اليوم زرت قبر أخي الاستاذ طه أبوقرجة..عليه الرحمة والغفران

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-17-2024, 05:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-12-2009, 03:29 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اليوم زرت قبر أخي الاستاذ طه أبوقرجة..عليه الرحمة والغفران

    اليوم وبعد أن دفنا جثمان اخونا العزيز مصطفى بريمة كوه في مقابر الحنينية بمدينة الرفاع بالبحرين.. ذهبت وبحثت عن قبر أخي الاستاذ طه ابوقرجة..والحمدلله لم اتعب في البحث في شمس حارقة،، وبكل سهولة وجدت القبر الذي ضم جثمان أستاذ أدب الحوار طه ابوقرجة الذي فقدناه في يوم 3 مايو 2003م..

    والقبر كان واضحاً مثل صاحبه ومكتوب عليه..
    قبر المرحوم طه اسماعيل أبوقرجة..المتوفي في 3 مايو 2003م..
    جلست على حافة القبر مترحماً على أخي طه..
    شريط من الذكريات الجميلة التي طافت بخيالي سريعاً..تذكرت اريحيته..وحب للناس.. وحبه للسودان وللحق والحقيقية..تذكرت حتى اللحظة التي كنا نقوم بواجب الدفن وعندما تم سحب الكفن بان جزء من وجهه الطاهر، هطلت دموعي كالمطر..
    طه ابوقرجة ذلك السوداني الحنين..صاحب الكرم والجود..
    طه ابوقرجة العالم الفقيه زرب اللسان قوي البيان..
    اللهم ببركة هذا الشهر العظيم أن تغفر وترحم اخونا العزيز طه ابوقرجة وتسكنه منازل الصديقين والشهداء وأن تبارك في ذريته..انت نعم المولى ونعم النصير.
                  

09-12-2009, 03:32 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اليوم زرت قبر أخي الاستاذ طه أبوقرجة..عليه الرحمة والغفران (Re: khalid abuahmed)

    من مكتبة الاخ الاستاذ عادل محمود أقتبس لكم منه هذا النور..وهذه الإضاءات حول شخصية طه ابوقرجة للذين لا يعرفونه، هذه المساجلات مع د. خالد المبارك والتي مثلت تراثاً قيماً للفقيد في أدب الحوار، ويمكن ان تصلح أن تكون نبراساً لكل الذين يريدون أن يعبروا عن حاجاتهم في ظل هذا التردي في لغة الحوار.

    مقال د. خالد المبارك يكشف عن حقائق مؤسفة (2 من 3)

    ألم يأن للسودانيين أن ينشئوا حركة سياسية حية ؟؟
    فالحركة السياسية الحالية ولدت في الأربعينيات ميتة

    طه إسماعيل أبو قرجة - 28 ديسمبر 2002
    في هذا الجزء من المقال أتعرض إلى بعض النقاط التي أثارها الدكتور خالد المبارك في مقاله. ومثلما اهتممت في الجزء الأول بلفت الأنظار إلى تزييف التاريخ السوداني، يهمني هنا أن أنبه إلى أمرين هامين كشف عنهما مقال الدكتور خالد المبارك. أولهما ذهول المتعلمين السودانيين عن واجبهم في توعية الشعب. وثانيهما عجز السودانيين حتى اليوم عن إدراك حقيقة بسيطة وظاهرة هي موت الحركة السياسية السودانية.

    محنة الشعب السوداني في أبنائه المتعلمين :

    إن مقال الدكتور خالد المبارك يكشف عن جانب من محنة الشعب السوداني في أبنائه الذين اقتطع من شظف عيشه ليعلمهم، ليعملوا على رفعه من وهدته. وتلك محنة كبرى، ولا ريب. وهي أس داء هذا البلد المنكوب. والجانب الأسوأ من هذه المحنة يمثله المتدثرون بالدين، في حين يمثل المتدثرون بالحداثة الجانب الآخر. فمثلما عاد الدكتور الترابي من السوربورن بلقب الدكتوراه في القانون الدستوري ليسلب الشعب أبسط الحقوق الأساسية وليرتد بالبلاد إلى حقب الإجماع السكوتي وثقافة عصر الشافعي، ومثلما عاد السيد الصادق المهدي من أكسفورد ليتبوأ قيادة أكبر حزب طائفي بالبلاد، كذلك عاد خالد المبارك بالدكتوراه التي لا يبدو لها أي أثر في مقاله هذا العجيب، ليشيع الغيبوبة بين الناس، مثلما يفعل أضراب له، اتخذوا من الحداثة عباءة جديدة بعد أن أبلى أولئك عباءة الدين، يحشرون لفظها حشراً في مقالاتهم، فيما بدا جلياً أنهم يجهلون محتواها كل الجهل. أسمعوه ماذا قال:-
    (.. لكن الأستاذ محمود محمد طه ارتكب أيضاً عدة أخطاء تقديرية جسيمة. حدثت انتفاضة رفاعة-التي أشاد بها المتحدث- احتجاجاً على قرار الإدارة الاستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني. قيل للعامة: "يريد الإنجليز أن يتدخلوا في كل شيء حتى "...." بناتكم! وفعلاً ثار الناس حماية للشرف الرفيع وكان على رأسهم الأستاذ محمود. كان موقفه ذلك متخلفاً ورجعياً في مواجهة قرار "تحديثي" جريء وسليم. انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال ضد الاستعمار بل هي من مخازينا. ويقع وزرها على كاهل الأستاذ محمود محمد طه. قيل لنا أنها مثل إضرابات الطعام في المدارس وإضرابات زيادة الأجور العمالية، مجرد ظواهر اجتماعية لمضمون سياسي هو رفض الاستعمار. وهذا دفاع واه لأن الأستاذ محمود لم يراجع مواقفه علناً أو يذكر مبرراته بعد نيل الاستقلال..).

    د. خالد المبارك لا يعلم الحقائق الأولية :

    دعونا من تقويم الدكتور خالد المبارك لثورة رفاعة حتى نمتحن إلمامه بالحقائق الأولية. فهو إن كان له حظ من الإلمام بالحقائق الأولية، كانت فيه مظنة قدرة على تقويم تلك الثورة. أما إن كان منذور الحظ من المعرفة بالحقائق الأولية، فقد انقطع الظن فيه.
    هل صحيح أن الأستاذ محمود لم يقل شيئاً عن الخفاض وعن ثورة رفاعة بعد الاستقلال؟ لقد اصدر الإخوان الجمهوريون كتاباً باسم "الخفاض الفرعوني" في عام 1981، تعرضوا فيه لعادة الخفاض ولملابسات ثورة رفاعة وهدفها. كما أن بموقع الفكرة الجمهورية بشبكة الإنترنت أكثر من كتاب يتعرض لثورة رفاعة، منها كتاب (معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية خلال ثلاثين عاماً 1945-1975). ثم أن معهد الدراسات الإفريقية والآسيوية كان في سعيه خلال عام 1975 لتوثيق تاريخ الحركة الوطنية قد أجرى مقابلة مع الأستاذ محمود ورد فيها حديث مفصل عن ثورة رفاعة. والتسجيل الصوتي لهذه المقابلة موجود بموقع الفكرة بشبكة الإنترنت. ومن الأفضل للدكتور خالد المبارك أن يرجع، ليقرأ، ويسمع، قبل أن يكتب. ثم إن عليه أن يبحث في الأسباب التي ساقته إلى هذا التقرير الخاطئ، ولينظر ماذا يمكنه أن يفعل لتدارك أمره. ذلك أمر متروك له.

    الدكتور خالد يرمي الأستاذ بعدم عفة اللسان !!.
    هذا يسوقني لإبراز أمر آخر شديد الدلالة على أن الدكتور خالد المبارك قد كتب بمجافاة تامة للنهج العلمي. فقد جاء في مقاله العجيب:- (قيل للعامة: [يريد الإنجليز أن يتدخلوا في كل شيء حتى "…" بناتكم]). إن عبارة الدكتور هذه لا تعطي غير فهم واحد، هو أن الأستاذ محمود محمد طه هو الذي قال ذلك. وتلك حالقة للدكتور. فهو يوحي إلى الناس بأن الأستاذ محمود قال عبارة يعف قلمه هو عن إيرادها.

    هل رأيتم هذا الإدعاء؟!

    من أين للدكتور خالد المبارك بهذه العبارة؟ إن نص الخطبة التي ألقاها الأستاذ محمود في مسجد رفاعة، والتي تحرك الناس بعد سماعها إلى السجن، موجود، وقد تم نشره. كما أن ما كتبه الحزب الجمهوري في معارضة قانون الخفاض مرصود، وبعضه منشور بالإنترنت. فهل يظن الدكتور خالد المبارك أنه يحترم القراء حين يشيع عليهم لغواً مثل هذا عن رجل مواقفه موثقة بالكلمة المقروءة والمسموعة؟ بل هل يظن أنه يحترم قلمه ونفسه حين يجترح ذلك؟ إن الأستاذ محمود محمد طه إن كان يتفوه بمثل هذه العبارات الساقطة لما ثار للعفة والعرض، ولما نهضت مدينته التي تعرف خلقه بأسرها من ورائه. إن ما قاله الدكتور خالد لا يعلق بالأستاذ محمود. ولقد يكفي أن أقول أن الأستاذ محمود محمد طه قد كتب في عام 1951 موضحاً أن الحزب الجمهوري عارض الطريقة التي شرع بها الإنجليز في محاربة عادة الخفاض لأنها "طريقة تعرض حياء المرأة السودانية للابتذال، وعلى الحياء تقوم الأخلاق كلها، والأخلاق هي الدين".
    إن الدكتور خالد المبارك لا يعرف عن من يكتب، ولا عن ماذا يكتب، ولا لمن يكتب. بل ظهر أنه يكتب في أخطر الأمور بناء على السماع ممن ليس بذي شأن. أعتقد أن عليه أن يراجع أمره، لأنه بهذا لا يفعل أكثر من تسويد الصفحات بغثاثة منكرة، ومن الإساءة إلى الدرجة العلمية التي يحملها، بل وربما إلى المؤسسة العلمية التي منحته هذه الدرجة.

    غثاثة لا تليق:
    لقد شط الدكتور خالد المبارك عن النهج العلمي ولجَّ في الغثاثة. أسمعوه يقول:- (ولعل دعوة الأستاذ محمود للاعتراف بإسرائيل هي السبب المباشر في الرعاية الحميمة التي ينالها أتباعه في الغرب، حيثما حلوا). هل رأيتم هذه الغثاثة؟ هل لدى الدكتور خالد المبارك إحصائيات عن أعداد الجمهوريين في الغرب أو مقارنة لأعدادهم بأعداد الفرق السياسية الأخرى؟ أم انه يكتب بالطريقة التي يتحدث بها بعضنا في المقاهي؟ ثم ما هي الرعاية الحميمة التي ينالها الجمهوريون في الغرب؟ هل هي حق اللجوء السياسي أم أكثر؟ وإن كانت أكثر من ذلك، فما هي؟
    إن منح الجمهوريين حق اللجوء السياسي قائم على أساس أنهم أهل فكر في بلد ليس للفكر فيه كرامة، بل يتضافر فيه حتى أصحاب الدرجات العلمية الرفيعة على سلبهم مجرد حق اشتمال مصادر التاريخ على الوقائع المتصلة بهم، كما فعل الدكتور خالد المبارك في مقاله هذا العجيب، عن قصد أو عن غفلة. ألا يرى الدكتور أن الجمهوريين بإزاء هذا كله يستحقون منحهم حق اللجوء، بل وأكثر من حق اللجوء؟
    إن ما قاله الدكتور خالد المبارك في هذا الشأن لا يجوز على السودانيين في المهاجر المختلفة لأنهم يعرفون كيف يعيش الجمهوريون، ويعرفون إن كانوا يلقون رعاية خاصة. ولكن هذا الكلام قد يجوز على بعض قراء الرأي العام في الداخل. فهل قصد الدكتور خالد المبارك أنه يسخر قلمه للتضليل والكتابة غير المسئولة التي تتسقط رضاء الهالكين؟ أم انه تورط في ذلك غافلاً؟
    بيد أني يجب أن أقول للدكتور أنه بهذا القول قد أظهر تخلفه عن جهلاء المعارضة السلفية بنحو أربعين سنة. فقد كانوا يشيعون أن الجمهوريين يتلقون أموالاً من إسرائيل لتمويل نشاطهم، حتى إذا ما هرعوا إلى البنوك وسجلات الأراضي في يناير 1985 لمصادرة أموال الأستاذ محمود محمد طه لم يجدوا حتى حساباً مصرفياً واحداً، ولا عقاراً سوى منزل الحكر المبني بالجالوص في تلك الحارة الشعبية. وهاأنت يا دكتور تحاول تسويق تلك التهم الساذجة القديمة تحت مزاعم جديدة، هي الرعاية التي يجدها الجمهوريون في الغرب. وأنت رجل تحمل درجة الدكتوراه، وتصور نفسك كرجل عليم بالغرب، وتلصق "مفكراتك" ببريطانيا دون ما سبب واضح، وتكتب زاعماً محاربة أنصاف الحقائق، فما بقي غير أن يصدق الناس ترهاتك هذه؟ إنني أقول لك ذلك لأن المرء قد ينزلق بالغفلة فينحط في طرفة عين عن مستوى أجهل الجاهلين. ألم يقل النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يرى بها بأساً فيهوي بها في النار سبعين خريفاً)؟ بلى قد قال، وعلينا أن ننتبه.

    لا يقرأ أم لا يفهم ؟!
    لقد أبى خالد المبارك إلا أن يفيدنا بأنه لم يقرأ شيئاً للأستاذ محمود محمد طه، أو أنه لم يفهم. أسمعه يتحدث عن الأستاذ: (أصاب حينما لم يوصد باب الاجتهاد)!! فهل كانت قضية الأستاذ هي الاجتهاد وفتح أو وصد بابه؟ وماذا كان رأي الأستاذ في الاجتهاد كسبيل لحل مشاكل عصرنا؟ إن الدكتور خالد المبارك لا يعرف شيئاً من هذا، ولكنه يحب أن يوحي إلى القارئ أنه يعرف، تماماً مثلما هو يحب أن يوحي إلى القارئ بأنه يعرف مضامين الحداثة، فحشر المفردة حشراً في مقاله. الظاهر عندي أن الدكتور خالد المبارك يحسن الظن بنفسه إلى الحد الذي يزدري به الناس ويرى أنه يمكنه نقد مواقفهم التاريخية والفكرية دون أن يكلف نفسه مشقة الوقوف عليها.

    حركتنا السياسية ولدت ميتة :
    قال الدكتور خالد المبارك:- (وقد أخطأ الأستاذ محمود أيضاً كقائد سياسي حينما جعل الحزب الجمهوري "حزب فرد" تلف حوله كل اللوالب الإدارية والفكرية، فلما قتل مات معه الحزب). هذا لعمري حديث العوام. ولذا لن أخوض في طبيعة علاقة الأستاذ بالحزب الجمهوري، ولا بما أسماه الدكتور باللوالب الفكرية والإدارية. لن أخوض في هذا معه، وإنما أسأله عن مظاهر حياة الأحزاب الأخرى إن كان يحسب أن الحزب الجمهوري قد مات وأنها حية. وقبل أن يجيبني إجابة سطحية، أرده إلى رأي الحزب الجمهوري الوارد في "السفر الأول" الصادر في أكتوبر 1945 بأن الحركة السياسية السودانية ولدت ميتة.
    إن الأمر المؤسف هو أن السودانيين في جملتهم لا يزالون يجتمعون حول حركتهم السياسية على نحو مما ظلوا يفعلون منذ قيام الحركة السياسية الحديثة في مستهل الأربعينات، وينتظرون منها خيراً. بل إن ما يدعو لمزيد من الأسى هو أن السودانيين المتعلمين، في مهاجرهم المختلفة، يظنون أن ليس عليهم من واجب سوى دعم هذه الحركة ممثلة فيما يسمى بالتجمع الوطني الديموقراطي وتكوين فروع له تكون بمثابة مكاتب خلفية.
    لقد كان للحزب الجمهوري شرف التنبيه منذ عام 1945 إلى حقيقة أن الحركة السياسية ولدت ميتة. بيد أن الشعب السوداني ظل يتعهد هذه الجثة طيلة العقود السوالف دون أن يدرك حقيقة ما يتعهد، حتى هذا اليوم وقد زحم عفنها الأفق. ورغم أن هذه الحقيقة ظلت تتكشف يوماً بعد يوم وتتزايد أعداد مدركيها، إلا أن الوقت قد أنى ليدرك الشعب في جملته هذه الحقيقة الضرورية. فهو إن لم يدركها سيظل يدور في هذه الحلقة المفرغة. لقد أنى لشعبنا أن يدرك هذه الحقيقة، فيقبر هذه الجثة المنتنة، وينشئ بدلاً عنها حركة سياسية جديدة، حية، مقتدرة، كريمة.
    إن المتعلمين على وجه الخصوص مرجوون لأن ينهضوا لهذا الدور. ولقد كان الدكتور خالد المبارك جديراً بالانتباه إلى موت الحركة السياسية، ولكنه لم يحب أن يفكر تفكيراً جديداً، وإنما أحب أن يسير في الطريق المطروق. فهو قد انتبه إلى أن رأي الأستاذ في مشكلة الشرق الأوسط كان متقدماً على نحو أسطوري، ولكنه لم ينتبه إلى أن رأيه في الحركة السياسية السودانية كان كذلك. والدكتور خالد المبارك مرجو لأن يتدبر ذلك، وأن يبزم على الإسهام في ميلاد حركة سياسية جديدة تعوضنا عن هذه الجثة.
    ثم إني أعود وأقول للدكتور خالد المبارك أن الجمهوريين يعرفون بعض قصورهم، وما يفصل بينهم وبين الشعب، وهم من أجل ذلك توقفوا عن الحركة، وهم يسعون لتلافي قصورهم. وهم ربما كانوا أعلم بعمق الأزمة، وأصدق مع أنفسهم، من الأحزاب الأخرى التي تصم آذان الشعب بجعجعة بلا طحن، وتصرف الشعب عن حقيقة مشكلته وعن حلها. هذا أمر قد تكشف عنه الأيام. لكن الذي يهم الدكتور خالد المبارك هو موقفه هو، ومسئوليته كمتلق عن الجمهوريين حين ينظمون أنفسهم ويكتبون أو يتكلمون. فهو لا يحق له أن يتطرق لحراك أو موات الجمهوريين بينما لم يكلف نفسه عناء قراءة ما كتبوا ولا سماع ما قالوا. إن مستوى المتلقين، لا علم المتكلم وحده، يحدد أيضاً مستوى الخطاب. ومستوى الخطاب قد يكون الصمت. والصمت، والتولي عن المدعوين إلى حين، معروف في تاريخ الأديان والدعوات، والكلام فيه يطول. ويكفي أن من الرسل من صمت ثلاثين عاماً قبل معاودة الكلام. فليكف الدكتور خالد المبارك عن رمي الأستاذ محمود بقبض اللوالب الفكرية والإدارية للحزب الجمهوري، وليعكف على قراءة ما كتب، وعلى سماع ما قال. ذلك أجدى له وللناس مما يشيعه باسم الحداثة. إن من لم يقرأ ما كتبه الجمهوريون ولم يسمع ما قالوا، لا يحق له الحديث عن حراكهم أو مواتهم. لأنه في حقيقة الأمر أولى له أن يظن الموات بنفسه لا بالناس.

    ثرثرة لا معنى لها :
    إن مقال الدكتور خالد برمته ثرثرة لا معنى لها. فهو قد حاول أن يصور لنا أنه يكتب ليوزن الإعجاب الواقع بالأستاذ حتى لا يغفل الناس عن أخطائه. أسمعوه ماذا قال:- (ولا ينبغي أن تحول الرغبة في ذكر محاسن الأموات ولا المناداة الموضوعية بحق الأستاذ محمود في الاجتهاد دون نقده. كما أن الاعتراض على مقتله وحرق كتبه بطريقة دعائية مرتجلة لا ينبغي أن يتخذ ذريعة للنظر إليه بعين الرضا وحدها. فقد كان آدمياً ابن أنثى وقائداً سياسياً أخطأ وأصاب).
    هل رأيتم مساهمة الدكتور خالد المبارك في هذا الوقت الذي تحذِّر فيه الحكومة الصحف من نشر مقالات يرد فيها ذكر الأستاذ أو فكره بخير؟ وهل يا ترى يعلم الدكتور أن الحكومة قد منعت في يناير الماضي الاحتفال الذي ازمعته اللجنة القومية للاحتفال بالذكرى السنوية لاستشهاد الأستاذ؟ هل يعلم الدكتور ذلك أم أنه يجهل الحاضر كما يجهل الماضي فيبدو وكأنما يكتب من صندوق مغلق؟ وإن كان يعلم، فهل يرى أن كفة الإعجاب بالأستاذ والإطراء عليه راجحة بحيث يتوجب عليه كتابة مثل هذا المقال المخالف لكل أسس العلم والموضوعية؟ أم هل عساه يرى أن الزمان قد لا يجود بمن هو في مثل قدرته الذهنية ليرد الأمور إلى نصابها في الوقت المناسب فآل على نفسه أن يقوم بالواجب قبل أوانه؟

    كلمات للدكتور :
    لقد وزع الدكتور خالد المبارك تهم الولاء الطائفي يمنة ويسرة، شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً. وهو قد فعل ذلك بتهكم غير خاف. وفي خضم ذلك حدثنا عن المثل الإنجليزي (ثمة سمك كثير في البحر)، وعن استشهاد السير دوقلاس هيوم به وهو يجيب على سؤال السائلين عمن عساه سيخلفه في وزارة الخارجية البريطانية. ويهمني هنا أن أهمس في أذن الدكتور خالد بكلمات.
    أولها، أنه من ضمن سمك البحر، لا اعتراض لدينا في ذلك، لكن عليه أن يعرف مياهه.
    وثانيها، أنه من الأجدى له أن يستغل تواجده ببريطانيا لينقب في مصادر التاريخ السوداني هنالك قبل أن يكتب بشأنه. والقارئ السوداني يهمه هذا التاريخ بأكثر مما تهمه كلمات دوقلاس هيوم ومعارك حزب العمل مع اللوردات.
    وثالثها، أني لا أرى معنى لاستعراض معايشة الدكتور أحداث السياسة الإنجليزية الداخلية، ولا لتصدير مقاله بعبارة (مفكرة سودانية-بريطانية)، أم يا ترى أن صحيفة الرأي العام هي التي اختارت ذلك؟
    ورابعها، أنه كان يمكن لمقاله أن يكون عميقاً ومفيداً. فما أسماه بالنزعة الصوفية المتأصلة في جينات السودانيين هي أس الرجاء فيهم وفي وحدة ترابهم. وهي هي التي تجمع بينهم في حقيقة الأمر، وليس الحدود السياسية الطارئة. وهو قد لاحظ أن هذه النزعة متأصلة في الجنوب والشمال. وأقول له أنه ليس هناك ما يمنع أن يكون رجل قبيلة النوير الذي أشار إليه "عارفاً" وليس مجرد "عراف". إن ما يعاب ليس النزعة الصوفية، وإنما الميول الطائفية. والطائفية هي اتباع رجل بدل اتباع فكر. هي إلغاء العقل. وليس هناك من جماعة ناهضت الطائفية أكثر من الجمهوريين، ولذلك فإن ما يمكن أن يقال عن الطائفية لا يقال لهم.
    وخامسها، إن الدكتور يحتاج ضبط عبارته. فعلى سبيل المثال، لا معنى لقوله بأن أهل بلاد السودان دخلوا الإسلام "قبل وأثناء وبعد المرحلة المسيحية"!! فالناس يعلمون أن السودانيين دخلوا الإسلام أثناء وبعد المرحلة المسيحية، كما يعلمون بأن المرحلة المسيحية قد بدأت في منتصف القرن السادس الميلادي- أي قبل ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم بمكة. ومن أجل ذلك لم استطع أن أفهم كيف دخل أهل السودان الإسلام قبل المرحلة المسيحية!! أم أنه جريان القلم بغير فكر؟ إن ضبط العبارة من ضبط الفكر. أعانني الله وإياك على ضبط الفكر والعبارة.
    ثم إن الدكتور خالد المبارك غير متهم عندي بمعاداة الفكر الجمهوري. بل أني أقبل ما ذكره من مواقف في مواجهة المؤامرة التي استهدفت الفكر الجمهوري وحياة الأستاذ محمود محمد طه. كما أني أحمد له نشاطه الجم في الكتابة، وأشعر أن الخطأ الذي ارتكبه في مقاله هو خطأ من يعمل ويكتب، وهو حتى إن كان خطأ جسيماً فأفضل من الصمت الذي يلف مجاميع المتعلمين السودانيين. لقد حاولت جاهداً أن لا أتحامل عليه وآمل أن لا تكون الشدة التي تظهر في بعض جوانب هذا المقال قد فاقت الجرعة اللازمة.
    هذا وسيتوفر الجزء الثالث على إلقاء بعض الضوء على ثورة رفاعة.

    طه إسماعيل أبو قرجة28 ديسمبر 2002
                  

09-12-2009, 03:37 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اليوم زرت قبر أخي الاستاذ طه أبوقرجة..عليه الرحمة والغفران (Re: khalid abuahmed)

    كتب عبد الله عثمان عن الراحل الفقيد في سودانايل

    سلام علي طه ابوقرجة في الخالدين

    عبد الله عثمان/واشنطون
    [email protected]

    بسم الله الرحمن الرحيم
    انتقل الي الرحاب العليا صباح اليوم بالبحرين الأستاذ طه اسماعيل ابوقرجة المحامي- الا رحم الله الفقيد الذي كان مثالا للمثقف المتجرد الملتزم بقضايا شعبه ووطنه ودينه.
    نشأ الراحل المقيم في أسرة أنصارية عريقة هي أسرة الأمير أبوقرجة، ولكنه لم يركن للجاه الموروث فأخذ يتلمس الطرق البكر التي لم تطرق، شأنه شأن المفكرين الأحرار، فقادته نفسه التواقة الي منابع الفكر والحرية الي رحاب الأستاذ محمود محمد طه فأنخرط فيها غير مبال بكل ما قد يجره عليه ذلك الطريق، وقد أصبح كل همه هو ما قال عنه الأستاذ محمود محمد طه (غايتان شريفتان وقفنا ، نحن الجمهوريين ، حياتنا ، حرصا عليهما ، و صونا لهما ، وهما الإسلام و السودان .. فقدمنا الإسلام في المستوى العلمي الذي يظفر بحل مشكلات الحياة المعاصرة ، و سعينا لنرعى ما حفظ الله تعالى على هذا الشعب ، من كرايم الأخلاق ، و أصايل الطباع ، ما يجعله وعاء صالحا يحمل الإسلام إلي كافة البشرية المعاصرة ، التي لا مفازة لها ، و لا عزة ، إلا في هذا الدين العظيم ..).
    أضحي الأستاذ طه عاملا كل وقته للدعوة للأسس التي قامت عليها الفكرة الجمهورية وهي تتمحور أولا وأخيرا حول الإسلام والسودان ، كما جاء في لائحة الحزب الجمهوري في كتاب (أسس دستور السودان) وهي كما يلي
    أ) قيام حكومة سودانية جمهورية ديمقراطية حرة مع المحافظة عل السودان بكامل حدوده الجغرافية القائمة الآن.
    ب) الوحدة القومية
    ج) ترقية الفرد و العناية بشأن العامل و الفلاح .
    د) محاربة الجهل .
    هـ) الدعاية للسودان.
    و) توطيد العلاقات مع البلاد العربية و المجاورة
    ظل الفقيد يجوب أصقاع السودان داعيا ومبشرا بالثورة الثقافية التي مفتاحها (طريق محمد) كما بينه الأستاذ محمود في عديد مؤلفاته، وظل كذلك منافحا بقلمه وفكره ، ولعل الكثيرين يذكرون أنه كان أحد الفاعلين في بلورة رأي عام قوي بجامعة الخرطوم إبان سطوة تنظيم الإتجاه الإسلامي، فقد كا الأستاذ طه من أبرز مهندسي الإتحاد النسبي، وقد كان لمشاركته ومشاركة إخوانه الجمهوريين القدح المعلي في كسر هيبة الأخوان المسلمين وفضحهم أمام الطلاب.
    كان ذلك ولا يزال هو ديدن الأستاذ ولعل مقالته التي نشرت بمنبر سودانايل عن ضرورة خلق رأي عام سوداني في نقاشه لما سمي بحصر الكفاءات السودانية بالخارج لا تزال منشورة في هذا المنبر.
    شارك الفقيد بنشاط جم في هذا المنحي وقد كتب في الفترة الأخيرة عن "بيعة السقاي" وعن الأزمة في جنوب السودان وعن أحداث العراق وكان في كل أولئك ملتزما بخط المثقف الثوري الملتزم بقضايا شعبه ووطنه ودينه حتي توقف قلبه الكبير عن الخفقان ووري الثري بمملكة البحرين.
    الا رحم الله الأستاذ طه أبوقرجة بقدر ما أسدي لشعبه ووطنه ودينه، وجعل البركة في أهله ومحبيه ومعارفه، إنه أكرم مسئول وأسرع مجيب
                  

09-12-2009, 03:40 PM

khalid abuahmed
<akhalid abuahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 3123

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اليوم زرت قبر أخي الاستاذ طه أبوقرجة..عليه الرحمة والغفران (Re: khalid abuahmed)

    آخر مقال كتبه الفقيد طه قبل وفاته بـ 9 ايام فقط.

    نحو رأي عام سوداني مشروع حصر الخبرات السودانية بالخارج

    قضية للحوار والموقف

    طه إسماعيل أبو قرجة
    [email protected]
    تلقيت قبل أيام قلائل خطاباً من السفارة السودانية موضوعه حصر الكفاءات السودانية بالخارج، مشفوعاً باستمارة لتملأ وتعاد إلى السفارة لترجعها إلى الجهة المختصة بالسودان، وهي الأمانة العامة لمجلس الوزراء- لجنة تنفيذ مشروع السجل القومي لحصر الخبرات السودانية. والاستمارة وصفت بأنها سيرة ذاتية للخبرات، وهي عبارة عن صفحتين تتعلقان بالبيانات الشخصية كالاسم ومكان وتاريخ الميلاد والمؤهلات الأكاديمية والتخصص والمجهودات البحثية والعلمية والمسئوليات السابقة وجهة العمل الحالية والعناوين بكافة أنواعها ونحو ذلك.

    الأمر إذن يتعلق بعشرات، وربما مئات، الآلاف من السودانيين بالمهاجر، وربما استلمه كثير منهم من السفارات. وذلك ما حملني على طرحه، لتداوله واتخاذ موقف جماعي منه.

    حين استلمت الخطاب تساءلت عن هدف الحكومة الحالية من حصر الكفاءات بالخارج، وعما إذا كان ذلك هو السبيل الصحيح لأداء المهمة. وقفز في رأسي شعار هذه الحكومة الذي ظلت تعمل به منذ أول يوم لها وهو: الولاء قبل الكفاءة. وتساءلْتُ لماذا تبدي الحكومة الآن اهتماماً بالكفاءات وهي التي تحتقر الكفاءة أصلاً ولا تقيم لها وزناً.. ومن أجل ذلك طردَتْ عشرات الآلاف من الخدمة العامة واستبدلتهم بأغرار جُهّال ينفذون لها ما تريد ويفعلون باسمها ما يريدون.. ومن أجل ذلك أيضاً جهِدَتْ في إفساد التعليم لتمكين الجهل من الشعب لتستمر في الحكم، فأضعفَت مؤسسات التعليم العام والعالي، وشرَّدَت منها الكفاءات، ووضعت مناهج غثة، وفرضت التعريب لتعزل الطلاب عن الحضارة الراهنة، التي هي ليست حضارة عربية ولا إسلامية، فكانت بذلك أجهل من الحكام العباسيين الذين شجعوا معرفة اللغات الأجنبية لنقل الحضارات الأخرى واستيعابها وهضمها. بل هي لم تكتف بذلك، وإنما أعلنت على لسان رئيسها الفريق عمر البشير في مستهل الألفية الثالثة عن عزمها إلغاء التعليم المدني برمته واستبداله بالتعليم الديني، وهو إعلان لم تتراجع عنه. قفز كل ذلك إلى رأسي، فرأيت إن هذه الحكومة ليست في وضع يجيز لها الحديث عن حصر الكفاءات.

    وفوق ذلك قام في بالي أن هذا الحصر لا معنى له، لأن البنيات الاقتصادية بالبلاد باتت منذ نحو ربع قرن على الأقل غير كافية لاستيعاب الكفاءات السودانية، حتى أن عشرات الآلاف من الخريجين كانوا عاطلين عن العمل قبل نهاية عقد الثمانينات، من بينهم أكثر من عشرة آلاف خريج زراعي في بلد يعد من أكبر ثمان دول ذات احتياطيات زراعية هائلة في العالم. وتذكرت أن الطين قد زاد بلة لأن هذه الحكومة اهتمت بالأسلحة والذخائر لتقتيل شعبها وأهملت البنيات الاقتصادية التي وجدتها قائمة، فانهارت، بما في ذلك مشروع الجزيرة، ومشروع الرهد، فحاولت طرحهما للبيع بأسلوبها الفاسد المعهود الذي تسميه خصخصة، والذي يقوم فيه بعض شخوصها مقام البائع والمشتري في آنٍ معاً، كما شهد شاهد من أهلها.

    ثم أن هذه الحكومة قد طردت عشرات آلاف من الخدمة العامة، وأكثرهم انقطعت بهم السبل داخل البلاد ليعانوا الشظف ورقة الحال، وكان أولى لها أن توظفهم وتستفيد من كفاءتهم قبل أن تتحدث عن حصر الكفاءات بالخارج بزعم إعادتها.

    أما من حيث أسلوب حصر الكفاءات، فإن هذه الحكومة قد قامت بإحصاء سكاني في مطلع التسعينات قالت أنه الأوفى من نوعه وأنه يوفر مثل هذه المعلومات. هذا فضلاً عن أنها تمسك بخناق الجامعات التي تخرجت فيها هذه الكفاءات، ولجنة الشئون الثقافية التي كانت تتابع المنح الخارجية وتحتفظ بأسماء المبعوثين، وجهاز شئون المغتربين، ولجنة الخدمة العامة، والسجلات المهنية الرسمية، والجمعيات المهنية التي تحتفظ بأسماء أعضائها ومؤهلاتهم وبياناتهم، وكلها تمكِّن من حصر الكفاءات دون خطابات لما وراء الحدود بهذه الصورة. أم يا ترى أن المقصود هو استخراج الميزانيات بزعم حصر الكفاءات على هذا النحو الذي يشبه إعادة اختراع العجلة؟

    باختصار، إن الأمانة العامة لمجلس الوزراء ليست مؤهلة للحديث عن حصر الكفاءات، لأنها لا تؤمن بالكفاءة، ولأنها غير مستعدة لإرجاع الكفاءات ولا تملك بنيات تستوعبها، بل هي غير راغبة أصلاً في إرجاعها لأنها تخشى على مصيرها في وجود كفاءات قد تمارس جهداً في التنوير والتنظيم داخل البلاد، ومن أجل ذلك شرَّدتها بكافة الوسائل لتجتاز مرحلة "الزلزلة" إلى مرحلة "التمكين". وهي إلى اليوم لا تشركهم في إعداد الاتفاقيات المتعلقة بالثروات القومية وغيرها من الشئون الهامة التي تخص كل مواطن، بل تجهد في إخفائها عنهم. بل هي تسعى لمعالجة إخفاقاتها الدبلوماسية بإبرام اتفاقيات لتوحيد سوق العمل بينها وبين بلد يفوق تعداده الستين مليون، فتزيد بذلك من تضييق فرص الكفاءات. ثم أن الأسلوب الذي اختارته لحصر الكفاءات ينضح بالجهل في الدولة الوحيدة في العالم التي تسمي نفسها "دولة العلم والإيمان".

    هذا هو ردي على خطة الأمانة العامة لمجلس الوزراء. أما الدبلوماسيون السودانيون الذين طلبت منهم هذه الأمانة توجيه مثل هذه الخطابات إلى السودانيين في المهاجر، فلا يد لهم في الأمر، إلا المناولة، ويلزمنا نحوهم الشكر إذ يعدونا من الكفاءات.

    طرحت هذا الأمر على هذا النحو لأني اعتقد أن من آفات حياتنا العامة -نحن السودانيين- غياب الرأي العام الذي يكون له في القضايا العامة فهماً متقارباً وشعوراً مشتركاً وموقفاً موحداً. فمثل هذا الخطاب غالباً ما يصل آلاف السودانيين، فيتصرف كل واحد منهم بصورة فردية دون تقليب لوجهات النظر مع أضرابه، مع أن الجهة التي تخاطبهم قد درست خطتها جيداً وحددت مراميها وأساليبها. وهذا هو الفرق بين جماعة الإنقاذ وسواد السودانيين. فجماعة الإنقاذ تحسن صناعة الكيد وتجتمع عليه وتفاجئ الناس به.. أما نحن، فينطوي كل منا على نفسه ويصوِّر له كسله الذهني والبدني أن الأمر لا يستحق العناء ولا التفكير ولا التنظيم ولا ضم الصفوف، وهو يحسب أنه بذلك يحسن صنعا.

    نحن نفتقد الرأي العام، ولابد لنا من أن نؤسسه. والرأي العام لا يقف عند القضايا السياسية وحدها، وإنما يتعداها لكافة مناشط الحياة الفردية والجماعية. وهو في القضايا السياسية لا يقف عند حدود الحكم المجمل على نظام بعينه، وإنما يتعداه لدراسة كافة سياسات ومواقف النظام، بل ومواجهتها. فهو مثلاً لا يكتفي بالحكم على نظام الإنقاذ بأنه فاسد وفاشل، وإنما هو ينفذ من ذلك ليتابع سياسات نظام الإنقاذ التفصيلية وتصرفاته اليومية، فينبِّه لها ويكشفها، ليلف الشعب حول حركة التغيير. هذا أمر هو مسئولية فردية على كل منا، ويجب أن لا نتركه لقادتنا وزعمائنا، حتى لو نشطوا فيه وسددوا وقاربوا. وستكون لي عودة إن شاء الله إلى مسألة الرأي العام. ولكن إلى ذلك الحين أحب أن أسمع من غيري حول الرأي من خطة حصر الكفاءات، وأحب أن أسمع بنحو خاص من الذين يحسبون رأيي حولها خاطئاً.

    24 إبريل 2003 توفي يوم 3 مايو 2003م
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de