|
|
 الفساد السياسي السوداني
|
التآمر ضد الانتفاضة
النخب السودانية التي ادمنت الفساد السياسي منذ الاستقلال هي المسؤولة عن تسييس الطائفية الدينية والاصطفاف والاصطفاف المضاد، وتهميش قضايا الانسان السوداني ومشكلاته الحياتية والانصراف عن الدور المطلوب من الدولة كآلية لادارة الموارد الطبيعية وصولاً الى حياة افضل فقد كان وما يزال الحكم غاية وليس وسيلة وجاءت الحركة الاسلامية وادعت انها الوعاء الجامع المانع للمسلمين في السودان، لكنها كانت كالفيل لا يميز بين الاعشاب الخبيثة والطيبة او التاجر الطماع الجشع الذي لا يفرق بين الحلال الطيب والسحت الوخيم في صراعها ضد الاحزاب الطائفية، فاصبحت الانقاذ الشعارات العروبية الى جانب الشعارات الاسلامية وكانت اغنية للفنان حسن العطبراوي في تمجيد العرب واغنيات المراثي ورباعيات الدوبيت وغير ذلك من ادبيات الحماسة العربية تنطلق من الاذاعة والتلفزيون في عهد الطيب مصطفى الى جانب اناشيد الجهاد في سبيل الله وانحازت الانقاذ الى القبائل العربية وسلحتها باسم الدفاع الشعبي لعدم ثقتها في القبائل الافريقية المسلمة في كردفان ودارفور
فاصبحت القبائل الافريقية خارج الوعاء المانع الجامع المزعوم واصبح الاسلام في السودان كاليهودية ارضاً وديناً وعرقاً ويعني ذلك ان الصراع في السودان صراع عرقي يتخذ من الاسلام اداة للاستقطاب. قال الاستاذ مصطفى عبد القادر في حديثه لـ(أجراس الحرية) حول انتفاضة ابريل 1984 ان الاحزاب الطائفية تحالفت مع الحركة الاسلامية وتنكرت للحركة النقابية التي قادت الجماهير الى النصر واعادتها الى السلطة للمرة الثانية فقد جرى التآمر على طمس شعارات الانتفاضة ومصادرة شرعيتها الثورية لكن ذلك كان في الحقيقة مصادرة لارادة الشعب السوداني باسم الوصايا الدينية والسياسية لأن الجماهير هي التي اسقطت النظام بانتفاضتها العفوية في السادس من ابريل وكانت قوانين سبتمبر الشرارة التي اشعلت الانتفاضة وقد تجاوب معها صغار الضباط الذين كانوا على اتصال بالحركة النقابية بشهادة الاستاذ مصطفى عبد القادر فقد كانت الانتفاضة ضد الحركة الاسلامية التي احتوت النظام واحكمت قبضتها على السلطة وقوانينها القمعية التي اذلت الناس واهانتهم، ولنا ان نتساءل لماذا لم يتجاوب الشارع السوداني مع الاحزاب عندما جاءت بمليشياتها المسلحة الى الخرطوم وقد فشلت الحركة الاسلامية في احتواء الاحزاب الطائفية فتحالفت معها ضد ارادة الشعب السوداني وحاولت ان تكون مشيخة وحيران واتباع ومريدين لسحب البساط من تحت شيوخ الاحزاب الطائفية فقد كان الترابي مشيخة طائفية ثالثة اجتذبت الريالات والدولارات البترولية بعض النخب التي كانت تدور في فلك الطائفية الدينية وسقط الكثيرون في عسل السلطة اما شيوخهم فلن يضحوا بنفوذهم الديني والعائلي بالذوبان في الحركة الاسلامية لكن الاحزاب الطائفية اصبحت تزايد على شعارات الحركة الاسلامية فتساوت معها في انكار الواقع التعددي. مايو تو ما زلت اذكر هتافات صبية الجبهة الاسلامية في المدارس والجامعات (صعب صعب سوار الدهب) ويقصد بذلك تلميعه والتقليل من شأن الانتفاضة والدور الذي لعبه صغار الضباط وقد تحدى الضباط نميري قبل ذلك ويقال انهم خلعوا الكاكي امامه بقاعة الاجتماعات بالقيادة العامة احتجاجاً على تدخل الحركة الاسلامية في القوات المسلحة واحتواء السلطة وهم خارج الخدمة الآن فلماذا لا يتكلمون؟ لكن الانقاذ يرجى خيرها ويخشى سرها. ولنا ان نتساءل من المسؤول عن احراق مستندات ووثائق جهاز امن الدولة؟ وليس المجلس العسكري الانتقالي جهة مختصة باستلام تلك الوثائق ويفترض ان تسلم لديوان النائب العام، ولماذا لم يلاحق المدعي العام الذين استولوا عليها واخفوها واحرقوها فمن هم المستفيدون من ذلك؟ فقد افلت الكثيرون من العقاب ولولا الافلات من العقاب لما كنا الان في هذا النفق المظلم ولو لا ضابط الامن الهارب عبد الله عبد القيوم لظلت قضية ترحيل الفلاشا سراً مغلقاً لكنها استغلت في صرف الانظار عن وثائق ومستندات جهاز امن الدولة والجرائم التي ارتكبت ضد الحقوق العامة والخاصة ولا يعرف حتى الآن اين الاموال التي تلقاها رموز النظام كرشاوي مقابل ترحيل الفلاشا، ولا اصدق ان ذلك كان مقابل تحسين العلاقات مع امريكا. كانت نقابة المحامين في مقدمة الصفوف في ساحات النضال ضد النظام المايوي، فمن غيرها يملك الحق في اختيار النائب العام؟ وكان موقف عمر عبد العاطي من قوانين سبتمبر ضد ارادة الشعب السوداني والانتفاضة العفوية في السادس من ابريل فقد كانت الجماهير تهتف ضدها وتهاجم دور الحركة الاسلامية ومؤسساتها المالية بالطوب والاحجار وتتهمها بالمتاجرة بالدين، واذكر ان عمر عبد العاطي في لقاء مع احدى الصحف قال ان الجمعية التأسيسية كانت تملك الحق في حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان وقد تراجع عن هذا الكلام الصادق المهدي وحسن عبد الله الترابي واعجب كيف يصدر ذلك من رجل حقوقي فقد كان سوار الدهب رئيساً للمجلس العسكري والجزولي دفع الله رئيساً لمجلس الوزراء وعمر عبد العاطي نائباً عاماً فلماذا لا تكون الحكومة الانتقالية مايو تو ولا يجوز لرئيس الدولة ورئيس الوزراء في العالم كله ان يتولى أي منصب في شركة تجارية او منظمة اجنبية بعد التقاعد، لكن منظمة الدعوة الاسلامية كانت وما تزال منظمة اسلامية وجسراً للاموال التي كانت تتلقاها الحركة الاسلامية من منظمات ودول اجنبية فهي والجبهة الاسلامية وجهان لعملة واحدة. الاحزاب والحركة النقابية قال الدكتور محمد يوسف احمد المصطفى ان الشماسة كانوا وقود الانتفاضة وليس هذا صحيحاً وهي فرية كانت وما تزال تروج لها ابواق الحركة الاسلامية للتقليل من شأن الانتفاضة وتكريس الوصاية الدينية والسياسية فقد كان وقودها الطلاب في المدارس والجامعات والعمال والموظفون في القطاعين العام والخاص والحرفيون بالمناطق الصناعية وما زلت اذكر هتافاتهم (فوق فوق سودانا فوق) والضحايا معروفون في اكتوبر وابريل وقال ان التجمع في اكتوبر وابريل حبس الانتفاضة في الحريات وتجاهل الحقوق ويقصد بذلك العدالة ولولا غياب الحريات لما ضاعت الحقوق لكن الشعب السوداني في الحالتين استطاع ان يكسر حاجز الخوف وهو العدو الحقيقي وفي ندوة في احدى الفضائيات العربية ضرب احدهم مثلاً بالشعب البولندي للدلالة على قدرة الشعوب على مقاومة الظلم والتخلص من الطغاة الجبارين ويعني ذلك انه لم يسمع عن اكتوبر وابريل قبل ذلك في السودان فقد كان الشعب السوداني معلم الشعوب المغلوب على امرها. كانت وما تزال الاحزاب الطائفية ترى في الحركة النقابية شبح الحزب الشيوعي الذي اكتسح دوائر الخريجين في عام 1965م وهزمها هزيمة منكرة في دائرة بيت المال عام 1968م فتحالفت في ابريل مع الحركة الاسلامية ضد الحركة النقابية لكنها كانت كالمستجير من الرمضاء بالنار وتلتقي الاحزاب الطائفية مع الحركة الاسلامية في عدائها للحركة النقابية. ولكن النقابات مؤسسات مطلبية مستقلة بحكم بنيتها التكوينية واهدافها الفئوية وكانت الحركة النقابية في مقدمة الصفوف في النضال ضد الدكتاتورية لانها معادية للنظم الشمولية بحكم اهدافها ويبدأ الانقلابيون عادة بحل النقابات وتشريد القيادات النقابية ولا يعملون حساباً للاحزاب السياسية لانها لا تملك ما يكفي من وسائل الضغط والمقاومة لكن السحر ينقلب على الساحر فالبندقية التي جاءت بهم الى السلطة تتحول الى نقابة تمارس الضغوط الخشنة وتبدأ المطالبة بنصيبها في الغنائم والاسلاب مثلما يحدث في افلام العصابات فتحظى بالمزايا والامتيازات على حساب العاملين في القطاعات الاخرى فتختل التوازنات فمعاش وكيل الوزارة حالياً لا يساوي معاش جندي في القوات المسلحة وقد افلحت الدراما المصرية في انتاج ذلك في كثير من الافلام والمسلسلات والمسريحات ويزعم الانقلابيون ان الثورة تأكل بنيها لكن ذلك كالصراع بين الوعول على الفحولة في القطيع وفي غياب النقابات الحرة يتفشى الفساد المالي والاداري واذكر انني دعوت حكومة الصادق المهدي للجلوس مع النقابات والتفاهم معها فقد كان الناس يتوقعون عائداً او مردوداً من الديمقراطية وليس مزيداً من الاعباء.
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
وليد محمد المبارك
elsawi
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست