|
الانقاذ.. حسنات بعيون الخصوم!!
|
فتح الرحمن شبارقة
أن يلهب المعارضون ظهر الإنقاذ بسياط النقد، فذلك أمر مألوف ويتسق مع طبيعة الأشياء ومنطق السياسة. فقد درجوا على ذلك كل ساعة وكل يوم، وكل عيد للإنقاذ، وفي كل عيد لها يجتهد أهل الإنقاذ في امتداح ثورتهم التي ضربت رقماً قياسياً في حكم البلاد. يضعون على وجهها الكثير من المساحيق التجميلية برأي المعارضين أما هم ، أهل الإنقاذ فإنهم يكتفون بالسخرية من الأحاديث التبخيسية في حقهم، ويمضون الى التلذذ بمذاق انتصارات تنموية وسياسية واقتصادية كثيراً ما تغنوا بها. وفي ظل هكذا وضع ، كان عصياً استدراج سياسيين انقاذيين أو معارضين وإقناعهم بالتحدث الى (الرأي العام) حول فكرة معكوسة او رومانسية على حد وصف الدكتور أمين حسن عمر لها. ومبعث الرومانسية هنا ،اننا نطرح سؤالاً لمعارضي الانقاذ للحديث عن ايجابياتها وحسناتها، وهو تساؤل قوبل بردود فعل متناقضة وضاحكة أحياناً من المعارضين الذين لم يتوقعوا أن يطرح مثل هذا السؤال الذي كان سيحتفي به الانقاذيون جداً إذا ما طرح عليهم. وبردود الفعل ذاتها، قابل مؤيدوا الإنقاذ ،تساؤل كنت قد طرحته عليهم قبل عامين تقريباً.. ففي عيد الإنقاذ الثامن عشر طلبت من أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني وقتها ،أمين الإعلام الحالي د. كمال عبيد الحديث عن أخطاء الإنقاذ وسلبياتها، ومن أجرأ ما قال حينها أن أكبر خطأ وقعت فيه الإنقاذ في مراحلها الأولى، هو خلطها بين آليات إدارة السلطة في جهاز الدولة وآليات الحزب وكاريزما القيادات السياسية، الأمر الذي كان له آثاراً سالبة افرزت الإنشقاق وسط الاسلاميين. وعدا ذلك فإن ما دخلت فيه الإنقاذ من سلبيات برأي عبيد كان لابد منها لضبط الحياة السياسية وتجريدها من المصالح الحزبية الضيقة، حيث كان ذلك في مرحلة الشرعية الثورية للإنقاذ، حينما كانت الرؤية غير واضحة لدرجة جعلت معالجات الإنقاذ لأحداث التغيير غير موفقة أحياناً، وأضاف عبيد ان سياسات الانقاذ في التعليم العالي كانت ضرورة، ولكنها انطوت على أخطاء كبيرة. ومن سلبيات الانقاذ برأي د. أمين حسن عمر إيلائها الأمن أولوية قصوى ومطلقة فهي تصرف عليه حتى يكتفي ثم تصرف على غيره من القطاعات الأخرى، ورأى من سلبياتها ما أخذته من عيوب الثقافة السياسية في البلاد، وأكبر ضعف للانقاذ هنا هو تفكك المؤسسات وغياب التنسيق المحكم بينها، حيث تتحرك الانقاذ في اتجاهات مختلفة تؤدي الى سلبيات وتناقضات كبيرة. ولما كان الحديث هنا بالدرجة الأولى عن حسنات الانقاذ من منظار معارضيها، فقد اتصلت بسكرتير الحزب الشيوعي الاستاذ محمد إبراهيم نقد، وكان كعادته في الفترة الأخيرة سخياً في ترحابه شحيحاً في افاداته. شرحت لنقد فكرة المادة وضحك بشدة عندما وجد نفسه لأول مرة في مقام الحديث عن ايجابيات الإنقاذ. لم يخف الرجل إعجابه بالفكرة ولكنه لم يذكر حسنة واحدة للإنقاذ، وإعتذر عن الحديث لأسباب مرضية، ووعد «الرأي العام» بالحديث في الأيام المقبلة، حول هذا الموضوع بعد ان تكسرت كل حيل استنطاقه على صخرة خبرته السياسية الوافرة. ولطبيعة العداء بين الاسلاميين والشيوعيين وتاريخيته كان من المهم افاداتهم وهنا قال القيادي الشيوعي سليمان حامد بعد طول إعتذار عن الحديث، النصيحة أنا ما شايف أي حسنات للإنقاذ وأضاف ما تقول أنا عايز اتكلم عن ايجابيات الإنقاذ لا لأني شيوعي أو ضد التوجه الإسلامي او من منطلق حقد مجرد، لكن حقيقي انا ما شايف ايجابيات للإنقاذ. لكن الحركة الشعبية، وإن اقتربت رؤيتها من الحزب الشيوعي، الا انها لم تطابقها تماماً، فقد ذكر ين ماثيو المتحدث الرسمي بإسمها في حديثه ل «الرأي العام» إحدى حسنات الانقاذ او الحسنة الوحيدة برأيه وهي اتخاذ الانقاذ للقرار السياسي التاريخي بالتوقيع على إتفاقيةالسلام. وفيما أرجع جلها الى فترة العشر سنوات الأولى من عمر الإنقاذ، قال كمال عمر الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي من الصعب جداً في ظل الأزمة السياسية الراهنة نتحدث عن ايجابيات الانقاذ، ولكنه عاد ليضع استخراج البترول في مقدمة حسنات الانقاذ، وقال إن استخراج البترول والتصنيع الحربي كانا جزءاً من استراتيجية وبرنامج اقتصادي قبل وصولها الى السلطة بعشر سنوات. وفي العشر سنوات الأولى قبل المفاصلة يرى كمال عمر ان أهم ايجابيات الإنقاذ هي اعتمادها المطلق على انتاجها الزراعي وتمتعها بسيادة خاصة استطاعت ان تعمل بها عملاً كبيراً في الداخل الى جانب استطاعتها عمل دستور 1998م بصورة راعت لأول مرة التباين الإثني والعرقي والديني في البلاد وجعل المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات الأمر الذي شكل قفزة دستورية وتطوراً كبيراً في الحياة السياسية بالبلاد. وعن حسنات الانقاذ في العشر سنوات الثانية من عمرها ثمن كمال عمر اتفاقية السلام الشامل. والى جانب اتفاقية السلام التي أوقفت نزف الدم بين الشمال والجنوب، ذهب عضو اللجنة السياسية بحزب البعث السوداني محمد وداعة للحديث عن ايجابيات الانقاذ وبعد أن وصف الحديث في هذا الموضوع بالمحرج وقال إنها المرة الاولى التي يفكر في ايجابيات الانقاذ، نوه وداعة بحسنات الانقاذ في مجالات البترول والطرق والمشروعات التنموية وجذب الاستثمارات الأجنبية والاتصالات فضلاً عن قدرة قياداتها على المراوغة والتعامل مع الاوضاع المتفجرة والتعامل مع الآخر، واضاف «الناس ديل من ما جو ما ناموا». وقال وداعة لـ (الرأي العام) بطريقة تنم عن سخرية ان من ايجابيات الانقاذ كشفها لحقيقة مشروع الاسلام السياسي الدكتاتوري وان الصراع على السلطة يمكن ان يقود الى شرخ في الحركة الاسلامية. وكان زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي، قد ذكر لدى مخاطبته في السادس والعشرين من شهر فبراير الماضي لمؤتمر الحزب السابع سبع حسنات للإنقاذ، وهي كما قالها بالترتيب. النظام الجمهوري الرئاسي، النظام الفيدرالي ،استغلال البترول المكتشف قبلهم، ادخال مبدأ ان للسلام دور في الحياة العامة، شيدوا خزان مروي، رصفوا طرقاً وشيدوا جسوراً أضافت للبنية التحتية السودانية، ابرموا اتفاقية السلام وما اقترنت بها من ايجابيات. وفيما أضاف نائب رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر في حديثه مع «الرأي العام» حسنة أخرى للحسنات السبع تمثلت برأيه في قبول الإنقاذ بالتعدد والتوجه الديمقراطي وسعيها نحو الحريات والانتخابات ذهب نائب رئيس التجمع الوطني الديمقراطي الفريق عبد الرحمن سعيد الى وضع حسنات أخرى في ميزان الإنقاذ. وأبرز الايجابيات الإنقاذية التي ذهب اليها سعيد هي لمسهم لمكامن الداء في التنمية والتعليم والبنى التحتية، وقال إن من حسنات الانقاذ اهتمامها بالقوات المسلحة وتطويرها، وطي ملف حرب الجنوب والاهتمام بالاطراف التي لم يكن لها نصيب في السابق من مال التنمية هذا الى جانب بذل مجهودات اخرى في مجالات الكهرباء والمياه والطرق. لكن سعيد أشار الى ما وصفه بفظائع التمكين وقال لـ (الرأي العام) هنالك حسنات كثيرة لأخوانا ديل لكن هنالك مظالم لابد من ان تسع اجواء التسامح هذه لرفعها. وعندما سألت الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني والحزب الاتحادي الديمقراطي حاتم السر، أشار إلى أنه لا يرى حسنة واحدة للإنقاذ، وتابع: ان الدليل على ذلك هو تراضي أهلها في النهاية على عملية السلام وتخليهم عن الإنقاذ وعودتهم الى مربع الحرية والديمقراطية والدولة المدنية،وقتها دار بيننا هذا الحوار. - قلت الا ترى ان هذه العودة يمكن ان تكون في حد ذاتها حسنة؟ * فقال جاءت بعد عشرين سنة من التجريب ونتيجة لظروف. - أنت لا ترى المشاريع التنموية؟ * هي مشاريع كلها معكوسة ومغلوطة وفيها أخطاء كثيرة. - الساعة المتوقفة تكون صائبة مرتين في اليوم، وفي عشرين عاماً ألم تفلح الإنقاذ في شيء واحد برأيك؟ * اصدقك القول لا أرى لها حسنات - والبترول؟ * لم ينعكس على حياة الناس وقفة الملاح - و...؟ * قاطعني يا أستاذ أنا ما ممكن أدي الناس ديل فضل وأقول عملوا أي حسنة!! ومهما يكن من أمر فان حسنات الانقاذ تظل واقعاً بحكم طول سنوات الحكم الأمر الذي ينفي وقوع اخطاء.
|
|

|
|
|
|