ليلى أبو العلا/الروائية السودانية ـ المصرية ـ البريطانية ـ العالمية‏

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 09:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-17-2009, 04:52 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ليلى أبو العلا/الروائية السودانية ـ المصرية ـ البريطانية ـ العالمية‏



                  

09-17-2009, 04:53 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ليلى أبو العلا/الروائية السودانية ـ المصرية ـ البريطانية ـ العالمية‏ (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    منقول عن حوار اجرته جريدة الشرق الاوسط مع الكاتبة العالمية ليلى ابو العلا


    درست الاقتصاد ونالت دكتوراه في علم الإحصاء إلا أن ليلى أبو العلا، وجدت ملاذها في الأدب وكان سلاحها لتصحيح المفاهيم الخاطئة عن دينها وثقافتها في بريطانيا، ساعدتها اللغة الانجليزية التي تكتب بها. صدرت لها روايتان ومجموعة قصصية إضافة إلى مسرحيتين تاريخيتين هما «أسد الشيشان» و«الحياة الخفية» تم تقديمهما درامياً في حلقات مسلسلة على القناة الرابعة لمحطة BBC





    فازت روايتها Minaret بـ «جائزة كين للأدب الأفريقي» بلندن، ورشحت أعمالها الأخرى لجوائز رفيعة. يرى بعض النقاد البريطانيين أن ليلى أبو العلا استطاعت أن تقدم صورة مختلفة عن المرأة المسلمة من خلال بطلاتها، فالمرأة عندها تجد ملاذها وقوتها في الدين وليس بالهروب منه، كما هو سائد في الأعمال الأدبية الحديثة، انها قوية تصنع ذاتها بذاتها وليس كما يشكلها الآخرون. «الشرق الأوسط» حاورت ليلى أبو العلا، وهي تقول عن بداية احترافها الكتابة:




    ـ بدأت عام 1992، عندما كنت أعيش في اسكتلندا، كنت أشعر بالحنين الى الخرطوم والثقافة العربية. الناس من حولي لا يعرفون شيئاً عن بلدي السودان أو عن الإسلام، المكونان الرئيسيان لهويتي، وهذا ما زاد من إحساسي بالغربة. نهاية الثمانينات شهدت بداية تأجج العواطف ضد العرب والإسلام في الإعلام الغربي ووجودي في بريطانيا جعلني في وضع دفاعي.


    فجأة وجدت أني أحتاج لأوضح أن الحياة في الخرطوم تسير بصورة جيدة، وأن الناس طيبون، والظروف هي التي أجبرتنا على المغادرة ولم تكن خياراً. كنت أعيش في ثقافة وفي مكان يؤكدان في كل لحظة وكل ثانية «أن الغرب هو الأفضل»، أفريقيا فوضى، الإسلام يضطهد النساء وكامرأة عربية يجب أن أكون ممتنة لهروبي. حماس الشباب وعزة النفس الجريحة قاداني لأقاوم ذلك.





    أول رواية لي «المترجمة» صدرت عام 1999، تبعتها مجموعتي القصصية «أضواء ملونة» عام 2001 وروايتي الثانية «منارة» صدرت عام 2005. الصبغة العامة لأعمالي تتناول الصدمة الثقافية والصعوبات التي يواجهها العرب في بريطانيا، الاغتراب، المنافسة بين الحداثة والتقاليد، وكلها قضايا تهمني.







    > لم كانت اللغة الانجليزية هي لغة كتاباتك؟ ألا تشعرين أنها تبعدك عن جمهورك من القراء العرب؟


    ـ كل مراحل تعليمي تلقيتها بالانجليزية، الكتابة هي امتداد للقراءة ومعظم قراءاتي كانت ولا تزال بالانجليزية. الانجليزية لغة عالمية، أستطيع أن أتواصل بها مع الباكستانيين والنيجيريين والإندونيسيين وأطفال المهاجرين العرب في الغرب.


    أحد الخطابات التي تلقيتها والتي أثرت في كانت من طفل سوداني نشأ في بريطانيا، كتب قائلا إن لغته العربية ضعيفة جداً ولا تسعفه لقراءة الأدب السوداني وأن كتبي ساعدته على فهم بلده الذي يحضن جذوره.


    ترجمت أعمالي إلى 11 لغة، وأنا سعيدة بشكل خاص بالترجمات الى العربية، وعادة ما أعمل بصورة لصيقة مع مترجم أعمالي الى العربية وأراجع العمل قبل نشره. روايتي «المترجمة» قام بترجمتها الخاتم عدلان وصدرت عن دار الساقي عام 2003. ومجموعتي القصصية ترجمت بواسطة الدبلوماسي الشاعر جمال محمد إبراهيم والأكاديمية سامية عدنان، وستنشر «أضواء ملونة» نهاية العام وأنا سعيدة لأني وقعت الشهر الماضي عقداً مع «دار الآداب» لنشر «منارة» باللغة العربية.


    > كيف كان اختيارك لدراسة الاقتصاد بينما تحملين في دواخلك بذرة الأدب التي نمت وأثمرت؟ وهل توقعت ذلك الرواج؟


    ـ البعد هو الذي أعطاني مادة للكتابة. درست الإحصاء بجامعة الخرطوم وكنت أنوي أن أقوم بالتدريس في الجامعة، صحيح أني قرأت عدداً من الروايات، لكن لم تكن لدي أدنى فكرة أني أمتلك موهبة الكتابة. أتيت الى الكتابة بالصدفة.





    أما عن الجوائز، فقد فزت بجائزة «كين» للكتابة الأفريقية، وعندما صدرت روايتي «المترجمة» في أميركا أختيرت من قبل صحيفة «النيويورك تايمز» ككتاب مميز لعام 2006.










    > بأي من الكتاب العرب تأثرت؟ وما مدى متابعتك للمشهد الأدبي بالعالم العربي؟


    ـ عندما غادرت السودان لأول مرة للدراسة في لندن كنت أحمل معي «عرس الزين» للطيب صالح، كنت أقرأها في الحافلة لأنها كانت تعطيني كل شيء افتقدته عن السودان، وهي بالنسبة لي المفضلة من بين أعمال الطيب صالح ورواية «قصر الشوق» لنجيب محفوظ كان لها التأثير الكبير في وكذلك رواياته الأخرى، أما كتابي المفضلون باللغة الانجليزية فمعظمهم نساء ولكن لسن كلهن انجليزيات، هناك الهندية الحداثية جين رايس بسبب طريقتها الشفافة في الكتابة عن المشاعر، ودوريس ليسنج التي دائما في حالة تحد ولا ترتعب. وتعجبني الهندية أنيتا ديساي والمصرية أهداف سويف. ومنذ أن استقررت في الإمارات منذ ثلاث سنوات بدأت أقرأ الكثير من الروايات العربية والسودانية الحديثة، ومعجبة جداً برواية أبكر آدم إسماعيل «الطريق الى المدن المستحيلة» وهو برأيي صوت هذا الجيل.


    > معظم بطلاتك ثريات يقضين إجازاتهن في لندن ومشكلاتهن بعيدة عن الواقع السوداني بفقره ومهجريه، لذا يرى النقاد أن أعمالك تبتعد عن الثقافة السودانية، ما تعليقك؟ وما مدى تأثر الكاتب ببيئته باعتبارك نشأت في أسرة ثرية معروفة بالسودان؟


    ـ روايتي «المنارة» تتحدث عن شخصية كهذه. رواية «المترجمة» وقصص مجموعتي «أضواء ملونة» كتبتها عن سودانيين عاديين متعلمين ومعظمهم من الطبقة المتوسطة، وبالنسبة لهم فإن العمل والتعليم مهمان للغاية وقد أجبروا على مغادرة السودان لأسباب اقتصادية. رواية «المنارة» بطلتها «نجوى» طابع حياتها مخملي، لكنه انتهى عقب انقلاب عسكري في السودان، حيث تم إعدام والدها وأجبرت على أن تعيش كلاجئة في لندن ثم العمل كخادمة عند أسرة عربية ثرية. وإذا كان واقع المشاكل السودانية كما ذكرت أزمات سياسية وفقرا وهجرة فإن «منارة» تشملها جميعاً.


    > في إحدى رواياتك نجد فتاة ثرية تقرر ارتداء الحجاب وهي في لندن لأنها شعرت بالحرية، بينما السائد هو ان تشعر النساء بالفكاك من قيود المجتمع والتمتع بالحرية بالغرب. فما مدى تنوع المفاهيم الإسلامية بين الأفراد وطبقات المجتمع؟ وهل تأثرت ليلى أبو العلا بالتيارات الإسلامية المعاصرة؟


    ـ من اليوم الأول الذي بدأت فيه الكتابة أردت أن أوضح سيكولوجية، وعواطف شخص لديه عقيدة. كنت مهتمة جداً أن أغوص عميقاً لا أن أنظر فقط الى «المسلم» كهوية ثقافية أو سياسية بل الى شيء أقرب الى الجوهر، شيء من الاختراق وكشف الحجب ولكني لم أنكر الجنس أو القومية أو العرق أو الطبقة. بالنسبة لي روحانية الشخصية الروائية مهمة كالجوانب الأخرى. الدين كثيراً ما يتم تجاهله في الأدب المعاصر رغم أنه يلعب دورا مؤثرا في حياة الناس. وبالنسبة لي شخصيا أشعر أن هناك شيئاً ما مفقوداً في العمل الأدبي عندما يتم تجاهل البعد الديني.


    عندما وصلت الى بريطانيا وبدأت في التواصل مع المجتمع المسلم تملكني الإعجاب، لأن المهاجرين المسلمين في بريطانيا يعملون بصورة جادة على الحفاظ على ديانتهم ويمررونها الى أطفالهم. هناك أناس فقراء ومهمشون في المجتمع البريطاني ولكنهم رغم ذلك يجهدون لتأسيس مساجد، لتوفير التعليم الإسلامي، أو يسعون للحصول على قطعة أرض لدفن موتى المسلمين.


    > وهل ترين أنك نجحت في تقديم المجتمع المسلم من زاوية مختلفة مجهولة لدى الغرب؟


    ـ في التسعينات عندما كنت أكتب «المترجم» كان المجتمع المسلم في بريطانيا مهمشاً بصورة كبيرة، ثقافة المسجد تعد ثقافة جيتو، شيئاً خاص جداً، بعد 11سبتمبر تغير كل ذلك وهناك الآن اهتمام جاد بالمسلمين في الغرب. أشعر أني نجحت من خلال أعمالي في عرض وجهة النظر لمن هو داخل بريطانيا. كتبت كفرد يعرف المجتمع المسلم في بريطانيا بصورة حميمة بدلا عن آخرين يكتبون عنه وهم يعيشون في الخارج.


    > شاركت في ندوات كثيرة مع كاتبات أفريقيات ومسلمات بلندن عن الإسلام المعاصر، ما مدى نجاح أمثال تلك النشاطات؟


    ـ المسافة بين الشرق والغرب ليست بالحجم الذي كانت عليه ماضياً، الشرق الآن موجود داخل الغرب بسبب المهاجرين. والغرب موجود الآن داخل الشرق بسبب انتشار التكنولوجيا، وتبني عادات العمل الغربية والاستهلاك المتزايد للمنتجات الغربية. نحن نعيش في زمن يحتاج فيه الناس الى الحوار. لقد تزايد التواصل وصار لصيقاً جداً بين الشعوب. وللأدب هنا دور يمكن أن يساعد على سد الفجوات عبر الإبحار داخل الاختلافات الجديدة.


    > ماذا تعد ليلى أبو العلا الآن؟


    ـ أعمل الآن على كتابة رواية تاريخية تدور أحداثها في السودان بداية الخمسينات، تتحدث عن أسرة في أم درمان سنوات ما قبل الاستقلال. قضيت زمنا طويلا في البحث لكتابة هذه الرواية وكانت ممتعة جداً القراءة عن تاريخ السودان وعلاقته بمصر وبريطانيا. هذا المثلث يمثل مرآة لحياتي الشخصية لأن أمي مصرية وأنا متأثرة كثيرا بالثقافة المصرية.


                  

09-17-2009, 04:55 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ليلى أبو العلا/الروائية السودانية ـ المصرية ـ البريطانية ـ العالمية‏ (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    ليلى أبو العلا تبرز وجهاً ثقافياً منيراً للسودان غير الوجه الذي يعكسه الإعلام الغربي
    بثت محطة «راديو فور» في هيئة الإذاعة البريطانية حلقات مسلسلة من رواية الكاتبة السودانية ليلى أبو العلا «المترجمة». وكانت عدة برامج ادبية في «البي. بي. سي». قدمت قصصاً قصيرة لهذه الكاتبة التي اكملت تعليمها في السودان، ثم رحلت الى اسكتلندا لتقيم فيها عدة سنوات، هي سنوات التلاقح الثقافي والتخصيب الأدبي الذي انجب روايتها «المترجمة» وعدداً وافراً من القصص القصيرة التي لفتت انظار المهتمين بالحركة الادبية في اسكتلندا، وفي بريطانيا عموماً، وكذلك انظار المهتمين بتطور الحركة الأدبية الافريقية الانجلوفونية، اذ نالت جائزة بوكر الافريقية للقصة عام 2001، واحتفت بها الاوساط اللندنية ايما احتفاء.
    ان هذا التميز في تقديري نتاج تزاوج غير مباشر، بل ربما غير مقصود، بين ثقافة عربية وبيئة ثقافية انجلوفونية، احاطت بتجربة ليلى الأدبية. لو شئت ان تقارن، اليك الطهطاوي حين زار باريس في القرن التاسع عشر، عاد منها ليكتب لنا بالعربية كتابه «الإبريز»، ثم بعده طه حسين حين كتب عن سنواته الفرنسية بالعربية، او توفيق الحكيم في عظائم انتاجه من قصص ومسرحيات و«عصفور شرقه». ثم اليك يحيى حقي و«قنديل أم هاشم»، بعد تجربة باريس والاحتكاك بثقافة غربية. وفوق هؤلاء جميعا الطيب صالح حين تناول اصطدام الشرق والغرب من منظور سوداني في رواية «موسم الهجرة الى الشمال».
    لم يكن في كل هذه النماذج تزاوج بين الثقافتين او اللغتين الانجليزية والعربية، بالقدر الذي شاب تجربة ليلى أبو العلا، فخرجت الينا بأدب سوداني عربي بلسان انجليزي.
    في الجانب الآخر، تكون المقارنة ايضا لصالح تجربة ليلى الأدبية. انظر الى الكاتبة المصرية أهداف سويف وروايتها «خارطة الحب». تكتب اهداف سويف بانجليزية رفيعة، لا تكاد تشتم رائحة مصرية في اسلوبها وقاموسها اللغوي، ولا اريد ان اظلمها في هذا التحليل، ولكن اعمالها تكاد تكون اكثر النماذج قرباً وشبهاً بأعمال ليلى ابو العلا.
    اما من ناحية المعنى والمحتوى، فإن لليلى أبو العلا تناولا متفردا لمسائل التماس الثقافي وحركة القيم المتباينة واختلاف العادات وتزاحم التضاد قي القيم الدينية، المعتقدات والممارسات، لأناس قادمين من مجتمعات شرق اوسطية او افريقية او اسيوية، يتأزمون جراء هذا التماس. وتأخذنا ليلى في اسلوبها ومبناها الفكري في حركة موازية للتطورات السياسية التي تجتاحنا اليوم، سواء قبل 11 سبتمبر أو بعدها. ولا تفصح ليلى صراحة برأي في كل هذا الذي يجتاحنا ولكنها تضع اصبعا لخلل ما في تحاور بين اي اطراف ينتمون لثقافة متباينة، بعد ان اوشك العالم ان يختزل نفسه في قرية متناهية في الصغر. لا ينبغي ان تعلو ثقافة فوق اخرى، ولا ان تنحني ثقافة امام ثقافة اخرى، كما لا يجب ان تقصي الثقافات بعضها الآخر، بل الأوجب ان تدفعنا ثورة الاتصالات والمعلوماتية الى المزيد من التقارب والتمازج الخلاق، بعيدا عن ممارسات الغطرسة الثقافية التي تتمادى فيها بعض المجموعات بما يصل الى حدود الاذلال الثقافي ـ ان جاز التعبير ـ لمجتمعات لها كل الحق في ان تستظل بتعايش سلمي ثقافي يحفظ كياناتها ولا يهددها بالفناء أو الافناء.
    تعالج ليلى ابو العلا في قصصها نماذج لاشخاص في مجتمعات الغرب، ليسوا زواراً عابرين أو طلابا مبعوثين، ولكنهم اناس زرعوا انفسهم في بيئة ثقافية غربية، فيهم من لفظه مجتمعه القادم منه، ومنهم من اقام لسنوات ودخل منظومة المجتمع البريطاني وما بقي بينه ووطنه الأم سوى ذكريات بعيدة هي أوهن من شعرة معاوية.. فيهم نماذج سودانية ايجابية واخرى سلبية، ثم نماذج اخرى بريطانية فيها السلبي ومنها الايجابي، وكذلك نماذج لأناس اخر من العالم الثالث يأخذون جميعا مكانهم في اعمال ليلى..
    وقدمت هيئة الاذاعة البريطانية في نوفمبر 2001 قصة قصيرة من اجمل قصصها وهي باسم «ماجد»، عن سوداني وزوجته البريطانية التي اقترن بها، هو بقصد ضمان الاقامة وترتيب جواز سفر مريح، وهي بقصد البحث عن رجل تحتمي به لتربية اطفالها من زوجها الذي انفصل عنها بعد ان اعتنقت الاسلام، لتكتشف ان زوجها ـ ويا للتناقض ـ مدمن خمر!
    ذهبت ليلى ابو العلا الى المانيا وسويسرا في رحلة نظمها لها ناشر روايتها في المانيا، دعاية للكتاب الذي صدر باللغة الالمانية، فجالت انحاء المانيا وقرأت نماذج من اعمالها الادبية في المنتديات الثقافية في ثماني مدن المانية، ثم عرجت الى سويسرا حيث قرأت نماذج من قصصها في المنتدى العربي هنالك، ونالت اعجابا منقطع النظير، ولقيت ـ لمفاجأتها ـ اهتماماً من قبل كثير من السودانيين، بكتاباتها وبنشاطها الأدبي في سويسرا.
    طلب منها الناشر الألماني ان تهدي اسهاماً مالياً منه وباسمها لجهة أدبية سودانية تستحق الدعم والمساندة المادية، فرشحت لهم مجلة «نفاج»، هذه المجلة البكر التي يرعاها مركز عبد الكريم ميرغني بين أم درمان في السودان ولندن. وقرأت ليلى ابو العلا مقتطفات من عدد المجلة الثاني على جمهور في المانيا وسويسرا، تعريفا بأدب الأطفال في السودان واحتفى الجمهور معها بهذه المجلة الرائعة التي تعمل على ربط أطفال السودان المقيمين في الخارج بوطنهم الأم.
    إن ليلى أبو العلا سفارة ثقافية مكتملة الأركان والمعالم، تقدم لوطنها بعضا من نفسها وروحها. تحمل اعمالها رسالة عميقة ونافذة: ان العربي المسلم يحمل هم انتمائه، لا يجرفه الدخول الى منظومة المجتمع الغربي، ولكنه يجاهد ان يبرز تفرده وتميز ثقافاته ومعتقده في تعايش حقيقي وسعي للتفاهم لا للاختلاف، للتحاور لا للتصادم.. حري بنا ان نقرأ، نحن العرب والسودانيين بوجه خاص، كيف تكتب عنا ولنا هذه السيدة القابعة بعيداً عنا الآن، في اندونيسيا برفقة زوجها الذي يقيم خبيراً لدى شركة نفطية هناك. حري بنا أن نسمع صوتها وهي تحدثنا.. وان كتبت باللغة الانجليزية، الا ان الترجمة تقربها الينا.. اعرف انها الآن بصدد نشر ترجمة روايتها الأولى «المترجمة» الى اللغة العربية، وقد انجزها الخاتم عدلان، وكان ينبغي ان يسبق نشر الترجمة العربية للرواية نشرها باللغات الاسبانية والبرتغالية والالمانية. ولكننا تأخرنا قليلا في ان نعيرها أذناً صاغية وعيناً لماحة. هلا قرأنا لها ثم ان نفكر بعدها في ايلائها التكريم اللائق، فهي الصوت الأدبي السوداني الأول والمقيم بالخارج الذي ولج الى المجتمعات الأدبية الغربية بقوة، وبانجليزية رصينة، وقال للعالم، ان للسودان وجهاً ثقافياً منيراً غير ذلك الوجه الذي درج الاعلام الغربي على رميه بكل قبيح.

                  

09-17-2009, 04:57 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ليلى أبو العلا/الروائية السودانية ـ المصرية ـ البريطانية ـ العالمية‏ (Re: سيف اليزل برعي البدوي)






    في رواية «المئذنة»، تتأرجح البطلة نجوى ، الشخصية الرئيسية بين مكانين رئيسيين، الخرطوم ولندن ، كذلك تتأرجح بين مشاعر كثيرة وذكريات تتوزع على جغرافيا غير متجانسة.
    وفي كل من هاتين المحطتين لا يمكن إلا الجزم بأنها تعيش خارج إطار المكان. هنا تقدم الروائية السودانية المغتربة ليلى أبو العلا نموذجاً إضافياً واستثنائياً، ينضم إلى تلك النماذج التي عودتنا على تقديمها أقلام العديد من الكتاب العرب المهاجرين، من أوروبا وأميركا على وجه الخصوص، عند مناقشتها قضايا شخصيات تعاني من التمزق بسبب وقوعها تحت وطأة البحث عن هوية.
    المئذنة، ثالث رواية للكاتبة بعد «المترجمة»، و«ألوان الطيف» يضاف إلى ذلك قصة «المتحف» التي فازت بجائزة كاين 2000 للإبداع الأفريقي.
    تعالج هذه الرواية على نحو يتميز بالسلاسة وعدم التشنج مأساة بطلتها نجوى وهي امرأة أربعينية تعاني من الإحباط الشديد بسبب ما تتعرض له من صدمات، ربما كانت أهمها صدمة تنقلها بين الخرطوم ولندن حيث تنجح ليلى أبو العلا في حملنا للوقوف على تراجيديا إنسانية معاصرة وشاملة.
    تبدأ أحداث الرواية بالعودة زمنياً إلى الوراء، إلى حقبة الثمانينيات، في الخرطوم، حيث تعيش نجوى وتنتمي إلى طبقة النخبة السياسية باعتبارها ابنة مسؤول سياسي مهم، مقرب إلى الرئيس. تمارس بطلة المئذنة، وهي طالبة جامعية، سلوكاً حياتياً يومياً مستوحى من علاقتها القوية بالغرب، لندن.
    حيث تمضي إجازاتها الصيفية ثم تعود إلى بلادها لتنقطع علاقتها بالواقع المحلي. في الجامعة ترتبط بعلاقة حب بأحد زملائها، أنور، ومن خلال هذه العلاقة يكتشف القارئ جزءاً من شخصيته الراديكالية التي تزدري كل شيء بما في ذلك ممارسات حبيبته نجوى وممارسات أبيها السياسية التي يوجه لها انتقادات لاذعة في خطبه.
    في انقلاب مفاجئ يلقى القبض على والد نجوى ثم ينتهي الأمر بإعدامه وفي هذه الأثناء تلوذ أسرته بالفرار إلى المنفى «لندن» لكي يشعر القارئ بأن المؤلفة تسدل الستار على مرحلة زمنية لن تعود إليها هذه الشخصية إلا في خيالها.
    في لندن تقدم المؤلفة الجزء الثاني المهم من حياة بطلتها حيث يمكن اعتباره كذلك لأنها تبدو كمن يقف على مفترق طرق إضافة إلى أن هذه الجزئية تبدو مشحونة بكم أكبر من الصراع والعلاقة الموضوعية بالحياة على الرغم من تناقضاتها.
    في دراما عائلية سريعة تنقل لنا ليلى صورة محزنة عن حياة الأسرة في المنفى. وتحت وطأة الشعور بالقهر تفقد نجوى أخاها الذي يزج به في السجن بعد سلسلة من المشكلات السلوكية من بينها الإدمان والمشاجرات .
    ومنها مشاجرته الأخيرة مع رجال الشرطة. خلال فترة زمنية قياسية أيضاً تموت أمها التي كانت تصارع المرض لتجد نفسها وحيدة منقطعة الصلة عاجزة عن القيام بأي شيء سوى التفكير في الخلاص «لقد سقطت في هذا العالم. تزحلقت حتى وصلت إلى مكان ضيق تحت سقف منخفض لا يسمح بحرية الحركة».
    في بداية رحلتها الصعبة تعمل نجوى خادمة ومربية لدى أسرة عربية مقيمة في لندن. في هذه الأثناء تأتي علاقتها بمستخدمتها كمنعطف طرق. فبينما هي في بيتها، تستحضر ذكرياتها في بلادها الأصلية وتتقاطع هذه الحالة مع حالة الحب التي تعيشها مع شقيق هذه المرأة. هنا تقدم المؤلفة مقارنة جميلة بين شخصيتي تامر حبيبها الحالي وأنور حبيبها السابق.
    أنور كان يختلف معها بشكل راديكالي على الرغم من حبه لمظهرها الخارجي، هي وتامر يتفقان في الكثير من التوجهات الفكرية والحياتية. والحقيقة أن هذا الصراع الثقافي الحضاري يبدأ في حياة نجوى قبل وصولها إلى لندن.
    ففي الخرطوم كان التقاطع بينها وبين الآخرين واضحاً. ثمة شعور بحالة من الاغتراب كان يلوح في الأفق. إذ أن الأمر لا يتعلق بخطيبها أنور المثقف اليساري وحده بل يتعدى ذلك ليشمل مجتمعاً بأكمله لم تكن تربطها به علاقة حميمية باعتبار أنها كانت قد وقعت تحت سيطرة الانبهار بالثقافة الغربية في كل تفاصيل حياتها.
    أما استحضارها لذكريات حبها السابق فهذه واحدة من الاسترجاعات الكثيرة التي تقدمها لنا ليلى أبو العلا بجمالية ووصف رائعين، ولغة لا يمكن تجاهلها سواء في بنائها أو في قدرتها على الإمساك بالمضمون، حيث يسبقها استرجاع لشخصيات وأماكن وأحداث سياسية مهمة عاصرتها بطلتها في خرطوم الثمانينيات.
    في أعمالها تهتم ليلى بمناقشة قضيتين مهمتين. قضية المرأة المسلمة المهاجرة إلى الغرب. وقضية الإنسان المغترب بوجه عام وإشكاليتها الحضارية. باعتبارهما تجربتين أحدهما لكل منهما ملمس خاص. وبشيء من الحذر تطل على كل منهما. الإطلالة على التجربتين تأتي في كل واحدة من روايتيها « المترجمة».
    حيث بطلة الرواية سمر و«المئذنة»، نجوى، كل منهما تعيش في المنفى ثم تكتشف نفسها وتختبرها. هاتان الحياتان على الرغم من أنهما قد تتداخلان في ذهن القارئ باعتبار ان حياة كل بطلات ليلى أبو العلا تبدو متشابهة بالنظر إلى إشكالية الهوية والرغبة في الخلاص التي لا تتحقق إلا من خلال الدين.
    إلا ان عدم التجزئية هذا يقابله نوع من الاختلاف في ذهن ليلى أبو العلا التي تعيش في قلب التجربة وتوافينا بتفاصيلها وهي تقف على أرض الواقع مؤكدة أنهما لا تمتزجان مع بعضهما إلى حد ضياع ملامح كل منهما في الأخرى.
    وأن لكل واحدة منهما وجهها الخاص الواضح. حيث مقابل السذاجة التي تبدو على ملامح بطلة المترجمة تظهر نجوى في رواية «المئذنة» أكثر صلابة ورغبة في التخلص من صدمتها، صدمة المفاجأة بوجودها في مكان مختلف بكل المقاييس.
    والإصرار على التمسك بهويتها الدينية. كما أن ليلى تبدو هنا أكثر تعاطفاً مع نجوى التي تصحح نفسها في النهاية، كما يظهر من قصة الحب التي تربطها بتامر. أما قضية الإنسان المغترب فهي تركز على معالجة قضية الانتماء. بمعنى الرغبة في الانتماء إلى المجتمع، مجتمع المنفى، الذي يعيش فيه وليس المجتمع الذي خرج منه بالتأكيد.
    غير أن ما يطفو على السطح هو المعاناة من الحياة فيما يشبه المنفى بداخل المنفى. هنا تجسد معاناة نجوى مثالاً حياً.فبينما كانت تعيش في قلب حياتها الأولى في الخرطوم، ها هي الآن تعيش على هامش حياتها الثانية في لندن.هذا هو وضع بطلة رواية «المئذنة» التي تفيض عباراتها بمشاعر الاغتراب والعزلة والرغبة في التخلص من مأزقها تقول «لقد هبطت إلى جوف هذا العالم . انزلقت تحت سقف منخفض في مكان ضيق لا يسمح بحرية الحركة».إن هذا المكان الذي يشكل إطار المأزق الجغرافي والنفسي والثقافي يحتوي في داخله على تفاصيل تستحق التأمل حيث تعاني نجوى من انعدام فرص الحوار مع الآخر، لا احتكاك حقيقياً، لا صراع واضح المعالم، لا انتماء بمعنى الكلمة، وبدلاً من ذلك يلتقط القارئ جواً مشحوناً بالتقاطعات.
    التقاطع العقائدي، التقاطع بين الثقافات والعزلة. وها هي امرأة في حالة انتظار لما يخبئه القدر لا تملك شيئاً سوى انفعالاتها. الكثير من هذه الانفعالات، التآسي على الماضي، الإحباط الناجم عن الفقد، فقد الوطن الأصلي، فقد المكانة الاجتماعية، فقد أفراد أسرتها وآخرهم أمها.
    النقمة على الحياة التي هبطت لكي تصبح في قاعها. ثم الخوف مما يخبئه المستقبل، والحلم بالخلاص.ثم الاقتناع في النهاية بأن الوطن الأصلي لم تعد له ذات الأهمية وهذه ورطة أساسية.
    شهدت السنوات الأخيرة من عمر الرواية (على مستوى العالم) تغيرات مهمة أولها ولادة نوع أدبي (فريد) على يد كتاب عرب وآسيويين وأفارقة مغتربين، الذين يكتبون باللغات الإنجليزية والفرنسية على وجه الخصوص. وعلى الرغم مما يوجه إلى هذا النوع من الكتابة من انتقادات تتعلق بافتقاده الهوية إلا أن ثمة ما يشير إلى هوية إنسانية شاملة تقف كوسيط بين أكثر من ثقافة.
    ولو جاز لنا أن نسميه بالأدب (بالإبداع المهجن) فإن الإعجاب به سيكون هو ما ينبغي قوله هنا على الرغم من بعض التحفظات على كتابات معينة يبدو أصحابها للقارئ كما لو انهم متطفلون ! من بين الكتاب الذين يشاد بهم من الذين يطرحون تجاربهم الشخصية والتجربة الإنسانية بوجه عام الكتاب المسلمون الذين يعيشون في الغرب.
    الواقع أن أصوات هؤلاء الكتاب لا تبدو على الإطلاق متشنجة أو متوغلة في صراعات وفلسفات سياسية وأخلاقية صعبة يبدون بعيدين عنها ولكنها تتمحور كلها حول الرغبة في وضع حد لحالة اللا إنتماء التي يعيشها هؤلاء في بلدانهم (بلدان المهجر). وهو أمر واقعي باعتبار أن ما ينقصهم هو هوية المكان الذي ينتمون إليه.
    إن ليلى أبو العلا كما تقول محررة الغارديان «تمتلك العالم بين أناملها» ويضاف إلى ذلك قدرتها على تحريكه وإعادة رسمه بالكيفية التي تراها معبرة عن نفسها وعن الآخرين.
    غير أن ما يهم القارئ أكثر من أي شئ آخر هو اكتشافها أو كشفها عن ذاتها على نحو شديد الوضوح.
    حقائق عن ليلى أبو العلا:

    ليلى أبو العلا روائية سودانية مهاجرة ولدت في الخرطوم عام 1964 وتعيش في بريطانيا، مولودة لأب سوداني وأم مصرية، عملت أستاذة جامعية. تلقت تعليمها الأساسي في مدارس أميركية خاصة، والعالي (شهادة الدكتوراه) في بريطانيا. تنقلت بين السودان وبين العديد من الدول منها مصر وإندونيسيا والإمارات ثم بريطانيا.
    بالإضافة إلى حياتها في بريطانيا تعرف ليلى أبو العلا في الأوساط الثقافية الأفريقية، وتحديداً لدى كتاب ومؤسسات مثل جائزة الإبداع الأفريقي التي فازت بأول جائزة لها بعد تأسيسها عن قصة «المتحف». كما رشحت روايتها «المترجمة» 2001 للحصول على جائزة أورانج للإبداع الروائي النسائي.
    تتميز أعمالها الروائية بتسليطها الضوء على حياة المهاجرين إلى الغرب والتركيز على المأزق الذي يواجه المرأة المسلمة المغتربة.
    رواية «المئذنة» بلومزبري 2005 آخر أعمالها الروائية.
    من أعمالها الروائية «ألوان الطيف» 2001.
    حائزة على العديد من الجوائز الإبداعية. أعمالها مترجمة إلى العربية.

    الكتاب: المئذنة
    الناشر: دار بلومزبري ـ لندن 2005
    الصفحات: 288 صفحة من القطع المتوسط

    كاتب وكتاب
    الروائية السودانية ـ البريطانية ليلى أبوالعلا:الأقليات في بريطانيا أكثر ثقافة

    نص حوار مع الروائية السودانية « ليلى ابو العلا » أجرته معها محررة صحيفة الغارديان اللندنية أنيتا سيث بالتزامن مع صدور روايتهاالثالثة «المئذنة» عن دار بلومزبري في لندن في هذا اللقاء توضح ليلى أبوالعلا الروائية الحائزة على جائزة«كين» للإبداع القصصي الأفريقي عام 2000 الأسباب التي تجعل هويتها الدينية أهم بالمقارنة بهويتها القومية.
    ليلى أبو العلا تمتلك العالم بين أناملها. تقبض بإحكام على حقيبة يد مزينة برسم لخارطة أفريقيا، حيث ولدت، في الخرطوم سنة 1964 وكانت ابنة لأول عالمة ديمغرافيا في السودان . غير أن الحقيبة لا تبوح بأماكن أخرى كثيرة من العالم تشكل خارطة حياتها وإبداعها وتلقى الضوء على حالة التنقل التي عاشتها، بين القاهرة وجاكرتا، و دبي، ولندن ثم أبردين.
    حوارها الهادئ الموسوم بالسلاسة والحيوية، مثل كتابتها، يشبه القفز الرشيق بين هذه البلاد والثقافات، يعج بما يمكن أن يضحك على المفارقات التي تمتلئ بها حياتها، مطعم بالحكايات. إلا أن عقيدتها الإسلامية كانت باستمرار الواحة الظليلة التي تحط فيها هذه القصص رحالها .
    قصص ليلى أبوالعلا تتحدر من شعور قوي بقسوة الحياة في المنفى والاغتراب الجغرافي والثقافي وقد حازت أعمالها بدءاً بقصتها الفائزة بجائزة كين الأفريقية في دورتها الأولى «المتحف»، إلى روايتها الأولى «المترجمة»، التي ظهرت على قائمة الترشيحات لجائزة أورانج للرواية على إعجاب الروائيين الأفريقيين بن أوكري وجي.أم .كويتزي.
    روايتها الثانية، «المئذنة» تلقي الضوء على حالة الانتكاس التي تسيطر على حياة بطلتها «نجوى»، المرأة السودانية التي يجبرها انقلاب مفاجئ على مغادرة بلادها والعيش في المنفى، في بريطانيا .
    تتوزع أحداث الرواية على مرحلتين زمنيتين مختلفتين الأولى في الماضي في خرطوم ثمانينيات القرن المنصرم حيث كانت تعيش بطلتها نجوى تحت الأضواء والثانية في الحاضر حيث تعيش بصمت «تتحرك في الظل».
    والواقع أن ليلى أبو العلا تقدم في هذه الرواية وجهة نظر حول المسلمة التي تعيش في لندن تبدو مختلفة تماماً عن تلك التي قدمتها في السابق مونيكا علي في روايتها «بروكلين». حيث عوضاً عن التوق إلى احتضان الثقافة الغربية، تفتش نساء روايتها عن العزاء في هوياتهن الدينية الآخذة في النمو.
    لكن ما الذي تعنيه الهوية الدينية بالنسبة لها ؟
    تجيب «الواقع أن كلاً من جدتي وأمي كانتا قد لعبتا دوراً مهما في تقوية هذا الشعور في داخلي ولذا فقد كنت أنظر إليه كشيء في غاية الخصوصية، شئ شخصي. إضافة إلى أنهما كانتا في الوقت ذاته امرأتين تقدميتين .
    درست جدتي الطب في الأربعينيات، وهو من الأشياء نادرة الحدوث في مصر في تلك المرحلة، أما أمي فقد كانت أستاذة جامعية، وبالتالي فإن وجهة نظري المتعلقة بالدين لم تتعلق بعدم خروج المرأة إلى العمل أو بارتدائها زياً بعينه؛ الواقع أن لها علاقة أكبر بالإيمان».
    غير أن التعبير عن هذا الإيمان لم يكن قد حدث قبل وصولها إلى بريطانيا، لنيل شهادة الدكتوراه، هنا تولد لديها الإحساس بالقدرة على القيام بذلك.
    تقول «على الرغم من نشأتي في بيئة متشربة بالمبادئ الغربية إضافة إلى دراستي في إحدى المدارس الأمريكية الخاصة، إلا أنني كنت خجولة، وهادئة وكنت أفكر في ارتداء الحجاب لكن لم تكن لدي الشجاعة الكافية لمواجهة الأصدقاء». في لندن، لم تكن معروفة لدى الآخرين فساعدها ذلك على المضي في الفكرة:
    لم أكن أعرف أحداً. كان ذلك في سنة 1989 ولم تكن كلمة «مسلم» مستخدمة حتى في ذلك الوقت؛ كان الناس مثلنا إما من السود أو الآسيويين. وهكذا فقد كنت أشعر بفائض من الحرية بالنسبة لما يتعلق بارتداء الحجاب.
    وبالتالي فقد أتيح للمرأة المسلمة أن تنعم بالمزيد من الحرية في بريطانيا، ما كان يسمح لها بالتعبير عن شعورها الديني. أوه، بكل تأكيد . تضيف ضاحكة «غير أنه كان يتحتم عليك أن تحدد في ذلك الوقت ما الذي ينبغي لك القيام به وأنت تتمتع بهذا القدر من الحرية». كان بمقدورك أن تفعل كل ما تريد، وعليه فقد فضلت أن أكون متدينة».
    ولكن لماذا؟ « لقد كنت أميل إلى ذلك في الواقع إلا أن الظروف لم تكن مساعدة على تنمية هذا الميل. في بريطانيا، أصبح بإمكاني دخول المسجد، كما أن الصدمة التي كنت أعاني منها جراء الشعور بأن هناك حياة قد انتهت وأن حياة أخرى قد بدأت كانت تسيطر علي.. كان ذلك ما جعلني أدرك ما تعنيه ولادة الإنسان مرة ثانية.
    الرواية مليئة بالشعور المفاجئ بالصدمة الذي تعاني منه بطلتها نجوى جراء انفصالها عن الأماكن والأشخاص الذين تألفهم. هنالك شعور بالاغتراب، يجعلها تدرك بأنه ما من أحد معها سوى الله.
    هذا ما يعلمنا إياه الدين، أن الحياة زائلة. بالنسبة لليلى، فإن ما تمنحك إياه الهوية الدينية هو المزيد من الشعور بالطمأنينة و الاستقرار. إن باستطاعتي أن أحمل «الدين» في قلبي أينما ذهبت، بينما يمكن تجريدي بسهولة من أي شيء آخر ».
    والحقيقة أن الشعور بان هناك حياة قد وصلت إلى نهايتها وأن حياة أخرى بدأت تحل محلها كان هو الذي حملها على أن تشرع بالكتابة. تقول «كنت بحاجة إلى التعبير عن نفسي . كان عمري آنذاك 24 سنة وكنت عاجزة عن الحركة أو التقدم في ذلك المكان الغريب، كان بصحبتي صبيان صاخبان، وكان زوجي يعمل في مكان بعيد عن اليابسة، في صناعة تجهيزات النفط.
    حياة لم أكن مهيأة لمواجهتها في واقع الأمر.
    تتحدث عن«بعثرة الثقة» حال وصولها إلى بريطانيا. «كانت حرب الخليج مشتعلة وكانت الصحف توجه الكثير من الانتقاد إلى الإسلام. كان ذلك يؤلمني. إلا انني تعودت على احتمال هذه الأشياء الآن».
    لكن هل تشعر ليلى أبو العلا بأن الوضوح المتزايد للإسلام في الغرب قد انعكس بالفائدة على كتابتها ؟ «على الرغم من أن ذلك لم يغير شيئاً مما أكتبه، إلا أنه كلما توسع الكتاب في التصدي لقضايا الأقليات، أصبح من السهل على الآخرين اللحاق بهم لأن الناس أصبحوا أكثر ثقافة في هذا المجال.
    ولو أن هذه الرواية كانت قد نشرت في سنة 1987، لما كان من السهل على الناس أن يدركوا الأشياء التي تدور حولها ». تعتقد ليلى بأن الصورة التي يرسمها الإعلام للإسلام آخذة في التعقيد أكثر فأكثر كما أنها مستمرة في الاختلاف على نحو أكبر. «وبدلاً من الإمعان في تغريبه، فهي تسعى إلى «تعريف القارئ به بشكل أكبر».
    لقد دأبت ليلى ابو العلا المولودة لأم مصرية وأب سوداني، على التأقلم مع فكرة التباين الثقافي الذي لا يكاد يدرك . « لقد كنت باستمرار على وعي شديد بمسألة الاختلاف بين الناس. وعندما وصلت إلى بريطانيا، كنت متأثرة بالحياة من حولي. كان السودانيون يعيشون بعيداً عن غيرهم .
    أما الآن، وبعد وصول الفضائيات، فإن الأمر يبدو أكثر سوءاً بعدما أصبحوا لا يشاهدون إلا محطاتهم الفضائية. الواقع أن هذا سيعيقهم، وحتى عندما يرجعون إلى بلادهم فإنهم سيتعرضون للصدمة لأن الأوضاع في بلادهم ستكون قد تغيرت ».
    رواية ليلى أبو العلا ترشح بمشاعر الحنين التي تسيطر على بطلتها نجوى «إنني، أحوم حول نفسي، أعجز عن التقدم، أنكفئ، ماض مشطوب، تمتمة».
    توضح ذلك «إلى حد ما، فإن ما تحتوي عليه الرواية يجسد مخاوفي هذا ما أسعى إلى القضاء عليه . لا أريد أن أبقى متوقفة . لا أريد أن أبقى حبيسة التوق إلى الماضي. أدرك أن هذه المشاعر لا تجدي، خاصة وأن لدي أطفالاً. وقد نشأ هؤلاء هنا وأصبحوا بريطانيين وهكذا ينبغي لي أن أكون أنا بريطانية أيضاً وإلا تخلفت عنهم».
    وظيفة جديدة لقد سقطت في هذا العالم. تزحلقت حتى وصلت إلى مكان ضيق تحت سقف منخفض لا يسمح بحرية الحركة. لكنني تعودت عليه في الأغلب. وعلى الرغم من الشعور بأنني بخير في الكثير من الأحيان. حيث انني أرضى بما هو محكوم علي دون إطالة تفكير أو التفات إلى الماضي. إلا أن أي تغيير يحملني على التذكر. والواقع أن الروتين مزعج كما أن البداية الجديدة تجعلني أدرك فجأة ما حل بي، ها أنا ذي أقف في الشارع ملتحفة أوراق الخريف. الأشجار في المنتزه على جانبي الطريق مكسوة باللونين الفضي والنحاسي.أنظر إلى الأعلى فتطالعني مئذنة مسجد ريجنتس بارك بوضوح تتعالى شامخة فوق هامات الأشجار.
    تتلاحق أنفاسي متصاعدة كالدخان. اتريث قليلاً قبل أن تمتد يدي لتقرع جرس إحدى الشقق ؛ الرقم مدون في مفكرتي. لقد قالت لي أن الرقم ثمانية. أسعل واشعر بالقلق خشية أن أفعل ذلك أمام مستخدمتي الجديدة، لكي أزرع في قلبها الخوف من أن أنقل الجراثيم إلى طفلها. إلا أنها قد لا تكون من ذلك الصنف القلق. الحقيقة أنني لم أتعرف عليها إلى الآن.
    آمل ألا تكون قد نسيتني. أتمنى ألا تكون قد غيرت رأيها وأودعت ابنتها الصغيرة داراً للحضانة أو تكون قد عثرت على أحد غيري.. كما أتمنى ألا تكون أمها، التي لا تزال قائمة بدور الحاضنة إلى الآن، قد مددت إقامتها في بريطانيا لكي يكون وجودي غير ضروري. شارع سان جونزود يعج بالحركة.
    رجال يرتدون بدلات ونساء شابات يرتدين آخر صيحات الموضة ويقدن سيارات جديدة تأخذهن إلى حيث يعملن في وظائف مناسبة.
    عندما يلتقط أحدهم سماعة الهاتف الموجود في المدخل، أتحدث إليه، بصوت تملؤه اللهفة بالأمل، سلام عليكم، أنا معكم، نجوى... إنها تتوقع وصولي، الحمد لله.
                  

09-17-2009, 04:59 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ليلى أبو العلا/الروائية السودانية ـ المصرية ـ البريطانية ـ العالمية‏ (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    ليلى أبو العلا (1964 - ) كاتبة سودانية و كاتبة مسرحيات.
    ولدت في القاهرة، و نشأت في الخرطوم حيث دخلت هناك إلى مدرسة الخرطوم الأمريكية. تخرجت من جامعة الخرطوم في سنة 1985 في تخصص الاقتصاد و تم منحها درجة الماجستير في الإحصاء من معهد لندن للإقتصاد. عاشت لفترة في اسكتلندا حيث قامت بكتابة معظم أعمالها هناك. حالياً تدرس و تعيش في أبو ظبي. فازت روايتها Minaret بـ «جائزة كين للأدب الأفريقي» بلندن، ورشحت أعمالها الأخرى لجوائز رفيعة. يرى بعض النقاد البريطانيين أن ليلى أبو العلا استطاعت أن تقدم صورة مختلفة عن المرأة المسلمة من خلال بطلاتها، فالمرأة عندها تجد ملاذها وقوتها في الدين وليس بالهروب منه، كما هو سائد في الأعمال الأدبية الحديثة، انها قوية تصنع ذاتها بذاتها وليس كما يشكّلها الآخرون.
                  

09-17-2009, 05:01 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ليلى أبو العلا/الروائية السودانية ـ المصرية ـ البريطانية ـ العالمية‏ (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    وصل الصف إلى البوابة، عند وصول أمنية، وزميلاها الإثنان من الأطباء، المرضي والآباء يفترشون الأرض، ينتظرونها، هي وزملاؤها، كان ذلك يوم الثلاثاء، اليوم المخصص للعيادة الخارجية لدار شيشر للاطفال من داخل الدار وخارجها، من الخرطوم ومن قراها البعيدة، أمنية تركت عربتها قرب الباب، تحت لافتة ضخمة تشير إلى دار شيشر بالعربية والإنجليزية. كان ذلك في شهر يناير وأمنية تشعر بالحيوية والنشاط حيث نادراً ما ترسل الشمس اشعتها اللاهبة في مثل هذا الوقت من العام. كانت ترتدي سترتها الصوفية السوداء. التي تناسبها وتقاطيعها تبدو بارزة، عيناها وأنفها، وطريقتها في الحديث. شابة حديثة التخرج ما زالت في فترة الإمتياز تتدرب علي تجبير وعلاج أعضاء الأطفال المشلولة. يوم الثلاثاء هو اليوم المفضل عند أمنية، مقارنة بالأيام المزدحمة والمزعجة الأخرى في العمل اليومي للمستشفى. وأمنية تستمتع وهي تقود عربتها إلى دار شيشر التي تقع في حي من أرقى أحياء العاصمة في هذا الحي الذي بني في عهد الاستعمار الإنجليزي كمنازل وسكن لأساتذة الجامعة الجديدة. أغلبها منازل واسعة رحبة، ذات طابق واحد، وحديقة مورقة وأحجار الحصى ترصف الطرق الجانبية المؤدية إلى المنازل، وسياج كثيف من الأشجار يفصل بين المنازل وكعب حذاء أمنية يحدث طقطقة بإصطدامه بالحصى والحجارة، وهي تمر بالصف الممتد. الشتاء جعل بشرة الواقفين في الصف كالحة وجافة، والشمس الساطعة جعلت ألوان ملابسهم باهتة اللون.
    بدأوا يتحركون وقد رأوها وهي تخطو على الممر. ملأهم الأمل، بأن محنة كل واحد منهم ستزول بظهورها، شعرت بالسعادة لهذا التأثير العاطفي فيهم. وهي تدخل عبر هذا الممر شعرت بالسعادة، أشعرتهم بسعادتها، فالتفتوا مبتسمين، وقف رجل عجوز متكئاً على أكتاف ابنه وهو يحييها، قالت له هل انت والد حسن؟ لقد سألت عنك في الاسبوع الماضي. أعتقد بأن حسن يجب ان يغادر المستشفى إلى المنزل الآن. هل ستأخذه معك اليوم؟ لو إنتظرتني حتى آخر اليوم سأعطيك بعض المساعدة. كانت تتكلم بسرعة دون ان تنتظر إجابته، في هذه الأثناء كانت تمسك بيد إبنه وتداعبها. حسن في السادسة من عمره وسيم ذو عينين واسعتين ولامعتين، شعره أجعد وكثيف كانت تحبه بطريقة الفتاة الشابة التي لم تعرف الأمومة بعد.
    سألته، هل تناولت إفطارك يا حسن، كانت دائماً ما تسأله هذا السؤال. لأنها كانت تحب طريقته في الإجابة وهو ينطق هامساً «الحمد لله» فهو لا يقول نعم أبداً. فنعمه دائماً هي الحمد لله كما يقل الكبار وهي بهذه الإجابة لا تتأكد من أنه تناول الفطور فعلاً أم لا فليس بعد الحمد إجابة، اليوم وهي تعبر باب الدار شعرت، كما ان والد حسن كبير السن فقير ومسحوق. صاحت في سكينة وهي تنادي بالداخل هل لديك فازلين لحسن، فجسده متشقق من البرد، سكينة هي التي تعتني بالأطفال في الدار، تعيش هنا، وتذهب لمنزلها في عطلة نهاية الأسبوع. فكرت سكينة بأن حسن حالة خاصة وليس كبقية الأطفال فهو هادئ ومؤدب، فعندما يُتلي القرآن في الراديو كانت تخبر أمنية أن حسن يترك لعبه ويستمع بأدب وشغف. أمنية تميل إلى ان تكون أكثر سخرية وهي تعتقد بأن حسن يحاول ان يعوض عجزه بهذه الحيوية والمرح. فهو ما يزال صغيراً يافعاً، وعندما يكبر قليلاً سيتألم وهو يعرف بأنه لن يستطيع ان يكون سائقاً ماهراً لعربة نقل ضخمة أو يتزوج بفتاة حسناء. بين فترات الإستراحة من الكشف علي المرضى، يتناول الأطباء الشاي. ألا تريد مزيداً من السكر دكتور موسى؟ على العموم توصيات الحكومة بالاقلال من الاستهلاك. صمتت أمنية عندما وضع رئيس الأطباء ثلاث ملاعق من السكر في كوبه وهو يقول ثلاثة ليست كثيرة، كان يتكلم وهو ينفض رماد سيجارته في المنفضة قال وهو يواصل حديثه على كل حال فإن هذه الأوامر الجديدة شاذة وسخيفة، ولن يعتمد كثيراً وستثبت فشلها، سينساها الناس. قال دكتور فريد أعتقد بأن الحكومة جادة هذه المرة، فالحكومة لا تملك المال لتستورد به السكر. وترشيد الاستهلاك يمكن ان يكون مجدياً خارج العاصمة في الاقاليم وليس هنا. لم يكن هناك وقت لدكتور موسي ليكمل حديثه، فقد دخل حسن ووالده، وبدأ الأطباء الثلاثة في فحص رجله المعطوبة الضائعة، فقد أصبحت مشلولة من وسطها وهي نتيجة لإصابته بداء شلل الأطفال وهو في سن الثانية. وقد إتفق الأطباء ان المسامير الحديدة التي رُكبت له كافية، وليس هناك داعٍ لبقائه في الدار فترة أخرى. قادت أمنية حسن ووالده إلى منزلهم ركب كلاهما خلف العربة فهم يسكنون في منازل طينية في الأحياء الطرفية للعاصمة. كان يجب عليها ان تعبر الكبري الجديد، وتتجه وتدور يميناً في طريق أسفلت رائع مزدحم بعربات النقل التي تأتي للعاصمة من القرى جنوب العاصمة.
    وعلى ضفاف النيل، تستقر ال?يلل ذات الحدائق الواسعة المورقة.
    كان لأمنية صديق دراسة يعيش في واحدة منها. في داخلها حوض للسباحة. منزل حسن يقع مباشرة عبر هذه ال?لل، عندها يجب ان تترك شارع الأسفلت وان تقود العربة عبر الطريق الترابي. الاطفال كانوا يلعبون في منظر متسخ عند اقتراب العربة. أعمارهم مختلفة فتيات صغار في أزياء ممزقة من الاكتاف وحول مختلف الجسد. وصبيان في أردية قصيرة مهلهلة، وفنايل قصيرة ضيقة تبين بطونهم وسراتهم. تركوا ألعابهم من العربات الحديدية الصغيرة يجرونها بخيوط بلاستيكية، ولساتك العربات يدحرجونها أمامهم، تجمعوا حول العربية التي وقفت أمام منزل حسن، قال لها والد حسن تفضلي يا دكتورة قال ذلك وهو يفتح في أوكرة الباب وأمنية تقول له شكراً يا حاج ووالده يصر ويلح، شكراً ليس اليوم يا حاج، فأنا مشغولة، قالت ذلك أمنية، وهي تدخل في العربة وتقفل الباب، إن شاء الله سآتي في يوم من الأيام وسأزوركم وأنا لست مرتبطة بعمل، قال لها متى ستأتين يوم الجمعة؟ لا أعرف الآن، ولكني ان شاء الله سأحضر لزيارتكم في الأسبوع القادم. مع السلامة يا حسن، ولما لم يقفل والد حسن باب العربة خلفه جيداً فقد أثارت العربة عند تحركها عاصفة من الغبار، بعد إسبوع أوفت أمنية بوعدها، جاءت محملة بالهدايا لحسن وأسرته، الهدايا تتكون من ملابس تعرف جيداً أنهم في حاجة إليها. وبحماس وقوة أعطت نصف مرتبها لوالده حسن.
    دخلت أولاً عند مجيئها لحوش المنزل الطيني وأرضيته من التراب الرملي مثل الخارج، به ماسورة بمسافة قدم من الحائط، تقطر، وزير، ألوان الحائط حمراء داكنة، أمنية توقفت قليلاً تحت انحناءة الباب، لتكتشف من أين جاء حسن بهذه الوسامة، فزينب والدته جميلة طويلة ومستقيمة ذات بشرة ناعمة، وتقاطيع انثوية لإمرأة شابة لها خمسة أطفال بينهم صبية. في سن الثالثة، الاطفال يتحلقون حول صدرها، الفتاة تبدو أصغر من عمرها ذات شعر منكوس مغبر. قالت لأمنية لو كنت أعرف انك ستأتين لنظفت الأطفال وأحممتهم إرتبكت زينب لهذه الزيارة المفاجئة، حاولت إبعاد الاطفال إلى غرفة أخرى، إفترشت لأمنية ملاءة على السرير الذي تجلس فيه، فرحت لأنها نظيفة، بقرب زينب توجد سلال وأدوات بلاستيكية مبعثرة، أرسلت زينب ابنتها لتحضر مشروباً غازياً لأمنية من كنتين على بعد نصف ميل.. الغرفة التي تجلس فيها أمنية هي الغرفة الوحيدة بالمنزل، مظلمة والسقف ليس عالياً، وهناك نافذة واحدة صغيرة بطول قدم واحدة، في الغرفة ثلاثة أسرة، تقابل كل حائط، وهناك منضدة، وفترينة أواني صغيرة، تضع فيها زينب أدوات تجميلها البسيطة، عندما حضرت الإبنة وهي تحمل مشروب البيبس كولا وضعت زينب أمام أمنية منضدة صغيرة، وأخرجت من الفاترينة كباية زجاجية نظيفة، دفعت الأطفال الذين تجمهروا أمام الباب، غسلت الكباية مرة أخرى من الماسورة، وهي ما تزال تحمل طفلها، ووضعت الزجاجة والكوب أمام أمنية، وهما يتأرجحان ويميلان ونظرات الاطفال المثبتة في الباب على الزجاجة والكوب المغطى بقطرات الندى الباردة والمكثفة. إنتشرت الإشاعة وسط الجيران عن الزائرة وحالاً ما أمتلأت الغرفة بالنساء الفضوليات.. كانت أمنية في غاية السعادة ان تكون موضوعاً للكلام والجلسة.. ووجدت نفسها تتحدث عن ندرة السكر، والتموين، وفي كتابة الوصفات والروشتات الطبية، وعن أمراض الطفولة، ومتعة النساء الجنسية، ووسائل منع الحمل، وكتبت خطابات لأقارب بعض النساء الذين يعيشون في العاصمة الخرطوم، كتبتها لهم في أوراق مسطرة وجدتها في حقيبتها، أغلب العائلات ومن بينهم أسرة حسن هم من النازحين الذين حضروا من الريف، وما يزال إرتباطهم ببيئتهم الريفية قوياً. عدما وقفت أمنية معلنة نيتها في الذهاب، قالت لها زينب بأنهم سيزورونها يوماً، وأصرت ان ترسم لها وصفاً لمكان منزلها،بعد إسبوع وهي تحمل طفلها الصغير، وحسن يتبعها وهو يلهث ويعرج ويقاوم التعب، ردت زينب الزيارة لأمنية التي كانت قد نسيتهم وهي الآن تفاجأ بزيارتهم، كانت تتجنب نظرات والدها المتسائلة، وقد أجلستهم في الصالة الخارجية، وهي تنظر في ساعتها بقلق وقد تأكدت بأن هنالك نصف ساعة قد تبقت من زيارة خطيبها ووالدته لهم. المشكلة لو رأوا زينب وفقرها وبؤسها، هنالك عدة اسئلة ستتولد في أذهانهم، قد لا تستطيع الإجابة عنها، ربما أتوا للشحدة، فكرت ذلك بسخرية، لقد كانت رحيمة وعطوفة نحوهم ربما أرادوا استغلال هذا العطف وهذا الكرم. لقد بدأت تغضب وهذه الفكرة تسيطر عليها ولكنها تراجعت عن ذلك وهي ترى زينب ترتدي حذاءاً أضيق منها يبدو أنها قد استعارته، فالشحاذ لا يتأنق للآخرين. وحسن يبدو أنه قد إستحم اليوم وغسل شعره ومشطه، ولكنه يبدو نحيفاً اليوم فقد كانوا يطعمونه جيداً في دار شيشر. أخبروا أمنية بأنه لم يستطيع الذهاب للمدرسة كبقية الأطفال، لأن هنالك خندقاً قديماً محفوراً بين المدرسة والقرية، لكن أمنية لم تكن تستمع إليهم فكرت في ان تحضر لهم مشروباً، ثم تذهب بهم بعيداً خارج المنزل، فزيارتهم لها تعتبر إساءة وانتهاكاً لكرامتها، كانت تريد ان يكونوا عينة دراسية ترى من قرب البؤس والفقر، دون ان يبادلها هذا البؤس والفقر الزيارة ويقيم علاقة قرب وصداقة معها، يأتي إليها رسمياً ومتأنقاً. خارج بيئته، وداخل بيئتها الارستقراطية. قالت لها زينب خذي هذه معك. إنها هدية متواضعة، وقد رفعت باقة بلاستيكية من الأرض ذات غطاء أبيض، قالت أمنية لها لماذا تتعبين نفسك. وأمنية تحاول ان لا تنظر إلى الهدية، فزينب ترد الهدية بهدية أىضاً تلك هي أصول الصداقة. حملت أمنية الباقة البلاستيكية الثقيلة، وتمنت لو لم تكن زارتهم وتعرفت بهم وبدأت تفكر وتخمن ماذا في هذا الوعاء البلاستيكي؟ هل هو زبدة سائلة، أو عسلاً طبيعياً فكرت في ان تقذف بالإناء بعيداً، إنه خسارة فلن يفكر أحداً من الأدارة في أكله أو إستعماله. الزمن يمر ويجب غسلها وإرجاعها لصاحبتها، تنهدت أمنية محتارة وهي تفتح الثلاجة لتحضر زجاجتين من مشروب البيبس لزينب وحسن، وضعت الجركانة على المنضدة في المطبخ، نزعت الغطاء متأففة. ونظرت بداخله، رغم جوعهم وحوجتهم، فقد كانت الباقة الضخمة مليئة بارطال وارطال من السكر الأبيض النادر الذي كان كل بيت في الخرطوم يعتبره ثروة نادرة وقيمة.. مسحت دمعة وخرجت إليهم وهي تبتسم.



                  

09-17-2009, 04:06 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ليلى أبو العلا/الروائية السودانية ـ المصرية ـ البريطانية ـ العالمية‏ (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    up
                  

09-18-2009, 01:33 AM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30716

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ليلى أبو العلا/الروائية السودانية ـ المصرية ـ البريطانية ـ العالمية‏ (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de