترمة) لأن ذلك يتطلب مقدرات فكرية يفتقر إليها تماما، لذلك وعلى خلاف الكثيرين الذين رفعوا حاجب الدهشة من مستوى (الصفاقة) و(الابتذال) والفجور في الخصومة في عموده المنشور في السوداني يوم أمس لم اندهش أو استغرب فكل إناء بما فيه ينضح، وأنا على يقين أن الدخول معي في مساجلة فكرية هو عملية شاقة ليس فقط على الكاتب بل حتى على الجهات التي من الواضح- والله أعلم- أنه يقدم لها عربون الولاء هذه الأيام ربما بسبب حنين عاوده إلى اتحاد الصحفيين!! الجهات التي أحرجتها قضية لبنى وكشفت جبنها ونفاقها فأصيبت بالهستريا ولكي تنتصر لكرامتها الممرغة في الوحل خاضت في تشويه سمعة لبنى والحديث عن ملبسها الفاضح وسهرها ورقصها مع الرجال ولكن هذه الأقلام كعادتها في لي أعناق الحقائق تهربت من الإجابة على السؤال الجوهري في هذه القضية وهو مادامت لبنى تفعل كل هذه المنكرات في هذه (الدولة الإسلامية) وأضافت فوق ذلك كله التشهير الإعلامي (بالدولة الإسلامية) وجعل سيرتها على كل لسان غربي صهيوني امبريالي لئيم فلماذا لم تجلد لبنى؟ لماذا لم تسجن عندما لم تدفع الغرامة وهي المليونيرة وسارعت تلك الجهات لدفع الغرامة نيابة عنها لماذا يكون الجلد في هذه البلاد الإسلامية من نصيب الفقيرات المستضعفات اللاتي لا يعرفن طريق الإعلام أين العدالة هنا وأية شريعة إسلامية هذه التي يرهب القائمون عليها صخب الإعلام الموصوف في أدبيات هؤلاء القائمين بالكذب والتضليل ومناصرة الصهيونية نزولا إلى المنطق السقيم لهؤلاء فإن لبنى أولى بالجلد من أي امرأة في السودان فلماذا لم تجلد هذا هو السؤال الذي تهرب من الإجابة عليه كل من خاض بقلم مسموم في القضية من زمرة الإنقاذيين !! وما دام الأمر كذلك فإن الأقلام الديمقراطية المحترمة كان يجب أن تخوض في هذا السؤال ومن خلال ذلك تقوم بتعرية كل الزيف والنفاق الذي صاحب القضية، تماما كما فعل البروف عمر القراي الذي وجه قلمه صوب (المحاكمة المهزلة)، لا أن تنضم هذه الأقلام إلى خندق الجلاد وتردد افتراءاته، فالقلم الشريف هو الذي يسعى لكشف عورات الفكر والسياسة لأن هذه هي مفردات الانحطاط في بلادنا، لم أستغرب المستوى الذي انحدر إليه الكاتب في عموده حيث انحرف تماما عن مناقشة الأفكار وأخذ(يردح ويردح ) بأسلوب يفضح خواءه الفكري وإفلاسه ، وظن وبعض الظن إثم أن استخدام البذاءات وعبارات وإيماءات (قاع المدينة) والتجريح الشخصي والوقوع في الأعراض هو سلاح فتاك لإرهاب النساء وإخراسهن وإقصائهن عن الفضاء العام لا سيما إذا كانت هزيمة هؤلاء النساء في الأفكار والمواقف عصية وتتطلب مقدرات نوعية مختلفة عن مقدرات الزعيق والهتافية والتهريج الخاوي من الأفكار والمواقف، وهو ما ميز جل كتابات الكاتب، لا سيما عندما يكون في موضع الدفاع عن النفس ففي هذه الحالة يسقط كل الاعتبارات ويطلق قلمه عاريا من كل قيمة، وهذا هو السبب الذي جعل الكثيرين من الأصدقاء والصديقات يمطرونني بوابل من النصائح بعدم الرد لأن هذا الكاتب عاجز عن الحوار الفكري والدخول معه في مساجلة يعني النزول إلى مستنقعات اسنة وإساءات شخصية لا يحدها دين أو خلق أو حتى(شهامة سودانية)، ورغم علمي التام بذلك إلا أنني أرد ليس على الكاتب لأنه ببساطة لم يطرح فكرة واحدة جديرة بالنقاش وتستحق الرد بل هدفي من الرد منذ البداية كان جزءا من عملية تشريح واقع الانحطاط الكلي الذي يعانيه الفضاء العام في بلادنا ولا سيما في المجال الإعلامي، ومن تجليات هذا الانحطاط أن من هم في محدودية أفق عووضة وسطحيته وخوائه الفكري يطرحون أنفسهم كمدافعين عن الديمقراطية ويجدون طريقهم إلى صحف محترمة ذات أهداف كبيرة في التغيير والاستنارة مثل أجراس الحرية التي بقدر ما اعتصرنا الألم عندما غادرتها روزنامة الأستاذ كمال الجزولي الفخيمة المهيبة وغربت عنها (مسارب ضي) الأستاذ الحاج وراق وغادرتها رباح الصادق فقد تنفسنا الصعداء عندما غادرها ذلك العمود (الفاضح) المؤذي للذوق العام الذي يتوسط أخيرة السوداني الان واقترح على هيئة التحرير هناك ان تكتب على هذا العمود بالذات عبارة (ممنوع القراءة لمن هم تحت 15 سنة) ليس فقط بسبب عمود الأمس فقط راجعوا عمود يوم الجمعة 6/11!! كل ما قصدته من الرد هو التوضيح لكل القراء والقارئات العزيزات أن الذي حسبه عووضة سلاحا فتاكا لإرهابنا وإخراسنا وهزيمتنا هو ليس كذلك لأن بيتنا ليس من زجاج حتى نخشى حجارة(ذوي العاهات الفكرية) نعم نتأذى كثيرا من هذا الإسفاف والابتذال الذي يمكن أن يجعل الكثيرات يكفرن بالعمل العام ولكن هذا قدرنا،



    وابشري بطول سلامة أيتها الإنقاذ إذا كانت هذه هي الأقلام المتصدية لك، ولعووضة أقول (ياها دي المحرية) وهذا ردي الاخير عليك رغم أن عمودك كتب عليه رقم واحد مما يدل على اعتزامك مواصلة (الرديح) الذي من الان فصاعدا لن يجد منا سوى التجاهل لأننا على يقين بأنك لن تأتي إلا بالشتائم والإساءات فذلك هو مبلغك من العلم!



                  

11-10-2009, 04:52 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    لثلاثاء 10 نوفمبر 2009م، 23 ذو القعدة 1430هـ العدد 5883


    وحدة تنتظر معجزة!

    حيدر طه

    لوزير الخارجية دينق ألور « مقولة « تلفت الانتباه وتثير الخيال وتحرك العقول الخاملة والنفوس الفاترة التي كساها الصدأ من شدة « الاعتياد « على التفكير النمطي والتقيد بقوالب الممارسة السياسية اليومية التي لا تخرج عن « الأخبار المكرورة « والاجتماعات الروتينية، والتصريحات المستهلكة والمواقف المتقلبة التي توحي خداعا كأن الحياة السياسية السودانية تتمتع بحيوية خاصة، في حين أنها تكرار لما هو مكرر ومعاد منذ سنين عددا.
    ومقولته التي يمكن أن تسير على الألسنة سريان الشعارات الذكية، لتكمن بعد اختمارها في الذاكرة حتى يحين أجل استرجاعها في لحظة التحفز أو ما يناقضها في لحظة الإحباط والتقاعس، جاءت في معرض رد دينق ألور على سؤال حول « مدى إمكانية أن يحافظ السودان على الوحدة بين الشمال والجنوب عندما يحل موعد استحقاق « تقرير المصير « بالاستفتاء في 2011، كان رده : «الوحدة تتطلب معجزة».
    رد بسيط وعميق في الوقت نفسه.
    بسيط لأنه أولا، يمكن أن يصدر عن أي شخص فقد حيلة التعامل مع قضية أرهقت تفكيره، وشلت قدرته على ممارسة « فن الممكن»، فلجأ إلى التنبؤ بـ « الاحتمال»، ليرمي عن كاهله أعباء ومسؤوليات وواجبات لا تسقط بالتقادم أو بالتجاهل.
    وثانيا لأنه رد موجز على سؤال صعب في كلمات قليلة، تحمل في ثناياها معنى واضحاً بالنسبة له، وهو أنه لا يرى في الأفق أي معالم لزواج جديد بين إقليمين ارتبطا، في وقت مضى، بعقد أوله مهر سلام وآخره صداق انفصال. وهو بذلك حديث إحباط ويأس عندما بدا، له ولهم، استحالة العيش بينهما بمعروف، فأخذوا يتطلعون إلى فراق بإحسان على الرغم من كثرة الأجاويد الذين حرصوا على « وحدة « ولو بأقل الدرجات وبأكثر الشروط، ناصحين ومحفزين ومحذرين ومبلغين وواعدين بالدعم والمؤازرة وسد الثغرات ورتق الخروقات، مشددين على أن حصيلة خمس سنوات ليست مقياسا لتقرير مصير « دولة «، في حجم وموقع السودان، وهو في الحقيقة ليس تقرير مصير إقليم تنتظره أزمات ومشاكل وصراعات وتحديات قد يصعب على « دولة وليدة « احتواؤها، مما قد ينعكس على أدائها وعلاقاتها ومستقبلها.
    كل تلك الهواجس والمخاطر التي تنتظر « الدولة الوليدة « في منعطفاتها الأولى، لم تثن قادة الحركة الشعبية، لأسبوع كامل، لمراجعة مواقفهم الأخيرة، على الرغم من جهود مقدرة لاحتواء تصريحات قائد الحركة الشعبية سلفاكير ميارديت، بالنفي حينا وبالتحوير أحيانا.
    وبالطبع، النفي لا يحمل أثراً ذا قيمة على النتيجة، ولا يتوقع أن يؤدي إلى تغيير في المواقف « الصلبة» غير القابلة للتغيير. فالرصاصة حينما تنطلق لا يكون في مقدور مطلقها أن يستردها من دون أن تكون أحدثت دويا هائلا حتى ولو لم تصب هدفها.
    ولكن رصاصة سلفاكير أصابت هدفها وأحدثت دويها.
    وبعيدا عن آثارها المباشرة، فإنها أشعلت في الجسد السوداني حيوية هائلة بتنشيط خلاياه المدافعة عن « قيمة وطنية» ظلت جامدة تحت ركام من الصراعات اليومية والمكايدات الحزبية، والاختلافات السطحية والخلافات الجوهرية.
    التصريحات كان لها مردود إيجابي مستتر، حينما استفزت روح المقاومة في جسم الحركة السياسية لمواجهة مرض داهم، اكتشفوا خطورته فجأة، بدت أعراضه المخيفة تشتد بحمى التصريحات والتصريحات المتبادلة، فكشفت من جانب عن حرص سوداني على « الوحدة « أكثر مما أنبأت عن « انفصال»، على الرغم من أنها وضعت الجنوبيين في مزاج عصبي يدعو إلى « الفراق» النهائي والكامل، ووضعت الشمال في حالة تفكير ونقاش وجدل حول أمرين، أولهما العمل على تهدئة هذا المزاج العصبي، بتخفيف لهجة الانفصال أو بتغيير منطقها، والثاني الاستسلام لمصير شبه محتوم بقراءات اليوم وليس بقراءات المعجزة.
    ويبدو أن تنشيط الخلايا والدفاع عن قيمة وطنية قد أتى أكله، وبسرعة غير متوقعة، إذ رجح عقل الطرفين، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، نحو احتواء الأزمة مستعيدين روح نيفاشا لاستكمال ما نقص منها، وما غاب عن الذاكرة، وما أهمل عمداً أو سهواً.
    ولكن اجتماع الطرفين لا يمنع مواصلة الحوار الوطني الجاد حول ما أثير خلال الأسبوعين الماضيين، أولا لأن تجميد النقاش يعني العودة إلى استكانة الخلايا الحية في الجسد السوداني، وخمولها يعني انتكاسة جديدة لا يستطيع الطرفان احتواءها ولو بمعجزة. وثانيا، لأن الخشية من المساس بخصوصية نتائج اجتماعات الشريكين، قد يقصي الآخرين عن حوار مطلوب أن يكون عاماً وقوميا، ملتزما بأدب الحوار وحريصا على وحدة السودان.
    فالواقع الحالي لا يترك مجالا للخمول الفكري أو السياسي، إنما يدعو الجميع إلى مواصلة الحوار الهادئ والموضوعي لمناقشة أكبر قضية وطنية، وأهمها على الإطلاق منذ الاستقلال وحتى الآن. فتقرير مصير السودان ليس حصراً على اتفاق أو اختلاف الطرفين، المؤتمر والحركة، ولا احتكارا لهما بحكم وجودهما في حكومة « وحدة وطنية»، فهو مصير يتعلق بحاضر الدولة ومستقبلها، بل بحق الأجيال المقبلة التي سيهديها الجيل الحاكم والمحكوم اليوم « واقعا «، إما رائعا أو مريرا.
    فالحاكم والمحكوم يتحملان المسؤوليات، جنبا إلى جنب، وهو ما أشار له دينق ألور بذكاء في مقولته عندما قال « الوحدة تحتاج إلى معجزة» من الشريكين أو من غيرهما..
    والذي يعرف دينق الور يدرك أن الرجل لا ينتظر معجزة من السماء، ولكنه يطلبها من الأرض، من الشعب، من الحكم. وهنا يكمن عمق المقولة رغم بساطتها الظاهرة.
    فإذا كانت المعجزة أمر خارق للعادة، بكسر قانون الحركة الرتيبة، والخروج على المسارات المرسومة وحدوث ما هو غير متوقع وفق المعادلات المعتادة، فإن ذلك أمر مجرب في التاريخ، تؤيده الأفكار والعواطف والخيال. فالمعجزة صناعة نصنعها وليس حدثاً ننتظره.. هكذا أراد صاحب المقولة أن يوحي إلينا بمقولته البسيطة في كلماتها، العميقة في معناها.
    والحديث عن المعجزة لم يكن حديثا عن أمر تعجيزي، كما يفهم من ظاهر النص، إنما هو حديث عن احتمالات وسيناريوهات قد تكون طافت بمخيلات كثير من السودانيين المتفائلين من دعاة وحدة الشمال والجنوب، وهم غالبية غالبة يمكن التأكد من حجمها إذا جرى الاستفتاء في جميع أقاليم السودان، ليستفتى المواطن ولو من أجل الاطمئنان فقط، وليس من أجل الاختيار.
    والسيناريوهات كثيرة، منها البسيطة ومنها المعقدة، منها السلمي ومنها القهري، ومنها الرسمي ومنها الشعبي. وهي في صميمها تتفاوت بدءً من غلبة العاطفة الوحدوية لدى رجال في الحكم، مؤتمر وحركة، الذين يدركون مدى حجم مسؤوليتهم في الحفاظ على وحدة الوطن، ومدى فداحة جريمتهم إذا فرطوا في هذه الوحدة، صعوداً إلى مسؤولية الشعب في حماية وحدة بلاده بالوسائل التي يختزنها، صبراً ورصداً، ليستعيدها حية وقت حاجته في كل مرة تتطلب استنهاض قدرته على تحقيق المعجزات.
    فإذا رجحنا السيناريو الأول، فإن العاطفة الوحدوية لدى رجال في الحكم ستكون أقوى من « الآيديولوجية « التي يمكن أن تفرط في وحدة الأرض والشعب، عندما تضيق الرؤى وتغلق التفكير. آيديولوجية سمتها أنها تقول غير ما تفكر، وتفعل غير ما تقول. والشواهد كثيرة، منها أن المؤتمر الوطني ظل يقرع في أذهان السودانيين أنه لن يفرط في «سيادة السودان».. وأفدح منها إذا فرط في «وحدة السودان».
    العاطفة الوحدوية ستكون « معجزة «، وفق قراءات واقع تركيبة النظام اليوم، إذا تغلبت على الحسابات الحزبية الضيقة والمصالح الفردية الأضيق، واستلهمت من التاريخ العبر والدروس ومن الشعب الرؤى والتطلعات، والمطامح والآمال.
    فإذا خانت العاطفة الوحدوية المطالب الوطنية وقصرت عن قامة الولاء للوحدة،، فإن الباب سيكون مفتوحا على مصراعيه أمام سيناريوهات عديدة أخرى، لن يكون لرجال الحكم يد في تحديد توجهاتها أو رصد مساراتها أو ضبط إيقاعها، فهي ملك للآخرين، ومشروعة بمنطق الدفاع عن وطن، سلامة أرضه ووحدة شعبه وسيادة قراره.
    والأبواب المفتوحة تسمح بدخول ما هو مشروع بالقانون والمبادئ والقيم والمشاعر الوطنية والتطلعات الشعبية، وما هو غير مشروع، المخالف لكل ما سبق. وفي ذلك يختلط أحيانا الحابل بالنابل، فتصبح التحركات حمالة أوجه، لا تستبين فيها النوايا إلا عندما ينقشع الضباب ويهدأ الغبار وتستقر الأوضاع..
    و في التاريخ، دائما ما تشهد الثورات والانتفاضات على مثل ذلك، فكان لها رموز وأبطال وشعارات ومنطلقات ووسائل وغايات، كما كان لها ضحايا من أبنائها وأعدائها. وهي ثورات كان في مجمل غاياتها تهدف إلى حماية قيم إنسانية ووطنية أعلى كثيراً من قيم أفراد وأحزاب، وأرفع كثيرا من طموحاتهم ومطامعهم ومصالحهم. فيصغر الفرد أمام الشعب، ويتضاءل حجم الحزب أمام مطالب الثورة...
    والثورات والانتفاضات تعبير صارخ عن الإحساس بالظلم. ومن الظلم البين أن يتفتت السودان لعجز الحكومات عن صون وحدته، أو التقاعس عن تنميته. ولذلك تنفجر الثورات دائما بعد أزمات حكم وكوارث حرب واختناق أرزاق واحتقان صراعات، كلها تهدد وحدة الوطن وأمن المواطن..
    وفي تاريخنا السوداني كانت هناك حالات عديدة تشهد على شبيهات تلك السيناريوهات، وإن كانت لغايات لا تمس وحدة الوطن، ففي ثورة أكتوبر وانتفاضة أبريل، كان المطلب الأساسي هو الديمقراطية كوسيلة لبناء السودان بدلا من « الديكتاتوريات « التي حرمت الشعب السوداني من حريته، بادعاء تحقيق التنمية أولا، فلم تأتِ تنمية ولا استوطنت ديمقراطية..
    الآن القضية اكبر والمسألة أهم والهم اشد.. فكيف يكون الخيار عندما تشتد الأزمة ويقترب خطر الانفصال، ليس كخيار جنوبي ولكن كإهمال شمالي..؟
    هنا كان لمقولة دينق ألور أهمية كعنصر استفزاز وليس كدعوة تعجيز، بتذكير السودانيين، حكومة وشعباً، بأن هناك خيارات أخرى في حساب المعجزات السياسية التي لا تتنزل من السماء ولكنها تنبع من الأرض، من واقع يخشاه الجميع، ويحذر منه الجميع بمن فيهم الحكومة التي ظلت تردد دوما حرصها على الوحدة، والعمل من أجلها..
    فإذا كان خطاب «المؤتمر الوطني»، او خطاب بعض رجاله وحدويا في الأصل، فإن ذلك يضع على كاهله مزيداً من المسؤوليات، ليحقق المعجزة بأفضل سيناريو ممكن ومتاح وسلمي ووطني. وهو أمر في يده وخياره. والشائع حتى الآن أن خيار الوحدة ليس في يد الجنوبيين، ولكنه في يد المؤتمر الوطني، فهو القادر على أن يجعل الوحدة جذابة بقدر المستطاع.
    ودوره أن يعرف بخبرته وخبرة الآخرين، الوسيلة كي تكون الوحدة « جذابة» ويعمل على تحقيقها دون تأني أو تأخير، لأن الوقت لا يسعف أحداً. فإذا اختار الطرف الآخر الانفصال، بعد ذلك، فجرم الفعل يقع على الحركة الشعبية التي تكون قد خانت رؤاها وقاعدتها وأفكارها.. وستقف يوما ما عارية أمام « شعب الجنوب « ليحاكمها على تزييف إرادته وتغييب عقله وتضييع مستقبله، ومستقبل وطن، قبل عام من الاستفتاء..
    وهنا سيحاكم دينق ألور « حركته « بمقولة المعجزة على جريمة العجز عن الحفاظ على الوحدة.
                  

11-11-2009, 03:57 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    لأربعاء 11 نوفمبر 2009م، 24 ذو القعدة 1430هـ العدد 5884


    تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود «2-2»

    د. الطيب زين العابدين

    قلنا في الحلقة الماضية ان كل الدلائل تشير إلى أن أهل الجنوب بقيادة الحركة الشعبية سيصوتون إلى جانب الانفصال من الشمال بأغلبية كبيرة، وأن من الأفضل للمؤتمر الوطني أن يقبل هذه الحقيقة المرة ويتعايش معها ولا يلجأ إلى تكتيكات يائسة في قانون الاستفتاء ليجعله أكثر صعوبة، فتصعيد التوتر حول إجازة القوانين من شأنه أن يؤدي إلى انفصال متوتر وإلى احتكاكات بين الشمال والجنوب وربما إلى تمزق في الشمال بحكم العدوى وعنف دموي في الجنوب بسبب الصراع القبلي. وسيكون ذلك خسراناً مبيناً لكلا الطرفين لأن اتفاقية السلام الشامل التي أوقفت الحرب كانت أكبر إنجاز لهما، ولكنها قد تصبح أكبر مصيبة حلت بالسودان منذ الاستقلال إن أدت لما نخشاه من انفصال ونزاع وتمزق وعنف. وقلنا إن من الخير أن يركز الشريكان على حل مشكلات ما بعد الانفصال حتى يأتي سلمياً وسلساً يسمح بالتعايش وحسن الجوار، وينبغي على المؤتمر الوطني أن يسعى لتهدئة التصعيد «اجتماع اللجنة المشتركة مساء الأحد 8/11 سار مشواراً في هذا الطريق»، وان يطرح بشجاعة ووضوح قضايا ما بعد الانفصال على مائدة المفاوضات بلا أدنى حرج، وأن يبذل جهده في توحيد الجبهة الداخلية الشمالية التي لها استحقاقاتها الغالية. والأمر يحتاج إلى انقلاب في وعي المؤتمر حتى يستطيع أن يجابه التحديات والمخاطر التي تهدد البلاد في جبهة عريضة موحدة.


    وقبل أن نسترسل في ذكر ما يجب على المؤتمر فعله استجابة لاستحقاقات الوحدة الشمالية، نقول للحركة الشعبية إن عليها دوراً في تهدئة التصعيد حتى يأتي الانفصال سلمياً وسلساً. يجب على الحركة أن تدرك أن جنوب كردفان والنيل الأزرق جزء لا يتجزأ من الشمال، وأن أي محاولة لفصله من الشمال تحت مسمى «المشاورة الشعبية» أو زعزعة استقراره بواسطة مليشيات الجيش الشعبي ستقود إلى حرب بين الشمال والجنوب، فعلى الحركة أن ترفع يدها من هاتين الولايتين ومن التدخل عموما في شئون الشمال حتى لا يرد الشمال الصاع صاعين!


    نأتي إلى أوضاع الشمال التي تحتاج إلى معالجة شاملة من الحزب الحاكم حتى تتوحد قواه السياسية والاجتماعية في وجه التفكك والتمزق والعنف والتدخلات الخارجية. أول هذه القضايا مناطق التوتر والاضطرابات الشمالية الثلاث: دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. إن انفصال الجنوب سيغري هذه المناطق بمحاولة الانفصال أيضا مثل ما حدث بعد اتفاقية نيفاشا التي شجعت التمرد ضد الحكومة في دارفور في عام 2003م، وقد بدأت التصريحات من معسكر عبد الواحد محمد نور بأن عدم معالجة مشكلة دارفور يعني انفصال الإقليم بحدود 1916م. ولا ينبغي أن يستهين أحد بمثل هذه التصريحات الشاطحة، من كان يظن أنه بعد مقتل أكثر من عشرين ألف من شباب الحركة الإسلامية في الجنوب سينتهي الأمر إلى ما انتهى إليه الآن؟ ما كانت هذه النهاية المؤسفة تستحق ذلك الثمن الغالي. وقد سبق للحكومة أن استهانت بمشكلة دارفور ووصمتها بأنها نهب مسلح ينبغي أن يردع بالقوة المسلحة وفشلت القوة المسلحة فشلاً ذريعاً حتى وصلت مليشيات العدل والمساواة إلى قلب الخرطوم. إن تجاوز دارفور أو جزء منها في الانتخابات القادمة يعني إعطاء شرعية سياسية لدعوى الانفصال،


    ولذا ينبغي بذل كل جهد لحل المشكلة بما في ذلك الاستجابة الموجعة لمطلبي الإقليم الواحد ونائب رئيس الجمهورية وإتاحة الفرصة للفصائل بخوض الانتخابات القادمة ولو بتعديل قانون الأحزاب، فليس من المقبول أن يفشل حتى فصيل مناوي من التسجيل كحزب سياسي يحق له خوض الانتخابات لأن من بين قياداته عسكريين لم توفق أوضاعهم بعد. أما بالنسبة لولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ينبغي أن يسعى المؤتمر الوطني لتهدئة الأوضاع تماماً مع شريكه في إدارة الحكومة وإنفاذ ما يمكن من مشاريع التنمية وحل مشكلة عطالة الشباب والتحالف المبكر مع كل العناصر الوحدوية في كل الأحزاب بما في ذلك الحركة الشعبية وأن يخوض التحالف الانتخابات القادمة بدرجة عالية من التنسيق أو بقائمة موحدة، وهذا يعني قدراً من التضحية من جانب المؤتمر الوطني حتى يقف معه الآخرون عندما تحين المشاورة الشعبية. والحقيقة أن الوقت قد جاء لتتمتع كل أقاليم البلاد «المديريات القديمة» بالحكم اللامركزي والتمثيل المنصف لها في الحكومة المركزية.



    والمسألة الثانية التي ينبغي للمؤتمر الوطني أن ينظر إليها بجدية هي التصالح مع المجتمع الذي يعاني من ويلات الفقر وغلاء الأسعار وضعف فرص العمل للشباب والمحسوبية في ملء الوظائف الحكومية وازدياد نسبة العنوسة بين النساء وارتفاع تكلفة العلاج والتعليم، ولا يشهد المواطن أي قدر من اهتمام الحكومة بهذه القضايا الحياتية الملحة. وإذا ارتبط هذا الوضع بالفساد والتعدي على المال العام والصرف البذخي للأجهزة السيادية ومزاحمة أجهزة الدولة للقطاع الخاص حتى أثار ذلك اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني فقالت في توصيتها حول الميزانية «بضرورة خروج الدولة من منافسة القطاع الخاص وعدم عودة الشركات الحكومية مرة أخرى»، فإن مثل هذه الأحوال حرية بأن تولد احتقاناً في النفوس قابلاً للانفجار في أوقات الأزمات والاضطرابات. أما الطبقة الوسطى -حارسة الديمقراطية وحقوق الإنسان- فقد سحقت تماماً في ظل حكومة الإنقاذ بضعف المرتبات وارتفاع تكاليف المعيشة وتسييس الوظائف العليا لمصلحة منسوبي المؤتمر الوطني وضعف التدريب الداخلي والخارجي، في حين يرون بأعينهم الأوضاع المتميزة لمنسوبي القوات النظامية في المرتبات والسلفيات والعربات والعلاج والمعاشات والمخصصات الأخرى.



    والمسألة الثالثة هي التعامل مع القوى السياسية التي عمل المؤتمر لإقصائها من المشاركة في صنع القرار السياسي لعشرين عاماً خلت دون تفويض شعبي له في انتخابات حرة ونزيهة وتعددية، ومع ذلك يتهم هذه القوى بأنها هزيلة وضعيفة ولا تريد خوض الانتخابات وكأنه جاء يوماً برداءٍ مدني عبر الانتخابات! ينبغي على المؤتمر الوطني إشراك القوى السياسية فعلياً في اتخاذ القرار السياسي، بل ومن الأفضل ضمها للحكومة في هذا الوقت الذي تتزايد فيه التحديات والمخاطر على السودان. وأضعف الإيمان أن تصمت تلك الأصوات النشاز التي ما فتئت تكيل التهم والسباب للقوى السياسية المعارضة وتتهمها بكل قبيح بما في ذلك الاستعانة بالدول الأجنبية لتولي السلطة، ولم يحدث في تاريخ السودان منذ الاستقلال أن تدخلت الدول الأجنبية في شئونه مثل ما حدث في عهد الإنقاذ على مستوى الوساطة بين الحكومة وفصائل التمرد وتعدد المبعوثين الدوليين وصياغة اتفاقيات السلام ومراقبة تنفيذ وتقويم اتفاقيات السلام، وعلى مستوى حماية المدنيين وفض الاشتباكات بأكثر من عشرين ألف جندي ينتشرون في الجنوب والشمال ودارفور، وعلى مستوى تقديم المساعدات الإنسانية عبر عشرات المنظمات الدولية. إن مشاركة القوى السياسية ولو كانت ضعيفة تعطي انطباعاً ايجابياً بالتوافق الوطني والنظرة القومية وبناء الثقة بين التنظيمات والأحزاب، وذاك مكسب كبير يصد التدخلات الخارجية ويقوي العروة الوطنية.

    الصحافة
                  

11-12-2009, 05:06 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    ذات مصداقية؟!): نحو صفقة مشؤومة!

    السودانى

    الحاج وراق


    الأعمدة - مسارب الضي


    الخميس, 12 نوفمبر 2009 07:07


    * أعلنت الإدارة الأمريكية سياستها الجديدة نحو السودان في اكتوبر 2009، وحددت فيها ثلاثة اهداف استراتيجية:)1(انهاء النزاع والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان والإبادة الجماعية في دارفور (2) تطبيق اتفاقية السلام الشامل بما يؤدي الى سودان سلمي ما بعد 2011 أو الى دولتين منفصلتين قابلتين للحياة، تعيشان في سلام ما بينهما (3) ضمان عدم تحول السودان الى ملاذ آمن للارهابيين الدوليين.
    * وقد لخصت السياسة الجديدة اهم الدروس المستفادة من الجهود الامريكية السابقة في: 1) ضرورة بلورة منظور شامل (من الأخطاء السابقة التركيز على اتفاقية السلام وحدها او دارفور وحدها). (2) اهمية المرونة اللازمة للربط ما بين مواجهة الأزمات الناشبة وما بين التركيز المستدام على ضرورات الاستقرار على المدى الطويل. (3) اهمية ان تكون الدبلوماسية الامريكية ذات طبيعة مستدامة وواسعة، بحيث تستوعب، ليس فقط اللاعبون الأساسيون (المؤتمر الوطني, الحركة الشعبية ,حركات دارفور) , وإنما كذلك اللاعبين الأساسيين اقليميا ودولياً، وبما يشمل أولئك الذين لا يتفقون مع الولايات المتحدة. (4) تقييم التقدم، وبالتالي الحوافز والعقوبات، بتحقيق تغييرات على الارض يمكن التحقق منها، وليس بمجرد توقيع الاتفاقات او منح تأشيرات الدخول. (5) المحاسبة على الإبادة الجماعية وعلى الفظائع ضرورية لأجل المصالحة والسلام الدائم. (6) لابد أن يكون واضحاً لكل الأطراف في السودان ان جهود مكافحة الارهاب تجد التثمين، ولكنها لا تصلح للاستخدام ككرت مساومة لتفادي المسؤولية في دارفور او عن تطبيق اتفاقية السلام الشامل.


    * وحددت الاستراتيجية اهم عناصر التنفيذ في 1) تشجيع المبادرات التفاوضية لإنهاء النزاع في دارفور (2) دعم المحاسبة بدعم الجهود الدولية لمحاكمة المسئولين عن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب في دارفور، اضافة الى العمل مع المجتمع المدني الدارفوري من أجل آليات للمصالحة والمساءلة متملّكة محلياً. (3) تحسين الوضع الإنساني. (4) مخاطبة القضايا التي لم يتم تنفيذها في اتفاقية السلام – خصوصاً الانتخابات والاستفتاء - بتقديم الدعم , وتشجيع الإصلاحات القانونية التي تخلق بيئة اكثر استيعاباً لعملية انتخابية ذات مصداقية وللإستفتاء، بما يشمل ضرورة سن قانون استفتاء ذي مصداقية (5) احياء وتقوية الاهتمام الدولي بتنفيذ اتفاقية السلام (6) تقليل التوترات في المناطق الثلاث (ابيي، جنوب كردفان، النيل الازرق) (7) تطوير آليات لتقاسم الثروة ما بعد 2011 (وحل القضايا الاقتصادية والسياسية لما بعد2011م (8) تطوير قدرات حكومة الجنوب.


    * والواضح ان اهداف السياسة الجديدة وعناصر تنفيذها تتضمن وتلتقي مع مطالب عديدة لأهل السودان، ولكني شخصياً أرى انها بفشلها في الإمساك بعقدة مشاكل البلاد- غياب الديمقراطية- فانها ستفشل في تحقيق اهدافها، وستؤدي في النهاية الى ما تخشاه، أي الى تحول السودان الى دولة غير قابلة للحكم، غارقة في الفوضى، والى ملاذ آمن للارهابيين في المنطقة!
    * ويمكن فهم السياسة الامريكية الجديدة بفهم (المسكوت عنه)، وبتحليل (المنطوق)، مستخدمين(زلات المنطوق) التي تكشف عن (المسكوت)!
    واللافت هنا ان هذه السياسة لم تذكر كلمة (الديمقراطية) ولا (التحول الديمقراطي) ولا مرة واحدة!! كما لم تذكر ولا مرة واحدة اهمية (ضمان حقوق الانسان) في السودان!


    ورغم اقرارها بالإبادة الجماعية في دارفور وبالفظائع والإنتهاكات، ودعوتها لإيقافها وللمحاسبة، إلا أن السياسة الجديدة لم تنوّه، ولو مجرد تنويه، الى جذور انتهاكات حقوق الانسان، أى الى غياب الديمقراطية!! وبالتالي غياب الحماية المؤسسية لحقوق الانسان!


    * وتركز السياسة الامريكية على قضيتين رئيسيتين في تنفيذ اتفاقية السلام هما الانتخابات والاستفتاء. ورغم ان اتفاقية السلام تنص على (انتخابات حرة ونزيهة ومراقبة دوليا)، الا ان السياسة الامريكية تستعيض عن مصطلح (حرة ونزيهة)، المنضبط انضباطا دقيقا في ادبيات حقوق الانسان، تستعيض عنه بتعبير غائم وفضفاض (انتخابات ذات مصداقية)!! وقبل ان نحلل الهدف الاستراتيجي وراء هذه (الزلة) في (المنطوق) نقدم بعض التفاصيل التي تكشف عن طبيعة (الانتخابات ذات المصداقية)!


    * وصفت الإدارة الامريكية الانتخابات الرئاسية الأفغانية بأنها انتخابات (ذات مصداقية)! ثم عبأت الولايات المتحدة الجمعية العامة للامم المتحدة لتتخذ قراراَ بتاريخ 9 نوفمبر الجاري يقضي بأن الانتخابات الافغانية (ذات مصداقية!) وشرعية. ويعلم القاصي والداني بأن الانتخابات الافغانية اعتورتها الكثير من الخروقات ومن التلاعب والتزوير، الى درجة ان الرئيس الفائز نفسه – كرزاي- وافق في النهاية على جولة جديدة بينه وبين منافسه عبدالله عبدالله، والذي رفض ذلك، اعتراضاً على عدم تغيير رئيس مفوضية الانتخابات، المتهم لديه بالتواطؤ في عمليات التلاعب المشار إليها!!


    وقد بحثت شخصياً في كل المواقع الالكترونية ذات الصلة, عبر محرك البحث (قوقل)، وفي موقع برنامج الامم المتحدة الانمائي، وفي الإنسكلوبيديا، والانسكلوبيديا الحرة، وهيئة المعونة الامريكية، بل وفي موقع المخابرات الامريكية، ولكني لم اجد مطلقا تعريفاً واحداً للإنتخابات (ذات المصداقية!).
    وفي المقابل هناك تعريفات محددة وواضحة لمصطلح (الانتخابات الحرة والنزيهة)، تردّه الى حكم القانون، ووجود مساحة للمعارضة, ولحرية التعبير، وحرية النشاط الانتخابي للمعارضة... الخ.


    إذن فالانتخابات (ذات المصداقية) لايمكن تعريفها الا بالرجوع للإطار الأفغاني. وقد وصفها ممثل افغانستان في الأمم المتحدة بدقة في جلسة الجمعية العامة المشار اليها، قائلا:(الانتخابات (الافغانية) كانت حرة بقدر الامكان، ونزيهة بقدر الامكان، وشفافة بقدر الامكان)!
    ولأن (قدر الامكان) معيار ذاتي وليس موضوعياً فإنه يدعو الى الاستنتاج بأنه (قدر امكان) الرئيس كرزاي!! وهكذا فان الانتخابات (ذات المصداقية) إنما تعني الانتخابات (الحرة النزيهة بقدر امكان الرئيس المرشح)!!


    * والمؤسف حقا أنه بعد اعلان السياسة الامريكية الجديدة، اعلنت بعثة الامم المتحدة في السودان أنها مع (انتخابات ذات مصداقية)! اي وقع الحافر بالحافر مع افغانستان! هذا رغم ان الامين العام للامم المتحدة في خطابه عن السودان لمجلس الامن الدولي بتاريخ 12 اكتوبر قد دعا الى (انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية)، ومع أن (ذات مصداقية) المشؤومة ترد الا انها تتحدد بالمصطلح المنضبط (حرة ونزيهة). ولكن في المقابل فإن بعثة الامم المتحدة، في مخالفة لمرجعية تفويضها اي اتفاقية السلام، ولمعايير حقوق الانسان الدولية، بل ولخطاب الامين العام للأمم المتحدة، تتحدث البعثة عن انتخابات (ذات مصداقية) ! والخطير ان هذه البعثة يفترض ان تكون من المراقبين الرئيسيين لحرية ونزاهة الانتخابات في البلاد!!


    *والخلاصة ان السياسة الامريكية الجديدة باسقاطها المتعمد للديمقراطية وللتحول الديمقراطي واستخدامها لمصطلح (غامض) انما تريد في التحليل النهائي، انتخابات بقدر (إمكان) الرئيس المرشح , فلماذا؟!
    * صيغت السياسة الامريكية كمساومة بين تيارين في المؤسسة الامريكية –تيار تمثله وزيرة الخارجية- كلينتون- ومندوبة امريكا لدى الأمم المتحدة- سوزان رايس , ويرتبط بجماعات حقوق الانسان, و يرى اهمية التركيز على ما يجري في دارفور، وبالتالي ضرورة المحاسبة على الابادة الجماعية والجرائم الانسانية، وما يرتبط بذلك من ضمان عدم تكرار ماحدث بإحداث تغييرات هيكلية وشاملة في السلطة في الخرطوم. وتيار آخر، يمثله جون كيري- رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، وسكوت غرايش- مبعوث امريكا للسودان، ويتبني هذا التيار اولوية فصل الجنوب، وبالتالي يركز على التعاطي مع الوضع القائم في الخرطوم، والضغط لقيام انتخابات في مواعيدها، أياً كان شكلها،كأساس للإستفتاء الذي يؤدي الى فصل الجنوب. وفي سبيل تحقيق الهدف الاستراتيجي يمكن تهدئة الاوضاع في دارفور، وتهدئة المناطق الثلاث، وتجاهل الحديث عن المحاسبة وعن المحكمة الجنائية، وكذلك تجاهل اي حديث عن التحول الديمقراطي!


    ورغم ان رؤية التيار الأخير، لاتحظى بالاجماع في المؤسسات الامريكية، إلا انها كذلك رؤية ذات جذور، وقد عبر عنها افضل تعبير المبعوث الامريكي السابق للسودان، اندرو ناتسيوس، في مقاله بالواشنطن بوست بتاريخ23 يونيو2009م, حيث لاحظ انقسام الإدارة الامريكية الجديدة، فدعاها الى التوحد على اساس برنامج (عملي)، يقلل من التركيز على الإبادة الجماعية في دارفور، ويتبني الإنخراط مع المؤتمر الوطني – وخصوصا مع الرئيس البشير- بهدف تنظيم الانتخابات في مواعيدها، وبالتالي تنفيذ الاستفتاء لفصل الجنوب! هكذا وردت بالحرف في المقالة (استفتاء فصل الجنوب وليس تقرير المصير)! مما يعني بأن الهدف الاستراتيجي الاول, والذي يجب ان تخضع له بقية الأهداف الاخرى، انما هو فصل الجنوب!!
    وغني عن القول ان أفضل اطار لدفع الجنوبيين للتصويت لصالح الانفصال انما غياب المركز الجاذب – أى غياب الديمقراطية والإنتخابات الحرة النزيهة!!


    * وإذ تتبنى السياسة الجديدة مطالب (المحاسبة) و(دعم الجهود الدولية) لمحاكمة مجرمي الحرب في دارفور، فانها تسعى الى استرضاء التيار الاول في الادارة الامريكية، وبالتالي جماعات حقوق الانسان التي تقف خلفه، ولكنها في ذات الوقت تميّع لحدود معينة (المحاسبة) , فبدلا من النص صراحة على دعم المحكمة الجنائية تتحدث السياسة عن (دعم الجهود الدولية) دون تحديد! ثم تستبعد من اجندتها الديمقراطية والتحول الديمقراطي والإصلاح القضائي وسيادة حكم القانون! ثم تتحدث عن الانتخابات (ذات المصداقية) بدلا عن الانتخابات (الحرة النزيهة)! وذلك كي تركز على (الاستفتاء) وعلى (حل القضايا الاقتصادية والسياسية لما بعد2011م)! بما في ذلك حل قضايا اقتسام الثروة ما بعد 2011م! مما يعني بأن السياسة الجديدة تضع فصل الجنوب، كهدف استراتيجي ذي اسبقية، يعلو على كل الاهداف الاخرى، بما في ذلك مكافحة الارهاب! وبالتالي فان (المحاسبة) و(الانتخابات ذات المصداقية) انما العقوبات والحوافز المشار اليها لتحقيق الهدف الاستراتيجي!!


    * وعلى كلٍ فان فصلاً مخمليا- سلساً وسلمياً- للجنوب، ضمن المعطيات الراهنة، انما وهم محض !! وهم، لأن الانظمة الاستبدادية التي لاتسمح بحرية التعبير لايمكن ان تسمح بداهة بحرية تقرير المصير!
    ثم ان الصفقة المشؤومة التي يجري الاعداد لها – صفقة إنتخابات (ذات مصداقية)! اي ضمان السلطة! في مقابل السماح بتقسيم السودان- صفقة وهمية لكلا الطرفين- للإنقاذ والإدارة الامريكية! وذلك لعدة أسباب، أبرزها، أن الانقاذ الحالية، تستمد مشروعيتها الاساسية من رضا القوات المسلحة - حتى ولو كان رضىً سلبياً-، وما من حاكم يقود الى تمزيق السودان يستطيع ان يراهن على استمرارية هذه المشروعية! وكذلك فان اية ادارة امريكية، عاجلاً او آجلاً، سترضخ لضغوط جماعات حقوق الانسان الامريكية والدولية الداعية الى المحاسبة عن جرائم الحرب في دارفور! مما يعني بأن أية صفقة تتجاوز (المحاسبة) إنما صفقة تاكتيكية ومؤقتة!! واذن فما الداعي لها؟!


    ولأن السودان – ليس مثل تشيكوسلوفاكيا- فان (القضايا الاقتصادية والسياسية لما بعد2011م) لن ترسم بالتفاوض المخملي، وانما سترسم بالدم! مما يعني بأن الاوضاع الراهنة ستقود حتما الى الحرب، والى تداعياتها الكارثية، من احتمال انزلاق البلاد الى حالة من الفوضى وعدم القابلية للحكم، وبالتالي الى ملاذ آمن للارهابيين في العالم!!.. ألا فليحفظ الله تعالي السودان!
                  

11-13-2009, 11:27 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=6641
    --------------------------------------------------------------------------------
    || بتاريخ : الجمعة 13-11-2009
    عنوان النص : لا .. يا عووضة !!
    : د. عمر القراي



    إن السقطة المدوّية، التي سقطها الكاتب الصحفي الاستاذ صلاح عووضة، قبل أيام في مساجلاته مع الصحفية الاستاذة رشا عوض، لا تليق به ، ولا بمهنة الصحافة ، ولا بصحيفة معتبرة مثل صحيفة السوداني الغراء، ولا بحوار رجل كريم مع أي إمرأة ، دع عنك انهما كانا زميلين في صحيفة اجراس الحرية، ولا يزالان زميلين في مهنة الصحافة، المنكوبة، التي يتطلع شعبنا الى ان يتعلم منها ما يفيده في أمور حياته ، فيجد مثل هذه الغثاثة .




    فلقد كتب الاستاذ عووضة، في عموده بصحيفة السوداني 6/11/2009م ، عن قصة حاكم ولاية بشمال نيجيريا، يفضل الفنانات السودانيات، و ( مبسوط) منهن ، ويتساءل عووضة في مقاله ، لماذا لا ينبسط هذا الحاكم النجيري من الفنانين الرجال ؟ ! وهو يطرح ذلك بأسلوب متقطع ، غير واضح ، وملئ باشارات إتهام للرجل، ولهؤلاء المطربات، فيها كثير من التعريض، وإشانة السمعة، والتلميح بالقذف، والإيماءات الى أشخاص غير مذكورين صراحة في المقال .. والى نساء لا يعرفهن من يقرأ المقال بمجرد قراءته، ثم هو يتهم هؤلاء النساء تهماً غامضة، يفهم منها انهن لهن علاقة غير شريفة مع هذا النجيري ، وانهن ذهبن مع الحاكم النيجيري الى بيته !! ولم يحدثنا الكاتب عن ما حدث بعد ذلك ، ولا عن من هن هؤلاء (المنحرفات) ، ولا لماذا يشغل بهن الرأي العام، ما دام هو نفسه لا يستطيع ان يذكر اسماءهن، ولا اسم النيجيري كاملاً ، مما يجعل حديثه عنهن، ضرب من الإثارة ، واللغط، لا يعني أي شئ للقراء.



    وبعد ان جعلنا عووضة، نعيش في هذا الجو الهابط المتدني، مع رجل نجيري صوره لنا كشخص فاسق، ونساء سودانيات، صورهن لنا كنساء منحرفات، دخل مباشرة في موضوع لبنى، فبعد ان طرح عدة تساؤلات، عن لماذا فعل النجيري ، كذا وكذا قال (وتحت كل "لماذا" من "دول" خط أحمر تعرفه جيداً الجهات هذه التي انشغلت ب "بنطلون" لبنى ) . إن اقحام موضوع لبنى، في هذا المناخ المريب ، الذي كان يخوض فيه عووضة، بلا ورع، عمل سيئ، لأنه يوحي للقارئ بأن لبنى، أو من ساندها من النساء، إنما هن يشبهن صاحبات النجيري .. ثم انه لم يحدثنا عن الجهات التي انشغلت ببنطلون لبنى، فإن كان يعني حكومة المؤتمر الوطني، فلماذا لم يفتح الله عليه بكلمة في حقها، وقد جلدت 43 ألف إمرأة سودانية بسبب إعتبار البنطلون زي فاضح ، في عام 2008م ، قبل قضية لبنى، منهن نساء غير مسلمات، ولا يمثل البنطلون أي تعارض مع ثقافتهن ؟!



    ثم يقول عووضة ( ولبنى للعلم صعب علينا ان نتعاطف معها أو مع بنطلونها ... وعدم تعاطفنا مع لبنى نابع من قناعات " شخصية" .. فبمثلما لا نرضى لمن يهمنا أمرها ان تسهر خارج البيت دون محرم ولا نرضى لها ان ترتدي البنطال ولا نرضى لها ان تراقص الرجال بمثلما لا نرضى لمن يهمنا أمرها ان تفعل أياً من ذلك لا نرضاه أيضاً لزميلتنا لبنى ) !! ما هي مرجعية هذه القناعة ( الشخصية ) لصلاح عووضة ؟! فإن كانت مرجعيته هي الشريعة الإسلامية، بقرينة حديثه عن (المحرم) ، فإن الشريعة لا تسمح للمرأة بالخروج من بيتها لغير ضرورة، سواء معها محرم أم لا .. والضرورة حددها الفقهاء بالصلاة، والحج، وموت ابيها وكسب قوتها، ولا عائل لها .. والبقاء في البيوت ، هو أصل الحجاب قال تعالى ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) ، فإذا خرجت لضرورة غطت جسدها بحيث لا تعرف.. فهل يطبق عووضة هذا على من يهمه أمرهن ؟ والشريعة نصت على منع التبرج ولكنها لم تنص على حرمة لبس (البنطال)، لانه يمكن ان يلبس واسعاً وطويلاً بصورة لا تجعله يقع تحت طائلة التبرج .. فإذا كانت بعد ذلك تغطي شعرها، وينزل غطاء رأسها فيغطي فتحة أعلى فستانها، فإنها تكون محتشمة ، وهذا بالضبط ، قد كان زي لبنى الذي قبضت به، وجاءت به الى المحكمة ، دون أن يظن الناس انه زي فاضح، اللهم الا الشهود من شرطة النظام العام، والقاضي الذي حكم عليها حكماً جائراً، لم تستطع الحكومة، ان تستمر فيه فاطلقت سراحها !! والشريعة تحرم على المرأة الرقص مع الرجال، ولكنها لا تقف عند هذا الحد، بل تحرم عليها مجرد الاختلاط بالرجال، ولو في مكان عام .. وذلك مقتضى قوله تعالى ( فإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب )، وعلى فهم هذه الآية اعتمد السلفيون، في فصل الطلاب عن الطالبات في دور العلم .. فإذا كان عووضة لا يسمح لمن يهمه أمرها ان تراقص الرجال، ولكنه يسمح لها ان تذهب الى المدرسة ، والسوق، وتركب المركبات العامة، وتختلط بالرجال، فقد سمح لها بأمر منكر من وجهة نظر الشريعة، ومعصية عقوبتها التعزير مثل مراقصة الرجال. وحتى لو استطاع عووضة حجاب من يهمه أمرهن، فإن هذا لا يمنع الخطيئة ، وذلك لأن العفة، لا تقوم بالثوب المسدول، والباب المقفول، وانما بالتربية وحسن الخلق .. ومن حسن التوفيق الإلهي، ان الشريعة ليست كلمة الإسلام الأخيرة، ولا هي مراده لمجتمعنا المعاصر.. وانما هي مرحلة، ناسبت بشرية القرن السابع الميلادي، ويجب تطويرها بالانتقال الى أصول القرآن، التي تناسب الوقت الحاضر، وهو أمر فصلنا فيه كثيراً، ولا أود الخوض فيها هنا .



    أما إذا كانت مرجعية عووضة هي العرف والاخلاق والثقافة السودانية، فإن المرأة في مختلف القبائل السودانية، سواء ان كانوا النوبة في الشمال، أو النوبة في جبال النوبة، أو الدينكا في الجنوب تراقص الرجال في كافة الاحتفالات .. وحتى في قبائل وسط السودان، حيث ترقص النساء و(يعرض) الرجال، فإن (العرضة) نفسها نوع من الرقص . وليس للنساء في السودان زي واحد، فالبنطلون تلبسة ضابطات الجيش والشرطة، ومضيفات الطيران، وموظفات الاسواق الحرة، فلماذا لم يهاجمهن عووضة أو يهاجم الدولة (الاسلامية) التي فرضت عليهن هذا الزي ؟ وأي عرف سوداني هذا الذي يمنع المرأة من الخروج ليلاً أو البقاء خارج المنزل ليلاً ما لم يكن معها محرم ؟! إن في السودان طبيبات، يعملن في المستشفيات ،لأكثر من منتصف الليل، وقد تضطرهن ( الوردية ) للمبيت بالمستشفى او مغادرته في الساعة الاولى من الصباح، فهل نطلب منهن ان يأخذن معهن ( محرم) لمكان العمل ؟! وهل كل من خرجت بالليل خرجت لعمل سيئ ؟!



    لقد ردت الاستاذة رشا عوض ، على مقال الاستاذ عووضة هذا، بمقال شديد، ولكنه عف العبارة، يقوم على الموضوعية، والوضوح، وليس به غمز او لمز. ولقد ركز المقال على اتهام عووضة، بانه يستبطن العقل الاصولي السلفي ( الانقاذي) ويشبه في مستوى فهمه وعباراته الطيب مصطفى والكرنكي واسحق فضل الله . واستدلت بكتابات اخرى لعووضة وسألته أسئلة محرجة لمن يدافع عن الشريعة اليوم . وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع حجج الاستاذة رشا، فلا احد يقرأ مقالها ، ثم يشعر بأي خروج عن أدب الحوار، أو أي خدش للحياء العام . فكيف كان رد عووضة عليها ؟



    فقد نشر في عمودة بتاريخ 8/11/2009م رد على رشا كان أول الزلل عنوانه فقد سماه (ديوث رشا ) !! وبعد ان شرح لنا كلمة الديوث بانه من يرضى الفاحشة في أهله، واورد لنا الاحاديث النبوية التي تقول ان الجنة محرمة عليه، قال انه عند هذه النقطة سيفاق الدين ويتحدث بمنطق العيب كما هو في العرف . والحق ان عووضة قد فارق الدين من مجرد عنوان المقال، فقد جاء في الحديث ( ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذئ ) . أما منطقه فهو ( ومما هو عيب عند الناس – عدا أمثال رشا- سهر البنت خارج البيت الى "أنصاص الليالي".. والتشبه بالرجال ملبساً ومسلكاً.. ومراقصة الرجال في مكان "عام".. أليس هذا ما تراضى عليه الناس؟!.. ونحن في كلمتنا التي اغضبت رشا لم نزد على ذلك..) والغريب ان عووضة، يرى ان لبس المرأة للبنطلون تشبه بالرجال، مع ان البنطلون جاء الينا من العالم الغربي، وهو هناك يلبسه الرجال والنساء، فلماذا لا نقول ان الفتاة السودانية التي تلبس البنطلون تشبهت بالمرأة الغربية ؟ ومهما يكن من أمر، فقد اوضحنا خطل الرأي الذي يضع كل الثقافات السودانية في لبس معين، أو عادات خروج معينة، أو عادات رقص معينة .



    وعلى بعد رأي عووضة هذا من (المنطق) الذي سمى به عموده، فإنه ينحدر الى ما هو أسوأ في اللفظ والمعنى، حين يقول (وسوف نبقي على قناعتنا هذه سواء غضبت منا رشا -ومثيلاتها- أم رضين.. وسواء غضب "الديّوثون!!" - من مناصريها - أم رضوا..) !! فهل يصف عووضة كل من ساند لبنى في قضيتها، وأيد موقف رشا، ونساء مبادرة لا لقهر النساء، بهذه الصفة النابية ؟!



    لقد ساندنا لبنى، ونؤيد رشا في دفاعها عنها ، لأن وقفتهن كانت ضد قانون جائر، فرضه نظام خائر، ليس هدفه رعاية اخلاق الشعب، أو قيمه، أو دينه، وانما يريد به ان يسوقه للإستكانة عن طريق إذلاله، بالجلد، والتشهير، واشانة السمعة .. ولقد عارضت كل الاحزاب، ومنظمات المجتمع المدني هذا القانون .. وطالبوا بالغائه ضمن القوانين المقيدة للحريات، وناصروا لبنى، بل وقفوا جميعاً ، تحية لها ، عندما جاءت الى قاعة الصداقة ، لحظة توقيع اعلان جوبا .. فما موقف عووضة ككاتب ومثقف من هذا ؟!



    أما نحن فقد ناصرنا لبنى، ونؤيد لرشا موقفها في الدفاع عنها، من منطلق ديني، في المقام الأول، وهو امتثال قوله تعالى ( ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا اخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً ) .. ثم من منطلق انساني في المقام الثاني، دفاعاً عن الحقوق الاساسية للانسان، والحريات العامة .. ثم اننا في كل ذلك ، لا ندافع عن الرذيلة، ولا نقبل ان تشيع الفاحشة في الناس، ولو بمجرد الكلام عنها ، أو الغمز واللمز بها، ومن هنا جاء تأذينا من كلام عووضة، واعتراضنا عليه .. ونحن نعلم ان واضعي قانون النظام العام، وشرطته ليسوا حماة الاخلاق، بل ان الاستاذ ياسر عرمان، قد اتهمهم بالتحرش الجنسي بالسجينات، وكررت لبنى نفس الاتهام في عدة ندوات، ولم نسمع منهم نفياً لهذه التهم ولا شكوى بسببها .







    يقول عووضة ( وموقف مثل الذي وضعت احداهن نفسها فيه – واثار ما اثار – لا يمكن ان تجد فيه واحدة " بالغلط" من رائدات التحرر النسوي في بلادنا ) وهو يلمح هنا، الى ان لبنى ما كان يمكن ان تدخل في هذه المشكلة، لو لم تقف موقف شبهة ، وضعت هي نفسها فيه.. وهو تلميح كاذب ، ضار، وينطوي على قدر كبير من الخبث، وسوء الظن، وسوء النيّة ، وهو بالفعل يشبه كتابات اسحق فضل الله .. والحق ان التهمة التي وجهت الى لبنى، وذكرها القاضي في قاعة المحكمة، لا تتعلق بالوقوف في مكان مشبوه، وانما لبس زي اعتبر فاضحاً بمعايير الشريعة الاسلامية . وهذا التجني، يمكن ان يقع على أي إمرأة سودانية، سوى ان كانت من الرائدات، او لم تكن . فهل يعلم عووضة انه هونفسه، يمكن ان يقبض عليه، ويجلد بدعوى مفارقة الاخلاق، إذا ركب البص من الباب الأمامي، لأنه حسب هذا القانون، مخصص للنساء ؟! وهل يعلم ان بيع الشاي، في هذا القانون يعتبر جريمة، وان شرطة النظام قد طاردت بائعة الشاي، الشهيدة نادية صابون، حتى اردتها قتيلة ؟ فإذا وقفت إمرأة ضد هذا القانون الجائر، ورفضت ان تجلد، وحين حكمت عليها المحكمة بغرامة بسيطة، رفضت ان تدفعها، وفضلت السجن حتى تصعد القضية، و توضح خطل هذا القانون، وتضامن معها نساء وقفن في هجير الشمس المحرقة، في نهار رمضان، وبعضهن صائمات، وبعضهن مريضات، يهتفن ضد الظلم، وضد الحكومة التي اذلت الشعب ، لا يبالين بالعصي الغليظة على رؤوسهن، ولا بالضرب والركل، ولا بالشتائم المقذعة من صبية المؤتمر الوطني، أفلا يستحق هذا الموقف، ان يكتب عنه مسانداً كاتب ( مثقف)، و (ديمقراطي )، مثل الاستاذ صلاح عووضة، بدلاً من هذه الإساءات وهذا التجريح ، الذي لو اتبع فيه ( الانقاذيين) لما لحق بغبارهم ؟



    ومن عجب ان عووضة راض عن موقفه ولو اتفق مع ( الانقاذيين)، ما دامت هذه قناعته (الشخصية )، وهو مع ذلك يظن انه يعارضهم سياسياً !! والحق ان المواقف السياسية ما هي الا انعكاس للافكار، وما خطأ المواقف السياسية، الا دليلاً على خطأ الفكر الذي وراءها .. واثارة موضوع الاخلاق، ولبس النساء، انما هو حجة الانقاذيين، لصرف الناس عن جوهر القضية، وتمرير اجندتهم في القهر .. فإذا وجدوا من يدعمهم، بتكرار حديثهم عن الاخلاق، فقد دعم قانونهم، وتسلطهم، وقهرهم للنساء والرجال ، دون ن يشعر، وخدم بذلك اغراضهم، وهو يظن انه ضدهم، وهذا بالتحديد ما حدث لعووضة ، وان لم يدرك كم هو مستغل. أما قول عووضة مخاطباً رشا (فهنيئاً لها الذين يحيطون بها من " الديوثيين " من "الدلاديل" من " الجرادل" من " القفف" ) فإنها لا تعدو ان تكون شتائم هابطة، لا تلحق برشا ، ولا بمسانديها، وإنما تسئ اليه هو، أولاً كإنسان، ثم كصحفي لم يراع أدب الخطاب، الذي تقتضيه المهنة .



    ونحن من باب المقارنة، نشيد بموقف الاستاذ محجوب عروة، رئيس تحرير صحيفة السوداني، وذلك لحذفه مقالي عووضة من الصحيفة ، ومن نسختها الإلكترونية، استجابة لطلب العقلاء من القراء، كما لابد من شكره على الكلمة الرصينة، التي إعتذر فيها للاستاذة رشا، وللقراء عن ما اصابهم من رشاش عووضة، وقد قال فيها لعووضة قولاً لينا لعله يذكرأو يخشى .
                  

11-14-2009, 07:57 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    ليس دفاعا عن الحميراء ...

    بقلم: رباح الصادق
    الخميس, 12 نوفمبر 2009 19:41


    بسم الله الرحمن الرحيم



    ]

    دعونا نتشبه ببروفسرة بلقيس بدري، والتشبه بالنساء فلاح! فقد بدأت حديثها حول رشا عوض بذكر أول مرة لاقتها فيها. أول مرة لاقيت فيها "الحميراء" كان في اجتماع نظمته هيئة شئون الأنصار بدعوة مجموعة من الفقهاء والفقيهات بدار الهيئة لبحث كتاب كتبه السيد الصادق المهدي صاحب العهد مع انصار الله حينها وكان ذلك فيما أذكر في ديسمبر 2000 أو نحوه، كان أصل الكتاب ورقة موسعة كتبها وقدمها بالقاهرة مباشرة قبل مجيئنا للبلاد في (تفلحون) حول واقع الحركات الإسلامية، وقادني لذلك الاجتماع أنني كنت المسئولة عن مكتب الحبيب الصادق المهدي بالقاهرة وماسكة أوراقه. ولما عدنا للبلاد قرر التوسع في الورقة بإضافة أبواب أخرى تصف واقع المسلمين كله، وبعد إضافة بقية الأوراق تم تكوين تلك اللجنة لبحث الكتاب والتوصية بشأنه. لفتتني غزارة فقهها وعلمها وبيانها وثقتها بنفسها وفي ذات الآن تواضعها فإن أعطيت الفرصة للحديث أبانت ورفعت رأس أية فتاة وامراة تمشي على ظهر الأرض، وإن لم تعطها صمتت ولم تزاحم وبعد اجتماع واحد وجدت انني التي أقاتل من أجل أن تعطى رشا فرصة للحديث.. انتقلت هذه الحالة مع الزمن حتى لدوائر أخرى، فقد وجدتني في اجتماعات المجتمع المدني الأخيرة حول قانون الأمن الوطني أتدخل طالبة أن تعطي رشا فرصتها لأنها تطلبها بصمت يفوت غالبا على رؤساء الجلسات. فهي خليط عجيب من الإباء والتواضع، والثقة بالنفس والانزواء، والجرأة والحياء، والغضبة للحق والتعالي على الجراح الخاصة بنبل عجيب، والصمت الطويل والتأمل ثم الفصاحة والبيان التي تتمنى ألا يلف صاحبتها صمت البتة!

    ليس هذا دفاعا عن رشا كما قال الأستاذ محمد لطيف، ولكن الصمت عن واقعة الاعتداء على رشا أمر بدا غير ممكنا. وإنني يقينة أن أية امرأة سودانية بها ذرة من كرامة أو استقامة قرأت صحيفة السوداني قد باتت يوم الأحد الأسود الموافق الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري وفي جنبها طعنة وفي حلقها غصة. لم تبك البروفسرة بلقيس بدري وحدها، لقد كانت طعنة واساءة لأجيال من النساء المناضلات والصابرات والمرابطات من أجل الدين والوطن.. عجيبة قوة الكلمة المنشورة حتى لو أتتك ممن هو أهلها، إلا أن لها قوة هائلة ولا يستغرب إذن أن الحرب أولها كلام!

    ليس دفاعا عن رشا وهي التي كم أبكتنا من قبل طربا، وساقتنا نقول في بيانها وفي صوتها السنين الذي يحق الحق ويدحض الباطل شعرا ونثرا، فإذا بنا نبكي اليوم لأنها رميت زورا ومن ورائها كامل نساء السودان الأبيّات..

    ظلت رشا تتلقى الضربات غير المنضبطة وغير المتقيدة بأسس اللعبة وأخلاقياتها لأنها كانت توجع من داخل الملعب وقوانينه. وأذكر أننا تزاملنا كمدربات مرة في دورة تدريبية للنساء في محلية سيدون بولاية نهر النيل قبل نحو خمس سنوات ضمن البرنامج التعليمي لحقوق الإنسان الذي تبنته هيئة شئون الأنصار مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان بجنيف. ذهبنا لنحدث النساء والشباب عن حقوق النساء في الإسلام ونقول إن ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يتسق مع مبادئ ديننا وشرعه الحنيف، وجاء اثنان من منسوبي الجماعات السلفية فانبريا لرشا يناظرانها فقارعتهما الحجة بالحجة ونهلت من فيض فقهها الفياض وألقمتهما حجارة فلاذا بالصمت ثم غابا عن بقية أيام الورشة وصارا يشيعان في سوق المدنية أن تلك الحميراء معها شيطان! كان ذلك أسلوب بائس وخارج أساسيات لعبة المنطق، تماما كما حدث مؤخرا.

    وبعد أن وصفنا رشا وكيف يلجأ مهزوموها غير المتقيدين بأخلاق لعبة الفكر والمنطق لوسائل غير شريفة، فإنه يهمنا أن نتابع المنطق الذي بدأته البروفسر بلقيس بدري حول حقوق النساء والعرف السوداني.

    لا يقولن قائل لنا إن العرف والحق هو أن نقبع في ديارنا ولا نشارك في أمور بلادنا ولا في الدعوة لديننا ونسهر من أجل ذلك الليالي الطوال نسد الثغور. فنحن في بلاد فاطمة بنت أسد وأمونة بت عبود اللتان تسميت بهن قراهن، والشيخة رية التي من فرط شهرتها طغت على اسم زوجها الشيخ ود بدر فكان يقال لابنها العبيد ود رية، والشيخة عائشة التي خلفها والدها الشيخ أبو دليق على الطريقة وكان له ولد غيرها، وفي بلاد حكمتها النساء من لدن الكنداكات وأماني شيختي وحتى الملكة ستنا التي حكمت ديار الجعليين في القرن الثامن عشر الميلادي.. النساء لدينا يحكمن ويعلّمن ويزرعن ويقمن بكامل الأعمال منذ دهور سحيقة، فما الغريب لو انضممن لمسيرة الجهاد السياسي الوطني أو الديني الدعوي؟ ألم تشهد فترة المهدية التي ليست ببعيد نساء مثل ست البنات أم سيف استشهدت هي وأربعة من إماءها يوم فتح الخرطوم الشهير؟ ألم يجز الإمام المهدي في سبيل كيد العدو في المعركة للنساء حتى التشبه بالرجال ولبس لبسهم وركوب الجياد؟ ألم تكن رسولته لغردون امرأة ألم تكن تلك المرأة تسهر في رحلتها لغردون؟ بل دعك عن المهدية التي استندت للواقع السوداني الذي فيه النساء لعبن ويلعبن منذ أزمان بعيدة دورا كبيرا حتى لدى الطرق الصوفية فيقال لدى الختمية: السيدة علوية اللابسة حربية! دعنا عن الواقع السوداني، بل إنه حتى في بقية البلاد العربية التي شهدت واقعا أكثر تدنيا للنساء نجد كثير من الفقهاء الذين يرون حرمة الاختلاط بين النساء والرجال يبيحونه في مواطن العبادة والعلم والجهاد، ويقول الشيخ عبد الحميد متولي في كتابه حول نظم الحكم في الأسلام وقد ناقش مسألة الاختلاط بين الرجال والنسا والخلوة ردا على تلك الفكرة (إنّ الرأي القائل بأنّ الإسـلام لا يبيح الاختلاط بين الرجل والمرأة إلا في مواطن العبادة وأماكن العلم وميدان الجهاد رأي لا يسـتند إلى سـند صحيح ولا يقوم على أسـاس سـليم) فحتى المتنطعين في مسألة الفصل بين الجنسين يقرون أن خروج النساء ومخالطتهن للرجال على الأقل للعبادة والجهاد والعلم من المباحات..

    أما الحديث عن مخالطة الرجال والرقص في الحفلات العامة فلو تحدثنا عن العرف السوداني فإنه منذ زمان الفصل التام أيام حقيبة الفن كان بوسع أي رجل مهيب أن يراقص أية امراة عفيفة، ومع تغير الأزمان الآن حفلاتنا الخاصة التي هي في طبيعتها عامة للخلق الذي يرودها بها من محن الرقص والمخالطة بين الجنسين ما يستنكره الدين والذوق السليم، وهو موجود في أعرافنا السائدة، ولكن صاحباته ليس رشا ومثيلاتها فهن لا يعرفن الرقص ولا يجدنه وليس من بين عملاتهن المتداولة!

    إن رشا ومثيلاتها ممن يحفظن دينهن وحدوده يضحين في سبيل رفعة الدين والوطن مرتين أكثر من زملائهن الرجال: فهن مثلهم يضحون بالوقت والجهد في سبيل المبادئ السامية، وزيادة مرة لأنهن يصطدمن بذهنيات لا تفهم وجود المرأة في الدوائر العامة إلا كباب للغواية زورا وبهتانا، وثالثة لأنهن يفعلن ذلك في ظروف غير مواتية أسريا وجسمانيا أحيانا. مثلا لدى سفرنا لمؤتمر جوبا في سبتمبر الماضي وبينما نحن قافلين في الطائرة قال أخي صديق حسن الترابي إننا كرجال مأجورين أكثر منكن لأننا نضحي بعملنا وقوتنا في سبيل الله والوطن. قلت له إن الذهنية التي تدعك تقول ما قلته لا تدرك حال النساء الآن، فنحن نضحي مثلك الآن بقوتنا وكسبنا وعملنا إضافة لها معاناتنا الأسرية، لقد كانت المرة الأولى التي أستجيب فيها لدعوة سفر وأنا مرضع وكنت أعاني جدا مشفقة على رضيعي ولكنني ظننت أن صفارة الجهاد المدني والديني قد صفّرت ولا يمكنني التخلف، وأدعو الله أن يحتسبها لي أجرا مضافا على الذكور، فمثلما لابني علي حق، لوطنني ولديني الذي تشوهه التجربة الحالية علي حق!

    صحيح هناك عرف تسرب لنا من ثقافات عروبية في زمان التكلس العروبي وقد أثبت البروفسر جعفر ميرغني أن الثقافة العربية الأصيلة تعتد بالمرأة. هذا العرف المقيت مضاد للعدل الإلهي وللغضبة الإلهية من أفعال النابذين للنساء المهينين لهن. ولكنه عرف يستحق أن نرسله للمزبلة التي يستحقها فهو لا يتسق مع مقاصد الشريعة ولا مع عرفنا السوداني الأصيل، ولذلك فإننا نقف مضادات لفكرة أن تقبع النساء في قعر دارهن ولا يشاركن في أمور الدين والدنيا والجهاد والعلم. وقد شاركت الحبيب الأنصاري محمد صالح مجذوب في عديلة للحبيبة إيمان الخواض وزوجها الحبيب محمد نور، وقلنا:

    بشوف بي عيني سرنا قصدنا حوش الهجرة

    بيتـــا عالي فوق بابــــو انفتح لي الشكـــــرة

    لي البت التكســـر قيدنا تجلي الفكــــــــــــرة

    لا همـــلت وطــــن لا قيلت في حجــــــــرة

    **

    عاطلات الحريم ما طاب معاها مقيلك

    في الدين والوطن ركـزت قـالك وقيلك

    نادرين الرجـــال الجـد بشيولو تقيـــلك

    الـدر اللصيف يتــوارى قاتلو صقيــلك

    وفي إحدى الأبيات جاء:

    عقبــال لـــي رشــا لي تومــة المحبوبة

    العاليـــة الفهيمــة الفهمـــــت للطــــوبة

    فإيمان هي صديقة رشا وتوأمها بالفعل، وقد درج الأمير عبد المحمود أبو أن يلقبهن تبادلا بفقيهة الأنصار ومفكرة الأنصار.. والفكرة في الأبيات أن القيمة الآن للنساء بحسب كسبهن وما يقدمن لدينهن ووطنهن بعيدا عن "عاطلات الحريم" والمقيل في الحجرات! فليخرجن يعملن من أجل دينهن ووطنهن ولو اقتضى ذلك السهر والسفر وقطع الفيافي الطوال.!

    الشاهد، إن رشا وصويحباتها لا يسهرن قصد الخنا أو المياعة ناهيك عما قد يدور في أذهان بما ملئت، فهي فتاة كمل عقلها وتم إباءها وحسن فعلها.. ولو سافرن أو سهرن لقاء الانتصار لراية الدين أو الوطن أو لرفعة المبادئ الربانية التي فرضها المولى علينا كالعدل والمساواة والكرامة الآدمية فهن في ذلك مأجورات ولا يمكن أن يعايرن على ذلك. أما العرف السوداني فإنه يفهم لهن تماما خاصة لدى الأسر التي تعودت العطاء الوطني والديني وأكرمته وأكرمت أصحابه وصاحباته.. رشا عوض ومثيلاتها قدمن القدوة فلا يعرفن إلا بأمجادهن ولا يشكلن إلا درة في جبين أسرهن وعشائرهن بل والوطن أجمع ألا ترى رعاك الله كيف احتفى بها الناس حيثما ظهرت في فضائيات عربية وخطفت الأضواء وأثبتت أن جيلنا الحالي ملء العين والقلب والعقل وليس خواء؟، ومن يقول غير ذلك إما يكذب، أو لطبيعة فيه لا يستطيع الإدراك كما الخفاش ينكر ضوء النهار!



    sudanile
                  

11-15-2009, 05:03 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    نقاط على الحروف!

    الحاج وراق



    الأعمدة - مسارب الضي


    لأحد, 15 نوفمبر 2009 07:14


    * تواجه البلاد أخطر أزماتها منذ الاستقلال، فمن ناحية ازمة دارفور التي وصلت الى قمتها بالمحكمة الجنائية وتحول رأس الدولة الى مطلوب للعدالة الدولية، ومن الناحية الاخرى تقرير المصير لاهل الجنوب، الذي تبقي له حوالي13 شهرا، وسيمارس في اجواء من غياب الثقة، ومن التعبئة الحربية، اضافة الى الازمة الاجتماعية التي تعصف بكل انحاء واوجه الحياة في البلاد- بدءً من فساد وتدهور الخدمة العامة، وتدهور الصحة، وانحطاط التعليم، وتدهور البيئة، وتدهور مستوي ونوعية الحياة للغالبية، وانتهاءً بتفسخ القيم الاجتماعية والاخلاقية. هذا خلاف ازمة النظام الباطنية، بين مراكز القوى داخله، وبينه وبين شركائه، وازمته مع العالم- خصوصا مع الدول الاكثر تأثيراً في مجلس الامن- امريكا، بريطانيا، فرنسا، والاكثر تأثيراً في الاقليم- مصر والسعودية!
    وفي أزمة بهذا الاتساع والعمق، لايمكن لطرف سياسي واحد، او مسؤول واحد، ان يقدم روشتة العلاج منفردا، حتي لو كان هذا الطرف المؤتمر الوطني، المسؤول الرئيسي عن وصول الاوضاع في البلاد الى هذا الدرك. فالازمة بشمولها، وتعقيدها، تتطلب تضافر جهود كل السودانيين، بل وجيرانهم واصدقائهم في العالم، والبداية في ذلك، الإقرار بالازمة وتعقيداتها، ومن ثم فتح اوسع تداول حر في تاريخ البلاد، كمقدمة اساسية للتوصل الى حلول توافقية وحقيقية.
    * ولكن، للمأساة، فإن المجموعة المتنفذة في المؤتمر الوطني لاتزال منخرطة في آليات خداع الذات، فمن ناحية تنكر الازمة ابتداءً، وتتفادى مناقشتها، بل وتثير غباراً كثيفاً للتغطية على ملامحها، وكعادة الغبار، ومهما علا، فانه يحجب الرؤية ولكنه لايغير من طبوغرافيا الارض! وهكذا بعد كثير من غبار المظاهرات والحشود والخطابيات فإن الازمة لم تبارح مكانها!.. ومن الناحية الاخري، فان قيادة المؤتمر الوطني تسعي بالتخويف والتشهير والابتزاز الى اخراس المجتمع السوداني وقواه السياسية والمدنية والفكرية، اخراسهم من ابداء آرائهم، او اشغالهم بقضايا تافهة او بمعارك جانبية، ولكن حتي لو تم اخراس الجميع في الخرطوم، فما من احد يستطيع اخراس نواقيس الازمة نفسها، والتي تقرع بمعزل عن اي لاعب منفرد في البلاد!
    * واستمرار الاوضاع الراهنة لايقدم حلاً، ولن يقدم حلاً، والتسليم به انما اسلام البلاد الى الخراب الشامل. ولكيما تتضح الصورة نضع النقاط على الحروف!
    * لقد صممت مسخرة الانتخابات الجارية حالياً خصيصاً ليفوز بها المشير البشير، وهذا ما سيحدث، ولكن، ثم ماذا بعد؟!
    لن تغير النتيجة من مطالبة المحكمة الجنائية بمثول المشير امامها، وفي اطار المعطيات الراهنة، فلن تجد دولة داعياً لاستخدام المادة(16) من نظام المحكمة- تتيح هذه المادة تأجيل أي قضية لمدة12 شهر قابلة للتجديد الى ما لا نهاية-، ولا يمكن هنا الرهان على روسيا والصين، فالقرار المطلوب قرار موجب، وبالتالي حتي لو صوتت روسيا والصين لصالح حكومة السودان فهذا غير كاف، فالقرار يحتاج الى تصويت الغالبية اضافة الى – وهذا هو الاهم- الا تعترض عليه اية دولة من الدول دائمة العضوية مستخدمة حق النقض(الفيتو)، اذن فالنتيجة الحتمية فشل اقرار المادة (16)، وبالتالي استمرار قرار مجلس الامن رقم1593 الذي يدعو حكومة السودان الى (الامتثال) والتعاون مع المحكمة الجنائية. وبالطبع سترفض حكومة السودان، مما يؤدي الى احتمال فرض عقوبات دولية على البلاد (ومما يشير الى هذا الاحتمال ان القرار1593 قد تمت اجازته بالاجماع بما في ذلك، روسيا والصين. والصين الجائعة الى النفط، وتنظر الى تنامي احتمال انفصال الجنوب وعدم استقرار الشمال، فالارجح الا تضع (بيضها) بالكامل في سلة المؤتمر الوطني)! ولكن لنفترض افضل الاحتمالات للانقاذ، وهو تصويت روسيا والصين، واستخدامهما، كليهما او احداهما، لحق النقض ضد فرض عقوبات دولية على السودان، في هذه الحالة، ستتجه الدول الغربية- بضغط من جماعات حقوق الانسان- الى فرض عقوبات من خارج مجلس الامن، كما جرى الحال مع ايران وكوريا الشمالية، فاذا حدث ذلك، فإن عقوبات من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية واليابان، ستؤدي في اوضاع السودان الهشة، الى تداعيات كارثية وربما الى انهيار اقتصادي كامل، ذلك انها ستؤدي الى ايقاف اية اعانات او قروض من هذه الدول المؤثرة، ومن صندوق النقد والبنك الدولي، وبالتالي من الصناديق الاقليمية (العربية والاسلامية)- ولا يمكن هنا الرهان على دعم العرب، باستخدام المناشدات القومية والدينية، فمصالح هذه الدول مع الغرب مما لا يمكن مقارنته بمصالحها مع حكومة السودان، وقد نأت هذه الدول بنفسها عن التصادم مع الغرب في قضية (حصار غزة)- وهي قضية تلتف حولها كل شعوب المنطقة، دع عنك قضية حكومة السودان التي مثار تساؤل وجدل!
    هذا اضافة الى هروب الرساميل من البلاد! وقد بدأت منذ الآن ملامح هذه الظاهرة! وعلى عكس بداية التسعينيات، فان الانقاذ لا تستطيع الاعتماد على تحويلات الحركات الاسلامية السرية، لعدة اسباب، اهمها، انه بعد الحادي عشر من سبتمبر فإن قنوات هذه التحويلات قد تمت محاصرتها لحدود بعيدة، وهذا ما تؤكده تجربة (حماس) حاليا في غزة! وبالنتيجة فإن البلاد ستدخل في دوامة ازمة اقتصادية حادة وخانقة، تؤدي الى تنامي التحركات الاجتماعية، والتي في ظروف البلاد الحالية، ربما تتخذ شكل اضطرابات عرقية وقبلية واسعة!
    * والنقاش هنا، يتجاوز المواقف الاخلاقية الحدية والمنطلقات السياسية العامة، يتجاوزها الى مناقشة الخيارات السياسية العملية، ذلك لانه في المنطلقات الاخلاقية والسياسية العامة يصعب الاتفاق او الوصول الى حلول توافقية، حيث لغالبية اهل دارفور، ولغالبية الديمقراطيين- وانا من بينهم-، موقف ايجابي تجاه المحكمة الجنائية الدولية، باعتبارها تطورا انسانيا، اخلاقيا وقانونيا، هذا بينما للانقاذ مواقفها المعلنة والمعروفة، ولكن مع ذلك ولمصلحة البلاد، فإن السياسة العملية تقضي بانه ما من سبيل لبلاد هشة، كالسودان؛ ان تتصادم مع المجتمع الدولي- واعني الغرب تحديدا-، فبعيداً عن الدعاية والتهريج، لا يمكن لبلاد وحدتها على المحك ان تجازف بترف مصادمة القوي النافذة دوليا! ودع عنك مطلوبات النهضة- حيث توضح التجربة بانه ما من نهضة مستدامة تحققت في التاريخ الحديث في عداء مع الغرب، فحتي نهضة الاتحاد السوفيتي (العظيم) وبسبب عزلتها عن العالم توقفت في حدود معينة ثم انكسرت، ولذا ظلت الصين (الشيوعية)، تستخدم بمهارة وذكاء، ورغم العوائق الايديولوجية، انخراطها في العالم لصالح نهضتها-، ولكن دع عنك النهضة، فبلادنا الهشة تتلقي حاليا ما يقارب المليار دولار سنويا من اعانات واغاثات الدول الغربية لاجل المواطنين في الغرب والجنوب وجبال النوبة والنيل الازرق والشرق والخرطوم!.. اذن فسيناريو المصادمة مع المجتمع الدولي انما يؤدي حتما الى نحر البلاد!
    وللمؤتمر الوطني وقيادته المتنفذة، ان يختاروا الانتحار، ولكن ما من مبرر وطني ، ولا مبرر اخلاقي واحد، يسمح لهم بأن يأخذوا معهم الشعب السوداني بالتهديد والابتزاز لتنفيذ عملية انتحار جماعية، بلا افق، وبلا هدف، سوي ارضاء المصالح الايديولوجية والشخصية للمتنفذين في المؤتمر الوطني!
    * وكذلك ستؤدي الاوضاع الراهنة حتما الى انفصال الجنوب، اما عبر الاستفتاء، او باعلان من طرف واحد! وبطبيعة النظام في الخرطوم، وطبيعة سياساته التي ضربت وتضرب الثقة بين الشمال والجنوب، فان القضايا العالقة-كالنفط، وحقل هجليج، والحدود بين الشمال والجنوب، وابيي، والديون، والمياه..الخ-، وغض النظر عن اية اتفاقات تبرم، هذه القضايا ستحسم وترسم بالدم!
    وفي افضل السيناريوهات الممكنة- حين يضبط الطرفان- المؤتمر الوطني والحركة الشعبية- نفسيهما من الاضرار بمنشآت النفط، ستتطور الحرب التي تبدأ على الحدود، الى حرب بالوكالة اكثر اتساعا- فيدعم المؤتمر الوطني المليشيات القبلية في الجنوب (بهدف درفرة الجنوب)، وتدعم في المقابل الحركة الشعبية مناصريها في جبال النوبة والنيل الازرق، وربما تدعم لاحقا حلفاءها في دارفور، وحتي في حال عدم تطور حروب الوكالة هذه الى حرب مفتوحة، وعدم انهيار النظام في الخرطوم، فإن الحرب في حدودها الدنيا ستحول موارد الشمال والجنوب معاً الى المجهود العسكري، وفي حالة الشمال، بعزلته الدولية والاقليمية، فان الازمة الاقتصادية ستؤدي الى قلاقل اجتماعية واسعة، وفي ظل القمع الشديد المتوقع للقوي الديمقراطية والمجتمع المدني، غالبا ما تتخذ شكل توترات عرقية وقبلية!
    * وكل هذا، مأخوذاً، مع التعبئة العنصرية والدينية الناجمة عن انفصال عدائي، سيؤدي الى ازدياد القلاقل العرقية في الخرطوم، والى ازدياد نشاطية العصابات الفاشية، ومن ثم الى اصطدامات واسعة، والى حملات تطهير عرقية، تجري في مركز السلطة، وعلى مرأي من العالم، وبالنتيجة، ومهما كانت (شهية) التدخل معدومة، فإن صور مئات الاشلاء على شاشات التلفزيونات، ستؤدي، رغماً عن انف اي طرف،الى تدخل دولي لايقاف (المذابح في الخرطوم!)، فيتم حينها دعم قوات بعثة الامم المتحدة وتحويل تفويضها الى الفصل السابع! فنصل الى نتيجة الاوضاع الراهنة وتتمتها المنطقية- الى عراق جديد! بذات السبب الجوهري لما جرى ويجري في العراق- اي محاولة تفادي استحقاقات التحول الديمقراطي والحلول التوافقية، بسبب الاطماع والخوف! أطماع النظام- اطماع رئيسه ونخبته وحزبه وقاعدته الاجتماعية الضيقة-، واطماع القوي الدولية والاقليمية! واما الخوف فخوف الشعب العراقي. وكانت الثمرة النهائية خسران كل الطامعين! واما الخائفين الذين ضحوا بحرياتهم لاجل سلامتهم الشخصية، فكالمعتاد، لم يجدوا سلاما ولا اطمئنانا، واذ يكافحون الآن لاجل حريتهم فبأثمان اعلى وبكثير من اكلاف مواجهة صدام في حينه!
    * هذه نتائج سيناريو استمرار الاوضاع الراهنة، في احسن حالاته، سيؤدي الى تمزيق البلاد، والى خرابها! وفي المقابل، هناك سيناريو آخر ممكن، سيناريو يتطلب الشجاعة، ان يعلن المشير البشير رغبته في التنحي، ويبتدر عملية الاجماع المفضية لانتقال البلاد الى مربع جديد- مربع دولة كل السودانيين، دولة الديمقراطية وحقوق الانسان والفيدرالية الحقيقية والرفاه الاجتماعي، مربع التوافق والحلول الاجماعية، بما في ذلك التوافق على رئيس جديد، للايفاء بمستحقات الخروج من الازمة داخليا، وبما يفضي الى استخدام المادة(16) من نظام روما لمصلحة المشير البشير نفسه، اما هذا او الطوفان!!.



    السودانى
                  

11-16-2009, 04:39 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    الإثنين 16 نوفمبر 2009م، 29 ذو القعدة 1430هـ العدد 5889


    محلية الخرطوم وحكم القانون

    د . حيدر ابراهيم علي

    اقتحم مكتبي صباح الاثنين الماضي شخص متجهم وخلفه شابان، وبادر أحد الضيوف الجالسين معي بالسؤال: انت مدير المركز؟ فسارعت بالقول: لا.. أنا المدير. فنظر اليَّ أحد الشابين، وخاطبني: عندنا أمر قبض ليك انت. وسألت: خير، ما الجريمة؟فرد قائلا: عدم دفع رسوم الخدمات. وجاءت الى ذهني مباشرة رواية فرانز كافكا «المحاكمة». ففي الرواية يستيقظ «جوزيف. ك» من نومه وقبل أن يبدأ في طقوس الصباح يدخل عليه شخصان ليقولا له أنه مطلوب للتحقيق. ويذهبان به الي غرفة مجاورة، حيث يجد شخصا يعرف أنه المتحري، ويقول له: أنه فعلا متهم وعليه أن يحضر الي المحكمة كل يوم أحد أي يوم عطلته. ويظل يحضر كل يوم أحد دون أن يعرف جريمته، بل في البداية لم يكن يعرف موقع المحكمة. ثم كانت مشكلته بعد ذلك أنه ظل يتوه في ردهات المحكمة كل مرة وكأنها المرة الاولى. وهكذا تستمر الرواية في جو كابوسي محير، وذلك ببساطة لأن القانون خفي ولا يعرفه أحد. وحمدت للانقاذ عبقريتها في انجازات القمع والاذلال بحيث يمكن ان ندخل السجن عشوائيا ولاسباب غير سياسية. ولكن النظام يحكم بقانون غياب القانون. ويتحول المواطن - كما سوف ابين لاحقا - الى مجرد رقم أو كائن غامض غير محدد.
    كان الشخص المتجهم موظف يمثل المحلية يحمل أمر قبض مكتوب عليه: مركز الدراسات السودانية. واعطيته العذر على اساس أنه ممثل هذه الشخصية الاعتبارية. ولكن لم أقف امام محكمة أو متحرٍ قبل هذه اللحظة السابقة لأمر القبض ، وهذا الموظف المشتكي والمكلف بالتنفيذ لا يعرفني ولم يخاصمني امام متحر أو قاض، والدليل على ذلك أنه سأل احد الضيوف هل هو مدير المركز؟ وما ادهشني اكثر ان الامر يحمل توقيع المتحري ووكيل النيابة «احتفظ بالاسمين لاجراءات اخرى». فالمتحري لم ير أية مخالفة في «التحري» مع المدعي بدون متهم. وهكذا يعطى موظف المحلية سلطات تفوق صلاحيات المدعي العام في محكمة عسكرية غير قابلة للاستئناف، خاصة أن وكيل النيابة أصدر أمر القبض بناءً على بيِّنات أو معلومات ادلى بها الموظف. ووكيل النيابة لم يوجه الامر باسم محدد. وحين قلت هذه النقطة للموظف والشرطيين، قالوا: الاسم غير مهم في امر القبض، لان القبض يكون عن طريق الارشاد، أي أن الموظف يشير الى الشخص الذي يقصده وهم ينفذون! وكان يمكن القبض على الضيف لو حاولنا ان نمزح ونقول له أنه مدير المركز. حقيقة لا ادري ما هو القانون أو الامر المؤقت الذي يفوض موظفا عاديا كل هذه السلطات المطلقة؟مثل هذا لا يحدث في دولة القانون التي يهمها عدم ظلم المواطن واحترام انسانيته وصون حقوقه الاولية، والأهم من كل ذلك حفظ المعادلة بين الحقوق والواجبات. ولكن نعيش تحت ظل نظام قمعي يهمه اذلال مواطنيه لكي يضمن الخضوع وليس الاحترام والرضاء، لذلك يوزع وسائل القمع والاذلال على كثير من المؤسسات والمصالح الحكومية. فنظام المحاكم الخاصة لا معنى له في أي نظام قضائي متقدم وعادل، لأن في ذلك اخلال بهيبة وقيمة العدالة.
    رغم كل الانتهاكات التي سببها سلوك محلية الخرطوم، قمت بدفع ما تمناه الموظف ومحليته، كاملا دون أي تفاوض لاحتفظ بحقي في كتابة هذا المقال، ولكي أقوم بمقاضاة المحلية لو وجد في الدستور أو القانون سبيل لذلك. وفي نفس قلت: أمر القبض هين، فقد يفكر مستقبلا أحد عباقرة التشريع للمحليات في تأصيل وسائل اجبار المواطنين على الدفع. ويقرر العودة الى السلف الصالح من الاتراك واحياء طرائقهم الفعالة في جمع الضرائب. ويقدم مقترحا حول كيف نعيد طريقة وضع القطط داخل السراويل وربطها، أو استعمال الخازوق، أو العودة الى الكرباج فهو أصدق انباءً من سياط النظام العام الحنكوشية. قلت استبق أي تطوير وتأصيل ممكن لوسائل الجباية قد تفرضها الازمة الاقتصادية - خاصة والسنة علي ابواب النهاية - ولا بد من تدبير مرتبات امثال الموظف المتجهم الذي عليه الا يكن أي احترام للسن أو الظرف، ففي الذوق ضعف قد يفضي الى تفريط في اموال الدولة.
    ويظن الكثيرون ان الديقراطية هي الانتخابات والبرلمان والتعددية الحزبية، كل هذه شروط ضرورية للديقراطية، ولكن ليست كافية لتطور واستدامة الديمقراطية. فالأساس لأية ديمقراطية هو دولة القانون، حيث تحدد الحقوق والواجبات دون لبس. ففي الحالة التي نكتب عنها تنسى المحلية أن واجبي والزامي قانونيا بدفع الضرائب تقابله حقوق تتمثل في خدمات ملموسة. ولكن تتراكم امام باب المركز اوساخ وبقايا يحملها أي نسيم الى الداخل، وقدمنا العديد من الشكاوى دون جدوى. ورغم موقع المركز داخل المدينة التي تشرف عليها هذه المحلية، وليس قربنا أية حواشات، الا أننا في معركة مع فئران لها هواية غريبة. وهي«لحس» الصمغ الذي يثبت أغلفة الكتب. وما يحيرني كيف وأين تعلمت هذه الفئران هذا «اللحس» المتقن؟وأريد أن أبعد عن نظرية المؤامرة، ولن أنسب للمحلية أي دور في هذه المهارة. وبالاضافة الى الاوساخ والفئران فهناك مستوطنات الذباب، وخلال الامسيات تبدأ دورية الباعوض لاقلاق حضور الندوة وافساد فرحتهم بقيام الندوة رغم العقبات العديدة. الا يستحق كل هؤلاء الاعداء أمر قبض وحتى إبادة مقابل الاموال التي يجب فرضها بالحق وليس بالباطل. وهنا تصبح معادلة الحقوق والواجبات صحيحة، وتكون الدولة التي سلطت على مواطنيها المحليات قد خطت في طريق الحق والعدل.
    وتتميز البلاد الديمقراطية بقدرة المواطنين على الشكوى ومقاضاة الدولة وكل أجهزة الدولة والمسؤولين، دون الاختباء وراء الحصانات والاستثناءات. ولكن لاسباب عديدة يتهيب السودانيون استخدام هذا الحق البسيط. وأخشى أن يكون من الاسباب عدم الثقة لدى البعض خاصة المعارضين للنظام، في الجهاز القضائي. وفي هذه الحالة يصبح من واجب الدولة اعادة ثقة المواطنين في جهازهم القضائي، وذلك من خلال التوعية والتعريف بالاجراءات واللوائح، وتسهيل التعقيدات، وازالة الخوف من طول الاجراءات واللعب بها. ومن هنا كان القول بأن القانون حمار، اذ يحمل الكثير ودون فهم احيانا. وهذا عمل رسمي وشعبي «المجتمع المدني» يتمثل في تمليك المعرفة بالدستور والقانون للناس العاديين، وتشجيعهم على الدفاع عن تأسيس دولة القانون ونشرها. وهذا يتم بأن تكون الدولة وكل مؤسستها وبالذات محلياتها واتصالاتها خاضعة للدستور ثم القانون. وهذه هي ابجديات الديمقراطية، ويأتي بعد ذلك التسجيل للانتخابات أو الاستفتاء أو قانون جهاز الأمن. قصدت أنه بدون دولة القانون تصبح كل هذه القضايا شكليات وموضوعات للجدل والثرثرة الانيقة امام اجهزة الاعلام.
    ولأنني لا أريد أن أفصل بين الكلام والممارسة «وكبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون»، لذلك أريد ممارسة تمرين في الدفاع عن دولة القانون. وبالتالي مقاضاة محلية الخرطوم بسبب الحادثة المذكورة في هذا المقال. وليس المقصود المحلية ولكن وقف الاستخدام الخاطئ لقوانين لا تمتلك غطاءً دستورياً كافياً. وهذا الموقف يمكن أن يمتد الى أجهزة اخرى، ولكن لنبدأ تمرين مقاضاة اجهزة الدولة بحالة فيها بيِّنات انتهاك واضحة. وهذه دعوة لمحام أو محامين للمساعدة في الجوانب الدستورية والقانونية، اي شكل الدعوى. والتزم بتغطية كل التكاليف في سبيل تدشين حملة تمكين المواطنين لمقاومة خصخصة القانون من جهة، ثم ايقاظ الحس عند المواطنين بأن الدولة خادمة لهم وليس العكس. كما ان القانون ملك لهم ويمكن أن يستخدموه ضد أجهزة الدولة حين تتخطى الدستور. وعلينا أن نجعل من مثل هذه القضايا التي تبدو خاصة، قضايا عامة تخدم تطوير الديمقراطية وممارستها فعليا باعتبارها سلوكا يوميا وثقافة مستمرة.

    الصحافة
                  

11-17-2009, 10:27 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    الثلاثاء 17 نوفمبر 2009م، 30 ذو القعدة 1430هـ العدد 5890


    الانتخابات.. هل تحل أزمة الشرعية..؟!

    حيدر طه

    من طبائع السياسة التنافس والصراع والغيرة والحسد والمكايدة والكذب، وهي طبائع حاول مفكرون ومجتهدون، عبر قرون طويلة وجهود مثابرة، تنقيتها من العيوب والنواقص والتشوهات، ولكن ظلت عمليات التهذيب والتشذيب المتواصلة تسير وفق متعرجات كثيرة، تحدد خطوطها، وبصورة عشوائية، القيم في كل مجتمع ومراحل تطوره السياسي والاجتماعي ومدى وعي أفراده ونخبه بدورهم في محاصرة أو مناصرة تلك القيم.
    وفي الدول المتقدمة تسير عمليات التهذيب والتشذيب متناسبة مع خطوات التقدم منذ بدء مرحلة بناء المؤسسات القادرة على غربلة الطبائع من الشوائب، وهي مؤسسات تحاول تنظيم مواعين الصراع والتنافس، توسيعا وتلطيفا، عبر نظام تعددي يقرُّ تداول السلطة وفق انتخابات حرة نزيهة يختار فيه الشعب ممثليه بحرية.
    وتداول السلطة محكوم بفترات زمنية مقدرة تقديرا حكيما وموضوعيا، يمنح الحكومة والبرلمان المنتخبين فرصة إنجاز البرامج الموضوعة بدقة خلال فترة السنوات المحددة بالدستور والقانون، لا يخرج عليها أحد إلا متمردا أو انقلابياً.
    إذن عنصر «الفترة الزمنية» قيمة في النظم الديمقراطية التي تعتمد الانتخابات وسيلةً لتمكين إرادة الشعب، التي تتولد عنها شرعية السلطة والحكم.
    أما في الدول المتخلفة عن ركب الاستقرار السياسي مثل حالة السودان، فالسياسة تحتفظ بطبائعها البدائية دون تهذيب أو تشذيب، فيكون الصراع بلا ضابط، ومواعينه بلا حدود يختلط فيها الموضوعي بالذاتي، والغيرة والحسد والمكايدة هي البهارات الشرقية لمنح الصراع نكهة وطعم «سبايسي»، علها هي في المعتقد واليقين المفاعلات الجوهرية في تحديد العلاقات بين الحلفاء، وأيضا بين الخصوم.
    وفي مثل حال السودان والدول الشبيهة له يميل كثير من الباحثين إلى ترديد مقولة شاعت وسادت في الدول المتقدمة زمنا طويلاً، ثم انتقلت إلى الدول النامية بأن السياسة «لعبة قذرة»، لا يستحي السياسيون من استخدام الكذب والخداع والمراوغات والصراع الشخصي والمكايدات والألفاظ النابية إذا استدعى الأمر.
    وبالطبع هذا قول يخاصم الحقيقة في كثير من جوانبها، وقد يصدق في حالات كثيرة بدت كأنها هي الحقيقة الوحيدة التي تشكل المعيار وتحدد الميزان.
    فالسياسة باعتبارها نشاطا إنسانيا يسعى إلى تجويد فن الحكم، نجدها متخمة بالقيم والمبادئ والأخلاق، كما هي متخمة بالممارسات المفارقة للقيم والمبادئ والأخلاق، مثلها مثل أي نشاط إنساني آخر..
    وعلى ضوء تلك القيم، وعلى مدى عشرين عاماً متواصلة، ظل السودانيون الناشطون خارج حلقات النظام وأفلاكه الكثيرة، المعارضون منهم والمستسلمون، يحاولون تقييم نظام الحكم الذي اشتهر بـ «نظام الإنقاذ» بميزان المبادئ والأخلاق، وبميزان الأعمال والممارسات، كي ينصفوه بلا زيادة أو نقصان، باعتباره حدثاً عارضاً في مسيرة بناء الدولة السودانية، سيأخذ وقته ويذهب جفاء كما حدث لكل الأنظمة الانقلابية السابقة.
    فكانت الموازين تختلف باختلاف مراحل ونوعية التحولات والانتقالات والانقلابات الداخلية، التي تقلب عليها النظام، بدءاً من الاسم والعنوان والهوية والتوجهات والتحالفات، وهي تحولات جرت بوسائل متعددة وأساليب متنوعة، لكسب نوع من القبول والرضاء تضفي على النظام شرعية مركزية مفقودة، ظل يلهث شمالا وجنوبا شرقا وغربا، ممنيا النفس بالحصول عليها مهما طال الزمن.
    ولكن الزمن طال بأكثر مما توقع قادة النظام، فما استطاع الحصول على شرعية مريحة، ولا على قبول مطمئن، رغم محاولته «نكران هويته الإسلامية» في البداية كي لا يخسر التأييد المتوقع لانقلاب عسكري استولى على السلطة بحجة «فقدان النظام الحزبي الديمقراطي الشرعية» وأنه جاء لإنقاذ البلاد دون أن يعي أن الانقلاب نفسه طرح الشرعية كأهم قضية في اهتمام المواطن السوداني، وأهم تحدٍ يواجه النظام «العسكري». وكان أول سؤال هو: إنقاذ السودان من من ومن ما؟
    ولم تنطل الكذبة الأولى على أحد، ولا مرت خدعة «اعتقال الترابي» مرور الكرام. فقد اكتشف السودانيون بحسهم ومعارفهم وعلاقاتهم هوية النظام منذ اليوم الأول. فكانت تلك أول صدمة لمساعي النظام لاكتساب الشرعية التي تعتبر القاعدة الأهم لأي حكم، مهما كان نوعه وقادته. ولكن ظلت المحاولات مستمرة، وكان التفكير الأخرق يرى أن الشرعية يمكن اكتسابها بقوة السلاح، دون أن يدرك أصحاب ذلك التفكير أن قوة السلاح تهب النظام الاستمرارية ولا تمنحه الشرعية.
    ولطغيان ذلك التفكير على العقل البدائي للنظام، نشأت أبشع ظاهرة في تاريخ السودان باستحداث «بيوت الأشباح»، فكان ذلك إمعانا في القهر لا يتناسب مع قيم وتقاليد ومزاج الشعب السوداني، فكانت صرخة كاتب عبقري في ثقل الطيب صالح، عندما فجر سؤاله العنقودي «من أين جاء هؤلاء الناس؟!»
    وظل سؤال الطيب صالح يطرح قضية الشرعية بأوسع معانيها، ليس من بينها القانوني ولا الدستوري، ولكن شرعية منبعها الرضاء والقبول، وهو سؤال ظل قائما ومطروحا ومتداولا منذ ذلك الحين إلى الآن، خاصة أن إرهاصات الانتخابات تساعد على إحياء مثل تلك الأسئلة الجوهرية والمبدئية، خاصة وأن كل مراحل الحكم ظلت مراحل صراعات وحروب تقلل «شرعيته»، وتقلق راحته، على الرغم من أن شاغل النظام الشاغل، منذ انقلابه العسكري في يونيو 1989م، هو أن يحوز على شرعية مركزية بغلاف فيدرالي، كما هو مأمول، أراد أن يحكم بها السودان منفرداً «إلى ما لا نهاية»، وهو أمر، كان منذ البداية مناقضاً لطبيعة الحكم نفسه الذي يعتمد «القبضة العسكرية والامنية» كضمانات أساسية في بقائه في الحكم.
    وقادة النظام أول من يدركون هذه الحقيقة، ولا يدارونها بحيل أو يسترونها بأثواب ديمقراطية شفافة، بل هم أكثر الجهات رغبة في الترويج لهذه الحقيقة، لأسباب عديدة منها إبقاء الزي العسكري هو الايقونة التي تتماسك بها أطراف السلطة، والتي تنفتح بها أبواب النفوذ ويطمئن بها البال، لحظة الناس نيام، مع إبقاء العين الحمرة مفتحة.
    فطبيعة النظام مازالت عسكرية أمنية، ولا يستطيع عاقل أن يجادل في هذه الحقيقة الأبرز والأسطع.. وربما بنود الميزانية وأرقامها تؤكد هذه الحقيقة، فالرقم الأكبر في الميزانية يذهب إلى بند إبقاء القوة والسلطة والنفوذ، بمبرر واحد هو أن البلاد تواجه تحديات عظام لا مفر من ابقاء العين يقظة والديدبان صاحيا، والنواطير «لا تدقس».
    ومثل هذه الطبيعة لا تترك في عقل النظام ولا في مخيلته مجالا لبسط «الديمقراطية» بمضامينها الحقيقية وباشكالها المختلفة على كل مكونات المجتمع، كي تتحول إلى روح تسود وتتغلغل في نشاط كل الفئات والمؤسسات والهيئات والأفراد. والنتيجة أن تعجز «الديمقراطية المصطنعة»، مهما حاول النظام تجميلها وتزيينها، عن تمثيل نفسها كقيمة في العمل السياسي والفكري، لتبقى ديمقراطية حصرية على أهل الحكم والمقربين له، المشمولين بالرعاية والعناية، فهم وحدهم محل الطمأنينة والثقة، وهم أهل الكفاءة والكفاية. أما فتات الديمقراطية فلا ضير أن يوزع بين الآخرين.
    والديمقراطية المعنية والمقصودة ليست تلك التي توزع مثل الكوتات، بالمزاج أو بالنسب والحسب والقربى، إنما هي منظومة دستورية وقانونية مستمدة من روح التعددية والفصل بين السلطات، وتداول السلطة، وحرية التفكير والتعبير، وحرية التنقل وغيرها من الحريات التي تكفلها المواثيق وحقوق الإنسان والمواطنة، وكلها في نهاية المطاف تساعد على وضع معيار مادي ومعنوي متفق عليه لـ «الشرعية».
    وفي هذا المعنى يقول المفكر السياسي دافيد ايترن «قد يقبل المواطن بسلطة الحكم عليه لألف سبب وسبب، ولكن الشرعية هي أن يجد المحكوم أن من المقبول عنده والمناسب له، أن يطيع متطلبات النظام السياسي القائم، إذ يجد أنها تتسق مع قيمه وأخلاقياته وأمانيه، ذلك ليس لمنفعة شخصية مباشرة له، ولكن بمعنى المنفعة العامة وعلى المدى الطويل».
    وبذلك الشرعية هي صفة السلطة التي تخضع أحكامها إلى اعتبارات مبدئية يقوم حولها إجماع عام «قبول ورضاء عام»، ويذهب ماكس فيبر إلى أن النظام الحاكم يكون شرعيا عند الحد الذي يشعر فيه مواطنوه بأن ذلك النظام صالح ويستحق التأييد والطاعة.
    ولم يستوعب قادة النظام هذا المعنى، فعملوا على ممارسة القوة و«الرجالة» كبديل للرضاء والقبول التلقائي، ولكن من طبائع الأمور أيضاً أن العضلات وحدها لا تستطيع الاحتفاظ بالقبضة المتشددة لوقت طويل، فلا بد من أن ترتخي الأعصاب المشدودة قليلاً ولو للاسترخاء، وهنا كان على الحكم أن يبحث عن بدائل للاسترخاء لا تغير في جوهر بنائه، إنما ليضفي على مظهره شيئا من القبول والرضاء ولو بالتنازل عن جزء يسير من بعض سلطاته بالمشاركة أو بالتحالف ليحوز على شرعية مفقودة ظل يبحث عنها لاهثا طيلة عشرين عاما.
    وقد يجادل قادة النظام، في القمة أو في الوسط، أنهم يحظون بشرعية كاملة، برهانها الحشود «المليونية» التي تخرج دفاعاً عن «العقيدة والوطن» أو استقبالا واحتفاءً بالمسؤولين الكبار، ولكن لا أحد يعتد بمثل هذه المظاهر المجربة في عشرات الدول التي يحتكر فيها التنظيم الحاكم السلطة والثروة بكل مصادرها الأساسية، والأمن بكل مؤسساته وأجهزته، والإعلام بوسائله المؤثرة، ومؤسسات التعليم، ومؤسسات الدين الكبرى أيضا، وهي في جملتها تشكل زمام الحركة ومنبع السطوة والسلطة والنفوذ.
    هذه حقيقة تبدد الوهم وخداع النفس.. وآفة معظم السياسيين خداع النفس.
    وهذه رذيلة يكتسبها هؤلاء بـ «التعود»، عندما يكذبون ثم يكذبون، ثم يعيشون وهما وراء وهم إلى أن يظهر العكس ضمن ما يأتي من تطورات وأحداث، قادرة وحدها على تبديد الوهم وإزالة مؤثرات الخداع، ولكن بعد ذلك ورغم ذلك وعزة بالأثم، لا يرغبون في تصديق ما رأوا، ولا يريدون سماع ما أبلغوا، بل يدفنون رؤوسهم في الرمال خشية الحقيقة.
    وأروقة التاريخ وسراديبه مليئة بالنماذج، أشهرهم ادولف هتلر ربما كان نموذجا صالحا وشهيرا عن عواقب الاستغراق في خداع النفس، حتى اكتشف الكارثة التي جرها على «أمته الجرمانية».
    ولأن العواقب على قدر الأفعال.. كانت عاقبته الانتحار، وعاقبة بلده التمزق والدمار والانهيار.
    ولم يصل قادة الإنقاذ إلى مرحلة ادولف هتلر، ولا اقتربوا من تجربته، ولكن في تجربتهم بعض من تجربته، في الاحساس بـ «الرجالة» وهيمنة الفكرة الدماجوجية، وبعض العنصرية الحزبية، والطموح الزائد عن المعقول، والأخذ بمشروع غير قابل للحياة، مهما بذل له من العطايا والضحايا.
    وميزة قادة الإنقاذ أنهم استدركوا الأمر قبل فوات الأوان، وعملوا على إجراء تغييرات، دستورية وقانونية، ولو شكلية بقناعة داخلية أو بضغط خارجي، لاكتساب شرعية ظل النظام يفتقدها منذ استيلائه على السلطة.
    فمن ثمار تلك التغييرات أنهم انتقلوا من حكومة إنقاذ إلى حكومة وحدة وطنية، وهو انتقال تعشموا أن يمنحهم «شرعية» بمشاركة الحركة الشعبية لتحرير السودان. ولكنها شرعية أضحت محل شك بعد الخلاف المرير بين الشريكين، بجانب شكوك أخرى منها عدم الاستقرار، وعدم المساواة، والحروب التي مازالت قائمة في دارفور وبعض مناطق الجنوب، والمتغيرات المفاجئة في السياسات والتوجهات من دون مشاركة الشعب، والغموض الذي يكتنف مبادرات الحكومة، واختلال العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وهي علاقة قلقة في معظم الأحيان، ناتجة عن ممارسات «تعتبر غريبة» غير مستساغة منها على سبيل المثال لا الحصر، وجود النظام العام وما يعبر عنه بقهر الشارع، دون وجه حق، وتفشي الفساد دون محاكمات.
    إذن النظام يحتاج إلى شرعية مختلفة وحقيقة مازالت مفقودة، وهو يلهث الآن لاكتسابها عبر الانتخابات المقبلة التي تمثل فرصة سياسية للولوج إلى مرحلة جديدة، بشرط أن تكون الانتخابات نزيهة ونظيفة وحرة.
    وبالطبع لن تكون نزيهة إلا إذا منحت كل القوى السياسية الفرص نفسها التي يتمتع بها المؤتمر الوطني الحاكم، في الحملات الانتخابية، والتمويل والرقابة والتسجيل.
    وهذا أمر صعب، ويكاد يكون مستحيلاً، لأن الواقع الحالي ينفي ذلك، فالمؤتمر الوطني حزب حاكم يهيمن على وسائل الإعلام المؤثرة، ويملك الإمكانيات المادية والمالية غير المحدودة، ويملك جيوشاً من الموظفين الذين يستغلون مواقعهم ومراكزهم ونفوذهم في الانتخابات.
    والمؤتمر الوطني يدرك هذه الحقائق كما تدركها الأحزاب الأخرى، وهي متشككة في إمكانية خوضها انتخابات في ظروف غير متكافئة، وهو ما يقلل من فرص أن تتحول الانتخابات إلى حدث مفصلي يفضي إلى بناء شرعيات حقيقية تتخلص فيها البلاد من «الشرعيات المعدومة والناقصة والمختلة والمعتلة..»
    ومن أجل الانتقال إلى مرحلة الاستقرار، وليس الاحتفاظ بواقع الاستمرار، على من يهمهم الأمر أن يتخلوا عن خداع النفس، لأن عواقبه وخيمة، أقلها أن يتفتت السودان، فلا جنوب ولا دارفور.. والحبل على الجرار.

    الصحافة
                  

11-19-2009, 09:22 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    أنموذج وعنوان المرحلة!

    الحاج وراق


    الأعمدة - مسارب الضي


    الخميس, 19 نوفمبر 2009 07:37



    * ينقل مجلس الوزراء جلساته احياناً الى خارج العاصمة، بقصد التركيز على قضية معينة، حيث تنقل الجلسات الى مدينة ذات صلة بتلك القضية، وخطوة كهذه، خلاف جدواها الحقيقية، فانها تدخل مدخل (العلاقات العامة)، وهي مطلوبة لاي سلطة، دع عنك السلطات التي يؤرقها افتقاد الشرعية! وفي آخر الإنتقالات، وللتركيز على الاستثمار، عقد مجلس الوزراء جلسته بمدينة الدمازين بتاريخ29/10، لما يمكن ان تشكله ولاية النيل الأزرق من وزن في جذب الاستثمار الزراعي، ولأهمية الاستثمار عموما، وللانقاذ خصوصا، وحسب ضرورات (العلاقات العامة) ، فقد حُشدت للجلسة كافة وسائل الاعلام- من تلفزيون واذاعة وصحف، وقد مثلت بأعلى مراجعها ومناديبها!
    في هذه الجلسة المشهودة طلب المشير البشير من وزير الزراعة د.المتعافي (تقديم تجربته الشخصية عن الاستثمار الزراعي)... والذي قال بأن لديه (10آلاف فدان و12 الف نعجة و50بقرة استطاع ان يحقق في الموسم الماضي400مليون جنيه أرباحاً..)! (صحيفة الصحافة30/10).
    * والواضح ان المشير البشير يقدم وزير زراعته كأنموذج لجدوى الإستثمار الزراعي، ولكنه إذ يفعل ذلك يغفل عن حقيقة أساسية، ان هذه الوضعية تشكل مخالفة صريحة لمطلوبات واشتراطات الوظيفة الدستورية العامة، وهذه بداهة، لأن وزير الزراعة إذ يستثمر في الزراعة فانه يدخل فيما يسمى بتضارب المصلحة، حيث لديه سلطة على الاستثمار في الزراعة، ولديه معلومات لا تتوفر لغيره، وهو الذي يصدر القرارات ذات الصلة، وما من ضمانة بألا يصدر القرارات التي تتلاءم ومصالحه الخاصة!
    ومصطلح تضارب المصلحةinterest conflict of من المفاهيم المركزية في مفاهيم شغل الوظائف، ولذا تهتم به الدساتير والقوانين في كافة البلدان، بما في ذلك السودان، وهو من أولويات ما يجب ايضاحه وشرحه لكل موظف عمومي. وقد عرفته منظمة الشفافية العالمية بـ(الوضعية، حيث يُواجه الافراد أو الوحدات التي يعملون بها – سواء في الحكومة أو القطاع الخاص أو الاعلام او في منظمة مجتمع مدني- يُواجهون بالاختيار بين مسؤوليات ومطلوبات مواقعهم الوظيفية ومابين مصالحهم الخاصة أنفسهم).
    * وليس مصادفة إهتمام منظمة الشفافية العالمية بـ(تضارب المصلحة)، حيث يشكل أحد أهم اسباب الفساد، الذي تهتم بمكافحته، فهو يؤدي الى فساد عظيم، حين تكون لمتخذ القرار مصلحة خاصة في القرارات التي تقع تحت سلطته – حين تكون لديه (عمولة) خاصة في مشتروات مرفقه او لديه علاقات (خاصة) مع إحدي الجهات ذات الصلة، أو لديه (عمولة) عند التصرف بالبيع او الخصخصة لاحدى الوحدات تحت سلطاته، او لديه مصلحة حزبية او شخصية لارساء العطاء لهذا الشخص او ذاك، او لتوظيف هذا او ذاك في منصب ما، ويتحول الفساد الى اطار مؤسسي عام حين تختطف الدولة لصالح حزب ما، ثم وبتداعيات عملية الاختطاف نفسها، يتحول الحزب الى اشخاص، وبالتالي تُجير الدولة كلها لخدمة اشخاص بعينهم! وبالنتيجة يتحول الفساد الى اطار العيش العمومي في البلاد! وقد انتهت بلادنا الى هذه الوضعية بسبب الانقلاب (الحزبي)، ومصادرة الديمقراطية، وتركيز السلطات وانعدام الشفافية، وضعف سيادة حكم القانون، وتقييد حرية المعلومات وحرية التعبير، وبالتالي ضعف المساءلة والمحاسبة من قبل الشعب، مما جعل في النهاية (تضارب، المصلحة)، ليس انتهاكا صريحا لشروط الوظيفة العامة، وانما انموذج ملهم للاقتداء!!
    * وقد ادت هذه النتيجة، وكما المتوقع، الى تكلفة البلاد اثمانا باهظة، يمكن ملاحظتها بالمراقبة العادية- في الفيلل الناشئة، والتي تكلف الواحدة منها ما لايقل عن المليون دولار، ويملكها موظفون عموميون لو انهم ادخروا كل مداخيلهم الشرعية طيلة حياتهم لما تمكنوا من بنائها! ويسمع السودانيون في مجالسهم الخاصة عشرات القصص ,من مصادر ذات صلة مباشرة, عن قصور ألف ليلة وليلة التي بدأت تظهر في الخرطوم، عن الستائر التي تفتح بالريموت كنترول والموائد التي تتدلى رهن الاشارة واحواض السباحة التي تحاكي في مخمليتها منتجعات سويسرا، وكلها لموظفين عموميين يجمعون ما بين (الامارة) و(التجارة) او ما بات يسمى حاليا بالشطارة!... وما تعطيه الملاحظة العادية تؤكده التقارير الدولية المنهاجية والموثوقة، حيث تشير تقارير منظمة الشفافية العالمية الى ان السودان في عام2006م قد احتل موقع الدولة رقم (159) من (180) من حيث الفساد وعدمه. ومما يؤكد بأننا مندفعون بقوة في الاتجاه الخاطئ، انه في عام2007م تدهور وضع البلاد الى الدولة رقم (174), ثم تدهور ليصل في آخر الاعوام، كما اعلن الآن لحظة كتابة هذا المقال، الى الدولة رقم(176)، اي الى احد الدول الخمس الاكثر فساداً في العالم!!
    * وربما يحاجج احد الانقاذيين بان(تضارب المصلحة) من مفاهيم الغرب (الصليبية) و(الصهيونية) التى لاتقبلها الانقاذ، بسبب إلتزامها بالاصالة الاسلامية! ولكن للمفارقة، لايمكن استخدام حتى مثل هذه الحجة المبتذلة، وذلك لان دستور السودان لعام2005م، الذي صاغته الانقاذ بنفسها، ينص في المادة(75) الفقرة(2) على الآتي:(لايجوز لرئيس الجمهورية او لأي من نائبيه او مساعديه او مستشاريه او رئيس حكومة الجنوب او الوزراء القوميين او اي من شاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية الاخري، مزاولة اي مهنة خاصة او ممارسة اي عمل تجاري او صناعي او مالي اثناء توليهم لمناصبهم، كما لايجوز لهم تلقي اي تعويض مالي او قبول عمل من اي نوع من اي جهة غير الحكومة القومية او حكومة جنوب السودان او حكومة ولائية كيفما يكون الحال.).
    إذن ما جري في الدمازين يوم29/10 إنما انتهاك صارخ للدستور! والدكتور المتعافي، وكما هو واضح، ليس أنموذجا يحتذى وانما مرتكب لمخالفة جسيمة للدستور! وبالتالي فان المشير البشير، اذ يقبل هذه الوضعية، دع عنك ان ينوه بها كأنموذج، إنما ينتهك كذلك الدستور!
    * وربما كان المشير البشير على غير اطلاع كاف بمفهوم تضارب المصلحة وبالدستور، ولكن ان تكون كذلك الحال لدى مستشاريه الكثر، خصوصا مستشاريه القانونيين، فهذا مما لايمكن التغاضي عنه، خصوصا وان البلاد تدفع دم قلبها على القصر الجمهوري، فقد وصلت ميزانيته في عام2009م ، كما سبق ان اوضحنا, الى235 مليار جنيه (بالقديم) بينما ميزانية دعم العلاج بالمستشفيات 18 مليار جنيه ودعم العلاج بالحوادث19 مليار جنيه ودعم الادوية المنقذة للحياة57.5 مليار جنيه!! والأخطر أن انتهاك الدستور هذا قد مر مرور الكرام في مجلس الوزراء، دون ان يرفع ايما احد صوته بالاعتراض! فاذا كان جميع اعضاء مجلس الوزراء لا يعرفون الدستور الذي اقسموا على صيانته، فهذه مصيبة! وأما اذا كانوا يعرفون ولكنهم لايجدون الشجاعة المعنوية الكافية للصدع بآرائهم-وهذا الاحتمال الارجح- فهذه مصيبة اكبر!!
    مصيبتان، لأننا نمر حاليا بأعقد وأخطر لحظات تاريخنا منذ الاستقلال، لحظة تتطلب المعرفة والاستقامة والشجاعة المعنوية، هذا في حين، ان جميع اعضاء مجلس الوزراء اما لايعرفون- حتى مطلوبات شغلهم لوظائفهم بحسب الدستور، او لايملكون الشجاعة المعنوية للاعتراض على انتهاك الدستور جهارا نهارا!!
    * واذ يُنصب المتعافي – المتورط في تضارب المصلحة والمخالف للدستور- كأنموذج معلن للوزير الناجح،فهذا انما يعبر عما آلت اليه اوضاع البلاد، بل واوضاع الانقاذ نفسها,فيما يتعلق بمواصفات ومقاييس شغل الوظيفة الدستورية! وصلت الاوضاع الى تتمتها ومنتهاها! تتحول المخالفة الى فعل مشروع, ثم الى بداهة، ثم الى معيار وانموذج! في السابق كانت استثمارات المتعافي في الظل، يدور الحديث عنها بالهمس والخفاء، ثم طال الزمن، فجرؤ وهو والٍ في لقاءات صحفية الى الحديث العلني عنها، ثم صار يفخر بها، وكالمعتاد، اندفعت حينها عديد من (الكتابات) للاشادة بشطارة الوالي في الجمع بين التجارة والامارة! والخطوة الاخيرة، تحول ما كان ينظر إليه كمخالفة، الى استثناء محمود، ثم الى قاعدة عامة، والى معيار لقياس المسؤول الناجح!!
    وانه لدليل ما بعده دليل الا يجرؤ مستشار واحد، ولا وزير واحد، ولا المحكمة الدستورية، على الاعتراض على هذا، دليل ليس فقط على تدهور مواصفات ومقاييس الوظيفة العمومية، وانما كذلك دليل على المآل الذي ينتظر البلاد!
    * وقد امتلأت بلادنا حاليا، وبسبب الفساد، بنفايات الصناعة الصينية! ويمكن لهيئة المواصفات والمقاييس ان تدبج ما تشاء من بيانات العلاقات العامة التي تتحدث عن دقتها في المتابعة والتقصي والتحقق، ولكن ايما مستهلك سوداني يعلم يقينا ما آل اليه الحال- يعلم ذلك من الحنفيات المضروبة والكوبسات التي تحترق لحظة ادخالها ومن الاجهزة الكهربائية الرديئة والتافهة ومن (الكبابي) المطرشقة.. الخ.وهكذا انتهت بلادنا، وبسبب طبائع الاستبداد، الى تدهور وانحطاط شاملين، في كل المجالات، وكل الاوجه, في الخدمة العامة,و في التعليم، وفي الصحة، والبيئة، وفي الاعلام، والأخلاق العامة! وفي الخدمات والسلع بدءً من الكبابي وانتهاءً بالكيزان- اي انتهت الى تدهور مريع في مواصفات ومقاييس الاستبداد نفسه!.. وهذا في اخطر لحظة من لحظات تاريخها الحديث!!.. ألا فليحفظ الله تعالى السودان!


                  

11-23-2009, 10:53 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    ]الإثنين 23 نوفمبر 2009م، 6 ذو الحجة 1430هـ العدد 5896


    ديمقراطية بلا ديمقراطيين

    حيدر ابراهيم على


    من المتوقع أن يشهد السودان أغرب انتخابات في تاريخه، في حالة قيامها في ابريل القادم.
    وقد سبقني الاخوان: حيدر طه وخالد التيجاني، قبل ايام، حول جدوي وجدية انتخابات في مثل الظروف الحالية. وقد كتبت قبل فترة قصيرة ورقة بعنوان: «هل الانتخابات ضمانة للديمقراطية؟» ومن عجائب الانتخابات الحالية أنها مزورة مقدما، أي من مرحلة التسجيل، بسبب الخروقات الكثيرة والمبتكرة التي تم رصدها في الايام الاولى للتسجيل. فهي تقوم تحت اشراف حكومة غير منتخبة ديمقراطيا أو حكومة قومية أو اشراف دولي، كما حدث في اول انتخابات تحت لجنة الهندي سكومار سن (Sukumar Sen)
    وعضوية مصري وبريطاني وامريكي وسودانيين. وكل الانتخابات التي اعقبت الانتفاضات الشعبية في 1965 و1986م وكان في الحكم حكومات قومية. وفي انتخابات عام 1958و 1968 كانت الحكومة منتخبة ديموقراطيا، وهي التي اختارت لجان الانتخابات. وهذه المرة سوف تجرى الانتخابات تحت حكومة ليست لديها شرعية شعبية، ولكن شرعية اتفاقية السلام الشامل المضمونة دوليا وليس بواسطة الشعب السوداني. لانه لم يتم استفتاؤه ولا اشراك كل احزابه. ولكن الشعب السوداني أعطى الاتفاقية وليس حكومة الوحدة، تأييده ومساندته لحرصه على السلام والتحول الديمقراطي وفقا لبنود وروح الاتفاقية. ويخطئ من يظن أن العملية الانتخابية هي أن يرمي المواطن ببطاقته الانتخابية في صندوق الاقتراع ، فهذه الخطوة الاخيرة والاسهل في الانتخابات. فالانتخابات تبدأ منذ اليوم لاعلان تاريخها. وهذه ما نطلق عليه اسم الحملة الانتخابية، وهي بدورها يجب الا تتأخر، وإن القوى تسخن دائما- بالطريقة السودانية- يوم وقفة العيد. وهذا ما يحدث تماما الآن، فحتى اللحظة لم تبدأ حملة انتخابية متواصلة ومكثفة ومثابرة. وبالتأكيد يصعب قيام الحملة الانتخابية مع احتمال وجود مضايقات أمنية معلنة أو ممكن خلقها. وهذه معادلة صعبة أن تقوم بحملة انتخابية ديمقراطية حقيقية مع وجود جهاز أمن وضع قانونه نظام شمولي قمعي حريص على تأمين وجوده. وبالمناسبة لا بد من جملة اعتراضية بخصوص «قانون الامن الوطني»، فهناك من يريد ادخال النقاش وبخبث شديد في ثنائية أو مع/ضد، وهؤلاء من صنف الصديق الجاهل أو المغرض. إذ لا يوجد في الدنيا مواطن مخلص لوطنه يدعو لكي يكون وطنه مكشوفا امنيا. ولكن الخلاف حول كيف يمكن أن يكون جهاز الامن اسما على مسمى؟ أي جهاز أمن وطني أو قومي حقيقة، وتوجه كل امكانياته لحماية الوطن اولا واخيرا وليس حماية نظام. ولسوء حظ الوطن وجهاز الامن أن تطوير الجهاز تم طوال تاريخ السودان تحت نظم دكتاتورية، وظفت جهاز الامن واختزلته في ان يقوم بحماية النظام واحيانا حتى حماية الرئيس فقط. لذلك نحتاج ونحن مقبلون على انتخابات مهمة ومصيرية، نحتاج الى جهاز أمن قومي وديمقراطي. وهل سوف يسأل البعض: هل يمكن ان يكون جهاز الامن ديمقراطيا؟بالتأكيد، حين يخضع الجهاز للدستور ولا يعطي سلطات استثنائية فوق الدستور، وأن يحمي- في الحالة الراهنة- التحول الديقراطي ويدافع عنه. لقد اسهبت في هذه النقطة، خشية أن تحدث انحيازات تخرج الجهاز عن قوميته وتجعله لاعبا مؤثرا في سير الانتخابات.
    وتقود مسألة نقاش الجهاز الى ما يسمى اجواء الانتخابات، وهي مزاج واتجاهات وسلوك ذات
    توجه ديمقراطي كامل مشغول بتفاصيل الانتخابات بدون معوقات أيّا كان شكلها أو مصدرها. فهل نعيش الآن اجواء انتخابات تنتشر فيها المتطلبات المذكورة؟ وتتردد الشكوى من غياب هذه الاجواء، وترجع الاحزاب ذلك الى ممارسات المؤتمر الوطني. وتعود الاحزاب المعارضة الى ممارسة هوايتها في الاستجداء والتوسل. فهي تريد منه أن يغير هذه الاوضاع؟وكيف تتغير هذه الاوضاع؟التغيير جزء من معركة الديمقراطية التي تتطلب النضال والتضحية والبذل الصادق. وللأسف المعارضة مازالت تعيد انتاج خيباتها وسلبياتها وفشلها، ولم تتعلم شيئا. فهي ترى في توقيع المواثيق والمذكرات وعقد المؤتمرات المغلقة، وتنسى أو تتجاهل وتتناسى تماما وجود ما يسمى: الجماهير، الشارع، القواعد، الاتباع. وبالمناسبة الا تخشى ان يختفي هذا «الكائن العنقاء» عندما تستدعيه اللانتخابات، ويغيب آنذاك انتقاما او كسلا، لأن طول الجرح يغري بالتناسي. وقد استبطنت المعارضة وهم أن المؤتمر الوطني قادر على كل شيء ولا يقهر. وهناك الكثيرون لم يسجلوا للانتخابات باعتبار ان المؤتمر الوطني سيفوز بالتأكيد، ليس لانه صاحب الاغلبية، ولكن لقدرته على التزوير. وتنسى المعارضة أنها هي التي تشجع المؤتمر الوطني على التزوير والاستئساد عموما بسبب تقصيرها في القيام بدورها وواجبها الوطني والشعبي. وهناك امثلة عديدة لعجزها عن فرض أهم مبادئ اتفاقية السلام الشامل: التحول الديقراطي. فماذا فعلت المعارضة لكي تجعل هذا المطلب حقيقة؟
    وهناك عدد من المجالات تحتاج لخطوات عملية تهدف في النهاية الى اضعاف الهيمنة الشمولية وتمهيد الطريق الى التحول الديمقراطي. وهي: الغاء القوانين المقيدة للحريات، الاستخدام القومي لاجهزة الاعلام، الفصل بين الدولة والحزب لمنع استغلال امكانات الدولة في العمل الحزبي، وقف اختطاف الحزب للنقابات والاتحادات المهنية والطلابية، واغراق المجتمع المدني بمنظمات حكومية، وقف الامتيازات الاقتصادية والمالية بسبب الانتماء الحزبي، ردع وملاحقة الفساد، وقف تدهور التعليم. كل هذه معارك كان يمكن للمعارضة أن تخوضها خاصة وهي قد دخلت البرلمان، واظن ان هذا هو مبرر دخولها الذي ساقته لنا حين سألنا عن جدوى المشاركة الهزيلة، يضاف الى ذلك وجود وزراء تقلدوا مناصبهم باسم التجمع الوطني المعارض! ورغم الرقابة القبلية فقد شهدت الصحافة انفراجا نسبيا لم تستغله المعارضة لطرح قضاياها وحصار المؤتمر الوطني. ولم تستخدم المنابر المفتوحة الندوات والاحتفالات الجماهيرية والنشاط الفكري للمجتمع المدني والاكاديمي. وموضوع مثل الفساد كان يمكن ان يكون معركة فعالة انتخابيا، وتقدم لهم الحكومة نفسها البيِّنات والأدلة من خلال تقارير المراجع العام وتقارير مجالس الولايات والتحقيقات الصحفية. ولم تفكر الاحزاب تشكيل لجنة من محاميها الكثر تكون مهمتها ملاحقة المفسدين قضائيا، وبالتالي وضع المؤتمر الوطني في حالة دفاع مستمر عن النفس. وفي هذا تشتيت لجهد الحزب الذي لا يقهر، ولكن المؤتمر الوطني فرح بمعارضته، ولذلك هو فعّال لم يريد، يكتسب قوته من ضعف خصومه ومعارضيه. وأهم خدمة تقدمها المعارضة للمؤتمر الوطني هي أنها تسد الطريق امام أية اشكال جديدة للمواجهة، باعتبار ان مثل هذا العمل شق للصف الوطني، ومن السهل اعتباره مؤامرة ونسبه للمؤتمر الوطني القادر على فعل المستحيل. وهذه الايام يعبث المؤتمر الوطني بالتسجيل كما يريد، والمعارضة وجدت مخزونا للقصص المسلية عن التسجيل، وتكتفي بالحكايات الغرائبية لممارسات. ولم تستطع حتى الآن وقف المخالفات والانتهاكات، وسيجعل المؤتمر من هذا التزوير أمرا واقعيا في النهاية، ويستخدم هذه السجلات في انتخابات زوّرت مبكرا. ومن مظاهر العجز، انتخابات اتحاد طلاب جامعة الخرطوم التي اكتسحها الاسلامويون باغلبية «5» آلاف صوت رغم ان عدد الطلاب «24» الف طالب. وبالتأكيد أن الخمسة آلاف هي كل المؤيدين والمتعاطفين مع الاسلامويين، فهم حريصون على مشاركة أي صوت مؤيد، بينما ركن الآخرون الى حقيقة انهم اغلبية بالقوة وليس بالفعل- كما يقول الفلاسفة.
    ومن ناحية اخرى يتسائل المرء: من أين جاءت هذه الصحوة الديمقراطية بديلا للصحوة الاسلامية، وطالت الجميع حتى نافع علي نافع؟وهذه احدى مسرحيات الاسلامويين، وهم الذين انقلبوا على نظام ديمقراطي كان لهم فيه «51» نائبا. وهم الذين ظلوا يعتبرون الديمقراطية وحقوق الانسان «حصان طروادة» لاختراق المجتمعات الاسلامية ولاضعاف مشروعهم الحضاري بالذات. ولذلك حققوا اسوأ سجل لحقوق الانسان في العالم لفترات طويلة، مما استوجب وجود مراقب من الامم المتحدة في السودان. وفجأة يتحول الاسلامويون من ثقافة بيوت الاشباح والطيارة طارت، الى الحديث عن الديمقراطية وكمان النزيهة! وهذا التغيير سببه ثقة مطلقة بالقدرة على كسب الانتخابات بكل الوسائل الشرعية وغير الشرعية وبالذات الاخيرة. فقد استدعوا كل خبراتهم طوال عشرين عاما في انتخابات المحامين والأطباء والصحافيين والطلاب وحتى في مؤتمراتهم الدورية. ويظل السؤال قائما: هل يؤمن الاسلامويون صدقا بالديقراطية بالآخر المختلف؟بالتأكيد لا، فهم يضيقون ذرعا حين تجتمع احزاب معارضة في جوبا ويهاجمونهم بافحش الكلام وهذا ما يميز اعلامهم. فالمؤتمر الوطني يعتقد ان أية حكومة يجب ان تكون بلا معارضة. وكل معارضة خيانة وكل خيانة لهم للنار. وليس في اخلاقهم قبول الآخر، ولكي لا ننسى، علينا ان نتذكر أيامهم الاولى.
    إن الفترة القادمة للديمقراطية ليست في حاجة الى صاحب أغلبية عددية فقط، ولكنها في حاجة الى برامج جديدة تقوم باصلاح تخريب العقدين الماضيين، فالفائز بالانتخابات القادمة عليه النهوض بهذا الوطن الذي يحتل قاع التخلف. والمؤتمر الوطني ليس مؤهلا لاحداث التغيير بعد أن خبرناه عشرين عاما. فالاسلامويون ليسوا دعاة ديمقراطية، ولكنهم يغيرون وسائلهم في التمكين، وهذه المرة تقتضي الظروف استغلال صندوق الانتخابات عوضا عن الدبابة.
    وفي النهاية، لا بد من ملاحظة تؤكد غياب الديمقراطيين الحقيقيين في العملية الديمقراطية الراهنة. فمن الواضح ان العناصر ذات الماضي الشمولي هي التي تقود عملية الانتخابات. ويظهر هذا جليا في تكوين اللجنة الوطنية للانتخابات، اذ لم يعرف عن رئيسها واعضائها أي تعامل مع نظم ديمقراطية منتخبة، فقد كوّن اغلبهم خبراتهم عن الانتخاب من انتخابات الاتحاد الاشتراكي اي انتخابات الحزب الواحد. لذلك تعوزهم الخبرة والموقف ايضا في كيفية ادارة انتخابات تعددية يشترك فيها اكثر من حزب. ولأن السودانيين مجاملون فلم يتطرقوا لهذه الحقيقة المهمة. فأنا لا اشكك في كفاءة السادة الفنية البحتة، ولكنني لست متأكدا من انحيازاتهم والتزاماتهم الديمقراطية. وسؤال آخر: هل يمتلكون السلطة المعنوية لوقف تجاوزات المؤتمر الوطني باستخدامه سلطاته المادية المختلفة؟
    هذه الانتخابات المصيرية يبدو أنها تأتي في أسوأ فترة الانحطاط السياسي في السودان، ولكن الكارثة الكبرى هي ان كل الارهاصات تدل على أن هذه الانتخابات لن تقوم في ابريل. وكل هذا المولد هو مجرد عرض ردئ لا يعبر عن المواقف الحقيقية. فالمؤتمر بتعنته ومواقفه الشمولية، يريد دفع المعارضة الى اعلان المقاطعة. وهنا يقول للعالم: الا ترون لقد عملنا من أجل الانتخابات وها هي المعارضة تنسف كل شئ! ونحن موعودون بفوضى في أبريل القادم، ستكون بروفة للفوضى الشاملة المؤجلة.

    الصحافة
                  

11-24-2009, 05:05 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    المؤتمر الوطني ... الانشقاق الانشطاري ..

    بقلم: ابوذر علي الأمين ياسين


    الاثنين, 23 نوفمبر 2009 16:05




    ]
    يمثل تحدي الانتخابات القادمة أكبر مسرح لعرض آخر (تطورات) الانشقاقات الحزبية التي تمثل بدورها واحدة من ثوابت التاريخ والنشاط السياسي منذ الاستقلال. لكن العرض القادم عرض منفرد، سيكون مسرحه حزب المؤتمر الوطني. ذلك أن المفارقة لتجارب الانشقاقات السابقة تكمن في أن حزب المؤتمر الوطني طابق نفسه وتماهي مع الدولة. فضاعت الحدود بين الدولة والحزب، فلا تمييذ بينهما، وهذا أقوى مظاهر الآزمة التي يعيشها المؤتمر الوطني وهو مقبل على الانتخابات. أما المعضلة فتتمثل في أن الانتخابات القادمة ليست انتخابات تنافسية بالنسبة للمؤتمر الوطني، بمعني تحتمل الربح والخسارة، بل هي بالاساس (معركة) بقاء أو نهاية. وتبقى تجربة المؤتمر الوطني نموذجية ومستوفية للنهايات المنطقية لتراكم التجارب والارث الانشقاقات الحزبية!!. فخلافاً لسابق التجارب والتي تكلس فيها الحزب، وثم تعفن من فرط الدوام على حال وايقاع واحد، ثم يصبح المناخ ضمنه غير قابل للتطور، فينتهي لاكتساب نمط (الاميبيا) التي لا تتوالد وتتكاثر إلا بالانشطار وهي تحمل ذات خصائص الجسم التي انشطرت عنه.
    المستغرب في ايقاع النشاط السياسي الذي (صحصحته) الانتخابات المقبلة أن اهتمامات القوي السياسية المعارضة مجتمعة تعلقت بالتسجيل وقوانين الحريات وترتيب التحالفات وما إلى ذلك. في حين أن المؤتمر الوطني يعيش حالاً آخر لا ارتباط له أو تأثر بما تثيره أو تنشط فيه القوى السياسية الاخرى، وكأن عالمه الانتخابي لا ارتباط له بواقع فيه ناشطين آخرين سواه سيخوضون ذات الانتخابات وعلى ذات المقاعد وكل يرجو ويعمل للفوز فيها. والملاحظة الرئيسية هنا أن مرحلة التسجيل لم تشكل هاجساً للمؤتمر الوطني الذي تجاوز ذلك للداعية الانتخابية ذاتها. وهذا يعني أن ترتيبات المؤتمر الوطني الانتخابية اكتملت قبل وقت طويل، وأن المرحلة الان هي مرحلة حشد الاصوات المضمونه وترتيب أوضاع الاخرى غير المضمونه وعلى كافة المستويات. والذي يؤكد كمال استعدادات المؤتمر الوطني وقبل أكثر من ثلاث أعوام ما ورد بوثيقة (الرؤية التنظيمية) في تفاصيل عدد الناخبين والذي يبلغ بحسب تلك الوثيقة (19.500.770)، أما كيف تطابق هذا العدد مع مخرجات التعداد السكاني الذي جري العام 2008م فلا اجابة له سوى أن الأمر أعد وبدقة وقبل زمن ليس بالقليل. هذا اضافة لترتيبات تخص السجل الانتخابي والذي أوردت فيه (وثيقة الرؤية التنظيمية) هذه العبارة (السجل يفتح مرة واحدة ويقفل نهائيا) وبهذا التحديد!!. وهناك الكثير وضمن عدد من الوثائق (جري تناولها كل على حدة) يؤكد أن الاستعداد للإنتخابات التي تسبق حق تقرير المصير قد بلغ الآن مرحلة التمحيص والتدقيق والتجويد. وأن اللاعب الوحيد فيها سيكون هو المؤتمر الوطني حصرياً!!؟. ولكن هل ستنتهي الانتخابات للنتائج والخطط التي وضعت سابقاً وتعيد المؤتمر الوطني وبقوة ووفق شرعية انتخابية ليطلق (المرحلة الثالثة) للإنقاذ؟.
    الواضح أن الاستعداد المبكر للمؤتمر الوطني ولد أحساساً طاغياً بأن لا منافس أمامه، بل لن يكون هناك منافس. ولكن هذه الحالة هي التي أطلقت وتطلق الآن التفاعل الانشطاري ضمن المؤتمر الوطني. والتي تشخص كل أمراضه، بل وترسم خارطة الطريق التي سينتهي إليها عبر الانتخابات القادمة. ولكن كيف نضع يدنا على ذلك؟.
    لنبدأ بمثال: في ولاية النيل الازرق فرض (المركز) مرشح واحد للولاية، وجاء ذلك على خلاف الارادة الانتخابية لعضوية المؤتمر الوطني بالولاية، فما الذي حدث!!؟، المرشح الذي اختارته عضوية المؤتمر الوطني لخوض انتخابات الوالي والذي رفض من قبل المركز سيخوض الانتخابات ضد المرشح الذي فرضه المركز على عضويته بالولاية ضمن أطار الحزب الجديد الذي انطلق من (المناقل)!!!. وهذا المثال هو واقع كل ولاية، بل ما هو إلا تأكيد بأن خيارات العضوية لا يعتد بها بل الخيارات كلها للمركز. لكن المهم في هذا الذي يجري أن كل مفاتيح الفوز والخسارة وضماناتها هي بيد المركز. وعليه لن تكون هناك ضمانات لفوز أي مرشح لم يعتمده المركز وهذا هو المؤكد والاكيد. هذا التدخل المباشر من قبل المركز أفرز حالة من المقاومة وسط عضوية المؤتمر الوطني تكاد تتطابق مع الحركة الجديدة التي أطلقتها (مجموعة قرفنا)، وهي الحالة التي ترفض اعادة الشخصيات التي ظلت على رأس المواقع العليا منذ قدوم الانقاذ للسلطة، والذي يبدو أن هؤلاء سيصوتون ضد المرشح المفروض عليهم من المركز. ولكن من وما هو المركز؟.
    هناك عدد محدود من اللاعبين الممسكين الذين يعملون بحرص على الاستحواذ على كل السلطات، مستفيدين من الانشقاق الشهير الذي حدث العام 1999م وخروج زعيم الحركة ورمزها حسن الترابي، لتنتهي مع خروجه الخلفية الايديولوجية والبنية التنظيمية التي كانت تحكم الحركة الاسلامية، وكان من نتيجة ذلك تراجع وانزواء (المشروع الحضاري). خاصة وأن التأسيس لسلطة هذه المجموعة المحدودة انبنى على خلفيات تورط في جرائم دولية بدأت بحادثة محاولة اعتيال الرئيس المصري حسني مبارك بأديس أبابا، ثم تعمقت بالاحداث التي دارت بدارفور منذ العام 2001م، والتي وفقاً لها أصبح هؤلاء وآخرين أشهر رموز قوائم الاتهام الدولي. وكل ذلك جعل السلطة بالنسبة لهم مسألة حماية أساسية، وأن البقاء فيها يمثل رهان الحياة أو الموت بالنسبة لهم.
    هذه الخلفية جعلت هؤلاء المتنفذين يحرصون أشد الحرص على تأسيس كل السلطة بعيداً عن أي مؤسسة، بكل هم الأحرص على تغييب وغياب المؤسسة، فأصبحت كل الدولة تؤسس وتدار على خلفية الولاء الشخصي والمباشر، واعتماداً على توظيف كل أمكانات الدولة وصلاحيات السلطات لحشد الولاء على الأساس الشخصي البحت. واعتمدوا في بناء السيطرة على القوة البحتة والمباشرة، وعلى تسييج الموالين بجملة من المصالح أو رزمة عاتية من الترهيب. فلايسمحون بحدوث شئ بدون علمهم أو بعيداً عنهم. وهكذا أصبح كل شئ يحدث مهما كان صغيراً وفي بقعة نائية من بقاع السودان إلا لهم فيه دور أو هم على علم به.
    شكل تأسيس الدولة كلها على الأساس الشخصي أرضية خصبة للتنازع، ذلك أن الحرص على الحماية من الملاحقات الدولية والداخلية ولد نوع من الصراع حتى بين هؤلاء المتنفذين على محدوديتهم. كون أن أي فعل أو مشروع يبادر به أحدهم قد يكون خصماً على آخر، يعود عليه بإضعاف موقعه ضمن درع السلطة الذي يوفر لكل منهم الحماية المطلوبة أمام الملاحقات القضائية الدولية والداخلية. فكل خطوة أو مشروع أو مبادرة يجب أن تخضع لمراقبة من كل طرف منهم على حدة، وعليه حساب مدي الخسارة التي قد تترتب عليه أو مدى التأثير الذي قد تعود به على موقعه ونفوذه الذي يوفر له الحماية. وهكذا تنشأ المنازعات، وتتضارب التصريحات خاصة فيما يلي السياسات الخارجية أو ما يتعلق بردود الافعال لما يأتي من القوى الدولية أو حتى دول الجوار الاقليمي، وكذلك فيما يخص المشروعات التنموية الداخلية فكل مشروع هو في حقيقته داعم لنفوذ أحدهم وبالتأكيد خصماً على آخر. فالحفاظ على المنصب يتطلب مراقبة الآخرين وعدم السماح لهم بالتأثير بأي شكل أو مستوى على موقع ونفوذ الآخر.
    التأسيس على الولاء الشخصي ولّد بدوره سلسلة من الولاءات تنداح من أعلى هرم الدولة الى اصغر محلية، فكل متنفذ له شبكة كاملة على مستوى كل ولاية ومحافظة ومحلية. وهكذا تصعد القيادات أو تبعد، وهكذا يتم الحفاظ على المنصب والتأثير ضمن الحزب والدولة. وهذا بدوره يجعل كل تدخلات المركز في اختيار المرشحين على كافة المستويات ضمن الانتخابات القادمة خاضع لحسابات التأثير على مواقع هؤلاء ومدي توفير الحماية لهم بضمان بقاءهم ضمن السلطة بل وضمان اتساع دائرة نفوذهم وليس الخصم منها أو اضعافها.
    وهكذا تشكل الانتخابات القادمة جملة مخاطر، كونها ستعود بالتأثير على بعض هؤلاء وربما تأثيراً بالغاً. فالتحكم في اختيار المرشحين واحد من أدوات ضمان البقاء والاستمرار والحماية. لكن الملموس مما يجري على الارض يعتبر خطير جداً على مستقبل المؤتمر الوطني. ذلك أن خلفيات الولاء الشخصي تأثرها باختيارات المرشحين تشيء بأن الصراع سيكون محتدماً بين الكبار على محدوديتهم، كما أن نمط الادارة بالولاء الشخصي التي توالدت على المستويات الدنيا كلها، تجعل همّ الوالي مثلاً ضمان الترشح أولاً وضمان كسب الانتخابات ثانياً. لكن صراع المتنفذين الكبار ومدي تأثر مواقعهم ومكانتهم بذلك تدفع بالصراع على كل المناصب نزولاً حتى المحلية محتدماً وربما يؤثر لدرجة اسقاط مرشح لأنه خصماً على متنفذ آخر من الكبار. ووفقاً لهذه الخلفية فأن أيا من المتنفذين الكبار ستكون أمامه أحتمالات مفتوحة لن يضمنها الانضمام للمؤتمر الوطني أو العضوية به. بل الكل ضد الكل، للدرجة التي لن يسلم منها أحداً منهم، خاصة مع أجواء الضمانات الكاملة لفوز مرشحي المؤتمر الوطني الجارية الآن.
    فمن كان يحسب أن المؤتمر الوطني سيكون سعيداً بهذه الانتخابات فليراجع حساباته، فالصراع هناك داخل المؤتمر الوطني أكثر ظهوراً وبروزاً هذه الايام، لدرجة أن العامة من الشعب يلمسون ذلك ويتهامسون به لدرجة الحديث عن خيارات الوالي الفلاني واساليبه في حشد الدعم لكسب منصب الوالي ولمن يريد بمجلس الولاية وغيرها. أما حركة الانشقاقات التي بدأت بالمناقل فإنها حتى الآن حلقة من حلقات حشد الدعم ضمن معركة المتنفذين ضد بعضهم البعض، وهناك آخرين يعتمدون على أعضاء المؤتمر الوطني في كسب معركة الانتخابات من خارج قوائم مرشحي المؤتمر الوطني.
    ستكون الانتخابات القادمة حاشدة بالمفاجأت، لكن الذي يصير الآن داخل المؤتمر الوطني يحدث عن مدى من الخطورة تقول أن هذه الانتخابات لن تكون إلا شرارة اعلان حرب سيطلقها المؤتمر الوطني ضد بعضه البعض، ثم تنداح لتشمل الجميع على الأقل على خلفية التغطية التي يجديها المؤتمر الوطني لتكون قاعدة لأتهام الاخرين في حين أن المعركة أصلاً مشتعلة فيهم وبينهم.
                  

11-24-2009, 06:30 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    مقال وراق الذي منع من النشر

    بعض ما لا يعرفه أهل الوسط!


    * اطلق تشرشل (رئيس الوزراء البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية) وصف (الستار الحديدي) على اوضاع تقييد الحريات, خصوصاَ حرية تدفق المعلومات، التي فرضها النظام الستاليني على الاتحاد السوفيتي وشرق اوروبا. ومن حينها، ظل هذا المصطلح- لصدقه في وصف الأوضاع القائمة في ذلك الجانب، ولطابعه الأدبي- أحد أهم مصطلحات وأسلحة الحرب الباردة بين المعسكرين – الغربي والشرقي. ولاحقا، بعد انتصار الشيوعية الستالينية في عدد من البلدان الآسيوية، وعلى ذات منوال تشرشل، صك أحد المختصين مصطلح (ستار الخيزران) ليصف اوضاع تلك البلدان.
    وفي بلادنا، حيث يسود نظام شمولي شبيه، ومنذ انفجار الأوضاع في دارفور عام2001م, وخصوصاً بعد تفاقمها منذ فبراير 2003، فرضت الأجهزة الأمنية رقابة مشددة على كل ما ينشر عن دارفور، وآخذين في الاعتبار الطبيعة الايديولوجية للنظام، يمكن القول بأن الانقاذ قد ضربت منذ ذاك الحين (نقاباً)- ستاراً من النقاب- للتغطية على الأزمة الإنسانية هناك، وعلى حرب من أسوأ الحروب فظاعة ووحشية، حيث القتل العشوائي، وحرق القرى، والقاء الاطفال في النيران المشتعلة، واغتصاب النساء- بما في ذلك العجزة والفتيات الصغيرات، وقطع الاشجار ودفن الآبار وتسميمها، اي التغطية على ما اصطلح على تسميته بحرب الجنجويد- او العفاريت المنفلتة، عن اي عقال، سواء دينياً او انسانياً او اخلاقياً او قانونياً.
    وفي حين تصدرت اخبار الفظائع في دارفور شاشات التلفزيون وصحف العالم المختلفة، فإن الرأي العام في البلاد، خصوصاً في الوسط، ظل جاهلاً بما يجري هناك، مما اتاح للإنقاذ، حتى بعد ازدياد الإهتمام الدولي وصدور قرارات من مجلس الأمن الدولي، مما جعل من المستحيل استمرار التغطية بالكامل على ما يجري في دارفور، الا ان عدم المعرفة الملموسة والحية بوقائع ماجرى لدى الرأي العام في الوسط، اتاح للإنقاذ مواصلة نهجها في التغطية والتبرير، ولكن بأسلوب جديد، فطورت ما اسمته بالمؤامرة الصليبية الصهيونية، كنقاب ايديولوجي، ينكر ما جري او يهوّن من حجمه ودلالاته، وبالتالي يعفي الانقاذ من أية مسئولية اخلاقية او انسانية او قانونية تجاه الضحايا، بل وبالركون الى تفسير (المؤامرة) فأن ضحايا دارفور يتحولون الى مجرمين,و بدلاً من التعاطف, يجدون الإدانة والتشنيع!!
    * وقد تأكدت شخصياً، بتجربة مباشرة، من كذب الدعاية الحكومية، حين زرت، ضمن وفد ملتقى منظمات المجتمع المدني، معسكرات النازحين في عام2005م، وقد حاول عدد من الرسميين الذين يتولون ادارة العون الانساني، كما يفعلون عادة مع الوفود الزائرة من الداخل والخارج، ان يقيدوا مصادر معلوماتنا وحصرها في سماع الروايات المرغوبة لدى الحكومة، بعزلنا عن الضحايا، او اعطائنا تبريرات زائفة, كمثل الادعاء بأن الضحايا لايفهمون معنى كلمة (اغتصاب) ويقصدون بها (غصب)- أي القسر والإكراه! ولكن شاءت الاقدار ان يتمكن الوفد من لقاء النازحين في معسكري (كُلما) و(عطاش)، وسماع مآسيهم التى تقطع نياط القلب. ولا أزال اذكر احد النازحين من منطقة شطايا، يحكي والدموع تطفر من عينيه، ان الجنجويد بعد ان احرقوا قريتهم، اسروا الرجال وقيدوهم جميعا- بمن فيهم هو-، ثم بدأوا في اغتصاب النساء, فاغتصبوا ابنته امام عينيه! وبعد ان اكملوا فعلتهم الدنيئة قذفوا نحوه بعملة معدنية، قائلين:(خذ لأننا وجدناها فتاة)- يعنون بأنها عذراء!! وللدقة فقد استخدم الرجل لفظة (ركبوا) بدلا من (اغتصبوا)، فألجم الكذابين الذين يريدون انكار الفظائع بالتلاعب بالمفردات.
    * ومن الوقائع الصلدة التي لا يمكن التغطية عليها او انكارها، حجم المتأثرين بكارثة دارفور، حيث تشرد 1.65 (مليون وستمائة وخمسون الف نازح داخليا) و203 آلاف لاجئ في معسكرات تشاد، اضافة الى 627 ألف متأثر بالصراع بطرق أخرى, أي أن المجموع يصل الى 2.6 مليون شخص، يشكلون ثلث سكان دارفور! (لاحظ ان الارقام تعود الى عام2006م، ومن حينها ازدادت اعداد المتأثرين!) واذا كان مجموع سكان السودان40 مليوناً فإن الكارثة الانسانية في دارفور – بالارقام المتواضعة لعام2006- قد طالت شخصاً واحداً على الاقل من بين كل عشرين سودانياً!!
    * وكذلك من الحقائق الصلدة التي لايتطرق اليها الشك تدمير600 قرية-على الاقل- تدميراً كاملاً! وتؤكد ذلك صور الأقمار الصناعية! بينما دُمّر جزئياً عدد اضافي يتراوح بين100-200قرية! وحصلت لجنة التحقيق الدولية على معلومات مفادها ان الشرطة السودانية قد وضعت تقديراً للدمار وسجلت عدد القرى المدمرة فبلغ اكثر من2000 قرية! وتفيد مصادر الحركات المسلحة بأن عدد القرى المدمرة- كلياً او جزئياً- يصل الى 4000قرية!!
    * وكذلك من الحقائق فقد آلاف الارواح, وقد صرح وزير الخارجية حينها- د.مصطفي عثمان اسماعيل- بأن القتلى حوالي5 آلاف شخص، بينما صرح لاحقا المشير البشير بأنهم حوالي10آلاف قتيل! هذا بينما تقدرهم لجنة التحقيق الدولية بـ70 ألف شخص- وقتها كانت العمليات لاتزال على حدتها، مما يشير الى وقوع ضحايا آخرين بعد ذلك، وتقدر منظمات حقوق الانسان القتلي بـ200ألف بينما تقدرهم حركات دارفور بـ500ألف. وعلى كلٍّ, في الحدود الدنيا، أي 10آلاف شخص، فان ضحايا مجزرة دارفور يفوقون ضحايا الاجتياح الاسرائيلي لقطاع غزة، بما يزيد عن اربعة اضعاف!
    *وبالإنطلاق من الحقائق الصلدة، التي لايتطرق اليها الشك، اي حقائق مثل تشريد ثلث سكان دارفور، يمكن استنتاج حجم الفظائع التي دفعت بملايين الناس الى ترك قراهم والبحث عن الامان في معسكرات النازحين واللاجئين! فإما أن هؤلاء قد تعرضوا لعمليات ترويع واسعة- كما تؤكد شهادات الضحايا والوقائع على الارض (كحرق القرة) والتقارير المستقلة، او الاحتمال الثاني-كما تزعم الانقاذ- ان هؤلاء الملايين – دون أي اسباب عقلانية- قد قرروا الهروب بشكل جماعي من سكناهم، تاركين اراضيهم وممتلكاتهم ومستعيضين عنها بمذلة النزوح واللجوء!! مما يعني ان التفسير الوحيد المقبول لمثل هذا السلوك ان هؤلاء جميعا ً من المجانين! ولنفترض ذلك جدلاً، فيظل السؤال، ما الذي يدفع ملايين الناس الى الجنون؟! مما يحيل من جديد الى طبيعة النظام الذي يدفع واحداً من كل عشرين سودانياً الى الجنون!! وهكذا فان المغالطات والإنكار، لا يُجديان، والحقيقة التي تحاول الانقاذ ضرب (النقاب) عليها، ان ملايين الناس في دارفور قد واجهوا حرباً من نوع جديد – حرباً بلا تمييز، اي بلا عقل، فلا تمييز بين المقاتل والمدني، ولا بين المقاتلين وبين العجزة والنساء والأطفال، ولا تمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، ولا تمييز بين الوسائل ولا مع تناسبها مع الغايات- كل شئ مباح!
    حرب بلا عقل،وكذلك بلا قلب، فلا تحدها أية قيم أو اعراف او اخلاق او اعتبارات دينية او قانونية – حرب الجنجويد- حرب اظلام العقل والوجدان!
    * وقد توفرت لجنة التحقيق الدولية على دراسة ماجرى في دارفور، فقابلت الشهود، وحققت بواسطة خبراء واطباء شرعيين، وقابلت المسؤولين الحكوميين ووزنت شهاداتهم، ثم خلصت الى تقريرها، الذي يثبت الكثير من الوقائع التي تخزّ وجدان كل شريف، وأذكر أدناه بعضاً منها، حتى يكون الرأي العام في الوسط، على بينة من حقيقة ما جرى هنالك.
    * (... ارتكب الجنجويد خلال الهجمات عمليات قتل متعددة، وقد تحققت اللجنة من حوادث عديدة من هذا النوع، فقد ادى هجوم وقع في موللي بغرب دارفور في ابريل 2003م الى وفاة 63 شخصاً، من بينهم طفلة في السابعة من عمرها. وقد دفن الموتي في ثماني مقابر جماعية بمنطقة سوق القرية. ولاحظت اللجنة أمراً هاماً، هو ان الحادث قد ابلغ الى الشرطة وان سبعة اشخاص قد اعتقلوا واحتجزوا ثم اطلق سراحهم بعد ذلك بثلاثة اشهر..)!
    *(... وهاجم الجنجويد والقوات الحكومية في ديسمبر2003م قرية نوري القريبة من بلدة مواني بغرب دارفور وهذا الهجوم سانده غطاء بطائرات الهيلكوبتر وقد قتل67 مدنياً عندما اطلق المهاجمون النيران عليهم عمداً وبصورة عشوائية... ودخلوا المنازل وقتلوا الرجال ثم جمعوا النساء في المسجد، وكان هناك نحو10رجال مختبئين مع النساء. وقد وجد الجنجويد هؤلاء الرجال وقتلوهم داخل المسجد. ثم ارغموا النساء على خلع المكسي (وهو ثوب سابغ يغطي اجسادهن بأكملها) فاذا وجدوهن يخفين اولادهن الصغار تحت تلك الثياب, قاموا بقتل الصبية..)!
    *(.... واستطاعت اللجنة ان تجد عناصر مختلفة تثبت روايات الشهود وتؤكد حدوث عمليات القتل الجماعي للمدنيين على أيدي القوات الحكومية والمليشيات، وعلى سبيل المثال، زارت اللجنة قرية كيلك في جنوب دارفور، التي يسكنها أساسا أناس ينتمون الى قبيلة الفور، وتأكدت مما قاله شهود العيان للجنة. وهذه الحالة لا تصور فحسب حدوث عمليات قتل المدنيين بأعداد كبيرة، بل تصور أيضا عمليات الاحتجاز المخالف للقانون والمصحوبة بعمليات الاعدام العاجلة والاغتصاب وغير ذلك من التجاوزات .. وخلال الهجوم الاول المبين في الفرع السابق، دمرت تسع قرى حول بلدة شطايا، وقتل85 شخصاً، من بينهم خمس نساء وثلاثة اطفال، وبعد الهجوم توجه سكان المنطقة بأكملهم الى كيلك وكان الجنجويد لا يزالون موجودين في القرى المحيطة، وكل من حاول العودة الى هذه القريى تعرض للهجوم، وقتل البعض منهم. وعثرت اللجنة على عناصر تؤكد صحة التقارير القائلة بان 28 رجلأ أعزل حاولوا الإستسلام في مركز كيلك قد قتلوا باطلاق الرصاص عليهم جميعا- ولم ينج منهم سوى رجل واحد...
    ووقع هجوم ثاني في مارس2004م... وقد اطلقت النيران على كل الناس عندما اضطروا وقد عانوا من العطش الى مغادرة مخابئهم للذهاب الى نقاط المياه، وهناك تقارير متسقة تفيد بان بعض الذين ألقي القبض عليهم وبعض الذين استسلموا للجنجويد قد اطلق عليهم الرصاص فوراً وقتلوا . وزعمت امرأة انها فقدت17 شخصاً من افراد اسرتها في الجبل، وقد اطلق الجنجويد نيرانهم على شقيقتها وطفلها من مسافة قريبة. اما من استسلموا او عادوا الى كيلك فقد احتجزوا في ساحة صغيرة مكشوفة رغم ارادتهم لفترة طويلة (ربما لاكثر من خمسين يوما). وتعرض كثيرون لأفظع صور المعاملة، وأعدم الكثيرون منهم بصورة عاجلة. فنودي على الرجال الذين احتجزوا في كيلك واطلق الرصاص عليهم امام اعين الجميع او نقلوا بعيدا حيث اطلق الرصاص عليهم... وهناك تقارير تفيد بأن أناساً قد ألقي بهم في النار ليموتوا حرقاً. وهناك تقارير تفيد بأن أناسا قد سلخت جلودهم سلخا جزئياً، او أًحدثت بهم اصابات بطرق أخرى وتركوا ليموتوا.)!!
    وأواصل بإذنه تعالى
                  

11-24-2009, 05:12 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    بين لغة الديمقراطية ولغة الإبادة


    عبد الوهاب الافندى



    (شجرة الحرية لا تنبت في أرض الحقد) في مطلع هذا الشهر كنت في الخرطوم بدعوة كريمة من الأخوين خالد منصور، المسؤول الإعلامي في بعثة الأمم المتحدة بالسودان ومحمد محجوب هارون، مدير مؤسسة اتجاهات المستقبل، للمشاركة في ندوة تحديات الوحدة وتقرير المصير في السودان.

    وقد كان هذا اللقاء الذي تأخر طويلاً مجالاً لحوار جاد ومتعمق حول أكبر تحدٍ يواجه السودان والمنطقة، ألا وهو مصير السودان كبلد موحد. وكان أحد موضوعات النقاش يتناول دور الإعلام في المرحلة المقبلة، حيث أثيرت نقاط عدة كان من أهمها أثر اللغة ونوع الخطاب المستخدم في علاقات مختلف شرائح المجتمع السوداني. وجرت في هذا المجال مقارنة بين أنواع من الخطاب العدواني التخويني والتكفيري، والخطاب التصالحي القابل للآخر، مع الاستنتاجات المتوقعة عن التأثير المنفر للنوع الأول والمقرب بين الناس في الحالة الثانية.

    وفي اليوم التالي لبيت دعوة كريمة أخرى من الأخ الباقر العفيف مدير مكتب الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية، للحديث في ندوة مسائية بالمشاركة مع ثلة من المتحدثين حول نفس الموضوع. وقد دار نقاش ثري ومتنوع، شارك فيه الحضور الكبير بفعالية ومن وجهات نظر متنوعة. وقد استوقفتني في ذلك النقاش مداخلتان، توقع صاحباهما أن يقع انفصال الجنوب، ثم يتحول بدوره إلى قاعدة لشن الحرب على الشمال. وكنتيجة لهذا سيتعرض السودان للتمزق الكامل وتمتد الحرب إلى كل أجزائه، بما فيها العاصمة.


    ولكن بدلاً من أن يرى المتداخلان في هذا مدعاة للهلع والخوف، أبديا ترحيبهما بما سيقع على البلاد من شرور، جزاءً وفاقاً كما قالا للنخبة النيلية المهيمنة على مقدرات البلاد منذ الاستقلال، واستهلالاً لثورة مباركة من قبل المهمشين في انتصارها كل الخير. المدهش هو أن كلا المتحدثين كانا ينتميان إلى عين هذه النخبة النيلية التي تمنيا لها كل شر، وغني عن الذكر أن كلاهما كان ولا يزال مواطناً في هذه البلاد التي تمنى خرابها. وهناك أكثر من نقطة تستدعي التأمل في هذا الخطاب الذي يرى في عموم البلوى وانتشار الخراب الطريق الوحيد للإنقاذ من محنة البلاد الحالية. فهذا تعبير عن يأس عميق من كل طرق الإصلاح المقبولة، بحيث يتمنى للبلاد مصير الصومال وغيرها من بقع الخراب التي أصبحت مرتعاً لغربان الشؤم ومقاتلي القبائل والعشائر. قد نجد أيضاً هنا بقايا في هذا التوجه من نظرة أيديولوجية ذات علاقة بالفكر الماركسي في بعض توجهاته التي كانت ترى في فشل وخراب النظام الرأسمالي بداية الفتح المرجو ببزوغ عهد هيمنة البروليتاريا، خلفاً للبرجوازية التي ستندثر مع انهيار النظام الرأسمالي.


    فهاهنا يعتبر الخراب شرطاً ضرورياً لدخول جنة التحول الشيوعي الموعودة تماماً، كما أن خراب الدنيا هو شرط عمران الآخرة. ولكن الفارق هو أن الفكر الرأسمالي ينظر إلى هذه الأمور بتجرد وبدون عاطفة. صحيح أن متأخري الشيوعيين (مستندين في ذلك إلى بعض الإشارات المتناقضة في فكر ماركس وانجلز) عبروا عن حقد متزايد على البرجوازية يذكر بحقد قادة الثورة الفرنسية الدموي على طبقة النبلاء. أما النظرة الماركسية "العلمية" للأمر فلا تحتمل هذا الحقد، بل بالعكس ترى في نجاح وانتشار الطبقة البرجوازية مرحلة ضرورية لتحقيق الثورة الشيوعية المرجوة. فبدون البرجوازية والنظام الرأسمالي لا تكون هناك طبقة عاملة تشكل وقوداً للثورة القادمة. ولهذا نجد ماركس مثلاً رحب بالاستعمار البريطاني للهند، باعتباره الطريق إلى إدخال تلك البلاد في دائرة الانتاج الرأسمالي، المرحلة الأولى الضرورية لثورة البروليتاريا. ويجب أن أسجل هنا أنني ذهلت وأنا أستمع لمواطنين سودانيين يحملون كل هذا الحقد، ليس فقط على النظام ومؤسسة الحكم، ولا حتى على فئة حاكمة بعينها سواء كانت الإسلاميين أم الرأسماليين، بل على البلاد بكاملها، بحيث يتمنون لها ما لا يتمناه أعدى الأعداء. والمؤسف أن هذه الآراء ليست مواقف معزولة لفئة صغيرة، بل هي تمنيات وتطلعات أصبحت تعبر عنها فئة معتبرة من أهل الرأي والفكر في البلاد، من منطلقات مختلفة. وهي تعبير عن العجز عن الفعل السياسي الناجز إلى حد الاتكال على قوى الخراب والدمار بديلاً عن النشاط السياسي السلمي البناء. ولا عبرة هنا بما إذا كان هؤلاء جادين في تمنيهم خراب البلاد والعباد حتى تتحقق لهم تطلعاتهم السياسية، أياً كانت هذه التطلعات. ففي اعتقادي أن هؤلاء أبعد ما يكونون عن الجدية. فلا أحد يتوقع ممن يحتل مكانة اجتماعية مرموقة ويسكن أحياء الخرطوم الراقية، أن يتمنى جاداً ما يترقب من خراب، لأنه لو جاء مثل هذا الخراب وأصبحت مرابعهم مرتعاً للميليشيات القبلية، فإن هؤلاء الأشخاص سيفضلون الابتعاد عن ميادين القتال، وإن قاتلوا فإنهم سيكونون ضمن ميليشيات قبائلهم "النيلية" التي تمنوا لها الويل والثبور، في الغالب اختياراً، ولكن اضطراراً لأنه حين يقع الفرز القبلي كما حدث ويحدث في العراق والصومال وغيرها، فإن الهوية تفرض فرضاً.


    ففي هذه الحالات تكفي الأسماء والسحنات لتصنيف المرء مع قومه وإن كان يخالفهم في كل شيء. ولكن مجرد استخدام هذه اللغة من أي طرف، كان يعني أن البلاد أبعد ما تكون عن الجاهزية للديمقراطية. ذلك أن هذه هي تحديداً لغة الإبادة الجماعية، وليست لغة الديمقراطية التعددية. فهذا حجم الحقد على الشركاء في الوطن، بل على الوطن بكامله، لايستقيم مع التعايش الديمقراطي الذي لا يشترط فقط القبول بالآخر، بل تبادل الحكم معه بحيث لا يهم من يحكم ما دامت القواعد المتفق عليها محترمة. ولا يهم هنا سبب الحقد وتمني فناء الآخر. فقد يكون للحاقدين على النظام الحالي، وحتى على السودن الشمالي بكامله، ما يبرر حقدهم وما يشعرون به من غبن، ولكن مجرد وجود هذا الحقد ينفي إمكانية الديمقراطية. لدى السود في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من سبب كافٍ لكي يحقدوا على المجتمع الأمريكي الذي اقتلع أجدادهم من أرضهم ونقلهم عبر البحار كسلع وعاملهم كبضاعة، واستبعدهم لقرون، ثم استمر في رفضهم حتى بعد انتهاء الرق، وظل يعاملهم كمجرمين ومبنوذين، رغم أنهم كانوا هم الضحايا. وقد دفع هذا بطائفة من السود إلى التمرد المسلح أو السلمي نسبياً، كما حدث مع المسلمين السود من جماعة اليجا محمد وتلميذه مالكولم إكس. فقد وصف هؤلاء البيض بأنهم شر محض، وجزموا بأنهم لا يدخلون الجنة حتى بعد أن يدخل الجمل في سم الخياط، وقابلوا رفض البيض لهم برفض أشد. ولكن اندماج الأمريكيين السود في العملية الديمقراطية في بلادهم، لم يأتِ من هذا الباب، وإنما جاء من باب حملة الحقوق المدنية التي قادها أمثال القس وداعية السلام والمصالحة مارتن لوثر كينغ. في بلاد مثل بريطانيا شهدت الحروب الأهلية بين الكاثوليك والبروتستانت ثم بين الملكيين والبرلمانيين، ومثل جنوب افريقيا، شهدت صراعاً طويلاً بين البيض والسود، أو في بلدان المعسكر الشرقي التي شهدت اضطهاد الشيوعيين لبقية مكونات الطيف السياسي وإقصائها لعقود، وارتكاب الكبائر في حقها، في كل هذه البلدان لم يحن أوان الديمقراطية إلا عندما تركت كل هذه المجموعات مراراتها وراءها ظهرياً، إما بتقادم العهد أو بالعفو المتبادل وتناسي الماضي. في المجتمعات التي لا تزال جراحها نازفة يصعب تحقق التحول الديمقراطي ما لم تلتئم تلك الجراح، وقبل ذلك تتوقف عوامل تسبيبها. وبنفس القدر فلابد أن يصل الضحايا درجة من تقبل الأوضاع وتناسي الماضي، بحيث يصبح التعايش بين الجميع ممكناً. ولا يجادل أحد أن النظام الحالي قد مارس من الإقصاء والقمع في حق خصومه ما يكفي لإثارة حفيظتهم عليه، واستمرار المواجهة وعدم حسم الأمر بمصالحة وطنية شاملة، يعني استمرار أسباب الحقد والغضب. ولكن ينبغي هنا التفريق بين النظام وغالبية أهل السودان الشمالي ممن يتهمهم البعض بأنهم انتفعوا باستغلال الآخرين، حيث أن هذه تهم لا مبرر لها. فغالبية أهل السودان شماله وجنوبه هم من الفقراء وممن يرتزقون من عمل يدهم، سواء في داخل البلاد أو في دول الاغتراب. ولم تكن في السودان حتى استخراج النفط في نهاية القرن الماضي ثروة يعتد بها حتى يقال إن البعض استأثر بها، وإذا كان هناك استئثار فإنه كان من نصيب قلة لا تمثل الغالبية ولا تقتسم ما تستأثر به معها.



    ويمكن أن نضيف هنا إشارة إلى ما أوردناه الأسبوع الماضي إن السودان كان ولا يزال، رغم كل ما مر به بلداً يتعامل أهله بسلوك حضاري يبذل فيه الناس الود والقرى للقريب والبعيد، ويتقاسم فيه الناس القليل وإن كان بهم خصاصة. صحيح إن القيم البرجوازية قد بدأت تتسرب للمجتمع السوداني في الآونة الأخيرة، ومعها فكرة البيوت المغلقة على الأسر الصغيرة. ولكننا نشأنا في بيوت "مفتوحة" ليست فقط لأفراد الأسرة الممتدة وكثرة من يغشاها من الضيوف، بل أيضاً بوجود عدد ثابت من التلاميذ القادمين من خارج المدينة ممن كانوا يقيمون أثناء الدراسة، وكثير منهم لا تربطنا بهم صلة قرابة. وقد خطرت لأحد تجار مدينتنا بربر فكرة بناء فندق صغير كمبادرة تجارية، ففشل المشروع فشلاً ذريعاً، إذ لا أحد يفكر في استخدام فندق حين يحل المدينة، حتى لو كان غريباً. يكفي أن تغشى أحد المساجد فتضمن الضيافة لليتك تلك. إن استخدام لغة الكراهية ضد قطاع كبير من أفراد الأمة، سواءٌ كان هؤلاء البيض، أو البرجوازية، أو العرب، أو "الجلابة"، هي نقيض الديمقراطية، لأنها دعوة للإقصاء إن لم يكن للإبادة الجماعية.


    وهذا هو الحال حتى حين تكون هذه اللغة مبررة، كما هو الحال إذا استخدمت تجاه البيض في أمريكا أو جنوب افريقيا أو الشيوعيين في أوروبا الشرقية (وهي مناطق تحققت فيها الديمقراطية أو تعمقت وتوسعت باستخدام لغة المصالحة). أما حين تكون غير مبررة كما هو الحال في السودان، فإن ضررها يكون مضاعفاً. ذلك أن غالبية السودانيين في الشمال والجنوب كانوا ضحايا أنظمة الاستبداد، وفي بعض الأحيان، كما كان الحال في عهد النميري، فإن الشماليين كانوا ضحايا أكثر من أهل الجنوب ممن كانوا راضين عن ذلك الحكم الدكتاتوري حتى انقلب عليهم في آخر عهده. لكل هذا فإن هناك حاجة ماسة إلى تغيير خطاب الكراهية الذي تستخدمه بعض شرائح النخبة، أحياناً تحت ستار نقد ذاتي زائف (لأنه يجاري بصورة غير نقدية خطاباً مؤدلجاً له أهدافه السياسية ومنطلقاته الضيقة)، وذلك لعدة أسباب. أولاً لأنه خطاب غير مؤسس ولا يستند إلى حقائق تاريخية، بل بالعكس، هو يناقض دروس التاريخ. وثانياً لأن لغة الحقد والكراهية والمشاعر المرتبطة بهما تضر بأصحابها، لأن الحقد نار تأكل صاحبها أولاً قبل أن تشرع بالتهام العدو. وثالثاً لأن لغة الحقد والكراهية هي نقيض لغة المصالحة والتعايش التي لا بد من تبنيها لكي تصبح الديمقراطية حقيقة وواقعاً، بدلاً من الإبادة المبادلة التي تدعو لها لغة الحقد. وأخيراً لأنه خطاب يهزم نفسه، لأن توجيه سهام العداوة إلى قطاعات واسعة من الشعب يصب في مصلحة القوى التي تريد أن تجيش هذه القوى ضد مشاريع الإصلاح. والبديل هو اتباع النهج التصالحي البناء على سنة مانديلا ومارتن لوثر كينغ وفاسلاف هافيل وغيرهم ممن فتحوا لأممهم أبواب الحرية والتقدم بديلاً عن الحقد والاحتراب الأبدي.
                  

12-01-2009, 09:29 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    الانتخابات في زمن الفوضى
    حيدر طه
    الصحافة 1/12/2009


    لا يحتاج أي متابع مهتم ومشغول بشأن الانتخابات إلى جهد كي يصل إلى نتيجة أولية بأن البداية ليست مشجعة، والاستهلال غير مرضٍ، عندما يرى عملية التسجيل تسير ببطء مريع أقرب إلى الكساح، على الرغم من المنشطات والمقويات التي ظلت مفوضية الانتخابات تحرص على منحها لها كل حين لتحريكها قليلا ودفعها إلى الأمام لبلوغ نسبة معقولة تسمح بإجراء انتخابات «دستورية» في موعدها المقرر.
    جرعات المنشطات وعمليات التدليك المستمرة منذ أول يوم للتسجيل توحي بوجود علل كثيرة وأمراض خطيرة، ليست هي بنت اليوم، ولا أعراض طارئة جراء فيروس سياسي داهمها فجأة أو انتقل إليها بالعدوى من دول مجاورة، إنما هي قديمة نسبيا، يعود تاريخها عندما حدث نوع من الشرود السوداني والهروب الجماعي من ساحة النشاط السياسي، نتيجة الآثار المدمرة للإجراءات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية على المجتمع السياسي عامة، منذ عشرين عاما بالتحديد.
    عشرون عاما ليست مدة قصيرة قياسا بالأحداث التي جرت خلالها، وهي أحداث خلقت واقعا جديدا ومختلفا، كانت سمته الأساسية والظاهرة الاضطراب، وما تلاه من فوضى مست كل تفاصيل المجتمع وخلاياه، بدءاً من الأسرة إلى الخدمة المدنية، مرورا بالأحزاب والنقابات والجيش، فلم تستثن فردا ولا جماعة، بمن فيهم جماعة «الإنقاذ» نفسها، حيث وجد أفرادها أنفسهم في مكان مختلف عما عهدوه، ووجد الآخرون أنفسهم في مكان لم يألفوه.
    حدث انقلاب فعلا في المجتمع، انقلاب دمر نسيج الحياة السودانية، فكانت ردة الفعل الأولى أن هاجر السودانيون إلى المنافي الإجبارية والاختيارية، عندما شعروا بعدم إلفة مع نوع جديد من الانقلابات التي لا ترحم، شعاره العنف والعذاب والدم. كأنه جاء لينتقم من عامة السودانيين دون سبب معلوم أو حتى ذريعة مجهولة.
    لم يقل قادة «الانقلاب» حتى الآن لماذا لجأوا إلى كل تلك الأساليب والإجراءات غير الإنسانية، على الرغم من أنهم كانوا يملكون خيارات أخرى أكثر إنسانية وأكثر رأفة بالسودانيين. ولكن هل كانت تصورات جنون بأن الشعب السوداني لا يمكن حكمه إلا بقوة السلاح ونزف الدم والسجون؟
    قد يعود السبب إلى تلك التصورات المسعورة المستولدة من فكر مصاب بلوثة السلطة والاحتكار والسطوة والنفوذ والتأله والتعالي، لينعكس على شكل انتقام على شيء لم يقترفه السودانيون وجريمة لم يرتكبوها.
    جنون السلطة مثل جنون الفرد، يهابه الناس، يفرون منه ويتجنبون مصاحبته، فيهربون حيث يشاء لهم الاستقرار والسكينة والأمان. فاختارت أكثرية السودانيين الهروب الداخلي عندما لم تتح لها فرصة الملاجئ والمنافي. أما الأقلية القليلة فظلت تصادم وتعارض وتشاكس، قابلة بعواقب التضحيات، فمنهم من قضى ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا..
    ولكنهم قلة قليلة، لم تؤثر في الغالبية الغالبة المغلوبة على أمرها التي تركت السياسة وشأنها لـ «جماعة الإنقاذ» يلهون بها كيفما أرادوا ويعبثون بها كيفما رغبوا.
    في مثل هذه المناخات المضطربة، فقد السودانيون الثقة في السياسة، وابتعدوا عن «وجع القلب ودوشة الرأس»، وهو ما كانت تريده سلطة الإنقاذ، بضرب الحصار على النشاط السياسي الحر، فاتقنت فنون هذا الحصار ثم اتقنت فنون الاحتكار، فأيقن السودانيون أن الأمر كله بيد «الجبهة» التي تحولت بخدعة سينمائية إلى «المؤتمر الوطني»، في محاولة لتبرئة النفس من جرائم ارتكبتها «الجبهة الإسلامية» ولم يرتكبها المؤتمر الوطني، دون ممارسة فضيلة الاعتذار.
    فكان عزاء السودانيين الانغماس في البحث عن «الذات»، فطرقوا كل أبواب الرزق من أجل لقمة عيش شحيحة ومفقودة. وطرقوا أبواب السفارات وتسللوا من الحدود، وبحثوا عن مواطنة جديدة، بعيدة وآمنة. ومن لم يجد لجأ إلى «لحية» تمنحه جواز السفر إلى دخول المؤتمر الوطني، ففيه استقرار وأمان ولقمة هنية.. ومنهم من أبى وآثر البقاء بعيدا عنها كرها في الجبهة وذكرها، ومنهم من ظل عاطلا عن العمل، يقتات من سنامه أو سنام أخوانه المهاجرين واللاجئين والمنفيين جبرا أو اختيارا.
    فمنهم من طرق أبواب السلاح ليقول للنظام «أنا هنا»، فهؤلاء كانوا أكثر حظوة، فقد عرفوا الطريق السريع نحو البقاء أحياءً وانداداً لقادة الإنقاذ، فمنهم من استحق زمالة السلطة ومصاحبتها في خانة مساعد أو مستشار، أول والٍ أو نائب والٍ، أو صاحب رتبة رفيعة في الجهاز، أو ملحق في سفارة. وغالبيتهم بقي حاملا السلاح لا يرضى بـ «فتات السلطة»، إنما يريد من الكعكة زبدتها.
    هذا المشهد الاجتماعي البانورامي لا يوحي بالاستقرار بقدر ما يوحي بالفوضى الاجتماعية، التي خلطت الأوراق بين الدين والسياسة والاقتصاد وصلة القربى والمنافع والرشوة والفساد والنفوذ والسلطة. فلم تعد هناك حدود فاصلة بين الفئات والطبقات والشرائح، فهي تكوينات متبدلة ومتغيرة دوما.
    ومن المؤكد أن تضرب هذه الفوضى أعماق الأحزاب السياسية بدءاً بالمؤتمر الوطني نفسه الذي لم يعد يعرف ما هو المطلوب وماذا يريد من السلطة. فهل يملك برنامجا انتخابيا لخوض انتخابات وهو الحاكم عشرين عاما متواصلة أصبح فيها عاريا، يستطيع السودانيون وغيرهم أن يروا عوراته بلا أدنى استحياء.
    ماذا يمكن أن يقول المؤتمر في برنامجه الانتخابي؟
    هل يستطيع أن يعد الناس بغير ما عرفوه عنه.. وهل يستطيع أن يأتي بما لم يأتِ به خلال عشرين عاماً..؟
    هل استطاع أن يحافظ على وحدة بنائه وروحه ومجموعاته وفق رؤى فكرية محددة أم أصابته الانقسامات الداخلية، المسكوت والمكشوف عنها..؟
    ألا يعيش المؤتمر الوطني فوضى عارمة، في بنيانه وفكره وقواعده وقياداته رغم مؤتمراته الحاشدة..؟
    والمتابع الفطن لحالة المؤتمر الوطني يكتشف بلا أدنى جهد أنه حزب لا يعرف ما هو المطلوب وطنيا، واجتماعيا وسياسيا.. وإلا لكان قد نفذ المطلوب خلال العشرين عاما الماضية دون أن يطلب منه أحد ذلك، ولكن حال السودان يدل على أن الحزب الحاكم لا يعرف ما هو المطلوب وطنيا ولا اجتماعيا بدليل أحوال السودان الحالية.. فإذا قرأنا بعيون مفتوحة وقلب تقي نسبة الفقر والجوع في السودان نعرف التقاعس عن أداء الواجب الاجتماعي والاقتصادي. وإذا قرأنا حال الوطن المبعثر والمفتت فعليا دون أية بارقة أمل تلوح في الأفق تطمئن بوحدته، ندرك الأخطاء والخطايا السياسية التي جعلت الجنوب ودارفور على حافة الانفصال.
    قد يجزم بعض المحللين بأن كل ما يعرفه المؤتمر الوطني نتيجة لخبرته الطويلة في الحكم هو البقاء في السلطة واحتكار النفوذ.
    وحب البقاء في السلطة ليس مقياسا لفعالية الحزب ولا الحكومة، إنما قد يكون مقياسا صحيحا لاتقان الحزب في استخدام أدوات السلطة والدولة للحفاظ على السلطة.
    أما الفوضى الفكرية فتتمثل في أن الحزب الحاكم يريد أن يعبر عن مصالح كل الطبقات والفئات والشرائح والجماعات في آن واحد، وهو أمر مناقض لمفهوم الأحزاب التي تعبر في حقيقة الأمر عن مصالح فئات مختلفة ومتناقضة في معظم الأحيان.
    فالحزب الحاكم يعبر عن مصالح طبقة حاكمة الآن، طبقة أخذت تتكوّن، ولم تكتمل، خلال عشرين عاما استطاع أفرادها الحصول على ممتلكات وأموال ومصانع ومزارع وأطيان ومنازل وثروات أخرى لا تحصى ولا تعد.. فلينظر الحكام إلى طعامهم وسكنهم وارصدتهم وممتلكاتهم وعلاقاتهم ووظائفهم وأعمالهم، ورغم ذلك مازالت طبقة غير مكتملة، إذ تحتاج إلى غربلة وانتقاء كي تصبح مكتملة البنيان، فهي مازالت في مرحلة تكوين وانتقال.
    هذه الطبقة الحاكمة يصعب أن يتجاهل برنامجها الخاص والخفي مسألة الحفاظ على هذه المصالح بحيل كثيرة ووسائل متعددة، منها وسيلة السلطة والحكم، وستستميت من أجل هذه المهمة.
    وقد كشف وزير المالية الأسبق حمدي في برنامج تلفزيوني كثيرا من الوسائل والأساليب التي اعتمدها الحزب الحاكم في التعامل مع المال العام.. والوظيفة العامة. ومن المؤكد أن لجنة تقصٍ مستقلة ستكشف خفايا خطيرة عن سوء استخدام المال العام لمصالح حزبية أو شخصية.
    والمهم في هذا الجانب أن الطرق التي تكونت بها هذه الطبقة الحاكمة خلقت فوضى في التكوينات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، دون أن تسلم هي من هذه الفوضى.
    وإذا كان الحزب الحاكم نفسه يعيش حالة اضطراب، فإن معظم الأحزاب تعيش حالة فوضى، انقسامات وتكتلات ومشاحنات ومكايدات، وهذا إفراز طبيعي لسنوات تخريب طويلة فعلت فعلها في كل الأحياء والأشياء.
    وفي ظل هذه الفوضى كيف يمكن أن تنجح عملية التسجيل الانتخابي، على الرغم من التوعية والدعاية وشحذ الهمم للإسراع بالتسجيل..؟
    والمشكلة واضحة، وهي ان الدوافع غير موجودة والحوافز مفقودة. فإذا كانت الدوافع التي تدفع الافراد نحو التسجيل هي الأحزاب التي لها مصلحة في اكتمال التسجيل بما يضمن إجراء انتخابات حقيقية وسليمة، فإن الأحزاب باستثناء المؤتمر الوطني تشك مسبقا في نتيجة الانتخابات، حيث أنها تأتي في ظروف تضرب فيها الفوضى عميقا في تكويناتها وإمكانياتها وقواعدها، وقد ساهم الحزب الحاكم في كل تلك المآلات.
    أما الحوافز فمفقودة حتى الآن، حيث أنها تمثل معاني أكثر من حركات. الحوافز هي العناصر الجاذبة لاصحاب المصلحة الحقيقيين في نظام ديمقراطي سليم وحقيقي.
    فليس هناك من يثق بأن الانتخابات ستكون تعبيرا حقيقيا عن ديمقراطية تتكافأ فيها الفرص، كما ليس مضمونا أن يفوز أي حزب معارض بمقاعد في ظل الاحتكار السياسي والأمني والمالي والإداري الذي يُحظى به المؤتمر الوطني.
    وفي ظل هذه الشكوك والفوضى لم تكن الاستهلالات الانتخابية مطمئنة، ولذلك ستظل مفوضية الانتخابات تصارع الزمن من أجل تسجيل اعداد إضافية من الناخبين، أو أن تلجأ القوى الحاكمة إلى الأساليب المجربة لديها في تغذية قوائم التسجيل بما يضمن مستوى من الحراك السياسي الذي يوفر لها بطانة ناعمة لـ «شرعية الحكم» دون ان يكون الشاغل استئصال الفوضى الاجتماعية والسياسية التي خلطت الأوراق، وأضاعت الفوارق والتمايزات، ومسحت الحدود بين الفئات والشرائح والطبقات حتى بدأ السودان بلا تكوينات غير تكونين عامين متقابلين ومتعارضين هما «من يملكون كل شيء ومن لا يملكون أي شيء».
    والذين لا يملكون أي شيء لا يملكون القدرة على تنظيم أنفسهم، ولا يملكون حق البقاء لا داخل سلطة ولا خارجها، فهم هائمون في متاهات البحث عن لقمة عيش شحيحة... لا يأبهون بالتسجيل ولا بالانتخابات ولا بمن في الحكم ومن في المعارضة، وتاركون كل شيء لله، مستسلمون لقدرهم أو يائسون ممن ينقذهم أو يأخذ بيدهم. هؤلاء هم الأغلبية الصامتة التي لا يعبر عنها أحد.

    التعليقات

    1/ د. محمد الجمري عطا المنان - (السودان - الخرطوم) - 1/12/2009
    اسئلوا الله ياناس ان ينقذنا وينقذ السودان من ناس الانقاذ. اللهم يا كريم يا اكرم الاكرمين انقذنا منهم وولي علينا من يخافك ويرحمنا

    --------------------------------------------------------------------------------


    2/ هاشم علي الجزولي - ( السودان ) - 1/12/2009
    لقد تم التدمير الممنهج لكيانات المجتمع في سبيل البقاء في السلطة وضربوا الادوات الفاعلة في المجتمع في مقتل والتي كانت هي أداة التماسك الاجتماعي وهما الطبقة الوسطي والتي كانت تمثل النموذج للشباب الطموح باالاعتماد علي روح المثابرة والاجتهاد معلية من قدر الكفأة المهنية ومساهمة في بناء المجتمع في أزكاء روح العدالة وبث القيم والاخلاق والعنصر الثاني كان هو عنصر الدين فلقد كان لرجال الدين أحترامهم لما لهم من تمسك بقيم الدين وليست شعارات هي الي الله وشعارات التمكين التي حورت الي تمكين العشيرة والقبيلة علي حساب الكفأة والوطن الان المطلوب هو أن يعمل المسؤلين علي محاولة الاصلاح بقرارت شجاعة وجريئة قبل فوات الاوان وأن يتذكروا أن هذة مسؤلية تاريخية وأن الوطن مهدد في بقائة ونسأل الله اللطف

    --------------------------------------------------------------------------------


    3/ مجاهد عبدالله - (السعودية) - 1/12/2009
    صدقت اخى وانت بمقالك هذا أصبت عين الحقيقة فهذه الحكومة تعرف اشياء معينة اولها الحفاظ على نفسها وهذا ما فشلت فيه الاحزاب ..وتعرف ايضا ان تخدع الناس بالحديث عن الانجازات والاصلاحات مثل التعليم والصحة والبترول وهكذا ... وكلها ياليتها لم تكن موجودة لانه لم يستفد منها المواطن ... فكيف تحسب انجازات والبترول اغلى فى الثمن مما كان والخريج الجامعى اسوا مماكان وكيف تتحدث عن الاصلاحات وحتى اليوم تجد معظم السودانيين يشربون من الحفاير والترع ويعانون من عدم توفر لقمة العيش . اللهم لا اله الا انت فاصرف عنا من لايخشاك فينا يارب
                  

12-02-2009, 02:36 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قضايا السودان ...فى الصحافة العربية (Re: الكيك)

    الأربعاء 2 ديسمبر 2009م، 15 ذو الحجة 1430هـ العدد 5905


    قانون النظام العام يفرض العنف ضد المرأة



    د. محاسن عبد العال

    :
    ? تابعت باهتمام ما كتبته بناتي الناشطات الاستاذة رشا عوض والدكتور ناهد محمد الحسن وما كتبه ابني الاستاذ صلاح عووضة حول قضايا المرأة ودفاعاً عن حقوقها من بناتي الصحافيات.
    وقد عطلتني ظروفي الصحية العارضة من المشاركة في وقت مبكر، وارجو ان يسمح لي الآن بالمشاركة في ما كتب لإجلاء بعض الحقائق التي لا أظنها غائبة عن ابنائي رافعي شعار عودة المرأة للوراء باسم الدين، الشيء الذي لن يحدث ولا يمكن ان يتم مهما تكاثرت قوانين الظلم أو ارتفعت أصوات المعادين باسم الدين.
    لكن لا بد ان نعترف بأننا اليوم نعايش تمازج ثقافات متنوعة افرزت تقاليد جديدة على المجتمع السوداني، اضافة الى ظهور مفاهيم دينية خاطئة وأفكار متراجعة صنعت جداراً بين الرجل والمرأة، الشيء الذي واجهته الحركة النسائية في الماضي بالرفض الكامل، ذلك عندما ساد مفهوم المرأة عدوها الرجل في بعض البلدان العربية، ولكن الحركة النسائية السودانية التي نشأت من قلب الحركة الوطنية، رفضت هذا المفهوم الخاطئ وتمسكت بالمفهوم السليم بأن قضاياها جزء من قضايا الوطن وحلها يتم في اطار حل قضايا الوطن بأيدى أبناء وبنات السودان.
    وظل الرجل السوداني حينذاك زميلاً ورفيقاً للمرأة يتعاملان كمواطنين انداد لهم حقوق وعليهم واجبات متساوية نحو الوطن، الشيء الذي انعكس ايجاباً على تعامل الرجل مع المرأة ابتداءً من الاسر التي شملها التعليم وتواصلاً مع موقف المثقفين الشيوعيين اولاً والوطنيين والسياسيين من رجال احزابنا الوطنية الذين تصدوا جميعاً لمساندة الحركة النسائية للدفاع عن حقوق المرأة ومساواتها مع زميلها الرجل ابتداءً بمساواة مناهج تعليم البنات والبنين، ثم حقوقها في العمل والاجر المتساوي والتدريب خارج الوطن مثل زميلها الرجل دون قيود والغاء قانون بيت الطاعة وإيقاف زواج القُصر. كما كان للمثقفين الشيوعيين القدح المعلى في مساندة وحماية وتأمين نضال المرأة من أجل حقوقها كمواطنة، ومن أجل مشاركتها في العمل السياسي دون تمييز بينها وزميلها الرجل. ولا بد أن اذكر تحرك بعض إدعياء الاسلام بعد الاستقلال لتحجيم دور الحركة النسائية، فقد كان لآباء رائدات الحركة النسائية والناشطات في العمل العام موقف مشرف ومؤيد لمواصلة بناتهم النضال من اجل تحقيق مكاسب المرأة، كما شارك الآباء من المواطنين السياسيين في تأييد المرأة وحركتها. وهذه المواقف المؤيدة للمرأة ونضالها من أجل حقوقها شكلت موقفاً مشرفاً ورداً بليغاً لدعاوي الرافضين لتحرر المرأة بدعاوي خاطئة باسم الاسلام. وهنا يجب ان اذكر الموقف الواضح للإمام عبد الرحمن المهدي رداً على اولئك الإدعياء، وذلك بدعوته للجنة الاتحاد النسائي المركزية التي قادت نضال المرأة، دعوتها لحفل شاى في منزله ليؤكد تأييده لنضال المرأة، وقد نشر خبر هذه الدعوة في «جريدة النيل» التي كانت تصدر آنذاك، وهناك مواقف عديدة لآبائنا من الوطنيين السياسيين الذين تصدوا لتأمين انجازات حقوق المرأة التي يضيق المجال عن ذكرها. واقول للذين يعتمدون على مفاهيم دينية بمعارضة حركة المرأة ضد قوانين الذُل والظلم والقهر، ان الاسلام الذي نعرفه انصف المرأة وساوى بينها والرجل في الخطاب في القرآن العظيم، حيث يوجه الخطاب الديني للمؤمنين والمؤمنات في كل التوجهات التي يضمها المصحف الشريف دون تفضيل للرجل عن المرأة في الخطاب الديني، كما يجب ان نذكرهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء) هذا كما دعا الاسلام للحفاظ على كرامة المرأة وسلامتها.
    كما ان المرأة التي تعامل معها زميلها الرجل باحترام وندية استطاعت ان تشارك في اللجنة التي وضعت أول دستور للسودان، والتي شاركت في عضويتها سكرتيرة الاتحاد النسائي ممثلة للمرأة السيدة ثريا الدرديري طيب الله ثراها.
    وتضمن ذلك الدستور حق المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات كمواطنين دون تمييز. وكل هذه الامكانيات التي تمتعت بها المرأة السودانية ساعدتها في ان تسبق زميلاتها في البلاد العربية والافريقية بالمشاركة في العديد من المجالات، ومنها مجال العمل في القضاء الذي شاركت فيه المرأة السودانية منذ بداية الستينيات، وكذلك فاقت رفيقاتها في المشاركة في العمل السياسي منذ بداية الخمسينيات حتى نيلها حقوقها السياسية كاملة بعد ثورة اكتوبر المجيدة، واحتلت الاخت الاستاذة فاطمة احمد ابراهيم موقعها في البرلمان مثل اخواتها في البلاد العربية والافريقية.
    ولكن ما نعايشه اليوم من غياب للديمقراطية التي افرزت قانون النظام العام الذي يهدر كرامة المرأة ويقنن العنف ضدها بالجلد والضرب في مضابط الشرطة. وهنا لا بد ان اوضح ان هذا القانون صدر في بداية التسعينيات بعد استلام الجبهة الاسلامية للسلطة بالانقلاب العسكري في يونيو 9891م.
    هذا القانون الذي رفضته المرأة ممثلة في التجمع النسائي الوطني الديمقراطي وتنظيمات المجتمع المدني التي اتخذت موقفها مع بائعات الاطعمة والشاى اللائي قصد القانون تعطيل سعيهن للرزق لاعاشة اسرهن واطفالهم ورفع التجمع النسائي الوطني الديمقراطي آنذاك مذكرة لوزير العدل مطالباً بالغاء القانون، وذلك بعد مسيرة نسائية هادرة قطعت شوارع الخرطوم لتسليم المذكرة، هذا كما تضافرت جهود المحامين الوطنيين مع المرأة عندما تعرضت بعض من بائعات الاطعمة للمحاكات بحجة مخالفتهن لقانون النظام العام، واذكر جيداً ذلك الحضور الكبير والحشد العظيم من النساء اللائي حضرن المحاكمة، وجاءت قرارات المحكمة لصالح المرأة والغيت تهمة مخالفتهن للقانون، وكسبت المرأة القضية بموقف القوى الوطنية من المثقفين والمحامين والسياسيين، وكان بعد انتهاء المحكمة تنظيم الموكب العظيم الذي طالب بإلغاء القانون، وقدمت مذكرة لرئاسة الوزراء، ونجحت المرأة السودانية آنذاك في تعطيل العمل بذلك القانون الجائر، ويؤسفنا ان يعاد العمل اليوم بقانون النظام العام الذي يعني المزيد من الاهدار لكرامة المرأة وإهانة شخصيتها، هذا القانون الذي يقنن العنف ضد المرأة ويخالف القوانين الدولية التي وقعت عليها الحكومات الديمقراطية منها والعسكرية والشمولية والتزمت بها.
    ومن الغريب أن تتحدث صحافتنا اليوم عن العنف ضد المرأة، وتصدر منظمة الأمم المتحدة البيانات حول هذا الامر لتلزم بها الحكومات، ولكن دولتنا لا يعنيها هذا الأمر، إذ يمارس العنف في بلادنا بموجب القانون الذي لا يتفق مع الدستور الذي يتعامل مع المرأة كمواطنة مساوية للرجل في الحقوق والواجبات. ولنا ان نتساءل كيف تتعامل الدولة مع الممارسات الخاطئة من الرجال.
    واناشد بناتي الناشطات في العمل من أجل حقوق المرأة، ان يوحدن صفوفهن لرفض هذا القانون الجائر، وتوحيد كلمتهن للحفاظ على تقاليدنا وقيمنا السامية العظيمة، ولمواصلة الجهود للحفاظ على مكاسب المرأة التي انتزعتها بنضالها مع زميلها الرجل الوطني في زمان تضافرت فيه جهود الرجال والنساء من أجل الاستقلال والديمقراطية والحرية والتنمية الاقتصادية المتوازنة والوحدة والسلام.

    الصحافة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de