في واحدة من ورش العمل التي ينظمها اتحاد الكورة الفيدرالي بولاية فكتوريا- أستراليا ،بانتظام، كان ضيف ذلك اليوم محاضر برازيلي، ولا أقول خبيرا لكثرة ما ابتذلت ذلك الصحافة الرياضية بالسودان. كان يتحدث عن الهيكل التنظيمي الذي يعمل على تنظيم مسار الكورة البرازيلية عبر تاريخها الطويل ومقارنته بالهيكل التنظيمي للكورة الاسترالية المشابه للكثير من الهايكل التنظيمية للبلدان الاوربية. وقد لخص هذه الفروق في سيادة النهج العلمي للكورة الاسترالية والاروربية منذ وقت مبكر جدا وهو ما يعرف بالمراحل السنية والتي يخضع فيها الناشئ منذ سن صغيرة جدا لنظام تعليمي صارم يتم فيه اخضاعهم لتشرب الخطط والتكتيكات وفق البناء الذهني والمفاهيمي للاعب المحترف، بينما يترك اللاعب البرازيلي حتى سن الرابعة عشر حرا يصقل مواهبه في الحواري والازقة ومن ثم يأتي دور كشافي الاندية لاصطياد الموهوبين منهم وذلك في اختبارات قاسية وشرسة وموترة لكل افراد الاسرة في بلد تمثل فيه كورة القدم حلم الاحلام لللخروج من هجير واقع اقتصادي واجتماعي في قمة الماسأة. وخلص الى أن الواقع العملي والمنهجي للكورة الاسترالية والاوربية على وجه العموم هو نهج براغماتي يحمل بحيطة وحذر ووعي لبلوغ مراميه التي لا بد واصلها دون ترك ذلك للصدف والظروف، بينما نوه الى ان نجاعة المنهج البرازيلي يكمن في ثقافة "القانجا" التي هي مفتاح سحر الكورة البرازيلية والتي تتلخص في أن يترعرع الناشئة منذ الصغر على تعلم الحركات الصعبة والللمسات السحرية، وهي- أي القانجا- لب المنافسات العفوية التي تتم في الشوارع والساحات والازقة، دون أن يصحب ذلك هوس النتيجة. ومن ثم ليس مطلوبا من اللاعب في هذه السن الصغيرة ان يلعب الكورة من أجل الفوز بقدر ما أنه مهموم بأن يعبر عن تفرده وقدراته الفذه على ابهار الجمهور بالحركات المعقدة والصعبة واللمسات السحرية.... انتهى. عقب انتهاء المحاضرة واتاحة الفرصة للمدربين بالاسئلة، اتيحت لي الفرصة لكي القي الضوء على واقع الكورة السودانية والتي تنتهج نهجا اقرب للنظام البرازيلي من واقع كونها تترك الفرصة للناشئة للترعرع بحرية بعيدا عن أي نسق تنظيمي يعتمد العلمية، مع الفارق بالطبع. كان مدخلي يكمن في اضاءة أزمة الكورة السودانية والتي تتلخص في الرغبة المرضية في الفوز والخوف حد المرض من الهزيمة وسيطرة هذا النهج من السلوك على مجمل العقل الجمعي لاعبين، جمهور، اعلاميين واداريين وتداعياته على مستوى الكرة نفسها وبؤس اداء اللاعب السوداني المكبل نفسيا وذهنيا بفوبيا الخوف من الهزيمة. ختمت مداخلتي بسؤال للمحاضر عن ماهي الحلول الممكن تبنيها حتى يمكن للاعب السوداني ان يستعيد المبادرة والثقة بالنفس, فكانت اجابته في البدء "هاردلك" للكرة السودانية، معقبا أن أكبر آفة يمكن تحيق بالكرة هي أن يتم صياغة النشء على مبدأ الفوز والهزيمة لأن ذلك كفيل بهدم الثقة بالنفس في هذه السن، كما أنه مانع للاستمتاع باللعبة نفسها، والاخطر من كل ذلك هو نسف اي قواعد اخلاقية تحتكم عليها اللعبة طالما كان الفوز هو الغاية التي ليس بعدها غاية. وختم بقوله: لا يوجد مخرج في هذه الحالة سوى أن تحتكم الكورة السودانية للمنهج الاوربي الذي يعمل على البناء الذهني والمفاهيمي للنشء حتى ينخرط في المجال الاحترافي بقوة وفاعلية. ولم ينس أن ينوه كم هم محظوظين وشاكرين لفضل ثقافة "القانجا" على مجمل ازدهار الكورة البرازيلية. كنت في مقال سابق قد أشرت الى أن الدوي السوداني من الهشاشة والضعف بحيث انه الدوري – ربما الوحيد في العالم- الذي يمكن أن تتنبأ بالنهاية التي سيئول اليها في اسبوعه الأول. وما هذا بالصدفة بقدر ما أنه انعكاس صارخ لسيطرة فوبيا الهزيمة. والنتيجة هذه المنافسة الميتة والعقيمة التي صممت خصيصا لتناسب مخاوف الناديين "الكبيرين" من الهزيمة وباالتالي التضحية بالمنافسة القوية والمتكافئة والتي هي أساس اي تطور منشود. هل ثمة من مزايد؟ وهل هناك امكانية للخروج من هذه الورطة سوى بتبني ايا من هذين النموذجين؟ وايهما اقل تكلفة وأسرع اثرا؟
عبد الخالق السر 26/8/2008
08-26-2009, 05:25 PM
طلحة عبدالله طلحة عبدالله
تاريخ التسجيل: 09-14-2007
مجموع المشاركات: 18040
اشهد انه كلام محترم من زول محترم اخي عبد الخالق واضيف اليه عدم احترافية اللاعب والاداري والاعلامي (ان وجد بمعناه الحرفي ) وهو أيضا سبب قوي جدا غيب الكرة السودانية وراء تلال الهزيمة والاخفاق المستمر فضلا عن تغليب المصالح الذاتية والفوقية والعنجهية وعدم الاعتراف بالآخر وتداخل الاختصاصات وغياب المؤسسية وهيمنة العمل العشوائي والتسابق المحموم لتحقيق انتصارات ذاتية وشخصية بعيدة كل البعد عن مصلحة الكيان الكبير وهي أمور شائعة في الوسط الرياضي لكنها تظهر بوضوح أكثر في الكيانات الجماهيرية كناديي المريخ والهلال اللذان يعتبرا سقف طموح اي لاعب مهما بلغت موهبته ومقدراته حيث انه ومجرد بلوغه هذا المنتهي يتوقف طموحه وتتوقف بالتالي جهوده وافكاره للارتقاء بموهبته ونفسه وهو ما يفسر تماما فشل احتراف اللاعب السوداني خارجيا ما أبقي الكرة السودانية في قوقعتها المحلية .
08-27-2009, 02:45 AM
atbarawi atbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987
شكرا اخي طلحة عبد الله على هذه المداخلة المثمرة، وآمل ان يتواصل النقاش للفائدة العامة. فيما يتعلق بالاحترافية professionalism فسوف اتطرق لذلك في مقالات قادمة تضيء المصطلح والمفهوم، لأن هناك تشويشا مبالغا وجهلا فاضحا في استخدام المصطلحات من قبل الصحافة الرياضية يساهم حتما في تعميق الازمة. فالاحتراف ، مثلا، هو نسق كامل يبدا من البناء الذهني والمفاهيمي يجب أن يطال كل المنخرطين في المجال الرياضي. المهم لنا عودة يا رجل لك المودة عبد الخالق السر
08-27-2009, 08:04 AM
mohmmed said ahmed mohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 8845
حرية اللاعب ولعبه من اجل الاستمتاع دون ضغوط الفوز والانتصار
عندو ايجابيات
ده لب الحقيقة، فأول تنوية يتلقاه مدرب المراحل السنية هو أن يتأتي الفوز في مرحلة متأخرة من أولويات عمله، والقائم اصلا على صقل مواهب الناشئة وتعليمهم فنون اللعبة والتركيز على الصياغة الذهنية المؤسسة على الانضباط والاحترافية، ومع كل ذلك التشديد على الFUN و Enjoyment حتى لا تتحول اللعبة الى مهمة ثقيلة ومنفرة في هذه السن المبكرة.
سلامي عبد الخالق
08-27-2009, 01:34 PM
mohmmed said ahmed mohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 8845
يا محمد سد احمد غياب الروح الرياضية المرادف للسلوك الراقي هو انعكاس لغياب الفلسفة والمفاهيم والتي لا غنى عنها لأي نشاط انساني كبر ام صغر بما فيها مجمل النشاط الرياضي بالطبع، ولذلك ما هو ماثل هو تراكم للسلوك العفوي والعشوائي عبر السنين والذي ساهمت فيه الصحافة الرياضية بنصيب وافرن حيث عملت على تطبيع السلوك النشاذ في ظل غياب النظم والقواعد الاخلاقية. ولي عودة وافية للصحافة الرياضية.
عن ابو شنب، فالرجل بالرغم من أنه ابن مدينتي وتربطني بأهله واخوانه علائق وشيجة، الا أني لا اتورع في أن اصفه بأنه رائد لغة المواخير ومجسد اخلاق "القوادة" في الصحافة الرياضية. فهو من رواد سلوك ان يرتزق الصحفي من موالاته لرؤساء الاندية الكبيرة يسمح جوخهم ويفتعل ويتصدى للمعارك نيابة عنهم.
شكرا يا صديق وخليك مواصل عبد الخالق
08-28-2009, 05:42 AM
نادر الفضلى نادر الفضلى
تاريخ التسجيل: 09-19-2006
مجموع المشاركات: 7022
موضوع قيم لتلمس مسببات تخلف رياضة كرة القدم بالسودان من متابعة طويلة لعقود خرجت بان من أكبر معوقاتها أزمة الضمير المتمثلة:
* إتحاد كرة القدم * حكام الكرة هما سببان رئيسيان لأنه ينتهى بأن لا تكون هنالك تنافس شريف و لا يخرج اللاعبين أفضل ما عندهم فى المباريات.
* بعض إدارى الأندية (خاصة حالياً) * الصحافة الرياضية (خاصة فى زمن أبى شنب منذ السبعينيات / و حالياً زخم ضخم ممن تتواضع قدراتهم و إدراكهم و ليسوا مؤهلين أصلاً لأن يكونوا كتاباً أو صحفيين فى أى مجال كان)
* يأتى بعدها عدم التخطيط السليم و الإمكانيات المالية ، و عدم كقاءة بعض الإداريين بالإتحاد والأندية و خاصة حالياً علماً بأن معظم الدول الأفريقية بدأت بعدنا و تفوقت علينا و ليس لديها إمكانات مادية أو تخطيط، ولكنهم لم يبتلوا بالسببين الرئيسين إنحياز الإتحاد و التحكيم .. فالمنافسة داخل الملعب شريفة تكون سبباً فى تطور اللعبة.
* دورى الدرجة الأولى بالخرطوم قبل إبتداع الدورى الممتاز كان منافسة قوية. ووجود دوريات مناظرة فى الأقاليم المختلفة كان فيه إنعاش أكبر للنشاط الرياضى و تسليط الضوء على عدد أكبر من اللاعبين بدوريات الأضواء. مقابل 13 فريق فقط بالدورى الممتاز.
* القوانيين التى سهلت إنتقال اللاعبين المبرزين لفريقى القمة قتلت التنافس. وكذلك ظاهرة ولاء بعض الأندية لنادى آخر ، أضعف منافسة الدورى الممتاز.
* ضعف الإعلام الرياضى سواء بالإذاعة والتلفزيون. والتلفزيون وسيلة مؤثرة إذا أستخدمت إستخداماً صحيحاً.
* العصبية و إنعدام الفهم الصحيح لمعنى الرياضة .. وأنا هنا بأمريكا شعرت بالفارق الكبير و كيف يستمتع الأمريكان بالرياضة سواء تشجيعاُ أو تعليقاً بالبرامج الرياضية . حتى نهائيات العالم لكرة القدم المعلقين الأمريكان أعطوها نكهة و طعماً خاصاً لحياديتهم و لروحهم الرياضية.
آخر الكلام ك لن تقوم لكرة القدم بالسودان قائمة إلا إذا كانت هنالك منافسة شريفة داخل الملعب بعدها يمكن البناء عليها.
مع تقديرى
08-28-2009, 11:46 AM
atbarawi atbarawi
تاريخ التسجيل: 11-22-2002
مجموع المشاركات: 987
شكرا اخ نادر على اثراء الموضوع. فيما يتعلق بالمداخلة، اعتقد ان هناك خلطا ما بين البنيوي والنتائج المترتبة عليه. فمثلا تسليطك الضوء على:
عدم التخطيط السليم و الإمكانيات المالية ، و عدم كقاءة بعض الإداريين بالإتحاد والأندية و خاصة حالياً
وهذا اشكال بنيوي لا محالة، ولكن انزاله درجة ثانوية واعلاء اشكالية التحكيم واتحاد الكرة مع انهم نتيجة منطقية لعدم التخطيط السليم وقلة الكفاءة الادارية قد يربك التحليل الى حد ما.
لا اتفق معك على أن دوري الخرطوم كان منافسة قوية، ويكفي جدا ان المريخ فاز به يوما دون هزيمة او تعادل ومرة بتعادل واحد ، وهذا لا يمكن ان يحدث في اي مكان في العالم وان حدث فلابد ان تستنفر الاجهزة المعنية باللعبة لأن هناك خللا ما يجب ان يعالج. ولكن الغريب في السودان ان هذا مما يحمد له. فضعف المنافسات هو أكبر كارثة حقيقية يمكن ان تحيق باللعبة.
العصبية وانعدام الفهم الصحيح هو انعكاس للفراغ المفاهيمي والفلسفي والذي يتبعه عادة خلل في القواعد الاخلاقية التي بدونها لا تستقيم المنافسة. والحل يكمن في تصحيح مسار الثقافة التي ترفد الرياضة برؤى ومفاهيم وقيم اكثر انفتاحا واتساقا مع الواقع المعاصر، وهذا يستوجب صحافة واعية لدورها النقدي وليس جوقة من رعاع المشجعين كما هو حادث اليوم. لك المودة عبد الخالق
08-28-2009, 11:38 PM
نادر الفضلى نادر الفضلى
تاريخ التسجيل: 09-19-2006
مجموع المشاركات: 7022
Quote: عدم التخطيط السليم و الإمكانيات المالية ، و عدم كقاءة بعض الإداريين بالإتحاد والأندية و خاصة حالياً
وهذا اشكال بنيوي لا محالة، ولكن انزاله درجة ثانوية واعلاء اشكالية التحكيم واتحاد الكرة مع انهم نتيجة منطقية لعدم التخطيط السليم وقلة الكفاءة الادارية قد يربك التحليل الى حد ما.
الأخ عبد الخالق تحية طيبة إعلائى إشكالية التحكيم و إتحاد الكرة ، كان فى ناحية معينة وهى (الإنحياز وغياب الضمير) الذى يتسبب فى إنعدام المنافسة الشريفة التى ترتقى بالمستوى. و هذا ما ختمت به كخلاصة مداخلتى. وليس له علاقة بالكفاءة الإدارية أو التخطيط السليم. بل وإن أردت أن تحدد الأسباب و نتائجها فإستمرارية الفساد بالتحكيم و الإتحاد هى العلة الرئيسية التى أدت لتدهور مستوى التحكيم و المنافسة و المستوى الفنى. وقد ضربت مثلاً بدول أفريقية لا تملك الإمكانيات المادية أو التخطيط تعلمت الكرة بعدنا وتقدمت علينا. فإشكالية الإنحياز والفساد هى أس الإشكال. و لذلك قدمتها على التخطيط و الإمكانيات المالية و ليس فى ذلك تقليلاً لهما. وإذا لم نسمى الأشياء بمسمياتها لن يمكننا وضع الحلول. ويصبح الكلام عن التخطيط والإدارة و المال مجرد كلام والسلام أو حتى بذل أى جهود و تخطيط و مال و مراحل سنية و تدريب حديث .. كله مجرد حرث فى البحر.
الكفاءات الإدارية تدنت (حالياُ) وهى أزمة عامة لا تقتصر على كرة القدم، و للأسف تستفحل فى مجال كرة القدم لسهولة تصدر العمل الإدارى بها خاصة أصحاب المال. و حتى هذه مقدور عليها ويمكن للأفراد أن يتعلموا و يكتسبوا الخبرات، ولكن إذا كان اللولوة و الفساد طريقتهم، فلن يصلحوا يوماً ... ونوعيتهم تضمها لمشكلة الفساد بالتحكيم و الإتحاد ـ السبب الرئيسى فى تواضع الكرة السودانية. ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
لا أتفق معك فى أن منافسة دورى الخرطوم فى السابق ضعيفة بحجة أن المريخ فاز بها مرتين بدون هريمة أو تعادل ، وبتعادل واحد. أنذاك فى النصف الأول من السبعينيات كان التنافس قوياً وفريقى القمة عندما يلعبان ضد الموردة، النيل، برى، التحرير، الأهلى ... لم تكن نتيجة أى مبارة مضمونة لهما .. لمن يجى زول من الكورة بتسأله الغالب منو .. هسة بتسأله المريخ أو الهلال غالب كم! وفريق المريخ حقق إعجازاً لأنه كان يضم مجموعة فريدة لا تتكرر من افذاذ اللاعبين، و كان يدربها أعظم مدرب فى تاريخ الكرة السودانية المرحوم منصور رمضان، منحها تفوقاً بتقدمه الخططى فلعب بتنظيم 4 ـ3ـ3 لأول مرة بالسودان و بأسلوب و تكتيك ممتاز و بتنفيذ لاعبين أفذاذ الى جانب قدراتهم العالية فى الحلول الفردية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
atbarawi
طلحة عبدالله
mohmmed said ahmed
نادر الفضلى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست