|
|
 المرشح الرئاسي د/عبدالله علي أبراهيم وأخر لحظة الصحيفة- مقالة
|
آخر لحظة: بتودي وشك وين؟
نشرت جريدة «آخر لحظة» (2-7-2009) بشكل إثاري تفاصيل اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بمناديب مناطق الحزب المختلفة. فقد نوهت به في الصفحة الأولى وجعلت له خطوطاً كيدية مثل «إتهام (الشيوعيين) للحركة الشعبية بعدم التنسيق في الشمال» أو تآمرية مثل «معلومات خطيرة من مناديب دارفور وعطبرة وكوستي».
هذا الخبر تعد على حزب سياسي اثناء أدائه لوظيفته. ما أزعجني فيه أنه قد أخل بخلق مهنة الصحافة إخلالاً ساطعاً. فقد خلا من اسم المحرر. فكاتبه هو «خاص من الخرطوم». وتحدثت الجريدة عن الخبر كمادة «حصلت» عليها. ووصفت شغلها هذا بأنه «متابعات من داخل اللجنة المركزية». كما وعدت مصادر الجريدة داخل تلك اللجنة بتمليك الصحيفة وقرائها كل المعلومات الخاصة بتلك الاجتماعات أولاً بأول «على اعتبار أن البلاد تشهد الآن تحولاً ديمقراطياً يتطلب الشفافية السياسية الكاملة». ويبدو في عرف آخر لحظة أن الشفافية طريق لإتجاه واحد. فقد ارتكبت كل هذه الموبقات المهنية بغير أن يطرف لها جفن حساسية. فقد تطفلت على اجتماع حزبي شرعي بغواصة ما. وأوحت بوعدها موافاة القاريء بما يستجد في مركزية الحزب بأن هذه الغواصة قد تكون عضواً بتلك الهيئة. يا خسارة!
ولم تطلع الجريدة القاريء مع ذلك طلباً للشفافية لماذا احتاجت لهذا المصدر الغاطس. هل سألت الحزب الشيوعي عن استعداده للانتخابات أو أي شأن آخر فدس عنها معلومة. يكفي أن تقرأ جريدة «الميدان» لتعلم أن الحزب (برغم نعيقه بكل سلبيات جبهة المعارضة عن الانتخابات) ربما كان الحزب الأميز في تهيئة عضويته للمنافسة والمساهمة الإيجابية في تفادي مزالق الانتخابات. وذلك بفضل دماثة الأستاذ صديق يوسف (عضو اللجنة المركزية ومسئول الانتخابات بها) وحسن إطلاعه على قوانينها ومجرياتها. بل ربما أسعدنا جميعاً بغض، النظر عن رأينا في الشيوعيين، أنهم تنادوا للتعبئة للانتخابات. بل ولاحظت بارتياح (لو صح خبر الجريدة) وجود مندوبين عن زالنجي ونيالا والجنوب تحدثوا عن خطط ديمقراطية لخوض الانتخابات غير نازفة دماً مما تعودنا تفجره من تلك الأقاليم. وتستحق منظمة الحزب بالخرطوم التهنئة لشحذها همة عضويتها لوضع 75 سيارة و30 داراً تحت تصرف مرشحي الحزب. بل وجدت في مبادرة لجنة كوستي بالطعن في لجنة الانتخابات بالمدينة بعدم الحياد عملاً إيجابياً. فقد أسقمنا عودة الأحزاب المعارضة بآخرة للطعن في لجان اتصل عملها بالانتخابات (لجان الإحصاء مثلاً) بعد فراغها من عملها بما هو جس بعد الذبح. وبعد قراءة هذه الأخبار المفرحة عن الشيوعيين تساءلت (لو صح الخبر) أن كان حديث آخر لحظة عن الشيوعيين هو من قبيل: «إذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسوداً.»
ولو صح ما قرأته للأستاذ علي الكنين، مسئول الحزب التنظيمي، في جريدة الميدان (14 يوليو 2009) لوجب على آخر لحظة أن تندم وتسف التراب. فقد قال إن الاجتماع موضوع الخبر كان اجتماعاً مفتوحاً عقد في وضح النهار بحوش المركز العام للحزب بنمرة اتنين وجلجلت ميكرفوناته ملء السمع. وقال متهكماً إن ما لم يفطن له في التحضير هو إرسال دعوة لمحرر آخر لحظة الخفي. لو صح قول الكنين فيا آخر لحظة تودي وشك وين ولا نزيد.
وودت، من الجهة الأخرى، لو أن الكنين لم يكتف بهذا التوضيح لطبيعة الاجتماع في جريدة الميدان بتوزيعها المحدود مهما قلنا. وددت لو نشره في بيان من الحزب للعامة. بل رغبت أكثر في أن لو عرض الحزب تدليس آخر لحظة على مجلس الصحافة لتسترذله مهنياً وتوبخ تحرير الجريدة بما يناسب الموبقة. وقد تحدثت إلى الأستاذ محمد إبراهيم نقد حين زرته قبل أسبوع وأكثر عن ضرورة ملاحقة آخر لحظة متى ثبت أنها خرقت شرف المهنة. أعلم أن بالشيوعيين إزدراء تاريخياً بمثل آخر لحظة مما يسمونها «الصحف الصفراء». وهو إزدراء حصنهم ضد مما يعدونها ترهات ودساً أمنياً. ولكن الشيوعيين، متى اختاروا العيش في كنف الديمقراطية، وجب عليهم حماية أنفسهم من مثل هذه الصحف لإرساء ثقافة الديمقراطية ودماثة المهنة. لربما صبر الشيوعيون على أذى صحفهم الصفراء ولكن الديمقراطية قد لا تصبر متى تكسرت السنان على السنان. الديمقراطية هشة وموالاتها فرض.
أرجو ألا يفهم القاريء إنني ذو غل على آخر لحظة. فلربما كنت القاريء الوحيد الذي نشرت لي تعليقاً عن سداد مهنيتها يوم غطت وفاة سوداني من وجوه العمل العام في لندن ثم تتبعت الانفعال بوفاته في مدن أخرى في العالم والسودان. كان ذلك في صبيحة اليوم التالي للوفاة. وربما كانت هذه المهنية موضوع إشادتي هي التي زكت الجريدة للقراء فصارت الأكثر مبيعاً أو نحوه. ولم استحسن رأي من رد هذا الذيوع لحيل مدبرة لشراء الجريدة من الأكشاك من جهة مغروضة للترويج للجريدة. وضربت لهم مثلاً بصحف أكثر حكومية راحت أدراج الرياح لم ينفعها الشراء (والاشتراك) المصطنع. وما أحوجني إلى التطويل في محاسن آخر لحظة إلا قناعتي أن الجريدة ربما لم تحتج إلى مثل هذا الهبوط الاختياري في خلق المهنة. فالمهنية التي اكتنفت هذا الخبر عن الشيوعيين من الدرك السفل. وآخر لحظة منصوحة بأن تتطهر منها.
|
|
 
|
|
|
|
زهير عثمان حمد
ايهاب
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست